أيخريزون

أعجوبة`بقلم

  • الأعمال الأصلية

    النوع
  • 2022-08-13ضع على الرف
  • 64.3K

    إكتمل التحديث (كلمات)
تم إنتاج هذا الكتاب وتوزيعه إلكترونياً بواسطة أدب كوكب
حقوق النشر محفوظة، يجب التحقيق من عدم التعدي.

الفصل الأول

أيخريزون. (شجرة الحب)



للكاتبة نجلاء محمد السيد.



المقدمة.



عندما استيقظت البطلة وجدت نفسها بداخل حضن زوجها فابتسمت ونظرت عليه بلمعان امتلئ في عيناها وشعرت بسعادة تغمرها من داخل قلبها، وكأنها انتصرت أخيرًا بعد خوض الكثير من الحروب وحصلت عليه في النهاية.


فنظرت ووجدته ما زال غارق بالنوم، فأبعدت يدها من على يده بهدوء لكي لا يستيقظ من نومه، ووضعتها على وجهه وازاحت شعره الطويل الذي كان يغطي جبهته، واقتربت منه وقبلت وجنته وعادت للنوم في حضنه وشدته نحوها بقوة، وتذكرت عندما جاءوا إلى هذا المكان

في ليلة أمس قرر جاك صنع مفاجأة لجاين وخطفها من بين الجميع بيوم زفافهم وأحضرها لهذا المكان، فهو حقًا مكان جميل وجذاب ومناسب لهم وبعيد عن الجميع.

فكان المنزل على الشاطئ وبين الرمال الصفراء الجميلة، فمميزاته بأنه بعيد عن المدينة وهواءها الغير نقي، والأهم الشر الذي يكمن بالنفوس، فحقًا المكان هادئ و استمتعوا بهي كثيرًا لأنه لا يوجد به الكثيرون من الأشخاص المزعجين بالحياة، فقد أختاره جاك بعناية، بالفعل كان مثالي لهم ل يهدؤا من انفسهم فيه، عوضًا عن تلك الأحداث المزعجة التي عاشوها في الفترة الماضية، جاءوا لينسوا الذي حدث معهم، وليحيوا ذكرى حبهم التي ستنجيهم.

فعندم وقف جاك بالسيارة أغمض عينين جاين بيده، وبدأ يتحركون وهم يضحكون إلى أن وصلوا للمنزل وبعدها أزاح يده و فتحت عيناها جاين وعانقته بفرح عندما رأت جمال المنزل و الهواء النقي بالمكان، فلم يكتفي بهذا فقط فأخرج خاتم مصنوع من الألماس وألبسها إياه وأمسك يدها وقبلها، فعانقته وعانقها ودار بها في الهواء بفرح، دائرة العاشقين.


فخرجت من التفكير بفرح والابتسامة تملئ شفتيها، ف حاولت النوم مرة أخرى وهي تعانقه بيدها بقوة، لكنها ما استطاعت النوم من شدة فرحها لاتعرف كيف غفت في البارحة، فحاول بكل هدوء سحب يدها من أسفل جسده للخروج للخارج قليلًا لتتعرف على المكان أكثر، فأخرجتها يدها بصعوبة من أسفل جسده لأنها كانت تحته، وكانت الصدمة عندما سحبت يدها ووجدتها ملطخة بالدماء.

ف جسدها بدأ يرتعش بالكامل وهي ما زالت ليست مستوعبة الذي حدث له، فقد كانت تنظر على الدماء وعليه، بوجه أصفر ولا تتكلم بأي حرف من شدة صدمتها، فأمسكته بقوة وجذبت نحوها ووجدته مصاب بظهره بطلق ناري، والفراش ممتلئ بالدماء، فصرخت صرخة لو كانت بالمدينة لكانت المدينة كلها استيقظت عليها، فحركت جسده ليستيقظ وهي تبكي و تنادي عليه.

وللأسف لا يوجد استجابة منه فهو فاقد الوعي أو فقد حياته، فتركته سريعًا وخرجت للخارج ما وجدت أي منزل محاوك لهم فقط الشاطئ والرمال القريبين منها، فكانوا هم المنزل الوحيد في هذه المنطقة، فنظرت للأعلى وجدت الطريق، فركضت للأعلى على أمل تجد أناس هناك، فركضت كثير هنا وهناك وعندما تجد منزل تجده فارغ ما به أحد.


ركضت إلى أن تعبت والدموع جفت من على
وجهها، فتوقفت لتستريح قليلًا فوجدت ضوء كالنيران تؤقد لوجبة الغداء، فدلفت لعند الضوء دون خوف مما ستجده، فوجدت سبع أشخاص بالداخل يضحكون وأمامهم اللحم يحركونه فوق النار، فمسحت دموعها وقالت لهم:
جاين: أترجاكم فزوجي ينزف ساعدوه.
فنظروا على بعضهم وهم يحركون رأسهم وأعينهم وكأنهم لا يفهمونها فعندما رأتهم متعجبين منها فعاودت وأردفت وقالت وهي تحرك يدها ليفهموها: زوجي مصاب بطلق ناري.

وحركت جسدها للتجسيد، ف زوجي أشارت بيدها عند طريق الخاتم، ومصاب بطلق ناري مثلت مسدس بأصابعها وسقطت على الارض كمصاب.

ففهمها شخص منهم والباقي تبعوه عندما وقف، فابتسمت وركضت أمامهم لتدلهم على العنوان ووصلت للمنزل ودخلوا جميعها للداخل ومن ثم ما وجدت أي أحد بالمنزل فاقتربوا من الفراش وجدوه فارغ، فنظرت عليهم باستغراب، وفجأة سمعوا صوت خبط شديد، ووجدوا بأنه أغلق الباب عليهم بعنف، فأسرعوا ليفتحوا و حاولوا فتحه، فأطفئ النور عليهم وهم بالداخل، وعم المكان بالصمت والظلام والغموض.

الحقيقة ليست تكمن بكل شيء نراه، بلا هناك خفايا لا نراها وهي تكون الحقيقة، من الممكن بأن نمشي بطريق لمدة طويلة ونكتشف بأننا سلكنا طريق خاطئ في النهاية، ليست النهاية ولكن تعلمت بأن الصعاب ما هي إلا دروس تعلمنا بأن الذي سيأتي ليس بصعب بلا سيصدق بأنه أكذوبة، قاوموا وتحرروا من أنفسكم ليس من أجل أحد، لا تصغوا لقلبكم ولا لعقلكم، فقط تمايلوا مع الرياح وأتركوا جسدكم يأخذكم لمجراها.



أعجوبة.



الفصل الأول.



اختطاف جاين



تسللت إلى مستودع منزلهم، الذي حوله أباها إلى مختبر للاختراعات و الاكتشافات، فتحت الباب بخفة ثم أغلقته ورائها ، نزلت الدرجات على أصابع قدميها محاولة عدم إصدار أية ضجة، أبعدت الستار البلاستيكي و تقدمت نحو الطاولة التي يضع عليها البروفيسور تشارلز والاس ذو الأربعين من العمر أحدث اختراعاته، أثار انتباهها ضوء برتقالي ساطع، فاقتربت منه لتجد محلولا ذو إشعاع قوي، قرأت الكتاب الموضوع جانبه لكنها لم تفهم الرموز و الخربشات التي دونها والدها، فارتدت القفاز و حاولت أن تمسك القنينة، عندها ظهر والدها من وراء الجدار و عندما رآها أسرع في خطواته نحوها و صاح عليها قائلا:



البروفيسور تشارلز والاس : جاين، لا تلمسيه.


فردت عليه ب ارتباك : أ.. أبي



البروفيسور تشارلز والاس : كم مرة أخبرتكم ألا تدخلوا إلى هنا و مع ذلك دخلتي.



جاين: أنا فعلا آسفة أبي، لكنني أردت أن أعرف السبب وراء اختفائك معظم الوقت عني.

البروفيسور تشارلز والاس : لكن..



جاين: خمنت بأنه لابد من وجود سبب قوي يمنعك من الجلوس معنا و يأخذ انتباهك و وقتك، فقلت لنفسي ان أكتشفه


أمسكها من ذراعها و راح يبعدها عن المكان و هو يقول:



البروفيسور تشارلز والاس : إنه اختراع جديد أعمل عليه.



قالت و هي تنظر إلى الطاولة:



جاين: و ما هو ؟



البروفيسور تشارلز والاس : إنه... ثم أمسك لسانه عن الإجابة مترددا..



جاين: أبي.



البروفيسور تشارلز والاس : آسف يا طفلتي، فأنتي ما زلتي صغيرة لم تفهمي، ومع ذلك إنه مشروع أوكلتني به الجامعة، و يجب أن أنجزه بسرعة.



و ازدرد ريقه بعد مقولته الأخيرة.



جاين: حقا ! و بالمناسبة لم أعد طفلة.



البروفيسور تشارلز والاس : أوه..؛ لقد كبرتي، لم ألحظ ذلك.



جاين: طبعا، لأنك غارق في مستودعك و لا علم لك بنا، و كأنه ليس لك عائلة من الأساس.



قالت ذلك بحنق ثم صعدت الدرجات بسرعة، و أغلقت الباب خلفها بقوة، بقي البروفيسور بضعة لحظات ينظر إليها ، ثم زفر بيأس و عاد لعمله.



ذهبت جاين إلى غرفتها و أخذت تقلب صفحات ألبوم الصور، شارفت دموعها على السقوط و هي تتذكر والداها و هما يلعبان معها.



جاين فتاة في العشرين، ذات شعر بني قصير و عينين خضراوين كعيني أمها المتوفاة، تعيش جاين مع أباها البروفيسور المتميز بذكائه و شغفه بدراسة الكيمياء، السيد تشارلز والاس الذي بدأ الشيب يلون فروة رأسه السوداء.



بعد لحظات دقت باب غرفتها الخادمة بروكسن الثلاثينية المشرفة على تدبير أمور المنزل.



بروكسن: هل تسمحي لي بالدخول يا أنسة جاين؟



أغلقت الألبوم ومسحت الدموع من عينيها و أعطت الإذن بالدخول للخادمة.



جاين: تفضلي يا إيميلي



بروكسن: هل هنالك خطب ما ؟



جاين: لا، لقد تذكرت أمي فقط ، نعم هات ما عندك !



بروكسن: الفطور جاهز.



جاين: حسنا، أنا قادمة



غسلت جاين وجهها ثم ذهبت لتناول الفطور مع الخادمة كالعادة، فقد كانت تشعر بالملل لتناوله وحدها، فاتخذت الخادمة رفيقة لها.



بعد يومين، كانت الفتاة تجلس في أرجوحة الحديقة، فشاهدت مجموعة من الرجال ببذلة سوداء كأعضاء المنظمات يدخلون المنزل، فأسرعت نحوهم قائلة:



جاين: هاي . هاي من أنتم؟



رد عليها أحد الرجال، و كان يبدو ضئيل الجسد عن البقية:



وليم: جئنا لرؤية أبيك.



جاين: إنه مشغول، ابقوا هنا سأنادي عليه.



وليم: ابقي مكانك فنحن سنذهب إليه.



أبعدها بيده، ثم تقدم في السير، فلحقت بهم و هي غاضبة..



جاين: كيف تدخل إلى منزلنا بدون إذن ؟ انتظر..؛ إنني أكلمك.



لم يبال بها أحد، و دخلت الجماعة إلى المستودع و أغلقوا الباب وراءهم، فوقفت ملصقة أذنها بالباب تحاول سماع ما يقولونه.



في الداخل، قال الرجل الضئيل الجسد:



وليم: بروفيسور، هل من جديد ؟



رفع والاس رأسه ليتفاجأ بهم هناك، فقال بدهشة:



البروفيسور تشارلز والاس : آه سيد وليم و دومين متى قدمتم!



وليم: سألتك عن العمل !



البروفيسور تشارلز والاس : لم يبق الكثير، لكنني أحتاج المزيد من الوقت.



وليم: في كل مرة تقول هذا لم يعد الرئيس يطيق الانتظار، يجب أن تسرع و إلا وضعت حياتك بخطر أنت وعائلتك.



البروفيسور تشارلز والاس : لا، أرجوك إنني أفعل ما بوسعي.



كانت جاين تتنصت عليهم، فلم تشعر بوقوف الخادمة ورائها حتى فاجأتها قائلة:



بيرو: ماذا تفعلين هنا ؟



جاين: هششششش! أخفضي صوتك لا أفعل شيئا



بيرو: هذا لا يصح يا آنسة، ابتعدي من هنا فورا



جاين: اذهبي أنت و سألحق بك



بيرو: حقا.



جاين: أجل.



راحت الخادمة للمطبخ بينما عادت جاين لتضع أذنها على الباب، لكنه سرعان ما انفتح ليقف أمامها شخص بعضلات بارزة، بدا أمامها كالصخرة العملاقة، و قال بصوت خشن:



اكسل: مرحبا يا صغيرتي.



فأمسكها من معطفها و جرها للداخل وطوال الطريق تحاول الأفلات منه وتصيح وهو قابض أحكام يده عليها ولا يفلتها ،فدلف لأخر المستودع عند باقي أصدقائه و قال لوليم :



وجدت هذه الفأرة أمام الباب.



فأنزعج والدها لأنه يمسك بها، فصاح بوجهه وأشار بعينيه بأن يتركوها ولكنه لم يفعل فنظر لجاين نظرة عتاب فقالت:



جاين: أنا أسفة يا والدي.



تقدم منها السيد دومين ودار حولها وهو يضع المسدس عليها ويضحك بصوت مرتفع فوقف بأرضه ووجه المسدس على رأسها و قال :



دومين: ماذا سمعتي ؟



فقالت بتوتر :



جاين: لم أسمع شيئا !



فهرول نحوهم البروفيسور و هو يقول :



البروفيسور تشارلز والاس : دعها تذهب يا سيدي، إنها مجرد طفلة صغيرة



نظر إليه دومين مطولا، بينما كانت هي تحاول الإفلات من يدي ذلك العملاق، ثم قال أخيرا:



دومين: سآخذها معي، عندما تسلمنا الأمانة ستستلم أمانتك أيضا.



البروفيسور تشارلز والاس : لكن ... !





جاين: أبي



أخذ الرجال الفتاة و أدخلوها في السيارة السوداء، بينما لحق بهم الأب و راح يتوسل إلى دومين لإطلاق سراحها.



و بعد أن ذهبوا، جلس أرضا يتحسر على ما آل إليه الوضع، و يندب حظه السيئ الذي تحول من نعمة إلى نقمة، فها قد أصبحت ابنته في خطر.



وصلت السيارات السوداء أمام فيلا كبيرة ، فنزل الرجال و أنزلوا معهم جاين و اقتادوها للداخل، وصلوا أمام مكتب الزعيم، ففتحه دومين و دخل الرجل العملاق معه مصطحبا الفتاة في يده.



دومين: سيدي، يقول والاس أنه اقترب من إنهاء المشروع



الزعيم: آها، هذا جيد، أذهب من أمامي الآن.



فتلعثم لسانه بالكلام خوفًا من الزعيم وقال:

دومين: و... وصمت للحظات.



الزعيم: ماذا ؟





دومين: لقد جلبنا ابنته رهينة..



عندها استدار الرئيس ليواجههم، و عينيه تطلق شرارا، وقال بغضب:



الزعيم: هل أنا أفتح حضانة هنا ؟



دومين: لا يا سيدي، لقد كانت تتصنت علينا فخشينا أن توقعنا بمشاكل قبل أكمال المشروع.





الزعيم: آها ! حسنا



فقالت جاين بحنق:



جاين: لست طفلة يا هذا، كما أنني لم أكن أتصنت، كنت مارة بالصدفة بجانب الباب فقط..



نظر الزعيم إليها دقيقة بدون رد، ثم قال:



الزعيم: خذها للأعلى و دعها مع روجينا، و إياكم أن تهرب منكم، يبدو أنها شقية مثل روجينا.





فأخذها وفي طريقهم للدور العلوي فكانت تتحرك وهي تنظر لكل شيء بجابنها وتمسك الذي تراه غامض، كانت تلمع عينيها كأنها بمنزل للأحلام، فالذي لفت نظرها بالبداية بأن المنزل مساحته ممتازة ومليء بالزخارف والديكورات الثمينة وهي من طبقة المتوسطة ما شعرت بهذا الأحساس الفخم من قبل، كان يسيران بجانب بعض واستغلت انشغال دومين على الهاتف، وبدأت تدخل الغرف وتنظر إليهم فضولًا لصغر سنها، فبدأ ينزعج منها دومين فأغلق الهاتف وأمسكها ووضع عينه عليها إلى أن وصلت لغرفة ابنة الزعيم، فدخل دومين بالبداية وتبعته وهي تنظر فوجدت فتاة بنفس عمرها على الأرجح لكنها متعجرفة من طريقة حديثها مع مساعد والدها، فوجهت روجينا الحديث لجاين وقالت:



روجينا: ولماذا تبقى بغرفتي؟

دومين: أوامر والدك يا سيدتي.

كانت جاين خائفة و ارتعبت أكثر عندما اقتربت منها روجينا، تلك الفتاة التي تشبه النمر في مشيتها، عيناها غامضتان كعيني والدها، وقفت أمامها وهي تستهزئ بها قائلة:



روجينا: من أنتِ لتدخلي غرفتي وتبقين بها معي؟



جاين: أعرف بأن هذه الغرفة ليست من مستوايا.



فاستأذن دومين ورحل لأن روجينا غاضبة ولا تستمع له، فقرر الهرب منها ويترك لها الفتاة ويتصافون بمعرفتهم، فجلست جاين على كرسي كان بالغرفة ووضعت رجلها على الأخرى فغضبت روجينا وخرجت من صمتها وقالت:

روجينا: أتدركين، كنت أود قتل ذلك الخادم عندما قال (أوامر والدك يا سيدتي) ، سحقًا لكِ تكلمي من تكونين لتجلسي بغرفتي بهذا الشكل الوقح.



اندهشت جاين من جرأة روجينا في الكلام، فقالت بتلعثم:



جاين: أنا !! ت. تم اختطافي و إحضاري إلى هنا، ولا أتمنى مشاركتك غرفتك ولا منزلك، أريد فقط الذهاب إلى منزلي وإلى والدي.



روجينا: وماذا فعلتي ليختطفونك؟



جاين: مسألة تخص والدي.



روجينا: وماذا فعل والدك لأبي ؟ لا بد من أنه أساء التصرف.





تذكرت الفتاة حديث والدها لرجال الزعيم، فخرجت من شرودها معبرة بتلك الكلمات:



جاين: لا أعرف شيئا، لكنني أرفض البقاء مع فتاة وقحة مثلك.



بعد هذه الكلمات بدأت روجينا بالصراخ و راحت تضرب الفتاة بقسوة، حتى كادت تؤذيها بشكل سيء في رأسها، لولا تدخل جاك الذي سارع بإنقاذها من بين يدي أخته الشرسة، فأخذها ودلف إلى غرفته وطمأنها بأنها ستكون بأمان هناك بعيدا عن أخته، ثم بعد ذلك تركها و عاد إلى غرفة روجينا وهو غاضب منها، صرخ بوجهها وحذرها من إيذاء الفتاة، قائلا بأنه سيتعرض لها شخصيا لو لمست شعرة منها.







كان البروفيسور تشارلز والاس في المنزل مقيد الأيدي بما فعله السيد دومين به، فدلف إلى المستودع و قرر إكمال تجاربه حتى يستعيد ابنته و يأخذها في حضنه الذي حرمه على نفسه منذ فترة. بدأ بالعمل على الفور، فكان كلما حاول إنهائها يحدث انفجار صغير، فيعيد صنعها من الصفر.



ذهب جاك إلى غرفته وهو يحمل العصير للفتاة، فطرق الباب فلم يرد أحد عليه، فقام بفتحه و إذا به يجدها نائمة كالملاك، ظل يراقبها ويحدق بها وبجمالها وقال بصوت حنون:



جاك : تبدو مختلفة جدا عن روجينا، إنها ظريفة.



و على وقع كلماته استيقظت جاين، فابتعدت عنه و نظرت إليه بحدة ثم قالت :





جاين: ماذا تريد ؟



أجابها بهدوء:



جاك: لا تخافي، أحضرت لكي بعض العصير فقط لكنك كنتي قد غفوتي.



جاين: شكرا لك، يمكنك أن تضعه هناك، سآخذه بمفردي.



فضحك وقال:

جاك: لماذا كنتي تتشاحنين مع روجينا.

جاين: أنها فتاة متعجرفة.

جاك: صحيح اذا لم تكونين صديقة روجينا، كيف جئتي لهنا؟

جاين: تم اختطافي بسبب والدي.



جاك: فهمت الأمر الآن، أحب أن أخبرك بأني لست مثلهم يمكنك أن تعتبريني صديقا لكي إلى أن تذهبين لمنزلك بسلامة.

أخذ أنفاسه بخنقة وسكت، وهدأ الوضع.

هل اخبرتكم عن الخذلان الذي مر به حتى تتوخى أنت الحذر ، الم احكي لك عن التخلي بعد التعلق وقسوة القدر في أقرب الناس إلينا، هل وصفت لك شعور بكاء القلب بدلا عن العين والحجر؟ هل اخيفك ب اخبارك الحقيقة ام أكذب عليك وتصدقني، فهو لَن ينسى أنهم احزنوه حتى هُلكت روحه ، فلا سامحهم الله ولا عفى عنهم اولئك اللذين تركوا فينا خيبات شوهت كلّ شي جميل بداخلنَا .

فخرجت الفتاة من صمتها وقالت:

جاين: هل والدك سيء، لماذا والدك يخطف الأشخاص؟



جاك: هو يرجع حقوقه بشكل مختلفة.




نظرت إليه دقائق، قبل أن تقول بمكر:



جاين: إن كنت تريد أن أعتبرك صديقي حقا ساعدني على الهرب من هنا و العودة للمنزل.



قطب جاك حاجبيه حزنا، و قال بيأس :



جاك: لا يمكنني و.. سيكون ذلك سيئا لوالدك.



استغربت من كلامه و قالت :



جاين: لماذا ؟



فرد عليها بيأس:



جاك: أبي شديد الخطورة، يمكنه أن يؤذيكم بشدة، يمكنه..



و أمسك عن الكلام، لكنها حثته على إكمال جملته، فقال:

فتذكر الماضي اللعين وراه كشريط يعرض أمام عينه، الماضي الذي طالما حاول نسيانه وتخطيه، الغريب بالأمر بأن جاك مختلف هذه المرة، فقد كان لا يتدخل ويساعد أحد منذ فقدانه لأغلى شيء كان بحياته، هل ستشعل نيران جديدة بين الأب وأبنه بسبب تلك الشقية هذه المرة أم هناك نيران جديدة، ب نظرة مختلفة تسللت لقلبه وشعر بأنه ينبض من جديد.



جاك: يمكنه قتلكم بسهولة



فقالت جاين باندهاش:



جاين: ماذا ؟



جاك: لكن لا تخافي، لن أسمح له بأن يؤذيكم.. نفذي كلامه و ستكونين بخير.





جاين: لا آبه بنفسي، المهم هو أبي..



و جلست تكفكف دموعها، فقال يطمئنها:



جاك: لا تخافي، أنا معك.



لم تبال بما قاله، فخرج من الغرفة و تركها وحدها. توجه جاك نحو الخادمة بياتريس و طلب منها أن تجهز غرفة بجانب غرفته للآنسة جاين، ثم راح صاحب الخامسة و العشرين إلى الحديقة.



كان جاك يختلف عن أخته و عن العائلة كلها، فقد تشربت روجينا قسوة والدها بينما رفض هو الانصياع لهم، و أكمل دراسته في الجامعة. جلس على الكرسي لإحدى الطاولات و أخذ يكتب.

دائما القدر يقذفنا إلى طرقات شديدة الخطورة، نحتاج بأن نتمسك بالأمل لكي ننجى من عدم اليأس، أحياناً يُغرقنا الحزن حتى نعتاد عليه، وننسى أن في الحياة أشياء كثيرة يُمكن أن تسعدنا، وأن حولنا وجوهاً كثيرة يمكن أن تضيء في ظلام أيامنا شمعة، فابحث عن قلبٍ يمنحك الضوء، ولا تترك نفسك رهينةً لأحزانِ الليالي المُظلمة، يجب أن يكون احساسك إيجابياً مهما كانت الظروف.

فأنا ضد أفعال والدي ولكني تكلمت معه مرارًا وليس بيدي حيلة، أحزن على وضع الفتاة لأنها من الممكن تكون فريسة والدي المستقبلية، أتذكر جيدًا عندما قتل حبيبتي أمام عيني بلا شفقة، وما أهتم بوجعي حينها، بلا عاش وأكمل حياته كأن شيء لم يحدث، فأخاف على تلك المسكينة ومن أجل ذلك لم أدعها تحت رحمة والدي وأن لزم سأواجه بنفسي.


‏ثم أما بعد ؛ أنا أعمق من تلك الصورة التي في مخيلتك لي ياوالدي ، أكثر قوة من هذا الذي تراه يكتب حزنًا وضائع بالطرقات، أشد لا مُبالاة من هذا الذي يُعاني من القلق والخوف دائمًا ، وأكثرهم إنسحاباً في حين أنك تظن بأني لن أتجاوزك، فأنا خسرت والدي منذ زمن عندما ضحى بي من أجل سياساته وتجاوزت ذلك أيضًا ، أنا شخصٌ آخر لم تتمكن الأيام من شرحي لك ولن تستوعب ظنونك أبداً بما سأفعله ضدك.

فأغلق الدفتر وأراح رأسه على يده فوق المكتب وقال:
جاك: ستتعاقب يا أبي، وبالتأكيد سأحرر الفتاة من هنا .


يتبع.



أيخريزون.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي