الفصل الثامن والثلاثون ابتسامة العقارب

دلفت ضحى إلى غرفة جاسر وأخذت تبحث في  الأغراض الخاصة بنغم ثم أخذت شيء من أغراضها وقامت بإخفاؤه وأسرعت بمغادرة الغرفة.

نظرت الكبيرة إلى نغم وقد علت الابتسامة وجهها وتحدثت قائلة:
—تفضلي نغم اتمنى أن ينال الطعام الذي قمنا بإعداده على اعجابك.

نظر جاسر إلى والدته وقد بدى عليه التعجب فلم تعهد والدته أن تحدثت معك أحد بهذه الطريقة.

ابتسمت نغم وعلقت قائلة:
—سيدتي،  شكرًا لكِ فالطعام يبدو شهيًا للغاية.

نظرت الكبيرة إلى نغم فوجدتها تأكل بكميات قليلة للغاية فعلقت قائلة:
—نغم، هل الطعام لم يحظى على إعجابك؛ أراكي لا تتناولين شيئًا؟!

ابتسمت نغم وعلقت قائلة:
—بلى سيدتي، فالطعام حقًا رائع للغاية، ولكنني اتبع حمية ولا أحب أن اخالف النظام الغذائي الذي اتبعه.

تعجبت الكبيرة وعلقت قائلة:
—تتبعي حمية كيف ذلك فأنت لست ببدينة حتى تتبعي حمية فهذا سيؤثر على صحتك؟!

ابتسمت نغم وعلقت قائلة:
—لا تقلقي بشأني فأنا اتناول أشياء صحية يستفيد منها جسمي ولا تسبب لي السمنة.

لاحظ جاسر أن ضحى ليست متواجدة على المائدة كعادتها دائمًا وخاصة عند وجوده يالمنزل.

بعد قليل حضرت ضحى وجلست على المائدة وعيناها على الكبيرة،  نظرت إليها الكبيرة ثم أومأت برأسها لها فعلمت الكبيرة أنها قد انجزت المهمة التي طلبتها منها.

لاحظ جاسر الإشارات التي بين وابدته وابنة خاله، فشعر أن هناك شيء يحدث من خلف ظهره.

نظرت ضحى إلى نغم التي تجاهلت وجودها ولم تنظر إليها، بل كانت كل نظراتها مصوبة نحو جاسر.

انهت نغم طعامها فدنا منها جاسر وهمس إليها قائلًا:
—حبيبتي، ما رأيك أن اصطحبك في نزهة عبر الحقول الخضراء؟

ابتسمت نغم وعلقت قائلة:
—هذه فكرة رائعة  للغاية.

نهض جاسر وتحدث مع والدته قائلًا:
—أمي، سوف أصطحب نغم في جولة؛ لتتعرف على بلدتنا.

أومأت الأم برأسها وعلقت قائلة:
—حسنًا بني استمتعا بوقتكما.

نظر جاسر إلى والدته وقد أصبح على يقين من أن هناك شيء تقوم والدته بالتخطيط له فحدث نفسه قائلًا:
—تمنيت لو أستطيع أن أعبر داخل عقلك فأعرف ما الذي يدور بداخله وما الذي تخطيين له.

أومأ جاسر برأسه وأمسك بيد نغم وغادر المنزل.

وقفت الأم في متسمرة في مكانها، دنت منها ضحى وحدثتها قائلة:
—عمتي، ماذا بكِ؟!

نظرت الأم إلى ضحى وحدثتها قائلة:
—أشعر أن جاسر  بدأ ينتبه إلى أن هناك أمر يحدث من خلف ظهره.

علقت ضحى قائلة:
—عمتي، هل ستتخلين عني؟ هل سنترك جاسر لتلك الفتاة تستحوذ عليه وعلى قلبه؟!

نظرت الكبيرة إلى ضحى وحدثتها قائلة:
—حسنًا لننهي ما بدأناه، إذهبي إلى الشيخ جعفر وأخبريه إنني قادمة لمقابلته ولا أريد أن يعرف أحد بهذه المقابلة.

علت الابتسامة وجه ضحى وأسرعت بالذهاب إلى الشيخ جعفر(الشيخ جعفر هو دجال يعمل بالسحر والشعودة)

بعد قليل عادت ضحى وحدثت عمتها وقالت:
—عمتي،  الشيخ جعفر في انتظارك.

تخفت الكبيرة وذهبت إلى الشيخ جعفر الذي رحب بها كثيرًا فحدثته قائلة:
—لا أعتقد في اعمال الدجل والشعوذة التي تقوم بها، ولكنك اليوم سوف توضع في امتحان إن نجحت فيه سوف أعطيك كل ما تريده من أموال.

ابتسم الشيخ جعفر وعلق قائلًا:
—سوف أوفق فكل ما أقوم به من أعمال تأتي بثمارها.

تحدثت الكبيرة إليه وقالت:
—لقد تزوج ابني بدون رغبتي، ولا أريد لهذه الزيجة أن يكتب لها التوفيق.

اومأ الشيخ جعفر برأسه وعلق قائلًا:
—حسنًا لقد فهمت ما تريدينه ولكن هذا الأمر يتطلب أن تحضري شيء خاص بها.

نظرت الكبيرة إلى ضحى فقامت بأعطاء الشيخ جعفر قطعة من ملابس نغم الداخلية، التي قامت بأخذها من الحقيبة الخاصة بها.

علت الابتسامة وجه الشيخ جعفر ثم قام بإعطاء الكبيرة بعض الأوراق وحدثها قائلًا:
—هذه الأوراق قومي بحرقها وضعيها في المشروب الخاص بها يومين وستظهر النتيجة.

علت الابتسامة وجه الكبيرة وعلقت قائلة:
—لو حدث المراد سوف أقوم بإعطاءك مكافأة كبيرة.

غادرت الكبيرة منزل الشيخ جعفر وعادت إلى منزلها لتكمل ما بدأته من تخطيط.

صرخت على أمينة(ابنة عم جاسر وهي تقيم معها في المنزل منذ وفاة والديها في حادث أثناء أداءهم مناسك الحج.

اسرعت امينة وتحدثت قائلة:
—ما الأمر يا كبيرة هل حدث شيء ما؟!

دنت الكبيرة من أمينة وحدثتها قائلة:
—أمينة،  لا أستطيع أن أتقبل زواج جاسر بتلك الفتاة، لذلك أريد منكِ أن تساعديني في التخلص من تلك الفتاة.

نظرت أمينة إلى الكبيرة وقد بدى عليها التعجب والذهول وعلقت قائلة:
—هل تريدين قتل العروس الجديدة؟!

ضحكت الكبيرة وعلقت قائلة:
—هل جننتي؟! هل تعتقدين إنني سوف اتخلص من نغم بالقتل؟! كل ما أريده هة التخلص من تلك الزيجة؛ فالأحق بالزواج من جاسر ه ابنة خاله ضحى.

أومأت امينة برأسها وعلقت قائلة:
—حسنًا سيدتي، ما الذي تريدين مني فعله؟

قامت الكبيرة بإخراح بعض الأوراق واعطتها لأمينة وقالت:
—سوف أطلب منكِ إعداد كوبًا من القهوة لنغم، حينها سوف تقومين بحرق بغض هذه الاوراق ووضعها في القهوة، وما إن تنتهي من إعداد القهوة سوف تقومين بإزالتها وإحضار القهوة لنغم.

نظرت أمينة إلى الكبيرة وقد بدى عليها الذهول وعلقت قائلة:
—كيف تعتقدين في هذه الخرافات؟! هل هذه الوريقات ستفرق بين جاسر وزوجته لا اعتقد ذلك؟!

نظرت الكبيرة إلى أمنية وقد بدى عليها الضيق وتحدثت قائلة:
—أمينة، هل ستساعديني أم لا؟

نظرت أمينة إلى ضحى وقالت:
—لماذا لا تطلبين من ضحى أن تقوم بفعل هذا الأمر؟

الكبيرة وقد تملكها الغضب تحدثت قائلة:
—أمينة،  لقد بدأ صبري ينفذ، سوف يمنع جاسر نغم من احتساء أي مشروب من يد ضحى، أما أنتِ فلن يشك جاسر بكِ.

أومأت أمينة برأسها وعلقت قائلة:
—حسنًا يا كبيرة سوف أفعل كل ما تريدينه، فأنا أعتقد أن هذه الأمور لا تجدي نفعًا.

ابتسمت الكبيرة وعلقت قائلة:
—دعكي من اعتقادك هذا وافعلي  ما طلبته منك فقط.

انصرفت أمينة إلى المطبخ وهي تحدث نفسها قائلة:
—لم أكن لأفعل شيء يضر أحد ولكنني على يقين تام أن هذا الأمر لن يجدي نفعًا، لذلك سوف أفعل ما طلبته الكبيرة حتى لا تطلب من أحد أخر شيء أكثر مما تطلبه مني.

نغم تركض في الحقول الخضراء وخلفها يركض جاسر وما إن أمسك بها حتى سقطت على الأرض.

افترشت الأرض وتحيط بها الزرع من كل جانب.

افترش الأرض بجوارها جاسر وحدثها قائلًا:
—حبيبتي هل أنتِ سعيدة؟

علت الابتسامة وجه نغم وعلقت قائلة:
—لم اكن سعيدة في حياتي بقدر سعادتي الآن، فمنذ أن تزوجنا وقد عرفت المعنى  الحقيقي للسعادة، فصرت أحب الناس إلى قلبك وصار وجهك أجمل الوجوه ورائحتك أذكى الروائح.

علت الابتسامة وجه جاسر وعلق قائلًا:
—لا أخفي عليكِ كان لدي بعض المشاعر الكامنة بداخلي تجاهك منذ اليوم الأول الذي رأيتك فيه ولكنني لم أظهر ذلك ليقيني التام أنه لا يصح.

أما الآن فقد شاء الله أن يربط مصيرنا ببعض، وإنني أحمد الله كثيراً فما رأيت منكِ في الفترة القصيرة التي مضت على زواجنا سوى الحب والحنان،  وصرتي أنتِ القريبة إلى قلبي.

نظرت نغم إلى جاسر وعلقت قائلة:
—لقد مضى الوقت سريعًا دون أن نشعر به، علينا أن نعود حتى لا تصاب والدتك بالضيق.

نظر جاسر إليها وشرد محدثًا نفسه:
—قلبي لم يعد مطمئنًا لوجودنا في ذلك المنزل، تمنيت لو أستطعت أن أغادر الآن فلدي شعور أن هناك أمر يدرب لنا ولكنني لن ادعهم يقتربون منكِ.

نظرت نغم إلى جاسر وقد بدى عليها التعجب فعلقت قائلة:
—جاسر إلى أين ذهب بك شرودك؟!

انتبه جاسر إلى حديثها، ثم علق قائلًا:
—هيا بنا وليقضي الله أمرًا كان مفعولًا.

تعجبت نغم وعلقت قائلة:
—ما الذي تعنيه بذلك؟!

علت الابتسامة وجه جاسر وعلق قائلًا:
—لا أعني شيء هبا بنا.

داخل منزل الكبيرة.
تجلس الكبيرة تنتظر وصول جاسر وزوجته إلى المنزل، وتأمل أن يأتي العمل الذي فعله الشيخ جعفر بثماره.

وصل جاسر إلى منزل والدته وهو يتوخى الحذر من كل شيء حوله دون أن يشعر نغم.

جلس بجوار والدته فنظرت الكبيرة إلى ضحى وحدثتها قائلة:
—ضحى، إذهبي وأعدي لنا القهوة.

نظر جاسر إلى ضحى وعلق قائلًا:
—لا،  لا نريد أن نحتسي شيء.

نظرت نغم إلى جاسر وعلقت قائلة:
—جاسر، إنني أريد أن أشرب فنجانًا من القهوة.

علق جاسر قائلًا:
—حسنًا سوف أقوم أنا بإعدادها لكِ.

شعرت الكبيرة بالغضب وعلقت قائلة:
—منذ متى وأنت تقوم بإعداد القهوة؟!

جاسر علق بغضب وقال:
—لا لن تحضر ضحى القهوة لنغم، إنني اعلم ما تكن ضحى لنغم من مشاعر.

نظرت نغم إلى جاسر وقدى عليها الذهول فهمست إليه وقالت:
—جاسر، ما الذي تقوله؟! لا يجب عليك أن تحرج الفتاة بهذا الشكل.

نظرت ضحى إلى الكبيرة وعلقت قائلة:
— عمتي، أسمحي لي فلن أستطيع الانتظار بعد هذه الكلمات الجارحة.

غادرت ضحى المنزل بعد أن تظاهرت بالحزن والضيق.

نظرت نغم إلى جاسر وحدثته قائلة:
—انت بذلك تزيد من احتقان الأجواء بيني وبين والدتك.

قامت الكبيرة باستدعاء أمينة وطلبت منها أن تقوم بأعداد القهوة، ثم نظرت إلى جاسر وحدثته قائلة:
—هل لديك رأي  آخر؟!

نظر جاسر إلى أمينة وعلق قائلًا:
—لا ليس لدي مانع؛ فأنا أعرف أمينة جيدًا.

شعرت أمينة بالحرج وذهبت إلى المطبخ لإعداد القهوة.

تظرت نغم إلى جاسر وعلقت قائلة:
—ما الفرق بين أن تعد ضحى القهوة أو أن يعدها غيرها؟!

نظر جاسر إلى زوجته وعلق قائلًا:
—أمينة مثل أختي تمامًا، منذ وفاة والديها وقام أبي رحمة الله عليه بإحضارها إلى هنا وتولى تربيتها، سوف تعلم القهوة وهي تتمنى لنا السعادة وهذا الأمر لن يحدث بالنسبة لضحى.

وفي المطبخ وقفت أمينة مترددة تفكر فيما ستفعله، هل تعد القهوة دون أن تضع تللك الاوراق بها أم أنها لا تنفذ ما طلبته منها الكبيرة؟! وحينها سوف تسيء الكبيرة معاملتها ولا تعلم ما الذي يمكنها أن تفعله بها.

وبعد طول تردد امسكت أمينة بالأوراق وقامت بوضعها داخل المياه ثم أخرجتها ثانية بدون أن تحرقها، ثم حدثت نفسها قائلة:
—هكذا عندما أقسم لها إنني وضعت هذه الأوراق سوف أكون صادقة.

أمسكت أمينة بالماء وثم وضعت القهوة والسكر لتعد مشروب القهوة الخاص بنغم.


بعد إعداد القهوة قامت أمينة بتقديمها إلى نغم التي نظرت إليها مبتسمة ثم علقت قائلة:
—أمينة سلمت يداكي، رائحة القهوة تبدو جذابة للغاية.

نظرت الكبيرة إلى أمينة التي أومأت لها برأسها علامة على تنفيذ ما طُلب منها.

تناولت نغم القهوة وبعدها جلست تتحدث إلى أخيها عبر الهاتف.

وعبر الهاتف تحدث رائد إلى شقيقته وقال:
—حبيبتي، كيف حالك؟

ابتسمت نغم وعلقت قائلة:
—أخي، إنني اقضي شهر عسل مختلف تمامًا عن ما كنت أتوقعه.

علت الابتسامة وجه رائد وتحدث إليها قائلًا:
—اتمنى ألا يحدث ما يعكر صفو العروسين.

علقت نغم على حديث أخيها وقالت:
—لا تقلق أخي فلدي زوج رائع ويحبني كثيرًا.

ابتسم رائد وعلق قائلًا:
—متى سوف تعودون؟

نظرت نغم إلى زوجها وعلقت قائلة:
—سوف نعود قريبًا بإذن الله، فعلى جاسر أن يعود ليستأنف عمله.

انهى رائد حديثه بعد أن اطمئن على شقيقته.

في اليوم التالي.

بعد أن أنهى الجميع إفطاره نظرت الكبيرة إلى جاسر وحدثته قائلة:
—جاسر، عليك أن تذهب لزيارة الحاج مرعي عمدة البلد؛ لقد سقطت اليوم مغشيًا عليه وقاموا بنقله إلى منزله.

اومأ جاسر برأسه وعلق قائلًا:
—حسنًا أمي، سوف أذهب أنا ونغم لنطمأن عليه.

نظرت إليه والدته وتحدثت قائلة:
—بني، منزل الحاج مرعي مليء بالرجال الذين يتوافدون للأطمئنان عليه، فلا أرى داعيًا لأن تصطحب معك زوجتك إلى هناك.

نظرت نغم إلى زوجها وحدثته قائلة:
—جاسر والدتك لديها الحق فيما تقول،
أذهب أنت وقم بالاطمئنان عليه ثم عد إلى هنا بعد ذلك.

أومأ جاسر برأسه ثم دنا من نغم وقام بمعانقتها، وهمس إليها قائلًا:

—انتبهي على نفسك، سوف أعود سريعًا.

ابتسمت نغم وعلقت قائلة:
—لا تقلق بشأني سوف أنتظرك حتى تعود.

غادر جاسر متجهًا إلى منزل الحاج مرعي، نظرت الكبيرة إلى نغم وعلقت قائلة:
—ما رأيك في أن نتناول فنجانًا من القهوة من يدي؟! فأمينة ذهبت إلى السوق لتشتري بعض الأغراص اللازمة.

ابتسمت نغم وعلقت قائلة:
—سيدتي هذا كرم زائد منكِ، سوف أقوم بإعداد القهوة بنفسي ولا داعي لتعبك.

ابتسمت الكبيرة بدهاء ومكر وعلقت قائلة:
—انتِ عروسة ابني وهذا أقل شيء أقدمه لكي حتى تعلمي مدى مكانة في قلبي.

ذهبت الكبيرة لإعداد القهوة، بينما جلست نغم تحدث نفسها وتقول:
—يبدو أنني كنت قاسية للغاية في حكمي على الكبيرة.

دلفت الكبيرة إلى المطبخ وأمسكت بالأوراق وقامت بحرقها، ثم حدثت نفسها قائلة:
—اتمنى أن يكون هذا الفنجان هو أخر ما تقومين بإحتسائه في هذا المنزل.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي