الحلقة الرابعة عشر

الحلقه الرابعه عشر

(المطرودة من الجنه)

بقلم نورا محمد علي

الايام تمر و الحياة لا تقف سامي يتكلم مره كل اسبوع أو مرتين علي الأكثر و ما ان يتكلم مع امه حتي تقول له هل ما تعمل له سوف تنفقه علي الاتصالات بهم عليه أن يقتصد أو يدخر المال من أجل المستقبل

كان يستمع إلي كلامها و لا يرد و ماذا هناك بيقوله كلامها منطقي و لكنه حتي عندما يتكلم كانت ايريني ترد عليه بالكاد و كانها تحاول ان تظهر له أن المعاملة بالمثل و انه أن كان يظن أنها سوف تبكي أو ترجوه أن يرجع فهو واهم فلما ذلك البعد ذلك الجفاء و هذه ليست اول مرة يسافر و يتركها و ايضا ليست اول مرة تضع مولودها بمفردها و هو بعيد حتي في المرة الماضية كان الحاضر الغائب كان لا وجود له في محنتها و كما يقولون كثرة البعد تعلم الجفاء

و ها هي في شهر السادس استدار جسدها و امتلئ كانت ابنتها الكبري ميرنا في بداية السنة الخامسة و ابنتها الصغرى ماريا سنة و نصف تقريبا و لقد فطمتها كما قالت خالتها منذ أن عرفن بالحمل و ها هي تعيش اغلب الايام في بيت والدها لا تذهب إلي شقتها الا لتحضر ملابس أو لتنظفها أو تفتح الشبابيك لتغير الهواء أو تجلس مع عائشة التي كان حالها لا يختلف كثير عن إيريني

إيريني زوجها مسافر خارج مصر اما عائشة فهو يعمل مهندس في المدن الجديدة و علي حسب انتقال الشركة ينتقل يأتي عدة أيام في الشهر و كان ذلك في البداية مناسب له و لها و لكن مع الايام ظهرت المشاكل فهو من ذلك النوع المنتقد و لانه يعتاد علي الحياة بارده فهو لا يسكت أو يتهاون عن صوت أطفاله فما أن يصدر الصوت من أطفاله الثلاثة فكان يطالب عائشة بالحزم و يعيد عليها ان وجوده بينهم يزعجه و تلك الاسطوانة التي لا يمل من ترديدها

صلاح : انا كنت قاعد مرتاح الواحد يجي يومين يروق باله يبقي قاعد في المُرستان ده

نظرات عين عائشة و هي تنظر له كانت تعني انها مصدومة من كلامه و مصدومة فيه هو نفسه فهو لم يتغير و ان كان لا يتحمل أن يبقي مع أولاده عدة أيام فماذا عنها هي التي تفعل لهم كل شئ

و لكن ماذا في يدها لتفعله كما يقولون الطبع يغلب التطبع هو علي هذا الحال من فترة ليس من فترة بل من اول زواجهم و هي سكتت في اول الأمر علي امل ان يتغير و لكن من يقول أنه قد يتغير فقد كذب فهو يتغير إلي الاسوء و لكنها لم تعد تقدر علي التحمل

نظرت عينها في كل مرة تري اتهامه لها بالاهمال و عدم القدرة علي السيطرة علي الأطفال و انها لا تصلح لتكون ام كانت تقول فيه في كل مرة و كأنها لم تعد تقوي علي الصبر

لم تعد تقدر علي الاكتفاء دموعها التي تسيل علي وجهها في كل مرة و ايضا في الخفاء كأنها لم تعد تقدر علي الكلام أو المواجهة حتي بدمعة خائنة في عينها

و هي في كل مرة تسأل نفسها كيف يستطيع أن يكون معها في الفراش بكل تملك و في لحظات يبحث عن شئ اليوم عليها

و لكن هذه المرة لم تسكت لقد اتت القصة التي قطمت ظهر البعير

عائشة : اقعد انت ربيهم و اكلهم و شربهم وشوفهم محتاجين ايه و ابقى ليهم الاتنين مع بعض ام و اب.. اعتبر نفسك زيي منا طول عمرى بعمل كده و مش عاجبك و انت الكام يوم اللي بتيجي فيهم مش مستحملهم ليه هو انا كنت بخلفهم لوحدي

نظرات عينه الحادة المصدومة كانت تعني ماذا تقولي و عن اي شئ تحكي

عائشة بثورة تملكت منها لم تهتم بنظراته و لم تهتم بكلامه و اكملت

عائشة : ايه مش عاجبك كلامي؟
مرة من نفسي انا ليا سنين صابرة علي كلامك اللي مش بس يسد النفس و يكسر الخاطر لا ده يخلي الواحدة تكره نفسها

صلاح : بتقولي ايه

عائشة ما سمعتش بقول ايه. اقول تاني انا مش قادرة اصبر علي اسلوبك ده اكتر انا بقيت بكره نفسي بسببك و انت عمال تنتقد عيالك و تنتقدنى كانك مخزن مني مع انه العكس صحيح


تلك اللحظة التي قالت فيها عائشة كان ينطبق عليها مثل القائل اللي يحضر الجن و ما يعرف يصرفه يعرف أن الجن هيقرفه

كل دمعة نزلت من عينها.. قالت أمامها كلام كثير ردا على افعاله و كأنها تقول له خلاص لقد اكتفيت

صلاح بعد أن وجد. انها قد جمعت له كم لا يعد من إساءه و كلمات قاسية علي مدي السنين له فى حقها وجد نفسه يستمع لها بصدمة و خوف مما هو اتي و لان ليس من العادة أن تقام ثورة دون أن يكون هناك مطالب كانت طلباتها قوية و غير متوقعه و هي تقول

عائشة : انا زهقت و عشان كده انا ماشية و اتصرف انت مع ولادك


صلاح و قف ينظر لها بصدمة و هي تتجه فعلا إلي الباب و قال

صلاح : ماشية فين يا هانم يا ست يا محترمة

عائشة ٪ نظرت له من فوق كتفها و لم تدري كيف ترد علي تستهزائه ام علي تسأله و لكنها التفتت له و هي تقول

عائشة : من ناحية محترمة فأنا الحمد لله محترمة و انت عارف بس المثل بيقول الضغط يولد الانفجار و انا مش عارفة ليه علشان البنت لعبت مع اخوها أو وقعوا حاجة يبقي انا ماعرفتش اربي .. فربي انت بقى و وسؤالك انا رايحه فين فأكيد انا رايحه بيت اهلي.. مليش غيره .

اقترب منها و هي فعلا تهم بأن تفتح الباب ليمسك ذراعها و هو ينظر لها بغضب

اما الأطفال ما ان شعروا بأن هناك مشكلة حتي تركت اميرة كتابها و اقتربت تأخذ اخوها و تدخل إلي غرفتهم" فعلي" كان يلعب بالكرة و دون أن يدرك كان سبب المشكلة

ما ان اغلقت اميرة الباب عليهم حتي قالت

اميرة : اسكت بقي مش سامع بابا و ماما بيتخنقوا بسبب لعبك عاجبك الكلام اللي قاله بابا لماما و الله انا لو مكانها كنت فعلا مشيت

علي : ماما تمشي و تسيبنا مستحيل

اميرة : اسكت بقي و امسك كتابك و سيبنى احاول اركز الامتحانات قربت

اما عائشة وصل بها الحال أن نقضت ذراعه عنها و نظرة له بغضب لم يكن يتخيل أن تملكه

صلاح بعد أن شعر بأنها جادة فينا تفكر قال

صلاح : علي فكرة انا ما قصدش اللي فهمتيه

عائشة نظرت له دون رد و هي لا زال الغضب يملكها

صلاح : ايه بس يا عايشة هو انا غلطت في البخاري ولا ايه ما تهدي كده دول كام يوم اللي بنزل فيهم اجازة و لو مدايقك اوي كده انا اللي همشي

نظرت له بطرف عينها و هي تكاد ترد عليه رد قاسي يشبه ردوده و لكنها سكتت علي آخر لحظة و هي تنظر له نظرة أبلغ من الكلام

صلاح : خلاص بقي ما يبقاش قلبك اسود و بعدين ايه يعني اتنرفزت علي الولد مش بيسكت و انا دماغي وجعاني و انتي شايفه و قاعدة في ..

عائشة : هي مين اللي قاعدة هاه انا ؟ امال لو مش موجود و شايف اني ما قعدتش من الصبح ما بين غسيل و مواعين و طبيخ و تنظيف ايه حد قالك اني آلة و لا ايه انا بشر و من حقي ارتاح ما انا لسه جاية ااقعد و انت بتقول ايه قاعدة

صلاح : خلاص يا ستي حصل خير صلي علي النبي بقي

عائشة وهي تنظر إليه قالت:
عليه الصلاة و السلام
و ما ان سمعت صوت حركة في الشقة المقابلة حتي اقتربت من الباب

صلاح: راحة فين تاني؟

عائشة : هشوف مين في الشقة بتاعة إيريني لو جات هقعد معاها شوية بدل الضغط ده

صلاح ما ان هم أن يعترض حتي تراجع و هو يقول : براحتك

عائشة : الاكل في الفرن ربع ساعة و اقفل عليه اول ما الجرس يرن

صلاح :حاضر

تحركت لتخرج بعد أن غسلت وجهها و ما ان طرقت الباب حتي قالت إيريني

إيريني : جاية يا عايشة جاية

عايشة : عرفتي منين اني انا؟!

إيريني : انا اول ما بدأت أروق و عارفة انك هتسمعي الصوت و كنت لسه هرن عليكي بس افتكرت أن جوزك هنا

عائشة ابتسمت لها و هي تسمي و تربت علي بطنها و تقول .. ايه القمر دي الحمل لايق عليكي اوي و محليكي

إيريني : انتي اللي عينك حلوة تعالي انا فاتحة الشبابيك عشان ادخل الهوا يجدد جو الشقة تعالي

دخلت عائشة و هي تقول :
بسم اللة الرحمن الرحيم يا ساتر

إيريني : تعالي مفيش غيري

كانت إيريني تنظر إليها والي وجهها الذي يبدو عليه الحزن أو الغضب أو الاثنين معا و ما ان قالت لها إيريني

إيريني : مالك يا عايشة وشك متغير و شكلك متدايقه من حاجة في ايه بس

ما ان تكلمت إيريني حتي كانت عائشة تبكي في صمت و هي تتذكر كل ما حدث لها منذ أن تزوجت إلي اليوم كم مرة كان يفتعل المشاكل علي أتفه الأسباب و كأنه لا يحبها أو حتي هو نفس الشخص الذي كانت ينتظرها لتمر من امامه فقط

اقتربت منها إيريني تحتضنها و هي تقول

إيريني : اهدي يا عيشه اهدي يا حبيبتي مالك بس

عائشة : زهقت مليت كتر الضغط يولد الانفجار كأني بلونه منفوخة علي آخرها و اي شكة هنفجر كأني كبايه اتملت لحد ما فاضت و بقت مش قادرة تشيل ولا نقطة ماية واحدة و هو بيضغط عليا في كل مرة و استحمل و اسكت و ابكي لوحدي و ابقي مش قادرة

كل يوم عن إلي قبله لدرجة أن النهاردة كان عندي استعداد اسيب البيت و امشي اروح بيت اهلي رغم اني قلبي هيوجعني علي ولادي بس وصل بيا الحال اني قولت ليه خليك معاهم وعيد تربيتهم من تاني

الصدمة علي وجه ايريني كانت خير رد علي كلام عائشة تلك المرحة المبتسمة دئما التي ما ان تراها حتي تدرك انها قريبة من القلب

إيريني : معلش متزعليش نفسك هي العيشة كده يعني هو انا اللي عايشة في الجنة

عائشة : هي في جنة علي الأرض يا إيريني هتضحكيني و انا عاوزة ابكي

إيريني : فضفضي يمكن ارتاحي

اخذت عائشة تتكلم و إيريني تربت علي ظهرها و ما ان انتهت حتي نهضت إيريني تعمل لها العصير و بعد وقت كانت عائشة تنهض مع ايريني تغلق الشبابيك لتذهب

و ترجع الى شقتها حيث وجدت صلاح قد أغلق علي الطعام و ايضا يعد السفرة و هو ينتظرها لتأتي ما ان سمع صوت اغلاق الباب المقابل لهم

وقف بالباب كأنه يخشي أن تنزل كما هددته فهي لم تفعلها من قبل

نظرت إليه إيريني و هي تقول

إيريني : مساء الخير يا باشمهندس

صلاح : مساء النور اتفضلي يا ام ميرنا

ايريني : لا انا راجعة البيت ..، اخويا تحت بالعربية ، مرة تانية أن اراد الرب و هي تضع يدها علي كتف عائشة و قالت خلي بالك من نفسك و ابقي كلميني في التلفون

عائشة : هيحصل خلي بالك انتي من نفسك و من البيبي و بوسي البنات

دخل صلاح و ترك عائشة تقف مع إيريني التي قالت

إيريني : ادعيلي ابقى حامل في واد يا عائشة احسن لو جيبت بنت خالتي ممكن تموت فيها.

عائشة : ربنا يراضيكي بس كل اللي يجيبه ربنا حلو

هزت رأسها وقالت عارفة بس و لكن الأسانسير قد وصل ركبت فيه و هي تنظر رأسها بعد أن سمعت صوت التنبيه لسيارة اخوها

مرت الايام و كانت تشعر بالخوف و الترقب اما ماري كانت تاتي اليهم و ما ان تأتي حتي كانت تقول كنت بدعي ابو سيفين و ماري جرجس يرزقك بالولد

و رغم أن ما تقوله يوتر ايريني أكثر التي كانت تهز رأسها و تقول الرب يسمع منك

و لكن في احد المرات كانت خالتها تجلس مع رومي في الوقت الذي كانت فيه ايريني تتألم انها في اول التاسع و هي تشعر بآلام المخاض و لكن ماذا تفعل الوقت لازال باكر علي الولادة

و مع ذلك كانت تتحرك في الغرفة عندنا سمعت صوت ماري تقول

ماري : ايه يا رومي بنتك مش تيجي تسلم عليا و لا عشان شايلة الواد هتتبغدد

رومي : هتتبغدد عليكي ليه يعني بس تلاقيها تعبانة و لا فيها حاجة تعالي نشوفها

و ما ان طرقت رومي الباب حتي سمعت صوت إيريني تان بالم و صوت مرتفع و هي تقول

ايريني : الحقيني يا ماما

اقتربت منها رومي بقلق و كذلك ماري التي وضعت يدها علي بطنها و قالت

ماري : شكلك بتولدي

رومي : اتصلوا علي دكتور بيتر يجي يا كاثرين

ماري : مش هيلحق يجي البنت بتولد

و اقتربت من أيريني و هي تقول

ماري : سخني مايه بسرعه يا كاثرين

و اقتربت لترفع الثوب عن ايريني التي كانت تشعر بالخجل

و لماذا لا تولدها و بعد نزاع و الم و صراخ ايريني و خوف رومي و كاثرين التي تجفف عرق إيريني و تقول

كاثرين : يا عذراء يا ام النور

ماري و هي تستقبل المولود و هي تقول يا ابو سيفين ولد

و ما ان وضعت إيريني و استمعت إلي بكاء الطفل و لكن صوت اخري شق اذنها

صوت ماري وهي تقول :
بنت بنت مش ولد ليه يا رب ليه يا ابو سفين ليه يا ماري جرجس يا روماني

اقتربت من ايريني في الوقت الذي قالت فيه كاثرين

كاثرين : البنت سكتت

رومي اقتربت من الطفلة التي فارقت الحياة في التو و اللحظة كأنها رد علي اعتراض ماري علي عطية الرب

نظرات ماري المصدومة و نظرت كاثرين الحزينه

و ايريني تنظر إلي خالتها و لسان حالها يقول

إيريني : عاجبك كده مرضية اعتراضك علي أمره اهو اخدها ...

يتبع........

ابهروني
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي