الفصل السابع عشر

في قصر العراب.

قالت روز بابتسامة ساحرة:
شكرًا لكَ حبيبي على المال، الذي وضعته في حسابي البنكي.

رد عليها بنبرة محبة:
عفوًا حبيبتي.

سألت روز:
هل أبلغت سوزان بموعد الزفاف؟

هز رأسه نافيًا، ثم قال:
لا، لم تعلم بعد.

قالت روز له:
أنا سأبلغها بهذا الخبر السعيد.

قال العراب بضيق:
ولكن.

سألت روز بفضول:
لكن ماذا حبيبي؟

قال بنبرة منفعلة:
غرين يريد الخروج مع سوزان قبل الزفاف.

قالت له روز:
ما المانع حبيبي؟ دعه يخرج معها، هما الآن في فترة الخطبة.

هتف العراب:
ولكنِ لا أثق في غرين، لا أريده أن يضع عليها حتى أصبع واحد.

ابتسمت روز وهي تقول:
هل تغار على الفتاة؟


قال العراب بضيق:
لا أغار عزيزتي، ولكنِ أخاف أن ينال مبتغاه من الفتاة، وإذا حدث ذلك من المحتمل أن يفقد رغبته في إكمال الزواج، وأنا لا أريد ذلك.

ابتسمت وهي تقول:
لا داعي للقلق، سأخرج معهم، وسأقوم بحراسة سوزان كالدجاجة الأم، ما رأيك؟

قال لها العراب:
موافق، إذا كنتِ ستكونين معها.

سألت روز:
ما الموعد الذي تفضله أنتَ يا حبيبي؟

رد عليها العراب:
اليوم، الساعة السابعة.

قالت روز فورًا:
ليس لدينا وقت، سأصعد إلى غرفة سوزان، سوف أخبرها بموعد الزفاف، وأيضًا أن تستعد للخروج مع خطيبها، لا تخف عليها عزيزي، سأقوم بحراستها جيدًا، ولن أتركها تغيب من أمام عيني أبدًا.

ابتسم وهو يقول:
أنا أثق بكِ كثيرًا حبيبتي.

أرسلت إليه روز قبلة في الهواء، وهي تقول له:
وأنا سعيدة بكلامك هذا، سلام.

ثم غادرت روز وصعدت إلى غرفة سوزان، دقت على الباب ودلفت في الحال.

عندما أصبحت داخل الغرفة، رأت سوزان نائمة فوق الفراش، وسمعتها تبكي.

تنهدت روز بضيق، ثم تحركت تجاه الفراش، وجلست على الحافة، قالت بنبرة رقيقة:
حبيبتي سوزان، ألم نتفق على أن تكوني قوية، ولا تستسلمي للحزن، لماذا تبكين الآن؟

قالت سوزان بنبرة باكية:
لقد قطعت علاقتي ب هنري، أخبرته أن ينساني.

قالت لها روز:
قرار صائب، هذه العَلاقة محكوم عليها بالفشل، لا داعي للبكاء حبيبتي.

قالت سوزان ببكاء:
أنا أبكي رغمًا عني.

قالت لها روز بنبرة رقيقة:
أذهبِ للاستحمام، أنتِ تحتاجين إلى بعض المياه المنعشة، هيا تحركِ، سأنتظرك هنا.

نهضت سوزان من فوق الفراش بخطوات بطيئة، وتحركت تجاه غرفة الاستحمام.

نظرت روز بمتعة إلى الباب الذي أغلق، وقالت بشَّماتَة:
نهايتك اقتربت يا فتاة.

بعد مرور خمس عشرة دقيقة، خرجت سوزان، فقالت لها روز في الحال:
ارتدي ملابس مناسبة.

سألتها روز وهي تجفف شعرها:
لماذا؟

ردت عليها روز:
سوف نخرج سويًا لاستنشاق بعض الهواء النقي، تغيير الجو سوف يفيدك كثيرًا، سوف أنتظرك في الخارج.

ذهبت روز إلى غرفة العراب، فقالت له:
سوف نخرج أنا سوزان، أبلغ غرين أن يقابلنا في مطعم ميام.

قال لها العراب:
سوف أتصل به الآن، ولكنِ أوصيكِ أن تعتني بها ولا تجعليها تغيب عن عينيك.

ابتسمت وهي تقول بنبرة ناعمة:
بالطبع حبيبي.

ثم غادرت الغرفة والتقت سوزان في الأسفل.

قالت لها سوزان، وهي تجلس بجوار روز في السيارة:
أين سنذهب؟

ردت عليها روز بابتسامة:
إلى مكان سوف يعجبك كثيرًا، مطعم يطل على البحر والهواء العليل.


وفي منزل غرين.

رن الهاتف، بمجرد أن رأى رَقْم المتصل فتح فورًا.

قال غرين:
مرحبًا أيها العراب، ما سبب هذا الاتصال؟

رد عليه العراب في الحال:
لقد طلبت مني موعدًا مع سوزان، ألا زلت على رغبتك في تدبير موعد بينكم.

قال غرين:
طبعًا، متى سيكون هذا اللقاء، لكنِ أريده في الخارج وليس في قصرك.

رد عليه العراب بنبرة باردة:
ولكَ ما تريد، الموعد اليوم في مطعم ميام بعد ساعة من الآن، روز سوف تكون مع سوزان.

ثم أغلق الهاتف، كان ريد يجلس جوار غرين، الذي سأله بفضول:
ما سبب هذه الابتسامة؟

قال غرين:
لقد وافق العراب، ولكنه لا يأمن سوزان عليَّ.

سأل ريد:
ماذا تقصد؟

رد عليه غرين بابتسامة قاسية:
سوزان لن تخرج معي بمفردها، ولكن ستكون روز معها.

ابتسم ريد وهو يقول:
هذه الأفعى الخبيثة.

قال غرين:
نظرتي دائمًا صائبة، هذه الفتاة تكره هذه العائلة، لكن لماذا؟ سوف أعلم هذا قريبًا.

قال ريد:
أنا أيضًا أشعر أن هذه الفتاة تخفي سرًا.

رقت ملامح غرين القاسية، وهو يقول:
ما رأيك في ملابسي؟ هل هي مناسبة للخروج في موعد.

قال له ريد، وهو يحاول قتل هذه الضحكة التي تحاول الفرار من شفتيه:
منذ متى وأنتَ تهتم بملابس؟

ألقى غرين عليه نظرة محذرة، وهو يقول:
إياكَ والضحك، رد فقط على السؤال.

صمت ريد مدة ثم قال:
سوف أتكلم جديًا، ما ترتديه الآن ليس مناسبًا، فهو ملطخ بالدماء، دماء هذا التاجر المسكين الذي تأخر عن دفع الدين.

تأمل غرين نفسه في المرآة التي أمامه، ثم قال بخفوت:
فعلًا هذه الملابس سيئة، سوف تصاب روز بسكتة قلبية، لو رأت الدماء.

لم يستطع ريد كتم ضحكته، قال هو يضع يده على فمه:
متى وأنتَ تبالي بالآخرين؟

صرخ غرين في وجه ريد، وهو يقول:
سوف أقتلك إذا لم تتوقف عن الضحك.

قال ريد بنبرة حاول جعلها هادئة:
حسنًا، لا داعي لصب غضبك عليَّ، لكنِ لم أعتد أن تهتم بشخص سوى نفسك.

قال غرين بقسوة:
بالطبع لا أهتم بها، ولكنِ لا أريد أن يكون موتها سريعًا ولكن ببطئ.

لم يصدق ريد كلامه هذا، هو يعلم صديقه جيدًا، لقد وقع في حب الفتاة ولكنه يعاند نفسه.

قال ريد بهدوء:
حسنًا أنتَ لا تهتم، هيا اصعد إلى غرفتك بدل هذه الملابس.

وفي داخل المطعم المطل على شاطئ البحر، جلست روز مقابل سوزان.

سألت روز:
ما رأيك في المكان هنا؟

تألمت سوزان المكان ثم قالت لها:
المكان هنا مريح جدًا للأعصاب، سآتي إلى هنا من جديد.

قالت روز لها:
هل تشعرين بتحسن حبيبتي؟

أومأت سوزان برأسها وهي تقول:
أفضل بكثير.

قالت روز:
إذًا هذا الوقت المناسب للحديث، أريد قول شيء هام لكِ.

سألت سوزان بفضول:
ما هذا الأمر؟

تنفست روز بعمق، ثم قالت:
لقد تم تحديد موعد الزفاف، سيكون بعد ثلاث أيام.

سوزان بنبرة مصدومة:
أليس هناك فترة خِطْبَة؟

ردت روز:
لا، زواج على الفور عزيزتي.

شعرت سوزان بالاختناق؛ وهي تسمع هذا الكلام.

قالت لها روز:
أشربِ بعض الماء حبيبتي، أنا أشعر بما تشعرين الآن، لكن هذا قدرك ويجب قبوله.

فجأة تفجر كل الغضب المكتوم في داخلها، وصرخت قائلة:
لا أستطيع.

ثم نزعت حقيبتها من فوق المقعد، ونهضت من مكانها وقالت:
سوف أغادر.

نادتها روز:
انتظري يا مجنونة، سأدفع الحساب ثم نغادر سويًا.

لم تبالي سوزان بنداء روز لها، وغادرت بخطى مسرعة، أصبحت الرؤية مشوشة أمامها؛ بسبب دموعها التي أخذت تتساقط كالمطر.

لم تلاحظ هذه الدراجة التي اقتربت منها، وفي أقل من ثانية، خطف الشخص الذي يجلس خلف سائق الدراجة، حقيبة سوزان.

لم تترك سوزان الحقيبة وظلت متشبثة بها، لم تتركها من يديها، كانت الدراجة تتحرك بسرعة وجسد سوزان يجر على الأرض.

شعر غرين بالصدمة وهو يرى ما يحدث، قال بخوف:
أذهب على الجانب الآخر بسرعة.

سأل ريد:
لماذا؟

صاح غرين بأعلى نبرة يمتلكها:
الآن، تخطي الإشارة.

في هذه اللحظة لمح ريد ما يحدث، أدار السيارة بسرعة كبيرة وذهب إلى الجهة الأخرى، محطمًا كل قواعد المرور.

كان جسد سوزان ملقى على الأرض، كالجثة الهامدة، خالية من الحياة، ووجهها مُمتلِئ بالخدوش وملابسها مقطعة.

جلس غرين على الأرض ووضع جسدها فوق قدميه، لأول مرة في حياته شعر بدقات قلبه، كان قلبه ينبض بقوة وألم، صرخ كالحيوان الجريح:
لن تموتي.

رأت روز ما يحدث، حاولت الابتسام، ولكن ابتسامتها المنتصرة انقلبت حزنًا وشعورًا بالذنب.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي