الفصل الثاني

الفصل الثاني
" ارمله اخي "
بقلم / فاطمه الالفي ..

كان يجلس باحدى الكافيهات ويحتسي قهوته ويتحدث مع صديقه المقرب " قاسم " ويقص علية كل شيء خاص بزيجته من أرملة شقيقه الراجل "سند "
أستمع إليه قاسم بانصات الى ان انهى فارس حديثه ثم حدثه بهدوء : أنا عارف ان دي عوايداكم فى الصعيد يا فارس ، بس المشكله هنا انها خلاص بقت مراتك ويوم ولا اتنين وهتعيش معاك ويكون أمر واقع ، والخبر مسيرة هيتعرف ، هتعمل ايه بقى ساعتها مع "جودي " اللى لولا وفاة اخوك كنت زمانك خاطبها دلوقتي
هز راسه باسي : مش عارف يا قاسم أعمل ايه وخصوصا ان جودي قدرت ظروف وفاة اخويا ومنتظره بقى أقابل اهلها واطلب ايدها رسمي ، أنا حطيت شرطي على جوازي من مرات سند قصاد ان اتجوز عليها وبابا وافق وحتي هي بنفسها وافقت وأنا بصراحه وقتها استغربت بس مش مهم بقى ، لكن حاليا مااقدرش أقول لابويا تعالي اخطبلي وأنا لسه كاتب كتابي امبارح .
- حاسس بيك والله بجد موضوع معقد ، بس لازم تعرف جودي على الأقل باللى حصل معاك وان ده مجرد جواز على ورق عشان تنفذ وصيه اخوك ودي عادات وتقاليد

زفر بضيق وهم بالنهوض من مقعده : ربنا يسهل ،قوم بينا عشان انا محتاج انام بجد تعبان ومرهق جدا بقالي كام يوم مانمتش
- يابنى عندك الجمعه بكره يوم طويل ابقى نام فيه براحتك وخلينا سهرانين شويا نفك عن نفسنا من ضغط الشغل وسنينه
ابتسم لصديق ولكن غادر الكافيه فهو يريد الاسترخاء الان ، استقل بسيارته عائدا الى منزله لكى يحظى بساعات من الراحه بعد ما مر به من عناء تلك الليالي الماضيه ...

""""""""""""
فى الصعيد قبل ان تخلد راجيه للنوم جلست تتحدث مع زوجها .
تنهدت بحزن لينظر يونس لها باهتمام
- لساتك صاحيه يا حجه خير
- بالي مشغول يا حج على فارس ولدي
- اللى انتي ناويه تعمليه دي الصالح ليهم يا ام سند ،وربنا يقدم ليهم الخير
- يارب يا حج ، لسه مااتحدتش مع قدر ، وخايفه على فارس مش عوزاه يقول بنغصبه وبنحمله فوق طاقته والله يا حج أنا بفكر فى مصلحته ويعز عليه فراق قدر دي من يوم مادخلت الدار وهى كيف قسمت بتي
- فارس مسيره يتقبل اللى حوصل وخلاص قدر بجت مرته على سنه الله ورسوله ووجودها جنبيه ومعاه مش يكون فى مكان وسايب مرته فى مكان تاني ده ،ولدك لازمن يعرف ان جوازه من قدر مش مجرد جواز على ورق وبس لازمن يراعي ربنا فيها وتبجي ملزومه منيه ومكانها معاه هناك مش اهنيه ومع الوقت هيتجبلها فى حياته يا حجه ونامي دلوقتي وبكره ربنا يعدلها الصباح رباح .
-ماهو أنا عشان اكيده خبرت فضل وقسمت من النجمه هيدلو على ماصر وقدر معاهم يوصلوها لجوزها
-دثر نفسه بالفراش :دي عين العقل ، يلا بجي نامي ، تصبحي على خير يا حجه
- تلاقي الخير يا حج
"""""""""
في فجر اليوم التالي استعد فضل وزوجته بالذهاب الى منزل والدها وهى تحمل صغيرها بين يديها لتتركه مع والدتها .
واخبرت راجيه قدر باعداد حقيبتها لتوجهه الى القاهره برفقه قسمت وزوجها الى حيث منزل فارس .
انصاغت قدر لاوامر راجيه ثم ودعتها بالعناق الحار فهي والدتها التى حظت بها عندما دبت اقدامها لذلك المنزل ، انسابت دموعها بصمت لتربت عليها الأخيرة وتضمها لصدرها بحنان وظلت تمسد على ظهرها برفق وهى تهمس لها بحنيه
- ديري بالك على حالك يا ضناي وعلى فارس ولدي، يعز عليه فراجك وربنا يعلم بس مكانك جنب راجلك ربنا مايحرمكو من بعض يا جلبي ووقت لم نتوحشك تخبري فارس وهو مش هيتاخر عنينه ، وعايزاكي تحطي فارس جوه عنيكي انتي مالكيش غيره ربنا يسعدكم ويهدي سركم يارب .
اومت لها بالايجاب ثم ابتعدت عن احضانها لتقترب من والد زوجها تقبل يده وتودعه ، ليقبل يونس رأسها بحنان : نشوف وشك على خير يا بتي
اقترب فضل يحمل الحقيبه ثم وضعها بالسياره و لحقت به قسمت وقدر لينطلق فضل فى طريقه الى القاهره ...
""""""""
صدح رنين هاتفه ليجعله يفتح عيناه بارهاق وعندما التقط الهاتف وجد المتصل "جودي "
اعتدل فى نومته وهو يجيب عليها بثبات : صباح الخير
أستمع لصوتها الرقيق والابتسامه تعلو ثغره ، استمرت المكالمه عده دقائق وعندما انهى الاتصال نهض من فراشه ليدلف الى المرحاض ينعش جسده بالماء البارد ثم ارتدى ملابسه استعدادا لمغادره المنزل كم وعدها بان يلتقي بها ويتناول الغداء معها باحدي الأماكن ..
وقف امام المرآه يمشط شعره ثم نثر عطره المميز ليستمع الى رنين جرس المنزل
رفع احدي حاجبيه وسار بإتجاه الباب وهو يهمس بغرابه : مين هيكون جايلي دلوقتي ، أكيد قاسم مافيش غيره ، وعندما دار مقبض الباب لفتحه تفاجئ بوجود شقيقته الصغري وزوجها .
انتفض قلبه ونظر لهم بهلع وتحدث وهو يبتلع ريقه بصعوبه : قسمت ..! ابويا وأمي بخير
هزت رأسها بالايجاب واقتربت منه تعانقه : اتوحشتك يا خوي ، اطمن كلهاتنا بخير والله
عانقها بالارتياح وهو يقبل رأسها ثم اخذ انفاسه بهدوء وابتعد عنها ليصافح صديقه
- عامل ايه يا فضل
- بخير يا ود عمي ، بس انت خابر خيتك زين لازمن وحاتمت ولابد تيجي تشوفك وتطمنو عليك ،ومرت عمي باعتالك امانه
ابتسم بود وهو يطلب منهما الدلوف لداخل الشقه :
- طيب اتفضلوا الاول وبعدين نتكلم عن سر الزياره اللى وقعت قلبي دي ، مش هنقف على الباب
دلف فضل ونظرت قسمت لشقيقها وهى تبتعد من امامه لتظهر خلفها قدر التى كانت تمكث براسها ارضا على استحياء
- وها مش تشوف الامانه الأول يا خوي
تسمر فارس مكانه عندما وقعت عيناه على تلك الواقفه امامه ترتدي رداء سوداء ليعاود النظر لشقيقته بصدمه
ابتلعت قسمت ريقها بتوتر وفرت هاربه من اعين شقيقها تتحتمي بزوجها
ابتسم فضل على فعلتها واستطرد قائلا : وها يا ود عمي هتهمل مرتك قدام الباب اياك
فاق من صدمته على تلك الكلمه التى تشعل النيران داخل صدره وهمس لها بخفوت : اتفضلي ..
دلفت قدر ليغلق فارس الباب خلفها بقوه منما جعل جسدها يرتجف
تبادل النظرات بينهم بحزن ، لتقترب منه شقيقته وتهمس بجانب اذنه بخفوت :
- بالله عليك يا خوي ماتزعلي مني والله ماليه دخل ,ده جرار الحج والحجه واني عليه السمع والطاعه
أومي براسه وربت على كتف شقيقته بحنان ، فهو يعلم بانها اراده والديه بوضعه امام الأمر الواقع ثانيا ، جلسوا جميعا داخل غرفه الصالون تحدث مع فضل بعده أمور، ونهضت قسمت من مكانها تسحب بيد قدر :
- قومي امعايا يا قدر افرجك على بيتك ،ثم جذبتها من يدها لتنهض معها الاخيره ،وبعد ان اخبرتها بكل شيء داخل المنزل تركتها بغرفه فارس وعادت الى حيث يجلس زوجها وشقيقها .
لتجد فارس يتحدث بضيق : يعني بردو مصرين يفرضو عليه وضع صعب ماحدش يقدر يتحمله، كل الحكايه محتاج شويا وقت بس مش اكتر اللي بيحصل ده مافيش راجل يتحمله
ربت فضل على ارجل صديقه : فارس انت راجل واللى حوصل لازمن ترضى بيه ودلوقت قدر اصبحت مرتك انت وبس بلاش تفكر فيها غير اكيده عشان ماتتعبش يا خوي ، على الأقل عشان المرحوم يكون مرتاح فى تربته ، وانت اكتر واحد كنت قريب من سند الله يرحمه ودي امانته اللى فاتهالك فى رقبتك وانت قدها أنا خابرك زين
نظرت له شقيقته بعيون دامعه : صدقني يا حبيبي قدر طيبه جوي وحنينه وتستاهل كل خير ،لم تعاشرها هتنسي كل حاجه ، خلي بالك منيها هى قست كتير فى حياتها وهي لساتها ازغيره
زفر بضيق ولم يعلق على حديث شقيقته ليجد فضل يعطيه عده اوارق
- ده ورق مرتك الخاص بجامعتها ،كان المرحوم مأجل ليها السنادي ، اثبتها اهنيه بجي فى جامعه ماصر
نظر له ببلاهه: هى لسه بتدرس ؟
- ايوه مرتك كانت منسوبه فى علاج طبيعي جامعه المنيا بس ظروف وفاة والدها وزوجها من المرحوم خلاها تأجل سنه ، دي كل اللى يخصها وانت وكيفك هى مرتك دلوقت رايد تكمل علامها او مش رايد فده حاجه ترجعلك واتفجو عليها سوا
هز راسه بتفهم وهو يلتقط منه الاوراق ثم وضعها اعلى المنضده وهو ينظر الى شقيقته :

- ايه يا قسمت مش هتعمللينا حاجه نشربها ولا ناكلها ، أكيد أنتو مااكلتوش حاجه
نهضت قسمت من مكانها تقترب منه ثم حدثته بمراوغه : عندك مرتك تعملك اللى هواك فيه واحنا زيارتنا انتهت وصلنا الامانه وهنتفسحو شويا مع فضل نشموا الهواء ونعاود طوالي البلد عشان سند مايغلبش اماي
نهض فضل أيضا ليؤيد حديث زوجته ووقف يودعه ويهمس له ببعض الوصايا التى اخبرتها به زوجة عمه ليتنهد فارس بضيق ولم يفيق من صدمته الا عندما أستمع لغلق باب منزله وهو مازال مكانه ينظر للفراغ ،ويحدث نفسه.
"هو في حاجه مكتفاني غير وصيه سند، زي الحبل اللي على رقبتي مااقدرش افكه، لازم اسيبه حتى لو هيخنقني"
ثم تذكر موعده مع جودي فقرر ان يهاتفها ويؤجل الموعد ، اقترب من غرفته ليفتحها على حين غفلته ليتفاجئ بها داخل الغرفه عاد بغلق الباب ثانيا ،سحب شهيقا قويا ثم زفره وطرق الباب ليدلف مره أخرى يتنحنح
: انا آسف دخلت كده من غير استاذان بس دي اوضتي
تحدثت قدر بصوت خافت وهى مازالت تنظر ارضا : أنا اللى اسفه بس
هز راسه : مفهوم مفهوم ، أنا ممكن اخد حاجتي واسبلك الاوضه عادي واقعد انا فى الاوضه التانيه
رفعت وجهها لتلتقي بوجهه : لا لا خليك فى اوضتك
تعلقت سودويته بخضرويتها لعده ثواني ثم اشاح بوجهه مبتعدا عنها : تعالي معايا اوريكي اوضتك
كانت تهم بحمل الحقيبه لتجد كفه القوي اعلى كفها لتنتفض بفزع وكانها لمست ماس كهربائي لم يعطيها اهتمام ليحمل الحقيبه ويغادر الغرفه وهى خلفه ،دلف بها الغرفه المجاوره لغرفته ووضع حقيبتها ارضا
- دي اوضتك والبيت بيتك ولو عايزه أي حاجه اطلبيها
نظر لها قبل ان يغادر الغرفه : تحبي تاكلي ايه عشان اطلب الاكل
نظرت له بخجل : شكرا
رفع احدي حاجبيه باستنكار : يعني ايه شكرا لازم تاكلي
انا هطلب اكل

ترك الغرفه بضيق وعاد الى عرفته يبحث عن هاتفه ليستمع لرنين باب المنزل زفر بضيق وهو يسير لفتحه .
ابتسم رغما عنه عندما وجد صديقه المشاكس : قولت اخد فيك ثواب واجي نتغدا سوا
ثم رفع امام اعينه حقائب بلاستكيه موضوع بها الاكل : جبت غدانا وجيت
وقف فارس حاجزا امامه ينظر له تاره وينظر لداخل الشقه تاره أخرى
- في ايه يا وكيل مش هدخلني شقتك ولا ايه
- انت بتقول فيها ، فعلا مش هينفع تدخل دلوقتي

نظر له قاسم بصدمه : نعم ...
- زي مابقولك كده ، أنا لتاني مره بتحط قدام أمر واقع ولازم التنفيذ
نظر له بعدم فهم ليستطرد فارس قائلا :
- صقر النيابه اللى الكل بيعمل ليه مليون حساب وماعندوش هزار فى الشغل ، بيكون قدام الحاج يونس والحاجه والدتي عصفوره
ابتسم بخفه : عصفوره ايه لا ده كتكوت كمان مش محصل عصفوره هههه
ضحك قاسم على صديقه وعندما استرد انفاسه نظر له بصدمه : اوع تقول اللى فى بالي مظبوط
هز راسه بالايجاب وهو يبتسم نصف ابتسامه
فتح قاسم فاه بدهشه : يعني مرات اخوك عندك
اختفت ابتسامه فارس وتحدث بضيق : ماسمهاش مرات اخويا يا قاسم ، ارجوك أنا مش عايز افتكر الوضع ده
علم بمدا حزنه وأراد ان يشاكسه : طيب يا صاحبي اطير أنا وانت ربنا يعينك
جذبه من كتفه : استني عندك سيب الاكل مش انت جايبه ليه ، راجع بيه تاني ليه
- اتفضل يا سيدي وعد الجمايل ، كنت جاي اتغدا معاك واشوف هتعمل ايه فى موضوعك مع جودي
زفر بضيق : فكرتني فى ميعاد بينا والمفروض اقابلها واتغدا معاها
- تحب اقابلها واعتذر ليها ان حصل لك ظروف منعتك تقابلها
- لا لا هتصرف أنا ، تسلم يا صاحبي
ودعه قاسم وغادر البنايه ودلف فارس لداخل شقته وضع الطعام اعلى المائده ثم دلف الى المطبخ ليعد بعض الصحون ويسكب بها الطعام ، وعندما أنتهى توجهه الى غرفتها يدق الباب بهدوء وهو يتحدث من خلف الباب
- الغدا وصل ، اتفضلي عشان تاكلي
فتحت باب الغرفه ونظرت له بامتنان : شكرا بجد بس مافيش نفس للأكل دلوقتي وأنا برص حاجتي
تحدث بصرامه :احنا قولنا ايه ، سيبي اللى فى ايدك دلوقتي والأهم تاكلي كويس وتهتمي بصحتك
لم يدع لها فرصه أخرى للرفض سارت جانبه بصمت الى حيث غرفه الطعام وجلست امامه بحزن تريد أن تخبره بحقيقه الأمر الذي تخفيه عن الجميع ولكن ظلت صامته لم تقدر على الحديث ...
نظر لها فارس وجدها شارده حزينه تبعث بالطعام دون ان تأكل منه شئ ، تنهد بحزن ثم نهض عن مقعده
- لو مش حابه تاكلي معايا مافيش مشكله ، أنا مقدر ان الوضع اللى احنا فيه غريب شويا او غريب جدا يعني
نظرت له وعينيها تتالألأ بالدموع ثم فرت من امامه راكضا الى غرفتها تحتمي بها
زفر بضيق وشعر بانه اخطئ عندما اصر على تناول طعامها لذلك اراد ان يعتذر منها ويتركها كما تشاء.
دق باب غرفتها برفق ثلاث طرقات ثم فتح الباب وظل واقفا مكانه
- انا آسف ان ضايقتك وانتي لسه اول يوم ليكي هنا ، بس عايزك تعتبري البيت بيتك واعملي اللى انتي عايزاه ماتفضليش حابسه نفسك فى الاوضه دي وبس ، ممكن تتفرجي على التلفزيون وتتسلي باي حاجه ، أنا خارج دلوقتي عندي ميعاد مهم وعايزك تاخدي راحتك فى بيتك ، أنا هرجع متأخر ولو احتاجتي لاي حاجه كلميني ، معاكي أكيد فون ممكن تجبيه
احضرت الهاتف ووقفت امامه ، التقط منها الهاتف ينظر له باهتمام ثم عاد ينظر إليها
- ده موبايل سند صح ؟
هزت رأسها بتاكيد : ايوة
زفر انفاسه بهدوء ثم اعطاه اياها : تمام أكيد رقمي متسجل عندك وأنا معايا الرقم لو محتاجه حاجه ياريت تكلميني ،وانا نازل بس لازم تاكلي
هزت رأسها بصمت ليبتسم بخفه وهو يبتعد عنها ليغادر المنزل ويستقل سيارته متوجها الى مكانه المنشود ...

"""""""""
صفا سيارته امام نادي الشرطه ثم ترجل منها ودلف لداخل يبحث عن جودي ، بالفعل وحدها تجلس فى انتظاره بمكانهم المفضل ، سار الى حيث الطاولة التى تجلس عليها وهو يبتسم لها
- آسف يا جودي اتاخرت عليكي
نظرت له بابتسامتها العذبه : ولا يهمك يا حبيبي
هم بالجلوس بالمقعد المقابل لها : عامله ايه يا حبيبتي
- الحمد الله تمام يا حبيبي
- ها تحبي نتمشي الاول ولا نطلب الغدا
ضحكت برقه : لا أحب العب ماتش اسكواش مع حبيبي
ابتسم بخفه : بس أنا مش عامل حسابي بجد وماجبتش لبس الرياضه ، وقت تاني ان شاء الله
- قول انك خايف تتغلب
نظر لها بثقه : لا طبعا انا ماحدش يقدر يغلبني ،حتى لو كنتي انتي يا قلبي ، أنا بقول نطلب الاكل عشان فى كلام مهم محتاج اتكلم معاكي فيه
نظرت له باهتمام :
- ممكن نتكلم الاول
- لا افضل الغداء الاول
"""""""
جلست قدر بغرفتها تشعر بالخوف والقلق ،تريد ان تتحدث معه ولكن ليس لديها الجراءة لفعل ذلك .
لم تشعر بالراحة وظلت متردده ،ماذا عليها أن تفعل ؟ قررت ان تنتظر عوده فارس لتتحدث معه وتنهى ذلك الصراع القائم بداخلها ...
"""""
اما عن فارس فبعد ان تناول الطعام ،نظر الى جودي باهتمام لتبتسم له الاخيره وتهمس له بحب :
- واحشتني يا فارس
- وانتي كمان يا جودي ، بس انتي عارفه الظروف اللى مريت بيها
- عارفه ومقدره يا حبيبي ،بس قولي بقى عملت ايه فى البلد كلمتهم عن ارتباطنا ؟
ابتلع ريقه بتوتر : للأسف حصل حاجات خارجه عن ارادتي وماكنش ينفع افاتح والدي فى موضوعنا ، وده اللى انا جاي اتكلم معاكي فيه
نظرت له بقلق : خير يا فارس ؟ اهلك رفضو ارتباطنا وعايزينك تتجوز واحده صعيديه ولا ايه الحكايه بالظبط ؟
- الحكايه مش زي ماانتي فاهمه يا حبيبتي ، انتي طبعا عارفه ان سند اخويا الله يرحمه ساب مراته حامل ،وهى دلوقتي امانه فى رقبتنا كلنا ، الحقيقه ان والدي طلب مني اتجوزها عشان تفضل فى البيت وابنها يتربى وسط اهله ، بس للأسف الحمل نزل بس مرات سند مالهاش حد غيرنا وكمان سند قبل مايتوفي موصيني عليها وطلب مني اتجوزها
شهقت بصدمه وقاطعت حديثه بانفعال : يعني ايه تتجوزها ؟ أكيد طبعا رفضت مش كده يا فارس' ماهو مش معقول توافق على التخلف ده
تحدث بصرامه : جودي من فضلك ماتغلطيش فى الكلام وبلاش تقاطعيني وأنا بتكلم عشان نفهم بعض بهدوء
زفرت بضيق : اتفضل ..
استطرد فارس قائلا : أكيد يعني مش اول لم والدي ووالدتي يطلبو مني اتجوز ارمله اخويا هوافق يعني ،طبعا رفضت ومش متقبل الفكره من الأساس ، بس كان لازم اوافق بشروطي وفعلا تم الجواز عشان اهلي يطمنو ، ماهو مش معقول ابن اخويا حد غريب يربيه لازم يتربي وسط عيلته وهنرمي مراته بعد ما اجهضت الطفل ونتخلي عنها و ارملته تسيب البيت وهى مالهاش أهل غيرنا ، ده غير انها صغيره وكان من حقها ترتبط وتكمل حياتها وماكنش ينفع جل غير أن اتجوزها ، والدي اقنعني بوجهه نظره وده مش تخلف ولا عادات وتقاليد يا جودي ، دي اسمها نخوه ورجوله ان عايز احافظ على ارملته بعد ما سبها امانه في رقبتي ، وأنا وضعت شرطي فى الجواز ووالدي وافقني عليه وكمان مراتي حاليا وافقت عليه ، وهو ان اتجوز الانسانه اللى اختارها واتمناها زوجه ليه ، وعشان كده الموضوع تم ،ومش معقول وأنا لسه كاتب كتابي أقول لابويا أنا عايز اخطب ، رغم اللى انا فيه صعب جدا والى الان مش قادر اتقبله بس حفاظا على الوعد اللي وعدت سند بيه بحاول اتقبل الأمر

- وانت عايز ايه دلوقتي يا فارس ؟ اقولك مبرووك ولا صباحيه مباركة يا عريس ؟ عايزني أنا جودي سلام أقبل بوضع زي ده ، أكون زوجه تانيه ليه وعشان ايه أقبل بكده ، اسمع يا فارس أنا مقدره وفاه اخوك وسبتك كتير ومش مطلوب منك غير تعلن ارتباطنا ومش عايزه غير دبلتين بس مش مطلوب منك فرح ولا أي شيء وفى الفرح ان شاء الله تبقى تعملي فرح ماحصلش ، لكن الوضع اللى بتحطني فيه ده مرفوض وعليك دلوقتي تختار أنا ولا مرات اخوك ؟
نظر لها بضيق : جودي اهدي الاول وبعدين نتكلم
- لا يا حضره وكيل النيابه انت تقرر دلوقتي عايز تكمل معايا ولا مع غيري ؟ أنا مااقبلش بنص راجل ، أنا عايزة زوجي يكون ليا أنا لوحدي ماحدش يشاركني فيه ، مش كفايه شغلك اللى بياخد نص وقتك ، كمان هتيجي واحده تانيه تاخدك مني يا فارس
تنهد بضيق : أنا مقدر عصبيتك وانفعالك دلوقتي وعارف كويس جدا ان الموضوع مش سهل ، ممكن اروحك دلوقتي وبعدين نتكلم ونوصل لحل يرضينا كلنا
صرخت بانفعال : مافيش كلام عندي غير اللى أنا قولته يا فارس ، القرار ليك انت دلوقتي عايز حياتك معايا وتكون ليا أنا لوحدي ولا عايز تنفذ اوامر والدك اللى أنا مش قادره أصدق انك ممكن تتجبر على حاجه ، معقول صقر النيابه بيتجبر على حاجه هو رافضها ولا الوضع ده انت حابه بقى ، عايز كل حاجه ،مرات اخوك و أنا ، عاجبك دور هارون الرشيد تقضي يوم هنا ويوم هنا وحياتك تفضل وردي
نهض من مجلسه ونظر لها بحده : أنا مش بتجبر على حاجه يا جودي وانا هنا عشان اعرفك بس بظروفي قبلتي بيها اوكيه ، ماقبلتيش دي حاجه ترجعلك، لكن مش جاي أنا اتكلم معاكي عشان اختار بينكم لان اوردي خلاص اخترت ، القرار ليكي انتي فى النهايه يعنى الكوره فى ملعبك وعليكي تختاري نكمل مع بعض ولا تنهي كل اللى بينا وهكون محترم جدا أي كان قرارك ولا نهيتي علاقتك دي ،وهتمنالك خير والسعاده مع الانسان اللى تختريه وعندك وقت تفكري زي ماانتي عايزه ولم توصلي لقرارك بلغيني بيه ، حابه نكمل حياتنا سوا وتحددي ميعاد أقابل والدك فيه او تنهى كل حاجه وكل واحد ربنا يسعده فى حياته بعد اذنك
وضع حساب الطعام وغادر المكان كالاعصار وتركها خلفه تنظر له بغضب الى ان اختفى عن الانظار ..
""""""""""""
قاد سيارته وهو يشعر بالاختناق يريد الابتعاد عن كل شيء، لم يعلم اين يذهب ، ظل يقودها الى ان اوقفها فجاه اعلى جبل المقطم ، ترجل من سيارته وتقدم بخطوات ثابته الى ان وقف باعلي قمه الجبل وظل يتطلع حوله وعندما نظر اسفله وجد كل شي امامه كالنمل ،عالم مزدحم ثم تتطلع للسماء يريد ان يستنشق الهواء العليل ، اخرج كل ما بصدره من شحنات سلبيه وهو يزفر بهدوء الى ان هدءت نوبه الاختناق وشعر كأنه حر طليق يريد ان يفرد جناحيه ليطير بها ويبتعد عن كل شيء ، يريد فقط الاسترخاء ، مدد بجسده اعلى الجبل وهو مازال يتطلع للسماء الصافية .
ظل على تلك الحاله عده ساعات يراجع ذكريات حياته وكل ما مر عليه من فرح وحزن ومعاناه من اجل دراسته وعمله الى ان توصل لما هو عليه الان ، نهض من مكانه ثم استقل سيارته لكي يعود الى منزله وهو يحاول اقناع نفسه بتأقلم على حياته الجديده ...
"""""""
بعد مرور نصف ساعه كان يقف امام باب شقته يخرج المفتاح من داخل جيب بنطاله ،ثم دسها بباب الشقه وقبل ان يفتحه ، صدح رنين هاتفه ليخرجه قبل ان يدلف لداخل الشقه ، وعندما نظر لشاشته زفر بضيق وهو يجيب عليه
- ايوه يا قاسم ، معلش نتكلم بعدين حاليا مش قادر اتكلم .
ثم أغلق الهاتف مع صديقه بعدما تفهم الأخير بانه غير قادر على الحديث الان ..
دلف لداخل الشقه ثم أغلق الباب خلفه بهدوء وهم بالتوجهه الى عرفته ليستوقفه صوت التلفاز ، عاد بخطواته للخلف ليتفقد غرفه الصالون ليجد الاضاءه خافته وتفاجئ بها تغفو اعلى الاريكه امام التلفاز ، سار بخطوات بطيئه لكي يجعلها تفيق من نومتها وتتوجه الى غرفتها .
وقف امامها حائرا لبعض الوقت لا يعلم ماذا يفعل ؟

______
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي