.عندما يعود الماضي

Walaa Yahya Baballah`بقلم

  • الأعمال الأصلية

    النوع
  • 2022-09-26ضع على الرف
  • 129.1K

    إكتمل التحديث (كلمات)
تم إنتاج هذا الكتاب وتوزيعه إلكترونياً بواسطة أدب كوكب
حقوق النشر محفوظة، يجب التحقيق من عدم التعدي.

عندما يعود الماضي الفصل الاول

اتي الصباح تسلل شعاع الشمس لغرفه الجميله النائمه؛ فيداعب عينيها. وتسمع اصوات الطيور تغرد. فهي خديجه ذات السابعه عشر من عمرها؛ تبتسم وتفتح عينيها ليظهر لون العسل الصافي. فتقفز على فراشها وتفتح نافذه غرفتها؛ تري أمامها البحر الصافي. فتخرج يديها من النافذه وتستنشق الهواء النقي؛ فهي تعيش مع جدتها(ام ابيها)في ارض الفيروز؛ وتحديدا على بعد 70 كيلومتر من مدينه شرم الشيخ. في بيت صغير وسط مزرعه للفواكه والخضروات.

وهي تنظر من النافذه تري رجب. العامل الذي يقوم بمساعدتهم في اداره شؤون المزرعه؛ يجمع اقفاص الفاكهه والخضروات التي جمعها ويضعهم علي العربه ليذهب لبيعهم مدينه شرم الشيخ.

تدخل مسرعه الى الغرفه تتوضا وتصلي فرضها. وتغير ملابسها؛ وتخرج وتنزل وهي تقفز من على درجات السلم الداخلي للبيت. تذهب الى المطبخ فلا تجد احد.

خديجه يا بصوت عالي: تيتا يا تيتا. يا خاله ام رجب انتم فين؟
ومن داخل غرفة الجده.

ام رجب: ده صوت ديجة صاحيه بدري النهارده.

ايمان بابتسامه: صاحيه بدري عشان تلحق رجب قبل ما يمشي وتنزل معاه شرم.

الجده بالم: يلا يا ايمان يا بنتي اديني الحقنه قبل ما ديجة تيجي وتشوفها.

ايمان: حاضر يا ستي انا جهزت اهو هاتي دراعك.

الجده وهي تكشف عن ذراعها: خبي يا ام رجب علبة الحقن بسرعه في الدولاب؛ وهاتي علبه الدهب.

ام رجب باستغراب وهي تفتح الدولاب لتخفي الدواء.

أم رجب: عاوزه علبه الدهب ليه يا ستي؟

الجده: يا وليه هاتي انت هتحقق معايا.

يا دق باب الغرفه وتدخل خديجه.تخفي ايمان الحقنه الفارغه في جيب فستانها.

خديجه بابتسامه: صباح الخير؛ ده ايه النور ده ايمان عندنا. غريبه يعني ايه اللي جابك الصبح بدري كده؟

ايمان بابتسامه: عرفت انك نازله شرم قلت لازم اطب عليكي وانزل معاكي.

خديجه وهي تغمزلها بعينيها: عشان تنزلي معاي انا برده ولا تنزلي مع رجب.

تخجل ايمان وتنظر الى خديجه بتوعد. وتضحك الجده وام رجب.

خديجه باستغراب: هو انتم في الاوضه بتعملوا ايه؟

ام رجب بارتباك: علبه الدهب اهي يا ستي.

تفتح الجده العلبه وتاخذ مبلغ كبير من المال وتضعه في ظرف.

الجده: أنا اللي قولت ليهم يجو الاوضه معايا؛ قولت هتروح عليكى نومه ومش هتنزلى معهم؛ بس طالما صحيتى خذي عشان تبقى انتى المسؤوله قدامي.

تمسك خديجه الظرف باستغراب: مسؤوله عن ايه؟

تنظر الجده الى ايمان بابتسامه:عن أنك تشتري الشبكه والشوار بتاع ايمان؛ و اوعى تختار حاجه صغيره ولا رخيصه. اختاري احلى حاجه موجوده في السوق؛ عشان هحدد ميعاد الليله فرحها هي ورجب مع عمها الشيخ سالم قبل ما يسافر.

تقفز خديجه فرحا وتضم ايمان: بجد مبروك يا ايمو.

ام رجب بابتسامه: كثر خيرك يا ستي ربنا يخليكى لينا يارب؛ وعقبال ما تفرحي بستي خديجة وسي يوسف.

ايمان بخجل وكسوف تقترب من الجده تقبل راسها: ربنا يخليكي لينا يا ستي؛ بس انا والله مش عايزه حاجه. انا كفايه عليا اني هعيش في البيت هنا وسطيكم.

الجده بابتسامه:لا مش كفاية. لازم يجي ليكي احسن حاجه. وبعدين هو مين قالك انكم هتعيشوا معنا في البيت هنا؟(تنظر ايمان وام رجب الى الجده باستغراب وقلق) انا قلت لرجب يفضى اوض الخزين اللي في الجنينه بره و يوضبهم ويجهزهم. والعمال هيجوا من النهارده يركبوا الارضيه ويبيضوا؛ وان شاء الله هتبقى احلى شقه ليكم عشان تاخذه راحتكم.

ام رجب بفرحه: كثر الف خيرك يا ستي ده كتير اوي والله.

الجده: كتير على ايه يا ام رجب! ده حقكم انتي وابو رجب الله يرحمه اشتغلتم معانا انا والحاج في الارض لحد ما بقت المزرعه؛ ومن بعد موت محمد ومحمود ولادي رجب ابنك هو اللي شايل المسؤوليه كلها.
ام رجب: ربنا يرحمهم جميعا؛ ويخليك لينا يا ستي.

تمسك خديجه يد ايمان: يلا ايمو نمشي. احسن هتفضلوا تقولوا كتير وشويه. وخالتي ام رجب هتقلبها نكد وتعيط. وتيتا هتقعد تعيط جنبها؛ واحنا مش فاضين لدلع دا. يلا يا بنتي عشان نلحق نلف ونجيب كل اللي عاوزينه؛ ده في حاجات كتير جدا عاوزين نشتريها.

تقترب خديجه وتقبل راس جدتها: عاوز حاجه تانيه يا تيته؟

تضع الجده يديها بحنان على وجه خديجه: سلامتك يا حبيبتي.خلي بالكم من نفسكم وارجعوا قبل الليل ما يليل.

خديجه بابتسامه: حاضر يا حبيبتي. يلا بينا يا ايمو.

تخرج خديجه وايمان من الغرفه الجده. تتنهد الجده بتعب فتقترب منها ام رجب بقلق.
ام رجب: مالك يا ستي انت لسه تعبانه؟ هو المسكن لسه ماسكنش الألم؟

الجده بحزن: مش الالم هو اللي تعبني يا ام رجب. خوفي على ديجة المزود الألم؛ مش عارفه لما اموت و اسيبها هتعمل ايه لوحدها. ابوها وامها ماتوا وهي عندها ست سنين وسابوها ليا؛ حتى عمها محمود اللي كان ممكن اطمن عليها معاه مات هو كمان وسابني.

ام رجب بحزن: ربنا يديك طوله العمر يا ستي. انتي بس لو تبطلي عند وتسمعي كلام الدكتور وتبدئي العلاج الكيماوي.

الجده بابتسامه حزينه: هو يعني الكيماوي هيعمل ايه هيطول في عمر شهرين ثلاثه كمان؛ هتعيشهم ديجا فعذاب وخوف عليا. اسبيه تعيشهم وهي مبسوطه. ياعالم الايام مخبيه ليها ايه( وتنظر الى ام رجب) هاتي التليفون يا ام رجب.

تحضر ام رجب الهاتف: هتكلمي مين يا ستي؟

الجده وهي تقوم بالاتصال: هتصل علي يوسف. اطمن عليه. وشوف هيجي امتي.

في القاهره في بيت يوسف يرن الهاتف ترفع نهاد السماعه
نهاد: الو
الجده: سلام عليكم ازيك يا مرات ابني؟
نهاد بضيق عند سماع صوت الجده: وعليكم السلام ازيك يا طنط. عامله ايه وحشاني والله.

الجد بسخرية: وحشاكي! اه ما انا عارفه عشان كده مقطعه السؤال عليا.

نهاد بضيق: غصب عني والله يا طنط مشغوله جدا في المحلات حتى اسالي يوسف؛ انا برجع البيت متأخر خالص.

الجده: ربنا يعينك يا نهاد. هو فين يوسف انا بقالي شهر ماسمعتش صوته؟

نهاد: مشغول خالص في المشروع اللي بيعمله و الامتحانات ده يدوب بيرجع اخر الليل بياكل لقمه بالعافيه وينام. المشروع واخذ كل وقته( يفتح باب الغرفه ويخرج منها شاب في الرابعه والعشرين من عمره) اهو صحي اهو خذي معاكي.

يوسف باستغراب: مين يا ماما

نهاد بضيق: جدتك

ياخذ يوسف الهاتف بفرحة: سلام عليكم ازيك يا تيته عامله ايه؟ وازي ديجا وحشاني اوي.

الجدة بابتسامه وحنان: انت اللي واحشني اوي يا يوسف. كده يا واد شهر ما اسمعش صوتك؛ مش كفايه اني بقالي سنه ما شفتكش.

يوسف بابتسامه: والله يا تيته كنت مشغول جدا في مشروع التخرج وتحضير الماجستير.

الجده: و هتخلص امتى يا حبيبي انا عاوزاك

يوسف: الاسبوع ده هخلص ان شاء الله. خير يا تيتا لو في حاجه اجي لحضرتك النهارده على طول؟

الجده بابتسامه: لا يا حبيبي انا كنت عايزاك في موضوع هكلمك فيه لما تيجي. وكمان هنحدد ميعاد فرح رجب وايمان. هنعمله يوم الجمعه الجايه ان شاء الله وكنت عاوز اشوف هتعرف تحضر وتبقى وسطينا.

يوسف بابتسامه: الف مبروك؛ أكيد هحضر و هبقى معاكم. انا ان شاء الله يوم الاربعاء هكون عندكم.

الجده بابتسامه: تيجي بالسلامه يا حبيبي.

يوسف: امال فين ديجه مش سامع صوتها يعني؟ ولا بتخطف السماعه زي كل مره؛ اكيد زعلانه عشان بقالي فتره مش باكلمها.

الجده: من ناحيه زعلانه فهي زعلانه وحالفه انها مش هتكلمك. بس هي مش هنا نزلت شرم مع رجب وايمان يشتروا حاجات الفرح( الجده بتمني) عقبال ما افرح بيكم يا يوسف.

يوسف بابتسامه: في حياتك يا تيتا ان شاء الله ربنا يخليكي ليا لحد ما تشوف يا عيالي وعيال عيالي كمان.

الجده بحزن: يارب يا حبيبي هستناك يا يوسف مع السلامه.

يوسف بابتسامه: مع السلامه يا تيتا وسلمي على ديجا. وانا هجيب ليها هديه تنسيها زعلها مني.

يغلق يوسف الهاتف يجد نهاد تجلس على الكرسي وتنظر له بضيق.

يوسف باستغراب: مالك يا ماما متضايقه ليه؟

نهاد بغضب: ليه ما قلتش لجدتك انك رايح بعثه؟ وما طلبتش منها فلوس ليه؟ وايه اللي هيخليك تروح لهم هو انت فاضي انت مش وراك ورق وحاجات بتخلصها.

يوسف بضيق: اولا انا لازم اسافر لهم ما هو مش معقول هسافر البعثه من غير ماروحوا اسلم عليهم. وبعدين انا قلت لحضرتك اني مش هطلب فلوس من تيته. انا معي مبلغ هيكفيني لحد ما الاقي شغل جنب الدراسه.

نهاد بغضب: يعني ايه مش هتطلب ده حقك ورثك من ابوك؛ انت عاوز خديجه تاخذ كل حاجه ما هي الدلوعه.

يذهب يوسف بغضب الي غرفته ويجمع كتبه ليخرج: انا مليش ورث يا ماما حضرتك عارفه كده. بابا الله يرحمه اخذ ورث كله قبل ما يموت؛ المزرعه من حق خديجه وتيتا بس.

نهاد بغضب وهي تسير خلفه: ورث ايه اللي ابوك خذوا شويه ملاليم؛ انت عارف الناس اللي عاوزين يشتري المزرعه هيدفعو كام؟ عارف المزرعه تساوي كلم دلوقت؟

يوسف بغضب: تساوي زي ما تساوي ما ليش فيه؛ انا ابويا اخد نصيبه فلوس من المزرعه زي ما كانت بتساوي وقتها. انا ماليش حق اطلب بيه.

نهاد غضب شديد وصوت عالي: لا ليك حق في نصيب جدتك.

ينظر لها يوسف باستغراب: انت عاوزاني اورث تيته وهي عايشه؟

نهاد: وايه المشكله هي يعني لسه هتعيش قد ايه. فيها ايه لو تبيع المزرعه وتديك نصيبك انت محتاج فلوس عشان سفرك و انا محتاجه فلوس عشان اسدد ديون المحلات بدل ما يتحجز عليها؛ وفلوس عشان احط فيها بضاعه بدل ما هي فاضيه. وبعدين تقدر تقولي لما تسافر انا هصرف منين؟

يوسف بضيق شديد: الديون اللي على المحلات والحال اللي وصلت ليه حضرتك بس المسؤول عنه. اما بقى موضوع تصرفي منين. فاأظن معاش بابا كفايه انه يعيش حضرتك كويس جدا.

نهاد باستنكار: معاش بابا! انت عاوزني انا اعيش ب 7000 جنيه في الشهر؟

يضحك يوسف باستهزاء ويذهب الى باب الشقه ليخرج: 7000اللي مش عاجبينك واقل منهم كمان بيعيشوا عيله من خمس افراد وعندهم التزامات كتير. وحضرتك لوحدك وما عندكيش اي التزامات( ويفتح الباب و يلتفت ينظر اليها) وبعدين المزرعه دي روح تيته مستحيل تفكر تستغني عنها لهي ولا ديجه؛ دول لو خرجوا منها يموتوا. أنسي اللي في دماغك يا ماما. وهقولها لحضرتك للمره الاخيره انا ماليش حق في المزرعه.
يقول يوسف كلماته الاخيره ويخرج من البيت و يغلق الباب خلفه.
نهاد بغضب شديد: ما يموتوا ولا يتحرقوا اما انت عيل غبي زي ابوك بالضبط( وتتنهد بضيق) انا لازم اتصرف انا مش ممكن اضيع الملايين دي من ايدي.

تذهب نهاد الى الهاتف وتقوم بالاتصال باختها (ناديه) وزوج اختها (ياسر) وتحكي لهم ما حدث.

ياسر: انتي لازم تسافري معاه يا نهاد.

نهاد استنكار: انا اروح هناك لا طبعا انا مستحيل اروح هناك. انا لا بطيقهم ولا بحب القعده معاهم؛ دول والا اكنهم عايشين في شرم. تحسهم عايشين بين الارض والبهايم. دي الساعه تسعه تيجي يبقى كله في اوضته نايم.

ياسر: لازم تروحي وتستحملى وتقربي منهم حولي؛ تقنعي خديجه أن مستقبلها في مصر. وانها مدفونه في المزرعه وما تعرفش حاجه عن الدنيا. البنت ممكن تضغط على جدتها؛وانتي اقعدي مع جدتهم وعرفيها ان يوسف مسافر وظروفه صعبه. وان المحلات مديونه وهيتحجز عليها. وان الظروف وحشه جدا و يوسف مسافر من غير فلوس و هيتبهدل؛ وانه مسافر عشان يشتغل مع الدراسه. يمكن لما نضغط عليها باحفادها توافق تبيع. أقولك خدي ناديه تسافر معاكي عشان تساعدك؛ وانا هاشوف ليكي حل تاني لو ما وافقتش.

نهاد بضيق: نروح مع اني ما اظنش الست دي ممكن توافق على البيع( وبكلمات تحمل داخلها الشر)بس لو موافقتش هيبقى ليا تصرف تاني.وهخليها تندم انها ما بعتش.

وفي مزرعه ام رجب بابتسامه: هو سي يوسف هيجي يحضر فرح رجب يا ستي.

الجدة بتفكير وقلق: هيحضر ولو وافق هيبقى فرحه هو كمان
أم رجب باستغراب: فرحه! هو سي يوسف هيتجوز؟

تنظر لها الجده: لازم يوافق يتجوزها مفيش حل تاني.

ام رجب: تقصدين مين يا ستي تقصدي ديجا؟ بس ديجا لسه صغيره ما كملتش 19 سنه سن الجواز؛ هتجوزبهم بسرعه كده ازاي؟

الجده: مفيش غير طريقه واحده اللي ينفع يتجوزوا بيها دلوقت لحد ما ديجه تبلغ السن القانوني للجواز....
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي