الحلقة السادسة

الحلقة السادسة

المطرودة من الجنة

بقلم نورا محمد على


كانت ترفع عينها لتنظر إليه و هي لا تعرف بما ترد عليه هل تخبره دون أن تتأكد ام ماذا

و لكن من نظرة عينها الزائغة و خوفها الفطري و هي تحاوط معدتها جعلته يربط الخيوط ببعضها جعلته ينظر إليها بترقب و هو يحمل في عينه تسائل و استفسار

اقترب منها وهو يقول

سامي : في حاجة واجعاكي... بطنك فيها ايه بس؟ طب اكلتي ايه ؟


إيريني : فيها بيبي

نظر لها كأنه لم يسمع و هو يرفع وجهه كأنه يريد تأكيد و هو ينظر لها و بحيرة وتسائل

سامي : قولتي ايه ماسمعتش

رفعت عينيها بخجل و هي تقول

أيريني : فيها طفل هي متأخرة و الأعراض دي بتقول اني حامل


اقترب يضمها بقوة يسحقها بين ضلوعه و هو يقول

سامي : بجد بجد يا ايري

هزت رأسها دون أن ترد وتحركت إلي الفراش و هي تحاول ان تقاوم نوبت الإعياء مرة اخري

سامي : نامي يا قلبي نامي و ارتاحي الرب يحميك و يبارك ثمرة بطنك

نظرت له و ابتسمت و هي ترجع برأسها إلي الوسادة

و ما ان اقتربت ميرنا حتي حملها سامي وهو يقول لها

سامي : تعالي هنا يا ميرى. ماما تعبانة شوية


ترغرغت عين الطفلة بالدموع و هي تقول

ميرنا : مالها ماما . وهي تنظر الي ايريني التي أشارت إلي سامي ليأتي بها

و قد كان اقترب من الفراش و هي تتحرك بين يده لتذهب إلي امها التي أخذتها في حضنها و هي تقول

إيريني : ماروو حبيبتي انا عاوزة انام شوية تنامي معايا


ميرنا : مم و هي تضم نفسها لامها ابتسم سامي عليهم وهو يقول

سامي : هتصل بماما و خالتي ابشرهم

إيريني : لا..

نظر لها بدهشة فرتبكت و هي تبادله النظر و توضح له ما تعني و هي تقول

إيريني : لما نروح للدكتور الأول و نتاكد و يقول حمل ولا لا


سامي : صح كلامك بس هتطلعي حامل و هتقولي سامي قال

بعد عدة ساعات كانت في العيادة كشف عليها الطبيب بابتسامة و هو يقول

رامي : مبروووك يا مدام حامل في حدود شعر و نص

سامي : ابتسم و قال نشكر الرب

بعد وقت كان يأخذها هي و ميرنا إلي بيت امه التي قابلتهم بترحاب و هي تقبل الطفلة و إيريني

و تقول ماري : اهلا اهلا ما قولتش ليه يا سامي انك جاي انت ومراتك كنت جهزت اكل و لا حاجة

سامي : خيرك موجود يا مقدسة

إيريني : تسلمي يا خالتي هو احنا غرب

ماري : لا وانا هيجي ليا ايه من الغرب المهم عاملة ايه ووشك ماله اصفر كده ليه

سامي : اصلها حامل

ماري : بجد مبروك الرب يراضيكي و تجيبي الواد

نظرت لها إيريني واول مره تقول : يارب

ماري : و الثالوث المقدس لأرقص بالواد في الشارع بس حني علينا يا عذرا ببركة أبنك يسوع تحل علينا بركتك


و رغم ضيق إيريني من كثرت كلام خالتها عن الولد الا انها لم تملك الا أن تسكت.

بعد.وقت كانو يذهبون إلي بيت اهلها كما طلبت

قابلها الجميع بترحاب و ما ان قالت الخبر حتي رأت السعادة في عين انمها و اخواتها و توالت التبريكات و التهاني


قضوا الليلة مع العائلة و اصر جمال أن تبقي و هو يسألها أن كانت محتاجة إلي شئ

جمال : ناقصك حاجة يا إيريني محتاجة حاجة يا بنتي

إيريني: نشكر الرب كله بخير طول ما انت بخير يا بابا و ما ان انتهي العشاء الذي لم تكاد إيريني تتذوق منه شئ

رومي : ليه كده يا رورو

إيريني : مش عارفة يا ماما مش متحملة ريحة الاكل

رومي: بس ما طوعيش نفسك لازم تاكلي عشان ابنك ولا بنتك

سامي : ولد المرة دي

جمال : نظر له و قال كل عطية ربنا نعمة غيرك مش لاقي

سامي : اه طبعا

اما إيريني كانت تبعد الطعام واكتفت بانها اكلت سندوتش جبنه

وما ان همو بالذهاب اخذ جمال إيريني علي جنب و اعطي لها مبلغ من المال

إيريني : ليه بس كده يا بابا انا معايا

جمال : خدي يا بنتي يعني انا مش عارف اللي فيها جيبي اللى نفسك فيه و ابعتي البواب يجيبه ولو مش معاكي ابعتي الحساب علي الوكالة

إيريني : ربنا يبارك في عمرك و يخليك لينا

ابتسم لها جمال وهو يقبل رأسها و يقول.

جمال : هو انا عندي غيركم و لا يهمني من الدنيا غير ساعدتكم

وضعت المال في حقيبتها

بعد وقت كانو يدخلون الشقة و ما أن اقترب منها سامي حتي قالت
إيريني : تعبانة يا سامي و كمان الدكتور قال لا

سامي بخجل أو ارتباك قال :
اه اه طبعا انا نسيت كلام الدكتور انت اهم طبعا

نظرت له و عينها تقول انا اهم ام ما أحمله و لأول مرة تخاف مما تحمل كل هذا الدلال الذي عملتها به خالتها لمجرد انها تحمل طفل ذكر و اه لو طلعت بنت

مرت الايام والحياة رتيبة و لكن ماري كانت لا تنفك تاتي اليهم تجلس معهم و قد تعد هي الطعام

ماري : ارتاحي انت يا ام كرولس

نظرت لها إيريني و هي تقول فى نفسها هل لو أنجبت ولد لن استطيع ان انتقي له اسم

ماري : ايه مش عاجبك كيرلس علي اسم ابونا (البابا كيرلس)

إيريني : لا ابد دا اسم مبارك بس كنت عاوزة اسمي علي اسم (ابو سيفين)

ماري : ممم طيب لما يجي نبقي نسمي

إيريني : لا خلاص اللي انت عاوزاه


نظرت لها ماري و قالت



ماري : انا عاوزة الواد يبقي كيرلس ولا فلوبتير و لا بيتر او ماركو مش هتفرق بس انتي هاتي الواد

و كأنها تاتي به من سوبر ماركت أو كانه بس دميه أو لعبة وليس طفل من لحم و دم

و لكنها لم ترد و هي تحرك كفيها علي بطنها

و كأنها تتواصل معه مرت الايام و ظهرت بطنها باستدارة فتغير وجه خالتها فالبطن المستديرة بنت

و لكنها لم تسبق الأحداث كانت المعاملة عادية و لكن سامي قرر أن يبقي سنة اخري مما جعل امه تثور و تتكلم بحدة

ماري : خليك قاعد جنبها و لا كانك قادر تفارق حضنها امال لو ماكنتش بطنها قدامها شبرين كنت عملت ايه؟


نظر لها سامي بصدمة

ماري : ركبتك و دلدلت رجليها بنت رومي و جمال كمان ابوها كاسر عينك بالشهريه بتاعة بنته و انت لو مسافر تجيب قد الشهريه دى ١٠٠ مرة بس انا مليش بخت ابوك حاله مايل و انت عاوز تميل حالك انت كمان اخوك مسافر اهو و انت قاعد جنب ست الحسن

سامي ربما لأول مرة يتكلم مع امه بحدة وهو الخاضع لها نظر لها وقال

سامي : انا قاعد جنب بنتي اللي فضلت اكتر من شهر علي ما قالت بابا و مستني اللي جاي احضر ولادته و تعميده و بعدها تفرج

نظرت له ماري بحده وقالت

ماري : يعني هتسافر بعد الأربعين

سامي : مم هنشوف

و لكنها كانت تقول.

ماري : نشوف ما نشوفش ليه

نهض سامي بيتحرك ليذهب ولكنها قالت


ماري : رايح فين كلامي مش عاجبك هتقوم تمشي ولا وحشتك بنت جمال اللي عاملة زي ما تكون ساحرة ليك

سامي : لا يا ماما هروح اشوف مصالحي و اللي ورايا

ماري : حوش حوش المصالح شغال في ورشة دهب عند الناس بدل ما تفتح ليك واحدة و لا لو عاوز تفكر صح اقنع السنيورة تخلي ابوها يفتح ليكي واحدة

سامي : ليه اهبل ولا برياله دا عمي بيحسب القرش رايح فين و هياخد أدامه قد ايه ولا انتي فاكرة الشقة دي كده دي من ورث إيريني و كمان لولا اللي حصل ما كنش جابها

ماري : انت هتقولي ما هو ميت علي الدنيا

نظر لها بسخرية و كأنه يريد أن يسأل هل عن عمي تتكلمي ولا عنك انتي و لكنه القي السلام و تحرك فماذا يفعل معها هي امه و لا يستطيع أن يغيرها

نظرت في اثره وهي تغلي منه و من إيريني

ام هو تحرك إلي عمله و هو لا يعرف ماذا يفعل ليرضي امه


مرت الايام والأيام ولا جديد

و لكن ما أن اقترب ميعاد الولادة حتي قالت ماري ما في قلبها و كأنه أمر

ماري : اعملي حسابك هتولدي عندي ولا الشقة بتاعتك دي مقفولة علي الفاضي ولا مش ليكي نفس تطلي عليها

إيريني : انا بس كنت بقول اولد في بيت بابا و ماما و اختي و مرات اخويا هيخلوا بالهم مني و مش ابقى لوحدي

ماري : لوحدك ازاي ما انا هبقى معاكي و كمان هجيب ليكي الداية و هفضل معاكي و بعدين امك هتسيب شغلها ولا وظيفتها و تقعد بيكي

إيريني : هي قالت

ماري : حتي لو قالت هتعمل ولا تسيبك لمرات يوسف لا طبعا انا أولي بخدمة حفيدي ده يوم المني

و قد كان اخبرت إيريني امها

فضحكت و قالت...

رومي : ماري تخدم حد يمكن

و ما ان اقترب وقت الولاده حتي ذهبت فعلا من شقتها الفاخرة إلي شقتهم في بيت العيلة و ما ان جلس سامي حتي زغرت له ماري و قالت

ماري : هو في ايه انت هتقعد جنبها ولا ايه .؟

سامي : ما هي تعبانة

زي ما انت شايفة عاوزاتي أسيبها و اروح فين .. هيفرق الكام جنية دول

ماري : لا بس انا اقصد انه لسه بدري علي ميعاد الولادة

سامي : طيب شوية كده تسكت بس ولا حتي تهدي ميرنا عشان زعلانة عشان مامتها

ماري : ممم طيب

مر الوقت علي إيريني تنازع و تتألم و تكاد تبكي من الألم

اما سامي نزل ساعة أو اثنين بعد الحاح امه و هي تقول

ماري : أصل بدل ولدت المرة اللي فاتت و مفيش راجل جنبها هتولد المرة دي كمان وانت بعيد

مر الوقت ولم تضع مولودها

اتت الداية وقالت

ام بيتر : لسه شوية قدمها صابع كامل لسه بدري يا إيريني شوية كده قومي وتمشي في الشقة

ايريني: مش قادرة يا خالتي هموت

ماري : هي ولادة الولد بتبقي صعبة ما تقلقيش يا ام كيرلس هانت خدي بس كلي البيضة دي انا عملاها بالتوم

إيريني : مش بحب التوم

ماري : عشان يحمي الطلق

و ما ان اكلتها حتي شعرت بالألم في بطنها و طلقه شديدة تاتي و تذهب و هي تصرخ و تقول

إيريني : يا عذراء يا ام النعم يا عذراء يا ام النور مبارك ما نثرت بطنك خليكي معايا

وهي تبكي و تدعي و تصلي للعذراء ام النور

مرت اللحظات و ما ان أوشكت حتي كانت تصرخ و الجميع يسمعون صوتها يدعون لها

ماري : دستة شمع يا عذراء بس تجيب الواد

ما بين البكاء و الألم و اللحظات الفارقة كانت تصرخ صرخة خروج الروح

كانت ماري تدعي و هي تقف بجوار ام بيتر التي رددت


ام بيتر : بسم الصليب بنت زي القمر

ماري : بتقولي ايه يا ام بيتر بنت ازاي

ام بيتر : نظرت لها بصدمة وهي تقول اشكري الرب علي عطيته المهم الخلقة تامة و اللي تجيب البنت تجيب الواد

ماري اسود وجهها وهي تستمع إلي ام بيتر و قالت اه اه ما انا عارفة

أخذت ام بيتر تقطع الخلاص و تلف البنت بعد أن جمدت ماري و لم تعد تفعل شئ حتي انها لم تساعد في تنظيف جسد إيريني

اخذت ام بيتر تفعل كل شى و هي تطلب من ماري أن تحضر الماء الساخن حتي تنهي كل شئ

و قد كان و ما ان تحركت ام بيتر لتذهب حتي أعطتها ماري اجرتها و هي تسير معها اللي خارج الشقة

نزلت لتجلس في شقتها و تركت إيريني تنازع و تبكي في شقتها و هي لم تبارك لها حتي و لكن ماذا تفعل هى بجوارها لتشتكي كانت تنظر إلي السماء وهي تصلي

و من فرط تعبها نامت

مر وقت طويل و ماري جالسه كأن لديها ميت كل هذا لان زوجة ابنها أنجبت بنت اخري

و اخذت تقول . يا جايب البنات يا شايل الهم للممات يا حظك النحس يا ابني يا نصيبك الشوم مرات ابنى بطنها مش بتجيب غير البنات

كانت تولول كمن عندها ميت
حتي انها لم تنهض من مكانها لم تفكر أن تطمئن علي إيريني و لا علي البنت و كأنها ليست حفيدتها كانت ميرنا تنام في أحد الغرف في شقة ماري و ما ان خرجت من الغرفة مشعسه الشعر و ناعسة العين و وجهها احمر اقتربت من جدتها الجامدة و قالت

ميرنا : ماما فين يا تيتا

نظرت لها كمن لا تراها و لم ترد عليها و هي تلتفت لتنظر أمامها

في هذا الوقت كانت ميرنا أكثر من ثلاثة سنوات

اخذت تربت علي كف جدتها و هي تقول

ميرنا : تيتا انت كويسة تيتا ردي عليا و لكن لحظات طفلة و هي تقول تيتا و عندما لم ترد ماري


صعدت البنت إلي الشقة الأخري التي تعرف انها لهم فهم .هنا منذ اسبوع

اخذت تطرق الباب و لكن من سوف يفتح لها امها تتألم من الولادة و المولوده نائمه علها ترتاح

و تلك الطفلة ملفوفة في قطعة قماش بيضاء و عندما رنت الجرس و لم ترد امها اخذت تبكي

رأتها أحدى الجيرأن من شباك المنور فنادت علي ماري و هي تقول

ليلي: يا ام سامي يا ام سامي

و لكن ماري لم ترد

دخلت إلي شقتها لتجد زوجها يدخل من الباب

عادل : في ايه يا جوليا صوتك عالي ليه

جوليا : بنادي علي ام سامي البنت الصغيرة بتعيط علي السلم و امها من شوية كانت بتبكي

عادل : يمكن تكون ولدت

جوليا : ولدت دا انا كنت بغسل و انشر و من ساعة ما ام بيتر مشيت و المقدسة ماري مش طلعت علي ام ميرنا

نظر لها عادل و في هذا الوقت استمعوا إلي صوت بكاء طفل و صوت بكاء ميرنا

جواليا : معاك نمرة الوكالة بتاعة بتاعة المقدس جمال

عادل : اه كنت جايب منهم شغل

امسك سماعة التلفون و اتصل علي الوكالة و قال له أن خفيدته تبكي و يبدو أن ابنته تعبانة

شكره جمال و هو يغلق الخط و يتصل علي رومي زوجته ليذهبوا إلي ابنته ليطمئنوا عليها

و لكن ما أن وصلوا إلي البيت وجدوا ماري تجلس كان علي رأسها الدنيا قد سقطت و هي تنظر أمامها و كانها تجلس منذ ساعات طويلة

يتبع
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي