الفصلالسادسعشر

وجاء موعد الراحة ذهبت ليساء لتناول غدائها كم كانت متلهفة، لمعرفة ماذا سيقول لها سامر على الرغم من ثباتها الذي يبدو عليها، لكن من داخلها تموت شوقا فقلبها يحدثها أن حديثه سوف يغير حياتها.
شردت في سامر وسألت نفسها:
_ ماذا يريد منها ياترى؟ فهو لم يحدثها يوماً الا حديث العمل، وقد يكون ذلك لأنها لم تعطيه فرصة للكلام معها، فهي تتعامل معه بحدود، وليس معه فقط بل مع الجميع.
تنهدت بإحباط وتمتمت لنفسها:
_ لا تتوهمي ليساء سوف يحدثك في العمل اتظنين أنه سوف يبثك غرامه وحبه استفيقي يا فتاة فالرجال يعشقون الجميلات.
تنهدت مرة أخرى وأخرجت الإحباط الذي تشعر به في زفير طويلا وراحت تتناول غدائها، ثم لمحته يقترب فارتدت ثوب التماسك واللامبالاة وابتسمت بترحاب عندما قال:
_ مرحبا بك.
أجابته: مرحبا.
جلس قبالتها وقد وضع طعامه أمامه ظل ينظر لها بتفحص كأنه يبحث عن سر سعادتها اليوم، حتى أنها اخفضت وجهها حياءا فتحمحم قائلا:
_ أراك اليوم متخلفة.
فسألته مندهشة: كيف؟
قال: يعني لأنني أراك تبتسمين على غير عادتك.
فأومئت بتفهم ثم قالت: نعم بالفعل اليوم مختلف عن بقية أيام حياتي.
_ هل استطيع أن أعرف لماذا؟
همسات وهي تنظر لنقطة ما حيث تذكرت المنام الذي رأته:
_ أمل جديد منحه لي الله عز وجل.
ابتسم وقد زاد خوفه لأن يكون توقعه صحيح بشأن أنها تقدم لها خطيب خوفه هذا جعله يصر أنه يفاتحها في موضوع خطبتها تمتم:
_ عظيم .. أخذ نفسا ثم استطرد: آنسة ليساء أنا أريد أن احدثك في موضوع قد يكون خاص ولكن أريد أن أعرف رأيك.
أخفت خفقان قلبها بعدها قالت: تفضل.
شبك سامر أصابعه على المنضدة فاردف:
_ منذ أن عملتي معنا ونحن توسمنا فيكي الخير، رأينا كي في حالك، تحبين الجميع دون استثناء، تقدمين المساعدات دون انتظار المقابل، لا تكرهين أحد ولا تحسدين أحد، ولا تحقدين على أحد، وفوق كل ذلك أنك مجتهدة في عملك أنت فتاة مثالية بمعنى الكلمة يا ليساء.
كانت تبتلع ريقها بصعوبة، ولا تستطيع السيطرة على خفقان قلبها، كلامه واطراءه لها جعل قلبها ينبض بقوة حتى خيل لها انه يسمع دقاته تنفست بعمق خفية وهي تنتظر ماذا بعد اطراءاه هذا ودت لو تسأله لكن الخجل الجم لسانها.
واخيرا تابع سامر:
_ هل تتزوجينني يا ليساء؟ أنا لو دورت العالم بأجمعه لن أجد زوجة مثلك وفي أخلاقك.

هي متأكدة أنه لاحظ تلون وجهها من الخجل والارتباك وأنه أصبح كألوان الطيف وتمتمت بصعوبة:
_ أنت فاجأتني أستاذ سامر ولا أعلم ماذا اقول لك.
فقال سامر مباشرة: تقولين رأيك بصراحة..وإذا أردت فرصة للتفكير لا يوجد عندي مانع.
قالت لنفسها: نعم أنا أريد فرصة لكي أجمع شتات نفسي بعد هذا.
وهتفت له: نعم أنا أريد فرصة للتفكير.
قال سامر: حسنا خذي راحتك فكري كما نسائيه وأنا في انتظار ردك ايا كان هو.

لأول مرة لا تستطيع أن تباشر عملها، الارقام أمامها غير واضحة، كل شئ أمامها مشوش على الرغم من أنها تبدو متماسكة كأنها طبيعية، ولكن هي من داخلها مشتتة كلام سامر قلب مشاعرها وجعل عليها أسفلها.
واخيرا عادت إلى البيت، بابتسامة اكبر من ابتسامة الصباح، في الصباح كانت ابتسامتها بسبب حلم جميل منحها الأمل.
ام هذه الابتسامة فهي وليدة فرحة حقيقية من الله بها عليها واراد أن ينهي بها عذابها وشقائها.
دخلت بيت عمها واستقبلتها زوجته كعادتها بالتقريع والشتائم:
_ مرحباً يا قبيحة الوجه، هلا شرفتي.
وكأن ليساء في عالم آخر، عالم جعلها لا تسمع شتائمها ولا تبالي بتقريعها ولا سبها، بل كأنها تستمع للحن عذب، مما جعل زوجة عمها تزداد غيظا فصرخت زوجة عمها في وجهها:
_ انت يا قبيحة الوجه، هيا لكي تنظفين البيت وتطبخين فقد حان عودة عمك من العمل، هيا يا دميمة.
فأجابتها ليساء بابتسامتها البريئة قائلة:
_ حسنا يا زوجة عمي سوف اعمل كل شئ.
تتساءل زوجة عمها والعيد يأكل قلبها:
_ ما سر هذه الفتاة كلما أمعنت في سبها ابتسمت؟ ما سر هذا الهدوء البادي على وجهها؟ وما سر السعادة التي احتلت وجهها سوف أجن منها ليت الله يأخذها ويريحني منها هذه الدميمة قبيحة الوجه قبحها الله.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي