الثالث

الفصل الثالث
قادته قدماه داخل الجامعة وداخله نيران أشعلتها تلك الغبية التي كانت تقف تناطحه، وكأنها اتخذته عدواً تواجهه نداً لندٍ، زفر أنفاسه الغاضبة بقوةٍ، وسار بكبريائه المعتاد وأعاد نظارته لتخفي عيناه الصقرية، رفع ساعته إلى يديه رأى أن الساعة قد أصبحت في الرابعة عصراً، وأخته انتهت منذ نصف ساعة، ضغط على أسنانه محاولاً كظم غيظه وتناسي ذلك الموقف البغيض، توجه صوب أخته وجدها تجلس على طاولة في مقهى الجامعة الخاصة بها، تجلس أمام طاولة وبين يديها كوب نسكافيه ترتشف منه، أمعنت النظر في ملامحها وجد أن التعب كان جلياً بوضوحٍ على وجهها, خطوات معدودة حتى أصبح أمامها، جلس على المقعد المجاور لها قائلا بصوت حاول إكسابه بعض المرح:
_حلا عزيزتي، آسف لقد تأخرت عليك.
بعدت برأسها قليلاً عنه، وظلت على صمتها، ولكنه لم يمل إذ ردد اسمها برجاء:
_حلا، حلاي، ألن تُجيبي عزيزتي.
أدارت رأسها حتى تصبح في مواجهة له وقالت:
_لماذا تأخرت عليّ سيد آدم؟
سرح آدم بعقله لوقتٍ قليل، وذهب عقله إلى ذلك اللقاء الذي لم يكن يُخطط له، وتلك الصغيرة الغاضبة التي ظهرت فجأة لا يعلم متى أو كيف أو من هي على الأقل، شعوره المبهم، لا ليس مبهما أنما هو شعور يُدركه جيداً ولكنه قد أخص به واحدةً، فأصبح الآن لا يعلم كيف تمكنت تلك الصغيرة ن ذلك الشعور الرائع الذي لمم يكن سوى لحبيبته لي، عندما باح عقله باسمها أخذ يرسم آلاف من الذكريات الخاصة بهم، والحنين قد زاد في قلبه حتى أوشك أن يقتله، لا يعلم ما الذي يحدث له الآن، لا يعلم ماذا يفعل حتى يتأكد من شعوره، ويتأكد من كينونتها الحقيقة، نفسه أخذت في التوسل والتضرع لله أن يمنحه الحل، حل جهله، وداخله سؤال واحد يود الجواب عليه، كيف لميتةٍ أن تعود للحياة، تأكدت نفسه من أن ذلك الطيف الذي رآه طيفها، بل عبق الأقحوان الخاص بها، رائحتها التي يُميزها ولو مر عليها أزمان منصرمة، أغمض عيناه من مهاجمة الذكريات له، لا يعلم ما يمكنه فعله، خرج من شروده على صوت حلا تقرع بأطراف أصابعها أمام عينه، وقالت بصوتها الماكر:
_ماذا هناك سيد آدم؟ أين ذهبت بعقلك؟
ضحك آدم بملأ شدقيه وقال:
_أيتها الماكرة الصغيرة، ماذا تُريدين مني؟
أصدرت حلا من فمها أصوات طفولية، وقالت وهو تضع يدها على طرف حجابها وكأنها تفكر:
_أريد شكولا سيد آدم، وأن تُخرجني قليل من الوقت، فأنت في عملك طوال اليوم.
ابتسم آدم عليها وقال في تهكم:
_أهذا المظهر يليق بطبيبة؟
صرخت في وجهه وتخصرت في جلستها وقالت بغضب:
_وما به مظهري سيد آدم، أنا جميلة جدا، وسأكون أفضل طبيبة على الإطلاق.
تمكن الغضب منها بعد ردها ورؤيتها له يرفع طرف حاجبه وقال بمكرٍ أكبر:
_أهناك طبيبة يا عزيزتي تغضب بسرعةٍ هكذا، يا الله كيف ستتصرفين مع مرضاكِ إذا أغضبك أحدهم.
كزت على أسنانها بغضبٍ أكبر وقالت بكبرٍ مزيف:
_لن أرد عليك أو أجادلك الآن عزيزي، فالأيام وحدها ستُثبت من تكون حلا النجار.
نهضت من مكانها وأخذت تسير بمفردها حتى تخرج من الجامعة، ركض آدم خلفها بعدما استطاعت رسم إمارات الحزن على ملامحها، وخلفها آدم يُدرك أنها تتصنع الحزن، ولكنها أخته الصغير التي لن يسمح لشيءٍ على الإطلاق يُحزنها، أمسك بيدها وأوقفها قائلاً:
_عزيزتي الصغيرة، لا تحزني، تعلمين أنني أمزح معكِ كم أعلم أنا أنكِ تُمثلين الحزن.
استدارت له وقالت بصوتٍ بدا حزنه حقيقي:
_نعم يا آدم أعلم وأفعل كل ما قولته، ولكن لو أقدر على أن انتزع حزنك من بين أضلعك لفعلت يا أخي .
أخذ يدها ووضعها في ذراعه وقال وهما يسيرا:
_لا تحزني عزيزتي فإن الله سييسر الأمور جميعها.
وكان لها بالفعل ما طلبت، خرج آدم بها من الجامعة وذهبا إلى مطعمٍ لتناول الطعام، وذهبا بالفعل في نزهة قصيرة حتى يُفرج عنها حزنها، ولكنها في الأصل لم تكن تفعل ذلك من أجل نفسه، بل كان أوله وآخره من أجله هو حتى يُريح نفسه مما يرهقها، وبعد مرور وقت في المرح، قد أسدل الليل ستاره وتوجه إلى الفيلا الخاصة بهم.
************************
نعم إنها كانت تقف امامه، الموقف البغيض الذي تمكنت في الآخر من كسبه لصالحها لتُغطي على نفسها وعلى قلبها الذي فعل بها في هذا الموقف أهوالٍ لم تكن تظن أنها ستُوضع فيها أبداً، أخذت تسير في الجامعة دون هوادةٍ، جهلت الطريق كما جهلت نفسها في الحرب الذي كانت تدور بينها وبين ذلك الغريب منذ قليلا، لا تدري ماذا تفعل، ولا ما تقول، فقد ثار القلب وأعلن إقامه نصابه عليها، أجاد حبك فخٍ بغيض وقعت هي وقلبها به، إنها حرب الحب الذي اشتعلت بعدما ظلت أعواماً تحت طي الكتمان، ذلك الرجل بأعينه الصقرية، كان يحمل من نسيم حبيبها الراحل، عيناه الصقرية أوقعتها في شباكه حتى ظنت أنه بالفعل هو ويستحيل أن يكون أحد غيرها، الملامح ذاتها حتى وإن اختلفت، ولكن كيف، إنه ميت، هل مل حياة القبور حتى يأتي إليها في صورة قريبة من صورته، الذكريات أخذت تعصف بها، وتقيم مقاماً بداخلها أيقنت أنها تقدر على هدمه، فذلك الغريب قد أشعل بقلبها نيران الحنين إليها، حنين لا تعلم أين ستذهب به، لم تقدر على المكوث في جامعتها أكثر، بل كل ما فعلته أنها لملمت من قدرة قدميها على السير وأخذت نفسها وسارت خارج حدود الجامعة دون أن تعبأ برفيقتها التي هي بالانتظار، أوقفت التاكسي وهي في حالة شرود تامة، لم تطلب منه أن يذهب بها إلى الفيلا، بل أمرته أن يذهب بها أمام كورنيش النيل، وصلت إلى هناك، فكانت الشمس قد شارفت على المغيب، وأسدلت خيوطها الصفراء القريبة من حمرة الخجل، وهي تقلي بلعنتها على مياه النيل التي أخذت في التهادي أمام عينها بخيلاءٍ وعظمة، رغم عدد الناس الذي يُحيط بها إلا أنها لم تستطيع أن تبكي بصوتٍ قد قارب على الصراخ، فالذكريات قد اهتاجت بعقلها حتى أوشك على أن تُفقدها عقلها.
ظلت واقفة أمام النيل حتى انتشر الظلام بالفعل، وأخذت نفسها تُردد:
_التحم ساقي مع السور في عناق باردٍ أرسل لنفسي برودةً دوماً ما كرهتها، ولكني الآن أقف مجبورة عليها، جهلت ما يمكن فعله الآن، لقد ضعت في الطرقات وأضاعتني في جنبات الليل البغيض الذي أصبح هو كل حياتي، أزحت بصري عن مرمى الليل الذي أراقبه لأحط به على موجات النيل التي تتهادى بخيلاء العظماء أمامي، استفزني البريق المتلألئ حتى جعلني أتمنى أن أكون جزءً منه حتى ولو لوقتٍ طويل، ولكني أَعِلمُ علم اليقين أنه مستحيل، فلقد كُرمت وذُللت في الوقت ذاته، شعرت بنفسي الآن بداخل متاهة كبيرة، أدور في مدارها ولا أعرف الطريق الذي يُخرجني منها ولا طريق العودة داخلها حتى استكين، متخبطة بنفسي في دنيا لا أعلم هل أنا أحيا بها خطأً أم لي بها حقاً عجزت عن سرقته منها، تلك الومضات المُجحفة لنفسي جعلت من قُواي تخور، لم أشعر بنفسي ألا جسدي يتأرجح وكأن عُلق فوق سبعة أراضٍ وسبع سماواتٍ، اهتز حتى أدركت السقوط في الشارع من جديد؛ لكن هذه المرة سيكون لي منقذاً أم لا، وفجأة شعرت بيدٍ اجتذبتني قبل أن أعانق الأرض بجسدي، وصوتٌ كان واضحاً ووصلني صوت امرأة أدركت حنان أمي بين طبقاته وهى تصرخ فزعاً:
_عزيزتي هل أنت بخير؟
ابتعدت قليلاً عنها وهي تقول:
_نعم سيدتي أنا بخير.
رحلت من أمامها وأخذ عقلها يرسم ذكرى اثنتا عشرة سنة مضت، إلى ذلك اليوم الذي كانت تجلس فيه داخل حديقة الفيلا الخاصة بوالدها، تحمل بين يدها وردة حمراء تقطف بتلاتها، وكأنها تُجري عليها أحد اختبارات الحظ، أستكون محظوظة بحبه أم لا، وكأنه سمع حديثها، إذ اقترب منها فجأة وجدها في حالتها العبثية تلك وقال:
_لي ماذا تفعلين؟
أخفت الزهرة خلف ظهرها وردت عليه:
_لا شيء.
ابتسم بخبثٍ عليها وقال:
_ربما عزيزتي.
ومنحها غمزة بعينيه وكان على وشك الرحيل، ولكنها أوقفته فجأة قائلة:
_إلى أين؟
استدار لها يمنحها ابتسامةً هادئة قبل أن يرحل:
_أنا ذاهب إلى المصنع لي، اتصل بي أبي وقال يجب التوجه إلى هناك، يبدو أن هناك مشكلة بالآلات.
هزت رأسها بنعم وتركته يرحل، ولكن مع رحيله هذا لم يهدأ قلبها، بل طن قلبها بألمٍ لا تعلم مصدره، إنها تشعر أنها بصدد فقدٍ عظيم، ذلك الشعور الذي أحسته أول مرةً حينما فقدت والدها، وتشعر الشعور ذاته، تمنت داخلها لو أنها تقدر على أن تهرول خلفه حتى تمنعه من الرحيل عنها، لم تجد أمامها خيار إلا أن تجلس على الأرض العشبية تبكي، لم تعلم لما حدثتها نفسها أن تذهب إلى غرفتها تحمل كتاب الله بين يديها وتقرأ فيه لعل نفسها ترتاح، وبالفعل كانت قد خضعت لتلك الرغبة التي ألحت عليها فجأة، حملت المصحف بين يديها وظلت تقرأ إلى فترة طويلة، وقد انتهت من القراءة، ونعم هدأت نفسها قليلاً، ولكن بعد فترةٍ وجيزة شعرت بأن هناك شيء قوي يدفعها إلى البكاء، شرعت في الانتحاب بشدةٍ وكأنها فقد عزيز ما، هرولت خارج غرفتها صوب عمها الذي احتل مكانة والدها، وجدته هو الآخر يهرع، صرخت توقفه، وبالفعل كان توقف وسألته:
_لماذا تجري هكذا يا أبي؟
ابتلع ريقه وقال بصوتٍ حزين:
-لقد احترق المصنع، وعمك بالداخل هو وآدم.
تسمرت في مكانها للحظة، وقالت بصوتٍ أشبه للموت:
_أنا قادمة معك.
وحينما رأى عمها حالة الصدمة التي دخلت بها قد أذن لها أن تأتي برفقته، وطوال الطريق الذي كان تتخطاه كانت تدعو الله في سرها أن ينجيهما، ولكنها لم تكن تعلم بأن أمنيتها هذه أقرب للمستحيل، فعندما وصلا أمام المصنع كانت عربة المصافي والشرطة والإسعاف، وكان قد خرجا بالفعل جثتين قد تفحما حتى اختفت ملامحهما، هنا لم تقو على الوقوف أكثر من ذلك، أخذها جسدها في يتهاوى مًعلنا عن حزنه على الفقيدين، فأحدهما كان حبيب الصبا، والآخر والدها الآخر، عانقت الأرض جسدها، وهبطت دموعها تطلب من الأرض الصامتة تحتها أن تُشاركها الحون، تنتحب معها على روحها التي غادرت جسدها بالفعل خلفهما، فقد حيت بنفسها مجرد جثة تسير بلا قلبٍ ولا روح.
عادت من ذكراها على دموعها التي رسمت وديان جارية على خديها، ورسمت تجعيد الحزن على ملامحها، نفضتهما عنها، وأوقفت سيارة أجرة وعادت إلى منزلها من جديد، لم ترغب في أن تجلس مع أحد، فقد دلفت لحجرتها وأغلقت عليها، وهي بين نارين، نار الماضي، ونار ذلك الذي جدد ثورة نيرانها من جديد.
*****************************************
بعد يومٍ شاق قضاه آدم مع حلا في المرح قد عاد أخيراً بعد يوماً أرهق كلاهما، توجهت حلا إل غرفتها، وتوجه آدم إلى صومعته الخاصة التي لا يقدر أحد على التقدم بداخلها، على الجانب الآخر دلفت حلا إلى غرفتها، بدلت ملابس خروجها بملابس بيتية مريحة، جلست على سريرها، واتجهت صوب فراشها اراحت جسدها على الفراش، حملت حاسوبها الشخصي ووضعته على قدمها، فتحته على حسابها الشخصي، وفتحت صفحة أحدهم، وقفت على أعتاب الصفحة وكأنها تفتح أحد البيوت المُطهرة التي تستوجب الطهور الإذن قبل الدخول إليها، أغمضت عيناها بشغفٍ عندما لمحت الصورة الخاصة بذلك الحساب التي تقف على أعتابه، دق قلبها، أعلنت فراشاتها أن الربيع قد حل وحان الوقت لتبتهج، اتسعت ابتسامتها أكثر عندما أعلن جهازها بإشعار رسالة من أحدي تطبيقات المراسلات، وقفت أمام صورة المرسل فترة طويلة حتى بدأت الابتسامة في فرض السيطرة على شفتيها أكثر، فتحت الرسالة وبدأت تقرأ غرامها الزائف:
_" حبيبتي الغائبة منذ فترةٍ، الناسية لذلك الذي أحبها أشد الحب، غاليتي التي لا تسأل، وتهجر بالأيام ولا تحزن، لقد أرهقني الغياب، أتعبني بعدك عني، لا أعلم لما تفعلين ذلك، وكأنكِ أصريتِ على اتعاب قلبي المتعب بحبكِ أكثر، قولي لي لما تفعلين، إن كان ذلك رغبةً في عذابي فأخبركِ أنني تعذبت حتى أوشك العذاب أن يفقدني روحي، وإن كان ذلك لتُزيد من شوقي، فاعلمي أن الشوق قد بلغ منتاه مني، أخبريني نهاية ما تريديني.
من المحب المُخلص لقلبك سيدتي ياسين"
سكنت حلا أمام الحاسوب تنظر إلى الرسالة، تُعيد قراءتها مراراً وتكرار، تسأل نفسها لما فتحت له باب أغلقته دائماً، جهلت أكانت أحبته أحقاً أم أنها أحبت حبه لها، ظلت الشات بينهما مفتوحا وهي لا تقو على أن تكتب كلمة واحدة تظن أنها فعلت جراً عظيم لا يجب أن يُفعل، أرهقتها نفسها حتى أوشكت على غلق الشات، ولكن قبلها قد أتت رسالة قرأتها "ألن تعطفي وتُجيبي"
أخذت أنفاسها وردت عليه:
_ماذا تُريد ياسين؟
أجابها:
_أريد رؤيتك حلا، سأقابلك غداً في الجامعة.
أغلقت حلا الحاسوب بعدما أرسل رسالته الأخيرة وأغلق هو الآخر، نامت حلا وهي مترددة في أن تفعل أم لا.
**************************
الصباح قد فرض سيطرته على الأرض واستيقظ جميع من في المنزل، وهبطوا إلى الأسفل لتناول وجبة الإفطار، وليفعل كل واحد منهم من يشاء، اجتمع الجميع على طاولة الإفطار في حالة من الصمت التام حتى جاء يوسف يُعلن عن عبثه، جلس جوار آدم على الطاولة، تحدث يوسف بمرحٍ قائلاً:
_يا الله على هذا الصباح الذي كان جيداً قبل رؤيتك يا حلا.
تجعد وجه حلا بعد حديثه وردت عليه:
_أنا أيضا لا أعلم يوسف لما أصبح الجو لا يُطاق يا يوسف، لا أدري كيف أضبح وجه البوم يظهر في النهار وسط المنزل.
فغر يوسف شفتيه وكاد أن يرد عليها، ولكن توقف حينما راها تنهض من على الطاولة وهي تركض خلفه، وتردد وجه البوم، وأخذت تدور في المنزل بفوضوية وعبثية جعلت قلبه يخفق لرؤياها، يحبها بجنونٍ لا يمكن تلجميها، تمنى لو تدرك كم يحبها، يود لو ترأف بقلبه المسكين، وعلى الجانب الآخر منهم كان آدم والده يجلسان على الطاولة يضحكان على هذا الفعل الصبيان، وآدم الذي يعلم بمحبة يوسف لحلا تمنى لو أصبحت له وأراحت قلبه المُرهق، توقف كلاها عندما سمعا صوت أحمد يُردد:
-أنتما الاثنان كفا عن العبث، وأجلسا تناولا الإفطار.
عندما رأى كلاهما ملامح الغضب الذي رسمها أحمد بحرفية توجه كلا منهما للجلوس في موضعها دون أدنى صوت
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي