الجزء
كان قصر خالات يوه يبدو مبهرجاً من الداخل، هنالك كم هائل من اللوحات الفنية غريبة الشكل صارخة الألوان، الأثاث طرازه معاصر، اصطف جميع الخدم على جانبي الطريق، ينحنوا بإحترام لنا.
واصلنا المسير إلي غرفة على يسار أول طابق من القصر، كانت غرفة ضخمة الإضاءة فيها مناسبة، جلست أنا بعد أن جلسن.
" مبارك زواجك يا تارا، عذراً لعدم تمكننا من حضور حفل زفافكما أنت و يوه"
قالت آناه بلطف كان ثوبها فخما و جذاباً.
" لا عليك يا سيدتي يسرني لقاك "
أنا رددت بلطف فقد ارتحت لها منذ النظرة الأولى.
" إذن أنت هي التي اختارها طفلنا العزيز يوهريك، لا أصدق ذلك، من بين كل نساء مملكة العالم السفلي فضلك أنت، عجباً لأمر هذا الولد"
قالت سوان بغضب، كانت تبدو متسلطة، اقشعر جسدي بمجرد أن عيناي قابلت عيناها.
" توقفا عن هذا الحديث الذي لا فائدة منه، أسفة عزيزتي تارا فلم يتوقع أحد منه هذا الأختيار البسيط، هذا لا يعني أننا لسنا راضون عن قراره، و لكن على كل حالك كيف وجدت الأجواء هنا؟ "
قالت ميان محاولة تغيير الموضوع.
" المكان هنا ليس بالسيء، أحببته"
أنا أجبت بتوتر وخوف، كأنني كنت في جلست محكمة، كالتي يقدمها أخي حينما يحاسب مجرماً ينكر جرمه.
" ما هي اهتماماتك؟
هيا أخبريني قليلا عن هواياتك؟
ماذا تجيدين فعله؟"
سألتني سوان كانت تحدق بي و كأنها تحاول قراءة أفكاري، صمت لفترة ثم قلت:
" أحب تناول الطعام اللذيذ، و إعداد الفطائر بالعسل، كما أنني أجيد الحياكة و صنع المجوهرات والحلى"
قلت بشغف فلم يسألني أحد من قبل عن ماذا أفضل و ما هي إهتمامات، ضحكت ميان بصوت عال.
" أنت حقاً تمزحين!
يالك من فتاة ظريفة"
قالت ميان و هي تكاد تكتم ضحكتها
" ذكرت أنك تجيدين صنع المجوهرات، كيف تصنعينها ؟
هل يمكنك صنع واحدة لي؟
أريد عقدا براق"
قالت آناه بعينين تبرقان.
" حسنا أحتاج لمادة خام في المقام الأول"
قلت بينما كنت أبحث بعينيي في أرجاء الغرفة عن أي حجر أو جوهرة تصلح للإستخدام.
" تفضلي هذا حجر الداكر هل سيفي بالغرض"
أجابت ميان و هي تعطيني ذلك الحجر البراق أسود اللون.
"أنا أستخدم السحر في صناعة المجوهرات، لا تمانعن لو فعلتها هنا"
قلت ثم وضعت الحجر على الطاولة التي أمامي، كنت واثقة مما سأقوم به، فهذا الشيء الوحيد الذي أبرع فيه و يخفف غضب أبي علي.
" يسعدني أن أرى ذلك و بشدة"
قالت سوان وهي تتبسم، أحيانا أتمنى لو كانت أمي هنا معي، لما سمحت بأن تتدمر حياتي هكذا، و لكن هذه هي الأقدار.
أغمضت عيناي، بدأت الطاقة تسري في جميع خلايا جسدي أستطيع أن أشعر بكل شيء و شخص في القصر، يمكنني تحديد مدى طاقته بمجرد إستخدامي للسحر.
ذهلت بالقدر الهائل للطاقة التي يمتلكنها خالات يوه و بالأخص ميان، حاولت التركيز على ما أود فعله، فتحت عيناي ببطء ، الحجر بدأ بالإرتفاع و التشكل كما أود، في الغالب يتغير لون شعري للأبيض حينما أستخدم سحر التشكيل أو عندما يبتل بالماء الدافيء.
كنت قد إنتهيت من صنع العقد كما طلب مني، هدأت من روعي أخذت نفسا عميقاً، فصناعة المجوهرات ترهق جسدي، لازلت غير قادرة على التحكم بطاقتى السحرية جيدا.
" يمكنك تجربته الآن إن عقدك جاهز"
قلت بينما نظرت إلى وجوههم التي كانت تعلوها الحيرة والذهول.
" أيمكنك إستخدام سحر الياو_ الذي هو سحر التشكيل لكن ذا مستوى أعلى_ "
قالت آناه كانت تبدو متفاجأه، في قريتي الجميع يستطيع التعامل هذا السحر بدرجات متفاوته.
" من أين تعلمت استخدام هذه التعويذة؟"
سألت سوان.
" من الذي علمك كل هذا ؟
من أنت بحق الله؟"
قالت ميان بينما رجعت للوراء خطوتين.
" نعم أستطيع إستخدام السحر لكنني لست بارعة فيه جداً، لم يعلمني أحد فقط شاهدت هذه التعويذة لمرة واحدة و جربتها و أتقنتها بعد عدة ممارسات، الإضافة أن أنني ورثت هذة القدرات السحرية من والدتي"
أجبت بينما نظرت إلي كل واحدة منهن على حدى نهضت ميان و خرجت من الغرفة دون قول شيء.
" يا إلهي هل يعلم يوهريك بشأن قدراتك السحرية؟"
قالت آناه بسرعة
" لا أدري فنحن لم نتحدث كثيراً"
قلت ناظرة للأسف، متذكرة طيفه ذلك و تلك العينين.
" هل هناك مشكلة؟"
أنا سألت والخوف قد انتابني، في الحقيقة إنه شعور يراودني كلما أوشكت المصائب أن تقيدني.
" لا ولكن هذا شيء عظيم، أن تكون الملكة مستخدمة سحر من الستوى الرفيع"
قالت سوان.
" تفضلي بعض الشاي"
سكبت لي نوان كوب من الشاي وقدمته إلى،
كنت أشرب الشاي و أتحدث مع آناه و سوان عن كيف تعلمت السحر.
فجأة دخلت علينا ميان حاملة كرة زجاجية بين يديهاا و كتب السحر، فقد شعرت بطاقته حتى دون أن أستخدم سحري لإكتشاف ذلك .
" هذا كتاب ألكساندر فاوه المؤلف العظيم و أول ساحر على وجه الأرض، إنها النسخة الأولى لا يوجد منه غير نسختين، أود إختبار مدى حجم طاقتك الداخلية"
قالت ميان بينما جلست على الكرسي الذي يقابلني وضعت ذلك الكتاب على الطاولة و الكرة الزجاجية أمامي.
" حسنا لا مانع لدي"
رددت أنا، فأنا بدوري أود أن أكتشف عن نفسي ما كنت أجهله، أريد أن أصبح متحكمة سحر كأمي.
" كل ما عليك فعله هو الإسترخاء و تفريغ جميع طاقتك هنا"
قالت ميان بصوت هادئ ففعلت كما أخبرتني، الطاقة في جميع خلايا ركزتها و صببتها داخل تلك الكرة، كان الوهج يتغير يتخذ أكثر من لون بسرعة كبيرة، لاحظت بأن الكرة الزجاجية بدأت بالتشقق فتوقفت من فوري.
قامت ميان بإبعاد الجميع من المكان بحاجز سحر قوى، كنت أنا وهي فقط نقف أمام تلك الكرة الزجاجية، بمجرد ما إن أوقفت تدفق الطاقة إختفى الوهج الملون من داخل الكرة الزجاجية.
" ميان ماذا تحاولين فعله ؟
توقفي سيغضب يوهريك ؟"
قالت آناه، و كأنت جلالته سيفعل بهما ما لا يخطر بالحسبان.
لم أفهم شيئا مما كانت تقوله، كنت أشعر بالتعب والإرهاق، فجسدي لا يتحمل إستخدام السحر، أشعر و كأنه سيغمى علي.
" أنت يا تارا من تكونين؟
هيا أخبريني ، إذ لا أحد يمتلك ذلك الكم الهائل من الطاقة و الوهج متعدد الألوان، أخبريني و إلا إكتشفت هذا بنفسي"
قالت ميان بصوت عالي، هالتها السحرية تتضاعف لم يكون جسدي قوي لتحمل كل ذلك الضغط السحري، فسقطت أرضاً دون حراك، أنا غالباً لا أستخدم السحر فهو يرهقني قد أنام لمدة أسبوع بعد انتهائي من صنع إحدى المجوهرات بالأخص تلك ذات التصميم المعقد،دائما يستخدمني أبي لصنعها من حين لآخر.
لكن هذه المرة لأستطيع الإحساس بما حولي حتى و أنا نائمة، كل شيء ساكن و غريب. لا أدرى كم مضى من الوقت و أنا على تلك الحالة.
حينما إستيقظت وجدت نفسي داخل غرفتي، لم أتمكن من النهوض، جسدي خائر القوى، أيعقل أن هذا بسبب محاولتي لتفريغ جميع طاقتى في تلك الكرة نظرت حولي، تمالك نفسي ونهضت جلست ببطء و اتكأت على السرير.
" سيدتي هل أنت بخير ؟
لقد خفت عليك "
قالت نوان و الدموع تملأ عينييها.
" كم مضى من الوقت وأنا بهذه الحالة؟"
أنا سألت بصوت مرهق.
" مضت عشرة أيام كاملة ، لم يستطع أي طبيب
و لا ساحر جعلك تتحسنين"
ردت نوان بحزن.
" هل علم يوه بما حدث؟"
أنا سألت بخوف و قلق.
" لا يا سيدتي لم أتمكن من التواصل معه لكنه سيعود هذا في هذا المساء"
قالت نوان وهي تساعدني على الجلوس باعتدال.
" يا إلهي ما هذه الورطة حتما سيغضب كثيراً علي، سأحتاج ليوم كامل حتى أستعيد طاقتي وقدرتي على المشي"
همست أنا، لم أتوتر هكذا في حياتي مطلقاً، حينما يتم ذكر إسمه، لذلك المدعو زوجي، أشعر و كأن الفراشات تقيم حفلاً في معدتي، و النبضات تلعب دور العازف.
" أحضري لي بعض الطعام رجاءاً، و إن حضر الملك أخبريه أنني بخير، و أيضا أود البقاء لوحدي قليلاً"
قلت ثم أغمضت عيناي، لايزال معرفته و كشفه على حقيقته هو واجبي.
" كم أنا غبية ما كان على إستخدام سحر التشكيل، كنت أعلم أن حالتي ستسوء إن إستخدمته"
قلت في نفسي، الندم كان لا يعرف الطريق حتى إلي قاموسي من جعل له منزلا الآن.
"تارا!
اه الحمدلله أخيراً إستيقظتي"
قالت جول بينما إقتربت مني بسرعة وأمسكت بيد.
" آسفة لأنني لم أستطع الاعتناء بك كما يجب، لو ذهبت معك إلى قصر خالاتي لما كان سيحدث لك مكروه"
قالت جول و هي تبكي، مشاعرها الصادقة بينة على عينيها، الوثوق بالآخرين من أسهل الأشياء التى أجيد فعلها.
" لا بأس انظري أنا بخير"
قلت بينما مسحت لها دموعها.
"أيمكنك تركي وحدي قليلاً لأرتاح و أستعيد طاقتى، أنا لا أكاد أشعر بجسدي"
قلت بهدوء فرأسي يؤلمني، ضربات قلبي تتسارع، ليس مجددا ليس الآن. أغمضت عيناي و لم أستطع فتحهما مرة أخرى.
" هناك سر لا يعلمه أحد عنى، أخفى أبي هذا السر لزمن طويل، لا يجب عليه أن ينكشف أبدا"
قلت في نفسي، كنت أحاول تهدأت حالى، فتحت عيناي ببطء.
" آه نوان كم الوقت الآن؟"
أنا سألت بينما حاولت النهوض.
لقد لاحظت أن يوه يجلس بقربي على جانب السرير، كان صامتا، ينظر للأسفل يبدوا عليه الغضب و الحزن.
" ي _ي يوه متى عدت؟"
أنا سألت ممسكة بطرف الغطاء بقوة. تبا لما أنا خائفة هكذا، ماذا يجرى لي عندما أكون بقربه.
" كيف حدث هذا؟"
سأل يوه بنبرة صوت باردة.
"أ أ أ آسفة جداً"
قلت محتضني يوه بقوة أحسست و كأنها المرة الأخيرة التي سيراني فيها .وضع يده على خدي تحسس وجهي، كانت عيناه و كأنها ستبكينان في أي لحظة احتضنني مرة اخرى و همس قائلاً:
" لن تكون لحياة أي معنى إن حدث لك مكروه، لا أتحمل خسارتك يا أول إنجاز فزت به"
" يوه !
يوهريك!
جلاتك إهدأ لا بأس أنا بخير، هذا يحدث معي عادة عندما أستخدم سحر التشكيل"
أنا قلت بينما ربت على كتفه، لقد كان جسده دافئاً جداً.
"صه!
ليس عليك الحديث عن شيء، نوان أخبرتني بكل التفاصيل، ارتاحي ما كان ليحدث هذا ما لم أرحل في أول ليلة زفاف لنا"
قال يوه بحسرة، كانت ملامحه حزينة كئيبة لم أره مطلقاً هكذا، أمسكت بقميصه و جذبته إلي بسرعة و قوة، كنت أحدق بوجهه، إقتربت وهمست في أذنه قائلة.
" ألم تخبرني أن كل شيء سيكون بخير"
قبلت خده الأيمن ببطء تحسست شفتاه بأنامل يدي اليسري.
" لا أود رؤية هذة الملامح عليك، أتفهم؟"
قلت بصوت هادئ مخدر فقد كنت لا أزال تحت تأثير عواقب إستخدامي للسحر، أعلم أنني لست بكامل وعي،و سأندم على كل حرف قلته لاحقا.
لقد كان وجهه يحمر خجلاً، سرعان ما اختفت ملامح اليأس منه، أدار وجهه للجهة الأخرى، ضمني إلى صدره، حاولت الإبتعاد لكنه أمسك بقوة و قال:
" دعينا نبقى هكذا لوقت أطول، أود التأكد من هذا ليس
حلماً و أنك بخير الآن"
إحتضنته بدوري دون أن أشعر، لقد كان شعور جميل كونه هنا و بقربي، أظن أنني غفوت و أنا بين ذراعية الضخمة.
" تارا!
عزيزتي تارا استيقظي،
هيا عليك تناول بعض الطعام"
قال يوه بصوت هادئ، كان يحاول إيقاظي، فتحت عيناي و نهضت من السرير دون مساعدة أظن أن يوماً كاملا قد مضى منذ تلك الحادثة
" حسنا"
أنا همست بينما توجهت صوب الحمام لأستحم.
"كيف تشعرين يا عزيزتي؟"
قال يوه.
" بخير جداً حتى أنني يمكنني هزيمتك في صراع الأيادي"
أنا قلت ممازحة إياه، بالرغم من أنني أستطيع فعلها إن تحديته.
" أتطلع لمبارزتك يوما ما، هيا أسرعي بالنهوض كي لا يبرد الطعام"
رد يوه بينما كان متوجهاً نحوي.
" مهلاً الي أين تظن نفسك ذاهباً معي"
أنا صرخت بصوت عالي.
" أود مساعدتك"
قال يوه وهو ينظر إلي من فوقي إلي تحتي.
" مستحيل لن يحدث هذا مطلقاً أنت تحلم"
أنا قلت بصوت عال، كنت مرتبكة ومتوترة للغاية.
" هوني عليك، حسنا حسنا سأتركك"
رد يوه و هو يضحك ملئ فيه.
تناولت الطعام بعدما أخذت حماما دافئاً، كنت أشعر بالانتعاش وراحة، لم يكن يوه موجود حينما خرجت من الحمام، إرتديت ثوباً قصيراً ذو أكمام شفافة، كنت أنظر إلى المرآة أحاول ارتداء العقد.
" ماذا تظنين أنك ترتدين؟
أستذهبين إلي الخارج هكذا؟
على جثتي يا إمرأة"
سألني يوه و كأنه يود مني تغير ثيابي.
كنت قد أحببت الثوب فهو يبدوا جميلاً علي.
لذا تجاهلته كأنه لم يقل شيئا، أخذت الأساور وارتديتها، جذبني يوه للوراء فالتصقت به.
" لا أحب أن يتجاهلني أحد"
همس يوه في أذني.
" و كأنني أحب سحبك لي هكذا في كل مرة نتقابل "
ردت بينما قد أحاط يديه بخاصرتي، سبق و أن أمال رأسه على كتفي، ببطء شديد قبل رقبتي.
" جمالك هذا لي وحدي، لا أريد أن يراك أحد آخر غيري بهذة الثياب"
همس يوه، كنت أشعر بأنفاسه تقترب من وجهي.
فجأة طرق أحدهم الباب.
" تارا !
لا أصدق أنك بخير"
صرخت جول بينما ركضت نحونا توقفت عندما رأتنا على تلك الوضعية.
" هل سمحت لك بالدخول ؟"
قال يوه بغضب.
" أسفة جلالتك، لمقاطعة رومانسيتكم هذه ولكن كنت
أود الاطمئنان على تارا فقط مضى وقت طويل"
قالت جول بعينين تدمعان.
أبعدت يوه عني ، ثم دعست على قدمه كنت أنظر إليه لفترة بنظرات حادة تكن له الكره جراء تصرفاته تلك. لكنه كان لا يزال يبتسم و يلوح لي كالأبله.
" لا عليك، فأنا بخير، ألم تقولي بأنك ستأخذني في جولة في القصر، هيا تعالي لنذهب فأنا لا أود رؤيته لجلالته و البقاء معه هنا"
قلت بينما أنظر الي يوه الذي كان ينظر إلي وكأنه يريد ضربي.
خرجت أنا و جول من الغرفة، كنت محرجة من نفسي و مشوشة، أشعر و كأنني لست أنا عندما أكون بقربه، لما تتسارع نبضات قلبي و كأنني قد وقعت بحبه من النظرة الاولى.
"تارا، هذا هو البلاط الملكي حيث يقيم جلالته
معظم اجتماعاته"
قالت جول.
كان داخل البلاط الملك أربعة رجال جالسون يتهامسون.نهضوا بعدما قدمنا.
" تحياتنا مولاتي"
هؤلاء الرجال قالوا ثم انحنوا.
"هذا الرجل على يسارك يدعى المستشار كروسن،
و ذلك صاحب القبعة الحمراء غريبة الشكل،يكون قائد
الجيش الأعلى دارك ، و هذين مساعديهما"
قالت جول
" سررت بلقائكم"
أنا قلت.
" مولاتي إنه لشرف لنا "
قال كروسن.
كان البلاط الملكي، واسعا فخما لم آرى لمثل تلك المصابيح التي تضيء كالشمس في حياتي .
" هيا لنذهب"
قالت جول بهدوء، عندما كنا خارجين من البلاط كان يوه داخل إليه و خلفه الكثير من الرجال. توقفنا على جانب من الطريق، كنت أنظر إليه كأنني أراه للمرة الأولى، لقد كانت ملامحه باردة و حادة.
إقترب مني ثم همس قائلا لي:
" ما رأيك بممارسة الحب بعد هذا المساء"
حينما قال كلماته تلك ، إحمررت خجلاً ، كان قد تحرك نحوي خطوتين للأمام بتلك الابتسامة الماكرة إنه يحاول تعكير مزاج، أمسكت بيده كنت شاردة في عينيه، نظر إلي و الجميع ينظرون نحوي.
" هل هناك خطب ما جلالة الملكة؟"
سأل جلالة الملك.
أفلت يده بسرعة ثم هززت رأسي بالنفي، أسرعت و خرجت من البلاط الملكي. كان الأمر محرجا بالنسبة لي .
" بالمناسبة لما حرارتك مرتفعة، و تتعرقين كثيراً"
قالت جول بينما كانت تلمس جبهتي.
" حتماً أنه كان يمزح فيما قاله"
أنا همست بينما غطيت وجهي
" تارا!
ما الأمر ؟
ماذا قال لك أخي حتى تغيرت أحوالك هكذا"
سالت جول بتوتر.
" اه ليس بالأمر الجلل، دعينا نكمل جولتنا"
أنا قلت، كنا قد مررنا ببعض الرجال الذين كان يتجادلون بصوت عال.
" كيف يستطيع الملك الزواج من تلك الفتاة عديمة الفائدة، سمعت بأنها أقبح نساء قبيل عبق الربيع"
قال أحدهم
" أجل أجل يقولون أنها هجينة لم يتقبلها والدها،
أظن أنها قد أغرت الملك بسحر أسود خطير حتى فقد قدرته على التمييز"
رد آخر منهم.
" أشفق على النسل الملكي العريق الذي سوف يتشوه بسببها لهذة الفتاة الرخيصة"
قال رجل يجلس على الأرض نهض بعدما رآنا أمامه.كانت كلماتهم تلك واقعة علي كالسهام منقوعة بحمم شوت كاهلى و فؤادي.
" أيها الأوغاد كيف تجرؤون على تقليل احترام وقدر الملكة"
قالت جول في غضب شديد.
" مع كامل إحترامي للملكة و الملك و لكن الحقيقة يجب أن تقال، إن كان ما نقوله غير صحيح فلتثبت عكس ذلك"
قال رجل واقف كان يضع يده على جيبه.
"أثبتي أنك لست ضعيفة و يمكنك إفادة المملكة بشيء"
" تزعمون بضعفي أصحيح هذا؟"
قلت ببرود.
" و ماذا تستطيع فتاة مثلك فعله، أجزم أنك لا تعرفين كيفية إمساك السيف حتى، ضاع مستقبل المملكة"
قال رجل ذي بطن كبيرة بارزة للأمام.
" حسنا فلتحضروا أقوى مبار يكم، سأنازله
و أنا معصومة العينين"
أنا قلت بينما منعت جول من التدخل.
" من هنا جلالتك"
قال أحدهم بينما كان ينظر بمكر .
تبعته دون تردد فلن أقبل أن يهان الملك بسببي . إنه لطيف جدا معي رغم تصرفاته الجنونية تلك .أظن أن جول أسرعت لتعلم الملك بما حصل.
دخلنا حلبة واسعة جداً، لم يمض سوى دقائق حتى إمتلأت المدرجات بالحشود الكبيرة، لا أدرى من أين أتوا و من أخبره . كنت قد خلعت ثوبي الفضفاض وبقيت واقفة بقميص قصير و بنطال يصل إلي ركبتي، أعطاني أحدهم سيفاً، فعصمت عيناي بعدما وقف أمامي رجل كبير ضخم.
" فلتبدأ المبارزة من يسقط سيف خصمه أولا يفوز"
قال ذلك الرجل صاحب البطن الضخمة.
كنت أستعد لهزيمته، ركزت جميع طاقتي و إحساسي حتى أتمكن من تحديد موقعه.
" أتهزأين بي يا جلالتك، أنا إسمي كوسيسيس، أقوى و أعظم السيافين لن أتهاون معك "
قال بغضب ثم اتجه نحوي.
" لن يسريني إن تهاونت معي"
قلت، قفذت للأعلى تفاديت ضرته.
من قال أنني لا أجيد المبارزة بالسيف كنت أصد ضرباته و كأن عيناي ليستا معصومتين.
ضرباته ليست بالسيئة لرجل مثله، كانت المبارزة مملة بالنسبة لي حركاته كلها متوقعة.
" أيها المبارز لقد مللت سأنهي المبارزة"
قلت ثم توجهت إليه بسرعة هو لم يدرك متى سقط على الأرض و سيفه مرمي بعيداً عنه.
عم الصمت لفترة من الزمن، لم يقف أحد بعد ضرباتي مطلقاً، نزعت العصابة التي على عيني و نظرت إليه، بعثر الهواء شعري فأرجعته للوراء، هتف الجميع بالتصفيق، إقتربت من ذلك المبارز .
" ينقصك الكثير لتعلمه عن التحكم في مشاعرك أثناء القتال، أدرك أن لديك القوة والمهارة فسخرها بحكمة، أتسمعنى أم أنك غبت عن الوعي؟"
قلت بينما توجهت إلي هؤلاء الرجال الثلاثة.
" أهذا أقوى رجل في الملكة، بحق الله قولوا أنكم تمزحون، هيا أخبروني من التالي أي واحد منكم سأنازله أولاً"
قلت و الغضب بان في عينيي، ركع الرجال الثلاثة أمامي
" أسفين يا مولاتي!
أنت حقاً عظيمة و قوية"
قالوا جميعاً بصوت يرتعب خوفاً، أحسست أن ذلك المبارز قد نهض.
" سوف امزقك إرباً إرباً على إهانتك لي"
قال بينما حاول ضربي من الخلف تفاديت ضربته بسهولة و ركلته بقوة فإرتضم بالحائط حتى تحطم وأحدث فجوة ضخمة، صرخ الجميع في ذهول.
" تعيش الملكة، تعيش!
فلتحيا الملكة تارا"
هتفوا جميعهم بصوت واحد
" لا تقلقي يا تارا لقد أحضرت المساعدة إن الملك قد أ أأ أتي"
قالت جول بينما كانت تنظر إلي و اغلي حال الرجل .
" هل أنت من فعل هذا؟"
سألت جول بذهول، ربطت شعري و حملت ثوبي الذي على الأرض، كان الملك قد وقف أمامي.
" ما هذه المهزلة يا حاكم مقاطعة جوا، هل تجرء على.."
قال الملك لكنني قاطعته بقولي:
" مولاي يوهريك سامحهم هذه المرة، لأجلي رجاءً دعهم "
قلت له بينما أمسكت بيده لقد كان غاضب جداً عيناه كانتا محمرتين، خلع يوه رداءه و غطاني به.
" ليس عليك إثبات شيء لأي شخص هنا، أتفهمين هذا !
من لم يعجبه إختياري فليعلمني و ليوضب أمتعته لمغادرة هذه المملكة"
قال الملك
" أما بالنسبة لكم فحسابكما معي لاحقاً، حراس اقبضوا عليهم"
قال يوه بغضب شديد .
" لكن يا يوه..."
قبل أن أكمل حديثي سلب من لماي القدرة على الحديث لبضع ثوان، كان جميع الحضور يهتفون للملك.
"أحمق، لما فعلتها هنا و أمام الملأ؟"
قلت في نفسي بينما دفنت رأسي خجلاً بين أحضانه.
" كم أنت غبي متحاذق"
أنا همست.
واصلنا المسير إلي غرفة على يسار أول طابق من القصر، كانت غرفة ضخمة الإضاءة فيها مناسبة، جلست أنا بعد أن جلسن.
" مبارك زواجك يا تارا، عذراً لعدم تمكننا من حضور حفل زفافكما أنت و يوه"
قالت آناه بلطف كان ثوبها فخما و جذاباً.
" لا عليك يا سيدتي يسرني لقاك "
أنا رددت بلطف فقد ارتحت لها منذ النظرة الأولى.
" إذن أنت هي التي اختارها طفلنا العزيز يوهريك، لا أصدق ذلك، من بين كل نساء مملكة العالم السفلي فضلك أنت، عجباً لأمر هذا الولد"
قالت سوان بغضب، كانت تبدو متسلطة، اقشعر جسدي بمجرد أن عيناي قابلت عيناها.
" توقفا عن هذا الحديث الذي لا فائدة منه، أسفة عزيزتي تارا فلم يتوقع أحد منه هذا الأختيار البسيط، هذا لا يعني أننا لسنا راضون عن قراره، و لكن على كل حالك كيف وجدت الأجواء هنا؟ "
قالت ميان محاولة تغيير الموضوع.
" المكان هنا ليس بالسيء، أحببته"
أنا أجبت بتوتر وخوف، كأنني كنت في جلست محكمة، كالتي يقدمها أخي حينما يحاسب مجرماً ينكر جرمه.
" ما هي اهتماماتك؟
هيا أخبريني قليلا عن هواياتك؟
ماذا تجيدين فعله؟"
سألتني سوان كانت تحدق بي و كأنها تحاول قراءة أفكاري، صمت لفترة ثم قلت:
" أحب تناول الطعام اللذيذ، و إعداد الفطائر بالعسل، كما أنني أجيد الحياكة و صنع المجوهرات والحلى"
قلت بشغف فلم يسألني أحد من قبل عن ماذا أفضل و ما هي إهتمامات، ضحكت ميان بصوت عال.
" أنت حقاً تمزحين!
يالك من فتاة ظريفة"
قالت ميان و هي تكاد تكتم ضحكتها
" ذكرت أنك تجيدين صنع المجوهرات، كيف تصنعينها ؟
هل يمكنك صنع واحدة لي؟
أريد عقدا براق"
قالت آناه بعينين تبرقان.
" حسنا أحتاج لمادة خام في المقام الأول"
قلت بينما كنت أبحث بعينيي في أرجاء الغرفة عن أي حجر أو جوهرة تصلح للإستخدام.
" تفضلي هذا حجر الداكر هل سيفي بالغرض"
أجابت ميان و هي تعطيني ذلك الحجر البراق أسود اللون.
"أنا أستخدم السحر في صناعة المجوهرات، لا تمانعن لو فعلتها هنا"
قلت ثم وضعت الحجر على الطاولة التي أمامي، كنت واثقة مما سأقوم به، فهذا الشيء الوحيد الذي أبرع فيه و يخفف غضب أبي علي.
" يسعدني أن أرى ذلك و بشدة"
قالت سوان وهي تتبسم، أحيانا أتمنى لو كانت أمي هنا معي، لما سمحت بأن تتدمر حياتي هكذا، و لكن هذه هي الأقدار.
أغمضت عيناي، بدأت الطاقة تسري في جميع خلايا جسدي أستطيع أن أشعر بكل شيء و شخص في القصر، يمكنني تحديد مدى طاقته بمجرد إستخدامي للسحر.
ذهلت بالقدر الهائل للطاقة التي يمتلكنها خالات يوه و بالأخص ميان، حاولت التركيز على ما أود فعله، فتحت عيناي ببطء ، الحجر بدأ بالإرتفاع و التشكل كما أود، في الغالب يتغير لون شعري للأبيض حينما أستخدم سحر التشكيل أو عندما يبتل بالماء الدافيء.
كنت قد إنتهيت من صنع العقد كما طلب مني، هدأت من روعي أخذت نفسا عميقاً، فصناعة المجوهرات ترهق جسدي، لازلت غير قادرة على التحكم بطاقتى السحرية جيدا.
" يمكنك تجربته الآن إن عقدك جاهز"
قلت بينما نظرت إلى وجوههم التي كانت تعلوها الحيرة والذهول.
" أيمكنك إستخدام سحر الياو_ الذي هو سحر التشكيل لكن ذا مستوى أعلى_ "
قالت آناه كانت تبدو متفاجأه، في قريتي الجميع يستطيع التعامل هذا السحر بدرجات متفاوته.
" من أين تعلمت استخدام هذه التعويذة؟"
سألت سوان.
" من الذي علمك كل هذا ؟
من أنت بحق الله؟"
قالت ميان بينما رجعت للوراء خطوتين.
" نعم أستطيع إستخدام السحر لكنني لست بارعة فيه جداً، لم يعلمني أحد فقط شاهدت هذه التعويذة لمرة واحدة و جربتها و أتقنتها بعد عدة ممارسات، الإضافة أن أنني ورثت هذة القدرات السحرية من والدتي"
أجبت بينما نظرت إلي كل واحدة منهن على حدى نهضت ميان و خرجت من الغرفة دون قول شيء.
" يا إلهي هل يعلم يوهريك بشأن قدراتك السحرية؟"
قالت آناه بسرعة
" لا أدري فنحن لم نتحدث كثيراً"
قلت ناظرة للأسف، متذكرة طيفه ذلك و تلك العينين.
" هل هناك مشكلة؟"
أنا سألت والخوف قد انتابني، في الحقيقة إنه شعور يراودني كلما أوشكت المصائب أن تقيدني.
" لا ولكن هذا شيء عظيم، أن تكون الملكة مستخدمة سحر من الستوى الرفيع"
قالت سوان.
" تفضلي بعض الشاي"
سكبت لي نوان كوب من الشاي وقدمته إلى،
كنت أشرب الشاي و أتحدث مع آناه و سوان عن كيف تعلمت السحر.
فجأة دخلت علينا ميان حاملة كرة زجاجية بين يديهاا و كتب السحر، فقد شعرت بطاقته حتى دون أن أستخدم سحري لإكتشاف ذلك .
" هذا كتاب ألكساندر فاوه المؤلف العظيم و أول ساحر على وجه الأرض، إنها النسخة الأولى لا يوجد منه غير نسختين، أود إختبار مدى حجم طاقتك الداخلية"
قالت ميان بينما جلست على الكرسي الذي يقابلني وضعت ذلك الكتاب على الطاولة و الكرة الزجاجية أمامي.
" حسنا لا مانع لدي"
رددت أنا، فأنا بدوري أود أن أكتشف عن نفسي ما كنت أجهله، أريد أن أصبح متحكمة سحر كأمي.
" كل ما عليك فعله هو الإسترخاء و تفريغ جميع طاقتك هنا"
قالت ميان بصوت هادئ ففعلت كما أخبرتني، الطاقة في جميع خلايا ركزتها و صببتها داخل تلك الكرة، كان الوهج يتغير يتخذ أكثر من لون بسرعة كبيرة، لاحظت بأن الكرة الزجاجية بدأت بالتشقق فتوقفت من فوري.
قامت ميان بإبعاد الجميع من المكان بحاجز سحر قوى، كنت أنا وهي فقط نقف أمام تلك الكرة الزجاجية، بمجرد ما إن أوقفت تدفق الطاقة إختفى الوهج الملون من داخل الكرة الزجاجية.
" ميان ماذا تحاولين فعله ؟
توقفي سيغضب يوهريك ؟"
قالت آناه، و كأنت جلالته سيفعل بهما ما لا يخطر بالحسبان.
لم أفهم شيئا مما كانت تقوله، كنت أشعر بالتعب والإرهاق، فجسدي لا يتحمل إستخدام السحر، أشعر و كأنه سيغمى علي.
" أنت يا تارا من تكونين؟
هيا أخبريني ، إذ لا أحد يمتلك ذلك الكم الهائل من الطاقة و الوهج متعدد الألوان، أخبريني و إلا إكتشفت هذا بنفسي"
قالت ميان بصوت عالي، هالتها السحرية تتضاعف لم يكون جسدي قوي لتحمل كل ذلك الضغط السحري، فسقطت أرضاً دون حراك، أنا غالباً لا أستخدم السحر فهو يرهقني قد أنام لمدة أسبوع بعد انتهائي من صنع إحدى المجوهرات بالأخص تلك ذات التصميم المعقد،دائما يستخدمني أبي لصنعها من حين لآخر.
لكن هذه المرة لأستطيع الإحساس بما حولي حتى و أنا نائمة، كل شيء ساكن و غريب. لا أدرى كم مضى من الوقت و أنا على تلك الحالة.
حينما إستيقظت وجدت نفسي داخل غرفتي، لم أتمكن من النهوض، جسدي خائر القوى، أيعقل أن هذا بسبب محاولتي لتفريغ جميع طاقتى في تلك الكرة نظرت حولي، تمالك نفسي ونهضت جلست ببطء و اتكأت على السرير.
" سيدتي هل أنت بخير ؟
لقد خفت عليك "
قالت نوان و الدموع تملأ عينييها.
" كم مضى من الوقت وأنا بهذه الحالة؟"
أنا سألت بصوت مرهق.
" مضت عشرة أيام كاملة ، لم يستطع أي طبيب
و لا ساحر جعلك تتحسنين"
ردت نوان بحزن.
" هل علم يوه بما حدث؟"
أنا سألت بخوف و قلق.
" لا يا سيدتي لم أتمكن من التواصل معه لكنه سيعود هذا في هذا المساء"
قالت نوان وهي تساعدني على الجلوس باعتدال.
" يا إلهي ما هذه الورطة حتما سيغضب كثيراً علي، سأحتاج ليوم كامل حتى أستعيد طاقتي وقدرتي على المشي"
همست أنا، لم أتوتر هكذا في حياتي مطلقاً، حينما يتم ذكر إسمه، لذلك المدعو زوجي، أشعر و كأن الفراشات تقيم حفلاً في معدتي، و النبضات تلعب دور العازف.
" أحضري لي بعض الطعام رجاءاً، و إن حضر الملك أخبريه أنني بخير، و أيضا أود البقاء لوحدي قليلاً"
قلت ثم أغمضت عيناي، لايزال معرفته و كشفه على حقيقته هو واجبي.
" كم أنا غبية ما كان على إستخدام سحر التشكيل، كنت أعلم أن حالتي ستسوء إن إستخدمته"
قلت في نفسي، الندم كان لا يعرف الطريق حتى إلي قاموسي من جعل له منزلا الآن.
"تارا!
اه الحمدلله أخيراً إستيقظتي"
قالت جول بينما إقتربت مني بسرعة وأمسكت بيد.
" آسفة لأنني لم أستطع الاعتناء بك كما يجب، لو ذهبت معك إلى قصر خالاتي لما كان سيحدث لك مكروه"
قالت جول و هي تبكي، مشاعرها الصادقة بينة على عينيها، الوثوق بالآخرين من أسهل الأشياء التى أجيد فعلها.
" لا بأس انظري أنا بخير"
قلت بينما مسحت لها دموعها.
"أيمكنك تركي وحدي قليلاً لأرتاح و أستعيد طاقتى، أنا لا أكاد أشعر بجسدي"
قلت بهدوء فرأسي يؤلمني، ضربات قلبي تتسارع، ليس مجددا ليس الآن. أغمضت عيناي و لم أستطع فتحهما مرة أخرى.
" هناك سر لا يعلمه أحد عنى، أخفى أبي هذا السر لزمن طويل، لا يجب عليه أن ينكشف أبدا"
قلت في نفسي، كنت أحاول تهدأت حالى، فتحت عيناي ببطء.
" آه نوان كم الوقت الآن؟"
أنا سألت بينما حاولت النهوض.
لقد لاحظت أن يوه يجلس بقربي على جانب السرير، كان صامتا، ينظر للأسفل يبدوا عليه الغضب و الحزن.
" ي _ي يوه متى عدت؟"
أنا سألت ممسكة بطرف الغطاء بقوة. تبا لما أنا خائفة هكذا، ماذا يجرى لي عندما أكون بقربه.
" كيف حدث هذا؟"
سأل يوه بنبرة صوت باردة.
"أ أ أ آسفة جداً"
قلت محتضني يوه بقوة أحسست و كأنها المرة الأخيرة التي سيراني فيها .وضع يده على خدي تحسس وجهي، كانت عيناه و كأنها ستبكينان في أي لحظة احتضنني مرة اخرى و همس قائلاً:
" لن تكون لحياة أي معنى إن حدث لك مكروه، لا أتحمل خسارتك يا أول إنجاز فزت به"
" يوه !
يوهريك!
جلاتك إهدأ لا بأس أنا بخير، هذا يحدث معي عادة عندما أستخدم سحر التشكيل"
أنا قلت بينما ربت على كتفه، لقد كان جسده دافئاً جداً.
"صه!
ليس عليك الحديث عن شيء، نوان أخبرتني بكل التفاصيل، ارتاحي ما كان ليحدث هذا ما لم أرحل في أول ليلة زفاف لنا"
قال يوه بحسرة، كانت ملامحه حزينة كئيبة لم أره مطلقاً هكذا، أمسكت بقميصه و جذبته إلي بسرعة و قوة، كنت أحدق بوجهه، إقتربت وهمست في أذنه قائلة.
" ألم تخبرني أن كل شيء سيكون بخير"
قبلت خده الأيمن ببطء تحسست شفتاه بأنامل يدي اليسري.
" لا أود رؤية هذة الملامح عليك، أتفهم؟"
قلت بصوت هادئ مخدر فقد كنت لا أزال تحت تأثير عواقب إستخدامي للسحر، أعلم أنني لست بكامل وعي،و سأندم على كل حرف قلته لاحقا.
لقد كان وجهه يحمر خجلاً، سرعان ما اختفت ملامح اليأس منه، أدار وجهه للجهة الأخرى، ضمني إلى صدره، حاولت الإبتعاد لكنه أمسك بقوة و قال:
" دعينا نبقى هكذا لوقت أطول، أود التأكد من هذا ليس
حلماً و أنك بخير الآن"
إحتضنته بدوري دون أن أشعر، لقد كان شعور جميل كونه هنا و بقربي، أظن أنني غفوت و أنا بين ذراعية الضخمة.
" تارا!
عزيزتي تارا استيقظي،
هيا عليك تناول بعض الطعام"
قال يوه بصوت هادئ، كان يحاول إيقاظي، فتحت عيناي و نهضت من السرير دون مساعدة أظن أن يوماً كاملا قد مضى منذ تلك الحادثة
" حسنا"
أنا همست بينما توجهت صوب الحمام لأستحم.
"كيف تشعرين يا عزيزتي؟"
قال يوه.
" بخير جداً حتى أنني يمكنني هزيمتك في صراع الأيادي"
أنا قلت ممازحة إياه، بالرغم من أنني أستطيع فعلها إن تحديته.
" أتطلع لمبارزتك يوما ما، هيا أسرعي بالنهوض كي لا يبرد الطعام"
رد يوه بينما كان متوجهاً نحوي.
" مهلاً الي أين تظن نفسك ذاهباً معي"
أنا صرخت بصوت عالي.
" أود مساعدتك"
قال يوه وهو ينظر إلي من فوقي إلي تحتي.
" مستحيل لن يحدث هذا مطلقاً أنت تحلم"
أنا قلت بصوت عال، كنت مرتبكة ومتوترة للغاية.
" هوني عليك، حسنا حسنا سأتركك"
رد يوه و هو يضحك ملئ فيه.
تناولت الطعام بعدما أخذت حماما دافئاً، كنت أشعر بالانتعاش وراحة، لم يكن يوه موجود حينما خرجت من الحمام، إرتديت ثوباً قصيراً ذو أكمام شفافة، كنت أنظر إلى المرآة أحاول ارتداء العقد.
" ماذا تظنين أنك ترتدين؟
أستذهبين إلي الخارج هكذا؟
على جثتي يا إمرأة"
سألني يوه و كأنه يود مني تغير ثيابي.
كنت قد أحببت الثوب فهو يبدوا جميلاً علي.
لذا تجاهلته كأنه لم يقل شيئا، أخذت الأساور وارتديتها، جذبني يوه للوراء فالتصقت به.
" لا أحب أن يتجاهلني أحد"
همس يوه في أذني.
" و كأنني أحب سحبك لي هكذا في كل مرة نتقابل "
ردت بينما قد أحاط يديه بخاصرتي، سبق و أن أمال رأسه على كتفي، ببطء شديد قبل رقبتي.
" جمالك هذا لي وحدي، لا أريد أن يراك أحد آخر غيري بهذة الثياب"
همس يوه، كنت أشعر بأنفاسه تقترب من وجهي.
فجأة طرق أحدهم الباب.
" تارا !
لا أصدق أنك بخير"
صرخت جول بينما ركضت نحونا توقفت عندما رأتنا على تلك الوضعية.
" هل سمحت لك بالدخول ؟"
قال يوه بغضب.
" أسفة جلالتك، لمقاطعة رومانسيتكم هذه ولكن كنت
أود الاطمئنان على تارا فقط مضى وقت طويل"
قالت جول بعينين تدمعان.
أبعدت يوه عني ، ثم دعست على قدمه كنت أنظر إليه لفترة بنظرات حادة تكن له الكره جراء تصرفاته تلك. لكنه كان لا يزال يبتسم و يلوح لي كالأبله.
" لا عليك، فأنا بخير، ألم تقولي بأنك ستأخذني في جولة في القصر، هيا تعالي لنذهب فأنا لا أود رؤيته لجلالته و البقاء معه هنا"
قلت بينما أنظر الي يوه الذي كان ينظر إلي وكأنه يريد ضربي.
خرجت أنا و جول من الغرفة، كنت محرجة من نفسي و مشوشة، أشعر و كأنني لست أنا عندما أكون بقربه، لما تتسارع نبضات قلبي و كأنني قد وقعت بحبه من النظرة الاولى.
"تارا، هذا هو البلاط الملكي حيث يقيم جلالته
معظم اجتماعاته"
قالت جول.
كان داخل البلاط الملك أربعة رجال جالسون يتهامسون.نهضوا بعدما قدمنا.
" تحياتنا مولاتي"
هؤلاء الرجال قالوا ثم انحنوا.
"هذا الرجل على يسارك يدعى المستشار كروسن،
و ذلك صاحب القبعة الحمراء غريبة الشكل،يكون قائد
الجيش الأعلى دارك ، و هذين مساعديهما"
قالت جول
" سررت بلقائكم"
أنا قلت.
" مولاتي إنه لشرف لنا "
قال كروسن.
كان البلاط الملكي، واسعا فخما لم آرى لمثل تلك المصابيح التي تضيء كالشمس في حياتي .
" هيا لنذهب"
قالت جول بهدوء، عندما كنا خارجين من البلاط كان يوه داخل إليه و خلفه الكثير من الرجال. توقفنا على جانب من الطريق، كنت أنظر إليه كأنني أراه للمرة الأولى، لقد كانت ملامحه باردة و حادة.
إقترب مني ثم همس قائلا لي:
" ما رأيك بممارسة الحب بعد هذا المساء"
حينما قال كلماته تلك ، إحمررت خجلاً ، كان قد تحرك نحوي خطوتين للأمام بتلك الابتسامة الماكرة إنه يحاول تعكير مزاج، أمسكت بيده كنت شاردة في عينيه، نظر إلي و الجميع ينظرون نحوي.
" هل هناك خطب ما جلالة الملكة؟"
سأل جلالة الملك.
أفلت يده بسرعة ثم هززت رأسي بالنفي، أسرعت و خرجت من البلاط الملكي. كان الأمر محرجا بالنسبة لي .
" بالمناسبة لما حرارتك مرتفعة، و تتعرقين كثيراً"
قالت جول بينما كانت تلمس جبهتي.
" حتماً أنه كان يمزح فيما قاله"
أنا همست بينما غطيت وجهي
" تارا!
ما الأمر ؟
ماذا قال لك أخي حتى تغيرت أحوالك هكذا"
سالت جول بتوتر.
" اه ليس بالأمر الجلل، دعينا نكمل جولتنا"
أنا قلت، كنا قد مررنا ببعض الرجال الذين كان يتجادلون بصوت عال.
" كيف يستطيع الملك الزواج من تلك الفتاة عديمة الفائدة، سمعت بأنها أقبح نساء قبيل عبق الربيع"
قال أحدهم
" أجل أجل يقولون أنها هجينة لم يتقبلها والدها،
أظن أنها قد أغرت الملك بسحر أسود خطير حتى فقد قدرته على التمييز"
رد آخر منهم.
" أشفق على النسل الملكي العريق الذي سوف يتشوه بسببها لهذة الفتاة الرخيصة"
قال رجل يجلس على الأرض نهض بعدما رآنا أمامه.كانت كلماتهم تلك واقعة علي كالسهام منقوعة بحمم شوت كاهلى و فؤادي.
" أيها الأوغاد كيف تجرؤون على تقليل احترام وقدر الملكة"
قالت جول في غضب شديد.
" مع كامل إحترامي للملكة و الملك و لكن الحقيقة يجب أن تقال، إن كان ما نقوله غير صحيح فلتثبت عكس ذلك"
قال رجل واقف كان يضع يده على جيبه.
"أثبتي أنك لست ضعيفة و يمكنك إفادة المملكة بشيء"
" تزعمون بضعفي أصحيح هذا؟"
قلت ببرود.
" و ماذا تستطيع فتاة مثلك فعله، أجزم أنك لا تعرفين كيفية إمساك السيف حتى، ضاع مستقبل المملكة"
قال رجل ذي بطن كبيرة بارزة للأمام.
" حسنا فلتحضروا أقوى مبار يكم، سأنازله
و أنا معصومة العينين"
أنا قلت بينما منعت جول من التدخل.
" من هنا جلالتك"
قال أحدهم بينما كان ينظر بمكر .
تبعته دون تردد فلن أقبل أن يهان الملك بسببي . إنه لطيف جدا معي رغم تصرفاته الجنونية تلك .أظن أن جول أسرعت لتعلم الملك بما حصل.
دخلنا حلبة واسعة جداً، لم يمض سوى دقائق حتى إمتلأت المدرجات بالحشود الكبيرة، لا أدرى من أين أتوا و من أخبره . كنت قد خلعت ثوبي الفضفاض وبقيت واقفة بقميص قصير و بنطال يصل إلي ركبتي، أعطاني أحدهم سيفاً، فعصمت عيناي بعدما وقف أمامي رجل كبير ضخم.
" فلتبدأ المبارزة من يسقط سيف خصمه أولا يفوز"
قال ذلك الرجل صاحب البطن الضخمة.
كنت أستعد لهزيمته، ركزت جميع طاقتي و إحساسي حتى أتمكن من تحديد موقعه.
" أتهزأين بي يا جلالتك، أنا إسمي كوسيسيس، أقوى و أعظم السيافين لن أتهاون معك "
قال بغضب ثم اتجه نحوي.
" لن يسريني إن تهاونت معي"
قلت، قفذت للأعلى تفاديت ضرته.
من قال أنني لا أجيد المبارزة بالسيف كنت أصد ضرباته و كأن عيناي ليستا معصومتين.
ضرباته ليست بالسيئة لرجل مثله، كانت المبارزة مملة بالنسبة لي حركاته كلها متوقعة.
" أيها المبارز لقد مللت سأنهي المبارزة"
قلت ثم توجهت إليه بسرعة هو لم يدرك متى سقط على الأرض و سيفه مرمي بعيداً عنه.
عم الصمت لفترة من الزمن، لم يقف أحد بعد ضرباتي مطلقاً، نزعت العصابة التي على عيني و نظرت إليه، بعثر الهواء شعري فأرجعته للوراء، هتف الجميع بالتصفيق، إقتربت من ذلك المبارز .
" ينقصك الكثير لتعلمه عن التحكم في مشاعرك أثناء القتال، أدرك أن لديك القوة والمهارة فسخرها بحكمة، أتسمعنى أم أنك غبت عن الوعي؟"
قلت بينما توجهت إلي هؤلاء الرجال الثلاثة.
" أهذا أقوى رجل في الملكة، بحق الله قولوا أنكم تمزحون، هيا أخبروني من التالي أي واحد منكم سأنازله أولاً"
قلت و الغضب بان في عينيي، ركع الرجال الثلاثة أمامي
" أسفين يا مولاتي!
أنت حقاً عظيمة و قوية"
قالوا جميعاً بصوت يرتعب خوفاً، أحسست أن ذلك المبارز قد نهض.
" سوف امزقك إرباً إرباً على إهانتك لي"
قال بينما حاول ضربي من الخلف تفاديت ضربته بسهولة و ركلته بقوة فإرتضم بالحائط حتى تحطم وأحدث فجوة ضخمة، صرخ الجميع في ذهول.
" تعيش الملكة، تعيش!
فلتحيا الملكة تارا"
هتفوا جميعهم بصوت واحد
" لا تقلقي يا تارا لقد أحضرت المساعدة إن الملك قد أ أأ أتي"
قالت جول بينما كانت تنظر إلي و اغلي حال الرجل .
" هل أنت من فعل هذا؟"
سألت جول بذهول، ربطت شعري و حملت ثوبي الذي على الأرض، كان الملك قد وقف أمامي.
" ما هذه المهزلة يا حاكم مقاطعة جوا، هل تجرء على.."
قال الملك لكنني قاطعته بقولي:
" مولاي يوهريك سامحهم هذه المرة، لأجلي رجاءً دعهم "
قلت له بينما أمسكت بيده لقد كان غاضب جداً عيناه كانتا محمرتين، خلع يوه رداءه و غطاني به.
" ليس عليك إثبات شيء لأي شخص هنا، أتفهمين هذا !
من لم يعجبه إختياري فليعلمني و ليوضب أمتعته لمغادرة هذه المملكة"
قال الملك
" أما بالنسبة لكم فحسابكما معي لاحقاً، حراس اقبضوا عليهم"
قال يوه بغضب شديد .
" لكن يا يوه..."
قبل أن أكمل حديثي سلب من لماي القدرة على الحديث لبضع ثوان، كان جميع الحضور يهتفون للملك.
"أحمق، لما فعلتها هنا و أمام الملأ؟"
قلت في نفسي بينما دفنت رأسي خجلاً بين أحضانه.
" كم أنت غبي متحاذق"
أنا همست.