الفصل الثاني

الفصل الثاني

"أرشميم" يعتني بالطفل "يوسف"، ولكن يبقيه داخل
المنزل، ولا يسمح له بالخروج يحضر له كل ما يحبه
مثل طعام وألعاب؛ حتى يعتاد الطفل على أبوه
الجديد .

وهناك "صفيه" في غاية السعادة والسرور تجلس على سريرها تنتظر عودة "مسعود" زوجها، لديها أخبار
سارة له.
وأخيراً تحققت ٱمنيتها التي دفعت من أجلها كثيراً،
أخيراً سوف يتحقق حلمها الذي إنتظرته طويلاً.
السعادة تملأ قلبها تبسمت ونظرت إلى المرآة رأت
وجه "يوسف" فزعت وإبتعدت للوراء.

صفيه متنهدة: لقد مات.. فقط كنت أتخيل .
_صفيه فرحة تتحسس بطنها قائلة: متى سوف
تبصرك عيناي يا حبيبي.

عاد زوجها "مسعود" و أخيه من العمل بعد يوم طويل شاق، جلس "سعد" ليتناول الطعام مع زوجته لم تعد علاقتهما كالسابق، الحزن يعتصر قلبيهما على فراق
إبنهم جلسا يأكلان في صمت.

صعد "مسعود" السلم يرى زوجته مبتسمة تجلس
منتصف السرير، وطاولة الطعام تحمل ما لذ وطاب
تجاهل "صفيه" وإتجه نحو طاولة الطعام جائعاً تنظر إليه "صفيه" بنفس الإبتسامة قائلة:

تتجاهلني؟ كنت سأعطيك كنزا، ولكنك
لا تستحقه.
مسعود: كنز! وهل أنتي لديكي كنوز؟
صفيه: نعم وهو الآن ملكي وحدي.
مسعود: حسنا! إستمتعي به، أنا سوف أذهب مع
"سمير" صديقي، لنصطاد الأسماك مثل كل أسبوع.
صفيه: توقف.. وماذا عن الكنز؟ ألا تريد أن تتشاركه
معي هو هنا! (وأشارت على بطنها).

وهنا فهم "مسعود" ماذا تقصد بالكنز، وفرح كثيراً
وأصبح يعامل زوجته بكل حب وود.
فرحا كثيراً يحلمان بطفلهما صبي أم فتاة..

ومن ناحية أخرى في صباح يوم جديد "أرشميم" في
بيته يتصفح أحد كتب السحر؛ الباب يدق، همّ ليفتح
الباب إذ بها "مريم" صديقة "أسماء".

مريم: أدخلني عندك كي لا يراني أحد ٠
أرشميم: ادخلي، ما الذي آتى بكي؟
مريم غاضبة: أم زوجي سبب تعاستي، تفعل ما يحلو
لها وإبنها في صفها، ويظلمني ويضربني إرضاءً لها، وهي ما زالت صغيرة وجميلة دائماً مغرورة بجمالها وأنا لم أعد أتحمل أفعالها، وجئتك لتجد لي حل.

تابعت بحقد وغضب: إجعلها ترقد تلازم فراشها
مرضاً، أتمنى أن أراها تتألم وتتحسر على ضياع
جمالها وصحتها.

أرشميم قاطعها: إهدأي، وهل هي تستحق غضبك؟ لكن سأُنفذ ما تريدين، ولكن عليكي فعل ما أطلبه
منكِ، أن تحضري لي قطعة من ثيابها بيضاء اللون،
وأيضاً قطعة من ثوب "أسماء" صديقتك، وقطعة من
ثوب زوجها لا يهم اللون، الموعد في الظلام قبل
الفجر.
مريم: لكن لماذا ثوب أسماء و زوجها تحديداً؟
أرشميم: إنه المقابل، لكي طلبك ولي طلبي
والآن إرحلي من هنا.

رحلت وفي نفس اليوم ذهبت "مريم" لزيارة صديقتها "أسماء"، وبالطبع تمكنت من أخذ قطعتي ثياب
واحدة" لأسماء" والأخرى لزوجها دون أن تحس
"أسماء" بها.
وعادت إلى بيتها، وأحضرت أيضاً قطعة ثياب بيضاء
تخص أم زوجها.

وفي اليوم التالي إستيقظت "مريم" قبل الفجر،
وتوجهت نحو الهضبة التي يسكن "أرشميم" خلفها ، تفكر زوجي لا يعلم بخروجي يجب ان أسرع لأعود قبل إستيقاظه، تسرع وكلما إقتربت تشعر بالخوف ظلام
حالك من حولها وأصوات الحيوانات، ترتعب خوفا
تسرع خوفا تتعثر قدمها بين جزعي شجرة؛ لتسقط
أرضاً.

تنهدت لشدة الآلم تحاول إخراج قدمها،تمنت أنها لو لم تأتي إلى هنا، والدموع تملأ عينيها نظرت إلى
الأرض لترى الكثير من الجماجم البشرية تحيط بها
الجو أصبح دافئ، تحاول ان تصرخ لا تستطيع كأنها
تصرخ بدون صوت تحاول الهرب ولكن محاولاتها بلا جدوى، شعرت وكأن أحدهم يقف خلفها والجو
أصبح أكثر دفئاً، صرخت مجدداً بصوت عالٍ

سمعها "أرشميم" وخرج متوجها إليها، في بضع
ثوانٍ تحررت وإختفى كل شئ، إتجهت نحوه لتستنجد به، خائفة تكاد تفقد وعيها والعرق يتصبب من
جبينها رغم برودة الجو.
نظر "أرشميم" في مكان سقوطها، ثم أخرج من جيبه قلادة وألبسها إياها.

أدخلها إلى بيته وأجلسها على كرسي، هي مازالت
خائفة.
أرشميم: هل أحضرتي ما طلبته منك؟
مريم: ها هو (وأعطته حقيبتها بداخلها الثياب)
ارشميم: انتظري حتى أعود .

"مريم" تنتظره بينما نزل هو القبو الطفل هناك نائم، صمم "أرشميم" دمية صغيرة من الثوب الأبيض الذي
يخص "أم زوج مريم" بداخلها ثلاث وريقات مدون
عليهم بعض كلمات السحر، وخرج من القبو.

أرشميم: خذي هذه الدمية، عليكي أن تدفنيها بجانب قبر سيدة أو فتاة ماتت في شبابها.
ردت "مريم" خائفة تتلعثم بالكلام: وماذا سوف تفعل بثوب "أسماء" وزوجها؟
أرشميم: لا يهمك الأمر، وهيا لترحلي من هنا .

رحلت وفي طريقها إلى البيت إتجهت إلي المقابر
لتدفن الدمية.
وما هي إلا أيام ومرضت أم زوجها مرضا شديدا، بينما صنع أرشميم من ثوب الأبوين سحرا ليجعل الطفل
ينسى أبويه نهائيا، وأصبح يناديه بأسم "جليل" بدلا
من اسم "يوسف" .

وبعد مرور عدة أشهر "صفيه" تضع مولودها فرحه به هي وزوجها دون مراعاة لما حدث مع "أسماء"
وزوجها. قائلة:-
لقد رُزقنا يا زوجي أخيراً بطفلنا الأول، وسوف نسميه "خالد" كي يبقى أبد الدهر مخلداً
مسعود: موافق بالطبع، وأخيراً أصبحت أب .

هناك "أرشميم" بدأ تنفيذ خطته حيث أنه بدأ يمارس
السحر أمام الطفل ليعلمه، يذهب كل صباح يتجول
في القرية يحضر معه أشياء يستخدمها في سحر مثل عظام، وجثث الحيوانات الميتة، ونباتات معينة، وأيضا حفنة تراب من أماكن معينة، ويحضر معه الطعام له وللطفل ويعود ليمارس سحره .

وفي يوم من الأيام يتجول كعادته متجها إلى أحد
الأماكن التي يتردد عليها بكثرة ليجد عمال الحفر
يحفرون بئر لإستخراج المياة. سأل "أرشميم" أحد
العمال..

أرشميم: لماذا تحفرون هنا تحديدا؟
العامل: نحفر بئر؛ لإستخراج الماء وهذا المكان
مناسب، ومؤكد الوصول إلى الماء هنا أسهل من أي مكان آخر .

أرشميم: اسمع، هنا تحت الأرض يوجد كتاب كبير
وغلافه سميك لونه بني، وبين صفحاته خصلة شعر،
إن إستطعت الوصول إليه سوف أعطيك قطعة
ذهبية نقدية.

العامل مبتسم: حسنا سوف أبحث عنه.. سوف أحفر لأجله .
أخبره "أرشميم" عن موقع بيته؛ ليحضر له الكتاب إن
وجده، وبعد مرور ساعات من حفر البئر.

"أرشميم" في بيته يحتسي كوبا من الشاي، إذ به
يسمع ضجيج ثم الباب يدق، فتح الباب إنهم عمال
الحفر ومعهم الكتاب مغطى بأثر التراب "أرشميم"
لم يصدق عينيه كان يظن أن هذا الكتاب لم يعد
موجود أخذه منهم ومسح عنه التراب بجلبابه .
وقال أرشميم فرحا: الطفل والكتاب!

أحد العمال: لقد وعدتنا بقطعة نقدية ذهبية، أي
هي؟
أرشميم: نعم نعم... بل لكل واحد منكم قطعة
ذهبية.
أعطاهم النقود وإنصرفوا فرحين .
جلس "أرشميم" ووضع الكتاب أمامه على طاولة
ليتأمله وينظر إليه قائلا:
لن أفتحك الآن، فأنت مميز وليس أي أحد يستطيع أن يتعامل معك، ستبقى حتى يكبر الحلم.

وبعد مرور عام، ومن ناحية اهل القرية دائماً ما
يترددون على "أرشميم" ؛ ليحقق لهم مطالبهم وكله بمقابل ولا يرجع لهم إلا بالأذي، وكل منهم يضر غيره بالسحر بقصد أو بدون قصد، حتى أن كل منهم يظهر الحب والود لغيره، لكن الباطن يسود بينهم الحقد
والكراهيه إرتكبوا جرائم وهم تحت تأثير السحر.

ماعدا" أسماء" لم تلجأ للسحر أبداً...هي لن تنسى
إبنها ولكنها الآن سعيدة لقد رزقت بفتاتها "جنه"،
لتنشغل عن فقدان إبنها "يوسف".

بينما بدأ" أرشميم" بتعليم إبنه السحر منذ طفولته؛
حتى يستطيع تحقيق حلمه من خلال إبنه وليكمل
بعده كان يعمل على أن يصبح ابنه أقوى منه وأكثر
تعمقا، أراد أن يعلمه جميع أنواع السحر حتى يستطيع الوصول إلى المكتبة، التي من خلالها سوف يصل إلى ما هو أكبر وأعظم..

وهناك "مريم" وزوجها "محسن" يجلسان بجانب
"أم محسن" التي سيطر على جسدها السحر، وأصابها بالمرض وخسارة الوزن دامعة العينين نائمة على
سريرها، تبكي آلما مر عام والألم يسكن جسدها لم
تشفي يوما، و"مريم" بجانبها شامتة في حال أم
زوجها، ولكن تواسيها بكلمات رقيقه قائلة:

إهدأي يا عمتي.. سوف تشفين قريبا.
ام محسن: لا، أشعر بأني سوف أموت. لقد إنتهى
العمر، إن كنت سأشفى لكنت شفيت ولم يتملك
المرض من جسدي .
محسن بحزن: لا يا أمي، لن اتركك سوف أذهب
"لأرشميم" أجد لكي علاجا عنده .
مريم: "أرشميم" إنه ساحر كذاب ولن يجدي لك نفعا ولا أحد يصدقه هو يبحث عن مصالحه فقط .
محسن: لا بل عنده الحل.

إرتدت "مريم" عبائتها السوداء، وإتجهت مسرعة نحو منزل "أرشميم" قبل أن يذهب له زوجها؛ لتحذره أن لا يفضح سرها.

مريم: "أرشميم" زوجي "محسن" سوف يأتي إليك لتجد له حلاً لمرض أمه لاتخبره عن سحر الدمية شيئا .
أرشميم: وإن دفع لي ثمن العلاج؟!
مريم: "أرشميم" أنا اعرف بسرك... اعرف أمر "يوسف"
إبن "أسماء" صديقتي ليس إبنك .
أرشميم بغضب : مريم إن أفشيتي السر ستموتين،
سأقتلك، الطفل إبني أنا، "مريم" أنتي ذات قيمة
عندي ولا أريد أن أقتلك وهيا إرحلي من هنا الآن .

خرجت من عنده وهي في طريقها رأت "محسن"
زوجها متجه لمنزل "أرشميم" إختبئت منه كي لا يراها حتى إبتعد اكملت طريقها.
وصل "محسن" لأرشميم وقص عليه قصة مرض أمه.

محسن: أمي مريضة تدهورت صحتها، بعد أن كانت
في صحة وعافية وفي غاية الجمال، أتوسل إليك
إعطني لها علاجاً لا استطيع ان أتحمل رؤيتها تتألم، مرضها يؤلمني أكثر ما يؤلمها .

أرشميم: سوف أعطيك علاج مقابل مائة قطعة نقدية وأحضر له قارورة ماء وأخبره أن تشرب منها أمه كل
يوم حتى تفرغ.
وافق "محسن" وأخذ القارورة، وعاد إلى البيت واعطى القارورة لأمه لتشرب منها، ما كادت ترتشف بضع
قطرات حتى خرجت روحها مفارقة الحياة وسقطت
القارورة على الارض، وإبتلت الأرض من ماء القارورة.

وبالطبع "أرشميم" لم يعطيه علاجا.
بكى "محسن" لموت أمه وحزن عليها كثيراً و"مريم"
تتصنع الحزن وتواسي زوجها .
وبعد مرور أيام مرض "محسن" ولازم فراشه بنفس
مرض أمه، تذوق نفس الألم والمعاناة التي عاشتها
أمه وكله بدايةً بسبب فعلت زوجته.
وهنا تذوقت" مريم" مرارة المرض وقساوته.

ذهبت لأرشميم...
أرشميم: لماذا أذيت زوجي؟ أتوسل إليك سأفقد
زوجي، ولن أجد من ينفق عليا أنا وبناتي ولا استطيع
العيش بدون زوجي، إفعل شيئ بأي مقابل.. أريد
زوجي.
أرشميم: لم أفعل له شيئ؛ إنه السحر إن أعطاكي
شيئا سوف يأخذ منكي وبنفس الطريقة ولا علاج له
عندي .

مريم: والدمية تلك قد تكون هي السبب؟
أرشميم: الدمية لم يعد لها قيمة. وأنا لايمكنني
مساعدتك، إبتعدي عن هنا هيا.
رحلت من عنده باكية، لا تعرف لمن تلجأ؟
"أرشميم" يفكر عندما يكبر "جليل" سوف يستطيع
التحكم في السحر وتأثيره.. ويجب أن يكون ماهراً.

"مريم" تجلس بجانب زوجها المريض لا تفارق الدموع عيناها، وفي الصباح تركت إبنتيها "نور" و "هدى"
بجانب أباهم المريض وخرجت، بحثا عن عمل حتى
وجدت بيت خياطة في القرية المجاورة لقرية وادي
الزيتون يعملن به النساء وأصبحت تعمل به .

بينما كانت "أسماء " وزوجها "سعد" يعيشان أجمل
أوقاتهم مع صغيرتهم، "جنه" تلعب وتلهو وتكبر
أمام أعينهم قلبها مملؤ بالحب والخير .

ظل "محسن" زوج "مريم" يعاني في مرضه عام كامل، ولما أشتد عليه المرض فارقا زوجته وبناته، حزنت
"مريم" بعد ان أذاقت مرارة السحر في فقد أغلى من
تحب، وظلت تعمل لكسب العيش لها ولبناتها



كبر "جليل" وأتقن فنون السحر تعلم كل أنواع السحر
ليفوق عن أبيه علما، فلا شيئ يستعصى عليه .
بعد إنتهاء دفن "أرشميم" وكل منهم ذهب لأداء
عمله، "جليل" إبن "أرشميم" أصبح شابا يافعا، يجلس
على صخرة بجانب قبر أبيه غاضبا؛ لأنه كان يريد دفن
أبيه في قبر آخر كما كان يريد أبية قبل موته.

ولكن أهل القرية صنعوا له هذا القبر بعيدا عنهم،
ولكن داخل نفس القرية. جلس "جليل" حزين يقول:-
جليل: سوف اكمل أنا يا أبي إبنك موجود، إبنك سوف يتابع كل شيئ، سوف أحقق ما عجزت عنه أنت يا أبي.

عاد "جليل" إلى البيت وجلس ليتناول الطعام، ثم نام
حتى صباح اليوم التالى.
إستيقظ في الصباح وأحضر خمس شجيرات زيتون
وإتجه نحو قبر أبيه، وعندما وصل جلس على الصخرة
يبكي، ثم غرس الخمس شجيرات واحدة تلو الآخرى، حول قبر أبيه وسقاهم بالماء.

وإنصرف حزيناً يبكي وفي طريقه إلى البيت بعض
الشباب سخروا منه شامتون في أمر موت أبيه،
تجاهلهم وعاد لبيته، وفي الليل جلس خلف بيته في فناء واسع وأمامه جصعة بها أخشاب وأشعل بها نار.

الجو من حوله بارد وظلام حالك ولا شعاع لضوء
القمر... جلس مغمض العينين، يتمتم بكلمات السحر وبيمنه قطعة قماش بالية سوداء اللوان ومررها حول النار عدة مرات، ثم استدعى ستة من الشياطين الحمر وفي حضورهم شعر "جليل" بسخونة الجو، ولكنه لم
يفتح عينيه، ثم قام بتمزيق القماشة إلى ستة
قطع صغيرة وألقهم على الأرض خلفه وأمر الشياطين
بإشعال النار في القرية.

قال بصوت عالٍ :-
جليل: إستدعيتكم يا شياطين الأرض؛ لتنفذوا لي
أمري، وعليكم التنفيذ وإليكم أمري خذوا قطع
القماش وأشعلوا النيران في ستة من بيوت القرية،
والآن نفذوا .

وما إلا ساعات ويرتفع صوت صريخ النساء لطلب
النجدة والمساعدة في إطفاء الحرائق، ويتسارع
الشباب والرجال لإطفاء النيران وبعد محاولات طويلة ومجهود شاق تمكنوا من السيطرة على الحرائق، بعد أن كلفتهم خسائر وتلف في أثاث المنازل.

جلست السيدة "مجده" بعد أن تهالك بيتها إثر الحريق في بيت جارتها السيدة "نعمه"، وكانت خائفة تقص على جارتها ما حدث قائلة:-

السيدة مجده: كنت نائمة ونهضت لأشرب الماء وإذ
بها، قماشة سوداء اللوان بالية تسقط على الأرض، ثم إشتعت بها نار وأخذت تتحرك ببطء يمينا ويساراً
مخلفة ورائها نار أعلى وأشد وأكثر حرارة، وانا ذُهلت مما رأيت ووقفت كأني مكبلة بسلاسل ولا أستطيع
الحراك ولا حتى الصراخ.

السيدة نعمه: الناس يقولون إنها روح "أرشميم"
عادت ولن تهدأ وهي من أشعلت الحرائق، وسوف
تظل تعذبنا لقد مات ولا نعرف إلى متى سايتوقف.

وهناك "جليل" يرى كل شيئ كأنه أمامه ويضحك
بصوت عالٍ قائلاً:-
هذه نار ضعيفة.. ضعيفة جداً ليست كنار غضبي.
ومن ثم دخل بيته، ونزل إلى القبو وأحضر أحد الكتب وخرج وبيده قارورة ماء، ثم إتجه إلى البحيرة ووقف
أمامها وقرأ كلماته من الكتاب ونثر بعض التراب في البحيرة، ثم أخذ يسكب الماء من القارورة في البحيرة ببطء.

وعاد ليتمتم بكلمات مرة أخرى ثم جلس على الأرض مغمض العينين وقال:-
جليل: يا جني البحار إستدعيتك اليوم لتنفيذ أمري، إذا إسمع لإمري وإستجيب.

وأمرك الآن أن تغرق قرية وادي الزيتون بأكملها
بالماء ماعدا بيتي وقبر أبي، فقط تغمرها المياة
لمدة بضع ساعات..
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي