"ظل القمر: أكاديمية الأسرار"

舛才扣手`بقلم

  • الأعمال الأصلية

    النوع
  • 2025-06-04ضع على الرف
  • 1.4K

    جارِ التحديث(كلمات)
تم إنتاج هذا الكتاب وتوزيعه إلكترونياً بواسطة أدب كوكب
حقوق النشر محفوظة، يجب التحقيق من عدم التعدي.

✨ الفصل الأول الدعوة

الليل كان ساكنًا...
ليس هدوء السلام، بل ذلك الهدوء المريب الذي يسبق العاصفة.
كانت الساعة تشير إلى الثانية والنصف صباحًا، والرياح تعزف نغمة حزينة على زجاج نوافذ غرفة "ليانا سوريل".

كانت مستلقية على سريرها، ولكن عيناها كانتا مفتوحتين على اتساعهما، تُحدّقان في السقف، وكأنهما تخشيان الإغلاق خوفًا من الكوابيس.
ليانا، فتاة في السابعة عشرة من عمرها، ذات ملامح هادئة تخفي عاصفة داخلية. منذ موت والديها في حادث غامض قبل أشهر، وهي لم تعد كما كانت. صامتة، تائهة، تبحث عن شيء... لا تعرفه.

وفجأة...

صوت!
صوت حفيف بين الأشجار خلف منزلها.
نهضت من سريرها بسرعة، ارتدت حذاءها الصوفي، وفتحت النافذة. الرياح الباردة صفعت وجهها، لكنها لم تتراجع.

هناك... عند حافة الغابة، رأت شيئًا... أو شخصًا... يقف بلا حراك.

كان طويلًا... ظلًّا أسودَ طويلًا... لا يتحرّك، لا يتنفس، فقط ينظر.

ثم، كأنما انتبه لوجودها، رفع رأسه ببطء... وعيناه تألقتا بلون فضي غريب... ✨

ليانا شهقت وتراجعت، أغلقت النافذة بسرعة وتوجهت نحو باب غرفتها... وقبل أن تمسك بالمقبض...

طَرَقَ أحدهم الباب.

طرقة واحدة... ثقيلة... وكأن من خلف الباب لا يطرق، بل يُصدر حكمًا.

"ليانا سوريل؟"
كان صوتًا نسائيًا، غريبًا، لا يشبه أي صوت سمعته في حياتها. بارد، عميق، وهادئ كالموت.

فتحت الباب ببطء، ولم تجد أحدًا.

لكن هناك، على الأرض، ظرف أسود.
انحنت والتقطته، أصابعها ارتجفت عندما فتحت الغلاف وقرأت:

"لقد تم اختيارك.
مرحبًا بك في أكاديمية نوكس.
القطار ينطلق مع شروق القمر.
لا تتأخري... وإلا لن تعودي أبدًا."

ليانا جلست على حافة سريرها، تحمل الرسالة بيد مرتجفة. كانت الكلمات تتوهج بخط فضيٍّ غريب، كأنها مكتوبة بنور القمر نفسه.
شعرت بشيء يشدها... لا، يمتصها من الداخل. شعور لا يوصف... خليط من الخوف، الفضول، و... الحنين؟ لكن الحنين إلى ماذا؟ إلى مكان لم تعرفه من قبل؟

أخرجت هاتفها، فتحت الكاميرا لتصوّر الرسالة، لكن الشاشة ظهرت سوداء... حاولت مرة أخرى... لا شيء.
وكأن الورقة لا تريد أن تُوثّق... كأنها من عالم آخر.

رنين في أذنها...
بدأ قلبها ينبض بقوة. شيء ما يهمس لها، شيء ليس من هذا العالم:

"مع شروق القمر... مع شروق القمر..."

خرجت من غرفتها وهي ترتدي معطفها الطويل، حملت حقيبة صغيرة وضعت فيها دفتر مذكراتها، مصباحًا يدويًا، وسكينًا صغيرًا كانت تخفيه في درجها منذ الحادث.

نزلت إلى الطابق الأرضي، فتحت الباب الخلفي بهدوء... والهواء البارد كالسكين مرّ على عنقها.
الغابة كانت هناك... تنتظرها... مظلمة، صامتة، لكنها ليست ساكنة.

بدأت تمشي... خطوة بعد خطوة... والغصون تتمايل كأنها تهمس:

"لقد عادت... لقد عادت..."

مرّت دقائق وهي تمشي بلا هدف محدد، حتى وصلت إلى بقعة من الأرض مغطاة بالضباب... وهناك، وسط الدخان الأبيض، ظهر قِطار.

قطار قديم، أسود اللون، ينبعث منه بخار دافئ يتلألأ في ضوء القمر...
لكن ما أغربه! لم يكن على سكة!
كان... واقفًا على الأرض مباشرة، وكأنه كائن حي يزحف.

فتحت أحد الأبواب تلقائيًا، وصوتٌ عميق هادر خرج منه:

"مرحبًا بكِ، ليانا سوريل."

شهقت... لكنها لم تتراجع. ركبت القطار.
وفي اللحظة التي وضعت فيها قدمها داخله...
انطلق!

داخل القطار كان كل شيء مختلفًا.

الأنوار خافتة، الجدران من خشب داكن منحوت بزخارف أقرب للسحر، والركاب...
نعم، هناك ركاب... لكن كلهم يلبسون السواد، وجوههم مغطاة بأقنعة.

واحدة منهم، فتاة تحمل حقيبة عليها علامة قمر محفور، اقتربت منها وقالت:

"أنتِ جديدة؟"

أومأت ليانا برأسها.
قالت الفتاة، مبتسمة ببرود: "أنا داريا. سأكون زميلتك في السكن، إن نجونا."

"نجونا؟ من ماذا؟" سألتها ليانا بقلق.

ضحكت داريا ضحكة قصيرة، وقالت: "من البداية، يا صغيرة. البداية هي الأصعب دائمًا..."

جلست ليانا بجوار داريا في المقصورة الغريبة، وهي تحاول جاهدةً أن تبقي تنفّسها هادئًا.
كل شيء حولها بدا كحلم... أو كابوس!
القطار يتحرك من دون سكة، الركاب بأقنعة، والهواء داخل العربة مشحون... ليس بالأوكسجين، بل بشيء آخر...
سحر؟

"هل الجميع هنا مثلنا؟" سألت ليانا، بصوت خافت.

داريا رفعت حاجبها وهي تنظر إليها من خلف القناع نصف الشفاف، وقالت:
"مِثلنا؟ لا يا ليانا... لا أحد يشبه الآخر هنا. البعض تم استدعاؤه، والبعض الآخر... جاء هاربًا."

"وهل... هل هذا مكان جيد؟ الأكاديمية أقصد؟"

ابتسمت داريا ابتسامة قصيرة، وقالت:
"تعتمد على تعريفك لكلمة 'جيد'... الأكاديمية لا تُشبه أي شيء تتخيلينه. هي ليست مدرسة. هي اختبار... وصقل... وحكم."

وقبل أن تكمل، فتح باب المقصورة فجأة، ودخل شاب طويل، بشعر فضي وعينين زرقاوين تخترقان الظلام.
كان يرتدي سترة جلدية سوداء، ووجهه مكشوف.

داريا تنفست بسرعة وقالت همسًا:
"ريان ميرلوك..."

ريان نظر إلى ليانا مباشرة. عينيه كانتا فيهما شيء... شيء يجعل الزمن يتوقف.

"أنتِ..." قالها ببطء وكأنه يعرفها.
"ليانا سوريل."

كيف عرف اسمها؟!
"كيف تعرفني؟" قالت وهي تنكمش في مقعدها.

اقترب منها خطوة، وداريا بدت وكأنها تتهيأ للدفاع عنها.

لكن ريان قال ببرود:
"اسمك مكتوب في السجلات القديمة... أن تأتي واحدة مثلك؟ هذا... لم يكن في الحسبان."

"واحدة مثلي؟"

"دمك مختلف، يا ليانا... لا أحد يأتي إلى أكاديمية نوكس مصادفة."

ثم استدار وغادر المقصورة... بنفس الغموض الذي دخل به.

ليانا التفتت نحو داريا، التي كانت عيناها متسعتين.

"دمك...؟" همست. "هل تعلمين من أنتِ فعلاً؟"

القطار واصل سيره، وبدأ الضباب يخف، حتى ظهرت في الأفق قلعة ضخمة تشبه الأحلام... أو الكوابيس.
قلاع برؤوس شاهقة، وجدران من حجر رمادي مغطى بنقوش القمر.
أكاديمية "نوكس".

حين توقف القطار، فتحت الأبواب تلقائيًا، وخرج الجميع في صمت.
لم يكن هناك مرشد... فقط ضوء قمر كان يُشير للطريق.

بينما كانت ليانا تمشي خلف الآخرين، لاحظت شيئًا في يدها...
علامة حمراء على شكل هلال صغير قد ظهرت فجأة على معصمها.

نبضت!
وهمست في أذنها كلمات لم تفهمها... بلغة قديمة، كأنها صوت من ماضي بعيد.

وفي اللحظة التي وضعت فيها قدمها على الأرض داخل بوابة الأكاديمية...

اهتزت الأرض من تحتها.

نظرت حولها. لا أحد شعر بشيء.

لكن قلبها كان يعلم...

لقد دخلت عالماً لا رجعة منه.
وهذا العالم... حيّ.

ليانا وقفت في وسط الساحة الواسعة داخل أسوار الأكاديمية.
الحجارة تحت أقدامها بدت وكأنها تتنفس... وكل جدار من جدران القلعة كان يروي قصة.
الطلاب وقفوا في صفوف، صامتين، بينما شخص يرتدي عباءة طويلة وقلادة عليها قمر مكسور تقدم بخطى بطيئة.

"أنا المدبر آليستر."
صوته كان عميقًا... كأنه يخرج من باطن الأرض.
"ومن هذه اللحظة، أنتم لستم طلابًا... أنتم مرشحون."

مرشحون؟ ليانا تبادلت النظرات مع داريا، التي بدت متوترة على غير عادتها.

آليستر أكمل:
"الأكاديمية لا تعلّم... بل تختبر.
أنتم هنا لأن لديكم شيئًا... شيئًا لا يفهمه الآخرون.
وهنا... إما أن تكتشفوا من أنتم... أو تُنسوا."

وبإشارة من يده، انفتحت أبواب ضخمة، ودخل الجميع إلى القلعة.

الداخل؟
كان أجمل... وأغرب مما تخيلت ليانا.
ممرات حجرية تلمع بإضاءة سحرية، سلالم تتحرك وحدها، ولوحات على الجدران تتحرك وتنظر إليهم.
وفي أحد الممرات، شعرت بشيء يسحبها من يدها.

"ليانا."
كان الصوت همسًا... من لا شيء.

نظرت حولها... الجميع مشغول بالدخول.

"ليانا... هذا ليس مكانًا للضعفاء."

كان الباب على يمينها نصف مفتوح.
دفعته ودخلت.

الغرفة كانت صغيرة، مظلمة، وبها مرآة قديمة جدًا...
لكن حين اقتربت منها، لم ترَ انعكاسها.

بل رأت امرأة بعينين فضيتين.

المرأة كانت تحدّق فيها، ثم فتحت فمها وتكلمت... بدون صوت.

لكن الكلمات وصلتها مباشرة إلى عقلها:

"قريبًا... ستُكسر القيود.
الدم سينادي الدم.
والهلال لن يرحم.
احذري ريان."

شهقت ليانا وتراجعت، لكن الباب أغلق خلفها تلقائيًا.
حاولت فتحه... لا جدوى.
ثم... شيء ما سقط من السقف.

ورقة.
سقطت أمام قدميها.

فتحتها... وكان فيها بخط غريب:

"أنتِ لستِ بأمان هنا."
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي