أحزان فرحة

yasmin92480`بقلم

  • الأعمال الأصلية

    النوع
  • 2022-05-25ضع على الرف
  • 61.2K

    إكتمل التحديث (كلمات)
تم إنتاج هذا الكتاب وتوزيعه إلكترونياً بواسطة أدب كوكب
حقوق النشر محفوظة، يجب التحقيق من عدم التعدي.

الفصل الاول

الفصل الاول:
.........................


ما أشبه اليوم بالبارحة .. و لكن كل شىء قد تغير لم تعدتلك الابتسامة علي حالها و لم تعد النظرات دتفئة و حنونة و لم تعد أنا ... أنا ...

عدت من شرودى البعيد و الذي اصبح ملاذي لدائم كلما لاح طيف ألمي امامي على صوت زوجي و هو يقول بلوم :
_ فرحة سرحانة في ايه بس بقالي دقيقتين بتكلم وانتي لا حياة لمن تنادى سيبي الكتاب ده من ايدك بقا يا حبيبتي و يالا نامي انتي تعبتي النهاردة في التحضيرات لحفلة عيد ميلاد غدير و لسه تعب بكرة كمان .. يالا بقا ارتاحي شوية .
اغلقت الكتاب و وضعته علي الكمود بجوارى و ملات كوب الماء خاصتي و شربته وتمددت ساحبة الغطاء فوق راسي و انا اقول بتعب :
_ معاك حق يا اسعد بكرة هيكون طويل و متعب و انا مش عاوزة اقصر باي تفصيله انت عارف غدير مش بتحب التقصير باي حاجة تخصها .
لم اكن اريد ان اسمع صوته مجددا لكنه قال بتنهيدة طويلة مؤلمة :
_ انا لغاية دلوقتي مش مصدق انها بخير و كويسة و قدرت تتخطي كل حاجة مرت بيها .. لو كان جرالها حاجة كنت عمرى ما هسامح نفسي ابدا .. دى بنتي الوحيدة .
ضغطت عيني بقوة و انا اقول باقتضاب :
_ الحمد لله .
شعرت به يتمدد بجوارى مقتربا مني فازدادت ضغطتي لعيني و كأني اعتصرهما بنفور .. مجرد فكرة انه يلمسني تثير ضجرى و غضبي و لكنني سأتمالك و سأ حتمل من اجل اولادى هذا كان قرارى و الآن وقف دفع ثمن هذا القرار ...
قرار واحد كفيل بسجنك داخل روحك للابد هل يعلم ابنائي كم احتمل من اجلهم .. فان كنت فكرت بانانية لربما كنت خسرتهما للابد و هذا ما كنت علي مشارف حدوثه و لكني ادركت خطأي بوقت مناسب و لملمت شتات اسرتي و فتحت روحي و سجنت نفسي كي اضمن لهما حياة سوية .. كل ما بها سوى سواي انا ..
تزحزحت بجسدى قليلا لطرف الفراش حتي ضمنت انه لا يلامسني و استجديت النوم كعادتي كل يوم ان يأتي و يرحمني من ذكرياتي المؤلمة و لكنه ابي الا ان يعذبني و هو يعيد لي التفاصيل بكل حدة و وجع ..
كنت حينها امراة مرحة لي نصيب كبير من اسمي بليلة كليلتنا تلك ليلة عيد ميلاد ابنتي غدير ..
يومها استيقظت علي صوت غدير تقول بتذمر و ضيق :
_ ماما اصحي بقا .. النهاردة عيد ميلادى و كل اصحابي جايين و انا عاوزة كل حاجة تكون مظبوطة و مش ناقصها الهوى و البلان اللي عملاها تمشي بالمظبوط و كله بمواعيده اتفقنا يا ماما .
فتحت عيناي بتثاقل و انا ارى امامي ملاكي الصغير و قد بات في السنة الثانية بكلية الطب يوقظني بطلته الملائكية فجلست نصف جلسة وقلت بابتسامتي المتسعة :
_ اولا صباح الخير يا قلب ماما .
انحنت غدير عليها و قبلت وجنتها قبلة طويلة و قالت بسعادة :
_ صباح الخير يا قمر علي عيونك الجميلة دى يا ست الكل .
قبلتها فرحة و قالت بتثاؤب :
_ ثانيا بقا كل حاجة جاهزة زى خطتك بتاعت كل سنة دي و بابا اتفق علي كل حاجة ما تقلقيش و روحي جامعتك انتي و اول م هترجعي هتلاقي كله تمام .
عدلت غدير من حقيبة يدها و قالت وهي تطالع ساعة هاتفها :
_ تمام يا قمر انا هنزل علشان اتاخرت علي ايمان و ممكن تسيبني وتمشي دى خلقها ضيق انتي عارفاها .. سلام يا ست الكل .
استدارت و همت بالانصراف فاوقفتها فرحة قائلة :
_ سليم اخوكي صحي ولا اقومله زى كل يوم .
اجابتها غدير بضحكات متتالية :
_ لا النهاردة هيصحي لواحده انا متاكدة هينزل يشترى هدوم جديدة و هيروح للكوافير بتاعه و هاتك يا فوطة سخنة و فوطة باردة علشان الكونتيسة ايمان باباها وافق تيجي العيد ميلاد و هو ما صدق طبعا .
شاركتها فرحة ضحكاتها و ما هي الا ثواني و دلف عليهم شابا يتمطأ بكسل و قال :
_ صباح الخير يا كتاكيت مالقتش فطار عالسفرة مكانش عيد ميلاد ده اللي هيبوظ سيستم البيت .
طالعته غدير بمكر وقالت :
_ معاك حق انا بفكر الغيه و هتصل بصحابي اتفق معاهم و نروح باي كافيه نقضيه فيه ونوفر علي ماما تعب تنضيف البيت بعد العيد ميلاد .
اتسعت عيني سليم و اقترب منها قائلا بنبرة محذرة :
_ علشان كنت شديتلك شعر راسك ده شعراية شعراية زى زمان يا بلاء انتي .
ضحكت غدير و غمزت لفرحة و قالت بمداعبة :
_ مش قولتلك يا مامتي .. قومي بقا انتي حضريله الفطار لان بابا نزل من غير ما يحضره و انا كسلت بصراحة .
اومات فرحة براسها و قالت :
_ تمام يا حبيبتي روحي انتي جامعتك يالا لتتاخري علي ايمان و انتي عارفاها عصبية .
طالعا الاثنان وجه سليم الذي ابتسم بسعادة علي سيرتها و لمعت عينيه و ضحكا علي هيئته .. انتبه سليم علي سخريتهما فقال بامتعاض :
_ اتفقتوا عليا خلاص مش كده .. قومي يا مام حضريلي الفطار ورايا مشاوير كتير النهاردة و حسن بيستناني و انتي عارفاه عصبي و قمر و سكر و عنده غمازات بتخليني اضرب وشي كل ما تظهر من جمال امها .
وخزته غدير بذراعه وقالت وهي كاظمة لضحكاتها :
_ مش تعاكس صاحبتي يا استاذ انت دي البيست بتاعتي انا مفهوم .
دفعها سليم امامه و قال بضيق مفتعل:
_ يالا يا غدير روحيلها متتاخريش لبتقف تستناكي في الشارع حد يعاكسها و لا حاجة يالا يا امي .
رفعت غدير ذراعيها و قالت باستسلام:
_ خلاص خلاص نازلة بس متنساش تظبط تراك الاغاني لما ترجع بالترتيب اللي بالبلان تمام يا سليم .
اجابها بجدية :
-  متقلقيش مظبط كل حاجة خلي بالك من نفسك يا قلب اخوكي .
ارسلت لهما غدير قبلة بالهواء وقالت :
_ بحبكم يالا سلام .
التفت سليم ناحية فرحة و تقدم ناحية الفراش و هو يقول بمداعبة :
_ بقينا لوحدنا في البيت يا قمر و هدلعك دلع السنين يا ست الكل دلع مش هتشوفيه مع الحاج اسعد و لا شوفتيه .
نزع عنها غطاؤها و انحني قليلا و دس ذراعه تحت ركبتيها و الاخر تحت خصرها وسط ضحكاتها و حملها بين ذراعيه قائلا :
_ النهاردة هحضرلك الفطار بايدى يا احلي ام بالدنيا كلها .
لفت فرحة ذراعيها حول رقبته و قالت بحنو :
_ ربنا يرزقك بولد بحنيتك عليا يا سليم و يبارك بعمرك يا حبيبي .
سار بها حتي المطبخ و انزلها و سحب لها مقعدا و اجلسها ثم سحب منشفة المطبخ و اسدلها علي ذراعه و قال بمزاح :
_ معاكي الشيف سليم بنفسه يا فندم حضرتك هتطلبي فطار ايه ؟
تصنعت فرحة التفكير و قالت :
_ عاوزة مج النسكافيه بتاعي السادة و ساندويتش الجبنة السايحة اللي بيبقي زى العسل من ايديك يا شيف .
اجابها سليم قائلا :
_ دقايق و الاوردر هيبقى جاهز يا فندم .
اتسعت ابتسامتها وهي تتذكر دلال اسعد لها بنفس طريقة سليم باول زواجهما .. سليم يشبه والده كثيرا نفس الحنان المفرط والاهتمام الزائد و المداعبة و المزاح بعكس شخصية غدير المنظمة كحالها .

انهمك سليم باعداد الفطور و قال لها مباغتا :
_ قولي لي يا ماما صحيح ايه رايك في ايمان و في تفكيري في الارتباط بها ورفض والدها ليا حتي لو بسبب الدراسه وكده .. يا ترى انا صح انا .. اختياري صح اني اصبر واستنى سنتين لسه غير سنه كمان خطوبه ده صح ولا اشوف حياتي واشوف غيرها رغم اني بحبها جدا بس انت عارفه ان احنا بنفكر بعقلنا اكثر فانا عايز اخذ رايك في الموضوع ده .
اعتدلت فرحه في جلستها و قالت بتعقل :
_ يا حبيبي انا عايزاك في الامور اللي زي دي تفكر بعقلك وقلبك مش بعقلك بس انا شايفه ان البنت ممتازه و متدينه جدا ولما روحت وكلمت مامتها حسيت في عينيها قبول ليك بس هي متربيه و مؤدبه ومش هتبين لك حاجه غير لما يكون بينكم ارتباط رسمي .. فاصبر انت لسه في بدايه حياتك ولسه في بدايه شغلك وبتكون نفسك مستعجل ليه .. ما تعتمدش على مساعده والدك ليك لازم تبني نفسك بنفسك يا سليم .
التفت اليها سليم وقال بتفهم و هو يطالعها باهتمام :
_ انا عارف والله كل اللي انت بتقوليه ده بس خايف انه حد يتقدم لها وياخذها مني وابقي ضيعت وقت على الفاضي خصوصا انه والدها ما ادانيش كلمه مباشره او كلمه نقدر نقول انه في امل ان هي تبقى في يوم ليا .. والله انا بحبها جدا جدا ومش عايز من الدنيا غيرها بس خايف تروح مني وعمري كمان يروح مني من غير ما اكون اخذت خطوه ايجابيه بس .
اجابته فرحة بابتسامة هادئة :
_ لا يا حبيبي مش هتروح منك و هتكون من نصيبك ايمان بنت انا اتمناها ليك وعمري ما هلاقي بنت تناسبك زيها هي الوحيده من اصحاب غدير اللي وافقت ان هي تكون قريبه منها بالشكل ده وتمشي معها وتيجي معها لان واثقه فيها مليون في الميه انه بنتي في معاها في امان وكمان عارفه ان بيتك معها في امان ..هي الوحيده اللي تنفعك يا سليم وانا متاكده من ده نصبر شويه لغايه الدراسه ما تخلص كلها سنتين هي السنه دي والسنه الجايه وقتها يا حبيبي اخطبهالك وربنا يهنيكم مع بعض ان شاء الله .
عاد لعمله وقال بخجل مازح :
_ تمام يا ست الكل ايدك بقى على مصروف زياده انا مابطلبش فلوس زيادة عن مصروفي بس النهارده سماح هطلب عشان عايز ابقى اجيب طقم جديد كده وشويه حركات تخلي البنت تتمسك بيا ولما يتقدم لها حد ترفضه .
اتسعت ابتسامة فرحة وقالت بحب :
_ عيوني ليك يا قلب ماما اللي انت عايزه كله هعطيهولك وهات بالمره وانت راجع كل الحاجات اللي اختك حاجزها علشان صحابها و ربنا يعدي اليوم ده على خير انا عارفه ان انا هتهد بعدها وانتم الاثنين هتخشوا تناموا وتسيبوني .. بس ابوك مش بيسبني و هيقف جنبي ربنا يخليه ليا يا رب .
وضع سليم امامها كوب القهوة السريعة و قال بغمزة من عينه :
_ ايوه يا فروحه يا عسل ايوه الحب الحب العشق العشق بقى .. ربنا يخليكم لبعض بصراحه يا ماما انا عمري ما شفت اتنين بعد العمر ده كله من الجواز لسه بيحبوا بعض و بيحترموا بعض وبيهتموا بعض زيك انت وبابا ما شاء الله انا نفسي اكون زيكم يعدي عمري جوازي كله وافضل احب ايمان وتفضل تحبني بنفس الدرجه اللي انتم بتحبوا بعض بيها .
حملت الكوب و ارتشفت منه القليل و قالت بمداعبة :
_ احسدنا بقى يا سليم احسدنا خلينا نتخانق النهارده وترتاح .. انت مش حضرت الفطار يلا روح شوف مشاويرك وصاحبك اللي بيستناك ده وما تنساش تجيب كل الحاجات اللي انا قلت عليها عشان ما انزلكش تاني يلا حبيبي و اوعى تنسى تصلي الضحى قبل ما تنزل يلا بلاش كسل .
انحني عليها وقبل راسها و قال بابتسامته العذبة :
_ ربنا يخليك لينا يا ست الكل اخش انا اخد شاور واصلي واحضر نفسي تكون انت حضرت لي الفلوس يا جميل .
تركها بالمطبخ وخرج ..جلست تتامل السماء من نافذة المطبخ و هي تحمد ربها علي حياتها و اولاده و زوجها الذي لولاه لما تخطت يتمها و حرمانها من ابويها باهم فترة بحياتها .. حيث توفوا وهي بعمر غدير و لولا ارتباطها بأسعد كانت حياتها ستقف عند هذه النقطة ..
لكن الله عوضها به دفعها لان تكمل دراستها و ساعدها ببيتها .. حتي بتربية اولادهم كان عونا لها و النتيجة شاب باخلاق عالية يعمل في بنك بمرتب مناسب و فتاة بكلية الطب ومشروع طبيبة ناجحة ...
انتهت من شرب قهوتها فوقفت و قالت بحماس :
_ لما اقوم اشوف اللي ورايا بدرى بلاش كسل يا فرحة يالا .
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي