الفصل الثالث من الجزء الثاني إعجاب

عندما ذهب مازن مع علاء، كان يشعر بالكثير من التعجب من هذا المكان الذي للمرة الأولى يأتي به كزائر:

-نحن نقوم بالقبض على هذا النوع من الأشخاص يا علاء، لا أعلم كيف طاوعت عقلك السخيف هذا وأتيت معك إلى هنا.

ضحك علاء وهو يسحب مازن ليجلسوا بالداخل:

-لا تكن سخيف يا مازن، أنظر للأشخاص من حولك إنهم يستمتعون بوقتهم كثيرًا.

كان مازن يرى الجميع سُكارى، لا أحد بكامل وعيه، هذا الأمر طبيعي للغاية فقد ذهب لملهى ليلي، كأن علاء لا يفهم أن يستمتع المرء إلا بفعله لتلك الأمور القبيحة.

أتى علاء بزجاجات الخمر ووضعها أمام مازن:

-هيا يا رجل، لتعيش معها وتخبرني بماذا تشعر، أنت تجربها للمرة الأولى أليس كذلك؟

حرك مازن رأسه بنفي:

-لم أجربها ولن أفعل، لا تحاول يا علاء وإلا سأتركك ولن أقابلك مجددًا.

لاحظ علاء إصرار مازن، ابتسم له بتعجب:

-الجميع هنا يشربون والجميع هنا سعداء، كلما شربت أكثر سوف تكون سعيد أكثر.

ابتسم مازن ساخرًا وهو يحدق به:

-طلما شربت أكثر فقدت عقلي أكثر، أتريد لصديقك أن يكون مثل هؤلاء الحمقى الذين يجلسون أسفل قدم النساء والآخرون الذين يتراقصون بتلك الطريقة، هل تظن أن هؤلاء الأشخاص هم رجال؟

شعر علاء بالارتباك، لكنه حرك رأسه بنفي في النهاية:

-أنا أسف، لم أفكر بتلك الطريقة، أردت لك أن تستمتع وحسب.

أبعد مازن عينيه عنه وهو يتابع كل شيء يحدث من حوله، شعر بالنفور الشديد من هؤلاء الأشخاص المغيبيين عن الوعي، يتساءل ما الذي جعله يستمع إلى علاء ويأتي إلى هنا معه!

قاطع شروده صوت صراخ لفتاة:

-اتركني أرجوك، لا تقترب أنا أحذرك سوف أبلغ عنكم الشرطة.

وقفت لأرى ماذا يحدث، وجدت فتاة يمسك بها شابين ليوقفوها أمام رجل يبدو عليه الثراء، تحدث بغضب وهو يضرب وجهها:

-توقفي عن رفع صوتكِ، لن أترككي هل تفهمين؟ لم أدفع كل هذا المال لزوج والدتكُ حتى أترككي في النهاية يا جميلة.

كانت الفتاة تبكي وهي تحاول أن تبتعد عنهم، نظر الرجل لهم وهو يبتسم ساخرًا:

-هيا اجعلوها تجلس، أريد أن أشرب الكثير هنا قبل أن نذهب إلى المنزل.

اقترب مازن وهو لا بعلم ما الذي من الممكن أن يحدث، تحدث بغضب شديد ووقف علاء وهو يتابع ما يحدث بتعجب شديد:

-اتركوها الأن قبل أن أقضي عليكم.

وقف الرجل وهو يبتسم ساخرًا:

-من يكون هذا أيضًا.

تحدثت جميلة وهي تنظر له برجاء:

-دعهم يتركوني أرجوك، ساعدني، هم قاموا بجلبي إلى هنا دون ارادة مني، أرجوك ساعدني.

تحدث مازن بغضب شديد:

-اتركوها، أنا أحذركم دعوها وشأنها.

ضحك الرجل وهو يقف أمام مازن بتحدي:

-ماذا سوف تفعل الأن؟ هل سوف تقوم بضربنا يا ترى؟ ابتعد وأهتم بشؤونك قبل أن أفقد أعصابي ووقتها سوف تذهب وأنت غارق بدماؤك.

ابتسم مازن بتهكم:

-لا تعلم مع من تتحدث أنت، لكنني أعدك أنني لن أتركك أيها القذر، دع الفتاة تبدو صغيرة.

دفعه الرجل بقوة:

-قولت أذهب من هنا قبل أن أقضي عليك، هيا عد من حيث أتيت.

قام مازن بلكمه وركله بقوة، هجم عليه حراس هذا الرجل وقد بدأ الشجار العنيف في الملهى، تدخل علاء ما إن وجدهم قد تجمعوا على مازن وبدأ ينزف، كانت جميلة تبكي وهي تتراجهم بالتوقف، لكن لم يستمع لها أحد، استطاع مازن أن يفلت من بينهم بعدما ضرب الكثير من الأشخاص ومن ثم سحب جميلة:

-هيا تعالي معي، اتبعيني بسرعة قبل أن يلحق بكِ أحد.

تحدثت بصوت مرتجف وهي ممسكة بزراعه:

-شكرًا لك كثيرًا، أنا أسفة لكل شيء حدث لك بسببي، أنا كنت أحاول الفرار منهم وظننت أنها نهايتي، لم أكن أعلم أن زوج والدتي بعد موتها سوف يبيعني لهم بتلك الطريقة، لقد دفعوا خمسون ألف جنيهًا هل أنت متخيل؟

نظر مازن لها وهو يأخذ نفس عميق:

-لا تفكري بهذا الأمر يا..

اجابته جميلة وهي تنظر له وإلى جروحه:

-أنا أدعى جميلة، ماذا عنك؟

ابتلع مازن ما بحلقه وهو يتحامل على ألمه والغضب يملأه:

-اسمي مازن، لا تفكري بتلك الأمور يا جميلة، إنه موقف بشع وانتهينا.

ابتسمت وقد ظهر الامتنان على وجهها:

-لا أعرف ماذا أقول لك، لكنني حقًا شاكرة كثيرًا، لولا وجودك لعجزت عن التصرف.

حرك مازن رأسه بنفي وهو يسير ولا ينظر لها:

-لا يوجد داعي للشكر، يبدو أن الله يحبكي كثيرًا لهذا ارسلني إلى هنا.

ابتسمت وهي تنظر له، توقف ونظر لها:

-اخبريني إلى أين سوف أوصلكِ؟!

حركت رأسها بنفي وهي تفكر:

-لا أعلم يا مازن، هل أعود لزوج أمي؟ من الممكن أن يعيدني إلى هذا الرجل ووقتها سوف يقتلني بعد كل شيء حدث بالملهى، لكن عليّ أن أجد حلًا.

حرك مازن رأسه بنفي:

-لا أظن أن ذهابكِ عنده سوف يكون صائب يا جميلة، سوف تعانين كثيرًا مع هذا الرجل الحقير، عليكِ أن تفكري في مكان آخر، هل يوجد لديكِ عم أو خال مثلًا؟

اومأت له ولكن القلق ظهر على وجهها:

-لدي خال ولا يمكنني الذهاب له، هو كان يريد أن يزوجني بابنه وأنا رفضت وتسببت في الكثير من المشاكل حينها، اصبحوا يكرهوني كثيرًا، لا تشغل بالك أنت، يمكنك أن تذهب وأنا سوف أتدبر أموري.

سألها مازن وهو ينظر إلى وجهها:

-تبدين صغيرة السن هل تدرسين؟

اومأت له وهي تبتلع ما بحلقها:

-أجل أنا أدرس في السنة الأخيرة في كلية الحقوق، كنت أذهب دائمًا حتى حدث ما حدث.

-هل يمكنكي أن تأتي معي؟ أنا لم أساعدكِ لأترككي بعدها هنا في أحد الشوارع، سوف أجد مكان مناسب لتبقي به، لا داعي للقلق، عليكِ أن تختفي لبعض الوقت حتى يتم القبض على هذا الرجل زوج والدتكِ هذا.

كانت تشعر بالقلق لكنها اومأت له في النهاية؛ فلم يكن لديها خيار آخر غير أن تثق به وتذهب معه، كانت تدعو الله أن يطمئن قلبها ولا تعلم ما الذي يخباؤه القدر لها.

وصلت معه بعد صعودها لسيارته أمام منزل على النيل، تعجبت وهي تنظر له:

-هل تعيش هنا؟

حرك مازن رأسه بنفي:

-لا أعيش هنا، أسست هذا المنزل وأنا مازلت في منزل عائلتي، يمكنكي أن تبقي به، هو مجهز بالكثير من الأشياء، سوف تستطيعين الجلوس براحة ولا شيء سيزعجكِ.

اومأت له بقلق:

-حسنًا.

دلفت معه إلى المنزل، كانت تنظر لكل شيء حولها بانبهار:

-يا الله، يا له من منزل جميل، لا أصدق أنني أدخل مثل هذا المنزل حقًا.

ضحك مازن وهو يتابع انهيارها:

-لقد رفعتي من معنوياتي، ظننت أنه بسيط أكثر من اللازم.

التفتت له جميلة بحيرة:

-قل لي ماذا تعمل يا رجل؟ هل أنت ثري إلى هذا الحد؟

ابتلع مازن ما بحلقه بتفكير:

-أنا نقيب في الشرطة، مازن سفيان السويسي ابن اللواء سفيان السويسي المشهور بالمارد.

اتسعت عينيها وهي تبتبعد:

-هل حقًا تتحدث بجدية؟ أنا لم أسمع عنه لكن هل أنت حقًا ابن لواء؟

أومأ مازن لها، شعر بالضيق عندما لاحظ قلقها:

-ماذا بكِ؟ لن أقوم بقتلكِ ما كل هذا الخوف؟

حركت رأسها بنفي وهي تحاول أن تسيطر على نفسها:

-لا شيء، لا يوجد شيء، أنا فقط شردت في شيء ما عادي.

ابتسم مازن واقترب وقف أمامها:

-هنا يوجد طعام وشراب ويمكنكي فعل أي شيء تريديه، اعتبريه منزلكِ الجديد يا جميلة، سوف أذهب الأن قبل أن تقلق عائلتي وأنتِ اعتني بنفسكِ.

اومأت له وهي تبتسم بامتنان:

-شكرًا كثيرًا لك يا سيادة النقيب، لم أتخيل أن تساعدني إلى هذا الحد، لولا وجودك لم أكن أعلم ما الذي سيحدث لي.

ابتسم مازن وأشار لها على هاتف أرضي:

-سوف أتصل لأطمئن عليكِ عن طريق هذا الهاتف، هذا مؤقتًا حتى أتي غدًا وأراكِ.

اومأت له ومن ثم ذهب مازن إلى منزل عائلته التي صدمت بهيئته تلك، فكر مازن ما الذي يقوله لهم ولا يريد للأمور أن تتعقد أكثر:

-صدمتني سيارة يا أبي، لقد كنت غافلًا، هبطت من سيارتي على حين غفلة في الطريقة وقبل أن يفرمل الرجل كانت سيارته صدمتني، أعلم أن الخطأ مني والحمد لله لم تكن الإصابة كبيرة.

تحدثت وعد في انفعال:

-ألا تنتبه يا مازن؟ لماذا عقلك تائه بهذا الشكل؟ ماذا لو كان حدث شيء لك يا ماظن ألا تفكر بي؟

ضمها مازن وهو يربت على شعرها، قام بتقبيل يدها وهو ينظر إلى عينيها:

-لا تخافي يا أمي، أنا بخير أمامكِ ولم يحدث شيء لي، أنا سوف أنتبه أكثر فيما بعد، لن يحدث شيء.

اقتربت ميلا وهي تربت على كتفه:

-سوف أحضر علبة الأسعافات لك، على جروحك أن يتم تطهيرها يا مازن.

أومأ لها والتفت عينيه بأعين سيفان ليشعر بالارتباك، يعلم أن سفيان لم يصدق كذبته، لقد شعر بالغباء وهو يخبر نفسه أي حادث سوف يظهر بتلك الطريقة ووجهه متورم من اللكم.

صعد إلى غرفته، توقع مجيء سفيان والتحدث معه، لكنه لم يفعل، بعد خروج الجميع من غرفته والتأكد أنه سيبقى وحيد حتى الصباح اتصل بجميلة التي لم تأخذ وقت كبير لتجيب:

-يبدو أنكِ كنتِ بانتظاري!

اومأت جميلة وهي تجيبه:

-شعرت أنك ستتصل في هذا الوقت، قل لي هل أنت بخير، ماذا عن جروحك أيضًا؟

اجابها مازن بهدوء:

-أنا بخير، لا يوجد شيء بي، بعض الخدوش وسهل علاجها دون الذهاب لطبيب حتى.

ابتسمت جميلة وهي تشعر بالسعادة:

-لقد استطعت أن تضربهم لولم يكونوا كثيرين كنت قضيت عليهم جميعًا.

اجابها مازن وهو يبتسم:

-على كل حال حتى وهم كثيرون استطعت ضربهم، أنا النقيب مازن ابن المارد لا تنسي هذا، القوة نرثها وتكون في عقولنا وجسدنا.

ضحكت جميلة وهي تومأ:

-استطعت أن أرى هذا، عقلي لا يكف عن استحضار هذا المشهد، ضربك لهم وكيف كان الوضع لو ام تكن موجود، مؤكد كنت سأبقى في منزل هذا الرجل البغيض الذي هو في عمر والدي، أتظن أن يحاولوا قتلنا يا مازن؟

ضحك مازن ساخرًا:

-سيعلمون بحقيقة من أكون ووقتها سوف يتمنوا لو ام أضعهم في عقلي وأقوم بالقبض عليهم واحدًا تلو الآخر، علاء كان هناك وهذا صديقي، سوف يمدني بالكثير من المعلومات، لا تفكري في هذا الأمر ونامي بسلام.

ابتسمت جميلة وهي تعبث بشعرها وتشعر بالسعادة:

-تصبح على خير يا ابن المارد.

ابتسم مازن وهو يبعد الهاتف عن أذنه:

-وأنتِ من أهل الخير يا جميلة.

قام باغلاق الخط وهي ضمت السماعة بسعادة:

-ما هذا الشخص الذي وقعت به أنا؟ لا أصدق حقًا أنني استطعت أن أتعرف على هذا الشخص، ربما سيكون العوض لي عن كل شيء سيء!
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي