خمسون

"سيدي لقد توصلنا بأخبار لا أظن أنها سوف تعجبك"

قالها أحد الحراس وهو ينحني أمام سيده بإحترام شديد لينظر إليه الآخر وهو يقول:

"قل ما لديك يا ري أخبرني"

"سيدي الأسف الاميرة سيليا لم تصل إلى المدينة المحرمة ولا أثر لها، لا هي ولا رفيقها ليان ".

توسعت عينيه ونظر إلى الحارس الذي كان يقف خلفه بسرعة، كان ينتقل من مكانه ليقف أمام ري الذي كان ينظر إلى الأرض ويقول:

"ما الذي تقصده بحق خالق السماء، عندما قلت أنك لم تجد سيليا في المدينة المحرمة ؟"

إبتلع الآخر ريقه بقوة شديدة ليقول:


"أقسم لك يا سيدي أنني كنت أراقبها عن كثب إلا أن الحرب التي حدثت مع سيد الظلام، جعلتني أعود إلى هنا من أجل المشاركة في الحرب ".

صفعه الآخر بقوة شديدة إلى أن سقط على الأرض، وهو ينظر إليه بغضب جنوني أفقده صوابه ليقول:

"أيها اللعين هل تعرف ما الذي فعلته؟ من طلب منك أن تعود إلى ساحة الحرب، من طلب منك أن تترك حماية سيليا ؟"

شعر ري في تلك اللحظات بالغضب, لينظر إليه ويقول :


" تبا لك بيروس أنت آخر شخص يحق له أن يتحدث عن الحماية، كم مرة أخبرتك عما يحدث معها من ضلم ، لماذا لم تسمح لي بأن أتدخل وأنقذها من والدها داعر ذاك قبل سنوات، لماذا عندما أخبرتك أن سيد الوحوش يحتجزها كجارية لم تسمح لي بتدخل؟"

"رررررررررري".


"انا لست اللورد هنا فقط ، أنا أتحدث معك بصفتي خال ولية العهد مملكة العنقاء، أتحدث معك بصفتي أخ وخال سيليا يا ري، لماذا سمحت لإبنة أختي بأن تغيب عن عيونك، لماذا لم تقم بحمايتها وجعلها تبقى هنا بجانبها تحميها من بعيد، أنت تعرف أنها سوف تكون بخطر بسبب الدماء التي تجري في عروقها، تعرف أنها ممكن أن تفقد السيطرة على نفسها بسبب لعنة ".

ظل اللورد ينظر إليه بصمت وغضب، قبل أن يرفع إصبعه في وجهه ويتحدث بأمر:


"جد سيليا يا ري وأعدها إلي، لم يعد يهمني أي لعنة من الأن فصاعدا الكل سوف يعلم بوجودنا نحن قبيلة الدم الملعون ".

قالها وهو يضغط على يده بقوة شديدة، بينما عينيه قد إشتعلت بحمرة كالجمر.

"لطالما كنت أظن أنك قاسي خاصة من ناحية سيليا، ولكن الآن تأكدت أنك فعلا قاسي ولا تملك أي ذرة للرحمة، كنت سوف إبنت أختي حتى لو لم تطلب مني ذلك".



قالها ري وهو يتحرك بعيدا عن المكان، تاركا للورد يعود بصدمة، ليجلس على عرشه وهو ينظر إلى الأرض.


"ما الذي يجب أن أفعله الأن؟ أنت أكثر شخص في هذا العالم يعلم أنني أحب سيليا أكثر مما أحب نفسي أو أي شخص آخر في هذا العالم ولكن بقائها إلى جواري سوف يقتلها".

قالها وهو يخرج بلورة سوداء من يده، ليرفعها إلى السماء ويقول:


"أمرك بإسم ملوك الظلام، أن تحمي ابنت أختي أينما كانت".


حلقت البلورة بعيدا بينما ظل اللورظ يتابعها بعينيه إلى أن إختفت تماما.

في نفس اللحظة التي خرج فيها ري من قلعة أخيه، وهو يضغط على يده بقسوة شديدة.




فلاش باك، قبل سنوات طويلة.




"ما الذي يحدث هنا"

قالها ري وهو يعود من ساحة التدريب، ليجد كل الخدم في قصر مملكة العنقاء، يتجمعون حول غرفة أخته المريضة، نظرت إليه إحدى الخادمات لتقول بتوتر:

"يا الهي سيدي اللورد الصغير، ما الذي تفعله هنا؟، أرجوك عد إلى غرفتك الأن ".

رفع أحد حاجبيه، وهو ينظر إليها بغرور ليقول:

"هل تظنين نفسك من أخبرك بأنك تمتلكين الحق في أن تأمرني، ماذا يجري هنا ؟!"

سأل بقوة وحزم هذه المرة وهو ينظر إليهم بشرار الذي جعل الجميع ينظر إلى الأرض، ليظهر الملك من خلفه وهو يضع يده على ظهره ليقول بتوتر:

" هي لم تكن تقصد أي شيء عزيزي ، فقط أختك بخير لم يحدث شيء معها، هي فقط ستحضر لنا شيئا جميلا سنلعب معه".

نظر إليه ري الذي كان قد بلغ السابعة من العمر تقريبا بشك ليقول:.

" ما الذي تقصده يا سمو الملك ؟".

ابتسم الملك وقبل أن يقول له أي شيء، خرجت الخادمة وعلى وجهها نظرات مصدومة.

"الطفلة... الطفلة..."

نظر إليها الملك بغضب قبل أن يتحرك بسرعة إلى غرفة زوجته، ليدفع الباب ويتبعه ري الذي تجمد في مكانه عندما وجد طفلة حديثة الولادة تطوف في السماء وحولا دماء على شكل خطوط سوداء، هنا فهم كل شيء وعرف أن لعنة التي كانو يخفونها عن الجميع من عقود في سلالتهم قد عادت لظهور.


اند باك



"أنا أعلم جيدا انك تعتبر إبنت أختنا شخصا ملعونا، ولكن هذا لا يخفي حقيقة أنني خالها مهما حدث".


في مملكة سيد الوحوش.



الصمت هو الشيء الوحيد الذي كان يحيط بالغرفة، صمت مرعب لدرجة انه كان بإمكانك سماع تدفق الدماء في عروقك، فتحت سيليا عينيها ووقفت جالسة على طرف السرير، وهي تضع يدها على حلقها:

"ارررغ ارغغ "

كانت حلقها يتمزق من الألم وهي تشعر أن حنجرتها على وشك أن تخرج، تنفسها كان سريعا بدرجة لا يمكن أبدا فهمها.

لقد كان قد مر أقل من خمس سنوات بالفعل، عن أخر مرة شعرت بذلك ولكنها كانت بذات الحالة مجددا ما الذي يتحدث معها:

"هل هو يحدث مجددا، هل نأخرت في نقل الدم، ألم يكن في الوقت المناسب؟".


تساءلت وهي تشعر بنفسها على وشك أن تموت حرفيا، نزلت دموعها بقوة لتقف من السرير، وهي تتحرك كما لو أنها ثملة فتحت الباب وتحركت بسرعة إلى الخارج وهي تقول پأنفاس متقطعة:


"بحيرة، أنا في حاجة إلى أن أجد بحيرة قريبة"

في نفس اللحظة كان اريوس يمشي على الطريق الأحمر الذي رسمه الخدم، وهو يحمل خلفه سيفه وسلاسل التي كان مربوطا بها قبل لحظات حطمها ولا يزال بعضها على معصميه يجرها على الأرضية لتطلق صوتا مرعبا:


" العطش "

همس بحلق جاف، وقد ظهرت أنيابه وسقط قناعه ليظهر وجهه الجميل وعيونه المسحوبة الزرقاء صافية.


على الرغم من جماله الكامل، ولكنه كان جمالا شيطانيا جمالا بمجرد النظر إليه مع أنيابه الظاهرة تلك، تشعر أنك على وشك أن تفقد روحك على يده.

"أنا أشعر بالعطش الشديد، أريد شرب الدم"


همس مرة أخرى وهو يمشي في المكان.

"تبا أنا عطش جدا أشعر بالإحتراق شديد جدا لدرجة أنني أشعر وكأن أمعائي ستتمزق، كيف... كيف أتخلص من هذا العطش الذي لا يمكن علاجه ما الذي علي شربه؟".

"هاااا"

"هاااا"

"أنا متعب جدا أنا متعب في نهاية هذا الطريق سيكون هناك قربان، طالما كنت بحاجة إليه إذا أخذته سوف أنسى هذا العطش المؤلم للحظات، علي الذهاب أجل علي الحصول على ذلك"

قالها اريوس وهو يغمض عينيه، ليفتحها مرة أخرى محاولا أن يصل إلى ذلك المكان، ولكنه توقف وهو ينظر إلى الخلف ويرفع رأسه وهو يشم رائحة شهية جدا .

"مستحيل هناك شخص آخر دماء أخرى"

همس وهو يلتفت لينظر إلى الرواق الذي تأتي منه تلك الرائحة المميزة.


بينما على الجانب الآخر كانت سيليا لا تزال تركض، وهي ترتمي بين الجدران،بينما هي تفكر:

"هل هذا هو الطريق الصحيح؟".

قالتخا بصعوبة وهي تتكئ على الجدار محاولة أن تتنفس بصعوبة، نظرت حولها وهي تهمس لنفسها:

"إن الظلام شديد, والغابة كثيفه الأشجار في جهة المقابلة للقصر"

حاولت المشي مرة أخرى وهي تسقط على الأرض لتقف بصعوبة شديدة وهي تلهث، كما لو أن روحها سوف تخرج من مكانها.


"لماذا لا استطيع سمع صوت المياه؟"

قالتها قبل ان تكمل طريقها وتدخل الغابة، وهي تشعر انها سوف تسقط في أي لحظة لم تستطيع أن تسيطر على نفسها أكثر.

فركضت بسرعة وهي تبحث إلى أن سقطت من جرف عالي في بحيرة من المياه، وعلى الرغم من ذلك لم تشعر أبدا بأن الألم يختفي عنها كما يحدث عادة عندما تنتابها الحالة بل إنه إزداد أكثر وهي تشعر بعضامها تتكسر.

صرخت بقوة وفي نفس اللحظة كان اريوس قد إقترب من البحيرة التي توجد فيها سيليا.


"إنها رائحة مميزة محفورة في ذاكرتي، رائحة مزعجة تجعل جسدي يتفاعل على الفور، جسدي كله كما لو كان مالكه"

قالها وهو يتبع تلك الرائحة، قبل أن يتوقف وهو يحارب نفسه من جديد ليقول :

"لا القربان الممنوح لي اليوم يتواجد في القصر وليس هنا فالغابة، يجب أن اشرب القربان الموضوع من أجلي في الوقت المحدد وإلا خرجت عن السيطرة"

ومع ذلك كان الأمر أشبه برياح تسحبه إلى المكان الذي يتواجد فيه صاحب تلك الدماء، التي تجعله على وشك أن يفقد روحه.

سعادة سيليا بلبحيره التي كانت قد ألقت نفسها بها، وبدلا من أن تشعر براحة، كانت تشعر وكأنها تركض في صحراء بلا نهاية، صعدت مرة أخرى إلى السطح لتسبح لضفة، وهي تشعر بأن جسدها سوف ينفجر من شدة الألم.


"هذا مؤلم هذا مؤلم جدا، ارجوكم ساعدوني هذا مؤلم "

صرخت بقوة شديدة، وهي تحاول أن تعالج نفسها بنفسها، ولكن بدون فائدة كانت بحاجة إلى شخص ما ليسحب منها طاقتها، توقفت عما كانت تفعله وهي تلتفت ببطء شديد.


"ما هذا الصوت"

قالت لنفسها قبل أن تستدير ببطء توسعت عينيها، عندما وجدت أمامها رجلا جميلا جدا بعيون زرقاء وشعر طويل يتجسد أمامها.


نظرت إلى عينيه لتقول وهي مسلوبة الإرادة:

"سيد الوحوش"

همست ليقترب منها بينما شعرت هي أنها تفقد كل قدرتها على تحكم بجسدها، الخطر كان يصرخ في وجهها حاولت الهروب منه، وهي تهمس لنفسها أنها بحاجة للخروج من ذلك المكان ومن ذلك الوحش الذي يراقبها بعيون زرقاء قاتلة تلك.


"يا إلهي لا أستطيع أن أحرك قدمي، يبدو الأمر وكان جسدي كله سوف ينفجر ماذا سوف أفعل؟! "

فكرت في نفسها وهي تتراجع إلى الخلف لتنظر إلى أريوس الذي كان يقف أمامها، اغمضت عينيها وهي تهمس لنفسها.


"سوف أموت هكذا؟"

لم تشعر سيليا سوى بأريوس يضمها بقوة ويغرز أنيابه التي كانت تخترق رقبتها، والألم الذي كان يتفجر في داخلها، كان يبتعد شيئا فشيئا إلى أن أصبح لا شيء .


عادت ذاكرتها الى يوم بعيد جدا، ذلك الوقت لم تكن تستطيع أن تتذكر فيه وجه سيدي الوحوش جيدا، ملامحه الحادة وعينيه الفارغة يديه صلبتين وجسده الذي كان يحتويها كلعبة صغيرة، على الرغم من أنه كان لا يزال شابا يافعا، وهي كانت هشه للغاية لم يسأل أحدهما حتى ما إسم الآخر ولا حتى من هو.


شعرت أنها سوف تفقد وعيها في أي لحظة،عينيه كانت مرعبة للغاية وهو يمتص دمها لم ترى بهم سوى الفراغ فقط.


الشيء الوحيد الذي كان يجيده الوحش الذي يحتضنها الأن، الكلمات الوحيدة التي كان قادرا أن يخرجها كانت تعريفا للموت نهاية العالم كلمات الشيطان، يمكن القول إنه كان شيطانا يراقص الموت.

عندما فتحت عينيها في المرة الثانية كانت في غرفتها، قفزت بسرعة وهي تنظر إلى كل شيء من حولها قبل أن تضع يدها على رقبتها وهي تقول بدهشة:

"اللعنة ما الذي حصل لي ؟"

قالتها وهي تركض إلى النافذة التي كانت في غرفتها، لتجد أن الصباح كان قد حل بالفعل.


ركضت مرة أخرى إلى المرآة وهي تنظر إلى رقبتها بتفحص، لم يكن هناك أي جرح.

"هذا أمر مستحيل، من المستحيل أن أكون حية، إلا إذا تخلصت من الدماء، هل يعقل أنما رأيته ليلة أمس كان حلما، ولكن..."

شعرت بألم شديد يضرب برأسها الأمر الذي دفعها إلى أن تاخذ كوبا من الماء، قبل أن تجلس على السرير وهي تنظر إلى كل شيء تحاول ان تستعيب ما حدث معها، أخر مرة تتذكره هو أنها كانت في جناح جويا ما الذي حدث؟.


من أجل أن تفهم الأمر كان لابد لها أن تخرج من غرفتها، عندما فتحت باب غرفتها التي كانت تقيم فيها لحظت شيئا غريبا فورا.


كان الأمر مختلفا عما كانت تعهد من الخادمات، لم يكن يبتسمن أو يتحدثن كما هو الأمر في العادة، الجميع بدا كالأموات شاحبين لا حياة ولا إبتسامة، لقد كان الأمر مرعبا لدرجة أنه لا يوجد شيء إنساني بهم.

كانك ارواح فارغة ومرعوبة والأسوء أنهم كانوا مرتعبين من شيء ما لا تعرف مهياته.


"ما الذي حدث لهم بحق اللعنة؟"

تمتمت بغضب وهي تتحرك بعيدا عنهم، قبل أن تتفاجئ بشخص يقف أمامها، وهو ينظر إليها من الأسفل إلى الأعلى.

"علي الإعتراف أنك أقوى مما كنت أعتقد أيتها الصغيرة".

"لم يكن ينقصني إلا عجوز خرفة في حياتي البائسة هذه".

ضحكت فايا ملء فمها وهي تنظر إلى الفتاة التي تقف أمامها بفخر، قبل أن تخرج نفسا عميقا كانت تحبسه وهي تهز رأسها لتقول ما صدم الأخرى:

"لا أصدق أن سلالة الدم الملعون، من الممكن أن تكون بهذه الرقة أنت لا تشبهين جدتك ابدا، لقد كانت مدافعة شرسة "

نظرت إليها سيليا من الأسفل إلى الأعلى، كما لو أنها جاءت من عالم آخر لتقول بشك:


"أنا اسفة ولكن هل يصادف أنك مخطئة في شأني، وخلصتي بيني وبين شخص أخر ؟"

توقفت قليلا عن الكلام وهي تنظر إلى المرأة التي كانت تقف أمامها، وهي تنظر إليها بإبتسامة هادئة لتكمل سيليا وهي تحاول ذهاب من أمامها:


"لا أعرف ربما أنت مخطئة بيني وبين شخص آخر المعذرة أريد ذهاب للمطبخ"

ضحكت فايا بهدوء شديد، وهي تمسك يدها لتقول وهي تسحبها خلفها:


"تعالي أيتها الصغيره أنت تحتاجين إلى فهم الكثير من الأمور"

قالتها فايا وهي تسحب يدها.
"



يتبع....
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي