أمارديا البارت الواحد والأربعون

"أمارديا" "البارت الواحد والأربعون"

عند حلول الساعة الواحدة صباحاً تحديداً في منزل عائشة.
تململت عائشة في الفراش ثم نظرت بجانبها وتبسمت بسعادة، فقد كان بكر نائماً بجوارها عاري الصدر.

أخذت عائشة شهيقاً عميقاً ثم زفرته ببطء ونهضت من الفراش وهي ترتدي الروب الحريري خاصتها ثم اتجهت نحو النافذة الزجاجية وظلت تحدق في الفراغ فتذكرت ما حدث قبل عدة ساعات.

كانت عائشة تتوسط أريكتها تراقب الجميع من خلال بلورتها كالعادة بينما كان بكر واقفاً في زاوية الغرفة يحدق في الفراغ، ولكنها فجأة نظر نحوها وقال:
_عائشة.

انتفضت عائشة ثم نظرت إليه فوجدته ينظر إليها!، ارتعدت عائشة وقالت في قرارة نفسها:
_يا إلهي! هل سحري صار باطلاً؟ كيف استعاد وعيه هكذا؟ لقد تركته في حالة تنويم مغناطيسي لا يفعل سوى ما آمره به!! كيف استطاع أن يحرك رأسه ويتحدث؟؟!.

انتبهت عائشة من شرودها حينما قال بكر بنبرة حازمة:
_سنقيم حفل زفافنا اليوم.
انفجرت أسارير عائشة وسرعان ما وضعت بلورتها فوق المنضدة ونهضت وهي تنظر إليه بسعادة عارمة وقالت بنبرة لاهثة من شدة الفرح:
_بكر هل أنت جاد؟.

فتبسم بكر قائلاً:
_بالطبع.. ليس هناك وقت مناسب أكثر من اليوم، لقد جعلتِني أقوم باحتجاز جويرية في ذلك البيت ولن تتمكن من الخروج سوى بمساعدة شخص من الخارج.

فهرعت عائشة نحو بكر واتحضنته بقوة وقالت:
_أحبك يا بكر، أحبك جداً.
فضمها بكر إلى صدره وقال:
_وأنا أيضاً يا عائشة أحبكِ كثيراً.

ابتعدت عنه عائشة ونظرت في عينيه وقالت بنبرة متيمة:
_بكر أنا ما زلت لا أصدق، هل حقاً تريد الزواج بي؟!.
فتبسم بكر وقال منبرة صوت عاشق:
_بل وسنقيم حفل الزفاف الليلة.

فسرت قشعريرة في جسد عائشة وقالت بابتسامة وسعادة عارمة:
_اتئد يا بكر فأنا لن أتحمل كل هذا القدر من المفاجآت دفعة واحدة.

فوضع بكر كلتا يديه فوق وجنتيها وهمس قائلاً:
_هذه البداية فقط يا عزيزتي، أنتِ الآن على حافة السعادة الأبدية.

هللت عائشة من شدة السعادة وطبعت قُبلة فوق شفتي بكر وقالت:
_كنت أعلم أنك ستتمكن من رؤيتي في نهاية المطاف.

ابتعدت عائشة عن بكر وخرجت من الغرفة وصاحت مناديةً على ذراعها الأيمن الذي لا تفعل أي شيء بدونه "عليّ"، فما إن جائها حتى قالت بسعادة:
_أصدر قرار بأنني أريد أن يجتمع الأهالي بأكملهم سواء أهالي القرية أو السكان الأصليون، دع الجميع يأتون إلى موقع البناية الجديدة وضرورة حضور الجميع للأهمية.

فتبسم علي وقال بسعادة:
_ما الأمر يا سيدتي؟!.
فقفزت عائشة من شدة الفرح وقالت بصوت خافت لكي لا يستمع إليها أحد:
_سأتزوج بكر، ولكن لا تخبر أحد بذلك، فقط أدعُهم لحدوث أمر هام ولا تفسد عنصر المفاجأة.

فجحظت عيني علي وقال بدهشة:
_سيدتي.. ماذا فعلتي له؟ هل سحركِ جعله يُتيّم بكِ؟.
فتعالت قهقهات عائشة وقالت:
_لا يا علي، أقسم لك بأن ليس لسحري صلة بهذا الأمر، لقد قرر ذلك من تلقاء نفسه.

فقال علي بنظرات تملؤها الشكوك:
_حقاً؟!.
فنظرت إليه عائشة وقالت بنبرة حادة:
_بالتأكيد، ولمَ لا، فجميع الرجال داخل وخارج هذه القرية يتمنون نظرة من مقلتاي، ولكن بكر فقط من هو سعيد الحظ ورُزق حبي

أتعلم يا علي.. أنا الآن أسعد امرأة على وجه البسيطة، الشعور بالسعادة أجمل شعور على الإطلاق.
فتبسم علي وقال بخبث:
_ألن يكون لي نصيباً من هذه السعادة؟!.

فنظرت إليه عائشة بعدما قهقهت ثم أخرجت سُرة عملات نقدية من التي يتداولونها في القرية ووضعتها في راحة يده وقالت:
_بالطبع يا فتى، فأنا لن أنسى ما تفعله من أجلي وما ستفعله أيضاً.

تبسم علي بخبث وقال:
_أنا دائماً على أهبة الإستعداد لأن أذهب إلى الجحيم لأجلكِ يا سيدتي.
تبسمت عائشة بغرور ثم ابتعدت عن علي خطوات ثم تذكرت شيء هام فصاحت بقولها:
_علي.

فسرعان ما هرع علي نحوها قائلاً:
_بأمركِ يا سيدتي.
تنهدت عائشة براحة وقالت:
_أحضر لي ثوب الزفاف الذي قمت بحياكته بنفسي قبل سنوات، أحضره وضعه في غرفة أخرى، ثم أحضر ثوب بكر وأعطِه له في غرفتي.

فأومأ علي برأسه وقال بابتسامة:
_على الفور يا سيدتي.
رحل علي بينما ذهبت عائشة إلى غرفة أخرى وأعدت نفسها للزفاف وارتدت ثوبها حينما جلبه لها علي.

بعدما صارا عائشة وبكر جاهزيْن ذهبا سوياً إلى البناية الحديثة ومكثا في الشرفة التي تطل القرية بأكملها.
حينها كانوا جميع الأهالي بالأسفل وصاروا يهنئوهما بزواجهما ويقذرون الزهور الجورية عليهما.

مد بكر يده والتقت زهرة من هذه الزهور الجورية وظل ينظر إليها كثيراً حتى أنه شرد، فداهمته عائشة بالتقاطها تلك الزهرة من يده وفتكت بها ثم ألقتها أرضاً ورمقته بنظرة لم تفهمها ولا تدرك ما الذي كان يرمي إليه حينها ولكنها لم تلقِ بالاً لذلك فقد كانت سعادتها بالزفاف تفوق كل شيء.
وبعدما تم عقد قرانهما ذهبا إلى منزل عائشة.

انتبهت عائشة من شرودها حينما تململ بكر في الفراش فالتفتت إليه وقالت بابتسامة:
_هل حظيت بنومة هنيئة؟!.
فتبسم بكر وقال بنبرة هادئة:
_لم أحظي بنومة هانئة مثل هذه منذ العديد من السنوات.

فاتسعت ابتسامة عائشة وقد احمرت وجنتيها من شدة الخجل.
فقال بكر بتساؤل:
_كم من الوقت مر وأنا نائم؟.
فنظرت عائشة في ساعة اليد خاصتها وقالت:
_الساعة الآن الثانية بعد منتصف الليل.

فتجلى حاجبي بكر وقال بذهول وهو ينهض من الفراش:
_عجباً لقد ظننت أني ظللت نائماً لليوم التالي، ولكنني لم أنم سوى عدة ساعات فقط!! كيف حدث ذلك؟!.

اتجه بكر نحو عائشة جذبها إليه وأردف قائلاً بتساؤل وخبث:
_كيف حدث ذلك يا ترى؟!.
فقهقهت عائشة بخجل وقالت:
_حينما تكون برفقة شخص متيّم بك ستشعر وكأنك لامست عنان السماء من فرط السعادة، فلا تستهين بعشقي لك يا بكر.

تبسم بكر قائلاً بعدما قبّل جبينها:
_لن أفعل.
تنهدت عائشة وقالت:
_هل أنت جائع؟!.
فتبسم بكر وقال:
_جداً.

فقالت عائشة بحزم:
_لنهبط إلى الطابق الأرضي إذاً ونرى ماذا لدينا لنتناوله.
همّا لكي يخرجا من الغرفة فصاحت عائشة وقالت بغضب:
_هل ستخرج من الغرفة هكذا؟!.

فضم بكر حاجبيه وقال بتعجب:
_ماذا تعني؟!.
فقالت عائشة بغضب أكبر:
_عاري الصدر يا بكر!!.
فضرب بكر جبهته بتذكر وقال:
_عجباً لقد نسيت ذلك، سأرتدي ستري في الحال.

فتبسمت عائشة وقالت:
_حسناً، وأنا سأبدل ثيابي أيضاً.
اتجهت عائشة نحو المرحاض لكي تبدل ثيابها بداخله بينما التقطت بكر سترته الحريرية ذات اللون الأحمر ووثب أمام المرآة لكي يرتديها.

وقبل أن يضع بكر السترة فوق جسده تذكر الجرح الذي تسببت فيه جويرية، فحاول بكر أن يرى ذلك الجرح بأن يلتفت للخلف ثم ينظر بوجهه نحو المرآة لكي يرى ظهره بالكامل، ولكنه صُعق حينما لم يجد الندبة أسفل كتفه.

ضم بكر حاجبيه بتعجب شديد حوى ظن لوهلة أنه لم يلتقي بجويرية من الأساس ولم تصيبه بسلاحها الأبيض!.
انتبه بكر من شروده حينما مررّت عائشة أصابعها فوق ظهره وقالت بغرور:
_تفكر في أمر الندبة أليس كذلك؟!.

فنظر بكر في عيني عائشة وقال بتساؤل وهو في حيرة من أمره:
_أين ذهبَت؟!.
فتبسمت عائشة بغرور واقتربت من بكر وهمست له قائلةً:
_أنت مليء بالمميزات التي أعشقها يا بكر، لكن هيبك الوحيد والأوحد هو أنك تجهل قدراتي وتجهل كل ما يمكنني فعله.

اقتضبت عائشة حديثها حينما دق هاتفها بالرنين وكان علي، فسرعان ما صغطت على زر قبول المكالمة ووصعت الهاتف فوق أذنها وقالت بحزم:
_ما الأمر الهام الذي دفعك للإتصال بي في مثل هذا الوقت يا علي؟!.

صمتت عائشة لكي تستمع لما يقوله علي، بينما حاول بكر أن يستمع إلى ما يقوله علي ولكنه لم يستطع أن يفهم كلمة واحدة!.
فجأة تنهدت عائشة وقالت بابتسامة:
_حسناً، سآتِ في الحال.

صغيرة_الكُتَّاب
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي