قبر الساحر الأب.

نور الله`بقلم

  • أعمال الترجمة

    النوع
  • 2022-12-27ضع على الرف
  • 54.3K

    جارِ التحديث(كلمات)
تم إنتاج هذا الكتاب وتوزيعه إلكترونياً بواسطة أدب كوكب
حقوق النشر محفوظة، يجب التحقيق من عدم التعدي.

الفصل الأول

الفصل الأول

قرية وادي الزيتون قرية كثيفة الأشجار، تحتوى على
العديد من شجر الزيتون، لها تاريخ عريق، تتميز بأشياء جميلة كالنباتات الفواحة والأشجار والمباني
 المزخرفة، التي تعبر عن جمال الحضارة القديمة،
وتحتوي على مكتبة كبيرة بها العديد من الكتب
وأيضاً بها كتب فريدة لا مثيل لها في العالم كله.

 لكن كل شيء مغطى بالتراب، والمكتبة تعج
بالفئران والزواحف، حيث نسج العنكبوت خيوطه بين الأرفف، المكتبة مغلقة منذ سنوات لم يدخلها أحد،
أهل القرية غارقون في جهل وظلام "أرشميم"
وسحره.

إنه الساحر الملعون الذي قيدهم بسحره،
يعيشون تحت رحمته وسيطر ته، هيأ لهم أن من
يخرج من القرية في أيام محددة من الشهر سيموت
غرقًا في بحيرة المصب ومن أشهر هذه الأيام هو يوم
الإثنين

نشر "أرشميم" الخراب والسحر تعمق في سحره، حتى 
إنقلب عليه ووجدوه ميتاً، وإنتظر الجميع عودة السلام إلي القرية، ولكن ما تركه "أرشميم" لن يتوقف أبداً...

مات ساحر القبور، مات من أشاع في البلاد فساداً، مات السحر والشر، مات ذلك الساحر الملعون وأخيراً إنقلب عليه سحره، مات ذلك العجوز بعد أن أتقن السحر بكل أنواعه مات بعد ان لوث الارض بسحره وإنتهى السحر والخراب، وإنتهى الشر والحقد هذا ما ظنه أهل قرية وادي الزيتون.

ظن أهل القرية أن بموت الساحر الأب الملقب بإسم "أرشميم"؛ فهو على مر السنوات التي قضاها لم
يفصح عن إذا ما كان هذا اسمه الحقيقي، لا يعرف
أي من أهل القرية أو أي شخص آخر من القرى
المجاورة أصل هذا الساحر وإلى أي أرض ينتمي.

 ظن الجميع أنه عاد السلام مرة ٱخرى وسوف يعم
على القرية السلام والخير ويسود القرية الود والمحبة من جديد.
     
وفي مراسم الدفن بعد أن قام أهل القرية ببناء قبر
بعيد جداً في جنوب القرية، حيث أن رقعة الأرض تلك 
تملؤها النفايات والحيوانات الضالة ولا أحد يتردد
على هذه المنطقة بكثرة، وقاموا بدفنه في هذا
القبر، وأحضروا إثنين من كهنة القرية لعمل تعويذة؛
لمنع روح "أرشميم" من العودة مرة أخرى.

ظناً منهم بأن مخططاتهم سوف تمنع ظهور سحر  "أرشميم"، وتمنع روحه من التسلل إليهم وتخريب 
حياتهم من جديد وبعد إنتهاء الدفن.

— تسائل أحدهم: كيف مات "أرشميم"؟
 رد عليه آخر قائلاً: أن عمال جمع الأخشاب وجدوه
صباحا غارق في ثبات عميق مستلقي أسفل أكبر
شجرة زيتون في القرية، وفي يده خمس حبات زيتون
بنفس الحجم واللون وممسك بهم بقوة.
  
لا أحد يعرف لماذا  مات "أرشميم" تحت الشجرة
 الكبيرة؟! ولماذا كان ممسك بحبات الزيتون الخمس تحديداً؟
 إنتهى الدفن وفرغ الجميع و ذهبوا إلي قضاء
 حوائجهم منهم من فرح لموت "أرشميم"، ومنهم
من حزن لأنه كان يلجأ لأرشميم عندما يتعثر فهو
 كالشيطان؛ يستغل جهل أهل القرية الفقراء ويطلب منهم اشياء غريبة؛ ليستخدمها في سحره مقابل أن
 يقضى لهم حاجاتهم.

كان يطلب منهم أشياء غريبة مثل الدم، والاقمشة 
القديمة، وأنواع من الحبوب النباتية، وحيوانات ميتة.. وغيرها، ليقدمها قرابين للشياطين التي تدور حوله
طوال الوقت.
ترك "أرشميم" الخوف والفزع في نفوس أهل القرية
وهم بسطاء جداً، لا يدرون شيئا عن ما خلفه لهم 
الساحر الملعون.

أهل القرية معظمهم يعملون بالزراعة وهي الحرفة 
الأكثر ربحاً وفائدة لهم، ومنهم من يجمع الأخشاب
لإشعال النار للتدفئة في ليال الشتاء وأخرى لصناعة الأساس، وأيضاً حرفة الصيد يعتمد عليها الكثير من
الصيادون في كسب رزقهم.

القرية أحوالها متدنية ولا يوجد بها خدمات ولا
تعليم ولا مشفى، يعتمدون على الاعشاب والنباتات
في علاج مرضاهم، ومؤكد يلجئون للسحر إذا لم 
تجدي الأعشاب نفعاً .

معظم أهل القرية لا علم لديهم، ويعتقدون أن من
 خلال السحر سوف تحل مشاكلهم، منهم  من أراد أن يرزق بالمال والكسب الوفير، ومنهم من أراد أن يصبح حكيما مشهورا بين الناس، ومنهم من تريد أن ترزق
بأطفال، ومنهم من يملأ الحقد قلبه من ناحية
آخرين، وجميعهم كان يلجأ لذلك الساحر "أرشميم"؛
ليحقق لهم مطالبهم ولكنه يحصل على المقابل.

وقد يكون المقابل أكبر بكثير من ما يأخذون، السحر 
منتشر في القرية بأكملها، ولا يوجد بيت واحد في 
القرية لم يقربه السحر .
وبالطبع قرية كهذه أهلها يعانون من الفقر وضيق
المعيشة، وأيضاً تتفشى بينهم الأمراض والأوبئة،
ولكن كيف الخلاص في وسط مستنقع الجهل هذا.

      

وفي يوم من الأيام منذ سنوات قبل موت "أرشميم"،
قبل ما يقارب عشرون عاما من موت "أرشميم "
 جائت "صفيه" إحدى نساء القرية "لأرشميم"

صفيه:  انا أحببت "مسعود" إبن عمي حبا جما
 وتزوجني، ولم أنجب أطفال حتى الآن،  و سعد أخ
 زوجي الصغير تزوج فتاة من قرية تل الشعير (وهي
 القرية الأقرب لقرية وادي الزيتون ولا تختلف عنها
كثيراً ) وأنجب منها طفلا جميلا سمته "يوسف" وبعد ولادتها، أخبرني زوجي إن لم أنجب طفلا سوف 
يطلقني ويتزوج بغيري.

وأنا أريد أن أنجب طفلاً؛ لكي أقر عين "مسعود" زوجي ويفرح به كثيراً مثل أخيه وحتى لا ينظر لي أحد بأني 
أقل من "أسماء" إمرأة "سعد" .

طلبت منه أن يقوم بعمل سحر لها، يجعلها تنجب
طفلاً وافق "أرشميم" على طلبها في مقابل أن توافق هي أيضاً على طلبه وهل يقبل "أرشميم" بأي مقابل هو فقط ينظر لمنفعته.
وما طلبه منها أخطر بكثير من ما هي تحلم وهنا جاء طلبه.

ــ وأخبرها بالصدمةأرشميم: طفل مقابل طفل
ردت "صفيه" قلقة
صفيه: كيف؟!  ماذا تقصد؟
أرشميم: أريد طفل مثلكِ تماماً، كل ما عليكِ هو أن
تحضري لي "يوسف" إبن "سعد" تحضريه لي في ليلة الرابع عشر من الشهر، ليلاً وقت إكتمال القمر.

صفيه: كيف أفعل.. لا أستطيع، ولكن ماذا ستفعل
بطفل لم يتجاوز اعوامه الأربعة؟! اطلب شيئا آخر خذ ذهب أو نقود.
ولكنه أصر على طلبه..
أرشميم: إن لم تجلبي لي هذا الطفل لن أحقق لك
طلبك.

وأعطاها قلادة مرسوم على أحد وجهيها نجمة
والآخر شجرة زيتون؛ لكي تلفها حول رقبة الطفل.
أخذتها منه. وقالت: سوف أفكر في الأمر.

وغادرته مسرعة قبل عودة زوجها وحتى لا يعرف
 بأنها ذهبت لهذا الساحر ليحقق لها طلبها٠
كانت تفكر كثيراً في ما طلبه منها "أرشميم" وهل
 ستفعل وكيف ستأخذ الطفل، هي وزوجها وأخيه
وزوجته يعيشون في نفس البيت ولد الطفل وتربى
امام عينيها والجميع يحبونه.

جميعهم متعلقون به، ولكن الحقد أعمى عينيها
وقلبها، لماذا هي لديها ولد؟ وأنا لا لماذا هي
وزوجها سعداء بكونهم أب وأم؟ وإلى متى سأظل أنا محرومة؟ سوف اعطيه لأرشميم، وهم بإمكانهم
إنجاب غيره ٠

أخذت تفكر في طريقة لأخذ الطفل دون علم أحد،
حتى هي لا تعرف ماذا سيفعل أرشميم "بيوسف"
الصغير؟ مر يومين بنفس الوضع،كاد عقلها ينفجر
لكثرة التفكير، ولم تجد طريقة لأخذ الطفل والموعد
 يقترب وعليها أن تجد طريقة بدون أن يشك أحد في 
أمرها.

 الطفل تراقبه "صفيه" بين أحضان أمه تراقبه والغل
في عينيها تحلم وكأنها ام وطفلها بين أحضانها
تطعمه، وتلهو معه وهنا قررت أن عليها تنفيذ ما
طلبه منها "أرشميم" سريعا.
 وجاء الوقت المحدد في نهار يوم الرابع عشر
إصتنعت "صفيه" بينها وبين زوجها مشكلة وتركته
وذهبت إلي بيت أهلها المقابل لبيت زوجها؛ حتى
تقوم بإختطاف الطفل دون أن يشك بها احد٠

حل الليل وساد الظلام والقمر مكتمل والجميع نيام، وهي هناك تجلس في شرفتها تنظر الي القمر
عيناها تلمع إنتظرت حتى نام الجميع.

وتسللت إلى بيت زوجها وأخيه، تختبئ في الظلام
مرتدية عبائة سوداء صعدت إلى غرفة الطفل باب
الغرفة مفتوح والطفل في سريره غارق في نوم عميق 
كالملاك الصغير، البرأة تملأ وجهه حملته بكل حب
و حنان وألبسته القلادة نزلت سريعاً وهي تحمله،
وتركت باب غرفته مفتوحا، وأيضا باب البيت وذهبت
 مسرعة.

تمشى تارة وتهرول تارة تنظر إلى القمر دقات قلبها
تعلو وتفكر في ما فعلت أتعود؟! أم تكمل؟!
 وكيف تعود بعد أن وصلت إلى هنا إستمرت وأخذت
تكرر سوف أصبح اماً..سوف أصبح اماً.

رأت في وجهتها دخان بعيد يتصاعد بشكل متناسق 
نحو القمر؛ وكأن الدخان حبل يلتف حول القمر يستمد من نوره.
أسرعت مستمرة في طريقها تتعثر قدميها من أذى
الطريق، والطفل الصغير بين يديها مازال نائماً وأخيراً وصلت إلى "أرشميم" وجدته يجلس أمام بيته في
نجمة رسمها على الأرض، وأمامه كومة حطب
مشتعلة.

 ويتصاعد منها الدخان ذلك الدخان الذي رأته مربوطاً بالقمر كالحبل وهي في طريقها إلى الهضبة التي 
يسكن "أرشميم" خلفها.
 المكان مظلم ومخيف والجو من حولها بارد وكانت خائفة جداً تجوب عيناها المكان وتتلفت حولها.

الساحر جالس على الأرض يتمتم بكلمات غير
مفهومة، مما جعل الخوف يتملك قلبها ظل يتمتم
وينظر اليها بإبتسامة غريبة ومخيفة، ثم نظر إليها
وقال:

سوف تحصلين على ما تتمنين.
 نهض عن الأرض وإقترب منها خافت والدمع ملأ 
عيناها، كلما إقترب عادت خطوات إلى الوراء، تعلو
أنفاسها ترى السعادة في عينيه، يقترب منها ويمد
يديه ليأخذ الولد، ولكنها تحتضنه بقوة وترجع به
للوراء.

أرشميم: ألا تريدين طفلا؟ إعطني إياه وسوف تصبحين اما بعد تسعة أشهر، وإن لم تنجبي زوجك سوف 
يتزوج بغيرك وأبا الطفل وأمه سوف ينجبون غيره،
اعطني الولد لكي يتحقق حلمك.
 _توترت وترددت صمتت قليلاً ثم أعطته إياه.
صفيه: هيا أخذت ما طلبته مني إعطني ما أريد.

أخذ منها الطفل ودخل به الي بيته الصغير وتركها
خارجا بجانب النار.
 تأملت المكان وكم أخافها الظلام، رأت شيئ هناك خلف الشجرة، المكان معتم تصورت أنه مجيد السقا
الذي يتجول بقربة الماء كل صباح لحقته ذهبت نحوه وهي تناديه.

صفيه: عمي مجيد.
فلم تجده، بل قفزت في وجهها قطة سوداء، عيناها
تلمع نظرت إليها رأتها تتجه نحو النار ثم اختفت
القطة..
وخرج الساحر من بيته ممسكا بيده عظمة حيوان
وبصلة كبيرة وقطعة قماش بالية، رأها مفزوعة خوفا مما رأت.
ـــ ضحك.. ضحك "أرشميم"

 أرشميم: ما بكي يبدو عليكي الخوف!
_هدأت قليلا.. و ردت عليه: هيا أريد أن أرحل من هنا ٠

 جلس على الأرض والنار أمامه، وطلب منها أن تدور
حوله وحول النار خمس مرات، وعندما إنتهت أمرها
أن تجلس أمامه، جلست وهي تفكر أين وضع "يوسف" هل سيقتله؟ ام ماذا سيفعل به؟ وفي الوقت نفسه
لازال "أرشميم" يتمتم  بكلماته الغريبة ثم أعطاها
العظمة.
أرشميم: ضعي العظمة تحت سريرك.

 وأمسك البصلة وغرس فيها ثلاث شوكات لعمل
 ثلاث ثقوب ثم طلب منها.
أرشميم: ضعي البصلة في ماء شرب وتشربي منه كل
يوم لمدة  اسبوع.
وأخيراً أخرج من حفرة على يمينه قطعة لحم نيئة
ولفها في القماشة البالية وسلمها إياها.

أرشميم: قومي بدفنها تحت عتبة بيتك.
ثم قال لها بشدة وحزم: والآن هيا إرحلي من هنا.
 نظرت إلي عينيه..
صفيه: والطفل ماذا عن الطفل؟
سكت ولم يرد عليها.. دمعت عيناها
صفيه: هل ستقتله؟
  نظر إليها أرشميم: إرحلي من هنا الطفل أصبح
ملكي.

 أخذت الأشياء التي أعطاها إياها وعادت إلى منزل 
أبيها وفي يدها سحر الإنجاب الذي بدلته بإبن أخو
زوجها.
وعندما إقتربت من المنزل سمعت صوت ضجة و صريخ وبكاء "أسماء ام يوسف".
الأهل والجيران مجتمعين عند "أسماء" ولا تعرف أين ذهب إبنها.
ولا كيف إختفى إبنها تبكي والدمع يملأ عينيها.

 أسماء: ذهبت لأتفقده وجدت باب غرفته مفتوحاً
صدمت وأسرعت نحو باب البيت وجدته مفتوحا جزئياًّ
ايضاً.. وهو يستطيع أن يحبو ويحب اللعب إبحثوا عنه قد يكون خرج وحده.

خرج أبيه "سعد" ومعه أخوه "مسعود" زوج "صفيه"
وعدد من شباب القرية؛ بحثاً عن الطفل وأخذوا
يبحثون في المكان المحيط للبيت، ولم يجدوه بحثوا كثيراً، طال البحث ولم يصلوا لشيئ.

وهنا ظن الأب أنه قد يكون حيوان افترسه حزن الأب
وجمع الشباب؛ ليبحثوا في كل أرجاء القرية تجولوا
 حول البيوت، وأخبروا الأهالي بالفاجعة وقلق أمه
وصراخها بإسم " يوسف" وهي تناديه.

ومن ثم إتجهوا إلي الأشجار والمناطق الخالية من 
السكان؛ ظناً بأن حيوان إفترسه تحيط بهم العتمة لم يطلع الصباح بعد يسمعون أصوات الحيوانات ونباح
الكلاب المكان مظلم يمشون على ضوء القمر وليس معهم سوى عصيهم .
 
أخذوا يتجولون يتحسسون برودة الجو يتعثرون في
 أجزاع الأشجار، إقتربوا من بيت "أرشميم" صوت صراخ
الطفل يصدر من قبو المنزل، لكن بدون جدوى لم
ينتبه أحد إستمروا في البحث، حتى بات البحث شاق 
عليهم وصعب.
طلبوا من "سعد" العودة ومواصلة البحث نهارا،
وأخذو يواسونه وعادوا جميعا إلى منازلهم.
             
 "أسماء" زوجته تقف على عتبة بيتها منتظره عودة
إبنها، باكية حزينة كأن روحها فارقتها ونساء القرية 
يواسونها ومن بينهم "صفيه"، وكأنها لا تعلم شيئ
 وتخفف عنها، وفي نفس الوقت الخوف يملأ قلبها خائفة إذا انكشف أمرها.

 دخل "سعد" ولم ينطق بكلمة، بينما الدموع تتصبب
من عينيه ظلت "اسماء" تصرخ وتبكي على فقدان
إبنها، تتذكر أسعد أوقاتها معه وحين ولادتها له لم
يغمض لها جفن انتظرت حتى الصباح.

بينما إستغلت "صفيه" إنشغالهم بالبحث عن الصغير،
وقامت بدفن القماشة البالية تحت عتبة البيت التي
أعطاها إياها "أرشميم"  وعادت لغرفتها في بيت
زوجها . وفي الصباح  عادوا للبحث مرة أخرى. 

خرج "سعد" في الصباح الباكر؛ بحثاً عن ابنه على أمل
أن يجده ظل يجوب أنحاء القرية مرة وإثنين، فلم يجد
له أثر وعندما تملكه التعب جلس يرتاح تحت ظل
شجرة زيتون والدمع في عينيه.

رأى إبنه يلهوى ويضحك بالقرب منه، ويشير له
ليلعب معه وعندما اقترب منه وجده سراب مجرد
خيال، وفي نهاية اليوم عاد إلي المنزل، منكسر حزين لفقدان إبنه يواسي زوجته الحزينه يخفي حزنه عنها.

ومن الجانب الآخر "أرشميم" لم يقتل الطفل، بل
خصص له غرفة القبو وصنع له سرير واهتم به كثيراً 
إتخذه ولداً واعتبره ابنه.

علم  الساحر بحديث أهل القرية عن حادثة الطفل،
والجميع ظن أن الطفل إلتهمه أحد الحيوانات
المفترسة، وفي الليل أخذ "أرشميم" ثياب الصغير 
ومزقها ولطخها بالدماء وإنتظر نوم الطفل وخرج..

بيده ملابس الطفل الممزقة وملطخة بالدماء
وقطعة لحم، وذهب عند بعض الشجيرات وألقى
ملابس الطفل وألقى عليها بعض التراب و رمى
بجوارها قطعة اللحم؛ لجذب الحيوانات المفترسة ثم عاد إلى منزله الصغير؛ فعل هذا حتى يجعلهم 
يعتقدون أن الطفل إلتهمه ذئب، ولا يلجئوا إليه 
ليدلهم على مكانه.

وفي الصباح أحدهم يدق باب "سعد" أبا الطفل يدق
بقوة أسرع الأبوين لفتح الباب ولما فتحا الباب إذ به
أحد الخشابين جاء ليخبرهم بوفاة طفلهما.
 
الخشاب بحزن: لقد مات "يوسف"، وجدت هذه
الملابس عند الشجيرات التي أجمع منها الأخشاب
والحيوانات المفترسة تسكن هذه المنطقة ليلاً.
وأعطاهم ملابس إبنهم الممزقة وملطخة بالدماء
 وحكى لهم.
إنهار الابوين بالبكاء و حزنا أشدّ حزن..

وهنا ظنت "صفيه" أن "أرشميم" قتل الطفل..قلقت 
خوفًا من إنكشاف أمرها، ولكنها لا تزال البريئة أمام الجميع.
مر شهر ونصف على تلك الحادثه التي شهدتها
القرية. والطفل تعود على "أرشميم"، كما هو تعود
عليه ايضاً، ولكن "أرشميم" لم يحبه "أرشميم" لا يعرف الحب، بل الطفل بالنسبه له مجرد خطه من ضمن
مخططاته..
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي