الحلقة٤٣

الحلقة الثالثة و الاربعون

(المطرودة من الجنة)

بقلم نورا محمد علي


انطوت في غرفتها و هي تراجع الكراريس و درجات الاطفال و تبتسم علي خطهم الطفولي و كأنها تجد حياة ما بين السطور كانت تنهي عملها بابتسامة لا تصل إلي عينها و لكن العمل قد يخرجها من دوامة الأفكار هي لو فكرت بعقلها لوجدت أن منير مناسب لو تغاضت عن عفويته فهو يبدوا منطلق مرح غير متحفظ و لكنها للان لا يوجد في رأسها عقل لتفكر بيه من الأساس

اخذت تنهي ما تفعله ثم تحركت إلي حيث أيقونة العذراء في غرفتها وقفت أمامها كأنها تدعي لها أو تصلي لها و لكنها لم تتكلم كانت تكتفي بنظرات عينها و همس قلبها فقط

في اللحظة التي كانت فيها ايريني تنظر إلي سامي و كأنها تلوم عليه ما حدث لابنتها جسدها الذي أصيح دون روح عينها التي انطفئت فيها اللمعة و ما ان هم ان يتكلم حتي تحركت إلي غرفة ابنتها

طرقت الباب و لكن ميرنا لم تشعر فتحت الباب و وقفت فيه بعد أن ظنتها نائمة و لكنها واقفة امام صورة العذراء كأنها في عالم آخر كأنها في حوار طويل مع ذاتها و كأنها لم تكن تتكلم او تصلي هي فقط واقفة

اما ايريني و هي تقاوم تلك الدمعة التي رغرغت في عينها همت هي الأخري دون صوت تصلي عشانها

ايريني : يا عذراء خليكي معها يا ام النور و اسكني قلبها و ارشديها يا أمنا الطيبة

خرجت دون أن تفعل شيئ أو تصدر صوت تحركت إلي غرفتها و منها الي الحمام الخاص بها وقفت تحت رزاز الماء علها تهدأ

مرت الايام و كان رد ميرنا قاطع

ميرنا : مش موافقة

نظرت إليها ايريني دون أن تقول شيئ لا بالرفض ولا الإقناع

اما سامي قال : ليه بس انا سالت عليهم و ناس كويسين و ملتزمين و الولد عاش فترة برا البلد و راجع مرتاح و غير كده بيحبك

ميرنا : ممكن كل اللي بتقوله صح بس حضرتك نسيت حاجة مهمة انا مش بحبه و حتى لو شيلنا الحب من الحسبه بتاعتك أن مش متقبله و بعدين هو يستحق حد احسن مني

ايريني : ليه بتقولي كده مفيش أحسن منك

ميرنا : لا في كتير انا اقل حد انا بنت عادية تعليم متوسط شكلي مش ملفت و كمان اهم من ده كله هو يستحق واحدة تحبه مش تبقي مش شايفاه من اصلا

بهت وجه سامي و هو يدرك ما حدث في قلب ابنته لقد هز ثقتها بنفسها

اما هي انهت كلامها حتي نظرت اليهم و هي تقوم إلي غرفتها و تتحجج بالعمل

نظرت ايريني إلي سامي و قالت : كلامها واضح اللي كانت عاوزاه انت رفضته و هو سمع كلام ابوه بطرس و خطب صاحبتها في الكنيسة تريز بنت خيري اللي عنده أكثر من محل دهب في الصاغة و ورشة اكبر من ورشتك انت واخوك هاه و تركته و تحركت الى المطبخ

اما هو تبعها إلي المطبخ و هو يغلق البوتجاز و يقول مش هنخلص منه الموضوع ده

نظرت اليه دون أن ترد

رفع صوته اكتر و هو يقول : مش بتردي عليا ليه

ايريني : وطي صوتك البنات تسمع

سامي : عشان اوطي صوتي لازم افهم

انت هتفضلي كده كتير عاجبك حالنا و اللي وصلنا ليه انا كل ما اقرب منك تبعدي كأنك خلاص بقيتي مش طيقاني

ايريني : لسه ما فهمتش ليه من بخلك اللي كان سبب في وجع بنتي و كسرة قلبها لا تخيل خليتنى ابص لحالنا و اندم اني وافقت عليك و اختارتك و اقنعت ابويا بيك انا اتحولت كتير اوي لحد النهاردة منك و من امك و انت جاي تقولي اعرف

بنتي ماتت لما امك اعترضت و قالت بنت و ابني مات اما امك رقصت بيه في السبوع و جاله ارتجاج في المخ و وبنتى اللي زي الملاك الرب اختارها عشان يرحمها من حرصك علي المال

كانت تتكلم و تتكلم حتي صدم سامي مما تحمله قي قلبها

ايريني: ايه بتبص ليا كده ليه كلامي مش عاجبك انت كل حاجة بتعملها مش عجباني

قالت كلامها و تركته إلي غرفتها و أغلقت الباب خلفها

و كانها تقول له لا تريد ان تتكلم معه أكثر كانت ميرنا تستمع إلي كلامه و كلام امها التي ثارت بعد طول الصبر و كأنها لم تعد تستطيع السكوت عن ما يحدث

اما هو تحرك إلي خارج الشقة ليذهب إلي امه كان يدخل إلي البيت عندما رأى امه تتكلم ابن أخوه و ما ان راته حتى قالت

ماري : يا هلا يا اهلا تعالي يا سامي ليك كتير ما جيتش

سامي : مشغول يا مقدسة امال المقدس فين

ماري : راح لعمك اصله تعبان شوية

سامي : ماله ما كان كويس

ماري : اه بس بيقول ما راحش الوكالة النهاردة ايه ايريني شكلها ما تعرفش

سامي لا ما تعرفش

ماري دا انا قولت تلاقيها هناك من بدري ما انت عارف هي متعلقة بابوها قد ايه

سامي لو تعرف اكيد كانت راحت

ماري اجيب ليك تاكل يا حبيبي شكلك في حاحة مديقاك

سامي لا مفيش بس اعملي ليا قهوة اشربها و هروح اشوف عمي

هزت رأسها و تحركت إلي المطبخ اما هو رفع التلفون ليرن علي ايريني التي اخذت وقت لترد

و ما أن رفعت التلفون قالت الوو

سامي الوو ايريني انا سامي

سكتت و لم ترد منتظرة أن يكمل

سامي انا بكلمك عشان اقولك انا عند المقدسة ماري

ايريتي اه ما اكيد رايح تشتكي

سامي لا بس كنت جاي اشوفها عشان بقي ليا كتير ما جيتش المهم قبل ما تقعدي تتكلمي انا بسأل علي المقدس سمير قالت راح لعمك اصله تعبان

ايريني ايه بتقول ايه بالا تعبان ماله عنده ايه

سامي ما عرفش امي بتقول ما راحش الوكالة انا قولت اقولك انا كده كده رايح فلو هتيجي افوت عليكي اخدك معايا بالعربية

ايريني طبعا هاجي هو انا ليا غيره بس ملوش لازم تيجي هروح انا و ميرنا و افوت علي ماريا في الدرس اقولها تيجي علي بيت جدها

سامي برحتك انا كنت عاوز اريحك

ايريني لا . فيك الخير

بعد وقت كانت تصل إلي بيت والدها هي و ميرنا التي اخذت تبكي رغم أن جمال طمئنهم انه بخير و ما هو فيه لا يذيد عن دور برد و لكن ايريني و ميرنا لم تكفا عن البكاء حتي احتضن جمال ميرنا و قال

جمال بتفولي عليا يا ميرنا

ميرنا بعيد الشر عنك الرب يبارك في عمرك و يخليك لينا يا جدي انت عارف انت غالي عليا قد ايه

جمال يبقي ورينا ضحكتك الحلوة و ما أن ابتسمت حتي قال

جمال اسم الصليب عليكي زي القمر يا قلب جدك

ايريني أيوة طبعا حبيبة جدها

أخذهم الكلام و اتت ماريا من الدرس علي بيت جدها و بعد وقت كانو يرجعون إلي شقتهم


مر اليوم و غيره و نظرت الايام

و تكلم سامي مع خليل و هو يعتذر و يقول ان ميرنا غير موافقة

نظر اليه خليل فادرك سامي ما يفكر فيه خليل و قال مش علي منير علي الوقت هي رافضة الجواز و كمان منير اسم الصليب عليه راجل يملي عين الشمس و هي بتقول يستاهل اللي احسن مني ابن ناس و محترم

خليل اه معلش النصيب بقي انت عارف ان ابني الف مين تتمناه

تدخل بولس و قال اه طبعا بس من حقه واحدة تبدله مشاعره و تقدر حبه و أحنا مش بنجبر بنتنا علي حاجة هشان انت عارف دي شركة العمر و انت شايف تجربتي

خليل عندك حق اهم حاجة الوفق و المحبة ياله استأذن انا وربا شغل

سامي من غير زعل ؤا خليل يا أخوي

خليل لا مفيش زعل ولا حاجة

ما ان خرج حتي قال بولس بنتك خسرته ابنه راجل الف واحدة تتمناه

سامي نصيب يا بولس انا هعمل ايه هي مش صغيرة برحتها

بولس علي رائيك انا داخل جوة هعمل شوية شغل

سامي الرب معاك

مرت الايام كانت روز ترتب الدولاب و ابنها و بنتها في الحضانة و هي مندمجة حتي انها لم تشعر برجس الذي أقترب منها قبل رقبتها و يضمها إلي حضنه و هو يقول من يوم ما جيبتي البنت و انا مش عارف اتلم عليكي و محتاجلك

ابتسمت له و هي تترك ما في بدها و تلتفت له تضمه إليه و هي تقول مش لوحدك يا حبيبي

جرجس حبيبك فينا بقي دا انا راحة عليا خالص

روز ههههه يا راجل قول و غير دا انت حبيبي و بعدين قولي امتي اهملتك و لا قصرت في حقك دا انت عارف

جرجس مش بالكلام لو عاوزة تثبتي وريني

نظرت إليه بدهشة و هي تسال بستفسار قالت و ده ازاي بقي يا جرجس يا حبيبي

تراجعو خطوة و هو يطلع ازرار قميصة قال بتسألي

ضحكت بصوتها كله و هي تقول

و اسأل ليه انت تأمر يا حبيبي بس الوقتي

جرجس هي الحاجات دي ليها وقت و اقترب من شفتيها يقبلها بشغف يضمها بلهفة و هو يتحرك بها الي الفراش ياخذ ما هو له بكل شغف و لهفة

اما هناك في الدور الأول كانت كاثرين تعد الطعام فالكون عليها الطبيخ و ما ان رأت حرجس يصعد إلي شقته بعد أن سأل علي روز كانت تعرف انها لن تراهم الآن فضحكت و هي تضع الصينية في الفرن

و بعد وقت كانت روز تنزل وهي أشعر بالخجل كان
من في البيت يعرفون ما كان يحدث و لكن كاثرين بعقل لم تلمح من قريب أو بعيد

اما هناك في بيت مارثا كانت ابنتها الكبيرة تخبرها أن زميلها في العمل يريد أن يتقدم لها

نظرت إليه مارثا بابتسامة و هي تقول يعني انت موافقة

بيلا اه يا ماما هو محترم و انا معجبة بيه و كمان نفس معموديتي و بيحبني و بس

مارثا و بس هو انت كنت عاوزة ايه تاني يا بيلا

ليلا يوه يا مانا ما تكسفنيش

ضحكت مارثا بصوتها كله و هي تقول وش كسوف اوي يا بيلا ثم قالت بفرحة تسكن عينها مبروك يا حبيبتي الرب يبارك ليكي و يتكم عليك بخير

بيلا يعني ه تكلمي بابا اول ما يرجع من السفر

مارثا ايوة طبعا المهم بتحبيه

هزت راسها بالتسامة و هي تقول اوي اوي يا ماما

مارثا الرب يفرح يا حبيبتي اسمه ايه يا بيلا

بيلا مراد يا ماما

مارثا الرب يفرح قلبك

ابتسمت بيلا بخجل و تحركت بيلا الي غرفتها و ي تشعر بالفرح و السعادة و ما ان اغلقت الباب حتي اقتربت من التلفون و اتصلت علي مراد تخبره انعا تلكمت مع اماها عنه

مراد كويس يا حبيبتي انا نستني اليوم ده من زمان الرب يقرب البعيد

ابتسمت و هي تتكلم معه ل وقت طويل حاي اغلقت الخط بعد ان نادت عليها امها

وقفت تفرد طولها و هي تقول ها اقفل يا مراد ماما بتنادي عليا

مراد تصبحي علي خير يا بيلا

بيلا و انت من اهله

المطرودة من الجنة

يتبع ...
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي