38

٣٨
رغم أنهم بخير وكذبة الكتان كانت لعبة لكنني قلقت عليهم، فساراسا لن تكل ولن تمل حتى تؤذيهم، لأنها تعتبرني من جانبهم.

"علي أن أجنبهم سخطها، فلا ذنب لهم بما تشعره ساراسا نحوي."

مرت عدة أيام والأمور جيدة، لم يحصل أي شيء حتى جاء يوم ووصل ستيفن يبكي، ويستنجد.

_سارة يا أختي، ساعديني.

_كفانا الله الشر، خيرا يا ستيفن، ماذا هناك؟

_بيل، بيل بخطر.

_خذني إليه بسرعة، ما الذي جرى قلي؟

_هناك أفعى عملاقة خرجت من وكرها وسحبته إلى وكرها.

شهقت بخوف:
_بسرعو خذني إليه، بسرعة، اين ألبرت، هل هو بخير.

_حتى الآن نعم هو بخير.

_يا الله. لا تقلها ارجوك.

ركضنا بسرعة حتى وصلنا إلى هناك ويا لهول المنظر، الأفعى كانت ملتفة حول جسده وكانت تسحبه إلى وكرها.

رحت أرتجف من الخوف ولا أعلم ماذا افعل لانقاذه.
طلبت من ستيفن طلب النجدة من أهل القرية بسرعة.

كان ألبرت مغمياً عليه و لكنني تركته وانشغلت ببيل الذي كان قد فقد وعيه تماما.

وبينما كنت أتحرك بهلع جيئةً وذهاباً، أضرب تلك الافعى بحجارة لا تحركها إطلاقاً، وخوفي يزداد على بيل، وقع نظري على تلك الخرزة في عنقي، فأمسكت بها ومسدتها وتمنيت:

‏_يا رب ساعدني، يا رب أنقذ بيل.

وماهي إلا ثوانٍ وفجأة أصدرت شعاعاً قوياً اتجه باتجاه وكر الأفعى، ودفع بي إلى الخلف، لأفقد وعيي وأغيب.. لأجد ألبرت وستيفن يحاولان إيقاظي.

وعندما استوعبت الأمر، سألتهما بخوف:
_أين هو بيل؟ هل هو بخير؟ لا تصمتا هكذا، طمئناني عنه.

تبسم ستيفن وقال:
_إنه بخير، ها هو ذا ينام بعمق على سريره.

فهمت أنني أصبحت في البيت وبيل بخير، فحمدت الله وتمنيت لهم كل خير.

قلت لستيفن:
_علي أن أرحل فوجودي هنا أصبح عبئاً وخطراً عليكم.

_لا تقولي هذا، أنت أختنا وما يصيبك يصيبنا.

_لكن يا ستيفن.

_اصمتي رجاءً، لا أريد أية كلمة بهذا الخصوص، وبالنسبة للخطر هو في حياتنا قبل وصولك، فأنهِ الكلام.

نظرت إليه وشعرت بقيمة ان يكون لدى الانسان أخ يدافع عنه ويحميه، شعرت وكأنّ جاك معي.

خلدت للنوم ثانية، فجسدي كان مكسراً جداً.

وعندما استيقظت ثانيةً وجدت بيل وأخويه يجلسان قرب الطاولة وقد جهزوا مائدةً شهيةً جداً.

ألبرت:
_كنا سنوقظك فوراً؛ لتشاركينا الطعام، فهيا تفضلي.

تبسمت وقلت:
_أجل، أنا أشعر بجوعٍ كبيرٍ.

ورحت أكل بشراهةٍ كبيرةٍ جداً، وهم ينظرون إلي بأعينهم ويدّعونَ أنّ ذلك لا يلفت انتباههم إطلاقاً.

فتوقفت فجأة ونظرت إليهم واحداً واحداً ثم قلت:

_أعرف بما تفكرون، اممم، تقولون عني بأنني شرهة، أليس كذلك،

فأطلقوا ضحكة طويلةً أتبعها بيل بقوله:
_لا لست انا، إنه ألبرت.
فنظرت إلى ألبرت بطرف عيني.

ألبرت:
_لا، لا إنه ستيفن.

فقام ستيفن إليهما يركض خلفهما في أرجاء الكوخ ويقول:
_كاذبان، سأقضي عليكما، انتظراني.

كنت أراقبهم بفرح وأضحك معهم وبنفس الوقت أخشى عليهم من القادم.

فقد خشيت أفعال ساراسا وذلك الساحر الذي تعاون معها.

مضى على هذه الحادثة عدة أيام ولم يغادر الشبان الثلاثة الكوخ، بسبب ما حصل مع بيل، حتى استرد عافيته كاملةً، وعاد أفضل حالاً مما كان.

هنا قرر ستيفن تغيير سكنهم إلى مكان أخر وبقي يخرج مع ألبرت حتى عثرا على مكان أكثر أماناً.

كان يردد ستيفن دائماً؛
_هذا المكان لم يعد آمناً وعلينا البحث عن آخر إكثر أماناً.

وفي صباح أحد الأيام جاء ستيفن برفقة البرت يبلغنا أن البيت الجديد قد أصبح جاهزاً للسكن.

حيث قال ستيفن:
_تجهزي سارة علينا الالتحاق بالبيت الجديد فوراً.

_حاضر يا أخي، ولكن أعطني فرصة حتى أوضب الأشياء التي يلزم نقلها لكم إلى هناك.

_لا أنت وبيل تذهبان؛ لترتيب الأمور هناك وأنا وألبرت ننظم الأمور هنا لا تقلقي، وأكرر اسمها لنا وليس لكم، ام أنك نسيت قدرك في قلوبنا عزيزتنا سارة.

_حماكم الله لي وكلل فرحي بك يا ستيفن باليوم الذي تحظى فيه بالزوجة الصالحة قبل رحيلي.

_سلمك الله من كل شر، وإياكِ أن تتحدثي مجدداً عن أمر الرحيل، وإلا سنغضب منك.

البرت بكل شقاوة:
_هل نسيتم أنه علينا الالتحاق بالبيت الجديد بسرعةٍ تجنبا مخاطر المكان، كما أنكم أكثرتم من العواطف، انا أيضاً أريد الزواج ، لماذا الدعاء فقط مخصص لستيفن.

وأطلق ضحكته العالية الشقية، فقمت بضربهوعلى كتفه وقلت له:
_اصمت انت لا تزال صغيراً على الزواح.

بيل:
_هيا بنا قبل ان أطلب الامر ذاته منكم.

وضحك الجميع وانا أراقبهم بكل حب واشكرهم في أعماقي على ذلك الشعور والاحساس الذي أهدوني إياه وأنا في أمس الحاجة له في غياب والداي.

وفعلاً اتجهنا إلى المكان حيث البيت الجديد، وكانت المفاجأة عندما وجدت هذا البيت مبنياً على شجرة، فذهلت بالمنظر وشعرت كأننا عائلة روبنسن كروزو.


قلت لهم مازحةً:
_أين هي فلونة؟

نظروا إلي باستغراب:
‏_ ومن هي فلونة تلك؟

فشعرت باستسخاف نفسي وتململت من الاجابة:
_لا، لا أنا فقط أمزح.

ستيفن:
_انظري، كيف صنعت السلم؛ لنصعد إلى الأعلى، ما رأيك بهذا التصميم.

رحت أنظر إليه وإلى طريقة صنعه
"يا إلهي هل أنا في بيت روبنسون كروزو، كيف اختلطت علي كل القصص هذه المرة، أمرٌ غريب."

قال البرت:
‏_هيي سارة، أين سرحتِ؟

‏ضحكت وقلت:
‏_هاا، لا لا شيء البتة، البيت جميلٌ جداً.
‏وصعدنا إلى البيت وبدات بتنظيم تفاصيله التي تشبه بيت فلونة، وذهب ألبرت وستيفن إلى البيت القديم لينقلوا أغراضه تدريجياً.


‏وقبل قدومهم نظرت إلى الأسفل فرأيت ذئباً يعوي علينا، لدرجة أن قلبي انتفض من الداخل رغم اننا في مأمن في الأعلى.

ولكنني خفت عليهم فقد كان ذلك الذئب شرساً وكأن روحاً شريرة تسكنه، فاعتقدت أنها ساراسا مجدداً.

فوجهت الخرزة إليه لتصدر شعاعاً دون أن يراني بيل فهرب ذلك الذئب بعيداً؛ ليطمئن قلبي مجدداً.

يومها بقي ستيفن وألبرت ينقلان الأشياء حتى انتهوا في وقت متأخر وقلبي قلقٌ عليهم حتى انتهوا.

كنت قد تساعدت مع بيل في ترتيب المكان وتحهيز الطعام، حيث تناولنا طعامنا ونمنا فوراً لكثرة تعبنا.

وفي اليوم التالي عاودوا الالتحاق بعملهم وبقيت أنا وحيدةً أعتني بالبيت.

حتى سمعت صوتاً من الأسفل فخفت ونظرت بحذر إلى الأسفل وإذا بها عجوزٌ تطلب العون.

العجوز وهي تنظر بعينيها المجعدتين إلى أعلى:
_هلا ساعدتني يا بنتي، فأنا أشعر بالجوع.

_لا أستطيع يا جدة فأنا وحدي هنا، إخوتي في العمل.

للحظة شعرت وكانني اتقمص دور فلة ثانيةً، فقررت أخذ الحيطة.
العجوز:
_أرجوكِ، ساعدي هذه العجوز المسكينة، إنا جائعة وعطشة.

ففكرت بخطة أن أنزل لها الطعام والشراب من خلال رمي سلة قشٍ، وأرميها بحذر من خلال ربطها بحبل.
وكان ذلك فعلاً.

شكرتني العجوز بعد أن رأيتها تأكل بشراهةٍ كبيرة وتشرب بنهم كبير.

_على الرحب والسعة يا خالة.

_أشكرك يا بنتي لكن لا يجوز أن تقابلي الناس بالشك فليس كل الناس سيئين.

شعرت بالندم فهي مجرد عجوز كبيرةٍ بالسن.

وفي المساء عندما جاء الشبان حدثتهم بما حصل، وأثنوا علي بما فعلت.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي