الفصل الثاني عشر من الجزء الثاني حامل

كانوا يجلسون وكلًا من موسى ومارجريت يتمنوا أن ينتهي هذا اليوم سريعًا، لم تعد مارجريت قادرة على سماع حديثه ليديا وهي تحاول أن تكتسب ودهم من جديد:

-كما اخبرتكم الآن، جميعهم يرغبون في جعل مارجريت تعاني، نعم لقد كنت أحاول أن أبقى معهم، لكنني لم أستطيع في النهاية و..

قاطعها صوت مارجريت الغاضب وهي تحرك رأسها بعدم استيعاب:

-ما الذي تقوليه أنتِ؟ من الذي يرغبون في جعلي أعاني لا أفهم؟

نظرت ليديا إليها وهي تشعر بالكثير من الارتباك، لا تعلم كيف عليها أن تكمل الشيء التي بدأته تحت أنظارهم المترقبة:

-أقصد ياسمين، أنتِ تعلمين أنها لا تريدكِ أن تصبحي الملكة وهي تحاول أن تفسد كل شيء، أنا أحاول أن أساعدكِ الآن، أحاول أن أبقى معكِ جنبًا إلى جنب.

ضحكت مارجريت وهي تحرك رأسها بتهكم شديد:

-أتساءل منذ متى وبدأ ضميركِ الميت في الحياة يا ليديا! هل تظنين أنني فتاة غبية حتى أصدق حديثكِ التافه هذا؟

شعرت ليديا بالكثير من الغضب ولكنها تمالكت نفسها لتنظر لها بحزن مصطنع:

-هذا حقكِ يا مارجريت بعد كل شيء حدث لم تعودي تستطيعي الثقة، لكن الآن لم يعد شيء مختبأ، أنا هنا أمامكِ أعترف بكل شيء.

همت مارجريت لتتحدث بغضب شديد ولكن موسى أمسك بيدها وهو يحثها على الهدوء:

-اكملي يا ليديا ماذا بعد؟ ما الغرض من كل هذا الحديث؟

اجابتها ليديا وهي تشعر بالضيق الشديد من هذا التحقيق التي بدأته مارجريت والآن سوف يكمله موسى:

-أنا لا أربد شيء سوى الهدوء والسلام، يمكنني أن أتنازل عن الحكم إلى مارجريت ولكن لا أضمن وقتها الشيء التي ستفعله ياسمين وسيفعله الكثيرون، دعونا نبقى أصدقاء وما إن تمر هذه الفترة وتبتعد ياسمين عني يمكن لأي شيء أن يكون بخير.

ابتسمت مارجريت ساخرة وهي تسخر من حديثها وتعلم أنها من الأكيد أنها تدبر شيء:

-أنتِ حقًا فتاة مخادعة يا ليديا، تظنين أنني سوف أصدق حديثكِ التافه هذا!

لقد بدأت ليديا في النجاح بالفعل وهي ترى انفعال مارجريت ويد موسى تمسك بيدها وتحثها على الصمت، قررت أن تكمل الحديث دون أن تهتم بحديثها:

-ما الأمر يا مارجريت؟ لماذا تتعاملين معي بتلك الطريقة؟ أنا نسيت كل شيء فعلتيه بي وكيف كنتِ سيئة التعامل معي، لماذا لا تتعاملي معي بشكل طبيعي؟!

ضحكت مارجريت بتهكم وهي تسخر منها:

-تسألين لماذا؟ أحقًا ترغبين في المعرفة يا ليديا؟ لطالما كنتِ فتاة خبيثة ولطالما تعاملتي بطيبة وود مصطنع.

شعرت ليديا أن موسى غير راضٍ على حديث مارجريت وإن كل ما يرغب به هو السلام وحسب، أدعت ليديا الانكسار والحزن:

-هذا ما أقوله يا مارجريت، كل شيء كان في الماضي، أنا بالفعل طلبت من موسى الزواج ولكن لم يكن هذا خبث مني أنا لم أكن أعلم أنكِ تحبيه وترغبين في الزواج به، مع ذلك أنا اعتبرت هذا الشيء في الماضي وانتهينا.

ابتسمت مارجريت بسخرية وهي تطالعها بغضب شديد:

-هل تظنين أنني غبية ولا أفهم أنكِ تمثلين هذا؟

انفعل موسى وهو ينظر إليهم:

-انتهينا من هذا الحديث التافه، مارجريت اصمتي لبعض الوقت أما أنتِ يا ليديا إن أردتِ السلام ابتعدي عن طريقنا، في النهاية لا يجمعنا شيء ولا أريد أن يحدث هذا.

كانت ليديا تطالعه بحزن بينما مارجريت لا تتوقف عن السخرية منها، كأنها تنتقم منها بسبب كل شيء حدث، وقفت ليديا وهي تتمالك أعصابها وشعور الغضب داخلها:

-أنا سوف أذهب، كما اخبرتكم لا شيء سيتغير وسوف أفعل ما نصحتني به يا موسى.

ذهبت لتنظر مارجريت إلى موسى بغضب شديد:

-أتساءل ما الذي تحاول أن تفعله يا محب السلام أنت؟ هل صدقت حديثها؟ دعني أحذرك إن فعلت هذا سوف تخسر كثيرًا وأول من تخسره هو أنا.

انفعل موسى وهو ينظر لها بغضب:

-مارجريت اهدئي حتى تستطيعي أن تفكري بشكل جيد، لا يمكنكي أن تأخذي أي قرار وأنتِ في هذه الحالة.

نظرت له ومن ثم ابعدت وجهها بضيق شديد، تتمنى من كل قلبها أن تنتهي ليديا من هذه الحياة لعلها ترتاح قليلًا، كان موسى يلاحظ تشتتها الشديد وحاول أن يجعلها تهدأ ولكن بلا أي فائدة.
-------
أعطت حبيبة الهاتف إلى هدى لترى أن علي قد قام بارسال لها رسالة وهو يقوم بتهديدها من اخبار والدها بالأمر وإلا ستزداد الأمور سوءً.

حركت هدى رأسها بنفي وهي لا تريد أن تجعلها تتوتر أكثر من هذا:

-لا تعطي لهذا اهتمام يا حبيبة، لن يقدر على فعل شيء، من الأكيد أن أرسل هذه الرسالة وقام بتهديدكِ لأنه خائف، ما حدث يدل على خوفه الشديد لا أكثر.

نظرت حبيبة إليها والدموع بعينيها:

-صدقيني أنا لم أكن أريد هذا الشيء، لم أكن أرغب في حدوث هذا، أنا أكره هذا الشخص كثيرًا، لا أعلم كيف يمكنه أن يكون بهذا السوء يا هدى، حتى أنه لم يفرق لديه إن شاهدوني أصدقائه بتلك الملابس العارية الذي اختارها لي وجعلني أرتديها!

قامت هدى بضمها وهي تحاول أن تجعلها تهدأ، انفجرت الأخرى في البكاء وهي تحرك رأسها بعدم استيعاب:

-لم أصدق أنه سيفعل هذا بي، طوال حياتي لم أفكر في الأمر حتى، أنا المخطأة في النهاية لأنني وثقت به.

مر أسبوعين وكان لقاء سليم بعلي اللقاء الدامي الذي استطاع من خلاله أن يجعله يمكث في المستشفى لوقت لا بأس به، كانت هدى تجلس في جامعتها وهي ترى علاء يقترب منها ليلقي التحية عليها:

-كيف حالكِ يا هدى؟ ما الأمر يا صديقتي هل ضايقكِ أحد؟ لماذا تبدين حزينة هكذا؟!

حركت هدى رأسها بنفي وهي تجيبه بهدوء:

-لست حزينة يا علاء، أنا أفكر فقط في بعض الأشياء التي تشتتني.

أومئ علاء لها وهو سعيد انه استطاع أخيرًا أن يحصل على ثقتها:

-يمكنكي أن تتحدثي معي حتى لا يكون هناك المزيد من التشتت يا هدى.

حركت هدى رأسها بنفي وهي لا تريد أن تتمادى في الحديث معه حتى لا ينزعج ليث وهي تعلم أنه يرفض هذا كل الرفض:

-لا تشغل بالك يا علاء، لا يوجد مشكلة.

كاد علاء أن يتحدث مجددًا ولكن قاطعهم اقتراب مازن منهم وهو يطالعهم بغضب شديد:

-اخبريني يا هدى ما الذي تفعليه هنا؟

علم علاء أن هذا اللقاء لن يمر على خير واقترب من مازن في محاولة منه للتحدث معه:

-ماذا بك يا مازن؟ لا تضايقها.

رمقه مازن بغضب ووقفت هدى لتبتعد عنهم ولكنه قاطعها بالوقوف أمامها من جديد وهو يخبرها باصرار:

-يجب أن نتحدث معًا الآن، لا أريد أن أفقد أعصابي ووقتها لن يعجبكي أي شيء هنا، أنتِ لا تستطيعي أن تريكل الحقيقة وعليكِ أن تبتعدي عن علاء ولا تريه مجددًا.

اقترب علاء وهو يتحدث بانفعال شديد:

-ما الذي تحاول أن تفعله يا مازن؟ أنت تحاول أن تدمر علاقتي بها من أجل ان تبقى بجوارها دائمًا؟

ابتسم مازن ساخرًا وهو يقوم بدفعه بقوة محذرًا إياه:

-يبدو أنك صدقت نفسك حقًا يا علا، هل اصبحت الآن الشاب الجيد؟ ألم تكن هذه الفتاة نفسها من كنت على وشك الجنون من أجلها ونصبت لها الفخ! اخبرني ما الذي تريده أنت بعد كل شيء حدث؟

نظرت هدى له وإلى علاء وهي لا تفهم إلى ماذا يشير حديث مازن، لاحظ مازن هذا ولكنه عزم على التحدث مهما كلفه الأمر:

-أنتِ لا تفهمين شيء الآن ببساطة لأنكِ لا تتذكرين يا هدى، لا تتذكرين كيف كان هذا الحقير يتعامل معكِ وأنا من وقفت بجواركِ، لم تتذكري أنكِ ذهبتي معي إلى المنزل لتجديه هناك وأنا كالغبي قد استفقت متأخرًا.

اتسعت أعينها بصدمة وهي تنظر لهم بتعجب شديد، كانت أنفاسها تتعالى ولا يمكنها أن تصمد أكثر بعد أن توالت على رأسها الكثير من ذكريات هذا اليوم، صعودها مع مازن إلى السيارة واقترابها من الشقة، شعرت بأن رأسها تدور.

لاحظ مازن أنها وضعت يدها على رأسها لتخفضها من بعدها وهو يعلم أنها الآن تتألم:

-ما الذي حدث لكِ وجعلكِ تتألمين بتلك الطريقة؟ هدى اخبريني هل أنتِ تسمعيني، هل أنتِ بخير يا فتاة؟

ابتلت ما بحلقها وهي تبتعد عنه، حركت رأسها بنفي:

-أنا لا أعلم عن ماذا تتحدث، توقف عن هذا، أنا أريد الذهاب لا تقف أمامي، أنا أحذرك.

ذهبت بسرعة، لم تكن تسير بل كانت تركض وتسير الذكريات أمامها في تتابع، لقد بدأت ملامحهم توضح أكثر وها هي بدأت في تذكر الكثير من الأشياء التي كانت غائبة عنها تمامًا.
------
كان موسى يقف أمام مارجريت وهو يتحدث بنفاذ صبر:

-لقد ارسلتِ نرجس لي وجعلتيني أعود من العمل باكرًا اخبريني ما الذي ترغبين به يا ترى؟

نظرت له بغيظ وهي تشير له على كرسي الطاولة:

-أجلس هنا واستمع لي يا موسى، يمكنك أن تعوض عملك فيما بعد، أما الآن أنا أهم من جميع أعمالك.

ضحك كوسى وهو يحرك رأسه بإيجاب:

-هذا صحيح يا حبيبتي، أنتِ الأهم من كل شيء.

ابتسمت وقد ظهر عليها الخجل كما يظهر عليها الكثير من القلق، كان يلاحظ أنها تحرر شعرها وهذا الشيء جعله يعلم أنها تفكر في الكثير من الأشياء جعلها لا تهتم لشعرها المنسدل بعشوائية:

-ما الذي يجعلكِ تقلقين بتلك الطريقة يا مارجريت؟ كل شيء يحدث اليوم يجعلني ألاحظ بوضوح أن هناك شيء غريب بكِ، أيضًا منذ متى وأنتِ تعودي من العمل باكرًا هكذا؟ هل مازالت ليديا تعاملكُ بلطف؟

امتعضت ملامحها وهي تنظر له:

-لا تأتي بسيرة هذه الفتاة البغيظة، هي لا تفعل شيء من أجلي بل من أجل نفسها، تريد أن تحصل عليك وأن تجعلك تبتعد عني يا موسى، أردت أن تصدق هذا أو لم تريد هذا الأمر يخصك يا موسى.

ضحك موسى وهو يقف مقتربًا منها:

-حسنًا لا تغضبي يا فتاتي، أنا كنت أتحدث معكِ بعفوية ولم أقصد أن أضايقكِ أبدًا، كوني هادئة.

أخذت نفس عميق وهي تنظر له ومازالت كما هي كلما اوشكت على التحدث تصمت ولا تعلم ما الذي يجب عليها أن تفعله، قرر موسى أن يبدأ هو الحديث لعله يزيل حمل الكلمات عنها:

-ما الذي يحدث يا مارجريت؟ يمكنكي ان تخبريني بالشيء الذي يشغل بالكِ ويجعلكِ مشتتة إلى هذا الحد، أنتِ أتيتِ بي إلى هنا من أجل ان تتحدثي معي أظن هذا!

نظرت له وهي تلاحظ الاهتمام الذي يندلع من عينيه، تساءلت ما الذي يجب عليها أن تقوله ولا تعلم ماذا سيكون رد فعله، أخذت الوقت لتحسم أمرها وتتحدث إليه في النهاية:

-أنا حامل يا موسى.

اتسعت عينيه بعدم استيعاب، شعر أن الزمن قد توقف عنده لبعض الوقت بينما هي لم تستطيع أن تتمالك أعصابها وانهارت دموعها على وجنتيها، لم يكن يعلم هذا الشعور الذي يشعر به هل هو سعيد أم قلق؟

ابتلع ما بحلقه وقام بسحبها ليقوم بضمها وهو يسألها بلين:

-لماذا تبكين يا حبيبتي؟ أظن أن هذا الأمر أكثب من جيد!

نظرت له وعينيها مليئة بالدموع، قامت بمسحها بعشوائية وهي تشعر بقلبها يرتجف:

-بالتأكيد سيكون هذا الأمر جيد للغاية إن كانت القوانين مختلفة يا موسى لكن الحياة ليست كذلك، هذا الطفل سوف يتم سحبه منّا، لن يتمكن من العيش بيننا بسلام، لا أعلم أين سوف يأخذوه وماذا سيفعلوا به؟

انهارت في البكاء وهي تشعر أن قوتها في التماسك قد تبخرت ولم يعد لها أي وجود:

-أنت لا تتذكر القوانين؟ لا تعلم أن هذه الجزيرة لا وجود للأطفال بها؟ يتربون بعيدًا عن أحضان أمهاتم ولا أحد يعلم أين يذهبون، لا أظن أننا سوف نتحمل هذا الشيء يا موسى.

لقد استطاع أن يفكر بجدية في هذه القوانين البشعة والذي يبغضها قلبه أكثر من أي شيء آخر، حاول أن يتمالك أعصابه من أجلها وهو لا يعلم كيف عليه أن يجاري كل شيء يحدث، حتى عندما علم أنه علة وشك أن يصبح أب انقلب كل شيء رأس على عقب.

نظر لها وهو يتساءل هل سيكون كل شيء يحدث عبارة عن ذكرى في حياته ولن يكون مستقبل سيعيشه؟ ابتلع ما بحلقه ومن ثم قام بسؤالها:

-ما الذي تفكرين به؟

اجابته بصوت يتمزق له القلوب وهي لم تعد ترى حل آخر يناسبهم ويكون بعيد عن حرق قلوبهم على طفلهم القادم وهم لا يستطيعوا أن يتعرفوا عليه حتى:

-سوف أقوم باجهاض الطفل يا موسى، صدقني لا خيار لي، أنا وأنت لا يمكننا التحمل عندما نراه بين أيدينا ويتم سحبه منّا، الحل الوحيد أن أقوم باجهاضه.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي