الفصل السادس الموسم الثاني

شعرت بالأسى الشديد تجاه ما يحدث، كيف لا أعلم شيء عما يحدث، لماذا تغير الماضي كثيراً هكذا، هذا ليس الماضي الذي درسته وعشت به في الماضي.

كيف أصبح هذا المكان مختلف إلى درجة لا أستطع التعارف، ماذا سأفعل الآن في هذا الوضع المقيت.

كان السلطان يشك في حديثي وكل المعلومات الذي أخبرته به لذا أخبرني:
- فاطمة منذ الآن سوف تظلين في القصر حتى أجد شيء يثبت صحة أقوالك؟

وجودي في القصر منذ اليوم كان شيء مفروغ منه ولكن كانت الطريقة مختلف، لقد أبقاني السلطان في القصر بالماضي حتى يراقب تصرفاتي مع" الفطين"، ويجبر الأمير الثالث على طاعته لأنه يظن أن الأمير الثالث يعشقني لذلك يتمسك بي.

لكن الآن الوضع مختلف بسبب اختلاف الأسباب لذا نظرت إلى بجدية أسأله بسخرية:
- مولاي هل تريد تقييد؟ هل ستضعين رهينة لديك!

- الأميرة فاطمة لقد أصبحتِ وحدة من العائلة المالكية لذا سوف تسكنين في القصر كضيفة شرف وليس رهينة.

- مولاي أن أردت تقييد الأمير الثالث يجب أن نعلم معاً وليس ضد بعضنا؟

- فاطمة هذا ما أفعله الآن!

- لا يا مولاي ما تفعل الآن يعكس ما تريد وليس ما يجب تحقيقه.

- فاطمة لقد انتهى الحديث في هذا الأمر واتخذت قراري النهائي لذا لا تحاولي تغير هذا القرار أبداً.

- لم أحاول يا مولاي سوف أفعل كما تريد ولكن الآن أريد أن أقابل الفطين.

- لذا الآن.
- لماذا!

- لأنه ليس الوقت المناسب.

- إذن متى الوقت المناسب؟

- سوف أختار الوقت المناسب وأخبرك به الآن أذهبِ إلى غرفتك وانتظري الأوامر.

كان السلطان يحاول إبعادي عن" الفطين"، وهذا الأمر لم يحدث في الماضي.

كانت شخصية السلطان عنيدة لذا توقفت عن مجادلته وفعلت كما قال رغم خوفي من هذا القرار أن يؤثر في المستقبل.

علم الأمير الثالث أني دخلت إلى القصر وتم حجزي به، لذا ذهب إلى السلطان يسأله:
- مرحبا مولاي.

حين وجد السلطان أن الأمير الثالث دخل القصر من دون أوامره غضب وتحدث مع الأمير بعدم رضي يسأله:
- لماذا دخلت إلى القصر من دون أوامري؟

- لقد سمعت أن السلطان يحتجز أحد أفرادي لذا أتيت من أجل معرفة السبب؟

- من الذي حجزته!
- فاطمة.

- هل تقصد الأميرة فاطمة!
- نعم مولاي أين هي؟

- أنها ليست أحد أفرادك أنها الأميرة التي ضمتها إلى العائلة الملكية لذي مكانها يجب أن يكون في القصر.

- ولكن يا مولاي أن الأميرة كانت تمكث في قصري لمدة عام لذا جئت حتى اجلبها إلى المنزل مرة أخرى.

- لن تعود الأميرة فاطمة إلى قصرك هذا الأيام.

- لماذا يا مولاي!

- لأن هذا قرار سوف أعطيك إجابة مفصلة يوم أخرى الآن عود إلى قصرك وأنتظر أوامري.

خرج الأمير الثالث غاضب من القصر، لذا اتخذ قرار متهور جداً بسبب القلق، وهو أرسال أحد جواسيسه في القصر إلي حتى يسألني:
- سيدتي لقد أرسلني الأمير الثالث من أجل الاطمئنان عليكِ.

- من أنت؟
- أنا خادم الملكة الأم.

صدمت عندما علمت أن الأمير الثالث لديه جاسوس مقرب من الملكة الأم هذا الأمر لم أعلم من قبل ولكن حاولت عدم إظهار ذلك ثم أخبرته:
- أخبر الأمير أن لا يتهور وأني لست متضررة من البقاء في القصر وأن يتصرف كما تحدثت معه من قبل دون تهور وتفكير جيد.

- أمرك يا سيدتي سوف أرسل إليه الرسالة فوراً.

- هذا جيد أذهب الآن.

بعد ذهاب الخادم جلست أفكر وأتساءل:
(يجب أن أقابل الأمير الثالث وأسأله لماذا وضع جاسوس في جناح الملكة).

بعد مرور يومان وافق السلطان أن أقابل" الفطين" ولكن حدث ذلك بعد إلحاح وإصرار" الفطين" على مقابلتي في أقرب وقت.

حاول السلطان إيقافه ولكنه عندما فشل في ذلك بسبب عناده ولم يستطيع إيقافه وافق السلطان على الأمر رغم عدم موافقته خوفاً من التخطيط في مؤامرة ضده.

ذهبت إلى مقابلة" الفطين" داخل معمله الطبي الذي يحاول اكتشاف علاج لمعالجة مرض السرطان المزمن هو" لوكيميا الدم".

عند رويتي أسرع تجاهي وقام باحتضانِ بقوة جعلني اشتكي قائلاً:
- هل جننت ماذا تفعل!

- ليند..

كان سوف يناديني بلقبي في المستقبل ولكنه نظر حوله ووجد حارس الملك المخلص واقف، لذا ابتعد ثم قال:
- الأميرة فاطمة اعتذر عما بدر مني ولكني اشتاق إليكِ بشدة.

تملكت مني الصدمة مما فعل" الفطين" الذي وعد في آخر مقابلة:
(أن هذه أخر مرة سوف يراني بها) بسبب تخلي عنه لمدة عام.

شعر الحارس بالحرج ثم خرج يقف بجوار الباب من الخارج رغم ذلك كان الحارس يضع أذنه على الباب حتى يستمع إلى كل حديثنا.

بعد خروج الحارس بدأ" الفطين" في التحدث قائلاً:
- لقد اشتقت إليكِ.

- ما بك ماذا يحدث معك!

- ماذا تقصدين؟

- أليس غاضب بسبب بتركِ لك!

- لمدة مر الكثير من الوقت لذا لم أعد غاضباً.

كنت أشعر أن" الفطين" غريب في حديثه وتصرفاته، هذا جعلني أشعر بالريبة لذا سألته بتوتر:
- محمد هل تتذكر؟

بدأ" الفطين" في رفع يديه والتحدث بلغة الإشارة، هذه اللغة التي تعلمها في المستقبل أثناء وجوده داخل المشفى بسبب الأطفال الذين يعانون فقدان السمع والنطق.

هذه اللغة لقد تعلمها كل الأطباء أثناء وجدنا في كلية الطب بسبب انتشار الأطفال الذين يعانون من إعاقة سمعية.

عندما بدأ في التحدث بلغة الإشارة رفعت يدي وبدأت أجوبه بنفس اللغة حتى لا يسمع الحارس ما نتحدث به.

قال" الفطين" بلغة الإشارة:
- نعم تذكرت كل شيء من أنا ومن أنتِ ومن أين جاءنا.

أجبت بلغة الإشارة:
- منذ متى عادت إليك الذاكرة؟
- من حوالي شهر مضى.

- إذن تعلم كل شيء عما حدث في الماضي؟

- نعم أعلم لذلك سامحتك على مغادرتك والذهاب إلى أخي الأمير الثالث.

- إذن لماذا تقربت من الملك وتحاول بشدة إيجاد علاج لمرضه!

- فاطمة لا تقلقي كل الأمر أني لا أريد أن أضعك أنتِ وأخي في الخطر لذلك سابقة بالتصرف.

- ولكن هذا خطاً سوف يضعك في مشاكل مستقبلية.

- لا تقلقي سوف أتصرف حسب الوضع.

تحدثنا كثيراً بلغة الإشارة وكانت المكان يسده الصمت، ذلك جعل الحارس يشعر بوجود شيء غير طبيعي، لذا حاول فتح الباب قليلاً.

عندما لاحظ" الفطين" ذلك أشار إليَ حتى أتوقف من التحدث بالإشارة نظر إلى الباب الذي خلفي حتى أفهم ما يقصد.

عندها أخبرته بصوت مرتفع حتى يسمعني الحارس:
- أيها الطبيب إلى متى سوف تحدق بي في صمت؟

- لا أعلم ولكني أريد التحديق بكِ طول العمر.

- لماذا؟
- أنت تعلمين لماذا.

- لا أعلم أخبرني بنفسك؟

- أيها الأميرة الجميلة هل تقبلين الزواج بي؟

حينها ذهلت من الصدمة ولن أتحدث مرة أخرى، عندها سحب الحارس الباب وقفله

كانت الصدمة قوية إلى درجة جعلتني لا أستطع الرد بكلمة حتى سأل بصوت مرتفع:
- ما بك؟

عندما لم أجبه قال بصوت مرتفع حتى يسمع الحارس:
- هل ستظلين صامت حسنا يكفني أن أحدق بك حتى أشعر بالاكتفاء من رؤية وجهك الجميل.

كان حديث" الفطين" الحلو شيء غريب وجديد لم يحدث من قبل لذا رفعت يدي أسأل بلغة الإشارة:
- ما الذي تتحدث به هل أنت بخير؟

- أفعل ذلك بسبب الحارس حتى لا يشك في هذا الصمت.

عندما علمت أنها كذبة شعرت بالحزن فأخبرته بلغة الإشارة ووجهي يعله الغضب الشديد:
- إذن هل يجوز أن تخلط طلب الزواج بالمزاح!

- من قال أنه مزاح!
- أنت من قال ذلك.

- لا لقد أخبرتك أني قلت هذا الكلمات حتى لا يشك الحارس ولكني لم أخبرك أنه كذب.

- ماذا تقصد بذلك!

- ليندا أنتِ تعلمين جيداً كم أعشقك وهذا العشق بالتأكيد نهاية الزواج السعيد.

- هل نسيت من نحن ومن أين أتينا؟

- لا تقلقي سوف أسعى في تحقيق هذا المستحيل.

- كيف وأنت تسعى لعلاج السلطان من المرض، وقد أخبرتك من قبل أن السلطان يجب أن يموت من أجل صعود الأمير الثالث إلى العرش.

- هذا ما أفعله.

- أنت طبيب كيف سوف تضر مريض؟

- لن أضره أو أقتله سوف أؤجل موعد موته فقط هل تظني أن هذا المرض المزمن من السهل علاجه واكتشاف العلاج من يوم وليله؟

- هل تظن ذلك حقاً؟

- ليندا هذا المرض علاجه يحتاج إلى أعوام كثير حتى أتواصل إليه وليس مجرد شهور.

- هل تعدني بذلك؟ أنك لم تحاول تحقيق المستحيل؟

- أعدك ثقي بي ولا تقلقي.

- إذن ساعدني حتى أقابل الأمير الثالث في الخفاء دون علم أحد.

- لماذا؟

- من أجل حمايتنا جميع من الوقوع في الفخ الذي وضع السلطان.

- حسنا سوف افعل في أقرب وقت.

بعد انتهاء الحديث الهام بدأ" الفطين" في التحدث ويناقشني بصوت مرتفع حتى لا يشك الحارس في جلوسنا بهدوء.

بعد الانتهاء ذهبت إلى غرفتي، عندها وجدت خادمة الملكة تنتظرني وعند رؤيتي أخبرتني بكل كبرياء وغرور:
- أيتها الأمير السلطانة العظيمة تريد مقابلتك.

عند رؤية الخادمة شعرت بالخوف وتساءلت بداخلي:
(لماذا طلبت الملكة الأم حضوري المفاجئ).

نظرت إلى الخادمة بابتسامة هادئة أخبرها:
- حسنا اذهبي الآن وسوف ألحق بكِ.

- السلطانة تريد مقابلتك الآن كيف ستجعلها تنتظرك؟

- سوف أبدل ملابسي فقط؟

- سوف أنتظر حتى تبدلين ملابس ثم تأتين معي.

- حسنا انتظرني قليلاً.

نظرت إلى" بركة" أخبرها:
- ساعدني في تبديل ملابسي.

- أمرك سيدتي.

أثناء تبديل الملابس قبل الذهاب أخبرت المربية في السر:
- بركة هل تخبرني حارس السلطان أن يوصل رسالة إلى السلطان بانقاذي؟

- سيدتي لماذا هل ستؤذيكِ السلطانة!

- بركة ليس الآن نتحدث بعد عودتي نفذي فقط ما أطلبه منك؟

- أمرك سيدتي.

بعد الانتهاء ذهبت مع الخادمة بمفردي إلى جناح السلطانة كما أمرت، عند دخول وجدت السلطانة تجلس وحولها الكثير من الحاشية والأميرات وزوجات السلطان.

عند دخولي أمرت الجميع:
- ليخرج الجميع.

خرج الجميع معاد الأميرة" فوزية" كانت تلتصق بها بشدة، عندها علمت ما سبب إحضار.

نظرت السلطانة إلى الأميرة" بجدية جعلت الأميرة تشعر بالخوف والخروج خلف الجميع إلى الخارج.

أشارت إلي قائلة:
- هل أنتِ الأميرة فاطمة؟

- نعم مولاتي أنا الأميرة فاطمة تحيى جلالتك.

- تبدين جميلة.

- شكر مولاتي أنتِ أجمل بكثير.

ظلت تتأمل في وجهي وجسدي ثم قالت بغضب وصوت مرتفع:
- إذن لماذا لم تأتي منذ أن أصبحتِ أميرة حتى تحيى السلطانة؟

- اعتذر مولاتي ولكني جديدة مع هذا اللقب ولا أعلم التقليد جيدة.

- هذا لأنك لم تدخلي القصر منذ حصولك على هذا اللقب.

- اعتذر على إزعاج مولاتي لأني أجهل ما يجب فعله وأفتقد التعليم المناسب.

- أنت تجهلين الواجب و وتفقدين التربية الجيدة.

كان حديث السلطان موجه جداً ممتلأ بالإهانات والانتقاد، رغم معرفتي سبب حدوث ذلك كان قربها وحبها للأميرة" فوزية" ، ولكن رغم ذلك لم أستطع ابتلاع تلك الانتقادات المؤلم التي تتساقط على قلبي كالخناجر الحادة.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي