الفصل السابع بصيص أمل

سقط الهاتف من يد الأم، فوقف جاسر مذهولًا.

أسرع إلى أمه التي بدى عليها الصدمة والقلق،  فحدثها قائلة:
—أمي، ما الذي حدث؟! هل أخي بخير؟!

الأم والدموع تنهمر من عينيها علقت قائلة:
—جاسر، لقد قام عدنان بخطف آدم، وسافر به إلى لندن.

تعجب جاسر، ثم حدثها قائلًا:
—أمي، عدنان من؟!
الأم بكل آسى وحزن علقت قائلة:
—جاسر، عدنان الفيومي والدك.

جاسر علق قائلًا:
—أمي، عدنان الفيومي داخل السجن يقضي فترة عقوبته ولن يخرج إلا بعد خمسة عشر عامًا.

حاولت الأم اقناع جاسر بأن عدنان الفيومي هو الذي يقف خلف خطف آدم لكنه لم يقتنع.

لم تجد السيدة فيروز أمامها سوى أن قالت:
—حسنًا، قم بالاتصال على أخيك عادل الآن؛ سيخبرك أنه رأى عدنان ومعه آدم في أحدى مراكز التسوق، ولكنه لم يستطع اللحاق بهم.

ابتسم جاسر ابتسامة ساخرة ثم علق قائلًا:
—أمي، ليس من العجيب أن يقوم أبي بالهروب من السجن وخطف ابني، ليس هذا فحسب بل والهروب إلى خارج البلاد أيضًا، ثم بعد ذلك يذهب هو وابني للتسوق، هذا شيء لا يصدقه عقل!

لم تستطع الأم اقناع جاسر بأن والده هو المسئول عن خطف ابنه آدم؛ فقد رأى جاسر أن ليس من المنطقي أن يقوم عدنان الفيومي بفعل كل هذه الأشياء.

غادر جاسر منزل حياة، جلست الأم تفكر فيما يمكنها فعله

نظرت حياة إلى والدتها، ثم حدثتها قائلة:
—أمي، ربما رأى أخي عادل شخصًا يشبه والدي ومعه طفل يشبه آدم؛ فعدنان حتى لو فرضنا أنه استطاع الهروب من السجن فليس بمقدوره فعل كل هذه الأشياء؛ هو يحتاج إلى الكثير من الأموال ليتمكن من فعل كل هذا.

شعر أويس أن هناك أمرًا مريبًا فعلق قائلًا:
—أمي، فالبداية لا بد أن نتأكد هل عدنان الفيومي في السجن أم لا؟ ثم بعد ذلك ننظر ماذا يمكننا فعله؟


علقت الأم قائلة:
—تستطيع عصمت التأكد من ذلك بسهولة، سأخبرها الآن بما حدث.

وعلى الفور قامت الأم بالاتصال على عصمت وقصت عليها ما حدث فعلقت عصمت قائلة:
—أمي، عندما يقوم أحد السجناء بالهروب من السجن، تقوم الشرطة بتكثيف البحث عنه وأول مكان يتم التوجه إليه والبحث عنه فيه هو منزله ومنازل أقاربه.

علقت الأم قائلة:
—ابنتي، منذ اللحظات الأولى لخطف آدم، وأنا لدي أحساس كبير أن عدنان الفيومي له دخل كبير فيما حدث، لقد اخبرت جاسر من قبل، لكنه لم يقتنع بذلك.

بدأ الشك يتسلل إلى داخل قلب عصمت فهى الغريق الذي يتعلق بقشة، فعلقت قائلة:
—أمي، سأقوم بالتأكد بنفسي، هل عدنان الفيومي داخل السجن أم لا؟

أنهت الأم حديثها مع عصمت، بينما أسرعت عصمت بعمل اتصالًا هاتفيًا  بالمقدم شريف النمكي، وهو زميل لها بمصلحة السجون؛ للتأكد من وجود عدنان الفيومي داخل سجنه أم لا.

تحدثت مع زميلها وطلبت منه التأكد من أن عدنان الفيومي داخل سجنه يقضي فترة عقوبته، رحب المقدم شريف بها ووعدها بأن يقوم بالتأكد، وإعادة الاتصال بها.

جاسر يقود سيارته في طريقه للعودة إلى المنزل، فجأة شعر باختناق يصاحبه بعض الآلام في منطقة الصدر، فتوقف بسيارته وقام بفك رابطة العنق الخاصة به وأزرار قميصه.

أخذ جاسر يفكر فيما أخبرهم به عادل، شعر ببعض التشتت اخذ يحدث نفسه قائلًا:
—هل يمكن أن يكون أبي هو الخاطف؟!
ولكن كيف فعل ذلك؟! وكيف خرج من السجن؟! لا، لا أعتقد ذلك.

(لندن منزل عدنان الفيومي)
عدنان الفيومي جالسًا بمكتبه بعد عودته إلى المنزل يتحدث مع صديقٍ له ويقول:
—سيادة العميد صفوان الحربي، لا أعلم كيف يمكنني أن أرد جميلك معي؟

ابتسم العميد صفوان الحربي وعلق قائلًا:
—عدنان أنت صديقي وعملنا معًا لوقتٍ طويل، لقد تم فصلي من عملي وتمت إحالتي لمجلس تأديب؛ والسبب في ذلك يعود لعصمت الناجي التي قامت بكشف جميع المعاملات السرية بيننا؛ لذلك كان لا بد من إخراجك من السجن ومساعدتك على الأنتقام منها.

عدنان علق قائلًا:
—ولكن هل قام أحد بكشف أمر هروبي من السجن؟

العميد صفوان الحربي علق قائلًا:
—إلى الآن لم يعرف أحد بأمر هروبك؛ فكما تعلم لا زال هناك بعض الرجال الذين لديهم ولاءً لي داخل الشرطة، ويقومون بعمل كل ما أريده منهم.

شعر عدنان الفيومي بالأرتياح وعلق قائلًا:
—شكرًا لك سيادة العميد على مساعدتك لي.

ابتسم العميد صفوان وعلق قائلًا:
—وهل هذا ما استحقه عدنان؟!

ضحك عدنان الفيومي وعلق قائلًا:
—سيدي، لقد قمت اليوم بتحويل مبلغًا كبيرًا من المال إلى حسابك في بنك باركليز بلندن.

ضحك صفوان الحربي وتحدث قائلًا:
—هكذا أنت دائماً، تتمتع بقدر كبير من الذكاء ليس هذا فقط بل إنك لماحًا أيضًا.

ابتسم عدنان الفيومي وتحدث قائلًا:
— سيدي، نحن نعمل معًا منذ فترة طويلة؛ جعلتني أفهم ما يجول بخاطرك دون أن تتحدث.

أنهى عدنان الفيومي حديثه  مع العميد صفوان الحربي وشعر بالسعادة لعدم كشف أمره حتى الآن.

(القاهرة منزل جاسر الفيومي)

عصمت تقوم بإحتساء فنجان القهوة الخاص بها، مشغولة البال بما أخبرتها به السيدة فيروز والدة جاسر، سمعت رنين هاتفها فأسرعت بالرد قائلة:
—سيادة المقدم شريف النمكي، هل لديكم أخبارًا لي؟

ابتسم المقدم شريف وعلق قائلًا:
—سيادة المقدم عصمت الناجي، عدنان الفيومي يقضي فترة عقوبته في سجنه، لقد قمت بالتأكد بنفسي من السجلات وارسلت من قام بالتأكد من وجوده داخل الزنزانة الخاصة به.

عصمت علقت قائلة:
—أشكرك حضرة المقدم على اهتمامك، ولن أنسى مساعدتك لي.

وبعد انتهاء المكالمة الهاتفية يعود جاسر إلى بيته وقد بدى عليه التعب والأرهاق.

نظرت عصمت إلى زوجها وشعرت بالقلق؛ فهو لا يبدو عليه أنه بخير، أسرعت نحوه ثم حدثته قائلة:
—جاسر، ماذا بك؟ هل تعاني من شيء؟

حاول جاسر التماسك أمام زوجته وعلق قائلًا:
—حبيبتي، لا تقلقي فأنا بخير فقد بعض الأجهاد.

تلألأت الدموع في عيون عصمت وتحدثت قائلة:
—جاسر، إنني أشعر بك، ما يبدو عليك ليس بإجهاد إنه قلب يملؤه الألم من الحزن على فقيدنا.

جاسر لمس وجهها بأنامله وعلق قائلًا:
—لا داعي للقلق إنني بخير أحتاج لبعض الراحة، وسأعود كما كنت.

شعرت عصمت أن زوجها يخفي عنها ما يشعر به، بدأ جاسر يترنح ويتشبث بالدرج اثناء صعوده، وفجأة سقط من فوق الدرج فاقدًا لوعيه.

صرخت عصمت وأسرعت إلى زوجها، قامت بالكشف عليه (عصمت لديها خبرة في مجال الطب فهى كانت من اوائل الثانوية العامة ولكنها التحقت بكلية الشرطة رغم رغبتها الشديدة في ان تكون طبيبة.

وبعد أن تخرجت من كلية الشرطة قامت بدراسة الطب في إحدى الجامعات الخاصة، واستطاعت  ان تجمع بين كونها ضابط شرطة متميز، وطبيبة تمارس عملها إذا اقتدى الأمر ذلك)

اكتشفت عصمت أن جاسر يعاني من أزمة قلبية، وعلى الفور قامت باستدعاء سيارة الاسعاف.

تم نقل جاسر إلى المشفى ووضعه على جهاز التنفس الصناعي.

أسرعت عصمت إلى الطبيب الذي اخبرها أنه يعاني من ازمة قلبية حادة.

شعر جاسر أنه يتحرر من جسده حتى وجد نفسه أعلى جسده، نظر إلى جسده الممدد على الفراش، وإلى زوجته التي تقف بجوار سريره حزينة، يكاد خوفها عليه أن يفتك بها.

في هذه اللحظة توقف قلبه فأسرع الأطباء يهرولون إليه في محاولة منهم لإنقاذه.

انفجرت عصمت بالبكاء واخذت تصرخ وتتوسل إليه قائلة:
—جاسر، لا يمكنك أن تتركني وحيدة في هذه الحياة، حبيبي اتوسل إليك أن تعود لا تستسلم للموت، لا يمكنني الحياة بدونك.

أمسك الطبيب بجهاز الصاعق الكهربائي وقام بعمل صدمة كهربائية لقلب جاسر، وبعد عدة محاولات عاد القلب في العمل مرة أخرى.

فجاة شعر جاسر بشيء يجذبه مرة أخرى داخل جسده.

نظرت عصمت إلى جهاز رسم القلب الخاص بجاسر، وأخذت نفسًا عميقًا ثم تحدثت قائلة:
—أحمد الله على سلامتك، اتمنى من الله أن يكتب لك العافية والسلامة.

دنت عصمت من زوجها، امسكت بيده وحدثته  قائلة:
—لا يمكنك أن ترحل وتتركني، ألم تعدني أنك ستحضر لي آدم؟ ألا تريد الوفاء بوعدك لي؟

تحركت أصابع جاسر وامسك بيد زوجته وقبض عليها، انهالت دموعها وابتسمت ثم حدثته قائلة:
—حبيبي، تعافى سريعًا فلن يعثر على آدم سواك، أشعر ببرد شديد يجتاح جسدي وأحتاج إليك تضمني إلى حضنك الدافيء، فيسري الدفء داخل جسدي.

شعرت عصمت أن جاسر يحاول أن يفتح عينيه ولكنه لا يستطيع، فأسرعت بطلب الطبيب.

حضر الطبيب على الفور وقام بوضع بعض العقاقير داخل المحلول الخاص به، وبعد فترة وجيزة استطاع جاسر أن يفتح عينيه.

قامت عصمت بتقيبل يد جاسر وعلى شفاهها ابتسامة السعادة؛ لاستعادة جاسر لوعيه مرة أخرى.

نظر جاسر إلى زوجته، ثم نزع القناع الخاص بالتنفس الصناعي وحدثها بهمس قائلًا:
—حبيبتي، لا يمكنني أن ابتعد عنك؛ فأنتِ قلبي النابض.

ابتسمت عصمت وعلقت قائلة:
—حمدًا لله على سلامتك، لا تتحدث كثيرًا فقط حاول الاسترخاء.

ثم قامت بإعادة قناع التنفس على وجهه مرة أخرى.

سمعت عصمت رنين هاتفها فخرجت من الغرفة وقامت بالرد لتجدها السيدة فيروز التي حدثتها قائلة:
—ابنتي، هل قمتي بالتأكد من هروب عدنان الفيومي من سجنه؟

علقت عصمت قائلة:
-أمي، عدنان الفيومي لا زال داخل سجن ولم يهرب منه لقد طلبت من زميل لي أخبرني بذلك.

شعرت الأم بالحزن فهي يراودها أحساس يكاد ان يصل بها إلى حد اليقين أن من قام بخطف آدم هو عدنان الفيومي ولكنها لم تجد امامها سوى ان قالت:
—حسنًا يا حبيبتي هل أنتِ في العمل أم المنزل؟

ترددت عصمت ثم علقت قائلة:
—أمي، إنني بالمشفى؛ شعر جاسر ببعض التعب فقمت بنقله إلى المشفى لأطمئن عليه.

الأم تبكي وتقول:
—ما الذي حدث لابني؟ عصمت، لا تخفي علي شيء.

علقت عصمت قائلة:
—أمي، اقسم لكي انه بخير، بعد قليل سأجعله يتحدث إليك عبر الهاتف.

الأم بكل حزن وآسى علقت قائلة:
—لا بل سأحضر بنفسي لأطمئن على ابني.

عادت عصمت إلى غرفة جاسر وحدثته قائلة:
—إنها والدتك شعرت بالقلق عليك برغم من تأكيدي لها أنك بخير، غير أنها لم تقتنع وفي طريقها إلى هنا.

اومأ جاسر برأسه فحدثته عصمت قائلة:
—الآن أغمض عينيك وحاول أن ترتاح قليلًا إلى أن تحضر والدتك.

ابتسم جاسر واستجاب لرغبة زوجته فأغمض عينيه وراح في النوم، جلست عصمت بجواره تفكر فيما يحدث وفيما أخبرتها به والدته، خرجت من الغرفة وقامت بالاتصال على عادل لتتحدث إليه.
فالبداية رحب عادل بها ثم حدثها قائلًا:

—عصمت لم يعد جاسر يقوم بالاتصال بي كعادته هل هناك شيء حدث ولم يخبرني به أحد؟

علقت عصمت قائلة:
—عادل، كل شيء على ما يرام، لا داعي للقلق فقط بعض الضغوط في العمل.

عاد عادل في طرح المزيد من التساؤلات قائلًا:
—عصمت كيف خرج أبي من السجن؟ ولماذا سمحتم بأن يأخذ معه آدم ويصطحبه إلى لندن؟

عصمت علقت قائلة:
—عادل والدك لا زال يقضي فترة عقوبته داخل السجن، ولم يخرج بعد.

تعجب عادل قائلًا:
—عصمت، كيف حدث ذلك؟! اقسم لكِ أنني رأيتهم لقد كاد عقلي أن يطير.

انهت عصمت مكالمتها مع عادل، ثم عادت إلى الغرفة وتحدثت قائلة:
—لقد بدأ الشك يراودني، يبدو أنه من الضروري أن أذهب إلى السجن  وأقوم بالتأكد بنفسي.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي