الفصل التاسع عشر

أنسابت العبرات الحاره على وجنتيها بغزاره عبره تلوي الأخري كانت تلهب وجهها وهي جالسه هكذا على سجادة الصلاة ترفع كفيها للأعلي تدعي بتوسل من بين شهاقتها المتقطعه:
_يارب امنحني الصحة واشفني،يارب انا راضية

توقفت عن متابعة كلماتها وقد ارتفع صوت شهاقتها باكيه بمراره تشعر أن قلبها يكاد يخرج من محله من شدة حزنها وقهرها على حالها..

فتحت دعاء باب الغرفه وهي تعقص خصلات شعرها على هيئة كعكه عشوائيه حين توقفت نظراتها على شقيقتها التي وضعت وجهها على سجادة الصلاة وقد راح جسدها يرتجف بطريقه قويه وصوت نحيب بكائها يزداد..

كادت أن تتحدث لكن تراجعت عن ذلك وقد أنسابت عبره حاره على أحد وجنتيها متعاطفه مع شقيقتها الحبيبه..

خرجت من الغرفه تغلق الباب خلفها وقد وصلها صوت شقيقتها التي راحت تهدر بنبرة مكتومه متحشرجه واضح بها البكاء:
_يارب، أنت قادر على كل شيء


طوي يونس سجادة الصلاة بعد أنهي دعائه، وضع إياها على ذلك الكرسي، ثم تحرك يلقي بثقل جسده على الفراش شارداً في حال دفق، شعر بتلك النيران الحارقه تلهب قلبه عندما تذكر ما حدث معها، أنه يشعر أن عائلتها تعرف من الفاعل..

كور قبضته بشده يحاول السيطرة على تلك البراكين الكامنه بداخله فقد تحولت مقلتيه إلي اللون الأحمر من الغضب وأصبحت ملامحه غير قابله للتفسير..

طرقات على باب الغرفه يعقبها دلوف والدته السيده مديحه التي دلفت إلي الغرفه تعدل من وضع وشاح رأسها المنزلي..

فرد هو كفه واعتدل جالساً على الفراش يحاول التحكم في حاله، خرج صوته غليظ قائلاً:
_هل يوجد شيء يا أمي؟

سحبت والدته ذلك الكرسي ووضعته على مقربه من الفراش وجلست عليه تنظر له بنظرات صامته..

مما جعله يضيق ما بين عينيه وهو يتربع في جلسته، أخذت السيده مديحه نفس عميق ثم هدرت بتوجس:
_هل أنت حقاً ترغب في الزواج من دفق؟

عقد يونس حاجبيه متعجباً من هذا السؤال لكنه أومأ برأسه قائلاً بنبره مقتضبه:
_نعم، ما سبب هذا السؤال الآن؟

وضعت السيده مديحه كفها تشير إلى قلبها قائله بنبره حائره:
_ أصبحت أشعر أن هناك شئ غريب بها، قلبي غير مطمئن

قالت تلك الكلمات وقد توقفت تراقب تعبيرات وجهه التي انكمشت كاد أن يتحدث هو لكنها قاطعت إياه قائله باهتمام:
_هل تحبها؟

تجمدت ملامحه حين وقع على مسامعه هذا السؤال، ظل ينظر إليها بنظرات صامته دون أن يتحدث، مما جعلها تتنهد طويلاً وهي تضع كفيها على ساقيها قائله بنبره متزنه:
_إذا كنت تحبها، لا يمكنني التحدث إلا وأتمنى لك السعادة

قالت تلك الكلمات ثم التوي ثغرها بابتسامه طفيفه ونهضت ببطء تشعر بقليل من الألم في ظهرها لكنها هدرت بنبره خافته:
_أنا فقط أردت الحديث معك هكذا، أنت تعلم أنني أكثر واحده كانت سعيده بأمر زواجك من تلك الفتاه، لكن بدأت أشعر أن هناك شئ غريب بها..

توقفت عن متابعة كلماتها وهي تراقب تعبيرات وجهه التي انكمشت بشده، أخذت هي نفس عميق قائله بخفوت:
_قد أكون مخطئه في هذا الشعور

قالت تلك الكلمات وهي تمط شفتيها ثم تحركت تخرج من الغرفه مغلقه الباب خلفها تاركه يونس يرمي بثقل جسده على الفراش واضعاً ذراعيه أسفل رأسه شارد الذهن وذلك السؤال يتردد على مسامعه"هل تحبها؟"

أغمض جفونه بشده محاول السيطره على حاله، عدة دقائق وكان يذهب في سبات عميق وبقي سؤال والدته عالق لايوجد له جواب بعد..

صباح اليوم التالى،سحبت السيده ماجده حقيبتها من على الفراش تضع بها هذا الدفتر الكبير..

طرقات على باب الغرفه يعقبها دلوف زاهر إلي الغرفه وهو ينظر إلي ساعة معصمه قائلاً بنبرة جاده:
_هيا يا أمي، لدي عمل

وضعت السيده ماجده حزام حقيبتها على كتفها وهي تقول بنبره متبرمه:
_اذهب إلي عملك يا بني، ليس هناك داعي أنا أستطيع الذهاب بمفردي

كاد زاهر أن يرفض ذلك لكن نظرات والدته ذات المغزي جعلته يتراجع قائلاً بفتور:
_حسناً

قال تلك الكلمات وتحرك يخرج من الغرفه، ذهب إلي غرفته بملامح جامده يسحب سترته من على الفراش..

توقف يديه علي الستره وهو يرتدي إياها متذكر كلمات صديقه له في الماضي
"ماذا تتوقع أنت زاهر، كل فتاه لديها صفات للرجل الذي تريد الزواج منه، وأنت.

بتر باقي كلماته وقتها وهو يرمي جسده الممتلئ بنظرات ذات مغزي..

عدل زاهر سترته بطريقه عصبية ثم تحرك يقف أمام المرآة وسحب الفرشاه يمشط شعره وعينيه عالقه بملامحه والحاله التي أصبح عليها فقد استطاع أن يخسر الكثير من وزنه..


أنحنت دعاء ترتدي حذائها وهي تهتف بنزق:
_يا جدتي، يجب أن أخرج باكراً

خرجت السيده ثريا من تلك الغرفه وهي تعدل من وضع وشاح رأسها الأسود المتناسب مع جلبابها الأسود، قالت بنبره متهكمه:
_أنتظري يا فتاه، سوف نذهب معاً إلي عمتك صباح ثم بعد ذلك تذهبين إلي عملك..

اعتدلت دعاء وهي تعدل من وضع حقيبتها قائله بتأفف:
_هكذا سوف تنزعج السيده ماجده!

لم تعطيها السيده ثريا إهتمام حيث وقع بصرها على دفق التي خرجت من غرفتها بملامح شاحبه متورمه أثر بكائها في الأمس..

جلست السيده ثريا على أحد المقاعد وهي تقول بنبره حانيه:
_والدك سوف يذهب معك أنتِ ويونس أليس كذلك؟

أومأت دفق برأسها وهي تسحب مقعد تجلس عليه واضعه كفها أسفل ذقنها قائله بنبره واجمه:
_سوف نذهب أنا وأبي فقط، يونس لا أعلم هل سوف يأتي أم لا!

عند تلك الكلمات قد صدح رنين هاتفها عالياً مما جعلها تنهض بتكاسل تتحرك نحو غرفتها تاركه دعاء وجدتها يتبادلون النظرات الحزينه..

وقع بصر دفق على اسم المتصل الذي لم يكن سوي يونس..

حركت كفها ببطء على شاشة الهاتف وأجابت على المكالمه قائله بنبره خافته:
_نعم؟

قالت تلك الكلمات وهي تلقي بثقل جسدها على الأريكة..

ألقي يونس نظره على ساعه معصمه وهو يقود السيارة قائلاً بغلظه:
_أنا قادم في الطريق دفق

مسحت دفق على خصلات شعرها بقوه وظلت صامته للحظات ثم قالت بنبره مرتجفه:
_حسناً

قالت تلك الكلمات ثم أنزلت الهاتف وأغلقت المكالمه دون أن تسمح له بإضافة المزيد..

تعلقت عينيه بالطريق وهو يهدر بتعجب:
_دفق، أنتِ معي؟

ولكن هيهات لا يوجد رد مما جعله يلقي نظرة على الهاتف، زفر طويلاً ثم ألقي إياه على المقعد الآخر شارد بوجوم..

وقفت شهد أمام باب المرحاض تستمع إلي صوت المياه، عضت على شفتيها وهي تتحرك سريعاً تبحث عن سترته..

توقفت عينيها على تلك السترة التي كان يرتدي إياها في الأمس دست كفها بها تخرج حافظه النقود خاصته..

تهلهلت أساريرها وهي تردد إلي حالها قائله بمقت:
_هل تزوجت به حتي يتركني بدون نقود كافيه!

قالت تلك الكلمات وهي تقوم بسحب عدة ورقات ماليه ثم وضعت إياهم في جيب بنطالها المنزلي ثم وضعت حافظة النقود في الستره مره أخري...

أعادت الستره مكانها سريعاً وهي تستمع الي صوت المياه قد توقفت..

التوي ثغرها بابتسامه ماكره وهي تعيد خصله من خصلات شعرها إلي الخلف وقد تحركت تخرج من الغرفه قائله بسرور:
_هكذا أستطيع شراء ما أرغب به..

قالت تلك الكلمات وهي تتحرك نحو طاولة الطعام تلقي نظره على أصناف الطعام الموضوعه على الطاوله ثم هتفت بنبره رقيقه زائفة:
_هيا أحمد، الطعام أصبح جاهز..

جلست دفق بداخل تلك المشفي تفرك كفيها بطريقه عنيفه حيث كان يجلس بجانبها والدها ومقابل إياهم كان يجلس يونس الذي راح ينظر إلي ساعة معصمه قائلاً بضيق:
_هناك عدة مواعيد لدي الطبيب

كانت دفق في عالم آخر حيث كانت تغمض جفونها ولسانها لا يتوقف عن الدعاء..

ربط السيد عبدالوهاب على كتف ابنته قائلاً بوجوم:
_لا تقلقي يا عزيزتي..

لم تنظر دفق إلي والدها حيث كانت تستند برأسها على المقعد خلفها..

عدة دقائق وكانت تراقب والدها الواقف أمام المشفي يتحدث في الهاتف..

شبك يونس كفيه في بعضهم وصوب نظراته نحوها قائلاً بتوجس:
_هل أنتِ بخير؟

حركت دفق رأسها تنظر له بصمت ثم حركت رأسها يميناً ويساراً قائله بنبره مرتجفه:
_خائفه من أن يكون موعد العملية قريب

كاد يونس أن يتحدث لكن وصله صوت تلك الفتاه وهي تقول بنبره جاده:
_دفق عبدالوهاب، الطبيب ينتظرك في الداخل..

ظهر الفزع على ملامح دفق وقد شحبت ملامحها وتلقائياً نظرت إلي يونس..

نهض الأخير من مكانه قائلاً بنبره دافئه:
_هيا دفق..

توقف عن متابعة كلماته حين وقع بصره على السيد عبدالوهاب الذي عاد وهو يلقي هاتفه في جيب سترته قائلاً باستفهام:
_هل حان دور دفق؟

أومأ يونس برأسه إيجاباً ثم راح يحدق بدفق التي راحت العبرات تنهمر على وجهها ووضعت كفها على قلبها قائله بنبره متحشرجه:
_لا أريد الدلوف..

تنفس السيد عبدالوهاب بعمق وقد تقدم من ابنته يربط على كتفها قائلاً بنبره حانيه:
_عزيزتي لا تقلقي نحن معك، فقط الطبيب سوف يقوم بتحديد موعد من أجل العملية..

حركت دفق رأسها يميناً ويساراً وهي تقبض على كف والدها قائله بتوسل باكيه:
_لا أريد يا أبي، رجاءً لا أريد..

قطع حديثها صوت تلك الممرضه وهي تنظر إلي هذا الدفتر الذي بين يديها هادره بنفاذ صبر:
_هيا يا دفق، الطبيب لديه الكثير من الحالات، هيا

مسح يونس علي وجهه بقوه وتقدم يقف أمام دفق قائلاً بنبرة ثابته:
_هيا دفق، فقط سوف يحدد موعد العملية كما قال والدك..

رفعت دفق كفها تجفف دموعها بقوه ثم تركت كف والدها وراحت تضغط على حزام حقيقتها واغمضت جفونها بقوه ثم أخذت نفس عميق وقالت بنبره متحشرجه أثر البكاء:
_هيا..

قالت تلك الكلمات وهي تلحق تلك الممرضه بخطوات متعثره وبجانبها والدها وفي الجانب الآخر كان يسير يونس، تلقائياً وضعت كفها المرتجف على سترة والدها..

طرقت الممرضه عدة طرقات على باب غرفة الطبيب حتي سمح لها الأخير بالدلوف..

مسحت دفق دموعها بقوه وراحت تعض على شفتيها حتي كادت أن تدميها وهي تري الممرضه تفتح الباب على مصراعيه قائله بنبرة عمليه:
_تفضلوا

وقفت دعاء بداخل غرفه المكتب خاصة السيده ماجده في المدرسه تستمع إلي توبيخ الأخري لها وهي تقول بنبره جامده:
_هذه المره ليست المرة الأولى دعاء، في المره القادمه لا أريد تأخير

أومأت دعاء برأسها عدة مرات تلقائياً، مما جعلها الأخري تشير لها أن تخرج، تحركت دعاء سريعاً تخرج من غرفة المكتب مغلقه الباب خلفها تضع كفها على قلبها قائله بتأفف:
_حسناً يا سيده ماجده..

قالت تلك الكلمات وهي تتابع سيرها تضغط على حزام حقيبتها بشده..

ظلت شهد تدور في المكان تبحث بين الثياب وهي تلوي فمها قائله باستياء:
_لا يوجد شيء هنا مميز..

هدرت تلك الفتاه العامله بالمكان قائله بنبره مهذبه:
_هناك الكثير يا سيدتي، أستطيع مساعدتك في الأختيار؟

نظرت لها شهد من فوقها إلي أسفل قدميها ثم لوت فمها قائله بنبره بارده:
_لا أريد

قالت تلك الكلمات ثم تحركت تخرج من المكان تتمايل في خطواتها تاركه تلك الفتاه تنظر في أثرها بضيق ثم راحت تحرك رأسها يميناً ويساراً..

كادت شهد أن تدلف إلي سيارة الأجرة تلك لكن توقفت عن ذلك حين صدح رنين هاتفها، دست كفها في جيب حقيبتها الصغيره تخرج إياه..

ظهر الضيق على ملامحها حين وجدت اسم المتصل الذي لم يكن سوي والدها، مدت كفها تفتح الباب الخلفي خاصة سيارة الأجرة وهي تجيب قائله بهدوء زائف:
_نعم يا أبي؟

وقف السيد إحسان في منتصف منزله واضعاً الهاتف على أذنه وهو يقول بنبره حازمه:
_والدتك مريضه قليلاً اليوم، تعالي أجلسي معها، أنا لدي عمل

انكمشت ملامح شهد وهي جالسه بداخل سيارة الأجرة وقد مطت شفتيها قائله بضيق كاذبه:
_لا أستطيع أبي، اليوم أنا في زيارة لدي عائله أحمد

تقلصت تعابير وجه السيد إحسان وظل صامتاً للحظات ثم هدر بنبره ممتعضه:
_حسناً، لا بأس

قال تلك ثم أغلق المكالمه دون أن ينتظر رد منها..


أنزلت شهد الهاتف من على أذنها وهي تلوي فمها ثم راحت تعدل من وضع خصلات شعرها وهي تنظر من نافذة السيارة والإبتسامة تزين ثغرها..

بعد ساعه،وقفت دفق خارج غرفة الطبيب تنظر أمامها بنظرات مشدوهه غير قادره على التصديق وكلمات الطبيب تتردد على مسامعها وهو يقول بنبره حائره والذهول مرتسم على ملامحه:
_لا يوجد شيء بها، هذا شئ عجيب، أنه أمر محير..

أنسابت العبرات الحاره على وجهها وهي تحدق أمامها مشدوهه، لحظات حتي خرج يونس من الداخل والإبتسامة تزين ثغره وهو يقول بعدم تصديق:
_الطبيب غير قادر على تصديق الأمر دفق، تلك معجزة

رمقته دفق بعينيها العالق بهم الدموع وقد صدرت منها ضحكه صغيره وهي تقول بعدم تصديق متأثره:
_هل الطبيب هذا واثق من حديثه؟، أنا لا أستطيع التصديق يونس

أتسعت إبتسامة يونس غير قادر على التصديق هو الآخر في حين خرج السيد عبدالوهاب من غرفة مكتب الطبيب وعينيه عالق بهم الدموع قائلاً بنبره مشدوهه:
_تلك معجزة أنها معجزة حقاً، شيء لا يصدقه عقل، كيف حدث ذلك؟

صدرت من دفق ضحكه صغيره تزامناً مع صوت بكائها، حركت رأسها يميناً ويساراً وهي تقول باكيه:
_أنا عاجزه عن تصديق الأمر..

أغمض يونس جفونه للحظات ثم عاد يفتح إياهم وقد فرت منه دمعه سريعاً ما راح يمسح إياها قائلاً بنبره خافته:
_الدعاء، الدعاء هو السبب في تلك المعجزة، لقد تقبل الله دعائنا

عند تلك الكلمات راحت دفق تحرك رأسها للأعلي والأسفل والعبرات تنساب منها بغزاره وقلبها يتراقص بداخلها فرحاً..

أطلقت السيده أمال الزغاريد بعد أن أغلقت المكالمه مع زوجها وراحت تدور حول نفسها بسعاده عارمة سريعاً ثم ركضت إلي المرحاض..

بعد عدة دقائق كانت تقوم بالصلاة والدموع تنهمر من وجنتيها لكن تلك المره كان بكائها نابع من سعادتها البالغة غير قادره على تصديق الأمر...

دلفت شهد إلي منزلها تحمل مجموعة من الأكياس الورقيه، توقفت عينيها على أحمد الجالس على تلك الأريكة يضع ساق فوق الأخري وقد توقفت عينيه على تلك الأكياس الورقيه..

تلاشت ابتسامتها وأغلقت الباب بحرص وهي تنظر له قائله بتوتر:
_مرحباً..

توقفت الكلمات في حلقها حين وجدته ينطق من بين أسنانه بصوت جهوري:
_مرحباً شهد
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي