الفصل الخامس عشر
تأهبت روز للقتال والدفاع عن نفسها، فهي بحكم خبرتها في الحياة، أصبحت تشعر بأي تغيير في ذبذبات الهواء من حولها.
أمسكت المقلاة من فوق الموقد، ثم التفتت لقتال الدخيل، تنفست الصعداء عندما رأت ليو.
قالت روز بابتسامة:
صباح الخير أيها الوسيم، صباح الخير لكَ، أليس كذلك؟ أم أقول ليس بصباح سعيد، كما يبدو من ملامح وجهك الغاضبة.
رفع ليو رأسه إليها وأعطاها نظرة مميتة، ثم قال:
ما هذه الملابس التي ترتدينها؟ هل تصورين فيلم ثقافي في الصباح؟
ابتسمت له عندما رأته يأتي نحوها، فقالت روز بابتسامة مثيرة:
أنا في منزلي، أرتدي ما شاء.
تنهد ثم جلس أمامها، وحدق بها من أعلى إلى أسفل كما لو كان يفكر في شيء ما، ثم تحدث:
لماذا أنتِ مستيقظة مبكرًا؟
قالت له بابتسامة:
عندما أكون سعيدة، لا أستطيع النوم وأظل مستيقظة طوال اليوم.
سأل ليو بفضول:
وما سبب سعادتك؟
همست بنبرة مغرية:
أنتَ سبب سعادتي، فلقد حلمت بكَ ليلة أمسِ.
نظر إليها بعينيه السوداء مثل الجحيم، ثم قال:
حلمت بي من جديد، ماذا كان يدور الحلم، هذه المرة؟
اقتربت منه، وقالت بنبرة ناعمة:
إنكَ طلبت يدي للزواج، ثم تزوجنا وأنجبت لكَ طفلاً يشبهك كثيرًا.
أشعل سيجارته، وقال لها بحدة:
لن أتزوج من عاهرة مثلك، فكيف لي أنجب أطفالاً منها.
قالت له وهي تمثل الحزن:
لقد كسرت قلبي بكلامك هذا.
ابتسم ساخرًا وهو يقول:
هذا إذا لديكِ قلب.
وضعت روز راحة يديها على صدرها، ثم قالت بنبرة مثيرة:
كلانا لديه قلب، قلب مصنوع من الثلج، ولكن سيأتي يوم يذوب فيه هذا الجليد، وعندها سنعاني.
تجاهل ليو كلامها، فقال لها:
ماذا تفعلين في المطبخ؟
رفعت المعلقة في الهواء، وقالت بابتسامة ساحرة:
كما ترى أحضر الإفطار.
سأل ليو:
وأين الخدم لمساعدتك؟ أنا أشك في قدرتك على سلق بيضة، فمَا بالكِ بإعداد وجبة كاملة.
قالت له وهي لا تزال مبتسمة:
أنا الآن سعيدة، ومهما قلت من كلام لن أكون حزينة، أنا أمرت الخدم بالعودة إلى النوم، وقلت لهم أنا سأطبخ اليوم، أنا لم أطبخ منذ مدة طويلة.
قال ليو بفضول:
هل أنتِ جيدة في الطبخ؟
ردت عليه وهي تبتسم:
بالطبع، أنا طباخة محترفة، عندما انتهى من الطعام وتتناول منه، ستعلم وقتها كم أنا جيدة.
ثم أكملت قائلة بنبرة خبيثة:
كما أنا جيدة في أشياء أخرى.
ضغط ليو على أسنانه بغضب وهو يقول:
أذهبِ لتبديل هذه الملابس الآن.
تجاهلت كلامه، وهي تضع بفخر الطعام كله، على الطاولة الموجودة في المطبخ، ثم نظرت بإعجاب إلى جمال الطعام المعد بشكل مدهش.
قالت بابتسامة:
لا شيء سوف يفسد هذا اليوم الرائع.
قال لها بغضب:
إياكِ وتجاهل ما أقول من حديث.
قالت له روز بابتسامة مغرية:
كلانا يعرف أنكَ تحب ملابسي.
اقتربت منه، عضت شفتها السفلى، وهي تمرر أصابعها بإغراء على صدره:
أخبرني ليو، هل تتخيلني في أحلامك الأكثر ظلمة؟ هل تكره ملابسي لأنها تعطيك أفكارًا؟ بعض الأفكار السيئة عني، قل كلمة واحدة فقط، قل إنني جميلة، اعترف بذلك، قل إنني أفقدك عقلك.
رفعت يدها لتلمس خده، لكنه أمسك معصمها بإحكام، وهو يحدق بها بابتسامة سوداء، وملامح صلبة.
ضغط ليو على أسنانه بغضب، وقال لها:
هل تعتقدين حقًا أن سحرك سيعمل معي؟ أنا لست العراب أو أي شخص مخنث قابلته من قبل، احذري مني عزيزتي، سأقضي عليكِ في ثانية أيتها العاهرة، إذا فعلتِ ذلك معي مجددًا.
كان يمسك يدها بطريقة تؤذيها كثيرًا، وكاد أن يكسر عظامها في يده، لكنها أبقت ملامحه هادئة.
روز ضغطت على أسنانها بألم، وهي تقول:
أنتَ تؤذيني.
نظر إليها ليو بغضب:
حسنًا، ابتعدي الآن، وجهك هذا يجعلني أتقيأ.
تركها بقوة، ثم تحرك نحو الطاولة، ضغطت روز على أسنانها بغضب وأغلقت عينيها، كانت تكره أن تُدعى عاهرة وتكره تلك النظرة المشمئزة في عينيه.
هزت رأسها وقالت بصوت خفيض:
لا تهتمي، الأيام التالية سوف تكون قاسية عليه، لذا لا تردِ عليه الآن.
تنهدت وهي تغادر المطبخ دون أن تنظر إلى الوراء، وابتسامة سوداء تغطي شفتيها.
دلفت إلى غرفة العراب، وقالت له بابتسامة:
الإفطار اليوم، سوف يكون في غرفة المطبخ حبيبي.
سألها العراب:
ولماذا ليس في الغرفة الرئيسية؟
ابتسمت وهي تقول:
أريد بعض التغيير، وبعض الحميمية.
قال لها بابتسامة:
حسنًا حبيبتي، افعلي ما تحبينه، المنزل منزلكِ، أفعلي فيه ما تشائين.
قالت له روز:
هل أخبرت غرين بموافقتك؟
هز رأسه وهو يقول:
لا، لم أتصل به بعد.
عبست ملامحها الجميلة، وهي تقول:
لماذا التأخير؟ اتصل به وقل إنكَ موافق، ونصيحة مني لا تجعل مدة الخِطْبَة كبيرة، لأن هناك إحتمال أن يقوم غرين بإفساد روز قبل الزواج.
صاح بغضب:
ماذا تقولين؟ مستحيل حدوث هذا الأمر.
حركت روز يديها في الهواء، ثم قالت بلا مبالاة:
لقد سمعت الكثير عن غرين، سمعته سيئة للغاية مع الفتيات الصغيرات، وأنتَ لا تريد ذلك لصغيرتنا سوزان، الفتاة بريئة للغاية.
فكر العراب قليلًا، ثم قال لها:
أنتِ محقة في كلامك، لن يكون هناك حفل خِطْبَة، ولكن حفل زفاف.
ابتسمت له وهي تضع قبلة على وجنتيه، ثم قالت:
جيد، إذًا ليس لدي الكثير من الوقت، لاختيار فستان لهذه المناسبة.
قال لها العراب:
لقد أودعت مبلغًا آخر في البطاقة الخاصة بكِ، اشتري كل ما يعجبك، ولا تبالي بالثمن.
قالت له بابتسامة مغرية:
لذلك أنا أحبك كثيرًا، سوف أنتظرك في الأسفل.
بعد خمسة عشر دقيقة، جلس الجميع حول مائدة الطعام، باستثناء مارك الذي ما زال في خارج المنزل، ولم يعد حتى هذه اللحظة.
قال العراب:
لا أصدق أن روز أعدت الإفطار اليوم، إنه لذيذ، لم أكن أعرف أنكِ تستطيعِ الطهي حبيبتي.
قالت له روز:
هل أعجبك الطعام؟
أومأ برأسه وهو يقول:
بالطبع حبيبتي.
قطع ليو حديثهم المثير لغضبه:
أين مارك؟ لم أتمكن من العثور عليه في غرفته.
قال العراب بابتسامة:
ستجده نائمًا في ملهى ليلي، مغطى بالمشروبات والمخدرات.
نظر ليو إلى العراب بنظرة غاضبة، جعلته يصمت في الحال.
حاولت سوزان تهدئة الأجواء بينهما:
إنه شاب ليو، دعه يستمتع بحياته.
نظرت سوزان إلى روز، ثم قالت لها:
الطعام جيد جدًا.
قالت لها روز:
أخيرًا قلتِ رأيك في طعامي، اعتقدت لبعض الوقت إنه لم يعجبك.
قال العراب:
حبي جيد في كل شيء.
قالت سوزان:
لم أقصد عدم شكرك، فعلًا الطعام أكثر من رائع.
كان ليو يأكل طعامه بهدوء دون أن يتكلم، فقالت روز له:
لم تقل رأيك حتى الآن؟عزيزي ليو.
لم يرد عليها، وأشعل سيجارته، ثم فحص روز من أعلى إلى أسفل، وقال لنفسه، "اللعنة، كم هي جميلة."
ابتسمت روز عندما رأت الطريقة التي نظر إليها، ثم مالت بجسدها نحو زوجها، قبلت وجنتيه بحب، لمضايقة ليو الذي ابتسم، ثم أخذ نفسًا من سيجارته هدوء، لكن عيناه كانت تكشفان عن قوة غضبه.
عندما رأت سوزان حرب النظرات الصامتة بين ليو وروز، قالت فورًا:
روز، الطعام أكثر من رائع، لا أستطيع التوقف عن الأكل.
ضحكت روز:
هل تكررين كلامك؟ لا مانع لدي من الثناء على طعامي كل دقيقة، أنا طباخة ماهرة، وأنا بارعة في كل شيء، يجب عليًَ احترف الطبخ، أو أنشئ برنامجًاعن الطهو، وأصبح أكثر شهرة من هذا الطباخ رامزي، الذي لا يجيد سوى الصراخ، في برنامَج الطبخ الخاص به.
ضحكت سوزان و العراب.
قال ليو بابتسامة ماكرة:
حسنًا، الطعام جيد، يجب أن تكوني طباخة ماهرة، أنتِ عشتِ كل حياتك في دار للأيتام، لا بد أنكِ تعلمتِ الطبخ عندما كنتِ طفلة؛ حتى تستطيعي البقاء على قيد الحياة، تجارب الحياة تعلم الناس كل شيء.
روز ابتسمت إلى ليو مدعية البراءة، كانت تعلم أن كلماته كانت تهدف إلى إهانتها بأدب، ولاحظ الجميع ذلك.
ضغطت روز على شفتيها ثم قالت له:
نعم، تجارب الحياة تعلم الكثير.
حاول العراب تغيير الموضوع:
هل ستخرجين يا حبيبتي؟
ردت روز:
نعم، هناك بعض الأشياء التي أريد عملها، أريد شراء بعض الأغراض.
قال العراب:
لا تتأخري في الخارج، سوف أفتقدك.
ابتسمت له بلطف ثم واصلت أكل طعامها متجاهلة تحديق ليو المستمر لها.
نهضت سوزان، ثم قالت:
بعد إذنك أبي، سأصعد إلى غرفتي؛ لكي أنال قسطًا من النوم.
غادرت سوزان غرفة الطعام، صعدت إلى غرفتها، وبمجرد أن دلفت إلى حجرتها أغلقت الباب بالمفتاح.
أخرجت هاتفها من مخبئه السري، ثم اتصلت بهنري.
قالت سوزان بنبرة خافتة:
صباح الخير.
رد عليها بابتسامة:
صباح الخير حبيبتي، أنتِ لا تتصلي بي في هذا الوقت من اليوم، هل سبب الاتصال أنكِ اشتقت إلي؟
قالت بنبرة تعيسة:
أنا دائمًا أشتاق إليكَ هنري، أنا أريد إخبارك بموضوع مهم.
تنبهت حواس هنري، فقال لها:
أنا أستمع إليكِ.
قالت بصوت متقطع:
أنا لا أستطيع الزواج منك، أنا غير مناسبة لك.
شعر هنري بالصدمة، فقال لها:
أنتِ تمزحين معي، قولي إنكِ تمزحين.
قالت بنبرة حزينة:
للأسف لا أمزح، أنا أتصل بك الآن؛ لكي أقطع علاقتي بك، لا لقاءات بيننا ولا حديث على الهاتف.
قال هنري بنبرة متوسلة:
هل صدر مني شيء أزعجك؟ أنا أعتذر لكِ، ولكن لا تتركيني، أنا لا أستطيع العيش بدونك.
شعرت بغصة مؤلمة في حلقها، وهي تسمع توسله لها، قالت له بحزن:
سوف أدعو لكَ كثيرًا لكي تحب فتاة أخرى، فتاة تستحقك.
صاح بانفعال:
ولكنِ أريدك أنتِ، لا أريد أن أحب فتاة أخرى، أرجوك يا سوزان أخبرني السبب الحقيقي، أرجوك لا تتركيني.
سقطت دمعة وحيدة من طرف عينيها، وهي تقول له:
أنا سوف أتزوج، حاول أن تنساني.
صرخ هنري بألم:
لن تتزوجي شخصًا غيري.
سوزان وهي تبكي:
اعتني بنفسك جيدًا.
أغلقت الاتصال، وحطمت الهاتف إلى مئات القطع، ثم انهارت على الفراش، وأجهشت في البكاء.
في منزل غرين.
كان يجلس على كرسيه المفضل، وهو ينظر إلى ريد بغضب.
قال له ريد بنبرة هادئة:
لماذا كل هذا الغضب أيها الرئيس؟
قال غرين بنبرة قاسية:
لا تماطل في الكلام يا ريد، لم أتوقع أن يوافق على طلب الزواج هذا، وأن يكون الرد بهذه السرعة.
قال ريد:
أليس هذا ما كنت تريده؟
رد عليه غرين بحدة:
بل هذا ما كنت تريده يا ريد.
ضحك ريد وهو يقول له:
لا، لا تلقي المسؤولية عليَّ، أنا عرضت عليكَ الفكرة فقط، إذا لم تكن الفكرة على هواك، لم تكن لتوافق عليها أبدًا، لا تعاند نفسك يا غرين، فالفتاة سيطرت عليكَ وتريدها بسرعة، وبأي طريقة.
صاح بغضب:
نعم، أرغب هذه الفتاة، ولكني لا أريد الزواج، لا في الحاضر ولا المستقبل.
ريد بهدوء:
أنتَ لم تتزوج بعد.
ثم أشار إلى الهاتف، وأكمل قائلًا:
لديك وقت، أتصل بالعراب وأخبره أنك تراجعت عن الزواج من ابنته.
قال غرين بغضب:
لن يأتي اليوم الذي يتراجع فيه غرين عن كلامه.
سأل ريد:
إذًا ماذا سوف تفعل؟
قال له غرين بقسوة:
سوف يتم هذا الزواج، سأجعلها تتمنى الموت.
أخفى ريد ابتسامته، ثم قال لنفسه، "لن يحدث هذا، لأنها أصبحت جزءًا منك يا وحش."
في مكان آخر، عندما أبلغها العراب بأنه وافق على زواج غرين من سوزان، شعرت بحزن وألم عميق.
قالت ديانا بحزن:
لن أجعلك تذق طعم السعادة أبدًا، سوف أحطمك يا غرين.
تحركت ديانا بخطوات بطيئة نحو الخزينة، وأخرجت هذا الصندوق الثمين، أخرجت صورة حبيبها توماس، وعادت بالذاكرة إلى الماضي.
قال لها توماس:
أريد الزواج منكِ، أنا لا أستطيع العيش بدونك.
ردت عليه ديانا، بنبرة حزينة:
لكن أبي يرفض هذا الزواج، أنتَ من عائلة المافيا.
قال لها توماس:
أنا تركت أعمال العائلة، وأصبحت منبوذًا من الجميع، وبسبب قراري هذا سوف أغادر هذه المدينة، سوف أبدأ من الصفر، اهربي معي حبيبتي.
قالت له ديانا:
كيف سوف نعيش دون مال، ستكون الحياة مستحيلة، سوف تكون الحياة قاسية، واحتمال كبير أن يزول حبك لي؛ بسبب إنكَ لا تستطيع توفير حياة لائقة لكلانا، لا أستطيع الهرب معك، ولكن أعدك أنني سوف أنتظر عودتك، ولن أكون لرجل غيرك.
قال توماس بنبرة متألمة:
كنت أتمنى أن نغادر سويًا، ولكنكِ محقة في كلامك، فأنا لا أمتلك أي مال، سأغادر وابذل قصارى حتى أمتلك الكثير من المال، وعندها سآتي إليكِ وسوف تتزوج.
بعد مغادرة توماس، ومرور شهرين، ذاع في المدينة خبر وفاة توماس، وأقامت العائلة جنازة له، وفي فترة حزنها أجبرها والدها على الزواج، فلقد كثرت الأقاويل حولها، وأن سبب حزنها الشديد هذا؛ أنها تحمل طفلاً من عشيقها توماس.
عادت ديانا من ذكرياتها، كانت دموعها تتساقط بغزارة على وجهها، مسحت دموعها، ثم مدت يدها داخل الصندوق وتناولت هذه الورقة المهترئة.
قرأت المكتوب بصوت يرتجف:
عندما غادرت وتركت المنزل، اكتشفت لاحقًا إنني حامل، حامل في فتاة وقد أسميتها سوزان.
ثم أكملت ديانا قراءة الرسالة في صمت.
أمسكت المقلاة من فوق الموقد، ثم التفتت لقتال الدخيل، تنفست الصعداء عندما رأت ليو.
قالت روز بابتسامة:
صباح الخير أيها الوسيم، صباح الخير لكَ، أليس كذلك؟ أم أقول ليس بصباح سعيد، كما يبدو من ملامح وجهك الغاضبة.
رفع ليو رأسه إليها وأعطاها نظرة مميتة، ثم قال:
ما هذه الملابس التي ترتدينها؟ هل تصورين فيلم ثقافي في الصباح؟
ابتسمت له عندما رأته يأتي نحوها، فقالت روز بابتسامة مثيرة:
أنا في منزلي، أرتدي ما شاء.
تنهد ثم جلس أمامها، وحدق بها من أعلى إلى أسفل كما لو كان يفكر في شيء ما، ثم تحدث:
لماذا أنتِ مستيقظة مبكرًا؟
قالت له بابتسامة:
عندما أكون سعيدة، لا أستطيع النوم وأظل مستيقظة طوال اليوم.
سأل ليو بفضول:
وما سبب سعادتك؟
همست بنبرة مغرية:
أنتَ سبب سعادتي، فلقد حلمت بكَ ليلة أمسِ.
نظر إليها بعينيه السوداء مثل الجحيم، ثم قال:
حلمت بي من جديد، ماذا كان يدور الحلم، هذه المرة؟
اقتربت منه، وقالت بنبرة ناعمة:
إنكَ طلبت يدي للزواج، ثم تزوجنا وأنجبت لكَ طفلاً يشبهك كثيرًا.
أشعل سيجارته، وقال لها بحدة:
لن أتزوج من عاهرة مثلك، فكيف لي أنجب أطفالاً منها.
قالت له وهي تمثل الحزن:
لقد كسرت قلبي بكلامك هذا.
ابتسم ساخرًا وهو يقول:
هذا إذا لديكِ قلب.
وضعت روز راحة يديها على صدرها، ثم قالت بنبرة مثيرة:
كلانا لديه قلب، قلب مصنوع من الثلج، ولكن سيأتي يوم يذوب فيه هذا الجليد، وعندها سنعاني.
تجاهل ليو كلامها، فقال لها:
ماذا تفعلين في المطبخ؟
رفعت المعلقة في الهواء، وقالت بابتسامة ساحرة:
كما ترى أحضر الإفطار.
سأل ليو:
وأين الخدم لمساعدتك؟ أنا أشك في قدرتك على سلق بيضة، فمَا بالكِ بإعداد وجبة كاملة.
قالت له وهي لا تزال مبتسمة:
أنا الآن سعيدة، ومهما قلت من كلام لن أكون حزينة، أنا أمرت الخدم بالعودة إلى النوم، وقلت لهم أنا سأطبخ اليوم، أنا لم أطبخ منذ مدة طويلة.
قال ليو بفضول:
هل أنتِ جيدة في الطبخ؟
ردت عليه وهي تبتسم:
بالطبع، أنا طباخة محترفة، عندما انتهى من الطعام وتتناول منه، ستعلم وقتها كم أنا جيدة.
ثم أكملت قائلة بنبرة خبيثة:
كما أنا جيدة في أشياء أخرى.
ضغط ليو على أسنانه بغضب وهو يقول:
أذهبِ لتبديل هذه الملابس الآن.
تجاهلت كلامه، وهي تضع بفخر الطعام كله، على الطاولة الموجودة في المطبخ، ثم نظرت بإعجاب إلى جمال الطعام المعد بشكل مدهش.
قالت بابتسامة:
لا شيء سوف يفسد هذا اليوم الرائع.
قال لها بغضب:
إياكِ وتجاهل ما أقول من حديث.
قالت له روز بابتسامة مغرية:
كلانا يعرف أنكَ تحب ملابسي.
اقتربت منه، عضت شفتها السفلى، وهي تمرر أصابعها بإغراء على صدره:
أخبرني ليو، هل تتخيلني في أحلامك الأكثر ظلمة؟ هل تكره ملابسي لأنها تعطيك أفكارًا؟ بعض الأفكار السيئة عني، قل كلمة واحدة فقط، قل إنني جميلة، اعترف بذلك، قل إنني أفقدك عقلك.
رفعت يدها لتلمس خده، لكنه أمسك معصمها بإحكام، وهو يحدق بها بابتسامة سوداء، وملامح صلبة.
ضغط ليو على أسنانه بغضب، وقال لها:
هل تعتقدين حقًا أن سحرك سيعمل معي؟ أنا لست العراب أو أي شخص مخنث قابلته من قبل، احذري مني عزيزتي، سأقضي عليكِ في ثانية أيتها العاهرة، إذا فعلتِ ذلك معي مجددًا.
كان يمسك يدها بطريقة تؤذيها كثيرًا، وكاد أن يكسر عظامها في يده، لكنها أبقت ملامحه هادئة.
روز ضغطت على أسنانها بألم، وهي تقول:
أنتَ تؤذيني.
نظر إليها ليو بغضب:
حسنًا، ابتعدي الآن، وجهك هذا يجعلني أتقيأ.
تركها بقوة، ثم تحرك نحو الطاولة، ضغطت روز على أسنانها بغضب وأغلقت عينيها، كانت تكره أن تُدعى عاهرة وتكره تلك النظرة المشمئزة في عينيه.
هزت رأسها وقالت بصوت خفيض:
لا تهتمي، الأيام التالية سوف تكون قاسية عليه، لذا لا تردِ عليه الآن.
تنهدت وهي تغادر المطبخ دون أن تنظر إلى الوراء، وابتسامة سوداء تغطي شفتيها.
دلفت إلى غرفة العراب، وقالت له بابتسامة:
الإفطار اليوم، سوف يكون في غرفة المطبخ حبيبي.
سألها العراب:
ولماذا ليس في الغرفة الرئيسية؟
ابتسمت وهي تقول:
أريد بعض التغيير، وبعض الحميمية.
قال لها بابتسامة:
حسنًا حبيبتي، افعلي ما تحبينه، المنزل منزلكِ، أفعلي فيه ما تشائين.
قالت له روز:
هل أخبرت غرين بموافقتك؟
هز رأسه وهو يقول:
لا، لم أتصل به بعد.
عبست ملامحها الجميلة، وهي تقول:
لماذا التأخير؟ اتصل به وقل إنكَ موافق، ونصيحة مني لا تجعل مدة الخِطْبَة كبيرة، لأن هناك إحتمال أن يقوم غرين بإفساد روز قبل الزواج.
صاح بغضب:
ماذا تقولين؟ مستحيل حدوث هذا الأمر.
حركت روز يديها في الهواء، ثم قالت بلا مبالاة:
لقد سمعت الكثير عن غرين، سمعته سيئة للغاية مع الفتيات الصغيرات، وأنتَ لا تريد ذلك لصغيرتنا سوزان، الفتاة بريئة للغاية.
فكر العراب قليلًا، ثم قال لها:
أنتِ محقة في كلامك، لن يكون هناك حفل خِطْبَة، ولكن حفل زفاف.
ابتسمت له وهي تضع قبلة على وجنتيه، ثم قالت:
جيد، إذًا ليس لدي الكثير من الوقت، لاختيار فستان لهذه المناسبة.
قال لها العراب:
لقد أودعت مبلغًا آخر في البطاقة الخاصة بكِ، اشتري كل ما يعجبك، ولا تبالي بالثمن.
قالت له بابتسامة مغرية:
لذلك أنا أحبك كثيرًا، سوف أنتظرك في الأسفل.
بعد خمسة عشر دقيقة، جلس الجميع حول مائدة الطعام، باستثناء مارك الذي ما زال في خارج المنزل، ولم يعد حتى هذه اللحظة.
قال العراب:
لا أصدق أن روز أعدت الإفطار اليوم، إنه لذيذ، لم أكن أعرف أنكِ تستطيعِ الطهي حبيبتي.
قالت له روز:
هل أعجبك الطعام؟
أومأ برأسه وهو يقول:
بالطبع حبيبتي.
قطع ليو حديثهم المثير لغضبه:
أين مارك؟ لم أتمكن من العثور عليه في غرفته.
قال العراب بابتسامة:
ستجده نائمًا في ملهى ليلي، مغطى بالمشروبات والمخدرات.
نظر ليو إلى العراب بنظرة غاضبة، جعلته يصمت في الحال.
حاولت سوزان تهدئة الأجواء بينهما:
إنه شاب ليو، دعه يستمتع بحياته.
نظرت سوزان إلى روز، ثم قالت لها:
الطعام جيد جدًا.
قالت لها روز:
أخيرًا قلتِ رأيك في طعامي، اعتقدت لبعض الوقت إنه لم يعجبك.
قال العراب:
حبي جيد في كل شيء.
قالت سوزان:
لم أقصد عدم شكرك، فعلًا الطعام أكثر من رائع.
كان ليو يأكل طعامه بهدوء دون أن يتكلم، فقالت روز له:
لم تقل رأيك حتى الآن؟عزيزي ليو.
لم يرد عليها، وأشعل سيجارته، ثم فحص روز من أعلى إلى أسفل، وقال لنفسه، "اللعنة، كم هي جميلة."
ابتسمت روز عندما رأت الطريقة التي نظر إليها، ثم مالت بجسدها نحو زوجها، قبلت وجنتيه بحب، لمضايقة ليو الذي ابتسم، ثم أخذ نفسًا من سيجارته هدوء، لكن عيناه كانت تكشفان عن قوة غضبه.
عندما رأت سوزان حرب النظرات الصامتة بين ليو وروز، قالت فورًا:
روز، الطعام أكثر من رائع، لا أستطيع التوقف عن الأكل.
ضحكت روز:
هل تكررين كلامك؟ لا مانع لدي من الثناء على طعامي كل دقيقة، أنا طباخة ماهرة، وأنا بارعة في كل شيء، يجب عليًَ احترف الطبخ، أو أنشئ برنامجًاعن الطهو، وأصبح أكثر شهرة من هذا الطباخ رامزي، الذي لا يجيد سوى الصراخ، في برنامَج الطبخ الخاص به.
ضحكت سوزان و العراب.
قال ليو بابتسامة ماكرة:
حسنًا، الطعام جيد، يجب أن تكوني طباخة ماهرة، أنتِ عشتِ كل حياتك في دار للأيتام، لا بد أنكِ تعلمتِ الطبخ عندما كنتِ طفلة؛ حتى تستطيعي البقاء على قيد الحياة، تجارب الحياة تعلم الناس كل شيء.
روز ابتسمت إلى ليو مدعية البراءة، كانت تعلم أن كلماته كانت تهدف إلى إهانتها بأدب، ولاحظ الجميع ذلك.
ضغطت روز على شفتيها ثم قالت له:
نعم، تجارب الحياة تعلم الكثير.
حاول العراب تغيير الموضوع:
هل ستخرجين يا حبيبتي؟
ردت روز:
نعم، هناك بعض الأشياء التي أريد عملها، أريد شراء بعض الأغراض.
قال العراب:
لا تتأخري في الخارج، سوف أفتقدك.
ابتسمت له بلطف ثم واصلت أكل طعامها متجاهلة تحديق ليو المستمر لها.
نهضت سوزان، ثم قالت:
بعد إذنك أبي، سأصعد إلى غرفتي؛ لكي أنال قسطًا من النوم.
غادرت سوزان غرفة الطعام، صعدت إلى غرفتها، وبمجرد أن دلفت إلى حجرتها أغلقت الباب بالمفتاح.
أخرجت هاتفها من مخبئه السري، ثم اتصلت بهنري.
قالت سوزان بنبرة خافتة:
صباح الخير.
رد عليها بابتسامة:
صباح الخير حبيبتي، أنتِ لا تتصلي بي في هذا الوقت من اليوم، هل سبب الاتصال أنكِ اشتقت إلي؟
قالت بنبرة تعيسة:
أنا دائمًا أشتاق إليكَ هنري، أنا أريد إخبارك بموضوع مهم.
تنبهت حواس هنري، فقال لها:
أنا أستمع إليكِ.
قالت بصوت متقطع:
أنا لا أستطيع الزواج منك، أنا غير مناسبة لك.
شعر هنري بالصدمة، فقال لها:
أنتِ تمزحين معي، قولي إنكِ تمزحين.
قالت بنبرة حزينة:
للأسف لا أمزح، أنا أتصل بك الآن؛ لكي أقطع علاقتي بك، لا لقاءات بيننا ولا حديث على الهاتف.
قال هنري بنبرة متوسلة:
هل صدر مني شيء أزعجك؟ أنا أعتذر لكِ، ولكن لا تتركيني، أنا لا أستطيع العيش بدونك.
شعرت بغصة مؤلمة في حلقها، وهي تسمع توسله لها، قالت له بحزن:
سوف أدعو لكَ كثيرًا لكي تحب فتاة أخرى، فتاة تستحقك.
صاح بانفعال:
ولكنِ أريدك أنتِ، لا أريد أن أحب فتاة أخرى، أرجوك يا سوزان أخبرني السبب الحقيقي، أرجوك لا تتركيني.
سقطت دمعة وحيدة من طرف عينيها، وهي تقول له:
أنا سوف أتزوج، حاول أن تنساني.
صرخ هنري بألم:
لن تتزوجي شخصًا غيري.
سوزان وهي تبكي:
اعتني بنفسك جيدًا.
أغلقت الاتصال، وحطمت الهاتف إلى مئات القطع، ثم انهارت على الفراش، وأجهشت في البكاء.
في منزل غرين.
كان يجلس على كرسيه المفضل، وهو ينظر إلى ريد بغضب.
قال له ريد بنبرة هادئة:
لماذا كل هذا الغضب أيها الرئيس؟
قال غرين بنبرة قاسية:
لا تماطل في الكلام يا ريد، لم أتوقع أن يوافق على طلب الزواج هذا، وأن يكون الرد بهذه السرعة.
قال ريد:
أليس هذا ما كنت تريده؟
رد عليه غرين بحدة:
بل هذا ما كنت تريده يا ريد.
ضحك ريد وهو يقول له:
لا، لا تلقي المسؤولية عليَّ، أنا عرضت عليكَ الفكرة فقط، إذا لم تكن الفكرة على هواك، لم تكن لتوافق عليها أبدًا، لا تعاند نفسك يا غرين، فالفتاة سيطرت عليكَ وتريدها بسرعة، وبأي طريقة.
صاح بغضب:
نعم، أرغب هذه الفتاة، ولكني لا أريد الزواج، لا في الحاضر ولا المستقبل.
ريد بهدوء:
أنتَ لم تتزوج بعد.
ثم أشار إلى الهاتف، وأكمل قائلًا:
لديك وقت، أتصل بالعراب وأخبره أنك تراجعت عن الزواج من ابنته.
قال غرين بغضب:
لن يأتي اليوم الذي يتراجع فيه غرين عن كلامه.
سأل ريد:
إذًا ماذا سوف تفعل؟
قال له غرين بقسوة:
سوف يتم هذا الزواج، سأجعلها تتمنى الموت.
أخفى ريد ابتسامته، ثم قال لنفسه، "لن يحدث هذا، لأنها أصبحت جزءًا منك يا وحش."
في مكان آخر، عندما أبلغها العراب بأنه وافق على زواج غرين من سوزان، شعرت بحزن وألم عميق.
قالت ديانا بحزن:
لن أجعلك تذق طعم السعادة أبدًا، سوف أحطمك يا غرين.
تحركت ديانا بخطوات بطيئة نحو الخزينة، وأخرجت هذا الصندوق الثمين، أخرجت صورة حبيبها توماس، وعادت بالذاكرة إلى الماضي.
قال لها توماس:
أريد الزواج منكِ، أنا لا أستطيع العيش بدونك.
ردت عليه ديانا، بنبرة حزينة:
لكن أبي يرفض هذا الزواج، أنتَ من عائلة المافيا.
قال لها توماس:
أنا تركت أعمال العائلة، وأصبحت منبوذًا من الجميع، وبسبب قراري هذا سوف أغادر هذه المدينة، سوف أبدأ من الصفر، اهربي معي حبيبتي.
قالت له ديانا:
كيف سوف نعيش دون مال، ستكون الحياة مستحيلة، سوف تكون الحياة قاسية، واحتمال كبير أن يزول حبك لي؛ بسبب إنكَ لا تستطيع توفير حياة لائقة لكلانا، لا أستطيع الهرب معك، ولكن أعدك أنني سوف أنتظر عودتك، ولن أكون لرجل غيرك.
قال توماس بنبرة متألمة:
كنت أتمنى أن نغادر سويًا، ولكنكِ محقة في كلامك، فأنا لا أمتلك أي مال، سأغادر وابذل قصارى حتى أمتلك الكثير من المال، وعندها سآتي إليكِ وسوف تتزوج.
بعد مغادرة توماس، ومرور شهرين، ذاع في المدينة خبر وفاة توماس، وأقامت العائلة جنازة له، وفي فترة حزنها أجبرها والدها على الزواج، فلقد كثرت الأقاويل حولها، وأن سبب حزنها الشديد هذا؛ أنها تحمل طفلاً من عشيقها توماس.
عادت ديانا من ذكرياتها، كانت دموعها تتساقط بغزارة على وجهها، مسحت دموعها، ثم مدت يدها داخل الصندوق وتناولت هذه الورقة المهترئة.
قرأت المكتوب بصوت يرتجف:
عندما غادرت وتركت المنزل، اكتشفت لاحقًا إنني حامل، حامل في فتاة وقد أسميتها سوزان.
ثم أكملت ديانا قراءة الرسالة في صمت.