الفصل الحادي عشر

حالما تخللت عبارة "كيان" مسامع "فينغ" ترك ما بيده ليناظرها بشك متسائلاً:
-أحقاً ما تقولين؟!
ناظرته الأخرى دون ادنى اهتمام، لتردف بلا مبالاة:
-لست مضطرةً للكذب عليك لوحت بيدها ببرود ليفكر الأخر مقطباً حاجباه، لديه تسع صور لنساء مختلفات، وصورة "ريونغ" أخذتها "زيينغ" فلا يمكن أن تكون هي، تحمم بدوره غير ناوٍ لعرض جميع الصور لها، فهو لا يثق بها على أي حال..

-أهي ذات شعرٍ قصير أم طويل
بادلت اهتمامه المفرط ببرودها المعتاد ناطقة:
-ولما سأقول لست مضطرةً لأخبارك
رفضت الإفصاح عن إجابتها لتستدير ناويةً الخروج ولكنها توقفت ملتفتةً له عندما تلقت صمته
-أحقاً لن تصر علي أكثر؟
تساءلت باستغراب لينفي بدوره قائلاً:
-أريد أن أعرف، ولكني لست فضولياً جداً
تحدث "فينغ" بينما يرخي بضهره على الأريكة مجدداً لتردف "كيان" دون تردد:
-لدي سؤالين، أجب عنهما وسأخبرك ماذا تريد أن تعرف
لم تنتظر إجابة "فينغ" على عرضها، لتكمل حديثها باديةً بأسئلتها الكثيرة
-أولاً لما فسخت خطوبتك معي؟ ثانياً أرغب في أن أعرف من كل هؤلاء النساء؟!

فكر "فينغ" في سؤالها مراراً، هو لا يهتم إن أجابها عن أسالتها "فكيان" ستطلب الانفصال وحدها مستقبلاً عندما تتعمق به لدى قرر مصارحتها
-إنهن خطيباتي
لم يعطها فرصةً كي تفكر بإجابته ليكمل حديثه مردفاً:
-أما بالنسبة للانفصال عنك، يجب أن تعلمي لدي شخص أخر أفضله..
نظرت لتعابيره المرحة وهو ينطق بحديثه لتقهقه دون تصديق
-أحقاً تهينني أمامي أم إني أتخيل، لا أظن ذلك فإني لم أحتسي النبيذ لأتخيل الأشياء!
بادلها "فينغ" مقهقهاً بمزاح:
-صدقي أو لا تصدقي قلت الحقيقية..
لم تستطع إلا أن تقهقه مجدداً على موقفه ليردف بدوره:
-أعطاني أبي عشرة صور وقال أختر زوجة بنفسك، بداية لم أصدق ذلك بدوري لدى لك كل الحق في عدم تصديقي..
قهقهت "كيان" مجدداً لتردف بدورها قائلة:
- واحدة منهم ذات شعر أسود طويل وترتدي فستاناً أسود ونظارات ذهبية، هي نائبة عميد الكلية، تدعى "لان رو"
أوضحت له ليتمتم "فينغ" بدوره:
-فستان أسود..
اخرج" فينغ" الصورة وحدق بها بهدوء

تبدر ذكية للغاية، ذات هالة لطيفة ترتدي زوجاً من النظارات وتبدو واثقة من نفسها وإنسانة عملية.

حدق بها "فينغ" بشرود ليبحث عن صور أخرى لها ويراقبهم بعناية
رغم هذا لا تبدوا ذات هالة مثالية كخاصة "ريونغ"
ولكن مع هذا تبدو غنية أيضاً..
رغب "فينغ" في المخاطرة والتعرف عليها فإن كانت شخصيتها توحي على مظهرها فلا بأس بها
ومن ثم هي الوحيدة بينهن التي نالت اهتمامه من النظرة الأولى.
اقتربت "كيان" منه وجلست بجواره على الأريكة لتقول بينما تلعب بخصلات شعرها:
-لا تحلم حتى، إنها معلمة ذات شعبية كبيرة والجميع يرغبون بها
هي قد علمت من والدتها مؤخراً إن الأموال التي أنقذهم بها "فينغ" جاءت من المقامرة أيضاً وبالنظر لملابسه لا يبدو ميسور الحالة.

لم يبدي "فينغ" أي اهتمام لحديثها السابق ليقول معرباً:
-عندما تذهبين للكلية أتصلي بي غداً
أمرها بينما يرجع الصورة لجيبه مجدداً لتناظره الأخرى بغير تصديق
-لن تفعل ذلك..
وبالنظر لملامح "فينغ" الجادة تنهدت بينما تومئ فبأخر الأمر هم مديونون له ولا تستطيع رفضه لتنهض بعدها وتغادر بصمت..


استيقظ "فينغ" باليوم التالي مبكراً ناوياً الذهاب للكلية، وقبل ذلك اتصل بـ"تيان" مقرراً إنهاء موضوع "ريونغ"، وبحوالي الساعة السابعة والنصف تناول إفطاره رفقة العمة "تانغ" ليغادر بعدها مع "تيان" بدراجته النارية الذي جاء بها ليقله.

اتجه كلا الرجلان إلى الطريق السريع بالقرية، ليصلا أخيراً بعد فترة من الزمن إلى جامعة "جيانغشي"، والتي تكمن بإحدى ضواحي المدينة لكبر مساحتها.

رست الدراجة أمام الجامعة بينما يتجه فينغ بهالته الجذابة ناحية "كيان" والتي حاوطنها صديقاتها متمتمات:

-كيان أهو حبيبك؟

-من المستحيل أن يكون حبيبها هي لم تتحدث عنه قط
واستمرت ثرثرتهم لتزفر هي بعدها بضيق
...
فكرة أن "كيان" تمتلك رجلاً بوسامة وإثارة "فينغ" جعلت جميع الطالبات تثرثرن وتحسدنها، فكما ظنوا إن "كيان" دودة كتب لا تهتم إلا بهم ورؤيتها مع هذا الرجل أثارت حيرتهن.

كانت "كيان" معروفة بأنها دودة كتب
كل أولويتها تكمن في الدراسة، تدرس كثيراً وتشتغل بأعمال جزئية ولم تلتفت لأمور الرجال، وكانت ترفض كل من يتقدم لها بحجة الدراسة فهي لم ترغب في أن تقع بالحب قبل التخرج..

ما كاد "فينغ" أن يسألها عن الأستاذة لتصرخ هي بدورها بينما يتخللها الخجل من حديث الطلاب:
-لا إنه ليس كما تظنون!
نفت كونه حبيبها لتدفع "بفينغ" بعيداً بينما تتمتم
"هناك اذهب وابحث عنها بنفسك!"
ربت "فينغ" على رأس "كيان" بلطف ليتجه لأحدى ضواحي الجامعة بعدما ترجل من الدراجة النارية بابتسامة تشق وجنتاه..



"كيان"! هذا الرجل وسيم للغاية!! يا الهي انه جذاب وطويل لابد أن طوله تجاوز المائة والثمانين سنتيمتراً!!"

" يبدو أكبر سنا قليلا منك .. إنه كبير في السن، أليس كذلك؟"
نفت "كيان" بعبوس على عجل بينما تبرر:
"لا لقد رأيته بالصدفة بالطريق مؤخراً وأدليته على الطريق هذا كل ما الأمر!!"

-
ومن جهة أخرى سار "فينغ" إلى الإدارة ليتوسطها بينما يقابل عاملة الاستقبال مدلياً عليها بسؤاله:
-المعذرة أنا أبحث عن نائبة المدير "لان رو"، أين يمكنني أن أعثر عليها؟!
ناظرته العاملة ذات الوجه المستدير بدورها لتسأله قائلتًا:
-ألديك موعد مسبق؟

نفى "فينغ" بينما يفكر بكذبة سريعة ليردف بثقة:
-لا لكني أحد أقربائها
بابتسامة كاذبة نطق لتدحرج الأخرى عينيها بينما تردف بغضب تخلل نبرتها:
-يفضل أن ترحل يأتي العديد من الأشخاص مثلك يومياً، لذا لا تحرجني وانصرف!
فكر "فينغ" لفترة متوسطة وما كاد أن يفتح فمه حتى قاطعه انفتاح باب المصعد
لتخرج منه امرأة ترتدي فستاناً يغمره السواد القاتم وتحمل كتاباً بيدها بينما ترسوا على عينيها نظارات ذات خيوط ذهبية

هو حتماً أكتشف هويتها
هي "لان رو"!

التقط "فينغ" الصورة من جيبه وقارنها بها مرة أخرى لتتأكد شكوكه الضئيلة وما إن فعل حتى سار إليها سريعاً:
-مرحباً
القى "فينغ" التحية عليها بابتسامة لتبادله بخمول:
-أهلا؟
سارت بجانبه لتدرك إنه لازال يتبعها لتردف باستنكار:
"ما الأمر؟ يجب أن أذهب للقاعة"
نظر "فينغ" لها مطولاً وقد كان صوتها لطيفاً للغاية أيضاً
ولكن قاطع نظراته خاصة "لان رو" الحادة التي أبدتها عندما لاحظت نظراته لها لتسير مبتعدةً عنه، وما كادت ترحل حتى لحق بها الأخر، وقبل أن يردف عن نواياه قاطعته بقولها:
-أنا مخطوبة، من فضلك غادر
بادلها "فينغ" النظرات ليردف بدوره:
-خطيبك يدعى "فينغ لين"؟
ومزامنةً بحديثه أخرج بطاقة هويته ممراً إياها لها ليتحدث :
-أنا هو "فينغ لين"
وسعت الأخرى عينيها بينما تطالع البطاقة بتركيز، هي تذكرت بالفعل أن جدها أخبرها بأن خطيبها يدعى "فينغ لين"!!

جدها حقاً لا يمزح هي مخطوبة بالفعل!!
ابتلعت غصتها بصعوبة لتردف بتعب:
-اذاً، هل أنت هنا لنتزوج؟

سألت مباشرةً فهي لم تظن أن خطيبها سيأتي لها هكذا شخصياً وفجأة..
لطالما علمت إن جدها يحب هذا الرجل وهذا سبب رفضه للأخرين
وحتى إنها اعتادت على رفض الجميع بحجة إنها مخطوبة!
وبشكل غير متوقع جاء هذا الخطيب الذي لم تصدق بوجوده يوماً!!


-في الحقيقة جئت لفسخ الخطوبة ولكن برؤيتك أعتقد إن علينا أن نتحدث ..
نظر "فينغ" إليها تزامناً مع حديثه وشعر براحة كبيره لملامحها اللطيفة.

-تريد فسخ الخطوبة؟
تمتمت بدورها دون استعاب مدحرجة عينيها، ليومئ الأخر ويقول
-في الحقيقة جئت للانفصال ولكن عندما رأيتك بنفسي لم أرغب بذلك..


فكرت لان رو بعمق، بدأ وكأن "فينغ" رآها من قبل ولكن بحديثة ليس شكلها فقط ما أثار إعجابه لتقول:
-هل لديك صورة لي؟

أومأ لها الأخر مردفاً:
-نعم، في الواقع أنا لا أبدي الاهتمام للمظهر فقط، بل للشخصية بشكلٍ أكبر، وأحب الأشخاص اللطفاء!

قطع حديثه صوت سيارة فيراري حمراء ترسي بجانبهم ليخرج منها رجل يرتدي بدلة:
-"رو" صباح الخير!
نظرت "لان رو" إلى الرجل بينما تحط على شفتيها ابتسامة طفيفة
-سيد "سونغ" عليك أن ترسى بسيارتك بالمكان المخطط ! اذهب لموقف السيارات!

قطع حديثها بينما يرتكز بجانبها قائلًا:
-ليس لدي صف اليوم وأنت كذلك وقد سبق وحجزت بمطعم هل ترغبين في مرافقتي بعد الظهيرة؟!
سألها "سونغ" بابتسامة جانبيه لترفضه الأخرى بلطف:
-أسفه عليّ الذهاب لوزارة التربية والتعليم لدي اجتماع
أخبرته بلباقة بالغة لتلتفت "لفينغ" قائلة:
-فينغ" لين هيا لنذهب
أسوّد وجه "سونغ" لسماعه تمتمات حروفها عندما تذكر الأخر!
إنه نفسه … "فينغ لين"!
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي