الفصل التاسع عشر

تنفست روز بعمق، ثم ألقت السكين وقالت له:
أريدك فقط أن تفهم، أنتَ لن تكون سعيدًا معها.

قال لها ليو بنبرة باردة:
أنا أفهم جيدًا.

روز هزت رأسها، وهي تقول له:
حياتك ستكون عبارة عن جحيم معها.

قست ملامحه وهو يقول لها:
هذا ليس من شأنك.

ثم غادر ليو من الغرفة، وبمجرد مغادرته جلست روز على الأريكة وبكت، هي لا تريد أن ترى ليو يتزوج، لكنها تعرف أنه لن يغير رأيه مهما فعلت وقالت.

في حديقة القصر.

قالت ديانا:
لماذا لم تقم بدعوتي إلى زفاف ابنتك؟

قال العراب بهدوء:
أنتِ تعلمين لماذا؟ لكنكِ بالرغم من ذلك أتيت دون دعوة.

قالت ديانا بغضب:
أنا أردت أن أكون هنا من أجل سوزان، كنت أريد أن أكون جزءًا من يوم الزفاف، كنت أريد أن أكون هنا من أجلها، لكنك تجاهلتني ولم ترسل دعوة.

قال العراب لها:
هذا الكلام لا يناسبك عزيزتي، أنت تريدين فقط الانتقام، لا تحاولي الادعاء إنكِ تهتمين بها.

قالت ديانا بغضب:
سوزان نشأت تحت رعايتي، أنا أحببتها منذ أن كانت طفلة، أنا أحببتها أكثر من أي شيء آخر في العالم، ولم أتخيل أبدًا أنني لن أكون جزءًا من يومها هذا، حتى لو لم تكن هي سعيدة بهذا الزواج، أشعر أنني أخطأت في حقها عندما اقترحت عليكَ هذه الفكرة اللعينة.

قال العراب:
كفى صياح، لقد مضى وقت الندم.

قالت ديانا بانفعال:
حسنًا، ولكن لا تحاول تجاهلي مجددًا.

ثم تركت ديانا العراب وذهبت، كانت غاضبة وحزينة، ولم تكن تعرف ماذا تفعل؟

وهي تمشي دون أن ترى أمامها، اصطدمت به.

نظر غرين إلى أمه بنظرة باردة، لقد كانت دائمًا قاسية معه، هو كان يعلم سبب ذلك، طِيلَة سنوات طفولته حاول أن يكون ابنًا جيدًا، لكنه لم يكن أبدًا كافيًا بالنسبة لها.

قالت له بغضب:
سوف أحطم هذا الزواج، لن أجعلك سعيدًا.

قال لها بهدوء:
أنا آسف يا أمي، لكنني لن أسمح لك بتحطيمي.

غضبت المرأة أكثر وقالت له:
سوف أجعلك تندم على كل ما فعلته بي، يا ابني!

ثم تركت المرأة غرين وحيدًا، رغمًا عنه شعر الأَلَم، كان يأمل أن تعتذر له عن قسوتها معه، لم يكن يعرف ما الذي يجب أن يفعله، أو كيف يتعامل معها، شعر بأنه عاد إلى الماضي، طفلًا منبوذًا.

رأى ريد ما حدث، فقال له:
أنا آسف يا غرين، أعرف أن هذا كان صعبًا عليك.

التفت غرين إليه وقال:
أنا لست متيقِّنًا مما يجب أن أفعله بخصوصها، هل أغفر لها، أم انتقم منها؟ أنا أشعر بالارتباك.

قال ريد له:
أنا أفهم إحساسك هذا، أنتَ في موقف صعب، لكني أريدك أن تعرف أنكَ لست وحدك، أنا هنا من أجلك، وسأساعدك في أي شيء.

ابتسم غرين وقال:
شكرًا لكَ يا ريد على دعمك الدائم لي.

كان غرين ممتنًا لوجود ريد في حياته، وكان يعرف أنه لن لم يكن يصل إلى هذه المكانة بدونه.

انتهت مراسم الزفاف، وحان وقت الرحيل، ودعت العائلة العروسين، وتمنوا لهما التوفيق كله في حياتهما الجديدة، ركب العروسان سيارة الزفاف، وغادرا.

ذهبوا إلى منزلهم الجديد، كان منزلًا كبيرًا وجميلًا، لكن سوزان لم تكن تشعر بالسعادة، كانت تكره هذا الزواج، لم تكن تريد أن تعيش مع غرين، لكنها لم يكن لديها خيار، والدها أجبرها على هذا الزواج.

جلست سوزان على الأريكة الموجودة في غرفة النوم، تنظر إلى المرآة التي توجد أمامها بأعين فارغة، كانت ترتدي فستان زفافها الأبيض، لكنها لم تشعر بالسعادة، لا تشعر بأي شيء، تشعر فقط بالبرد.

بعد أن قام غرين بصرف جميع الخدم من المنزل، ذهب إلى غرفة النوم، فتح الباب ودلف إلى الداخل، كان يرتدي بدلة سوداء، كان يبدو وسيمًا، لكن سوزان لم تكن تهتم بمظهره، كانت تكرهه.

نظر إليها نظرة قاتمة وهو يقول:
لقد حان الوقت.

سوزان لم ترفع رأسها، وهي تسأله:
ماذا؟ لا أفهم قصدك.

قال غرين بابتسامة ساخرة:
لا تدعين الغباء، نحن تزوجنا لتو.

سوزان رفعت رأسها، ثم قالت له بنبرة كئيبة:
أنا لا أريد إتمام هذا الزواج.

قال غرين لها:
لا يهمني ما تريدينه، أنتِ زوجتي الآن.

وقفت سوزان، ثم قالت له بحدة:
أنا لست زوجتك، أنا لست لك.

قال غرين بقسوة:
أنتِ لي، وسيتم هذا الزواج فعليًا.

سوزان اتجهت نحو الباب، وقالت بتمرد:
لن أفعل، لن أكون زوجتك طواعية.

غرين أمسك بيدها، وقال لها بهدوء مميت:
سوف تفعلين ذلك، ستكونين زوجتي بكامل إرادتك دون عنوة مني.

حاولت سوزان سحب يدها، لكنه كان قويًا جدًا، فقالت له بغضب:
دعني أغادر هذه الغرفة، أيها المتوحش.

ترك غرين يدها، فغادرت الغرفة بسرعة.

قال لها غرين ببرود:
إذا لم ترجعي إلى غرفة النوم، وتفعلي كل ما أريده، فسوف أخبر أباكِ أنكِ لست بكرا.

سوزان شعرت بالرعب من كلامه هذا، فقالت له على الفور:
أنتَ لن تفعل ذلك؟

غرين بنبرة لا مبالية:
سأفعلها.

سوزان نظرت في عينيه، وبعد مدة قصيرة من التفكير، قالت له:
إذا فعلت ذلك، فسوف أخبر الجميع أنكَ كاذب، وإنكَ تريد تشويه سمعتي.

غرين لم يتكلم، كان ينظر إليها في عينيها، يبادلها النظرات، ثم قال بابتسامة ساخرة:
وقتها لن أكون كاذبًا، أنتِ لن تخرجي من هذه الغرفة إلاّ وأنتِ ملكي.

لديك الآن اختياران، أيهما تفضلين؟ أن يتم هذا الأمر برضاك أو رغمًا عنك، وستكون في هذه الحالة فضيحة لك، نهايتها الموت.

قالت بنبرة يائسة:
أليس هناك ذرة رحمة في هذا القلب؟

غرين قال لها:
اذهبي، غادري الغرفة.

قالت له بألم:
أنا لم أكن أريد أن أتزوج منك،

هي لم تكن تريد أن تتزوج غرين، لم تكن تريد أن تكون زوجته، لكنها كانت تعلم أنها لا تستطع الهروب، كان عديم الرحمة.

سقطت سوزان على السرير وبدأت تبكي، وقالت له:
حتى حرية الاختيار سرقتها مني.

قال لها غرين:
سوف أتركك الآن، بدلي هذا الفستان.

خرج غرين من الغرفة، ووقفت سوزان في وَسْط الغرفة، تشعر بالتعب والإرهاق.

قالت بنبرة حزينة:
نفذي كل ما يقوله لكِ، ليس لديكِ أي مخرج للخروج من هذا الزواج.

صمتت لعدة ثوان، قبل أن تقول:
لكنِ لا أعلم كيف أفعل ذلك؟

بعد عدة دقائق أتى غرين إلى الغرفة، وعندما رآها بالملابس نفسها، قال لها:
لماذا تحاولين جعل الأمور صعبة بيننا؟ لم أكن أبدًا مراعيًا للغير، فلا تحاولي استنفاد كل فرصك معي.

قالت سوزان له:
أنا فقط أشعر بالضعف؛ لذلك لا أستطيع تبديل ملابسي، أشعر أنني سأفقد الوعي.

عندما تأمل ملامح وجهها، شعر غرين إنها تتكلم جديًا، ولا تمثل المرض، وضع يده على كتفها وقال:
أنا هنا، لن يحدث لك شيء سيئ.

قالت سوزان له بنبرة خافتة:
لكن أنا لا أستطيع فعل هذا، أنا لا أستطيع أن أكون زوجة لكَ.

قال غرين لها:
حتى هذه اللحظة أحاول التصرف بلطف، وهذا عكس طبيعتي.

قالت سوزان بنبرة خائفة:
أنا أحاول تنفيذ كلامك، ولكني أشعر بالرعب من هذه العَلاقة، أنا لست جيدة بما يكفي، أنا لست مثل النساء الأخريات اللاتي مررن في حياتك، لا أفقه شيئاً في العَلاقة بين الرجل والأنثى.

لأول مرة في حياته، يشعر غرين أنه يجب أن يكون لطيفًا مع شخص، قال لها بهدوء:
أنتِ جيدة بما يكفي بالنسبة لي.

نظرت سوزان إليه في عينيه، وهي تقول:
أنا أشعر بالرهبة منكَ، أنا خائفة جدًا.

قال لها غرين:
أنا لن أقوم بأذيتك، هذا وعدًا مني.

ثم اقترب منها وقبلها على وجنتيها برقة، وعندما ابتعدت عنه قالت له وهي تمسك برأسها:
أنا سأفقد الوعي، أنا أخاف الظلام.

أخذها في ذراعيه وقال:
لا تقلقِ، أنا سأكون بجانبك ولن أتركك أبدًا.

حملها غرين إلى السرير ووضع رأسها على الوسادة، ثم غطها وجلس بجوارها.

أمسك بيدها وقال لها:
أنا هنا معك، لا تخافي من أي شيء.

قالت بضعف:
أنا فقط خائفة من الظلام ومنك.

ثم فقدت سوزان الوعي، نظر غرين إليها وهو يشعر بالخوف عليها، لا يعرف ما الذي حدث له؟ لكنه يعرف أنه يجب أن يكون لطيفًا معها.

وقف غرين وذهب إلى غرفة المعيشة، فتح الحاسوب وبدأ في البحث عن معلومات عن فقدان الوعي، وجد مقالًا يقول إن فقدان الوعي يمكن أن يكون ناتجًا عن مجموعة متنوعة من الأشياء، بما في ذلك الإرهاق والجوع والضغط.

تذكر غرين كيف شعرت سوزان بالتعب والإرهاق قبل أن تفقد الوعي، قال وهو يشعر بالندم:
أكيد أنتَ السبب في فقدانها الوعي، السبب في ما تمر به من ضغط نفسي.

قرر غرين أنه سوف يترك سوزان ولن يطالبها بشيء، وسيجعلها تتعوده أولًا.

ذهب غرين إلى المطبخ وأخذ زجاجة ماء وكوبًا، صب الماء في الكوب وأخذه إلى غرفة النوم، ثم أعطى الكوب لسوزان وساعدها على الشرب.

قال لها غرين:
الآن حاولي النوم.

أغمضت سوزان عينيها وحاولت النوم، جلس غرين بجوارها ونظر إليها، شعر غرين بالراحة عندما رأى سوزان مستغرقة في النوم، لكنه عندما لمس جبينها، وجد حرارتها عالية جدًا، فقام بالاتصال بالطبيب فورًا.

نظر غرين بقلق إلى سوزان وهي نائمة على السرير، وقال لها:
أنا السبب ولكنِ لا أستطيع تركك.

وبعد مدة قصيرة، الطبيب دخل الغرفة وقال له:
خيرًا، لماذا جعلتني أحضر بسرعة؟

قال غرين له:
زوجتي حرارتها عالية جدًا.

الطبيب بصدمة قال له:
هل تزوجت؟ متى؟

قال غرين بقسوة:
ليس من شأنك، قم بعملك.

قام الطبيب بفحص سوزان، ثم قال:
حرارتها مرتفعة جدًا، يجب أن تذهب بها إلى المستشفى.

قال غرين بنبرة رافضة:
لا أريدها أن تذهب إلى المستشفى، أنا سأهتم بها هنا.

قال الطبيب له:
لكن حرارتها عالية جدًا، قد يكون لديها شيء يُنذِرُ بالخطر.

قال غرين برفض:
أنا أعرف ما سوف أفعله.

قال الطبيب له:
لكنها مريضة جدًا، يجب أن تحصل على العناية الطبية التي تحتاجها.

قال غرين وهو يشعر بالضيق من كلامه:
قلت لكَ سأهتم بها أنا.

قال الطبيب:
لكن أنا الطبيب هنا، أنا أعرف ما الأفضل لها.

غرين بنبرة منفعلة:
لا أهتم.

الطبيب هز رأسه:
حسنًا، إذا كنت ترفض مساعدتي، فليس هناك ما يمكنني فعله.

خرج الطبيب من الغرفة غاضبًا، جلس غرين بجوار سوزان ونظر إليها، كان يشعر بالخوف لأول مرة حياته.

أمسك غرين بيد سوزان وقال لها:
سأجعلك بخير.

ظل غرين طيلة الليل جالسًا بالقرب من سوزان، يضع على جبهتها منشفة مبللة بالماء البارد، ويتحقق حرارتها كل بضع دقائق، لكنه لم ير أي تحسن كانت متعرقة ومرهقة، وبدا أنها تعاني بشدة، بدا أنها تموت.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي