الفصل السادس والثلاثون

الفصل السادس والثلاثون



غادر الفيلا منفطر القلب ، استقل سيارته وهو هائم على وجهه لم يصدق بعد بما حدث قبل قليل ، تسأل داخله لما هذة المعامله القاسيه من والد محبوبتي ولما هذا الرفض القاطع دون أن يترك له فرصه بالحديث معه عن حياته وطموحاته فهو مازال شابا فى مقتبل العمر ولديه من الاحلام والطموحات الكثير .
صفا سيارته فجاه أمام منزله ثم ترجلا منها وهو مازال غير مدرك لما حدث معه قبل لحظات ، سار بخطواته السريعة لداخل الفيلا وهم بصعود الدرج دون ان يتلفت حوله الى ان استوقفه مناداة جدته
- سيف حبيبي ،تعالي عايزاك
تسمر مكانه اعلى الدرج وهتف بصوت مبحوح دون ان يتطلع إليها : سوري يا آنا ، تعبان ومحتاج ارتاح بعد اذنك
اكمل صعوده الدرج وتوجه الى غرفته ليصفع الباب خلفه بقوه ، شعر بالاختناق لذلك نزع رابطه عنقه والقي بها ارضا ثم نزع عنه سترته وبدء بفك ازرار قميصه وسار الى حيث الشرفة ثم دس يده داخل جيب بنطاله ليخرج علبه التبغ والقداحه وبدء فى اشعال واحده لينفث بها عن غضبه ..
اما بالاسفل فتوجهت "بثينه " الى غرفة المكتب الخاصه بزوجها ، طرقت بابه بلهفه ثم دلفت تهتف له بقلق :
- سامي قوم شوف سيف رجع من بره مش طبيعي
نظر لها بالاهتمام : يعني ايه مش طبيعي ؟ وازاي ماعداش عليه يطمني عمل ايه فى القضيه ؟
- أنت بتفكر فى ايه وأنا بقولك ايه ، قوم شوف الولد ماله ليه راجع زعلان وايه اللى حصل مضايقه
- طيب ممكن تهدي وأنا هتصرف , هتصل بالمكتب اعرف حصل ايه فى القضيه ،ممكن يكون خسرها وعشان كده زعلان وطلع اوضته من غير ما يعدي عليه
زفرت بضيق وهمست بحزن : لم سالته قالي تعبان ومحتاج ارتاح ، بس صوته مش مطمني
التقط هاتفه ثم تحدث مع محامي اخر يعمل بمكتبه وبعد عدة دقائق انهى المكالمه ونظر الى زوجته وهو ينهض عن مقعدة : المكتب بلغني ان كسب القضيه ، أنا هطلع اطمن عليه واشوف ماله ماتقلقيش يا حبيبتي ، وانتي بلغيهم يحضرو الغداء وأنا هتكلم مع سيف وهينزل يتغدا معانا .
همست بصوت خافت : حاضر
غادر سامي غرفة مكتبه وهم بالصعود الى غرفة سيف ، اما عن بثينه فاكملت طريقها الى حيث المطبخ لتنفذ رغبة زوجها فى إحضار الطعام ، ومازالت ينتابه الشعور بالقلق من اجل حفيدها وقرة عينها " سيف "
""""""""""
ابتعدت ليلى عن احضان والدتها ثم وقفت امام والدها والدموع تنساب من عينيها دون توقف ثم همست بصوت مهزوز : ليه يا بابي ؟ سيف مايستهلش معامله حضرتك ليه بالشكل ده ، حضرتك طردته من غير حتى ما تقعد معاه وتسمعه
اغمض نديم عيناه بقوه ودار وجهه مبتعدا عنها : بعدين نتكلم ، اطلعي على اوضتك
تسمرت مكانها وصرخت بعناد : أنا مش صغيره ومن حقي اعرف السبب اللى يخلي حضرتك تقابل سيف بالشكل المهين ده وكمان رفضت طلبه بدون ما ترجعلي وأنا صاحبه القرار فى موضوع الارتباط دي حياتي أنا ومن حقي اختار شريك حياتي
حاوطها فيروز بذراعيها واشفقت على حالة ابنتها لذلك نظرت الى نديم برجاء : عشان خاطري اقعد مع سيف تاني
صرخ نديم بانفعال وهو ينظر الى فيروز : أنا قولت طلبه مرفوض واتفضلي خدي بنتك وعلى فوق مش عايز اسمع كلمه من حد
جذبت ابنتها وسارت بها الى حيث الطابق الثاني ومن ثم دلفت بها داخل غرفتها ، تشبثت ليلى باحضان والدتها وانسابت دموعها وعلت أصوات شهقاتها : مامي أنا بحب سيف ، ارجوكي اقنعي بابي يقعد معاه ويسمعه وأنا واثقه ان هيغير قراره ، ممكن يديلو فرصه يعرفه
ربتت على ظهرها بحنان : حاضر يا قلبي ، هقعد مع بابي وهقنعه يتراجع عن كل الكلام اللى قاله ، بس بلاش دموع ونهدي كده خالص
________
طرق سامي باب غرفته وعندما لم ياتيه رد ، دلف بهدوء يبحث عنه ليجد الغرفه فارغه ولكن استنشق رائحة التبغ الاتيه من الشرفه ، تقدم بخطواته المتبطئه ووقف خلف حفيده
- اول مرة ترجع من شغلك من غير ما تعدي عليه وطمني عملت ايه فى القضيه ولا تناقش فى أمور المكتب زي العاده ، مالك يا حبيبي ؟ فيك ايه ؟ لم جدتك قالتلي انك راجع زعلان قولت ممكن يكون خسر القضيه وعشان كده زعلان وماعداش عليه لكن لم اتصلت بالمكتب عرفت انك كسبتها ، يبقي ليه كل السجاير دي ؟ قولي يا بن جدك ايه اللى مزعلك وماتضحكش عليا وتقول تعبان أنا مش" بثينه" وهصدقك
اطفى السيجارة التى كانت بيده ثم تنهد بحرقه وهو ينظر الى جده : خسرت أهم قضيه فى حياتي ، حلم عمري كله اتبخر واصبح سراب
ربت على كتفه عندما استشعر مدا حزنه وايقن بانه يتحدث عن أمر خسارته بان يصبح وكيلا لنيابه العامه :
- صدقني يا حبيبي ، مش نهايه الكون لم تخسر حلم كان نفسك تحققه وبعدين انت محامي ناجح ولك مستقبل لسه قدامك واللى نفسك تحققه فى النيابه تقدر تحققه فى المحاماه
- لا يا جدو مش موضوع النيابه ده حلم اكبر منه بكتير ، خسارتي لنيابه تقبلتها وحياتي ما وقفتش كملت بعدها وماهياش أهم خساره فى حياتي ، لكن خسارتي دلوقتي يا جدو مش هتقبلها ولا هستسلم وارضى بيها
- خسرت ايه يا بني مش فاهم
- خسرت حلم عمري اللى استنيته كتير يكبر قدامي ، الانسانه اللى خرجتني من عزلتي وأنا طفل صغير وفضلت جنبي لم بقيت شاب كبير ، هي سبب كل حاجه حلوة عشتها ، هي املي فى الحياه ، انهاردة بس قررت اقف فى وش العالم كله وأقول هي دي اللى حبتها وعايز اكمل عمري معاها لكن القدر كان اقوي مني ومنها والدها رفضني بدون مايسمعني ويحس بصدق مشاعري ، صدقني يا جدو ماحدش هيحبها قدي ولا حد هيحافظ عليها غيري ، بس لو كنت استسلمت عن رفض النيابه ليه مش هتنازل عن حقي فى الانسانه اللى اختارها قلبي ،مش هقبل بالخساره تاني وهحارب عشان اثبت لنديم الصيرفي ان سيف النحاس جدير ببنته وماحدش هياخدها مني ولا هيبعدها عني عشان احنا الاتنين بينا ارتباط وعهد اننا نكمل العمر الجاي مع بعض
همس سامي بشرود : " نديم الصيرفي "
شلت الصدمه حواسه ونظر لحفيده بجمود ،وحاول التماسك وهو يربت على كتفه :
- انت تاخد وقت تراجع فيه افكارك وكل قرارتك واللى فيه الخير ربنا يقدمه
نظر لجده بلهفه : هتقف جنبي وتساعدني
- طبعا يا حبيبي أنا معاك وفى ضهرك لاخر نفس ، بس يلا دلوقتي تاخد شاور كده عشان تضيع أي اثر للسجاير دي قبل ما " بسبس " تكشفك وانت عارف بقى وتتزل عشان نتغدا وتطمنها انك كويس لانها قلقانه جدا
قبل جبينه وهو يبتسم له بحب : معرفش لو حضرتك وبسبس ماكنتوش فى حياتي كنت هعيش ازاي ، ربنا ما يحرمني منكم يارب
- ولا يحرمنا منك ، انت ساعدتنا يا سيف وسبب لتمسكنا بالحياة ، انت ابني مش حفيدي
عانقه سيف بقوة ثم ابتعد عنه وهو يتصنع الخوف : ادخل أنا اخد الشاور عشان امحي اي اثر لجريمتي واحصلك قبل ما بسبوسه تعلقني
ترك جده على الفور وهم بسحب المنشفه ثم دلف الى المرحاض الملحق بغرفته لينعش جسده بالماء البارد لعله يحاول نسيان ما حدث له بمنزل معشوقته ..
_____
اما عن سامي الواقف مكانه دون حراك فاق من شروده على صوت المياه المنبعثه من المرحاض ليغادر الغرفه وهو يحدث نفسه بحزن دفين وكأنه يعاتب نفسه على كل ما حدث بالماضي .
وظل يردد داخله " مش بس نديم اللى هيرفض الارتباط ده ،اكيد سارة كمان لا يمكن تقبل ببنت فيروز ، يا تري الايام مخبيه ليك ايه يا سيف ؟ وهيكون رد فعلك ايه لم تعرف باللى حصل زمان ؟
نادته بثينه بقلق : سامي .. ها عملت ايه مع سيف ؟ عرفت اللي تاعبه ولا ايه مزعله
تنهد بضيق ونظر لزوجته بحسرة : ويا رتني ماعرفت
______
بعدما تركت غرفة ابنتها توجهت الى حيث مكتبه دقت الباب ثم دلفت لداخل كالاعصار لتجده جالس خلف مكتبه ينظر لصوره ابنته داخل البرواز الخشبي الموضوعه اعلى مكتبه ولم يرفع عيناه عنها ، اقترب منه بخطوات واسعه لتقف امامه وهى تنظر له بعتاب : لأول مرة تكون قاسي على بنتك بالشكل ده ،ولاول مرة كمان تزعلني منك يا نديم بعد العمر اللى بينا
نهض من اعلى مقعده ليقف فى مواجهتها وهو يقبض على ذراعيها بقوة ، جعلها ترتجف تحت قبضته لتنساب دموعها كالسيل دون توقف وهو كالمغيب لم يعي شي ولا يرا شي سوا وجه ذاك الوغد الذي رحل ولكن مازال يترك خلفه وغدا اخر يريد هذة المرة أن يأخذ إبنته قطعه من قلبه وروحه وهذا لن يسمح به مدام حيا .
عانفها بقسوة وعيناه كالجمر المشتعل " عايزاني اقف اتفرج عليه وهو داخل بيتي وبكل بجاحه عاوز يتجوز بنتي ، انتي واعيه للي بتقوليه ، ده ابن تيام اللى دمر حياتنا زمان ، ابنه جاي يقضي عليه فى بنتي ، عاوز يكمل اللى عمله ابوة زمان ، ده أنا اللى يمس شعره من بنتي اقتله لو فكر بس ولا حاول يقرب منها ،وبعدين انتي كنتي فين وسايبه ليلى تحبه ولا تشتغل معاه حتى ، مش دي كل حياتك الاهتمام ببنتك ، ازاى تكون على علاقه بالزفت ده وحضرتك ماتعرفيش
ابتلعت ريقها بصعوبه وهمست بصوت مبحوح اثر بكاءها : كنت عارفه ان فى حياتها شاب بتحبه بس ماكنتش اعرف انه ابن تيام
- وازاي حاجه زى دي ماتبلغنيش بيها
شعرت بالاختناق وهمست بضعف لتنهى ذلك الشجار : نديم انت بتوجعني سيب دراعي

ترك ذراعيها بعدما انتبه لما كان يفعله
نظرت له بحزن وقبل ان تغادر الغرفه هتفت بغضب : انت مش بس وجعتني انت كسرتني ومش مسمحاك على طريقتك معايا ومع بنتك ، ليلى يا نديم اللى اقرب ليك من نفسك ، بنتك اللى قسيت عليها وهى مالهاش ذنب فى أي حاجه وكمان الولد مالوش ذنب باللي عمله ابوة زمان ، سيف اتربى مع جده وجدته مش زي ماانت فاخر مش عشان ابن تيام لازم يبقي زيه ، المهم التربيه مين اللى ربه وعلم وكبر ،سيف شخص مكافح وبيشتغل فى مكتب جده ومحامي ناجح واي عيله تتمنى لبنتها شخص زيه ، اسمع بنتك وهى بتتكلم عليه ، اسمعها وهى فرحانه بيه وبشغله وفخورة باللى بيعمله ، بلاش تحكم بالظاهر ، اقعد معاه وافهمه ، عندك مراد ابن مجدي مش معز ، شوف معز رباه ازاى وكان له الاب وكل حاجه ، التربيه هل الاهم ماحدش ممكن يصدق ان مراد مش ابنه ،انت اسرعت فى الحكم عليه واللى حصل انهارده لا أنا ولا بنتك قابلين بيه ، راجع نفسك قبل ما تخسر بنتك ، ولعلمك أنا هفضل جنبها ومعاها فى أي قرار هتاخده ليلى لانها بنتي اللى واثقه فيها وواثقه فى اختيارها
بترت كلماتها ثم غادرت الغرفه دون ان تستمع لرده ، نظر للفراغ بذهول بعدما تركت زوجته الغرفه ، داخله صراع قوي بين الماضي والحاضر وذكريات الماضي المشئوم تطارده كلما نظر هنا وهناك ، التقط مفاتيح سيارته ومن ثم سار بخطوات واسعة تاركا الفيلا وقرر الاختلاء بنفسه ليحاول ربط زمام الامور يخشي ان تنفلت من بين يديه ويخسر تلك المرة زوجته وابنته معا ...
____

______
شهقت بثينه بصدمه بعدما علمت من زوجها سبب تغير حفيدها ،جلست اعلى المقعد وهى تنظر لزوجها باعين دامعه : هنعمل ايه فى المصيبه دي يا " سامي " بقى يا ربي من بين كل البنات سيف مايحبش غير بنت ( نديم وفيروز )
- ده النصيب يا بيثنه والقدر هو اللى جمعهم
- طيب والحل ايه ؟ نبلغ سارة باللى حصل ده ولا نسكت ولا تعمل ايه مابقتش عارفه ؟
- مش هنعمل حاجه دلوقتي ، القرار لسيف دلوقتي والولد متمسك بيها جدا ومش ناوي يستسلم هيحاول يتكلم مع والدها تاني ، محتاج فرصه عشان يسمعه ، عاوز تفسير لسبب رفضه وكمان طرده من بيته بالشكل المهين ده ، سيف شايف ان حقه يعرف السبب ومتاكد أن فى حاجه
- يبقى لازم تقابل " نديم " وتطلب منه بلاش يعرف سيف السبب الحقيقي ، سيف مش لازم ياخد خبر باللى حصل زمان ، الولد ممكن يضيع مننا لو حاجه زى دي اتعرفت
- والعمل اما أجلا او عاجلا فاكيد هيجي اليوم اللى يعرف فيه ابوة مات ازاي
في ذلك الوقت ، هبط سيف الدرج ليستقر عند مقعد جدته وهو ينحني امامها يقبل كفها بحب : بسبس حبيبه قلبي هتاكلنا ايه انهارده
ابتسمت له بتوتر ثم ضربته بخفه اعلى كتفه : شوف ازاي مش كنت من شويا راجع تعبان ، سبحان مغير الاحوال ، ولا أنا يا ولد ماليش دلال عليك ،نفسي اعرف الاسرار اللى بينك وبين جدك
جلس جانبها وهو يرسل لها غمزة بعينه اليسرى : أسرار المهنه يا بسبوسه ،رجاله بقى زي بعض ، مابحبش اشغلك يا جميل
تنهدت براحه بعدما تاكدت بانه لم يستمع لحديثهم ثم هتفت بجديه : ماشي هعديهالك المرة دي يا سيف ويلا بقى ناكل قبل الاكل ما يبرد ..
______
عاد نبيل من الخارج ليجد طفله الصغير يطلق صفيرا عاليا ، تنهد بضيق ولم ينظر لذلك المشاكس فقد كان متعب ويريد ان يدلف لغرفته لكي يستريح
هتف الصغير بضجر وهو يعود الى حيث غرفته : ماشي يا بوب الحق عليه عاوز ارسيك على الليله
اما عن نبيل فبعدما دلف لغرفته بهدوء ، بحث عن زوجته فلم يجدها تأفف بضيق ثم دلف للمرحاض ليبدل ثيابه قبل ان يخلد للنوم .
بعدما أنتهى من حمامه ، ارتمي بالفراش ثم اغمض عيناه بهدوء ، ليفتحها فجأة بعد لحظات ،فقد أتت زوجته وجلست جانبه اعلى الفراش وهى تهتف بانفعال : الله الله ،انت جيت وكمان نمت ولا على بالك باللي بيحصل حواليك
زفر بضيق وهو يرمقها بابتسامه مصطنعه : خير يا روما يا حبيبتي ، متعصبه ليه يا حياتي ؟ في ايه حصل يا عمري ؟
- نبيل انت بجد ماتعرفش بالكارثه اللى حصلت ؟
نزع عنه الغطاء ونهض ليجلس امامها بنفاذ صبر وهتف وهو يضغط على انيابه : كارثه ايه حصلت ؟ ابنك الكبير اتاخر مع صحابه ،ولا الصغير جننك عشان مااكلش اكل صحي ، ولا يكون نسي يعمل الهمورك ،لا لا يكونش زود الشقاوة انهارده
- ايه اللى انت بتقوله ده يا حبيبي ،واضح انك لسه نايم مافقتش
- يا بنتي والله ماحقتش انام اصلا وبعدين دي مواضيعك التافه اللى كل يوم تكلميني فيها ،يبقي ايه جديدك انهارده بقى ؟
همست بحزن : أولا مش هزعل منك المرة دي عشان بتقلل من أي حاجه بعملها مع ولادك ، عشان انا اوردي زعلانة بسبب اللى عمله نديم فى فيروز وليلى
همس بقلق : عمل ايه نديم يا بنتي قولي وخلصيني أنا اعصابي باظت
قصت عليه ما حدث اليوم لتجحظ عيناه بصدمه يحاول استيعاب ما فعله شقيقه ثم هتف بجديه :
- نديم معذور واي اب مكانه كان عمل نفس اللى عمله نديم واكتر كمان .
- طبعا ماانت لازم تكون معاه مش اخوك , لكن يجرح اختى ويكسر قلب بنتها عادي جدا ، صح مش كده ؟
- لا طبعا مش كده ، أنا مع نديم فى رفضه الولد ده ابن تيام ، لكن أكيد زعلان على ليلى بس مع الوقت هتفهم ان القرار ده فى مصلحتها وماحدش هيخاف عليها زي والدها ، هتاخد فترة تزعلها يومين وترجع تاني لحياتها عادي اما بقى فيروز فلازم تقدر رد فعل نديم وهي اكتر حد عاش اللى عاشه نديم واتاذؤ جامد باللى حصل ، وأنا شايف انها تساند نديم فى قراره وتحاول تقنع بنتها بانها تبعد عنه للابد .
- هو ده اللى ربنا قدرك عليه ، تكسر قلبها وتقول يومين تزعل وبعدين تنسي ، أنتم الرجاله كده قلوبكم من حجر والقسوة طابع فيكم ، ماتفهموش فى المشاعر أنا بجد مصدومه فيك ، انا حتى متاكده انك ماحبتنيش ، ماعندكش قلب للحب والمشاعر
اشار الى صدرة بصدمه : أنا يا رهام ماعنديش قلب ولا بعرف أحب ، امال ده حبك ازاي ؟ واختارك انتي بالذات واتغير عشانك ، هو زعلك على ليلى مخليكي متخيله حاجات فى دماغك انتي ، وأنا من ناحيتي يا رهومتي هقعد مع نديم وأحاول افهم منه اللى حصل بهدوء واسمع وجهه نظرة اللى واثق انها صح ، انتي ماتعرفيش قد ايه نديم متعلق ب" لي لي " دي مش مجرد علاقه اب ببنته ، دي علاقه اقوي من كده بكتير ، ده أنا لم بشوف صداقتهم مع بعض وقربها منه بتمنى يكون عندي بنت عشان تكون حبيبه ابوها وبنت ابوها بجد مش الخناشير اللى مابيبطلوش طلبات عيال مصلحجيه
نهضت من جانبه وهمت بالابتعاد وهى تهتف بصوت جاد : هفضل مع روز ولولي ،وانت عاوز تنام نام
غادرت الغرفه وهى تصفع الباب خلفها بقوة لتتوجه الى حيث الطابق الثاني لتظل بجانب شقيقتها تلك الليله ..
_______
عاد بعد منتصف الليل ،وعندما دلف لداخل الفيلا وجد شقيقه فى انتظاره ولكن يبدو بان نبيل كان غافلا بمقعده ، سار نديم بخطوات بطيئة ثم تحسس كتفه برفق :
- نبيل ، بلبل ، قوم نام فى اوضتك ، ايه اللى نيمك هنا
اعتدل على الفور عندما أستمع لمنادة شقيقه ثم نظر له بنعاس : يظهر ان غفلت وأنا قاعد مستنيك ،عاوز اتكلم معاك وافهم ايه اللى حصل
تنهد بعمق ثم همس بحسم : معلش يا نبيل مش قادر اتكلم حاليا ، اطلع انت استريح وبكرة ان شاء الله لينا كلام مع بعض
حك عنقه ثم نظر له قبل ان يصعد الدرج : على فكرة رهام قاعده مع فيروز ولي لي
هز راسه بتفهم ثم دلف الى غرفة مكتبه ، نزع سترته والقاها جانبا ومدد جسده اعلى الاريكه وهو يضع ذراعيه أسفل راسه وينظر لسقف الغرفه بضيق ، تأفف بضجر ثم نهض من اعلاها كانه لم يتحمل ان يغمض له جفن وزوجته وابنته روح فؤاده غاضبه منه ، غادر المكتب بخطوات واسعه اشبه بالركض ليقف على اعتاب غرفة صغيرته التى لم يتحمل ان يراها تتالم ، فاليوم هو من سبب لها تلك الألام ولم يتحمل رؤية دموعها وهو الذي تسبب فى سقوطها اليوم ، أستمع لصوت انينها الذي مزق نياط قلبه واراد ان يقبض قبصته بمرفق الباب ليفتحه ويجذبها لداخل احضانه ولكن تراجع بخطواته ثانيا للخلف ليحاول التماسك وان يظل على موقفه، فهذا الشاب حقا لا يستحق صغيرته ،فهى ابنته ورفيقته وروح فؤاده وزهرة عمرة ، لن يسمح لاحد أي كان على وجه الأرض بأخذ ابنته من بين ثنايا قلبه ،والان عليه ان يبعدها عن ذلك الوغد المترصد لها ويريد الانتقام لوالده وان يكمل الذي بدءة والده ولكن هذة المرة لن يخسر زوجته وحبيبته ورفيقه دربه وانما سوف يخسر روحه وحياته إذا إصاب إبنته مكروة ولم يحميها من هذا الحب المخادع ...
_____
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي