٤

( ٤ )

بعد وقت كانت "فتحية" تدخل الي الدوار، قابلتها "مسعدة" وهي تهمس بصوت لا يكاد يسمع :- إن الحاج جه من وقت .

هزت "فتحية" رأسها وتحركت إلي حيث يجلس في المضيفة الخالية الان من الضيوف

فتحية :مسا الخير يا سيد الناس .

رفع عينه ينظر إليها!! فهي خرجت دون أن تخبره , وتأخرت حتى لو كانت عند ابنتها .!
أدركت انه يسيطر علي موجة غضبه، فلقد مر الوقت وهو ينتظرها حتي انه لم يتناول الطعام شعرت ببعض الخوف يتسرب داخل قلبها ولكنها تمالكت نفسها ،وهي تقترب لتجلس بجواره وتقول

:- "زينب" كانت تعبانة اوي يا عبد الله ولسه حالتها متحسنه الوقتي كنت خايفة يحصل ليها حاجة هي ولا اللي في بطنها.. .

رفع عينه ولم يسأل !ففي هذا العصر الرجل هو السيد ولا يسير شئ دون علمه. وهو ليس مجرد سيد في بيت هو سيد البلد بأكملها.

اربتت علي قدمه وهي تقول :-

خبر ايه يا عمدة؟ انت زعلان مني ولا ايه البنت كانت تعبانة يا عبده. دي زينب يا ابو محمد. نوى عين ابوها ولا كنت عاوزني اسيبها لوحدها زي الغريبة اللي ملهاش حد ؟؟!

عبد الله هز راسه نافيا وهو يسأل : وهي عامله ايه ؟

فتحية : بخير بس الظاهر انها كلت حاجة مشمومة ولا واخدة برد كان وشها مخطوف ولونها اصفر زي اللمونة وبتبكي من المغص .

عبد الله : لا حول ولا قوة الا بالله من ايه بس جوزها ما جابش ليها حكيم ولا هو مش عارف هو متجوز بنت مين ؟! .

فتحية:ما كانش في البيت من اصله وانا شيعت (عزة ) لتنادى "(ام حسين الداية)" ولم بقت كويسة نامت من التعب، يا حبة عيني حضرة قلبي وخوفتني عليها .

عبد الله :هفوت أشوفها بكرة. ..

فتحية :تعيش ويطول عمرك ويخليك لينا يا" ابو محمد" يا غالي بس بلاش تزعل احنا مش قد زعلك يا عمدة .

ابتسم بخفة اما هي نهضت وهي تقول

فتحية: اتغديت لوحدك يا ابو( محمد) ؟!
عبد الله : انا علي فطاري حضري لقمه ؟
فتحية: من عيني يا عبده.

تحركت إلي حيث "مسعدة" تجهز الطعام وتقوم بتسخينه، ما أن دخلت الحاجة لم يمضي وقت، كانت تجلس مع زوجها تتناول الطعام، وهي تنظر له بعين يشع الحب من بين جفنيها وكانه رسالة واضحة تقرأ بصوت عالي علي شغتيه .

وهي تقول:- عامل إيه النهارده في الشغل ؟

"عبد الله "وهو يضع الطعام في طبقه قال ؛-
زي العادة فوت علي الشونة والأرض ،وشوفت العمال وحلينا مشكلة في المجلس العرفي بحمد الله كان يوم طويل بس انتهي علي خير .

هزت رأسها وهي تستمع له بانصات، هي التي لم ينتصف يها العمر بعد فلم تصل الي الأربعين، حتي وسوف تصبح جده بعد بضع أشهر، ولو ان زوجها زوج ابنها البكري، ولم يرسله ليتعلم كان لديها احفاد من زمن !!

نظر لها بطريقة ذات مغزة وهو يربت علي يدها و يبادلها نظرات الشوق ، وأن كانت هي عينها تحمل الخجل فعينه كانت تحمل الرغبة والجراة .

ابتسم لها وهو يقول:- بجرأة هدخل اتسبح علي ما تعملي كوبيتين شاي، وتحصليني جوه، عاوزك في كلمتين !!

ابتسمت له وهي تهز راسها بموافقة وقبول غير مشروط ، و نهضت تحمل بعض الأطباق الي المطبخ ، اخذتهم منها "مسعدة "في منتصف الطريق وهي تطلب منها الراحة و تنادي علي تلك التي تساعدها .

فتحية: اعملي شاي وانا هاخده للحاج اصله هينعس شوية .

اسرعت "مسعدة' لتصنع الشاي بينما الاخري تغسل الاطباق

اما "فتحية' كانت تحمل اكواب الشاي الي غرفة النوم تسير بثقة ومشاعر مضطربة مزيج من اللهفة والخجل . اقتربت منه تحمل الغنية التي وضعتها علي الطاولة ,وتحركت الي الدولاب ، لتخرج منامة حريرية من الستان بلون قرمزي ، وتحركت الي الحمام تحت انظار "عبد الله" المبتسم بمحبة وهو يقول:-

متتاخريش يا ست الناس ؟؟؟

ابتسمت له بغنح وهي تتحرك, بدلت ملابسها واطلقت شعرها الفحمي و اخذت تقرص خدودها ليتورد لونها العنبري، ومررت الكحل في عينها، والقليل من المسك وكان هذا يكفي..

خرجت له كانها حورية تسرق قلبه قبل نظراته، ضمها الى صدره في حضن طويل، قبل ان يهم بها يأخذ ما هو له بكل حب ولهفة ورغبة ...

وها هي الحياة تمضي علي هذا المنوال،انتهت السنة الدراسية،و ها هم الأولاد يرجعون فى اجازة طويلة، وفيها ينسون كل شىء إلا انهم من جذر هذه الأرض. ومن خيرها هم نبتو وأصبح لهم شأن، كان"عاصم"و"سليمان" و"محمد " كل يوم كل منهم يعمل شىء يعمل بمعنى يعمل ،وليس فقط مجرد مرور علي الارض، ولكن "عاصم" كان يشعر بالشغف في شىء اخر، كان يتابع ما يفعله ولكنه ينظر إلي عمال البناء و عجن الموني الخضراء او كما نسميها نحن التي كانت منتشرة في ذلك الزمن بكثرة والي سنين قريبة كان أغلب الناس يبنون بها شغفه كان مختلف كل الاختلاف عن اخوته.

اما "زينب " يتقدم بها الحمل ويظهر استدارت بطنها وجسدها الذي ازداد ببعض كيلو جرامات، أظهرتها بعمرا أكبر وشكل انثوي، بمعالم واضحة ابتسامتها التي داعبت وجهها وهى تنظر لنفسها، في ذلك اللوح البلور المسمي المراة ،وهي تحتضن بطنها وكأنها تذوب عشقا في طفلتها التي لم تاتي الي النور بعد،تشبع وجهها بحمرة وهي تستمع الى صوت" عبد المنصف' الذي يقف خلفها يضمها اليه، من ظهرها يسندها علي صدره القوى، وعينه تنظر لعينها في المراة وهو يقول

عبد المنصف : ما شاء اللة عليكي كيف البدر .

ابتسمت بحياء ،ارسل دفعات من اللون الحمر الي وجهها وهو يحط بشفتيه علي خدها، يمسه كهمس خفيف، وهو يقول

عبد المنصف :الحمل لايق عليكي محليكي.

زينب :امي بتقول البنت بتحلي !

عبد المنصف: هو انا حماتي تقول حاجة غلط .

رغم انها شعرت ان كلامه يحمل اكثر من معنى! الا انها لم ترد عليه فهي لن تختلف مشكلة من فراغ ، فهي تعرف أن زوجها لا يقصد ، بالإضافة إلي انه يحترم أهلها ، ومن في البلد باكملها لا بحترم أهلها ، هي ابنة أسياد البلد وهي تعرف مكانتها جيدا، كما يعرفها زوجها...

ام هو كان في عالم اخر يفكر فيها وفي تلك المعالم التي ذادتها جمال وانوثة أدارها بين ذراعيه ليضمها اليه اكثر وعينها تقول كلام كثير ويده تكمل باقي الحكايا!!

مرت الأيام وها هي لأسابيع تركض حتي اتت تلك اللحظة الفارقة ؟ كانت "زينب" تصرخ وهي تان بألم ، وأمها وحماتها و الداية" ام حسين" يحاولون أن يخففو عنها .

دموعها تسيل علي وجهها وهى تشعر بألم وتعض علي تلك القماشة التي في فمها.

عزة: المياة السخنة يا ست "فتحية"

أما حماتها كانت تحاول ان تظهر الإهتمام وهي تساعد! في حين كانت "زينب" قلبها يان وتكاد تجن من فرط الالم ، فسبحان من يخرج روح من روح.

مر الوقت وهي الي الآن لم تضع طفلتها وتعاني من الآم المخاض ووجعه.

وكلما نظرت "فتحية" الي "ام حسين" تقول:- لسه دي بكرية يا حاجة ام محمد !!
فتخية: عارفة بس أعملي حاجة
ام حسين : يا مسهل .

اما "عبد المنصف" كان بالخارج و معه والده وحماه الذي ترك التحقيق ما أن اقترب منه "عاصم" يقول

عودة لساعة مضت ...

عاصم :الحق يا حاج "زينب" تعبانة اوي وبتصرخ من الألم و امى بتبكي بالدموع عشانها !!

وقتها وقف عبد الله ملهوف وهو يقول:

معلش يا جماعة عندنا ضروف في البيت هاجل الجلسه لبكرة ولا بعدة
رد احد الوجدين برحتك يا عمدة المهم خير يا حاج
عبد الله يا رب بالاذن
كبير العائلة التي معها المشكلة : اذنك معاك يا عمدة

هز راسه وتحرك مع ابنه الي بيت ابنته .

وجد زوجها يقف بالباب، يتحرك بقلق وهو يشعر بالخوف عليها .

هز رأسه لنسيبة الذي رحب به.

صالح :يا اهلا يا حاج "عبدلله" تعالي ارتاح أن شاء الله هتبقى بخير .
عبد الله: يا رب

وها هو الوقت مر ولم يخرج احد ليطمئنهم او حتي يقول لي شئ طول الساعة لم يسمع إلي صوت صراخ ابنتها الاي تأن وتبكي .....
رجع من افكاره علي صوت زوجته التي تصرخ في ابنتها !!
فتحية: ساعدي بنتك يا حبيبتي ؟؟ساعدي نفسك يا "زينب" انت عفية يا بنت عبد الله سليم شظي حيالك !!!!

ومن بين الألم والصراخ و الوجع ظهر ذلك الصوت الوهن الذي يشق طريقه فى اول لحظاته في الدنيا !!
في تلك اللحظة التي سمعت فيها "زينب" صوت ابنتها التي تعلن عن وصولها للحياة نسيت كم الوجع والألم، الذي شعرت به من لحظات كانه لم يكن له وجود وكأنها كانت تنتظر ملفات امها لتحفذها .. . ونا ان ينعت صوت الطفلة، أنتهي كل شيء معافرتها, وقوتها, وعزمها, وألقت بجسدها للخلف، لتسمح لأعصابها بالاستراحة في حين كانت" ام حسين" تنهي عملها بقص الخلاص وتنظيف جسد الطفلة وتلبيسها….

وامها تجفف عرقها وترجع خصلات شعرها الفحمية الي خلف اذنها، وهي تسأل بقلق وإرهاق

فتحية :انتي كويسة يا بنتي حاسة بحاجه بتوجعك ؟

هزت "زينب" رأسها تافية كأنها لم تعد تقوي علي قول شئ.!!

اما في الخارج صوت طلوع الروح من الروح كان يجعلهم يشعرون بالإطمئنان و الهدوء .
و بعد وقت كانت "عزة" تخرج تحمل ملابس متسخة و اشياء اخري .

عبد المنصف: إيه الأخبار طمنيني؟؟

عزة: الف مبروك بنت زي القمر صورة من امها ..

ابتسم لها وقال و"زينب" ؟؟

عزة: ست "زينب " بخير , فرسة عفية نحمد ربنا !!

اخرج الحاج "عبدالله" من جيبه مال واعطي لها . نظرت إلي الجنية بستفسار وكأنها لا تصدق انه يعطي لها هذا المبلغ الكبير.

عزة: اجيب بيه ايه؟!

عبد الله :هدمتين ولا حاجة !!

عزة : يعني ده ليا !؟

هز الحاج "عبد الله" راسه بموافقة فتحركت وهي تدعي له بطول العمر، وصلاح الحال،

و ما أن خرجت الداية كان يعطيها كما أعطي لعزة خادمة ابنته فأطلقت زغروطه طويلة وهي تقول

ام حسين : تتربي في عزك يا سيد البلد وفي عز ابوها

ثم نظرت الي "عبد المنصف" وقالت مبروك ما جالك فناولها ما فيه النصيب ,وهو يقول :-
خدي يا" ام حسين" حلاوتك

اخذت تدعي و هي تطلق الزغاريت ، فما أخذته في يوم واحد يكفيها عدة شهر واكثر...!!

اخذت ما منح لها بكل طيب خاطر ،وهي تقول:- انا هاجي ليا في السبوع اعمل كل حاجة ؟ هي الوقتي بخير بس هتنام شوية .

بعد أن أعطت بعض التعليمات "لفتحية " و"جملات "حماتها تحركت لتذهب وهي تطرق الزغاريط.

مرت أيام التعب الأولي وكانت "زينب" عكس الكثير من أهل البلد لم تتحرك من فراشها الا لضرورة!.
زوجها يعاملها كاميرة وأهله كذلك لا يجرأو علي تعكير مزاجها فهي ابنة أسياد البلد.

اما اخوتها الرجال كانو حلم لكل فتيات القرية الا انهم لم يكون يفكرون في الزواج الآن أو ما الي ذلك وخاصة" محمد" الذي يحلم بأن ينهي العالمية بتفوق من (جامعة فاروق الاول ) كما سميت حديثا

مرت الأيام واتى السبوع محمل بالفرحة ورغم ان من المتعارف عليه ان الذبح للولد ذبح جدها ووزع اللحم علي اهل القرية باكملها..

وها هي" زينب" تحمل طفلتها التي لم تسمي الي الان

نظر اليها "عبد المنصف" زوجها وهو يقول :-
ها يا زينب هنسمى البنت ايه ؟!

زينب: اي حاجة

عبد المنصف: يعني اسميها علي اسم امي؟

نظرت اليه بدهشة وهي تقول

زينب :عاوز تسمي البنت جملات ؟!

عبد المنصف: انا سألتك وانت قولتي اي حاجة …؟

زينب :اه بس مش .. وسكتت فماذا تقول اي حاجة لكن اسم امك قديم ولكنها عدلت الكلام وقالت

زينب :جملات حلو!! بس انا من نفسي اسميها علي اسم( ام المؤمنين خديجة)

نظر اليها" عبدالمنصف" ووجد ان طلبها لا بأس به. فهي لم تقول اسمي علي أسم امي ؟!

عبد المنصف : خديجة اسم حلو ..

ام هي نظرت إليه بابتسامة وقالت:-

خلاص وهي تحمل "خديجة " بين يديها و تنظر الى الباب وتأشر براسها اليه ليخرج .

نظر إليها بستفسار

زينب :عاوزة ترضع ...!

منصف : وفيها ايه ؟؟

ابتسمت بخجل، وهي تنظر له برجاء أن يخرج و ما ان تحرك حتي اخذت ترضعها وهي تشعر بالسعادة...

مرت الأيام و الحياة علي نفس المنوال تحسنت حالة زينب الجسدية و استطاعت أن تقوم بمهامها و الاهتمام بابنتها و زوجها و أن تعيش حياة طبيعية بعد مرور أربعين يوم.

كان فيه"عبد المنصف" يلمح إلي شوقه ولهفته عليها ولكن ما باليد حيلة هي في فترة النفاس.

ما أن أصبح قربه منها مسموح كان كمن يعوض تلك الأيام "وزينب" لم تمانع حب زوجها ولهفته عليها وهي في الأساس لا تفعل شىء في البيت لقد عززت عزة مكانتها كخادمة في البيت وخاصة بعد ولادة"زينب"التي كانت لا تعرف كيف تعتني بالبيت و ابنتها …!!

اما "عبد الله" فكان يقف مع المأمور" عزت البنداري" وبعض رجال الشرطة والأوقاف وأهل البلد وهم يفتتحون المسجد الجديد .

الحياة بكل ما فيه تحمل الكثير، ولكن فرحة أهل البلد بذلك البيت الكبير المفتوح لهم في كل وقت فهو ليس بيت العمدة ،او شيخ البلد هو (بيت الله ) والمسمي علي اسمهم أليسوهم (عباد الرحمن) .

مر اليوم بالوليمة التى اعدها الحاج "عبد الله" بمناسبة الجامع .

نظر اليه المأمور"عزت" وهو لا يعرف ما هي تركيبة "عبد الله سليم " كيف يحتوي علي كل هذا التناقد في شخصيته يمزج الجد باللين ,والقوة بالحنو, والشدة بكرم , كيف رفض مبلغ كبير فقط لانه لا يبيع أرضه !!؟
وفي نفس اللحظة وهب الأرض دون مقابل بالإضافة إلي تكفله بتكلفة البناء كاملة !! و الفرش وتوصيل الكهرباء .

وها هو نفس الشخص الذي لا يقبل تهاون أحد العمال في أرضه يجزل العطاء ويطعم الطعام بسخاء!!

لاحظ الحاج "عبد الله" أن هناك من ينظر اليه؟! التفت لتلتقي عينه بعين حضرة الرائد"عزت " فنظر اليه بستفيار ثم ..

عبد الله : في حاجة ! ولا ناقصك حاجة يا حضرة الرائد ؟!

هز" عزت "راسه نافيا، ولكنه لم تحيد عينه عن "عبدالله' الذي رأى كلام لا حصر له مرسوم علي وجهه 'عزت' و في عينه!!!!.

عبد الله ابتسم له وسأل : متأكد ؟!

عزت :لا.. ثم انتبه انه نفي تأكده وقال:
بس حضرتك بتسأل ليه يا حضرة العمدة؟

الرد لم يأتي من العمدة "عبد الله" بل اتي من آخر يشبهه إلي حد كبير

محمد: علي وشك يبان يا بيه!!

"عزت" ضحك برزانه وهو يقول

عزت :من شابه اباه ما ظلم ولا ايه ؟يا.....

عبد الله :"محمد" ابني باش مهندس قد الدنيا .

عزت: ومش عاوزني ابص ليك يا عمدة ؟!

عبد الله: انا ما قولتش! بس عينك مش بصت دي قالت كتير .

عزت :ولو فضلت اقول اكتر مش كفاية.

ابتسم "عبد الله' وهو يهز راسه بتحية والتفت ليطعم الحضور ,يوزع بيده يتأكد من أن الطعام يكفي ويزيد.

نظر "عاصم" إلي" عزت " الذي يتابع والده ورغم انه يعرف جيدا أنه مأمور المركز الا انه اقترب منه وقال

عاصم: خير يا "عزت" بيه متابع الحاج يعني ؟!

عزت: انت ابنه الصغير؟

هز "عاصم "رأسه بموافقة.

عزت : واضح في شبه بينك وبين اخوك الكبير! بس ليكم اخ ثالث؟

نظر له "عاصم" ولم يرد فهو لا يسأل بل يقرر واقع.

عزت: ايه مش صح؟!

عاصم: صح يا "عزت"بيه الموضوع مش محتاج تأكيد،حضرتك مأمور البلد واكيد عارف، ان العمدة عنده ثلاث رجالة وبنت !

ابتسم"عزت" وكاد يقول ايه انت كلكم بتتكلمو بنفس الثقة دي ازاي ؟!

ولكنه يعلم جيد أن من عاش في بزخ و عز طول عمره،لا يهاب أحد ،ولا يشعر بالقلق او الخوف من السلطة،ربما لأنهم يعيشون فيها!

عاصم :ساكت ليه ؟!

نظر اليه "عزت" وابتسم وقال:-
ابدأحاسس انكم كلكم نسخة من ابوكم !!

نظر له "عاصم" بعدم تصديق !! فالشبه بينهم وبين ابيه متفاوت ،و هو لا يعد قريب الشبه فاكثرهم شبه هو "سليمان " الا انه بطابع مختلف عن أخواته هو هادى ,و متفهم ولا يتعالي, او يتباها علي احد, هو مسالم بطبعه .

عزت:انا اقصد الطبع مش الشكل!

عاصم :يبقي انت لسه ما تعرفش الحاج قال كلمته و تحركوا يقول تسمح.

نظر اليه "عزت "مطولا ثم قال:- اتفضل طبعا .

تحرك الإبن الأصغر إلي أخيه "سليمان" وهو يقول

عاصم :واقف لوحدك يعني

سليمان:لا ما انا سايبك منطلق!

ضحك اخوه دون أن يشعر ومانع نسي اين هو؟؟
ولكن الضحكة وقفت في حلقه من نظرة والده الغاضبة فهم في بيت الله او علي الاقل أمامه .

سليمان: تستاهل

عاصم :انا

سليمان:اه عشان نسيت انت فين ؟وقدسية المكان دا انت ابوك حامل كتاب ربنا وحافظة من الجلدة للجلدة وأنت بتضحك في الجامع....؟!

يتبع....
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي