الفصل العاشر الموسم الثاني

ذهل السلطان عندما أخبرته عن القارورة التي وجدتها في غرفتي وسأل بغضب:
- لماذا لم تبلغني عن هذا الأمر سابقاً عندما وجدتي القارورة داخل غرفتك!

- مولاي من سوف يصدقني حينها!

- كنت سأصدقك.

- مولاي من الممكن أن تصدقني ولكن كان السلطانة والجميع سوف يظن أني أفعل ذلك بسبب العلاقة السيئة مع الأميرة فوزية.

- هل تعلمي بسبب العداوة بينكم لقد عانت والدتي كثير من الألم المرض؟


ظللت أفكر أن هذا السلطان أسوء بكثير عما كنت أتوقع؛ أنه بالفعل ابن والدته المخلص، أظن أنه مستعد أن يدفع الدولة بأكملها تجاه الخطر المحدق من أجل حماية والدته من الأذى.

لذا تأكدت الآن:
(أن هذا السلطان وذريته لا يستحقون هذه البلاد وهذا الشعب العظيم).


عندما وجدتني صامتة قال بهدوء:
- لذا لا أظن أنك أهل ثقة.

- أعتذر عن حدوث ذلك يا مولاي ولكن هذا الأمر خارج عن إرادتي.

- أجابني كيف سوف أصدق بك بعد الآن كيف أسق في امرأة تفضل عدم التدخل حتى لا تصاب بسوء الفهم؟

- مولاي هذا الأمر عائد إليك سوف أتركك تفكر قبل أن أتحدث عن شيء.


أمر الحارس بإخراجي وإيصالِ إلى غرفتي؛ وظل يجلس يفكر في أفضل طريق يسير به.


جلست داخل غرفتي أفكر فما يحدث وما أشاهده هذه الأيام الذي لم يذكر في كتب التاريخ؛ كيف محى السلطان كل الإشاعات والكوارث التي قامت به والدته ونسائه خلال هذا العصر.


كان السلطان في نفس الوقت جالس يفكر في كل شيء حدث داخل القصر يتساءل بجنون:
(ما هذا الجنون كيف يحدث كل هذا داخل القصر ولم أعلم شيء، وهل زوجاتي شياطين يظهرون أمامي مظاهر البراءة، كيف سأحمي أولادي مع هؤلاء الشياطين).


تذكر وقتها ما أخبرته به سوف يحدث في الماضي مع عائلته بالمستقبل؛ لذلك اتخذ السلطان قراره النهائية بأن يفعل كما تريد الأميرة" فاطمة" حتى يستطع إنقاذ عائلته من هذا المستقبل اللعين.


بعد كل ما حدث بدأ السلطان يثق في حديثي وأقاويلِ عن القادم قائلاً:
(لقد كانت صادقة حتى الآن في كل شيء أخبرتني لذلك سأثق بها حتى النهاية).


أصدر السلطان قرار بتجريد الأميرة" فوزية" من لقبها ودفع نصف ثروة والده إلى أهالي المتضررين، وحظر دخولها القصر هي وذريتها إلى الأبد.


بعد انتهاء كل هذه الأمور حددت موعد مع" الفطين"، ولحظة رؤية سألته بغضب:
- أنت لماذا تتدخل في أمور لا تعنيك؟

- ليندا ما بكِ لماذا أنتِ غضبة هكذا!

- لما أخبرت السلطان بهذه الأمور؟

- كنت أريد مساعدتك فقط.

- لم أطلب مساعدتك كان من الممكن أن تعرض نفسك إلى خطر كبير؟

- هذا لا يهمني، وأيضاً كان السلطان يعلم إني مصدر السم لذا كان الإنكار ليس في صالحي.

- منذ متى وأصبحت متهور إلى هذه الدرجة؟


تنهد" الفطين" بحزن من مقابلتي الحادة قائلاً:
- ليندا أشعر بالإحباط شديد بسببك.

- أنت تشعر بالإحباط ماذا عني!

- هل تعلمين أني أنتظر مقابلتك بفارغ الصبر كيف لكِ عند رؤيتي توجهين الاتهامات والغضب العارم في وجهي.

- أفعالك هي السبب في كل هذا.

- هل تعلمين كم اشتقت لرؤياك؟

تحدثت بداخلي:
(أنت الذي لا تعلم كم اشتقت إليك).


ثم نظرت إليه بثقة قائلة:
- لقد أخبرتك من قبل إني لم أعد ليندا التي يعرفها لقد تغيرت.

- لا أظن هذا أنت كما أنت لم تتغير بتاتا.

- لا لقد تغيرت وأصبح قلبي أقسى.

- ليندا هل حقاً لا تعلمي الحقيقة!

- عن أي حقيقة تتحدث؟

- أنت منذ اللحظة الأولى التي تعرفت عليكِ به وأنت قاسية القلب.


كانت هذه الجملة حقاً قذف جبهة إصابة في الصميم جعلتني أشعر بالحزن لأني أعلم أنه محق في هذا الأمر.


عندما وجدتني صامتة بإحباط ومشاعر مضطربة سيئة تظهر على ملامح وجهي ضحك ساخراً ثم قال:
- ليندا أمزح معك لا تحزني.


حدقت به بغضب قائلة:
- محمد هل تظن أنه من السهل أن أتصرف بقسوة وعدم اهتمام؟


أخذ زفير كبير من أنفه ثم أخرجه قائلاً بجدية:
- إذا ما الأمر لماذا تتصرفين بهذه الطريقة؟

- لأني عشقتك وأخاف بسبب هذا العشق أتسبب في أذيتك من دون أن أدرك.

- ليندا هل تستطيعين أن تثقي في مرة واحدة؟

- ليس موضع ثقة.

- إذن ما الأمر!

- أن واجبي يجب أن أؤديها بمفردي وأنت يجب ألا تتدخل في هذا الأمر بأي شكل من الأشكال لأنه ليس مكانك.

- لماذا؟

- لأنه سيكون من الخطر على الجميع التدخل.

- الجميع!

- نعم الجميع.

- من تقصدين بالجميع؟

- ليس هام أنت تعلم.

- ليندا أريد سؤالك عن شيء هام؟

- أتمنى أن يكون السؤال بعد عن مشاعر تجاهك!

- يوسف ماذا يفعل هنا؟


صدمني سؤال" الفطين" المفاجئ توقفت عن التحدث أفكر:
( لقد حان وقت سؤاله هذا السؤال الذي كنت أخاف من سماعه في يوم ما، هذا السؤال الذي لا أستطيع إجابته عليه رغم علمني أنه سوف يسأل هذا السؤال).


عندما وجدتني صامت قال:
- هل تفكرين في كذبه أما لا تريدين الإجابة؟

- لا أريد الإجابة.

- أظن أخبرني بشيء واحد ولن أسألك مرة أخرى؟

- ما هو؟

- ماذا وعدتي يوسف حتى يعود بكِ إلى الماضي؟

- لا شيء.

- أنتِ تكذبين.

- لم أكذب عليك أبداً.


(في الواقع كنت أكذب عليه لأني وعدت يوسف بعد أنهاء الأمور كما يجب سوف أعود إلى حياتي القديمة ونسيان الماضي بكل أحداثه، ولكن لا أستطع كسر قلبه وأخباره بهذا الأمر).


أمسك يدي برقة ثم ضغط عليها بقوة أثناء التحديق في عيني قائلاً:
- ليندا أريدك أن تعدني بأنك لن تختفي مرة أخرى وأن حدث ذلك لا تفعله فجأة وودعني قبلها؟

- حسنا أعدك بذلك.


شعر بالتوتر من إمساك يدي لذا تركها ثم قال:
- ليندا لقد حان الوقت.

- ماذا تقصد؟

- أن السلطان بدأت أعراض المرض والألم تظهر عليه.

- إذن ماذا ستفعل؟

- سأفعل كما يجب أن يفعل الطبيب سوف أخفف عنه الألم.

- هذا جيد رغم أنه يجب أن يمت من أجل إنقاذ الكثير ولكن لا يجب أن يتألم كثيراً.

- أعلم هذا.

- محمد سوف أذهب الآن حتى لا ينتبه أحد على غيابي.

- إذن هل سألقاكِ مرة أخرى قريباً!

- أترك هذا للقدر.


تركت" الفطين" عائدة إلى غرفتي أبكي على حياتي المبعثرة التي تلعب بي بجنون حتى ينكسر قلبي إلى قطع صغيرة كا الزجاج المصقول.


ثاني يوم طلب السلطان مقابلتي، وعند رؤيتي سأل:
- فاطمة الآن أخبرني بما يجب فعله.

- هل ستثق في كلماتِ مولاي؟

- سوف أفعل.

- إذن أولا أعلن الأمير الثالث وريث العرش بعد.

- هل هذه الخطوة ضرورية الآن؟

- بالطبع هي أهم خطوة بسبب سوف تنقذ الكثير.

- حسنا سوف افعل.

- ثانياً أعلم أنك تخفي ثروة عن عائلتك دون إخبار أحد عنها.

- كيف علمتِ عن هذا الأمر!


تحدثت داخل عقلي:
(هذا الأمر يجب أن أشكر يوسف عنه).


ثم ضحكت بسخرية:
- مولاي حتى الآن لم تعلم قوى الحقيقية!

- أنت حقاً ليس شيء هيئناً.

- شكر ا مولاي.

- أخبرني ماذا عن ثروتي؟

- لا تخبر عنها الملكة أو زوجاتك.

- إذن من أخبر عن هذا الأمر؟ لا تخبرني أن أخبر الأمير الثالث!

- بالطبع لا.

- إذن ماذا أفعل؟

- أخبر عن هذا الأمر إلى الأمير الثالث، ومكان المال إلى الأمير الأول.

- ماذا تقصدين؟

- أقصد عندما يبلغ الأمير الأول سوف تعم البلاد الفوضى والفقر وسوف يكون هذا المال المنقذ للبلاد وأيضاً تذكر وصول الأمير الأول إلى العرش.

- كيف هذا!

- عندما يصبح الأمير الثالث السلطان سوف تمر فترة سيئة على البلاد وسوف يحتاج إلى هذا المال بشدة لذا.

- سوف يفعل أي شيء حتى يملك هذا المال، هل تقصدين هذا؟

- بالطبع لهذا أخبرتك أن تخبره عن وجود هذا المال، ولكن لا يجب أن يعلم مكانه أحد غير الأمير الأول.

- هذه فكرة جيدة.

- وأيضاً يا مولاي أن الأمير الأول مزال صغير لذا يجب أن تنبه جيداً بعدم أخبار أحد عن هذا المال حتى لا يقتل وينهب منه المال.

- أعلم هذا سوف أجد طريقة لحل هذا الأمر.

- هذا جيد الآن يا مولاي فعلت كل ما استطع فعل منذ الآن الأمر بيدك.


تركت السلطان وعدت إلى غرفتي، وثاني يوم جاء الحارس برسالة من السلطان إلى الحرملك يدعو بها الجميع لحضور حفلة بالقصر الشرقي.


يوم الحفلة كان يوجد بها الكثير من المدعوين الأمراء والوزراء وأهم شخصيات داخل الدولة.


أثناء الحفلة أقترب السلطان من الأمير الثالث وأعلن إلى الجميع:
- أعلن إلي الجميع أني أورث العرش إلى الأمير الثالث بعد موتي.


صدم الجميع ولم ينطق أحد ثم صرخت السلطانة قائلة:
- هل تمزح كيف تفعل هذه؟


نظر إلى والدته بجدية قائلاً:
- والدتي هذا الأمر ليس بمزحة أنه حقيقي وحاولي التعود عليه.


فقدت السلطانة الوعي وأخذها الخدم إلى غرفتها، وكان السلطان واقف مكانه ولم يتحرك واقف بثبات بجوار الأمير الثالث يعلن للجميع عن ثبات قراره.


غضبت الزواجات من قرار السلطان المفاجئ، وعادت بأبنائهم إلى غرفهم.


بعد ذلك ركع الجميع يخبر السلطان:
- مولاي هذا غير صحيح يجب أن تتراجع عن هذا القرار الغريب.

- هل تكسرون أمر السلطان؟

- مولاي هذا غير صحيح أن يكون الأمير الثالث الوريث ولديك العديد من الفتيان؟

- هذا قراري النهائي والآن باركوا إلى الأمير الثالث.


وقف الجميع وذهب يباركون إلى الأمير الثالث بخوف من السلطان.


حينها ظلت أشاهد ما حدث أمام نظري بسعادة غامرة، شعرت حينها إني أخيراً أنقذت الكثير من الأبرياء من خطر الإبادة، لكني لن أكن أعمل أن هذه الخطوة سوف تصحبها الكثير من المخاطر والدماء.


حاول الكثيرين اغتيال الأمير الثالث كما توقعت، وعلم السلطان بحجم الخطر بما أخبرته به، لذا وضع حراسة قوية حول الأمير الثالث.


كان السلطان في هذا الوقت يحارب الألم المرض المزمن الذي يتأكل في جسده، وعندما علم بكل ما يحدث مع الأمير الثالث شعر بالحزن والإحباط من جشع وجنون عائلته الملكية.


هذا الأمر وهذه الأحداث الشنيعة جعلت المرض يتضخم في السلطان أكثر وأكثر حتى أقترب وقت موته.


خلال لحظاته الأخيرة قبل موت السلطان طلب مقابلة الأمير الثالث، وأجتمع مع الأمير الثالث في السر من دون حراس أو خدم.


حينها أخبر الأمير الثالث:
- أعلم بأنك حزين بكل ما يحدث ولكن هل يكفي العرش حتى تغفر لعائلتي لكل ما حدث في الماضي؟

- مولاي لا تتحدث هكذا سوف تكون بخير.

- أعلم أن كل ما يحدث يؤلمك كثير ولكنه أيضاً يؤلمني أعتذر على عدم حمايتك في الماضي.

- لا تقل هذا مولاي في هذا الوقت كنت فتى صغير لا يعي شيء.

- هذا صحيح ولكني كنت أيضاً السلطان الذي كان يستطع بكلمة واحدة إنهاء كل هذه العداوة، ولكني شعرت بالخوف من المواجهة مع والدتي.

- أعلم يا مولاي لماذا تتحدث عن هذه الأمور، هل تفعل ذلك من أجل إنقاذ عائلتك؟

- لن أخبرك أن تتركهم لشئنهم لأني أعلم جيداً أنهما لن يتركون لشئنك.

- إذن ماذا تريد يا مولاي؟

- أطفالي أريد أن تعفي عن حياتهم؟

- كيف سأؤذي أطفالك أبناء أخي!

- هل تعدني بهذا؟

- أعدك يا مولاي أني سوف أحمي الأطفال ولكن.

- ولكن ماذا؟

- بالنسبة إلى السلطانة العظيمة وزوجاتك لا أستطيع أن أعدك بإنقاذهم.

- أعلم قصدك سوف أخبرك بنفسي أن تركوك لشأنك أتركهم لشأنهم وأن حاولوا أذيتك لا تغفر لهم وافعل بهم ما تراه مناسب.


بكى الأمير الثالث قائلاً:
- مولاي لا تقلق على عائلتك سوف أتعامل مع الجميع برحمة.

- إذن سوف أخبرك عن سر آخر.

- ما الأمر يا مولاي؟

- هناك ثورة ضخمة وكبيرة أخفيها عن الجميع لا يعلم أحد عنها شيء غير الأمير الأول.

- هل تريدني أن أحميها من أجل الأمير!

- لا أريدك أن تأخذ المال السري بأكملها عندما يبلغ الأمير الأول في الوقت المناسب سوف يعطيك هذا المال.

- لماذا يا مولاي؟

- هذا المال ثمن حماية أبنائي وجعل الأمير الأول الوريث لك في المستقبل.


شعر الأمير الثالث بالصدمة لأن الأميرة" فاطمة" أخبرته أن الأمير الأول سوف يمت صغيراً.


مات السلطان بين يد أخاه الصغير الأمير الثالث، حزن الجميع والدولة على موت السلطان وأقاموا الحداد لمدة ثلاثة أيام، بعد ذلك أقام الاحتفالات من أجل الترحيب بالسلطان الجديد.


بعد انتهاء الثالث أيام طلب الملك الجديد" الجليل العاصي" مقابلتي حتى يسأل:
- فاطمة لماذا كذبتِ عليَ!

- ماذا تقصد؟

- لقد أخبرتني أن ابن الملك السابق الأول سوف يمرض ويموت صغير بنفس مرض والده؟

- هذا صحيح.

- ولكن الملك أخبرني بشيء مختلف.

- عما تقصد!

- أخبرني عن أموال سوف يرثها الأمير الأول حتى يصل إلى العرش؟

- لا تقلق لن يصل أحد إلى العرش غير ابنك الذي سوف يكون حاكم عظيم يتحدث عن تاريخه العظيم الملايين من الأجيال.

- إذن لماذا كذبتي علي السلطان؟

- كانت الطريقة الوحيدة من التقرب منه، ويثق بي.

- أخبرني بصدق ما موضوع الأمير الأول؟

- سوف يموت ولكن قبل موته سوف تخبرك والدته عن مكان المال حتى تنقذ رقابتها ورقبة أولادها.

- هل أنتِ متأكدة؟

- بالطبع متأكدة، ولكن أحرص يا مولاي أن تقبض على الجميع من الملكة العظيمة والزوجات والأبناء ووضعهما داخل السجن عندما تعلم أن الأمير الأول مريض.

-كيف أفعل هذا!
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي