الفصل العشرون

عندما ظلت سوزان فاقدة الوعي وحرارتها لا تزل مرتفعة، اتصل غرين بالطبيب سام وجعله يأتي فورًا.

قال غرين وهو ينظر إلى سوزان، التي تنام في السرير:
درجة حرارتها لا تزال مرتفعة، بالرغم من تناولها الدواء.

رد عليه سام، الذي كان يجلس على حافة السرير:
لا أعلم سبب هذه الحرارة، لقد قمت بفحصها جيدًا، ولم أتمكن حتى الآن من إيجاد تفسير علمي، يفسر عدم انخفاض درجة حرارتها.

لأول مرة غرين يشعر بالخوف على حياة إنسان، هو حتى فترة قصيرة كان لا يبالي بحياة الآخرين، قال غرين بنبرة متوترة:
ماذا علينا أن نفعل يا سام؟ يجب أن تجد حل.

صمت سام لعدة ثواني قبل أن يقول بنبرة مترددة:
أعلم إنكَ لا تحب الذهاب إلى المستشفيات، لكن حالة زوجتك تستدعي الذهاب إلى المستشفى.

غرين بنبرة حادة:
لقد قلت لكَ من قبل، لا للمستشفيات، لا أريدها أن تذهب إلى المستشفى، أنتَ تعلم إلى أي مدى أكره الذهاب إلى هناك.

أحنى سام رأسه قليلًا، وأخذ يفكر في ماذا يقول، فهو وغرين نشأ سويًا في القرية، ويعلم أن لغرين ذكريات في المشفى.

رفع سام رأسه ثم قال بهدوء:
لكن أنا بحاجة إلى معرفة سبب هذه الحرارة التي لا تنخفض، إذا كنت تريد لزوجتك أن تشفى، يجب عليكَ تتنازل قليلًا ولا تحاول أن تتذكر الماضي.

تجاهل غرين كلام سام عن الماضي وحادثة انتحار والده، فقال له بنبرة حادة:
خذ عينة من دمها، وافحصها في المستشفى.

شعر سام بالغضب من إصرار غرين على رأيه، ولكنه أخفى غضبه هذا وهو يقول:
لا أعتقد أن هذه فكرة جيدة، من الأفضل أن تكون في المشفى ويتم أخذ التحاليل منها هناك.

ضرب غرين الحائط بكف يديه، وهو يقول بنبرة قاسية:
أفعل ما أقوله لكَ سام دون نقاش.

قال سام بنبرة مستسلمة:
حسنًا، لكن إذا لم تتحسن، فستحتاج إلى الذهاب إلى المستشفى.

شرد قليلًا وظهر على ملامح وجهه الحيرة، وقال بعد لحظات من التفكير:
سوف أفكر في هذا الآمر.

توجه سام إلى حقيبته الطبية، وأخذت يداه تعبث في محتوياتها، إلى أن أخرجَ الحقنة الطبية التي سوف يأخذ بها عينة من دمها.
ثم أخذ سام عينة دم من سوزان، وقال بعدها مباشرة:
لقد أخذت عينة منها، سأرسلها إلى المختبر، وسنعرف سبب ما يحدث لها قريبًا.

-لا تتأخر في أخباري بنتيجة هذه التحاليل.

-حسنًا، بمجرد أن تظهر النتيجة سوف أخبرك بها على الفور.

ثم غادر سام الغرفة بخطى مسرعة.

جلس غرين على حافة السرير، ونظر إلى سوزان، وحدث نفسه قائلًا، "ستكونين بخير."

ثم قبل غرين جبينها وغادر الغرفة، وبعد مرور ساعتين.

رن هاتف غرين، قال للمتصل وهو يشعر بالتوتر الشديد:
هل النتيجة جيدة، أم ماذا يا سام؟

رد عليه سام:
التحاليل كلها جيدة، زوجتك تمتلك صحة جيدة.

صاح غرين بانفعال:
إذًا ما سبب هذه الحرارة التي لا تنخفض؟ سوف تموت هكذا.

عبست ملامح سام وهو يقول:
لا أعلم، أتمنى أن تذهب بها إلى المستشفى.

أغلق غرين الهاتف وهو يشعر بغضب شديد، ثم ذهب إلى غرفة سوزان، كانت مستلقية على الفراش، تبدو مريضة للغاية.

جلس غرين على حافة السرير، وأمسك يديها، وفي هذه اللحظة فتحت سوزان ببطء عينيها.

تنهد غرين براحة، ثم قال:
أخيرًا استيقظتِ، كيف حالك سوزان؟

تسارعت ضربات قلبها؛ عندما رأت غرين أمامها بمجرد أن فتحت عينيها، ردت عليه سوزان هي تشعر بالخوف والضعف:
أنا لست بخير، أشعر بالتعب الشديد.

لاحظ غرين نظراتها الخائفة، فقال لها بنبرة هادئة:
لقد سقطت فاقدة الوعي ليلة البارحة.

تذكرت سوزان ما حدث، فقالت له بنبرة خائفة:
أين كنت طيلة الليل؟

لم يحب أن يراها خائفة هكذا، حاول على قدر المستطاع أن تكون نبرة صوته هادئة، قال لها وهو ينظر إليها:
لقد ظللت مستيقظًا بالقرب منكِ، أحاول الاعتناء بكِ أثناء مرضك، ولم أقترب منكِ بإي طريقة مسيئة.

قالت سوزان بنبرة غير مصدقة:
أنتِ فعلت ماذا؟

ابتسم وهو يقول لها:
أعلم أنكِ مندهشة من كلامي هذا، فأنا أيضًا لم أصدق نفسي أنني فعلت ذلك، أصبحت ممرضًا لكِ طيلة الليلة.

شعرت سوزان بالذهول من كلامه هذا؛ فقالت له:
لماذا فعلت ذلك؟ لماذا لم تنفذ تهديدك معي؟

تنفس بعمق وهو يقول لها:
أسئلتك هذه ليس لدي إجابة لها الآن، لكنِ أريد أقول لكِ إنني سأعطيكِ بعض الوقت، ولن أجبرك على فعل شيء لا تحبيه، وكل شيء تتمنيه سوف يتم لكِ في الحال.

كل كلمة كان ينطقها، كانت تصيبها بالصدمة، وبعد لحظات من الصمت، قالت له سوزان بنبرة خافتة:
شكرًا لكَ.

-هل تريدي أن أحضر لكِ شيئًا؟ كوب من الماء؟ خافض للحرارة؟

-لا، أنا بخير، ولا أريد شيء.

-حسنًا، دعيني أعرف إذا احتجتِ إلى أي شيء.

ثم تحرك تجاه الباب ولكن قبل أن يغادر، هتفت سوزان وهي تقول له:
أريد رؤية السيدة ديانا.

ظل في مكانه مدة قصيرة، ثم التفت إليها وقال بملامح وجه خالية من الحياة:
تريدين رؤية من؟

لم تشعر بالراحة من نظراته تلك، التي تغيرت فجأة وأصبحت مرعبة، قالت سوزان بنبرة متوترة:
ديانا، إنها في مقام أمي.

كتم غرين ضحكة ساخرة، وهو يقول بهدوء:
وأنا غير موافق على أن تأتي هذه السيدة إلى منزلي.

ضغطت سوزان بأسنانها العليا على شفتيها، وهي تقول له:
لقد أعطيتني وعد، بتنفيذ كل ما أريده، هل سوف تتراجع عن وعدك لي؟

تنفس غرين مرات عدّة، ثم قال بغضب:
وأنا لا أخلف وعدي، أتصلِ بها وأخبريها أن تحضر إلى المنزل.

ردت عليه بابتسامة شاحبة:
شكرًا لك.

غادر غرين الغرفة بخطى غاضبة، وأخذ يلعن نفسه:
عليكَ اللعنة يا غرين، منذ متى وأنتَ رقيق القلب هكذا؟

وفي أقل من نصف ساعة، كانت السيدة ديانا في داخل المنزل، اختفى غرين تمامًا بمجرد أن أتت.

في غرفة سوزان.

عندما دلفت ديانا إلى الغرفة التي توجد بها سوزان، ورأتها هناك مستلقية على الفراش، مريضة وشاحبة البشرة، شعرت بالندم الشديد على ما فعلت؛ لأنها كانت السبب في مرضها، هي لم تحاول إيقاف هذه الزواج، بل كانت تشجع عليها، وكل ذلك من أجل الانتقام من غرين.

قالت السيدة ديانا بنبرة رقيقة:
كيف حالك، سوزان؟

عندما رأتها سوزان ابتسمت لها وهي تقول بضعف:
لا تتخيلي مدى سعادتي عندما رأيتك الآن، وأنكِ أتيتِ فورًا بمجرد اتصالي، والحال ليس بخير، أمي ديانا.

ردت عليها ديانا:
وأنا أيضًا سعيدة باتصالك، وإنني أول شخص جاء في عقلك، وأنا آسفة لسماع خبر مرضك، وجئت لأرى كيف يمكنني مساعدتك؛ عندما قلتِ إنكِ مريضة بشدة.

قالت سوزان بضعف:
لا أعرف ما الخطأ بي.

قالت السيدة ديانا:
سوف تكونين بخير حبيبتي، لقد سمعت من الخدم أن غرين ظل مستيقظًا طيلة الليل، يحاول الاعتناء بكِ، هل هذا حدث فعلًا؟

أومأت سوزان وهي تقول:
نعم، لقد كان لطيفًا جدًا.

شعرت ديانا بالصدمة من هذا الكلام، ولكنها أخفت صدمتها، وقالت بابتسامة ناعمة:
أنا سعيدة لسماع ذلك، لقد كنت خائفة عليكِ منه.

قالت سوزان لها:
وأنا أيضًا، ولا أعلم لماذا أصبح يعاملني بلطف.

قالت ديانا لنفسها، "أنا أعلم لماذا؟" ثم قالت بنبرة عالية:
سوزان، هل تريدين أن تخبريني ماذا حدث ليلة الأمس؟

-لا أعرف ما أقول.

-إذا كنتِ لا تريدي الحديث فلا داعي، لكن اعلمي أنا هنا من أجلك.

عبست ملامح وجهها الرقيقة، وهي تقول:
أنا فقط أشعر بالحزن الشديد.

قالت ديانا بنبرة رقيقة:
أنا آسفة لسماع ذلك، فأنا أعلم سبب حزنك هذا.

أخذت سوزان تبكي بين ذراع ديانا، قالت ديانا لها بنبرة مواسية:
كل شيء سيكون على ما يرام حبيبتي.

ضغطت سوزان على شفتيها، وهي تقول :
أتمنى ذلك.

قالت ديانا لها:
نعم، ستكونين على ما يرام.

ربتت السيدة ديانا على ظهر سوزان، بكت سوزان لبضع دقائق أخرى، وعندما توقفت عن سوزان عن البكاء، قالت لها ديانا:
هل أنتِ أفضل الآن، صغيرتي؟

-نعم، أنا أشعر بتحسن قليل.

-أنا سعيدة لسماع ذلك.

بملامح وجهه شاحبة، قالت سوزان:
شكرًا لكِ، أمي ديانا.

قالت لها ديانا:
سوزان، هل تعرفين أنكِ عندما تكونين حزينة؛ تصابين بارتفاع في درجة الحرارة؟

عبست ملامحها وهي تقول:
لا، لم أكن أعرف ذلك.

شردت ديانا للحظات، ثم قالت:
هل تعلمين أن والدتك كانت مثلك؟ عندما تشعر بالحزن تصاب بالحمى، أنتِ مثلها في هذا الآمر.

قالت سوزان:
أنتِ تعلمين أشياء كثيرة عن أمي؟

ردت ديانا بنبرة حزينة:
نعم، أعلم عنها أشياء كثيرة، لذلك إذا كنتِ تشعرين بالحزن، تناولي الكثير من السوائل، وخذّي قسطًا من الراحة، وحاولي أن تكوني في بيئة مريحة.


-سأفعل ذلك، أمي ديانا.

-أنا سعيدة لسماع ذلك.

وقفت ديانا، ثم قالت لها وهي تبتسم:
سأذهب إلى المطبخ، وأحضر لك حساء الخضار الذي تحبينه.

قالت سوزان:
شكرا لكِ.

غادرت ديانا الغرفة واتجهت إلى المطبخ، وهناك وجدت غرين هناك معطيًا ظهره للباب.

سألت ديانا بخبث:
كنت تختبئ هنا؟ إلى هذه الدرجة لا تريد رؤيتي، هل هذا بسبب خوفك مني، أم ماذا؟

التفت إليها وهو يقول بنبرة مميتة:
لماذا أتيتِ إلى هنا؟ إلى المطبخ.

ابتسمت وهي تقول بنبرة ماكرة:
سوف أحضر الحساء الذي تعشقه سوزان، هذا الحساء سيجعلها تشفى بسرعة.

قال لها بسخرية:
في الماضي أتذكر أنكِ كنتِ تكرهين دخول المطبخ، كنتِ تجعلين والدي هو الذي يعد الطعام.

أصبحت ملامح وجهها غاضبة، وهي تقول له:
لم أكن أحب هذا المنزل، كنت أكره والدك وأي شيء له علاقة به، حتى أنتَ.

شعر بغصة مؤلمة في حلقه وهو يسمع كلامها هذا.

في مكان آخر.
جاء اتصال من شخص في الشرطة، وأخبر روز أنه تم العثور على جثة مارك، كانت روز تعلم أن ليو يوجد الآن في منزل والد سوزان، فقررت الذهاب إليه.

تفاجأت سارة عندما أخبرتها الخادمة، أن هناك فتاة اسمها روز تريد مقابلة ليو، ارتدت سارة ملابسها بسرعة وهبطت على الفور لمقابلتها.

سألتها سارة على الفور:
لماذا تريدين مقابلة ليو؟

روز بمجرد أن رأت سارة أمامها، قالت وهي تمثل الحزن الشديد:
أين ليو؟ لقد حدث شيء فظيع!

قالت سارة بفضول:
ما هذا الشيء الفظيع؟

ردت عليه روز بحزن مفتعل:
-قتلوا مارك!

شحبت ملامح سارة؛ بسبب الصدمة، ثم قالت لها:
ماذا حدث؟ ومن فعل ذلك؟

روز وهي تمثل الحزن:
لا أعرف، لقد جاء اتصال من الشرطة وتم إخباري بذلك الآمر.

وضعت سارة يدها على فمها، وهي تتصنع الصدمة:
يا إلهي! هذا مروع!

روز وهي تبكي:
أنا لا أفهم! لم يكن يفعل أي شيء خاطئ! كان كالملاك.

سارة وهي تحتضنها:
أنا آسفة روز، لا أعرف ما أقول.

في داخل المكتب كان ليو يجلس مع والد سوزان، يتكلمان في العمل، خرج مسرعًا عندما سمع صوت روز.

قالت روز وهي تبكي على كتف سارة:
أنا فقط لا أريد أن أصدق أنه ذهب، ليو سيفقد عقله إذا علم بموت مارك.

عندما رأى روز تبكي، تأكد أن هناك مصيبة حدثت، قال ليو فورًا:
لماذا أتيتِ إلى هنا، روز؟

اقتربت روز من ليو، أخفت بصعوبة ابتسامتها المنتصرة، قالت له بنبرة باكية:
أريدك أن تعلم أنني هنا من أجلك، ليو، لن أتركك وحدك.

صاح في وجهها وهو يقول:
لماذا أنتِ هنا؟ تحدثي.

قالت روز وهي تبكي:
مفتش الشرطة اتصل بالمنزل، وقال إنه تم العثور على جثة مارك في الغابة.

لم يظهر عليه أي رد فعل، وقال بملامح وجه خالية من الحياة:
أريد أن أرى جثته، أريد أن أتأكد.

قالت روز بنبرة باكية:
سأذهب معك.

بمجرد مغادرة كلاهما، قالت سارة بغضب:
الزواج سوف يتأجل؛ بسبب موت هذا المجنون.

قال لها والدها:
لا داعي لإظهار غضبك هذا أمام أحد، كوني مثل روز، قومي بتمثيل الحزن جيدًا كما تفعل هي، كلانا يعرف أنها لا تهتم بموت مارك.

دقت بقدميها على الأرض بغضب، وهي تقول:
ولكنِ غاضبة جدًا أبي، جِدّ حل أبي واجعل هذا الزفاف يتم في موعده.

قال له بهدوء:
أعدك حبيبتي أن يتم الزفاف، ولكن ليس هناك ضرر من تأجيله عدة أيام، القليل من الصبر ابنتي.

صاحت بغضب:
سأحاول أبي.

خرج ليو وروز من القصر وذهبوا إلى الغابة، بعد بضع دقائق، وصلوا إلى المكان الذي وجدت فيه جثة مارك، كانت جثته مليئة بالجروح والدماء، وكان المكان مليئًا برجال الشرطة.

روز وهي تبكي:
أنا آسفة لخسارتك، ليو.

رجل الشرطة هو ينظر إلى ليو:
هذا مسرح للجريمة، يمنع وُجود المدنيين بالقرب منه.

قال ليو بنبرة مميتة:
إنه أخي، كيف مات؟

شعر رجل الشرطة بالخوف من نظرات ليو له، فقال في الحال:
لا أعرف، سنأخذ الجثة إلى المشرحة وسنقوم بتشريحها، وسوف نعرف سبب الوفاة.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي