الفصل الثالث ذكريات

صرخت وهو يمسك بشعرها من الخلف، وسحب رأسها بعيدًا عنه، وجعلها تنظر إلى عينيه.

حدق في عينيها البغيضة، وهو يقول:
سأقتلك على نحو مؤلم، ببطء، ليس لديك أي فكرة عما يمكن فعله، لذا كوني على حذر، إذا لمسك أي رجل سأقتلك، وأتأكد من أن موتك لن يكون سريعًا.

قالت له روز بلهجة ساخرة:
أنا متزوجة من والدك بالمعمودية، هل نسيت؟ كيف يمكنني إبعاده عني؟ عندما يكون زوجي؟

ليو بنبرة قاتلة:
أعرف أن العراب لم يلمسك، لقد كان في حالة سكر، أخبرني عن هذا منذ مدّة، لذا تأكدي من أنه يبقى كما هو الوضع، لا تدعيه يلمس أي جزء منك، هل فهمت ما قلته؟

ثم ضغط على شعرها بحزم، لم يكن ليو يعرف لماذا أخبرها بذلك؟ وهو إلى ذلك لا يعرف لماذا يشعر، وكأنه سيحرق الكون، إذا لمس روز أي شخص آخر.

روز في لهجة هادئة:
أنت لا تريد أن تلمسني؟ لذا دعني ألعب مع شخص آخر.

صفعها بظهر يده كانت الصفعة قوية؛ لدرجة أنها شعرت أن جمجمتها قد تم فصلها عن جسدها.

كان الألم فظيعًا، ابتسمت له بغضب، ثم تلقت صفعة أخرى أقوى من الأول.

فقالت له بهدوء على الرغْم ألمها الشديد:
سوف أذهب الآن إلى تغيير هذا الفستان، ألقاك قريبًا في قاعة الاحتفالات ليو.

ثم انصرفت مغادرة، دون أن تنظر إلى الوراء.

وفي مكان آخر، داخل إحدى المباني العريقة.

قال الشخص الجالس فوق المقعد الضخم:
لقد وجدنا مكان الشقيقة التوأم.

رد الشخص الآخر:
ولكن سيدي، لماذا هذه الفتاة؟ التحريات أخبرتنا أنها فتاة لا تفقه شيئاً عن عالم المافيا، عكس شقيقتها.

ضحك بسخرية، قبل أن يقول:
لك الحق أن تقول هذا الكلام، فأنت لا تعلم كل شيء حتى الآن.

سأل بفضول:
ما الذي لا أعرفه سيدي؟

رد عليه وهو يضحك:
لقد أقنعت شقيقتها أوريلا عن طريق شخص آخر، أن السبب في وفاة شقيقتها، هي عائلة العراب وعائلة ليو، وفي هذه اللحظات تخطط الفتاة للانتقام.

سأله وهو يشعر بالحيرة:
-ولكن إذا كنا جندنا شقيقتها لدينا، فلما الداعي لشقيقتها الأخرى.

-يجب أن تظل تحت أعيننا، وتظل ميتة في أعين الجميع، كل كلامي مفهوم، يجب أن تظل الفتاة تحت المراقبة باستمرار.

وفي مكان آخر، داخل المقهى المقابل لشركة جون.

اقترب النادل من طاولتها، ثم قال:
ماذا تطلب سيدتي؟

دون تركيز قالت له:
أريد مغادرة هذه الولاية، أريد وظيفة.

سعل النادي وهو يقول:
ماذا؟ ماذا تريدين؟

انتبهت أوريلا إلى كلامها، فقالت له:
عذرًا، أريد كوب قهوة غامقة دون سكر.

عندما ابتعد النادل، حدثت نفسها "هل كتب عليَّ دومًا الحزن والشقاء؟ متى سأستعيد حياتي الطبيعية؟"

وجدت أوريلا رغمًا عنها تتذكر ما حدث، عندما انتقلت فعليًا للعيش في منزل مريان.

كانت تجلس في غرفتها، عندما وجدت الباب الشقة الرئيسي يفتح من نفسه، نهضت من فوق الفراش بسرعة، وتركت الكتاب الذي بين يديها.

تحركت إلى الخارج، وهي تشعر بالخوف، وعندما وصلت إلى الغرفة الرئيسية، تنهدت براحة عندما رأت الدخيل، وفي أقل من ثانية تحول الهدوء اللحظي إلى غضب شديد، وكان هذا اليوم بداية التدخل الصريح من قبل مريان.

قالت أوريلا بصوت حاولت جعله هادئاً على قدر الإمكان، ثم رسمت على وجهها ابتسامة:
خيرًا يا سيدة مريان، ما سبب هذه الزيارة السعيدة؟

ولماذا لم تطرقي على الباب قبل الدخول؟ لقد شعرت بالرعب الشديد عندما سمعت الباب يفتح، وأخذت الأفكار السوداوية تتقافز داخل عقلي، وأن الدخيل في الأغلب لص.

ابتسمت لها مريان ثم قالت:
لقد طرقت على الباب، ولكن عندما لم تفتحي شعرت بالقلق؛ لذلك استعملت المفتاح الاحتياطي الخاص بالشقة، ودلفت على الفور.

ابنتي، احتمال عدم سماعك للطرقات؛ أنك كنت نائمة أو تضعين السماعات على أذنك، كما تفعل فتيات يومنا هذا.

شعرت بالغيظ بداخلها، فهذه السيدة تستطيع تبرير أي موقف وبسهولة تامة، دون الشعور بأي إحساس بالذنب، ثم قالت أوريلا بلهجة هادئة:
نعم كنت نائمة والآن استيقظت، ما سبب هذه الزيارة الجميلة؟

جلست مريان على الكرسي المجاور لها، ثم أشارت عن طريق يديها إلى أوريلا وقالت لها بلهجة أمر:
اجلسي ابنتي بالقرب مني، أريد إخبارك بأمر مهم.

ضمت شفتيها وهي تنظر بضيق إلى مريان، حدثت نفسها أن تلتزم الهدوء، ويجب أن تحترمها إنها والدة خطيبها، وأيضا سيدة كبيرة في السن، تحركت ببطء ثم جلست في المكان الذي أشارت له مريان.

بمجرد جلوسها أردفت مريان على الفور:
لدي خبر مهم، وعندما تسمعينه سوف تشعرين بالسرور.

ابتسمت لها أوريلا ابتسامة خالية من الود، وهي تقول:
متشوقة لسماع هذا الخبر السعيد.

قالت لها مريان في الحال:
لقد اتفقت على ميعاد الزفاف، وسوف يتم في أشهر وأفخم قاعة زفاف في البلد، أنا سعيدة جدًا ابنتي بهذا الميعاد الذي حصلت عليه بصعوبة، هل تعلمين أن هذه القاعة محجوزة لمدة سنة.

ولكن بسبب علاقتي حصلت على يوم خاص، لكي نقيم فيه الزفاف.


وأخذت مريان تتكلم دون توقف متحمسة، ونظرت إليها أوريلا بحزن، فهي تشعر في هذه اللحظة أن الوضع يتحول من اللون الوردي إلى اللون الرمادي؛ بسبب تدخل والدة جون.

وعندما أنهت مريان حديثها، رأت ملامح وجه أوريلا شاحبة، ولكنها لم تبالي ثم أردفت قائلة:
حبيبتي أوريلا سوف أنصرف الآن، سوف أضطر إلى تركك؛ لكي أتفق مع منسق الحفلات، ومصممة فساتين الزفاف.

لم تستطع أوريلا التحمل أكثر من ذلك، هتفت قائلة:
ولكني لم أوافق على كل هذا.

ابتسمت لها مريان بسخرية وقالت:
لا أبالي ابنتي.

ثم تركتها وغادرت المكان.

أخذت أوريلا تنظر إلى خروجها بعيون غاضبة، لتنهض سريعًا من مكانها، ثم قامت بالاتصال بجون، وبمجرد أن سمعته يقول اسمها، قالت له بلهجة منفعلة:
لن أتحمل هذه المعاملة يا جون بعد اليوم.

قال لها بلهجة متسائلة:
ماذا حدث حبيبتي أوريلا؟ ولماذا أنت منفعلة هكذا؟

تنفست بحدة وهي ترد عليه:
لا يوجد سواها في هذه الأيام يا جون، التي تجعلني أفقد أعصابي، ليس هناك سوى مريان، والدتك المجنونة.

هتف جون:
ماذا قلت؟ هل نعتي أمي توًا بالمجنونة؟ يا أوريلا.

ضغطت أسنانها العليا على شفتيها السفلى، وقالت:
قلت حنونة وليس مجنونة، وهل أنت تجاهلت كل كلامي، ولم يتركز انتباهك إلا على كلمة خاطئة لم أقلها.

ثم انفعلت وصرخت في الهاتف:
كل كلامي السابق لم يؤثر فيك، ولكن كلمة واحدة على الوالدة هي التي انتبهت لها، أشعر الآن بالألم على ردك هذا.

قال لها جون بصوت معتذر:
آسف حبيبتي، ولكنها أمي، ولا أطيق أن أسمع أي كلمة ذم عليها.

قاطعته أوريلا بانفعال:
نعم، لا تطق أي كلمة ذم في حقها، أم أنا فالأمر طبيعي، وتقبل الإهانة في حقي بكل سهولة.

قال لها بلهجة مهدئة:
أخبريني ماذا حدث؟

زفرت بقوة وهي تقول:
أمك اتفقت على ميعاد الزفاف دون علمي، هل كنت تعلم بهذا يا جون، أم أنك مثلي متفاجئ بما حدث؟

شعر بغصة في حلقه، فهو أتفق مع والدته، وهو من يخبر أوريلا بذلك، ولكن ماذا يفعل بعد أشعلت أوريلا، وكيف الآن يقوم تهدئتها.

قال بعد لحظات من التفكير وبصوت متردد:
لا لم أعلم يا حبيبتي.

أردفت على الفور:
إذًا أخبر مريان أنك غير موافق على هذا التدخل في حياتنا.

تنهد جون بعمق وقال:
سوف أتكلم مع أمي، وأخبرها ألّا تتدخل.

شعرت بالراحة ثم قالت له:
شكرًا يا جون لا تعلم مدى سعادتي بسماع كلامك هذا.

قال لها جون قاطعًا كلامها ولحظاته المنتصرة:
ولكن لا أستطيع وعدك أن أمي سوف تتراجع عن كلامها، أمي مريضة قلب يا أوريلا، وأنا أحاول على قدر المستطاع بعدم الدخول في مشاجرة تؤدي إلى انفعالها.

سوف أكلمها بهدوء، سأحاول إقناعها، ولكن إذا صممت على ما تريد، لا يوجد حل سوى القبول، أرجوك يا أوريلا كوني مرنة بعض شيء مع أمي، هل تريدين أن أكون السبب في إصابة أمي بأزمة قلبية؟

أغلقت الهاتف في وجهه، وهي تشعر بغضب حارق يسيطر عليها، فهي لا تستطيع إجبار جون على الدخول في شجار مع الأم، لا ترد أن تتحمل مسؤولية وفاتها.

في داخل غرفة العراب، كان يتحدث عبر الهاتف.
ضحك وهو يقول:
أخيرا سمعت صوتك يا ديانا، لا أتذكر متى آخر مرة تحدثنا سويًا، على الرغم من أننا نعيش مع بعض في الولاية نفسها.

ردت عليه:
منذ شهرين يا عزيزي، هل تريد أن تخبرني سبب هذا الاتصال أم لا؟

قال لها العراب:
بالطبع سوف أخبرك، غرين أتى وسوف يستقر هنا.

تعالت دقات قلبها وهي تقول:
ماذا؟ هل هذا الخبر مؤكد؟

قال بنبرة ساخرة:
نعم، أنا متيقن من كلامي هذا، فهو قام بشراء ملهى الزهرة السوداء، وسوف ينقل مقر أعماله هنا.

قالت ديانا بحدة:
لم أتوقع منه أن يعود هنا مرة ثانية.

لمعت عيون العراب، ثم قال بقسوة:
وأنا أيضًا، هو من طلب موته على يدي.

قالت ديانا بانفعال:
لا تقتله، لا تفعل ذلك.

بابتسامة ساخرة قال:
هل مشاعر الأمومة لديك غلبت على انتقامك منه؟

ضمت شفتيها ثم قالت:
لا، الموت سيكون راحة بالنسبة له، أنا أريد تحطيمه كما حطمني، أريده أن يعاني ويتعذب كما تعذبت، أريده أن يتجرع من الكأس نفسه.

سأل بنبرة ساخرة:
وكيف هذا؟

قالت له:
اترك هذا لي، ومبارك الزواج.

سأل العراب:
كيف علمت؟

ردت عليه وهي تبتسم بمكر:
كل أخبار عائلتك يعلمها الجميع، أخبرني كيف حال سوزان؟

قال بحدة:
ولماذا هذا السؤال؟

قالت بخبث:
أنا متابعة جيدة لإخبار العائلة، وأعلم أن الفتاة تهوي النباتات النادرة، أريدها أن تشاهد نباتاتي، فأنا اعتدت زيارتها الدائمة لي، ولكنك منعتها من رؤية.

قال بنبرة غاضبة:
ابتعدي عن سوزان.

ضحكت وهي تقول:
لا تقل لي أنك تخاف عليها، كلانا نعلم أنك لا تملك أي مشاعر، أرسل الفتاة يا عزيزي، لا تخف سوف أحافظ عليها، سلام.

ثم أغلقت الهاتف، وتحركت نحو خزانة الملابس، أخرجت صندوقًا صغيرًا، وفتحته، ونظرت بألم إلى المسدس القابع فيه.

قالت ديانا بنبرة متألمة:
سوف أحطمك يا بني.

في خارج قصر العراب، كانت سوزان تشعر بالملل، فهي تكره أجواء الحفلات التي تقام في المنزل، فقررت الذهاب إلى مكانها المفضل، هذه البحيرة الصغيرة الخاصة بالمنزل الذي كان منذ مدة مهجور، ولكنه الآن أصبح جديدًا، بعد أن اشتراه شخص مجهول وقام بتجديده.

عندما وصلت إلى البحيرة، نزعت فستان الحفل وسبحت في الماء.

وفي التوقيت نفسه، كان غرين يتجول بالقرب من منزله الجديد، وأخذ يتذكر هذا اليوم، منذ أكثر من عشرين عامًا.

فتح غرين غرفة والده؛ عندما سمع صوت طلقة نارية، اتسعت عيناه بصدمة وهو يرى والده غارقًا في دمائه.

رأى على الأرض، وَسَط الدماء صورة أمه، تساقطت دموعه على وجنتيه، ثم قال:
سوف آخذ بثأر أبي.

امسك غرين المسدس ووضعه داخل بنطاله، ثم هرول حيث يوجد الرجل المسؤول عن موت أبيه.

وفي داخل فندق زوج والدته، وأمام أمه، أخرج مسدسه وأطلق النار عليه وسقط الرجل ميتًا.

شهقت ديانا بصدمة، ثم نظرت إلى ابنها بكره وقالت:
ماذا؟ لماذا قتلته؟

قال غرين بهدوء لا يناسب سن العشر سنوات:
مات أبي بسبب هذا الرجل، هذا الرجل خطفك مننا، وأبي أصبح حزينًا بعد مغادرتك؛ لذا هو انتحر.

هتفت بنبرة متألمة:
لم يخطفني، أنا ذهبت معه بكامل وعيي، أنا أحببته، الرجل الوحيد الذي أحببته وليس أباك، سوف أحطمك يا غرين، سوف أكسر قلبك كما كسرت قلبي على موت حبيبي.

تساقطت دموعه في صمت وهو يقول:
بل كسرت قلبي بتركك لي من أجل هذا الرجل اللعين.

نهضت ديانا من على الأرض، وأمسكت المسدس، ثم صوبت نحو غرين وهي تقول:
هذا الرجل أنا أحبه، سوف أقتلك يا غرين.

قال غرين وهو يتقطع من الداخل بسبب حزنه:
هيا اقتليني، أنا أريد أن أشعر بالراحة.

بمجرد أن أنهى كلامه، أطلقت ديانا النار على ابنها.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي