الفصل الحادي عشر

عبقها الطيب ينتشر في الحجرة فيملأ صدره منه، يتمنى في داخله أن يرى صاحبة تلك الرائحة الزكية يتبعها بحاسة الشم وهي لا تعي ذلك.
ليساء ظلت تكتشف جناحه الفخم تشعر أنها في الجنة، ولكن هل ستظل حبيسة بين جدران الذهب هذه؟ لماذا لما تخرج به في تلك الطبيعة الغناء فقررت أن تصطحبه إلى خارج هذه الحجرة فحطت نحوه وقالت له كأنها متأكدة أنه يسمعها ويفهمها:
_ سيدي الأمير سوف اصطحبك إلى الحديقة، هناك حيث الطبيعة البكر، والطيور الجميلة أشعر أنها سوف تساعدك على الشفاء هل تسمح لي بذلك مولاى الأمير.

صوتها الرقيق الصادق، وصل إلى مسامعه، حتى أنه قرب أذنه كأنه يحاول أن يسمعها .
التقطت يده وجعلتها بين ذراعها وحطت نحو الحديقة، النسيم العليل يداعبها ويرحب بهما، طيور تمشي على الأرض تصدر اصوتها التي حباها الله بها..عدد من الطاووس يفرد ريشه ذو الألوان الصاخبة ويمشي متباهيا، ببغاء ألوانه زاهية واقف في قفص يردد كلاما يسمعه، طيور الزينة التي تحلق فوقهما مباشرة، رائحة الزهور التي عبقت المكان، كل ذلك ادخل السرور على قلب ليساء تتمشى مع الأمير وتصف له جمال ما تراه، لحظة وقف الأمير وهو يلقي أذنه يتسمع صوت وصله، كان ذلك الصوت هو أصوات العصافير تصدر اعذب الألحان، وعندما وقف الأمير , توقفت ليساء لترى ماحمل الأمير على الوقوف فرأته يلقي بأذنه صوب العصافير وهي تغني، فابتسمت ليساء بأمل هل يسمع الأمير شئ؟ حتى هتفت بتلقائية:
_مولاي الأمير هل تسمع صوتا.
فزفرت بيأس فالأمير لن يجيبها لأنه لا يستطيع الكلام، فأخذت بيده وحسته على مواصلة السير، وظلت تمر إليه، كان كلما سمع صوت في أي اتجاه ألقى بأذنه صوبه، فتأكدت أن حاسة السمع عادت له ولكن لا تعلم كيف؟ فقالت لنفسها:
_اذا فأنا أصبت عندما أخرجته من مخدعه إلى حديقته فالطبيعة بكل ما فيها من مناظر جميلة قادرة على تعيد الحياة للأنسان.

وعند بحيرة مياهها تلمع كالفضة توقفت ليساء وقد زادت بهجتها عند رؤيتها، اجلست الأمير على صخرة تقع بالقرب منها وهي تهمس له:
_ما رأيك يا مولاى لو استرحنا قليلاً هنا فالمنظر رائع جدا.
فرد كاران يديه أمامه وهو يجلس حتى لا يتعثر في شئ ما، عيناه تنظر لنقطة غير معلومة. جلس ليساء بالقرب منه وشردت في جمال البحيرة وراحت تقول كأنها تحدث نفسها:
_المنظر خيالي حقا، البحيرة جميلة، مياهها تلمع بشدة كأن في عمقها جواهر تضوي وضوءها يطفو فوق سطح تلك البحيرة, نظرت له وتابعت بصوت حالم:
_اتعلم يامولاي، من يمتلك مثل الجمال، لا تزوره الأمراض مطلقاً، ذلك الجمال قادرا على أن يمتص كل همومك، هذه البحيرة تشبه لبحيرة الأمنيات التي كنت أقرأ عنها في الحواديت، من تاقت نفسه لشئ فقط فليتمنى ويلقي بأمنتيه في تلك البحيرة حتى تتحقق، ولكن في الحقيقة الله وحده قادر على أن يحقق ما تتمناه.
ضيقت عينيها عندما وجدته يومئ برأسه كأنه، ثم مالت برأسها نصف ايماءة يمينا ويسارا، فهتفت:
_ سيدي هل تسمعني؟!
أومئ مرة أخرى فابتسمت بسعادة، واتسعت ابتسامتها عندما قال لها بلغة الأشارة وقد ادار إبهامه في حركة حلزونية ، بمعنى( استمري الحديث )
_ حاضر سوف اتكلم ولن أكف عن الحديث ما دمت تسمعني.
قالتها بحماس مطعم بالأمل، ومن فرط فرحتها قالت لنفسها:
_ ولكن ماذا سأقول، الفرحة بخرت كل ما كنت أود أن أقوله.
ثم صمتت قليلاً كان كاران يقرب أذنه ولم يسمع شئ فسأل بأشارة من يده:
_ ماذا هناك ..أو لماذا لا تتحدثين.
فقالت بصوت سريع حتى تطمئنه:
_ سوف اتحدث ياسيدي سوف أتكلم، كنت فقط ابحث عن كلام أقوله.. لكن لا أجد ما أقوله لك يامولاي الأمير سوى أن أقص لك حكايتي قد تكون حكاية سخيفة ولكن أود أن اسردها لك.
فاومأ بالموافقة انشرح صدرها وراحت تسرد حكايتها قالت وقد التفتت إلى البحيرة:
_
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي