الفصل الخامس فسخ الخِطْبَة
كان غرين ينتظر في أي لحظة أن تفتح عينيها، يريد رؤية نظرات الرعب في عينيها، لكن ذلك لم يحدث، هي ظلت مستغرقة في النوم.
زفر بعمق عندما رأى علبة المخدر، ثم قال:
للأسف لم يحدث ما أريد، سأعوض زيارتي في يوم آخر.
هبط الدرج، وفي المنتصف توقف، أنفه أدركت هذه الرائحة، التي اعتادها عندما كان صغيرًا.
تنهد وهو يقول:
لقد اشتقت إليها.
فتح باب المؤدي إلى المطبخ، أخذ نفسًا عميقًا، يتلذذ من تلك الرائحة التي طال اشتياقه لها.
نظر بعينيه حتى وجد هذه الكعكة المميزة، برائحة البرتقال، لمعت عيناه بالحزن، ثم قال:
مهمًا مر من زمن، هناك أشياء لا تتغير أمي، إعداد هذه الكعكة بيدك كل يوم أحد.
مَدّ يديه لتناول قطعة فقط، ولكن بمجرد أن تناول أول قضمة، دمعت عينيه.
قال غرين:
نفس الطعم والرائحة نفسها، ولكن بدوني، لن أتركها لكِ، لن أتركك تستمعين بتناولها.
حملها غرين بين يديه، كأنها كنز ثمين، خرج من المنزل وبالقرب من البحيرة الخاصة بمنزله، جلس على الحافة.
قال بألم:
حان الوقت لتناول هذه الكعكة الشهية.
ومع كل قضمة يتناولها، تتساقط دمعة من عينيه في صمت.
عند أوريلا.
يجب الهروب والانتهاء من هذه العَلاقة، المحكوم عليها بالفشل الذريع، وقالت بغضب:
لا أستطيع المحاربة في عَلاقة فاشلة، أنا كنت أريد حفل زفاف هادئ كما خططت أنا وجون، لكن هذا الوضع والكلام لم يعجب السيدة مريان.
هي ارادت عمل حفلة زفاف كبيرة فاخرة، تليق بالمدعوين من مُديرون الشركة التي يعمل فيها جون.
امتعض وجه أوريلا، وهي تتذكر كل ما حدث من تدخل السيدة مريان في حياتها، في البداية كانت تحاول تقبل هذا، وتعتقد أن ما تفعله مريان عبارة حب، حسنًا، ولكن السيدة مريان كانت دائمًا تفعل ما تريد، ولا تبالي بأي رأي آخر سوى رأيها.
فكرت أوريلا بمرارة، وقالت لنفسها "ألا تفعل السيدة مريان ما تريده في نهاية الأمر؟"
تنهدت بعمق وهي تقول لنفسها، "ما فائدة العودة إلى الوراء، والتفكير في فشلي، ونهاية علاقة تمنيت أن تكون ناجحة، ولكن ليس كل ما يتمناه المرء يستطيع الحصول عليه؟"
وفي داخل غرفة الفندق جلست أوريلا على الفراش، وهي تشعر بالبؤس بسبب حظها في هذه الحياة، عندما قالت إن الحياة سوف تبتسم لها، حدث العكس وتحولت الابتسامة إلى تكشيرة مرعبة.
أخذت أوريلا عدة أنفاس متتالية، تحاول التفكير باستقامة، وبعد وقت طويل من التفكير، توصلت إلى قرار واحد، وهو أن علاقتها مع جون يجب أن تنتهي ولا مجال للعودة.
قطع شرودها رنين هاتفها، لم تلقي نظرة واحدة على الهاتف لكي ترى المتصل، لأن هناك شخص واحدًا مسجلاً على هاتفها وهو جون، تجاهلت الرنين ونامت على الفراش، ثم وضعت الوسادة ضاغطة إياها فوق رأسها، وانهمرت دموعها في صمت.
عندما استعادت ذاتها قررت مقابلة جون، وإعطاء خاتمة له، من حقه أن يعرف سبب اختفائها، وسبب فسخها لهذه الخِطْبَة.
وفي مكان آخر.
بدأ المؤتمر متأخرًا عن وقته، نص ساعة وفي تمام الساعة الثامنة اتخذ الجميع مكانهم، المقاعد كان يشغلها مجموعة من نخبة رجال الأعمال.
تنفس ديفيد بعمق، وقال لنفسه "إنه ليس من المفترض أن أتواجد هنا، ولكنها أوامر الرئيس ويجب تنفيذها"
ثم أخذ ينظر إلى الحضور بنظرات ثاقبة، ثم صعد على
المنصة، كان رجل أنيقًا بقامة فارعة، منكبين عريضين، أمسك بيمينه ميكروفون، ثم ابتسم إلى الحضور.
تنحنح ديفيد قبل أن إلقاء التحية على الحضور، ثم شرع في إلقاء مقدمة عن طبيعة هذه الندوة، ونبذةً عن مجموعة شركات صغار رجال الأعمال، وكيف بأقل تكلفة تقوم بعمل مشروعك الخاص.
وعندما انتهى من المحاضرة، جاء دور رئيس الندوة ليلقي الكلمة الختامية، هبط ديفيد الدرجات الأربع بخطوات متزنة، وصافح الرئيس الذي صعد مباشرة، وتناول الميكروفون ثم قربه من فمه.
قال بابتسامة مرحبة:
يبدو عددكم كبير من مكاني هنا، أتمنى أن يتسع البوفيه للعدد الكبير الذي أراه من مكاني هذا.
داعب رئيس المؤتمر بهذه الكلمات الجمهور، الذين بدورهم ضحكوا بصوت عالٍ، وبمجرد أن استعادة القاعة بعض الهدوء، استأنف إلقاء كلمته.
جلس ديفيد مكانه وحاول الابتسام، ارتسمت على ملامح وجه الوسيم ابتسامة جامدة، وأخذ يزفر بعمق، متمنياً الانتهاء من هذا المؤتمر في أسرع وقت، لكي يقوم بإنهاء مهمته، بخصوص هذه الفتاة.
لمح ديفيد بطرف عينيه الساعة المعلقة على الحائط، تخبر الحضور بطريقة غير مباشرة، أن وقت الندوة شارف على الانتهاء، ثم دارت الأفكار داخل رأس ديفيد، وفكر في مشكلته.
تنهد ديفيد كثيرًا، وقال لنفسه أن الحل الآن هو تمرين التنفس الذي مارسه بنفسه كثيرًا، ليشعر بالهدوء، ثلاث ثوان، ثم سحب أنفاسه، وثانيتين، ثم أطلق أنفاسه، كرر هذه العملية مرات عديدة، ثم بعد ثلاثين دقيقة، انتهى المؤتمر تحت تصفيق الحضور.
خرج الجميع بابتسامات على وجوههم، شعر ديفيد بالسعادة والارتياح بعد أن أنهى هذا المؤتمر التافه.
اقترب منه صديقه الذي قطع شروده وقال:
ابتسم قليلًا يا صديقي وكفى عبوس، أوضاع الشركة سوف تستقر، ولن تضطر إلى اللجوء إلى البنك.
نظر إليه في صمت للحظات، وقال لنفسه "حتى هذه اللحظة يا صديقي لا تعلم طبيعة عملي الحقيقية، وأن عملي في شركة العائلة، مجرد تمويه لعملي الحقيقي."
قال له بهدوء:
إنها ليست مشكلة واحدة، بل هناك مجموعة مشكلات في العمل ومشاكل في المنزل، وختمت بهذه الندوة.
رد عليه بابتسامة هادئة :
يبدو أنك تبالغ في خوفك من المستقبل، هل حصلت على مدبرة المنزل أم لا؟
هز رأسه نافيًا ثم قال:
لا لم أجد أحدًا مناسبًا، تحت هذه الظروف، الشركة تحتاج كل وقتي، أشعر بالغضب الشديد على إضاعة وقتي في مقابلات عمل خاسرة.
-سوف تحل قريبًا يا صديقي، وستجد الفتاة المناسبة للعمل معك في المنزل، سأتركك يا ديفيد لكي ألحق بالطائرة.
خرج ديفيد أيضًا من المبنى، وفاجأته فتاة كانت تقف بالقرب من سيارته، ثم أسرع بخطواته نحو السيارة.
صُدم عندما تم تعرف على ملامح الفتاة، أنها الفتاة المرغوبة التي كلف بمراقبتها، تقف أمامه وبدون معاناة منه في ترتيب لقاء بينهما.
كانت أوريلا تمشي بخطوات عازمة مصرة، باتجاه سيارة جون، فهي لم ترد الاتصال به وتحديد مكان للقاء، وأيضًا لم ترد الذهاب إلى منزله.
في نهاية المطاف، وبعد وقت طويل من التفكير، تحركت نحو المبنى، ونظرت إلى موقف السيارات الخاص بالمنطقة، حيث يركن جون سيارته أثناء قدومه إلى العمل، من مكانها رأت اللون المميز لسيارته.
تنهدت بحزن وهي تنظر إلى الخاتم بإصبعها، نظرت إلى الخاتم بحزن، وخلعته بأصابعها المرتجفة، وعيناها مظلمة بالدموع.
قالت بخفوت:
أخيرًا، خلعت خاتم الخطوبة.
ابتسمت أوريلا وقالت لنفسها "إنه دائمًا ملتزم بمواعيد العمل، فهو يقدس الدَّقَّة في المواعيد والنظام."
ثم تحركت بغضب، حتى كانت على مسافة قريبة من السيارة، ووقفت بلا حراك بالقرب من الباب، وبحركة غاضبة أمسكت مقبض الباب بشكل أعمى، دخلت وأغلقت الباب بقوة.
وقالت بغضب:
لقد وصلت إلى نهاية الطريق، لا أحد يستطيع أن يقول إنني لم أحاول إرضاء الجميع، بداية منك يا جون، حتى والداتك مريان.
سمعت أوريلا الباب يفتح من تجاهها، ولكنها فضلت عدم الالتفات والنظر إليه، شعرت بتردده قبل أن يدخل السيارة ويغلق الباب من خلفه.
قالت لنفسها "لا بد أنه صُعِق وصدم لرؤيتي، بالطبع صدمته المفاجأة، ولهذا لم ينطق بكلمة واحدة، ينبغي لي أن أسرع في الكلام، قبل أن يبدأ بالمرافعة، ويقول إنني مخطئة."
واصلت النظر من النافذة، كان ذلك أسهل من مواجهته، ورؤية ملامحه، ودون أن تنطق بكلمة واحدة، وضعت الخاتم أمام المقود، أمامه مباشرة ودون أن تلتقي العيون، ثم استدارت تحدق في الشارع عبر النافذة المجاورة لها.
كانت تقاوم بشدة للسيطرة على عواطفها، كانت ستشعر بالخوف إذا نظرت إلى عينيه، كانت تخشى الاستسلام والعودة لما قررت فعله، حاولت التحدث بسرعة، لكن لسانها كان مقيدًا.
حدثت نفسها أنها يجب أن تتحدث، ارتسمت نظرة مؤلمة على وجهها وهي تقول بصوت حزين:
أنا آسفة يا جون، سوف أعيد لك خاتمك، لن أرتديه مرة ثانية، ولن أتزوجك هذا الأسبوع أو الأسبوع القادم أو في أي وقت آخر، لقد أنهيت هذه العِلاقة المريضة.
وعندما التزم الصمت، انفعلت أوريلا، ثم قالت بحدة:
أنا أريد الانتهاء من هذه الخِطْبَة إلى الأبد.
ثم قررت أن تلجأ إلى الإهانة، حتى لا تشعر بالضعف تجاهه، ويجعلها تغير قرارها.
فقالت له:
أنت لست رجلاً جون، أنت مجرد فأر صغير قبيح، أنتَ ضعيف جدًا، أنت مجرد طفل صغير يعتمد على أمه، وقد ربطتك والدتك بها، ولن تسمح لك بالرحيل أبدًا.
ولن تجعلك تعتمد على نفسك في أي قرار، مريان تتحكم فيك، وتتحكم في كل أفعالك، وقراراتك، إنها والدتك جون، وليست أمي لكي أتقبل أفعالها الدنيئة، سأكون ملعونة إذا قبلت هذا الوضع.
في البداية كنت أحاول التصالح مع الأمر، لكن ما حدث هذا اليوم، وهذا الصباح كان أمرًا لا يغتفر، والدتك مريضة وأنت مريض أيضًا يا جون لتقبل هذا.
لا أعتقد أن مريان سوف تتركك، كل شيء تفعله في حياتك والدتك هي التي تقوم بالتفكير فيه، هي تفكر وتقرر، وأنت تنفذ كلامها كالأعمى دون تفكير، وأنا كالغبية كنت أصدق أن هذه أفكارك أنت.
ولكني اكتشفت متأخرة أن مريان هي العقل المدبر في أي قرار.
ثم هتفت صارخة وهي ما زالت تنظر إلى الطريق:
لقد سمعت اعتراف مريان، وهي تكلم صديقتها عنك، وعني، وأنها هي المدبرة لكي شيء.
وما زاد الوضع سوءًا؛ أنها قالت أنها ستجعلك تضغط عليَّ، وتقنعني بالتنازل عن فكرة العمل، وأتفرغ لكي أنجب لك الأطفال.
هل تعلم ما الذي يحزنني يا جون، وجعلني اتخذ هذا القرار، بفسخ هذه الخِطْبَة؟ أنك توافق والدتك على كل أفعالها المريضة.
وعندما طال صمت جون وعدم اعتراضه على تقول من كلام، ابتسمت ساخرة ثم قالت:
تشعر بالصدمة من كلامي، لم تتوقع أن أعرف هذه الحقيقة السوداء، بخصوص خطط مريان بخصوص، وإنها فقط تريد مجرد طفل، ثم لاحقاً تجعلك تطلقني.
تطلق هذه اللقيطة تربية الملاجئ، مريان والدتك إنها دراكولا، مصاصة دماء، طفيلية تعيش على حياة الآخرين، تريد العيش على حساب حياتي أنا، تريد هدمي والتخلص مني.
اختنقت أوريلا، وامتلأت عيناها بالدموع، ثم أكملت قائلة:
أنا سأغادر في الصباح هذه المدينة، ولن أخبرك إلى أين أنا ذاهبة، لا أستطيع أن أخبرك حتى لو أريد، أنا لا أعرف حتى الآن أين سوف أذهب؟
لكني متيقِّنة من شيء واحد سوف أحصل على وظيفة، وعلى حياة جديدة في مدينة أخرى ومكان آخر، مكان ما لن أراك فيه مرة أخرى.
صمتت أوريلا ثم تنهدت بألم، وهي تقول:
لماذا يا جون فعلت هذا، كيف لم تعترض على أفعالها، كيف التزمت الصمت، وتركتها تفعل هذا بنا؟
ألم تشعر بالخجل من نفسك؟ وأنت تمشي وراءها كالمغيب في كل كلمة تقولها لك، لكن أنت مجرد طفل في جسد رجل، ما زال يتشبث بذيل أمه، لا يستطيع الاعتماد على نفسه أو قول كلمة لا لها.
ما حدث، والسكن معك، ومع والدتك في المنزل نفسه، كان نعمة بالنسبة إلي، اكتشفت أشياء كثيرة وعيوب لن أستطيع قبولها، الخلاصة وفي النهاية أنك يا جون ابن أمك، مجرد طفل، حسنًا ياجون، أليس لديك أي شيء لتقوله؟
-لا شيء حقًا، إلا أنك رائعة يا فتاة، وأنتِ في هذه حالة المزاجية، ثم تجولت نظراته على شعرها النحاسي اللامع، وقال:
شعرك يخبرني أن طباعك نارية جدًا جداً.
اتسعت عيون أوريلا بصدمة، وعيناها المذهولتان تلتقيان بنظرة شخص غريب تمامًا، لم تره قبل هذا اليوم.
هتفت أوريلا بصوت حاد:
من أنتَ يا هذا؟ ولماذا أنتَ هنا في سيارة جون؟ أكيد أنكَ لص، إذ لم تخرج من السيارة سوف أنادي الشرطي يقبض عليك بتهمة السرقة.
ضحك بنبرة موسيقية رنانة وهو يقول:
حسنًا الحمد لله، أنا لست فأر صغير قبيح معدوم الملامح، اسمي ديفيد، وأنت ما اسمك؟
تجاهلت أوريلا السؤال، وقالت بحدة:
ماذا تفعل في هذه السيارة؟ أخرج أيها اللص قبل أن أنادي الشرطي.
ضحك ديفيد، ثم قال بلهجة مرحة:
بالنسبة إلى شخص بحجمك، ضئيلة لم تتجاوز المترين، فأنتِ جيدة في إعطاء الأوامر يا فتاة، وأيضا لسانك كالمبرد، يا مجهولة الاسم حتى الآن، أنا لن أخرج من السيارة.
هتفت في وجهه منفعلة:
هذه السيارة ليست لك يا لص، إنها ملك جون وأنا خطيبته، أخرج الآن.
اتسعت ابتسامته، مظهرة أسنان بيضاء لامعة ثم قال:
كنت خطيبته عزيزتي، تقصدين خطيبة في خبر كان.
ثم أردف بلهجة يشوبها بعض من السخرية:
أخشى أنك كنتِ في مزاج سيئ، لدرجة أنك لم تتحققِ السيارة الصحيحة.
انظري قليلًا خلفك مباشرة، سوف ترى سيارة من نفس اللون والنوع، وربما تلك السيارة تعود لجون، ثم أكمل بنبرة مرحة خطيبك سابقاً.
عندما رأت سيارة جون، غاصت أوريلا في مقعدها، وهي تدرك برعب أن هذا الرجل قد قال الحقيقة، وشعرت بغضب مكتوم وهي ترى وجهه الضاحك المبتسم.
بدا مستمتع في كل لحظة يقضيها معها، كأنه يشاهد فيلم كوميدي هزلي من بطولتها هي، هذا الموقف يجعله يشعر بالمتعة، نظرت إلى ملامح وجهه بغيظ.
ثم هزت أوريلا كتفيه، في محاولة منها ادعاء المبالاة، وزمت على شفتيها، لأنه لم يكن أمامها سوى الاعتذار، فهي أخطأت في حقه، وقامت بإهانته، ولذلك يجب أن تتأسف له، والخروج من هذا الوضع ببعض الكرامة.
قالت له بلهجة خافتة معتذرة:
أنا آسفة للغاية، آسفة جدًا يا سيد، لقد نسيت اسمك.
قال لها بهدوء:
ديفيد، اسمي ديفيد.
حدقت أوريلا بوجهه ثم قالت بلهجة مهذبة باردة:
أنا آسفة إذا سببت لك أي إزعاج يا سيد ديفيد.
قال لها بابتسامة واسعة:
لا تعتذري، لقد وجدت أن أداءك ممتع إلى حد بعيد، لم أكن لأفلت هذا العرض الممتع.
ليس كل يوم أجد جمال طويل الأرجل ينتظرني في سيارتي، لقد جعلت يومي هذا ممتع، لقد كسرتِ بسلوكك هذا ملل اليوم.
ثم ضحك وهو يكمل:
أنا لا أقابل كل يوم بإعلان فسخ خطبة.
وقال لنفسه "وأيضًا تكون مهمتي سهلة مثل هذه، هذا يوم جيد بالنسبة إلي، لقد سهلت عليَّ الأمر كثيرًا يا فتاة، ماذا أفعل معك الآن؟ لقد وجدتها"
ثم صفق ديفيد بكلتي يديه وقال:
مشهد أكثر من رائع، كان ممتعاً بالنسبة إلي، ولا سيما تشبيهاتك لخطيبك، أقصد خطيبك السابق.
ضغطت على شفتيها، فهي في هذه اللحظة تريد ضرب رأسه في مقود سيارته، بسبب لسانه السليط، ردت عليه بلهجة منفعلة:
أنتَ لا تطاق.
وعندما رأت نظراته المسلطة على تنورتها القصيرة، قالت له، وهي تشد على تنورتها القصيرة:
أبعد عيونك عن ساقي إياه المتحرش، معدوم التربية والأخلاق.
غمز بإحدى عينيه لها وقال:
ليس هناك قانون واحد يعاقب الرجل على النظر.
وهو يتكلم آخذ يتجول بنظراته على ساقيها، ثم أردف قائلا باستمتاع:
المرة القادمة لا ترتدي تنورة قصيرة، إلا إذا كنتِ تحبين هذه النظرات، عن نفسي أنا لا أمانع إلى النظر لهذه السيقان الجميلة.
ردت عليه بانفعال:
أنت شخص لا تطاق، ولا شأن لك أرتدي تنورة قصيرة أم لا.
ثم همت بالخروج من سيارة ليو، نسيت تمامًا أن سيارة جون خلفهم مباشرة.
نظر ليو في مرآة السيارة الخلفية، ثم قطع خروجها وهو يقول:
أرى جون وهو يقترب من السيارة، إذا كنتِ تريدين اللقاء معه في هذه اللحظة وفسخ الخطبة، اخرجي الآن، ولكن عن نفسي أنصحك بتأجيل هذا اللقاء في وقت لاحق، لأن ما رأيت من أداء لك هنا، كان ضعيفًا جدًا.
قال كلامه هذا بسخرية وأردف مكملاً:
أنتِ تحتاجين إلى المزيد من التدريب والإقناع، يجب أن تتدربِ جيدًا، وأنا واثق من أن المشهد الثاني لفسخ الخطبة سوف يكون أكثر حيوية وإثارة.
لم تركز في كلامه جيدًا، فهي عندما رأت جون، شعرت بالتعرق في جميع أنحاء جسدها، توترت وخافت، واختنقت الكلمات في حلقها، أصيبت أوريلا بالذعر.
لن تستطع مواجهة جون في هذه اللحظة، فهي يكفيها إعلان واحد لفسخ الخطبة، هي وضعت كل شعورها في هذه اللحظة، وشعرت أنها مستنزفة كليًا، ولا تقدر على مواجهة ثانية.
كان سيئًا بما يكفي أن تقول كل هذه الأشياء، عندما كانت في حالة من الغضب الشديد.
لكنها بعد لحظات من التفكير، قالت لنفسها "جون لا يستحق هذا، ولكن يجب أن أتحدث معه في وقت آخر، حتى لا أنفعل عليه أو أقوم بإهانته، لأنني في هذه اللحظة غاضبة، وإذا خرجت لملاقاة جون الآن، احتمال أن يصل الموقف إلى شجار."
قالت لها بسرعة:
أرجوك يا ديفيد، أخرجني من هنا الآن، تحرك بالسيارة أرجوك، لو سمحت، لا أستطيع مواجهته الآن.
قال لها بابتسامة خبيثة:
سأفعل إذا أخبرتني باسمك، حتى هذا الوقت لا أعلم اسمك يا نارية الشعر.
لم تبالي بكلامه، وأردفت متوسلة له:
أوريلا، أسمي أوريلا، من فضلك أسرع بالتحرك بالسيارة، واجعلنا نخرج من هذا المكان، قبل أن يراني.
رد عليها بلهجة مرحة:
حسنا، أوريلا، انحنى أسفل لوحة القيادة، حتى لا يتعرف إليك أوريلا عندما أمر بجانبه.
شغل السيارة ثم انطلق، قاد سيارته عبر الشارع الذي توجد به شركة جون حتى خرج من هذه المنطقة تمامًا، وبعد قيادته لفترة من الوقت، وعندما ابتعد تماما، بحث عن مكان لإيقاف سيارته، وعندما وجد هذا المكان توقف والتزم الصمت.
قالت أوريلا بصوت مكتوم، فهي كانت تكتم بكاءها صعوبة:
شكراً يا ليو.
رد عليها بلهجة هادئة:
العفو.
انتظرها أن تقوم بفتح الباب لكي تخرج من السيارة، ولكن الصمت التام هو الذي حصل عليه منها، ثم سمع صوت بكاء مكتوم صادرًا منها، أنتظرها ديفيد في صمت، حتى أنهت بكائها.
قال لها بهدوء:
هل معك منديل؟ أم أقوم بإقراضك منديلاً من عندي، لن أطالبك في المستقبل به أو بثمنه، فأنا شخص كريم جدًا يا فتاة.
في التوقيت نفسه في منزل ديانا، استيقظت من نومها، لمست يداها ظرفًا أبيض صغيرًا، وبمجرد رؤيتها ما بالداخل، صرخت ديانا:
لن أتركك غرين، إذا لمست شعرة واحدة من رأسها، سوف أقتلك.
دلفت الخادمة في الحال، وهي تقول بسرعة:
هناك مصيبة سيدتي.
قالت بحدة:
تحدثي يا فتاة بسرعة.
قالت الخادمة بنبرة سريعة:
الكعكة التي قمت بإعدادها، تمت سرقتها.
هتفت ديانا:
ماذا تقولين؟ هل جننت يا امرأة؟ من المجنون الذي سوف يسرق كعكة.
ردت الخادمة:
لقد قمت بمراجعة الكاميرات، ووجدنا شخصا يتسلل إلى الداخل، وقام بسرقة الكعكة.
صمتت ديانا للحظات قبل أن تقول:
انصرفي.
سألت الخادمة:
هل أبلغ الشرطة؟
هتفت ديانا:
لا، أنسى ما حدث.
وعندما انصرفت الخادمة، قالت ديانا:
لم تنس الماضي على الرغْم مرور كل هذه السنوات، ستكون هذه الثغرة للوصول إليك، سوف أجعلك تعاني، نهايتك ستكون على يدي.
زفر بعمق عندما رأى علبة المخدر، ثم قال:
للأسف لم يحدث ما أريد، سأعوض زيارتي في يوم آخر.
هبط الدرج، وفي المنتصف توقف، أنفه أدركت هذه الرائحة، التي اعتادها عندما كان صغيرًا.
تنهد وهو يقول:
لقد اشتقت إليها.
فتح باب المؤدي إلى المطبخ، أخذ نفسًا عميقًا، يتلذذ من تلك الرائحة التي طال اشتياقه لها.
نظر بعينيه حتى وجد هذه الكعكة المميزة، برائحة البرتقال، لمعت عيناه بالحزن، ثم قال:
مهمًا مر من زمن، هناك أشياء لا تتغير أمي، إعداد هذه الكعكة بيدك كل يوم أحد.
مَدّ يديه لتناول قطعة فقط، ولكن بمجرد أن تناول أول قضمة، دمعت عينيه.
قال غرين:
نفس الطعم والرائحة نفسها، ولكن بدوني، لن أتركها لكِ، لن أتركك تستمعين بتناولها.
حملها غرين بين يديه، كأنها كنز ثمين، خرج من المنزل وبالقرب من البحيرة الخاصة بمنزله، جلس على الحافة.
قال بألم:
حان الوقت لتناول هذه الكعكة الشهية.
ومع كل قضمة يتناولها، تتساقط دمعة من عينيه في صمت.
عند أوريلا.
يجب الهروب والانتهاء من هذه العَلاقة، المحكوم عليها بالفشل الذريع، وقالت بغضب:
لا أستطيع المحاربة في عَلاقة فاشلة، أنا كنت أريد حفل زفاف هادئ كما خططت أنا وجون، لكن هذا الوضع والكلام لم يعجب السيدة مريان.
هي ارادت عمل حفلة زفاف كبيرة فاخرة، تليق بالمدعوين من مُديرون الشركة التي يعمل فيها جون.
امتعض وجه أوريلا، وهي تتذكر كل ما حدث من تدخل السيدة مريان في حياتها، في البداية كانت تحاول تقبل هذا، وتعتقد أن ما تفعله مريان عبارة حب، حسنًا، ولكن السيدة مريان كانت دائمًا تفعل ما تريد، ولا تبالي بأي رأي آخر سوى رأيها.
فكرت أوريلا بمرارة، وقالت لنفسها "ألا تفعل السيدة مريان ما تريده في نهاية الأمر؟"
تنهدت بعمق وهي تقول لنفسها، "ما فائدة العودة إلى الوراء، والتفكير في فشلي، ونهاية علاقة تمنيت أن تكون ناجحة، ولكن ليس كل ما يتمناه المرء يستطيع الحصول عليه؟"
وفي داخل غرفة الفندق جلست أوريلا على الفراش، وهي تشعر بالبؤس بسبب حظها في هذه الحياة، عندما قالت إن الحياة سوف تبتسم لها، حدث العكس وتحولت الابتسامة إلى تكشيرة مرعبة.
أخذت أوريلا عدة أنفاس متتالية، تحاول التفكير باستقامة، وبعد وقت طويل من التفكير، توصلت إلى قرار واحد، وهو أن علاقتها مع جون يجب أن تنتهي ولا مجال للعودة.
قطع شرودها رنين هاتفها، لم تلقي نظرة واحدة على الهاتف لكي ترى المتصل، لأن هناك شخص واحدًا مسجلاً على هاتفها وهو جون، تجاهلت الرنين ونامت على الفراش، ثم وضعت الوسادة ضاغطة إياها فوق رأسها، وانهمرت دموعها في صمت.
عندما استعادت ذاتها قررت مقابلة جون، وإعطاء خاتمة له، من حقه أن يعرف سبب اختفائها، وسبب فسخها لهذه الخِطْبَة.
وفي مكان آخر.
بدأ المؤتمر متأخرًا عن وقته، نص ساعة وفي تمام الساعة الثامنة اتخذ الجميع مكانهم، المقاعد كان يشغلها مجموعة من نخبة رجال الأعمال.
تنفس ديفيد بعمق، وقال لنفسه "إنه ليس من المفترض أن أتواجد هنا، ولكنها أوامر الرئيس ويجب تنفيذها"
ثم أخذ ينظر إلى الحضور بنظرات ثاقبة، ثم صعد على
المنصة، كان رجل أنيقًا بقامة فارعة، منكبين عريضين، أمسك بيمينه ميكروفون، ثم ابتسم إلى الحضور.
تنحنح ديفيد قبل أن إلقاء التحية على الحضور، ثم شرع في إلقاء مقدمة عن طبيعة هذه الندوة، ونبذةً عن مجموعة شركات صغار رجال الأعمال، وكيف بأقل تكلفة تقوم بعمل مشروعك الخاص.
وعندما انتهى من المحاضرة، جاء دور رئيس الندوة ليلقي الكلمة الختامية، هبط ديفيد الدرجات الأربع بخطوات متزنة، وصافح الرئيس الذي صعد مباشرة، وتناول الميكروفون ثم قربه من فمه.
قال بابتسامة مرحبة:
يبدو عددكم كبير من مكاني هنا، أتمنى أن يتسع البوفيه للعدد الكبير الذي أراه من مكاني هذا.
داعب رئيس المؤتمر بهذه الكلمات الجمهور، الذين بدورهم ضحكوا بصوت عالٍ، وبمجرد أن استعادة القاعة بعض الهدوء، استأنف إلقاء كلمته.
جلس ديفيد مكانه وحاول الابتسام، ارتسمت على ملامح وجه الوسيم ابتسامة جامدة، وأخذ يزفر بعمق، متمنياً الانتهاء من هذا المؤتمر في أسرع وقت، لكي يقوم بإنهاء مهمته، بخصوص هذه الفتاة.
لمح ديفيد بطرف عينيه الساعة المعلقة على الحائط، تخبر الحضور بطريقة غير مباشرة، أن وقت الندوة شارف على الانتهاء، ثم دارت الأفكار داخل رأس ديفيد، وفكر في مشكلته.
تنهد ديفيد كثيرًا، وقال لنفسه أن الحل الآن هو تمرين التنفس الذي مارسه بنفسه كثيرًا، ليشعر بالهدوء، ثلاث ثوان، ثم سحب أنفاسه، وثانيتين، ثم أطلق أنفاسه، كرر هذه العملية مرات عديدة، ثم بعد ثلاثين دقيقة، انتهى المؤتمر تحت تصفيق الحضور.
خرج الجميع بابتسامات على وجوههم، شعر ديفيد بالسعادة والارتياح بعد أن أنهى هذا المؤتمر التافه.
اقترب منه صديقه الذي قطع شروده وقال:
ابتسم قليلًا يا صديقي وكفى عبوس، أوضاع الشركة سوف تستقر، ولن تضطر إلى اللجوء إلى البنك.
نظر إليه في صمت للحظات، وقال لنفسه "حتى هذه اللحظة يا صديقي لا تعلم طبيعة عملي الحقيقية، وأن عملي في شركة العائلة، مجرد تمويه لعملي الحقيقي."
قال له بهدوء:
إنها ليست مشكلة واحدة، بل هناك مجموعة مشكلات في العمل ومشاكل في المنزل، وختمت بهذه الندوة.
رد عليه بابتسامة هادئة :
يبدو أنك تبالغ في خوفك من المستقبل، هل حصلت على مدبرة المنزل أم لا؟
هز رأسه نافيًا ثم قال:
لا لم أجد أحدًا مناسبًا، تحت هذه الظروف، الشركة تحتاج كل وقتي، أشعر بالغضب الشديد على إضاعة وقتي في مقابلات عمل خاسرة.
-سوف تحل قريبًا يا صديقي، وستجد الفتاة المناسبة للعمل معك في المنزل، سأتركك يا ديفيد لكي ألحق بالطائرة.
خرج ديفيد أيضًا من المبنى، وفاجأته فتاة كانت تقف بالقرب من سيارته، ثم أسرع بخطواته نحو السيارة.
صُدم عندما تم تعرف على ملامح الفتاة، أنها الفتاة المرغوبة التي كلف بمراقبتها، تقف أمامه وبدون معاناة منه في ترتيب لقاء بينهما.
كانت أوريلا تمشي بخطوات عازمة مصرة، باتجاه سيارة جون، فهي لم ترد الاتصال به وتحديد مكان للقاء، وأيضًا لم ترد الذهاب إلى منزله.
في نهاية المطاف، وبعد وقت طويل من التفكير، تحركت نحو المبنى، ونظرت إلى موقف السيارات الخاص بالمنطقة، حيث يركن جون سيارته أثناء قدومه إلى العمل، من مكانها رأت اللون المميز لسيارته.
تنهدت بحزن وهي تنظر إلى الخاتم بإصبعها، نظرت إلى الخاتم بحزن، وخلعته بأصابعها المرتجفة، وعيناها مظلمة بالدموع.
قالت بخفوت:
أخيرًا، خلعت خاتم الخطوبة.
ابتسمت أوريلا وقالت لنفسها "إنه دائمًا ملتزم بمواعيد العمل، فهو يقدس الدَّقَّة في المواعيد والنظام."
ثم تحركت بغضب، حتى كانت على مسافة قريبة من السيارة، ووقفت بلا حراك بالقرب من الباب، وبحركة غاضبة أمسكت مقبض الباب بشكل أعمى، دخلت وأغلقت الباب بقوة.
وقالت بغضب:
لقد وصلت إلى نهاية الطريق، لا أحد يستطيع أن يقول إنني لم أحاول إرضاء الجميع، بداية منك يا جون، حتى والداتك مريان.
سمعت أوريلا الباب يفتح من تجاهها، ولكنها فضلت عدم الالتفات والنظر إليه، شعرت بتردده قبل أن يدخل السيارة ويغلق الباب من خلفه.
قالت لنفسها "لا بد أنه صُعِق وصدم لرؤيتي، بالطبع صدمته المفاجأة، ولهذا لم ينطق بكلمة واحدة، ينبغي لي أن أسرع في الكلام، قبل أن يبدأ بالمرافعة، ويقول إنني مخطئة."
واصلت النظر من النافذة، كان ذلك أسهل من مواجهته، ورؤية ملامحه، ودون أن تنطق بكلمة واحدة، وضعت الخاتم أمام المقود، أمامه مباشرة ودون أن تلتقي العيون، ثم استدارت تحدق في الشارع عبر النافذة المجاورة لها.
كانت تقاوم بشدة للسيطرة على عواطفها، كانت ستشعر بالخوف إذا نظرت إلى عينيه، كانت تخشى الاستسلام والعودة لما قررت فعله، حاولت التحدث بسرعة، لكن لسانها كان مقيدًا.
حدثت نفسها أنها يجب أن تتحدث، ارتسمت نظرة مؤلمة على وجهها وهي تقول بصوت حزين:
أنا آسفة يا جون، سوف أعيد لك خاتمك، لن أرتديه مرة ثانية، ولن أتزوجك هذا الأسبوع أو الأسبوع القادم أو في أي وقت آخر، لقد أنهيت هذه العِلاقة المريضة.
وعندما التزم الصمت، انفعلت أوريلا، ثم قالت بحدة:
أنا أريد الانتهاء من هذه الخِطْبَة إلى الأبد.
ثم قررت أن تلجأ إلى الإهانة، حتى لا تشعر بالضعف تجاهه، ويجعلها تغير قرارها.
فقالت له:
أنت لست رجلاً جون، أنت مجرد فأر صغير قبيح، أنتَ ضعيف جدًا، أنت مجرد طفل صغير يعتمد على أمه، وقد ربطتك والدتك بها، ولن تسمح لك بالرحيل أبدًا.
ولن تجعلك تعتمد على نفسك في أي قرار، مريان تتحكم فيك، وتتحكم في كل أفعالك، وقراراتك، إنها والدتك جون، وليست أمي لكي أتقبل أفعالها الدنيئة، سأكون ملعونة إذا قبلت هذا الوضع.
في البداية كنت أحاول التصالح مع الأمر، لكن ما حدث هذا اليوم، وهذا الصباح كان أمرًا لا يغتفر، والدتك مريضة وأنت مريض أيضًا يا جون لتقبل هذا.
لا أعتقد أن مريان سوف تتركك، كل شيء تفعله في حياتك والدتك هي التي تقوم بالتفكير فيه، هي تفكر وتقرر، وأنت تنفذ كلامها كالأعمى دون تفكير، وأنا كالغبية كنت أصدق أن هذه أفكارك أنت.
ولكني اكتشفت متأخرة أن مريان هي العقل المدبر في أي قرار.
ثم هتفت صارخة وهي ما زالت تنظر إلى الطريق:
لقد سمعت اعتراف مريان، وهي تكلم صديقتها عنك، وعني، وأنها هي المدبرة لكي شيء.
وما زاد الوضع سوءًا؛ أنها قالت أنها ستجعلك تضغط عليَّ، وتقنعني بالتنازل عن فكرة العمل، وأتفرغ لكي أنجب لك الأطفال.
هل تعلم ما الذي يحزنني يا جون، وجعلني اتخذ هذا القرار، بفسخ هذه الخِطْبَة؟ أنك توافق والدتك على كل أفعالها المريضة.
وعندما طال صمت جون وعدم اعتراضه على تقول من كلام، ابتسمت ساخرة ثم قالت:
تشعر بالصدمة من كلامي، لم تتوقع أن أعرف هذه الحقيقة السوداء، بخصوص خطط مريان بخصوص، وإنها فقط تريد مجرد طفل، ثم لاحقاً تجعلك تطلقني.
تطلق هذه اللقيطة تربية الملاجئ، مريان والدتك إنها دراكولا، مصاصة دماء، طفيلية تعيش على حياة الآخرين، تريد العيش على حساب حياتي أنا، تريد هدمي والتخلص مني.
اختنقت أوريلا، وامتلأت عيناها بالدموع، ثم أكملت قائلة:
أنا سأغادر في الصباح هذه المدينة، ولن أخبرك إلى أين أنا ذاهبة، لا أستطيع أن أخبرك حتى لو أريد، أنا لا أعرف حتى الآن أين سوف أذهب؟
لكني متيقِّنة من شيء واحد سوف أحصل على وظيفة، وعلى حياة جديدة في مدينة أخرى ومكان آخر، مكان ما لن أراك فيه مرة أخرى.
صمتت أوريلا ثم تنهدت بألم، وهي تقول:
لماذا يا جون فعلت هذا، كيف لم تعترض على أفعالها، كيف التزمت الصمت، وتركتها تفعل هذا بنا؟
ألم تشعر بالخجل من نفسك؟ وأنت تمشي وراءها كالمغيب في كل كلمة تقولها لك، لكن أنت مجرد طفل في جسد رجل، ما زال يتشبث بذيل أمه، لا يستطيع الاعتماد على نفسه أو قول كلمة لا لها.
ما حدث، والسكن معك، ومع والدتك في المنزل نفسه، كان نعمة بالنسبة إلي، اكتشفت أشياء كثيرة وعيوب لن أستطيع قبولها، الخلاصة وفي النهاية أنك يا جون ابن أمك، مجرد طفل، حسنًا ياجون، أليس لديك أي شيء لتقوله؟
-لا شيء حقًا، إلا أنك رائعة يا فتاة، وأنتِ في هذه حالة المزاجية، ثم تجولت نظراته على شعرها النحاسي اللامع، وقال:
شعرك يخبرني أن طباعك نارية جدًا جداً.
اتسعت عيون أوريلا بصدمة، وعيناها المذهولتان تلتقيان بنظرة شخص غريب تمامًا، لم تره قبل هذا اليوم.
هتفت أوريلا بصوت حاد:
من أنتَ يا هذا؟ ولماذا أنتَ هنا في سيارة جون؟ أكيد أنكَ لص، إذ لم تخرج من السيارة سوف أنادي الشرطي يقبض عليك بتهمة السرقة.
ضحك بنبرة موسيقية رنانة وهو يقول:
حسنًا الحمد لله، أنا لست فأر صغير قبيح معدوم الملامح، اسمي ديفيد، وأنت ما اسمك؟
تجاهلت أوريلا السؤال، وقالت بحدة:
ماذا تفعل في هذه السيارة؟ أخرج أيها اللص قبل أن أنادي الشرطي.
ضحك ديفيد، ثم قال بلهجة مرحة:
بالنسبة إلى شخص بحجمك، ضئيلة لم تتجاوز المترين، فأنتِ جيدة في إعطاء الأوامر يا فتاة، وأيضا لسانك كالمبرد، يا مجهولة الاسم حتى الآن، أنا لن أخرج من السيارة.
هتفت في وجهه منفعلة:
هذه السيارة ليست لك يا لص، إنها ملك جون وأنا خطيبته، أخرج الآن.
اتسعت ابتسامته، مظهرة أسنان بيضاء لامعة ثم قال:
كنت خطيبته عزيزتي، تقصدين خطيبة في خبر كان.
ثم أردف بلهجة يشوبها بعض من السخرية:
أخشى أنك كنتِ في مزاج سيئ، لدرجة أنك لم تتحققِ السيارة الصحيحة.
انظري قليلًا خلفك مباشرة، سوف ترى سيارة من نفس اللون والنوع، وربما تلك السيارة تعود لجون، ثم أكمل بنبرة مرحة خطيبك سابقاً.
عندما رأت سيارة جون، غاصت أوريلا في مقعدها، وهي تدرك برعب أن هذا الرجل قد قال الحقيقة، وشعرت بغضب مكتوم وهي ترى وجهه الضاحك المبتسم.
بدا مستمتع في كل لحظة يقضيها معها، كأنه يشاهد فيلم كوميدي هزلي من بطولتها هي، هذا الموقف يجعله يشعر بالمتعة، نظرت إلى ملامح وجهه بغيظ.
ثم هزت أوريلا كتفيه، في محاولة منها ادعاء المبالاة، وزمت على شفتيها، لأنه لم يكن أمامها سوى الاعتذار، فهي أخطأت في حقه، وقامت بإهانته، ولذلك يجب أن تتأسف له، والخروج من هذا الوضع ببعض الكرامة.
قالت له بلهجة خافتة معتذرة:
أنا آسفة للغاية، آسفة جدًا يا سيد، لقد نسيت اسمك.
قال لها بهدوء:
ديفيد، اسمي ديفيد.
حدقت أوريلا بوجهه ثم قالت بلهجة مهذبة باردة:
أنا آسفة إذا سببت لك أي إزعاج يا سيد ديفيد.
قال لها بابتسامة واسعة:
لا تعتذري، لقد وجدت أن أداءك ممتع إلى حد بعيد، لم أكن لأفلت هذا العرض الممتع.
ليس كل يوم أجد جمال طويل الأرجل ينتظرني في سيارتي، لقد جعلت يومي هذا ممتع، لقد كسرتِ بسلوكك هذا ملل اليوم.
ثم ضحك وهو يكمل:
أنا لا أقابل كل يوم بإعلان فسخ خطبة.
وقال لنفسه "وأيضًا تكون مهمتي سهلة مثل هذه، هذا يوم جيد بالنسبة إلي، لقد سهلت عليَّ الأمر كثيرًا يا فتاة، ماذا أفعل معك الآن؟ لقد وجدتها"
ثم صفق ديفيد بكلتي يديه وقال:
مشهد أكثر من رائع، كان ممتعاً بالنسبة إلي، ولا سيما تشبيهاتك لخطيبك، أقصد خطيبك السابق.
ضغطت على شفتيها، فهي في هذه اللحظة تريد ضرب رأسه في مقود سيارته، بسبب لسانه السليط، ردت عليه بلهجة منفعلة:
أنتَ لا تطاق.
وعندما رأت نظراته المسلطة على تنورتها القصيرة، قالت له، وهي تشد على تنورتها القصيرة:
أبعد عيونك عن ساقي إياه المتحرش، معدوم التربية والأخلاق.
غمز بإحدى عينيه لها وقال:
ليس هناك قانون واحد يعاقب الرجل على النظر.
وهو يتكلم آخذ يتجول بنظراته على ساقيها، ثم أردف قائلا باستمتاع:
المرة القادمة لا ترتدي تنورة قصيرة، إلا إذا كنتِ تحبين هذه النظرات، عن نفسي أنا لا أمانع إلى النظر لهذه السيقان الجميلة.
ردت عليه بانفعال:
أنت شخص لا تطاق، ولا شأن لك أرتدي تنورة قصيرة أم لا.
ثم همت بالخروج من سيارة ليو، نسيت تمامًا أن سيارة جون خلفهم مباشرة.
نظر ليو في مرآة السيارة الخلفية، ثم قطع خروجها وهو يقول:
أرى جون وهو يقترب من السيارة، إذا كنتِ تريدين اللقاء معه في هذه اللحظة وفسخ الخطبة، اخرجي الآن، ولكن عن نفسي أنصحك بتأجيل هذا اللقاء في وقت لاحق، لأن ما رأيت من أداء لك هنا، كان ضعيفًا جدًا.
قال كلامه هذا بسخرية وأردف مكملاً:
أنتِ تحتاجين إلى المزيد من التدريب والإقناع، يجب أن تتدربِ جيدًا، وأنا واثق من أن المشهد الثاني لفسخ الخطبة سوف يكون أكثر حيوية وإثارة.
لم تركز في كلامه جيدًا، فهي عندما رأت جون، شعرت بالتعرق في جميع أنحاء جسدها، توترت وخافت، واختنقت الكلمات في حلقها، أصيبت أوريلا بالذعر.
لن تستطع مواجهة جون في هذه اللحظة، فهي يكفيها إعلان واحد لفسخ الخطبة، هي وضعت كل شعورها في هذه اللحظة، وشعرت أنها مستنزفة كليًا، ولا تقدر على مواجهة ثانية.
كان سيئًا بما يكفي أن تقول كل هذه الأشياء، عندما كانت في حالة من الغضب الشديد.
لكنها بعد لحظات من التفكير، قالت لنفسها "جون لا يستحق هذا، ولكن يجب أن أتحدث معه في وقت آخر، حتى لا أنفعل عليه أو أقوم بإهانته، لأنني في هذه اللحظة غاضبة، وإذا خرجت لملاقاة جون الآن، احتمال أن يصل الموقف إلى شجار."
قالت لها بسرعة:
أرجوك يا ديفيد، أخرجني من هنا الآن، تحرك بالسيارة أرجوك، لو سمحت، لا أستطيع مواجهته الآن.
قال لها بابتسامة خبيثة:
سأفعل إذا أخبرتني باسمك، حتى هذا الوقت لا أعلم اسمك يا نارية الشعر.
لم تبالي بكلامه، وأردفت متوسلة له:
أوريلا، أسمي أوريلا، من فضلك أسرع بالتحرك بالسيارة، واجعلنا نخرج من هذا المكان، قبل أن يراني.
رد عليها بلهجة مرحة:
حسنا، أوريلا، انحنى أسفل لوحة القيادة، حتى لا يتعرف إليك أوريلا عندما أمر بجانبه.
شغل السيارة ثم انطلق، قاد سيارته عبر الشارع الذي توجد به شركة جون حتى خرج من هذه المنطقة تمامًا، وبعد قيادته لفترة من الوقت، وعندما ابتعد تماما، بحث عن مكان لإيقاف سيارته، وعندما وجد هذا المكان توقف والتزم الصمت.
قالت أوريلا بصوت مكتوم، فهي كانت تكتم بكاءها صعوبة:
شكراً يا ليو.
رد عليها بلهجة هادئة:
العفو.
انتظرها أن تقوم بفتح الباب لكي تخرج من السيارة، ولكن الصمت التام هو الذي حصل عليه منها، ثم سمع صوت بكاء مكتوم صادرًا منها، أنتظرها ديفيد في صمت، حتى أنهت بكائها.
قال لها بهدوء:
هل معك منديل؟ أم أقوم بإقراضك منديلاً من عندي، لن أطالبك في المستقبل به أو بثمنه، فأنا شخص كريم جدًا يا فتاة.
في التوقيت نفسه في منزل ديانا، استيقظت من نومها، لمست يداها ظرفًا أبيض صغيرًا، وبمجرد رؤيتها ما بالداخل، صرخت ديانا:
لن أتركك غرين، إذا لمست شعرة واحدة من رأسها، سوف أقتلك.
دلفت الخادمة في الحال، وهي تقول بسرعة:
هناك مصيبة سيدتي.
قالت بحدة:
تحدثي يا فتاة بسرعة.
قالت الخادمة بنبرة سريعة:
الكعكة التي قمت بإعدادها، تمت سرقتها.
هتفت ديانا:
ماذا تقولين؟ هل جننت يا امرأة؟ من المجنون الذي سوف يسرق كعكة.
ردت الخادمة:
لقد قمت بمراجعة الكاميرات، ووجدنا شخصا يتسلل إلى الداخل، وقام بسرقة الكعكة.
صمتت ديانا للحظات قبل أن تقول:
انصرفي.
سألت الخادمة:
هل أبلغ الشرطة؟
هتفت ديانا:
لا، أنسى ما حدث.
وعندما انصرفت الخادمة، قالت ديانا:
لم تنس الماضي على الرغْم مرور كل هذه السنوات، ستكون هذه الثغرة للوصول إليك، سوف أجعلك تعاني، نهايتك ستكون على يدي.