الفصل العشرون بين الحياة والموت

داخل جهاز الأمن الوطني، تحضر عصمت الناجي إجتماعًا يرأسه اللواء فؤاد عتمان وأثناء الأجتماع لاحظ اللواء فؤاد أن العميد عصمت الناجي ليست على ما يرام، نظر إليها وحدثها قائلًا:
—سيادة العميد عصمت، هل أنتِ بخير؟

عصمت تتظاهر بالصلابة وتعلق قائلًا:
—سيدي، إنني بخير نستطيع إكمال الأجتماع فالموضوع الذي تتحدث فيه في غاية الأهمية ولا يتطلب التأجيل.

أكمال اللواء فؤاد عتمان الأجتماع، وبعد انتهاء الأجتماع وقبل أن تغادر عصمت قاعة الأجتماعات، تحدث إليها اللواء فؤاد عتمان وقال:
—تذكريني بصديقي اللواء فؤاد الناجي رحمة الله عليه، كان عمله هو رقم واحد في حياته.

ابتسمت عصمت وعلقت قائلة:
—سيدي، إن عملنا هذا يتطلب من كل فرد من أفراده الاخلاص وعدم التقاعس عن أداء المهام المطلوبة منه.

غادرت عصمت الناجي وتوجهت إلى مكتبها وهنا وضعت يدها على صدها وقالت:
—كنت أشعر بألم شديد في صدري، كأن روحي كاد تخرج من جسدي، ترى ما الذي حدث، هل حدث شيء لجاسر؟ لا بد أن أقوم بالاتصال عليه.

أسرعت عصمت بالاتصال على زوجها ولكن هاتفه غير متاح.

شعرت عصمت بالقلق، وعادت تلك الأعراض تنتابها مرة أخرى، لم تستطيع تحمل إحساسها أن هناك شيئًا سيئًا قد حدث، قامت بالاتصال بمكتبه ولكن مديرة المكتب أخبرتها أنه قام بإلغاء كافة مواعيده، وأخبرها إنه لن يذهب إلى الشركة اليوم.

تعجبت عصمت وعلقت قائلة:
—ترى ما الذي يحدث مع جاسر؟ أين هو الآن؟!
أسرعت عصمت بالاتصال على حياة فاخبرتها قائلة:
—لقد كان هنا ليلة أمس، ولكنني اليوم لم أشاهده حتى غرام لم تعود للمنزل حتى الآن وهاتفها غير متاح.

وبعد انتهاء المكالمة، جلست عصمت تفكر وتدعو الله أن يسلم.

تم إدخال آدم إلى غرفة العمليات، وبعد عدة ساعات تم إخراجه من العمليات وإدخاله إلى غرفة العناية المركزة.

جاسر لم تنقطع دموعه المنهمرة؛ حزنًا على ابنه الذي لم يشبع بعد منه، جالسًا لا يريد أن يغادر المشفى بدونه.

غرام تقف أمام الحائل الزجاجي وتنظر إلى ذلك العائد الذي لم  يلبس أن يفرح بعد بعودته حتى تلقى رصاصة الغدر. 

ذهبت غرام إلى جاسر وحدثته قائلة:
—خالي، لقد تاخر الوقت، لا بد أن الجميع قلق بشاننا خاصة بعد أن أغلقنا هواتفنا.

نظر جاسر إلى غرام وعلق قائلًا:
—غرام، كيف أتركه وقد وجدته للتوه؟

لم تتحمل غرام رؤية خالها بهذه الحالة، فقبلت رأسه وحدثته قائلة:
—خالي، أنت تعلم الحالة التي عليها أمي عصمت الآن، لا بد أن تعود إلى المنزل.

جاسر وقد أنهكه البكاء على آدم علق بصوتٍ منهك:
—ابنتي، لا يمكنني أن أتركه هكذا وأعود إلى منزلي وأنام على فراشي، وابني بين الحياة والموت.

علقت غرام قائلة:
—لا تقلق لن اتركه حتى تعود إلي في الصباح.

تعجب جاسر وعلق قائلًا:
—وكيف يمكن ذلك؟!

غرام أعادت تشغيل هاتفها وقامت بالاتصال على والدتها حياة.

حياة ما إن رأت اتصال ابنتها حتى أسرعت بالرد على الهاتف وقالت:
—غرام، أين أنتِ كاد القلق أن يقتلني؟! خاصة وأن هاتفك مغلق.

علقت غرام قائلة:
—أمي، لا داعي للقلق، أنا بخير ولكنني في مهمة تتطلب إغلاق الهاتف.

ابتسمت حياة وعلقت قائلة:
—ومتى تعودين من هذه المهمة المفاجئة؟!

غرام تخبرها وتقول:
—أمي، لا تقلقي فهي مهمة مفاجئة وسأعود في الصباح.

أنهت غرام حديثها مع والدتها، نظرت إلى خالها وقالت:
—خالي، انهض وعد إلى منزلك ولا تقلق ساظل بجواره وتستطيع الاطمئنان عليه وقتما تريد؛ فأنا لن اغلق هاتفي.

نهض جاسر من مقعده، وامسك بيد غرام وهو يقول:
—إذا حدث شيء ما عليكي سوى الاتصال بي وحينها ستجدينني هنا.

غرام علقت قائلة:
—اعدك لن أتردد في الاتصال بك إذا لزم الامر.

دلف جاسر إلى غرفة العناية المركزة، اقترب من آدم أمسك يده وحدثه قائلًا:
—ابني اعلم إنك تسمعني، أريد أن اخبرك بشيء، لا تستسلم وتتركني قاوم بشدة من أجل البقاء، من أجل أب شعر أن الحظ ابتسم له بعودتك لكن سرعان ما خذلته الحياة، من أجل أم لا أعلم بماذا أخبرها؟!

انهمرت الدموع من عين جاسر ولكنه رغم دموعه وألمه واصل حديثه قائلًا:
—انهض يا بني لايستطيع تعويضك عن حنان الأب الذي افتقده.

دلفت غرام إلى داخل الغرفة وأمسكت بيد جاسر وقامت بإخراجه من الغرفة ثم قالت:
-خالي، منك نستمد قواتنا لا يمكن أن تترك الحزن يؤثر على قلبك، كل شيء سيكون على ما يرام.

غادر جاسر المشفى وعاد إلى منزله، وما إن دلف إلى داخل المنزل أسرعت عصمت إليه وقد بدى عليها القلق وحدثته قائلة:
—جاسر، أين كنت؟! هل أنت بخير؟ ما الذي حدث معك؟

نظر جاسر إلى زوجته وهو يحاول أن يتمالك نفسه ختى لا تشعر عصمت بما بداخل قلبه من آسى، وحزن وحدثها قائلًا:
—عصمت، لا تقلقي كان لدي الكثير من الأعمال اليوم، أشعر برغبتي الشديدة في النوم والراحة.

دلف جاسر إلى غرفته ولم يستطيع تغيير ملابسه، ارتمى على سريره واغمض عينه.

تعجبت عصمت من الحالة التي عليها زوجها، تذكرت عندما قامت بالاتصال بمديرة مكتبه التي اخبرتها أنه قام بتاجيل مواعيده ولم يذهب إلى العمل اليوم.

قامت عصمت بنزع جواربه من قدمه دون أن يشعر بها، وضعت الوسادة أسفل رأسه، ثم قامت بتغيته.

خرجت إلى خارج الغرفة وظلت تفكر وتقول: —ترى ما الذي انهكه إلى هذه الدرجة؟! إن لم يذهب إلى الشركة اليوم أين ذهب طوال اليوم إلى هذا الوقت المتأخر من الليل؟! في الصباح لن اتركه حتى يعطيني تفسيرًا مقنعًا لما حدث.

نظر غرام إلى آدم فوجدت وجهه وقد تعرق بشدة، أسرعت باستدعاء الطبيب ليتفقد حالته.

قام الطبيب بإجراء بعض الفحوصات على آدم، ثم أخبر غرام قائلًا:
—يبدو أنه ينازع من أجل البقاءـ

امسكت غرام بيد آدم وحدثته قائلة:
—أستمر في المقاومة يا صديقي، إنني أتطلع لإحتساء فنجانًا من القهوة ومعها الكعكة الكورية.

تذكرت غرام ذلك اليوم وكيف كان يعاملها آدم بكل رقة وذوق؟ تلألأت الدموع بعينيها وعلقت قائلة:
—لن اترك من فعل ذلك بك، لا بد أن اعرف من الذي يريد قتلك والتخلص منك ولماذا؟

عدنان الفيومي لم يذق طعم النوم، كاد الخوف والقلق أن يوقف قلبه، يقوم بالاتصال على ادم ولكن هاتفه مغلق، عاود الاتصال لمرات عديدة ولكن بلا جدوى.

لا يعلم ماذا يفعل؟ آدم ليس من عادته أن يقضي ليله خارج المنزل شعر بإرتفاع بضغط الدم فأسرع لتناول دواءه.

وفي الصباح استيقظت عصمت وفوجئت بعدم وجود جاسر في المنزل، تعجبت عصمت وعلقت قائلة:
—أين ذهب؟! لم يعتاد جاسر أن يذهب بدون أن يودعني، ما الذي يحدث مع هذا الرجل؟!

وصل جاسر إلى المشفى وعندما دلف إلى غرفة العناية المركزة فوجيء بغرام وقد غلبها النوم وهي جالسة على المقعد.

اقترب منها وهمس لها قائلًا:
—غرام ابنتي، تستطيع العودة إلى المنزل واخذ قسطًا من الراحة.

اومأت غرام برأسها وعلقت قائلة:
—حسنًا خالي، هل شعرت أمي عصمت بشيء؟

جاسر علق قائلًا:
—لم اخبرها بشيء، ولكنها بداخلها العديد من التساؤلات.

غادرت غرام المشفى عائدة إلى منزلها بعد أن اخبرت خالها بانها ستعود في المساء لتبقى بجوار آدم.

وبعد مرور أسبوعين على هذه الحالة.

عدنان الفيومي أصبح على يقين أن هناك أمرًا سيئًا قد حدث لحفيده ولكنه لا يستطيع الذهاب إلى قسم الشرطة.

قام عدنان بإخبار صديقه صفوان الحربي وطلب منه البحث عن حفيده، وعده صفوان الحربي بالبحث عنه في كل مكان.

ساءت الحالة الصحية لعدنان الفيومي باختفاء حفيده، أصبح لا يحتمل فقدانه.

جاسر تحدث مع الطبيب بشأن الحالة الصحية لآدم وقال:
—سيدي الطبيب لا أرى أية تحسن في الحالة الصحية لإبني.

شعر الطبيب بالأسف وعلق قائلًا:
—سيدي، اعتذر إليك ولكن كنت أتحدث مع الطاقم الطبي بشأن الحالة الصحية لآدم، وأريد أن أخبرك أنه لا أمل من شفاءه.

نزل الخبر على جاسر كالصاعقة وعلق قائلًا:
—كيف ذلك ألم تخبرنا من قبل أنه يجاهد من أجل البقاء؟! فما الذي جعلك تتحدث هكذا الآن؟!

الطبيب علق قائلًا:
—سيدي، لقد مر اسبوعين ولم تحدث أي مؤشرات الشفاء، في حالة استمرار الوضع هكذا سيتم رفع اجهزة التنفس الصناعي.

جاسر علق قائلًا:
—هل أقوم بنقله للعلاج بالخارج؟

الطبيب علق قائلًا:
—سيدي، ابنك يحتاج إلى معجزة من السماء وليس علاجًا بالخارج.

جاسر علق قائلًا:
—سيدي، أتوسل إليك على استعداد تام لدفع كآفة التكاليف لكن لا تقوموا برفع اجهزة التنفس حتى يتم شفاؤه.

شعر الطبيب بالأسف وعلق قائلًا:
—يمكنني أن أقوم بتأجيل هذا الأمر لبعض الوقت، ولكن لن أستطيع أن أعدك أن يدوم هذا لوقت طويل.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي