الحلقة39

الحلقه التاسعه والثلاثون

(المطرودة من الجنه)

بقلم نورا محمد علي

اللهم صل وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم تسليما كثيرا

٠ ٠ ٠ ٠ ٠ ٠ ٠ ٠ ٠ ٠

كانت تنظر إلي الأب مما يحملة بالأمل و تنتظر منه أن يجد لصغيرتها حل و لكنه كان ينظر إلي وجه الطفلة التي لم تكمل السبع سنوات كأنه يري ملاك الموت في وجهها شعر بالرهبة و الرعشة داخل قلبه فمن يخرج الجن و يعالج الممسوس و المسحور يري الموت امامه تراجع خطوة و من يلومه نظر إلي الام و لم يعرف كيف يقول لها أن طفلتها سوف تموت في خلال ايام

ايريني : يا ابونا ابنتي تعاني و ارجوا منك الدعاء ارجو منك أن تباركها و تصلي من اجلها

نظر إليها بشفقة و قال

القس مكاري : اعتذر منك ابنتي لا علاج لها لدي

نظرت الخوف في عينها جعلته يتحرك وذهب دون أن يضيف المزيد

نظرت إليه ميرنا برجاء و كأنها تطلب منه العون

و لكن الغريب أن سيمون كانت تنظر إليه بابتسامة و كأنه تقول انا اعرف ان الرحيل قريب

الانتقال قريب جدا

هز الأب راسه و تحرك اما ايريني اخذت تبكي دون صوت لقد اتت تطلب شفاعته وصلاته و لكن من رده و لكنه وقف عاجز دون حول و لا قوة أمام الموت

من منا يستطيع أن يوقفه من من يستطيع ان يطيل العمر لحظة

اخذت ابنتيها و تحركت إلي خارج بيت الرب و دموعها تجري علي خدها دون صوت و هي تحمل ابنتها ذات الوز الثقيل و لكنها لم تعد تقوي علي الحركة لم تعد تقوي علي النفس و حتي بخاخة الربوا لا تاتي بنتيجة

نظرة الشفقة في عين اللي كانت تشبهها حتي خرجت

نظرت إليها ميرنا و قالت

ميرنا : هو ليه مش عمل لينا حاجة هو ليه مش صل علشان اختي

بكت إيريني أكثر و هي تنظر إلي طفلتها و لا تقوي علي الرد

اير يني : يا عذراء يا ام النور يا عذراء يا ام النور ببركه ثمرة بطنك صلي لبنتك الطيبة صلي ابنتي يا عذراء صلي ابنتي

و تحركت إلي البيت و مر اليوم و هي تجلس جوار ابنتها تدعي لها و تصلي من اجلها
.حتي سامي كان يشعر بالوجع علي ابنته التي تتألم و تعاني من التعب و لم تمر ايام حتي كانت صرخة إيريني ترج البيت

و هي تحرك سيمون انما لا تتحرك لا تتنفس و رغم انها كانت تنام جوارها الا انها لم تغفوا إلا دقائق كانت كافية لخروج الروح من الجسد

الصوت الذي رج جدران البيت جعل عائشة التي لم تذهب إلي العمل لان ابنها مريض تركض علي شقة إيريني تطرق الباب بقوة و لكن صوت إيريني كان يعلو في صراخ في عويل و بكاء و لم تقترب حتي انها اخذت ترن الجرس و تطرق الباب و هي تصرخ علي إيريني

عائشة : ايريني ردي عليا في ايه إيريني افتحي الباب افتحي الباب بقولك

و لكنها لم تتلقي رد لم الا صوت البكاء المرتفع و الصراخ اتحركت إلي شقتها بترن علي التلفون البيت الخاص بجمال

ردت عليها كاثرين و هي تقول ما ان سمعت الصوت

كاثرين : أهلا يا عايشة عاش من سمع صوتك

عائشة : معلش غصب عني انشغلت في الشغل المهم انت عاملة ايه

كاثرين : نشكر الرب

عائشة : دايما بس كنت عاوزة اقولك حاجة و مش عارفة اعمل ايه

كاثرين : بلهفة ايه في ايه

عائشة : إيريني بتصرخ و بخبط عليها مش بترد و مش عارفة رقم الشغل بتاع سامي

كاثرين : طيب هقفل و هتصل بسامي

و لم يمر وقت حتي كان سامي يفتح الباب بالمفتاح و إيريني لازالت تصرخ و عائشة واقفة ترن الجرس و تطرق الباب و ما ان رأت سامي تركت له مجال ليفتح الباب

و هو يقول بلهفة و خضة

سامي : اير يني انتي فين و هو يركض إلي حيث الصوت و ما ان رائها تحتضن ابنتها المتنيحة

و هي تبكي بصوت مرتفع حتي جلس علي ركبته و هو يبكي هو الاخر و ينظر إلي جسد ابنته التي فارقت الحياة بصدمة و وجع

في الوقت الذي كانت فيه عائشة تردد لا اله الا الله

سامي يبكي كأنه طفل إيريني تضم ابنتها كأنها حية

اخذت تبكي حتي انهارت علي وصول كاثرين و يوسف و يتبعهم جمال الذي ما أن رأي حالة ابنته حتي كاد أن يفكر هو الاخر و لكنه تمالك نفسه و هو يقترب من ابنته يضمها و يوسف يقول لسامي

يوسف : اصلب طولك و أسند مراتك انت هتقف تتفرج عليها و كمان لتبكي قوم يا سامي

اما إيريني : كانت في عالم آخر كانت تموت دون صوت دون حس و جمال يحتضنها برفق و

كاثرين : تردد عليها آيات الإنجيل و تقول صلبي علي قلبك إريني الصليب علي قلبك و مجدي سيدك

و لكن أيريني لم ترد هي فقط تهز الطفلة في حضنها إلي أن اقترب سامي يحملها فصرخت و صرخت حتي كاد صوتها أن يذهب و هي تقول

إيريني : بنتي سيمون لا ما تخدهاش هي نايمة

الانهيار و الخوف و القلق و هي تان و تبكي و تضم ابنتها إلي حضنها

اتصلت عائشة بالدكتور بيتر كما املتها كاثرين الرقم

طلبت الرقم و ما ان رد حتي كانت تقول لها

عائشه : دكتور بيتر انا بكلمك من شقة مدام إيريني

استمع إلي ما حدث و كان يغلق الخط و ينزل و هو يتأكد من وجود حقنه مخدرة معه و بعض الأدوية المهدئة و هو يقول

دكتور بيتر : الرب معاكي يا ايريني انت والحزن اصحاب

بعد وقت كان يصل إلي العمارة و هو يصعد في الأسانسير

نظرات الشفقة التي تطل من عينه و من قلبه و هو ينظر إلي إيريني التي لازالت متشبسة لأبنتها كأنها لا تقوي علي تركها اخذ يتكلم معها و لكنها لم تحرك ساكن هي نفس الحركات الرتيبة و هي تهز ابنتها عينها تنظر إلي الإمام كأنها لا تري من حولها شفتيها مطبقة كأنها موصدة بلاصق أو غراء

عينها لم يجف منها الدمع

اقترب يحقنها بالدواء المخدر حتي داعب النوم جانبها و تراخت يدها عن الطفلة و جمال تسيل دموعه و سامي منهار كليا و ما أن كشف علي سيمون حتي تأكد انها تنيحت هز راسه بأسف و هو يقول اليهم

الدكتور بيتر : الطفلة تنيحت و ده إقرار مني بكده يا ريت يا يوسف اعمل الإجراءات بسرعة وانت يا سامي مش وقته مراتك لو فاقت و شافت البنت مش هتقدر تاخدها منها

كان سامي يتصل بأمه و اخوه الذي اتي مسرعا اما ماري كانت تبكي في صمت و ما ان تحركت إلي بيت إيريني وجدتها تنام بصمت تحت تأثير المخدر

في حين كان جمال يجري اتصالاته حتي ينهي كل شئ

اتي سمير عينه تدمع و قلبه يأن فان بولس و سامي و جرجس و يوسف ينهون كل شئ

و ها هي المتنيحة تزف إلي السماء باسمها الملكوت

و ما ان استيقظت إيريني حتي على صراخها و قلبها يان و هي تنهض رغم محاولة كاثرين و عائشة و مارثا و حتي روز و رومي و ماري السيطرة عليها و لكنها كانت اقوي نوبة الهياج كانت علنية كأنها أمواج عالية و نظرات الجميع مغلفة بالشفقة

و ميرنا تبكي و هي تضم ماريا

اما إيريني كانت تسأل بهياج :
فين بنتي فين سيمون وديتوها فين انا عاوزة بنتي

و تحركت إلي الباب تحاول ان تفتحه و لكنه كان موصد اقتربت كاثرين تعطيها الحقنة و هن يرجعوها إلي الفراش

و رومي تقرأ عليها انجيل و عائشة تذكر الله و تقرأ قران المهم أن تهدأ

لحظات تمر عليهم و هم ينظرون إلي جسد أيريني الهزيل و هي غائبة عن الوعي

رومي دموعها تسيل و ماري تبكي بصوت و حرقة و هي تتكلم كلام لا معني له فهي كانت متعلقة بسيمون التي كانت عوض لهم بعد .موت الطفلة و بعدها جاستن و ها هي الطفلة التي كانت العوض تموت

الكل حزين الإنجيل يرتل في البيت و لكن الكل يبكي بحزن و الم و وجع علي فراق الصغيرة التي تنيحت هم يعرفون انها ملاك في الملكوت .

مر اليوم و كانت إيريني نائمة و ما ان تستيقظ حتي كان يتم حقنها مرة اخري لان الانهيار الذي اصابها كان اكبر منها و من عقلها الذي كان يردد لقد ماتت ملاكي البريئ لقد ماتت طفلتي و لكن لما لقد كانت صابرة شاكرة علي كل شئ راضية بتعبها و المها الذي لم تعرف كيف تهونه عليها كانت علي الاستعداد لتحملها باقي العمر و لكن القدر له رأي آخر

مرت الايام و هي لا زالت حزينه منها تستيقظ علي صراخ باسم ابنتها

كانت مارثا لا تفارقها هي و كاثرين و روز و حتي ماري و رومي كانت يتناوبون عليها حتي لا يتروكها بمفردها

و لكن جمال رأي انه يجب أن تلجأ
إلي مختص إلي دكتور نفسي فحالتها تبدو سيئة و هو لن ينتظر اكتر من ذلك هو لا يسطيع ان يراها بهذه الصورة لا يستطيع أن يري ابنته منهارة و تكاد تموت خلف ابنتها

و ها هو يطلب منها أن تذهب إلي الطبيب النفسي مع روز

و رغم انها رفضت و أصرت علي الرفض الا ان جمال حاول ان يجد حل فقام باحضار الطبيب الى البيت أكثر من مرة و بعد حوالي اسبوع اكتشف انها يجب ان تذهب هي

كانت تعاني من كل شئ حتي شعرت أن إيمانها ضعيف و أن أولادها يشعرون بحالتها

حتي أن ميرنا أصبحت منكوبة درجاتها تقل

لا تقوي علي المذاكرة رغم انها في مرحلة تحديد مصير

وصبحت كبيرتها حزينه و من يلومها ان كانت امها حزينة هي الأخري و لكن ماذا هناك ليقال

ان الحزن بيجيب حزن والاسود بيجيب اسود النظرات التي تراها في عين ميرنا كانت ضياع حزن و خوف الم و كلهم مجدولين كأنها ضفيرة من العقد

كانت تذهب مع امها إلي الطبيب بعد الحاح الجميع و اعتذر الدكتور أن يذهب إلي البيت مرة اخري فهو فعلها من اجل جمال الذي يعد صديق والده الحج حسن

فلاش باك

فقال كريم لابيها جمال

كريم : معلش يا مقدس انت عارف ان الحاج حسن هو اللي اصر اني اروح معاك بس لو ما طلعت من البيت الحالة هتفضل علي حالها

هز جمال راسه فقال كريم

كريم : انت عارف اني عمري ما روحت لحد في بيته و عيادتي و اسمي معروفين بس يوصل الحال انها ترفض العلاج حتي انها تقاوم لما تحس انها مقتنعه يبقي لازم تطلع من البيت لازم تخطلت بالناس

جمال : طيب حاول مرة تانية

حسن و هو يقف بالباب قال : هتروح يا كريم لو مش عشان خاطري عشان خاطر عمك جمال

جمال : تعيش يا حج حسن احنا اهل و بينا المعروف


و فعلا ذهب إليها و لكنه وجد انها متقبله وجوده غير تلك المرة

بدأ معها الكلام و استمع لها فلقد شعرت بان كل شئ يضيع و ليس فقط سيمون سامي حالته أصبحت صعبة و الورشة لم يعد يذهب إليها حتي تعرض للخسارة

ميرنا اصبحت منطوية ماريا
تلتصق بأختها لأنها تعد مغيبة من الحزن بعيدة من فرط الوجع

نظر إليها كريم بابتسامة و هو يقول:

نورتي يا مدام إيريني

هزت رأسها له و جلست و هو يقول :

ها انا سامعك بس عاوزك تتكلمي من الأول خالص اعتبري

إيريني : ليه يا دكتور

كريم : عاوز اسمعك من الأول و عاوزك انتي تتكلمي مش حد يحكي ليا

و قد كان اخذت تتكلم عن كل ما مر في حياتها من اول ما وعت علي الدنيا ها هو يستمع إليها و يدون بعض النقاط في كلامها

ما ان شعرت بالتعب قال كفاية كده..

يتبع.......

(المطرودة من جنه)
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي