الفصل الخامس الموسم الثاني

الفصل الخامس الموسم الثاني

منذ الطفولة استمتع بالذكرة التصويرة الجيدة التي تجعلني أتذكر الأشياء بوضوح تام؛ لذا لم أنسي أبداً أدق التفاصيل، هذا الأمر كان السبب في تفوقي خلال الدراسة منذ الطفولة رغم المرض المزمن الذي كان يلاحقني منذ الولادة.


لذلك عندما أريد أن أتذكر الأشياء التي أحتاج إلى تذكرها تظهر بوضح وسهولة تامة، عندما أريد نسيان شيء لا استطع نسيانه أبداً مهما حاولت خلال حياتي حتى السقوط في غيبوبة لم يؤثر على هذه الذاكرة الواضحة.

في الصباح الباكر عند خروج من باب المنزل وجدت" الفطين" ينتظر بقلق أمام المنزل، عند رؤيتي أسرع إلي يخبرني:
- ليندا لا تذهبي إلى الأمير الثالث؟

- أنت مخطئ أنا لم أذهب إلى الأمير أن أذهب من أجل العمل مع هذا الرجل فقط لماذا تخلط الأمور ببعضها!

- ليندا أرجوكِ أستمعِ إلى لمرة واحدة؟ هذه المرة فقط!

- أعتذر لقد اتخذت قرار وهذا القرار نهائي لن يتغير أبداً.

صدم" الفطين" ثم نزلت دموعه في صمت وبعد ثواني معدودة قال:
- ليندا هل تستطيعِ العيش دون رؤيتي لمدة عام كامل؟

صعقني هذا السؤال الذي لا إجابة له لدي ولكن إجابه قلبي في صمت قائلاً:
(أيها الرجل أنت لا تعلم كم صعب إجابة هذا السؤال صعب لماذا تحاول تقييدي بهذه الطريقة).


عندما وجدني لا استطع الرد أمسك بكف يدي برقة وحزن ودموع تتساقط بغزارة قائلاً:
- ليندا أعلم بأنك تعشقني لذلك لا تستطيعين الإجابة على هذا السؤال.

- الأمر ليس كما تعتقد.

- إذن أخبرني بحقيقة هذا التصرف والقرار المفاجئ!

- ليس مجرد قرار مفاجئ أن قدر ومصير.

- ليندا أخبرني الحقيقة هل أحببتني يوماً!

(كان يعلم أن إجابتي على هذا سؤال بالحقيقة سوف يجعلني مقيدة به ولن أستطيع الإفلات من بين يديه).

لذا لم أستطع إعطاءه أجابه واضح، لأني كنت أشعر بالرعب من فقدانه إلى الأبد أذا نفيت هذا الأمر، أيضاً أخاف من الموافقة حتى لا تماسك بي أكثر.

(لذلك كنت أشعر بالجنون لعدم قدرتي على إجابة هذا السؤال البسيط).

عندما وجدتني صامته في حيرة من أمري ولم أستطع إجابته اعطاءه إجابة واضحة وصادقة.

سحبني من ذراعي إلى حضنه بقوة كلما حاولت الابتعاد والخروج من هذا الحضن الدافئ المريح كان يسحبني أكثر ويتماسك بي بكل قوته حتى خرجت المربية تخبره بغضب:
- سيدي أرجوك أبتعد عن سيدتي أنت أمام المنزل وهناك الكثير من المارة هذا الأمر لا يصح حدوث.

تركني وابتعد ورفع يديه يمسح دموعه دون أن ينتبه أحد ثم نظر إلى المربية بنظرة اطمئنان يخبرها:
- لا تقلقي يا بركة أن سيدتك داخل قلبي وعقلي امرأتي الوحيدة التي أعزها وأقدرها، لم أتركها إلى أحد لذا لا يهمني حديث الناس ونظرة المجتمع.


ظللت أحدق به أتذكر" الفطين" هذا الرجل القديم الذي وقعت في حبه منذ البداية عندما كان يهتم كثيراً بالأخلاق والسمعة والمبادئ وتساءلت:
(هل تغيرت شخصيته وتفكيره بسبب حبه إلي أما بسبب مكوثه في المستقبل لبضعة شهور).

ثم نظرت إلى المربية أخبرها:
- هيا يا بركة أخرجي الحقائب حتى نذهب لقد تأخرت كثيراً.

- أمرك سيدتي.

(فعلت ذلك من دون الاهتمام إلى مشاعره رغم قلبي الذي يتألم بشدة من أجله).

حينها أخبرني بجدية بكل قوة وغرور:
- ليندا أن تركني الآن وذهبتي إلى هناك لن أراكِ أبداً ليس عام واحد ولكن طول العمر.

هذه الجملة التي كنت أنتظرها حتى أشعر بالارتياح من حدوث الأشياء كما كانت من قبل، ولكن غروري وكبريائي كان أكبر من مشاعر حينها نظرت إليه بسخرية أخبره:
- حاول أن استطعت فعل ذلك؟

بعد ذلك أخذت حقائبي وذهبت إلى قصر الأمير الثالث، لكن هذه المرة لم أكن بمفردي مثل ما حدث في الماضي، كانت ترافقني إلى هناك المربية" بركة" حتى تمكث معي في القصر.

حينها تساءلت:
(كم أتمنى حقا أن هذا التغير الصغير يحدث بسببه شيء جيد يصب في مصلحة الجميع).

عند وصولي استقبلني الأمير بوجه مبتسم يعلوه سعادة الفوز بامتلاكي بين حاشيته، لا يعلم أن كل هذا مخطط له منذ البداية بكل دقة حتى أكتسب ثقة والتلاعب بعقله من أجل مصلحتي الخاصة.


كانت الأمور تسير كما خطط لها من دون تقصير؛ مرت الأيام والشهور وأقترب العام من الانتهاء دون رؤية" الفطين" لا مرة واحدة.

خلال هذا الوقت كنت أسيطر على مشاعر بالقوة حتى يحدث كما حدث في الماضي، رغم ذلك كنت أرسل المربية في السر حتى تتبع أخبار" الفطين" يوماً.

حينها علمت أن الأميرة" فوزية" بدأت في التقرب من" الفطين" هذه الأيام، هذا الأمر جلب نيران الغيرة إلى قلبي القاسي، هذا الإحساس ظل يؤرقني لأنه لم يحدث من قبل ولا أعلم لماذا أشعر هكذا.

بعد انتهاء العام المحدد جاء موعد مقابلة السلطان، ذهبت إليه حتى أخبره عن مرض ولكن حدث ما كنت أخاف حدوث.

عند مقابلة السلطان وجدت" الفطين" يسكن في القصر الملكي منذ شهر يتابع صحة السلطان، عند معرفة هذا الأمر أسرعت إلى السلطان أسأله:
- مولاي لقد وعدتني من قبل بعدم دخول الفطين إلى القصر؟

- لقد نفذت هذا الوعد.

- إذن ماذا يفعل بمكثه داخل القصر!

- هذا أمر سري لا أستطع إجابته.

توترت للحظة ثم سألته:
- مولاي هل الفطين اكتشف مرضك؟

فزع السلطان يسألني:
- كيف علمت عن هذا الأمر أنه سر لا يعلمه أحد؟

صدمت من إجابة السلطان أخبر نفس:
(لقد تأخرت ما كان يجب أن يحدث ذلك لقد أصبح المستقبل مجهولاً مرة أخرى).

عندما وجدني السلطان تائهة هكذا شك في أمري ثم سأل:
- فاطمة هل أخبرك الفطين عن مرضي؟

- لا لم يفعل.

- إذن كيف علمتِ عن هذا المرض!

- لقد أخبرتك من قبل هل تتذكر.

- متى لم أتذكر أبداً حديثك عن المرض!

- قبل عام عندما أخبرتك بوجود شيء هام أريد إخبارك به ولكن ليس الآن.

- هل كان هذا المرض هو ما تقصدين!

- نعم كان هذا قصدي.

- إذن كيف لم يخبرني عن هذا المرض كنت أخذت احتياطاتي قبل حدوث ذلك؟

- لم أستطيع أخبارك.
- لماذا!

- مولاي حينها عند أخبارك بذلك لم تثق بحديثي أبداً.

- كيف علمتي هذا؟

- لقد أخبرتك من قبل أني أرى أحداث كثير داخل أحلامي ورد فعلك رأيته داخل أحلامي لذا كنت أعلم أنه ليس الوقت المناسب في فتح هذا الموضوع.

- لا أعلم لماذا أشعر بخيبة الأمل بكِ.

- اعتذر مولاي على سوء قراراتي.

- فاطمة أخبرني الآن ماذا سيحدث في المستقبل؟

- مولاي لا أعلم ما سيحدث كل ما أعرفه الآن من الممكن أن يتغير باستمرار كما حدث من قبل.

- فاطمة أعلم بأنك تعلمين أشياء لن تحدث بعد أريد أن أطمئن على مستقبل الأمير.

- مولاي هل ستستمع إلي من دون غضب أو عقاب؟

- سوف أحاول.

- وإذا أخبرتك أن الأمير الأول سيكون لديه مستقبل قصير وحياة خطيرة هل ستصدقني؟

- ماذا تقصدين؟

- مولاي سوف أخبرك بكل شيء ولكن أريد وعد منك وعهد أولاً؟

- سوف أعطيتكِ هذا والآن أخبرني كل شيء تعلمين؟

جلست أسرد على السلطان كما فعلت في الماضي بنفس الأسلوب ونفس الحديث لم يقتنع السلطان بما أخبرته به لذا غضب قائلاً:
- كيف أصدق شيء مثل هذا؟ هذا مستحيل!

- مولاي أنها الحقيقة.

- فاطمة كيف أصدق أن أحد زوجتي شخص شريرة إلى هذه الدرجة وسوف تقتل الجميع بعد موت؟

- لأن هذا ما سيحدث ما مولاي.

- فاطمة أعلم أن زوجاتي لديهم تصرفات طفوليه ولكن ليس بهما أحد سفاحه وقاتلة.

- مولاي لقد أخبرتك بكل شيء أن أردت تصديق ذلك أما لا هذا الأمر عائد إليك.

- إذن أتركني فترة أفكر في الأمر.

- مولاي لماذا تحتاج التفكير في أمر لم يحدث بعد؟

- لأني أشعر بالفضول تجاه ما قالتِ عن الأمير الثالث الجليل.

- لماذا!

- أتساءل كيف الأمير الثالث الجليل سوف يحمي أولادي والدولة هو شخص لديه خطط ومخططات كثير من أجل الانقلاب والاستيلاء على العرش.


عندما تحدث السلطان بهذه الطريقة شعرت بالصدمة والذهول من حديثه المفاجئ وتساءلت حينها:
(كيف يعلم السلطان عن هذا الأمر في الماضي كان السلطان جاهل بخطط الأمير الثالث).
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي