الحلقة ٤٢

الحلقة الثانية و الاربعون

المطرودة من الجنة

بقلم نورا محمد علي

اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا و حبيبنا و نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين

٠ ٠ ٠ ٠ ٠ ٠ ٠ ٠

تلك النظرة في عين ميرنا كانت تعني الكثير و لكن نظرة إيريني كانت تحمل الوجع الممزوج بالشفقة و قلة الحيلة و لكن حتي لو فكرت في رد لن يجدي نفعا ذلك باب اغلق دون رجعة بعد ما قاله سامي و رد الاب (بوطرس) عليه

اقتربت من ابنتها لتضمها في حضن طويل و كأنها تدعمها أو بمعني اصح تدعم نفسها و تتلقي منها الدعم الي أن ابتعدت ميرنا عن حضن امها و نظرت إلي امها بأستفهام و كأنها تسأل لما يحدث لي كل هذا لما انا دون عن غير تقسو عليا الدنيا تنهار احلامي تسقيني الحزن جرعات و كأن ما انا فيه ليس كافي ليس وافي و كأنه تائه بين الدروب

فرت دمعة من عين ميرنا و تبعتها اخري من عين ايريني و كأنها تبكي لها و للزمن

مرت الايام و ميرنا تتحرك بطريقة آلية و كانها من خشب او من صخر كأنها لا قلب بين ضلوعها أو كأنه من العادي أن تتخطي ما حدث و لكن كيف خاصة بعد أن عرفت ان جوزيف خطب اخري و لما لا فهو ليس قليل لترضي به من هي خير منها شكل و عائلة و مكانة و لكن القلب و اه منه و من تلك النغزة التي تسكن روحها قبل قلبها

نظرات عينها المطفية و انشغالها في العمل و كذلك في الخدمة في الكنيسة فهي لم تعد تريد أن تجد وقت فراغ لتفكر و يأخذها الفكر إلي ما يحدث معها أن من هن في سنها خطبت و اخري تزوجت و ها هي تدور في دوامة اخري و لكن ما أن تختلي بنفسها حتي تسيل دموعها و لكن ليس لأنها لم تتزوج بل لان من فكرت فيه رفض بطريقة مهينة له و لها و أن كانت تعلم انه يكن لها شيئ فهو الآن أقام جبنيوت علي تريز زميلتها في الكنيسة و التي كانت تتكلم عنه باستمرار و هي تمدح ذوقه و أخلاقه و رجولته فهو لا يأخر عنها شيئ و يتمني لها الرضي و ها هي تتغني بحبه الذي سكن قلبها دون أن تدرك انها تذبح ميرنا بكلامها

إلي أن ارادت الايام أن تواجههم نظر إليها بوجع يحاول ان يواريه و ما ان قالت تريز :
ميرنا صاحبتي يا جو لقرب واحدة ليا في الكنيسة

نظر إليها و هو لا يعرف كيف يتصرف لكن ذلك الوجع في عين ميرنا جعله يقول كلام لا معني له مثل اهلا أو اتشرفنا و كأنه لا يقوي علي قول اي شئ اكثر و تحرك و هو يشعر انه علي شفير الموت أو الوجع أو الاثنين معا و هو لا يقوي علي أن يشبع عينه منها و لكن بعد ما حدث في بيتهم صمم والده علي ان يخطب تريز و أن لم يفعل سوف يغضب عليه و لن يحضر له عرس و لن يدخل بيته فكان الخيار بين العائلة و بين قلبه و لكن ان اي الخيارين لا يذبح لا يقتله بالبطيئ انهم اختياران الحلو فيهم مر و لكن نظرة عين والده و امه و اخوته جعلته يدفن قلبه كما كان يظن و لكنه مخطئ ها هو قلبه يأن ما ان رائها مرة أخري فارتبك و هو يقول

جوزيف : اسيبكم و انا مستنيكي برا يا تريز بعد اذنك يا آنسة ميرنا

ميرنا قبل أن يمشي قالت :
مبروك يا جوزيف فرحت ليك اوي تريز بنت حلال و خادمه مخلصة و بتحبك

ارتبكت تريز و شعرت بالخجل من تصريح ميرنا بحبها لجوزيف و بينما كانت تريز تشعر بأنها قطعة تلج تذوب تحت النار

كان هو ينظر الي ميرنا كأنه يقول عارف و لكن عينه كانت تقول و لكني بحبك انت

و اه من الوجع الذي خلفه برحيله كأنه يهرب منها و مما يشعر به

اعتذرت تريز و ذهبت خلفه اما ميرنا اتجهت إلي المذبح و هي تنظر الي أيقونة يسوع المسيح المخلص و هي تنظر إليه كأنه تطلب منه العون تطلب منه الصبر

و تقول ميرنا : يا سيدي كن معي اجعلني انسي حتي استطيع العيش

و بعد وقت خرجت من الكنيسة إلي البيت وما أن وصلت حتي كانت تقف في الاسانسير لوقت علها تتمالك نفسها و بعدها دخلت إلي الشقة و هي تشعر بالراحة لعدم وجود احد في البيت فامها عند جدها و اختها في الدروس اما والدها فهو يخرج من عمله في البريد إلي الورشة التي لا يرو منها خير يكفي ان ينهي عمهم و ابنه

تحركت الي غرفتها و دخلت إلي الفراش رغم أن الغرفة معتمه و اخفت وجهها تحت البطانية و هي تترك لدموعها العنان أن ما رأته في عين جوزيف كان يعني انه يحبها و لكن ماذا بعد الزواج ليس اثنين فقط انه نسب و عائلة و عزوة و من مثل والدها لا يرقي إلي أن يكون نسيب هو حريص على المال بطريقة مقرفة حتي انه لم يهتم بمشاعر ابنته و لم يكن داعم لها وقف في طريق فرحتها حتي لا ينفق المال اخذت تبكي حتي اخذها النوم

و بعد وقت كانت ايريني ترجع إلي البيت تضع ما أحضرته معها في المطبخ و هي تتحرك في الشقة غافلة عن وجود ميرنا فيها اخذت تعد الطعام و تنظف المطبخ ثم تحركت إلي الصالون تجلس امام التلفزيون و من و قت لآخر كانت تنظر إلي الساعة و هي تشعر بالقلق علي ابنتها حبيبتها التي تأخرت فوق العادة و هي تعرف أن الجرح في قلب ميرنا لم يندمل بعد

اتت ماريا من الدرس نظرت إليه امها و كأنها لا تعرف ما تقول لها لم تسأل عن الدرس كالعادة بل نظرت إليها و كأنها تريد تأكيد أن الساعة تجاوزت السادسة و أن ميرنا لم تأتي

ماريا : في ايه يا ماما مالك قلقانة ليه و من ايه

ايريني: لم ترد علي تسالها و لكنها قالت الساعة كام

ماريا : الساعة ستة و ربع يا ماما انتي عارفة ان الدرس بيخلص ستة و علي ما توصل

هزت ايريني رأسها و تحركت إلي الشرفة دون أن تقول إلي ماريا شئ

أما ماريا تحركت إلي غرفتها و جدت اختها متقوقعه علي الفراش و تنام بعمق ربما لانها لا تنام عادة

ابدلت ملابسها و خرجت إلي حيث امها و هي تقول

ماريا : ماما هي ميرنا نايمة من امتي

نظرت إليها أيريني بدهشة و هي تتحرك إلي الغرفة لتجد ميرنا نائمة بعمق و كأنها لم تنام منذ زمن و ما ان رفعت الغطاء عن وجهها رأت دموعها علي خدها فأذدرت لعبها و هي لا تعرف كيف تخفف عن ابنتها و لكن ميرنا فتحت عينها بدهشة و هي تقول

ميرنا : ماما في ايه انت بتبكي ليه

نظرات ايريني لها كانت تكفى و توفي و لكنها همست

ايريني : مش مهم انا المهم انتي بتبكي ليه

ميرنا : انا انا ولا حاجة ليه بتقولي كده و بعدين انت اللي بتبكي

ايريني : انا ببكي علي وجعك يا وجع قلبي و فرحته انتي غالية عليا اوي يا ميرنا و انا ما ادخلتش مش عشان مش عاوزة

نظرت إليها ابنتها باستفسار فقالت

ايريني: انا ما دخلتش عشان مابقاش ينفع يبقي فيه نسب بعد اللى ابوكي قاله كان علي اول مشكلة هيعايرك و يهينك و كنتي هتبقي مكسورة قدامه بس انا مش هسكت تاني

ميرنا : ملوش لازمه يا ماما هو الموضوع انتهي و جوزيف عمل نص اكليل و خطب واحدة صاحبتي

ايرينى : الرب هيعوضك

نظرت إليها ميرنا و لم ترد و بماذا ترد

كان سامي قد حضر سمع بعض الكلام و لم يعلق لم يتكلم فحتى لو شعر بالشفقة علي ابنته فلقد انتهي الوقت و لكنه نفض افكاره و هو يتحرك إلي غرفته ياخذ حمام و يبدل ملابسه و هو يجلس في الصالون و يغير القناة ليسمع الماتش

انهت ايريني كلانا مع ابنتها و تحركت إلي حيث الصوت

ايريني : انت جيت امتي

سامي : من شوية

ايريني : طيب جعان أحضر الاكل

سامي : شوية كده

ايريني : برحتك و تحركت إلي حيث ميرنا و ماريا


ايريني : و هي تقترب من بناتها قالت مين جعان

ميرنا ابتسمت الي امها و قالت: انا هموت من الجوع

اقتربت منها ايريني و هي تضمها ببن ذراعيها و تقول :
بعيد الشر عنك من الجوع و الموت

مرت الايام و انتهي موضوع الوجع و انتهى نهائيا بزواج جوزيف و بعدها بقليل تقدم لها احد آخر

وقتها كان سامي يفكر فعليا في الموافقة خاصة و انه يعد انسان جاد و محترم و ميسور الحال و ايضا وسيم الشكل و هو بعد الجفاف الذي يشعر به من ايريني و كذلك بناته فلقد ابتعدت عنه ميرنا و لم تعد تشاركه في شيئ ام تبقي في غرفتها

ما ان تقدم منير حتي كان يفكر في الموافقة و كان يتكلم معهم بمحبة و ترحيب و هو يقول

سامي : طبعا نوروا

اما ايريني كانت تقدم واجب الضيافة

اما ميرنا كانت في غرفتها و لم تريد الخروج منها حتي أن سامي نفسه ذهب إليها و هو يقول

سامي : في ايه يا عروستنا

نظرت إليه نظرة طويلة و هي لا تعرف كيف ينظر في وجهها بابتسامة و هو من ذبحها دون أن يرأف بها

سامي : مالك يا بنتي بتبصي ليا كده ليه يا بنتي و انت ليه لسة مش لبستي

ميرنا : اطلع ليه عشان تقول ليهم انا مش هجهز و انت تفرش شقتك

سامي : مش هيحصل

ميرنا : اشمعنا المرة دي

سامي : عشانك

ميرنا بوجع قالت : متأكد

سامي شعر بالصدمة من كلام ابنته

فقال : انت شايفة ايه

ميرنا : طيب لو عشاني مشيهم انا مش عاوزة اتجوز

سامي : طيب شوفيه يمكن يعجبك

نظرت إليه نظرة معناه ما انا شوفت غيره و عاجبني كان ايه كلامك
تحرك سامي و هو يشعر بالخجل من وراء ابنته التي بخل عنها حتي انطفأت روحها روحها ها هي تزهد في الدنيا و هي لازالت في بداية حياتها

سامي : طيب اللى انت عاوزاه هيحصل بس تعالي سلمي علي الناس

نظرة طويلة في عينها كانت تعني الكثير و هي تكاد ترفض لولا تدخل ايريني التي قالت

ايريني: ما ينفعش تفضلي هنا و الناس جاية عشانك انتي حرة لو مش موافقة بس أقل حاجة تطلعي تسلمي أو تقدمي حاجه و في الحالتين مافيش حد هيقدر يجبرك علي حاجة طول ما انا عايشة

هزت رأسها و هي تهم ان تخرج من الباب

ايريني : علي فين يعني حتي لو مش موافقة يبقي نطلع بقيمتنا

هزت رأسها و ابتسمت لامها و هي تقف أمام الدولاب اخذت تنتقي ما سوف ترتديه بينما قالت ايريني لسامي

ايرينى : روح اقعد مع الناس ما يصحش نسيبهم لوحدهم

سامي : حاضر بس خليكي معاها و حاولي تخليها تتعامل بزيادة ممكن يعجبها

نظرت إليه باستفسار و تعجب و كأنها لا تصدق ان هذا سامي لقد تغير عن تلك المرة بشكل ملحوظ حتي انه كان يرحب بالناس بطريقة لائقة بالأضافه انه من احضر الجاتوه و العصائر مما جعل ايريني تتعجب و مع ذلك لا يريد الا رضي ميرنا و اي أن كان قرارها هو موافق عليه
.و بعد قليل كانت ميرنا تتحرك مع امها القت التحية بهدوء و رقة و هي تقول

ميرنا : مساء الخير

رد العريس و والده : مساء النور

خليل : اهلا اهلا بيكي يا بنتي تقلان علينا ليه بقي يا ميرنا

ميرنا و هي تفرك في يدها قالت : ابدا يا عمي بس بس

منير : شكلها مكسوفة يا بابا بلاش تحرجها ازيك يا آنسة ميرنا

ميرنا : نشكر رب

منير : اتقبلنا قبل كده

رفعت عينها مرغمة لتنظر له و جدت ابتسامة مرسومة علي وجهه و هو يقول

منير : هاه فاكرة كنا في الكنيسة انا طالع و انتي داخلة

ميرنا : اه فعلا

كنت خارج من الكنيسة و كنت هتخبط فيا

ابتسم لها و هو يقول

منير : حصل بس من وقتها و انا بحاول و سكت
و لم يكمل كلامه فهو قد يتجاوز أن ترك للسانه العنان

ابتسمت ايريني و هي تري انه على الفطرة و شخصية محببة دون لوع أو خبث و لكن ليس مهم أن تري هي المهم رأى ميرنا فهي من ستتزوج و تعيش معه باقي عمرها

و رغم ان ميرنا لو فكرت بعقلها لوافقت عليه و لم تضيع فرصة أن تحب و أن يبحث عنها شخص لنفسها هي

فهو اتي بعد أن سأل عنها و وقف امام الكنيسة ليعرف من هي و لكنها لم تكن تدرك ذلك و كانت تجلس فقط حتي لا تحرج امها و فقط من أجل امها و ليس أحد آخر

بعد وقت كان خليل ينهض و هو يقول:

خدوا وقتكم و اسألوا و ردوا علينا

و ما ان خرجوا حتي نظر إليها سامي كأنه ينتظر ردها أو أن تقول اي شئ و لكنها لم تفعل لقد تحركت إلي غرفتها تحت انظار ايرينى التى تشعر بالحزن من أجلها و لكن ماذا تقول هي لازالت لم تتجاوز تلك التجربة لم تنسي و أن كانت ما تكنه لجوزيف حقيقي فهو لن يمر بالساهل

يتبع ٠ ٠ ٠ ٠ ٠ ٠ ٠ ٠

(المطرودة من الجنة).
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي