الفصل الثالث

أخذ فينغ يتبع الطريق بجانب النهر نحو المحطة ليشتري تذكرة القطار، بينما يحدق بالمكان حوله، توقف فجأة يعطس ليفرك أنفه بعدها ناظراً لشجرة الصفصاف من مسافة أمامه.

لمح رجل في متوسط العمر، ذو شعر يتغلغل نصفه الشيب ، يضرب بقوة وبجانبه كان يقف رجل طويل يرتدي بذلة ويبدو قوي جداً
من اللمحة الأولى بدوا أقارب يتدربون على فنون القتال.

وقف فينغ يناظرهم لفترة من الزمن ، ليهز رأسه متنهداً برجولية.

رغم إن الرجل الكبير قوي بالفعل ، إلا إنه لا يجب أن يصيب أكثر من هذا، هذا ما فكر به فينغ وهو ليس بالشخص المثالي الذي سيسأل ويساعد أي أشخاص يراهم بالصدفة أمامه ، ليذهب متخطياً إياهم.

وقد لمحه تشوتيان وقد اعتقد إنه قوي أيضاً من بنية جسده وطريقة مشيته ، ولربما يكون لاعب محترف ليعطيه بعض النصائح، كانت تبدو عليه الخبرة الشديدة.

وكما لم يتوقع تشوتيان لم يخاطبه الرجل أليفه ومر بهدوء ليسرع نادهاً إياه باهتمام قائلاً:

"أيها الفتى!"

خلع تشوتيان المنشفة البيضاء من على رقبته، ومسح العرق الذي يحيط وجهه، وأزاله ليقابل فينغ لين أخيراً

"ما الأمر؟"
تساءل فينغ لين بهدوء ليجيبه الأخر قائلاً:

"لا اعلم ماذا تعني بهز رأسك سابقاً، ولكن أنا قليل الخبرة وأرغب في أخذ بعض النصائح من بعض الأقوياء"
ابتسم تشوتيان لفينغ لين بينما يخاطبه ليناظره فينغ بهدوئه المعتاد ليردف مجيباً إياه:
"اعتقد إن موهوب، ولكن من المؤسف إن إصابتك الجسدية بجانب الشيخوخة والضعف الجسدي، سيظلون كما هم وسيعقونك مهما حاولت"
غادر فينغ لين مكملاً حديثه بعد إلقائه بكلماته إليه.

اتسعت عيني تشوتيان بصدمة بعدما استمع لكلامه، هو قد أُصاب بإصابة عنيفة من عشرين عام ولكن لا أحد يعلم حولها باستثناء عائلته فكيف علم الأخر بها؟

"سيدي انتظر للحظة"
وقف تشويتان أمامه يمنعه من المغادرة بينما يناديه بالسيد بدلا من الرجل اليافع ، فقد نال احترامه بالفعل فلا يبدوا خبيراً فحسب، بل هو أكثر من ذلك بالفعل.

توقف فينغ بينما يناظره منتظراً منه أن يتحدث.
"لا أعلم بعد ما هو إسمك؟"

"إسمي فينغ لين، ولا تتحدث بهذه الطريقة المهذبة للغاية فهذا يشعرني بالغرابة وبالمناسبة جرحك من الصعب أن يشفى عليك الاعتناء به"
أمسك فينغ لين برسخ تشوتيان بينما يتفحصه بدقة.

بهذه اللحظة أعتقد الرجل الطويل الذي يقف خلفه إن فينغ سيضرب تشوتيان، ليحاول مهاجمته من الخلف سريعاً، ولكن فينغ بدى كما لو إن لديه أعين في ظهره، ليتجنب هجومه سريعاً ليسبب في اتساع أعين الرجل القوي، فوضع فينغ كفه على صدر الأخر دافعاً إياه بقوة كبيره ليسقط الأخر في النهر خلفه مسبباً في تناثر الماء من حولهم.

لم يتطلب الأمر نظرة واحدة من فينغ ، ليصرخ تشوتيان قائلاً
"يا الهي!"
ارتجف صوت تشوتيان، ونبض قلبه بقوه يحاول استيعاب الحدث أمامه
كان يشعر بالصدمة من متى لديهم احد بهذه القوة في مدينة جيانغ ولم يسمع به!!

كان تشوتيان معروف بهوسه الشديد بقوته ، وهو وحده من جعل عائلته من ضمن أعلى أربع عائلات في هذه المدينة.

ومع هذا قد تحولت هالة فينغ الذي يقبع أمامه من الشخص العنيف إلى الهادئ تماماً في ذات اللحظة
"أنا اسف لصديقك لكني لا استطيع السيطرة على نفسي"

خفف فينغ من قبضته حول معصم تشوتيان ليتابع قائلاً:
"إنه قرارك لكن أنصحك أن تعالج إصابتك فإن لم تفعل سيكون من الصعب أن تكمل تدريبك في فنون القتال"

قابله تشوتيان بابتسامة لينحني باحترام قائلاً:
"سيدي إن كنت لا تمانع أتمنى أن تأتي لمنزلي لنجلس قليلاً ونتحدث"

نفى فينغ لين ليوضح قائلاً:
"لا أنا فقط أتيت لأقطع علاقتي ببعض الأفراد والأن وقد فعلت عليّ أن أغادر"
لوح فينغ بيده للرجل أمامه ليعيده لجيوب بنطاله ويغادر

ظل تشوتيان يحدق به بشرود ليتمتم هامساً:
"يقطع علاقته؟"

حرك تشوتيان رأسه نافياً ، لينادي على من سقط بالماء قسراً:
"شياو تشانغ، هل أنت بخير؟"

"اعتقد ذلك"
تمتم بخفه بينما يزحف خارجاً من الماء.
...

ظل فينغ يتمشى على ضفاف النهر مكملاً طريقه، ليغادر المنطقة الشرقية بينما ترتكز يداه في جيوب بنطاله. وصل إلى وسط المدينة في جيانغشي ، ليناظر المكان ببعض مشاعر الأُلفة التي سيطرت على ملامحه ، فهو قد قضى أوقاتًا كثيره في هذا المكان ، أخذته قدماه الى حيثما درس لثلاثة سنوات، مدرسته الثانوية.
هو يعرف ويتذكر جميع الأماكن هنا، باستثناء منطقة الأغنياء تلك لم يزرها قط.
تخلل أذناه صوت مألوف يقول:
"هل أنت فينغ لين؟"
وقف أمامه الرجل بينما يناظره بابتسامة ليشعر فينغ إنه مألوف للغاية ولكنه لا يستطيع أن يتذكر للحظة من هو..
"هل نسيتني؟! إنني قوه دونغ زميلك في المدرسة الثانوية!"
أشار الرجل إلى ذاته مبتسما باتساع ليبادله فينغ
"أوه إنه أنت قوه دونغ!"
تذكره فينغ أخيراً فقد كان مسؤول الصف والشخص الأكثر شعبياً والأكثر حديثاً في الصف.
هو لم يتذكره فوراً فقد كان نحيفاً للغاية وقتها ولكنه لم يعد كذلك الأن..

"يبدوا إنك هنا أيضا في جيانغشي!! لم أكن اعلم ذلك وإلا كان علينا الالتقاء بزملائنا!!"

تقدم منه دونغ بعدما تحدث ليعانقه بحرارة،
بعدها مباشرةً قامت المرأة القصيرة بجواره بسحب قماش البدلة التي كان دونغ يرتديها ، ناظرت فينغ لين باشمئزاز، كانت تبدو وكأنها تقول إنه لا يستحق أن يتحدث مع دونغ.

"هذه حبيبتي تشيان جينغ" قام دونغ بتقديم حبيبته لفينغ بابتسامته العريضة.
ظلوا يتحدثون ويتبادلون الضحكات تحت أنظار تشيان والتي كانت تبدو وكأنها منزعجة وتنظر للساعة على معصمها من وقت لأخر وقالت بفراغ صبر تخاطب دونغ:
"لنذهب زملاء الدراسة ليسوا أهم من السيد لي!"
لم يعرها فينغ اهتمامًا ، ولكنه كان متفهماً لدونغ ليخاطبه بدوره بينما يلوح بيده
"يبدوا إنك مشغول عليك أن تذهب"

أومأ له دونغ ليقول بدوره:
"حسناً دعني نتبادل رقم الهاتف"
ما كاد يخرج هاتفه حتى بها تسحبه لها قائلة:

"تحرك!"
زمجرت الفتاة بضيق بينما تدفعه قبل ولكنه توقف يسحب دراعه منها ليقول بصوت منخفض
"إنه زميلي السابق ماذا تفعلين!!"

"يوجد زملاء دراسة لديهم العديد من المال ويوجد العكس! ماذا تظن إنه يكون؟!! انظر لماذا يرتدي عليك الابتعاد عنه بالتأكيد سيطلب منك استعارة بعض المال!"

بينما كانت تشيان تتحدث مرت من أمامهم سيارة مرسيدس بنز اس
والتي يبلغ سعرها مليون على الأقل.
لم تستطع إخفاء الحسد الذي احتل عينيها ولم تمنع ذاتها من التقدم لبضعة خطوات.
هذه السيارة، لا تحلم أن تشتري مثلها أبداً في حياتها..
اتسعت عينيها عندما توقفت السيارة أمام فينغ لين
اعتقدت للحظة إن سائق السيارة سيسأله عن بعض الاتجاهات، ولكنها رأت فتاة في غاية الجمال تخرج من السيارة، لتمسك بيد فينغ لين مانعة إياه من الذهاب وتدفعه باتجاه السيارة.
أُصيبت تشيان بالذهول عند رؤيتها لهذا ، تصرفات كلا الأثنين أمامها أوضحت لها إنهم يعرفان بعضهم بالتأكيد، رحل كلاهم لتسحب هي دونغ للسيارة راغبة في اللحاق بهم.

"أسرع أخبرتك أن تسرع!"
ظلت تصرخ بينما تراقب سيارتهم التي أمامهم بحذر ، مهما بلغ غباء تشيان استطاعت أن تفهم ما حدث ، هل يمكن لشخص عادي كفينغ إقامة علاقة مع شابة في غاية الجمال ، بينما تقود سيارات فاخرة يبلغ ثمنها ملايين الدولارات ؟ ،لابد من انه غني كذلك وقد عاملته بالسوء!!

كانت تبدوا في غاية التوتر، صدم دونغ أيضاً من ردة فعلها وحاول استيعاب ما ترغب في فعله ، وقد وجد إن السيارة قد ابتعدت بالفعل..

"يا لك من غبي ألم أخبرك أن تسرع!!"
صرخت تشيان بغضب ، ودفعته بقوة ليبادلها الصراخ:

"ألا يزال لك وجه للحديث عني!! من كان يناظرهم بازدراء قبل قليل!!"
لم يسع دونغ إلا أن يتذمر من أفعال حبيبته تشيان

"تصرفاتك اتجاه الأخرين غير مقبولة!!"
أكمل مؤنباً إياه لتتنهد تشيان بعمق، تشعر بالندم يتغلغل في دواخلها، كان لربما يستطيع هذا الرجل أن يجد لهم عمل بكلمة واحدة منه.

لم تستطع أن تتحمل ما فعلت لتصفع نفسها بقوة.


جلس فينغ بالكرسي جانب السائق ، لينظر لريونغ باستسلام ليقول:
"ماذا تفعلين؟"

هي لم تبالي إن كان فينغ لا يرغب في الذهاب معها، حتى أنها قالت للتو إنه إذا لم يذهب معها، ستصرخ بالشارع وتقول بأنها تحمل طفله بأحشائها وقد تخلى عنها، ولم يرغب فينغ في أن يساء فهمه، وتشويه سمعته لذلك وافق مجبراً.

"أرغب في أن أتزوجك"
نظرت شو روينغ إلى الأمام، وتعبيرها ظلت غير مبالية.

سخر فينغ ليحدثها برسمية احتلت صوته قائلاً "لماذا أليس لديك أطفال حقا؟؟ هل تريدين مني أن أصبح أباهم كما كنتِ تدعين؟!، كما أعتقد إن لديك شخص سيتزوجك بالفعل!"

"لم أتحدث إليه ولا مرة واحدة، أنا لا أريده" كان فينغ يشير إلى كيمينغ الذي ذكرته والدتها من قبل لتفهم ريونغ ما يرمي له فوراً.

داست رويينغ فجأة على الفرامل وتوقفت على حافة طريق، أدارت رأسها وحدقت في عيني فينغ مباشرةً "أريد أن أتزوجك".

لم يعلم فينغ ما يقول ليتمتم بهدوء "ألم أقل لك ذلك من قبل ؟ لستِ نوعي."

ناظرته ريونغ بثباث لتسأله مخاطبة إياه:
"ما هو نوعك المفضل؟"

تحدث مجيباً إياها بهدوء:
"أحب..."
أشار فنغ لين بيده
"نوعي صعب للغاية"

"أنا مثالية" خاطبته بثقة وعدم مبالاة لينظر لها فينغ نظرة خاطفة مكملاً
"مظهرك رائع حقاً ، ولكن شخصيتك لا تعجبني ، أحب الفتيات اللطيفات"

"ألست رجلاً؟ عندما تأتي امرأة مثلي إليك، يجب أن لا تجرؤ على الرفض."
قاطع حديثها اهتزاز هاتفها لتنظر إليه بضيق وتجيب عندما وجدت اسم والدتها على الشاشة؛
"ريونغ، ما خطبك؟" فينغ لين لا يليق بك! أنه مجرد قمامة !!هل أنتِ مجنونة؟" جاء صراخ وانغ من الهاتف.
كانت تنهر ابنتها على فعلتها بطلب الزواج منه


"يا لها من مضيعة للوقت!"
تمتم فينغ لين بغضب عند سماعه لحديث وانغ لم يعد بإمكانه الاحتمال أكثر، لقد فسخ هذه الخطوبة ولا يزالون يجرؤون على إهانته.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي