الحلقة الرابعة والعشرين

الحلقه الرابعه والعشرون

(المطرودة من الجنة)

بقلم نورا محمد علي

اللهم صل وسلم على نبينا وحبيبنا وشفيعنا محمد بن عبدالله وعلى آله وصحبه أجمعين.

تلك النظرة التي كانت علي وجه عائشة كانت مزيج بين الرفض واللوم و العتاب مشاعر متضاربة أفكارا تأخذها لتتركها و كأنها تلوم عليه كل ما حدث كأنها تسأله و لكن بعينها كيف استطاع أن يفعلها و

ان كانت هي لم تستطيع البعد عنه أكثر من شهر حتي لو كانت تدّعي غير ذلك و ما ان شعر بأنها تفكر أو تحتار حتي كان يقتحمها يقربها من حضنه يضمها إلي قلبه عينه تنظر لها باعتذار و ندم و شفتيه تدمغها بالعشق و الشوق و الشغف الذي يركض في شراينه و ما هي الا لحظات حتي كانت تفقد السيطرة تفقد القدرة علي الرفض الذي رسم علي وجهها في الشهر الماضي ها هي تترك نفسها لتنقاد وتنساق بمشاعرها له

اما هو لم يترك لها مساحة لتبتعد مرة اخري و اقترب منها مرة اخري في موجة بين ذراعيه و هو يهمس باسفه و اعتذاره


صلاح : حقك عليا يا قلبي انا غلطان انا اسف اوعدك مش هتتكرر تاني بس انتي سامحي و إغفري

نظرت إليه بتردد و هي تقول

عائشة : اغفر و أسامح ليه انا بشر مش ملاك و بعدين المغفرة صفة آلهية و انا مهما ادعيت القوة ضعيفة محتاجة السند بس

صلاح وضع اصبعه علي شفتيها ليوقف سيل الاتهامات التي تنساب من بين شفتيها و هو يقول

صلاح : اسف صدقيني اسف

اذدردت لعابها و كانها لا تصدق اسفه

و لكنه كان يقترب ليقتحم حصونها و يغوص بها في بحور العشق و هو ياخذ ماهو له بلهفة و عشق و هو يقول

صلاح : بحبك يا شوشو بحبك و عارف اني غلطان و اني صغير في عين نفسي محتاجك و محتاج ايدك تسندني زي ما طول العمر سانداني محتاج حبك و عطفك و عارف انك هتقدري تنسي عشان نكمل و نبدا من جديد

و ما ان همت أن تعترض حتي رجع ليبرر و يعتذر و هو يتحرك بها الي الفراش

و ها هي الحظات تمر و هي تائهة بين ما تشعر به و بين ما يشعرها بيه

كان يتغني بحبها و يهمس لها بعشقه و رغم انها لم تعد تصدق الا انها لم ترد

مر الليل طويل عليهم و في الصباح كانت تهم ان تتحرك من الفراش عندما ضمها اليه و هو يقول

صلاح : راحة فين بدري كده

عائشة : هجهز الاكل عشان لما أرجع من الشغل كل حاجة تبقي جاهزة

صلاح و هو ينظر في الساعة بدهشه قال

صلاح : انت عارفة الساعة كام

عائشة : اه عارفة بس لازم اخلص التزاماتي مش معني اني بشتغل اني اهمل ولادي

صلاح : طيب نامي و انا هوصي علي سمك و علي ما ترجعي من الشغل و علي ما تطبخي الرز يكون جه

رغم ترددها الا انها كانت تشعر بالارهاق
هزت رأسها و رجعت إلي الفراش و لكنه حاوطها بذراعه و هو يضمها إليه و كأنه يشعر بالاشباع فقط لوجودها بين ذراعيه

و هو يدفن راسه في عنقها و انفاسه الحارة تداعب مشاعرها و لكنها اغلقت عينها عل النوم ياخذها سريعا و لكنها قبل ان تغفوا تذكرت انه قال لها بالامس انه سوف يسافر في الصباح الباكر

عائشة : بهمس صلاح

صلاح بلهفة قال : قلبي

عائشة : انت مش قولت انك مسافر الصبح

صلاح : اه قولت بس رجعت في كلامي هكلمهم في الموقع اخد أجازة

رفعت نفسها علي ذراعها لتنظر اليه

صلاح : لسه الشوق غالبني ومالحقتش اشبع من حضنك اللي محرماه عليا شهر

نظرت له بعدم تصديق و لكنها رات الصدق في عينه
ربما نظرة عينها كانت تعني ان
( التعود علي الشيئ واعتياده من الكوارث اجل فاعتياد النعمة تجعل الانسان يغفل عن الشكر )
و هو لم يشعر بالنعمة الا بعد ان هدد بانها سوف تزول من وجهه

في اليوم التالي كانت تذهب الي العمل اما هو ظل مع اولاده وجد اميرة تخرج علب الاطعمة من الثلاجة و تهيئ الافطار و كانها تعرف كل شيئ

وهي فعلا تعرف كل شئ الاعتياد علي فعل الاشياء يجعلك من السهل ان تفعلها اعدت الافطار لهم و هي تقول لوالدها

اميرة : هتاكل معانا يا بابا

صلاح : انتي اللي هتعملى الفطار

اميرة : اه حضرتك ليه مش واثق انا سنة سادسة يعني اثناعشر سنة

صلاح : طيب وريني يا لمضة

هزت رأسها و تحركت إلي الأطعمة لتغرفها في أطباق بطريقة لائقة

و هي تضع كل شيئ علي السفرة و تقول

أميرة : ها يا بابا ايه رايك

صلاح: لا دي حاجة عشرة علي عشرة خالص ما انت بقيتي عروسة يا قلب بابا

اما هناك في الشركة كانت عائشة تعمل بسلاسة فلقد مر شهر كامل علي العمل و ها هي تتقن ما تفعله


تعرفت علي زميلات في نفس القسم و نشأت بينهم علاقة طيبة و لكنها لم تترك مساحة كبيرة لاحد

كانت تدون تلك الاوذونات في الدفاتر و تتأكد من كل شيئ قبل أن تقفل الحسابات

اما هناك كانت إيريني تعد الطعام و لكن سامي ابتسم لها و قال

سامي : اساعدك يا قلبي

إيريني هزت رأسها بالنفي و ما أن اقترب حتي قالت

إيريني : سامي مجد سيدك

سامي: المجد اسمو القدوس

ايريني: النهاردة السبت ياله علي شغلك

سامي ضحك بصوته كله و هههه و هو يقول

سامي : انت دماغك راحت لفين انا عاوز اخد ده و اخذ قطعة كيك من جوارها

اخذ ياكلها باستمتاع و هو ينظر لها بعبث و بابتسامة ثم قال

سامي : انا نازل عاوزة حاجة يا قلبي

إيريني : سلامتك يا قلبي

تحرك إلي حيث عمله اما هي اخذت تعد الطعام للغذاء و تنهي ترتيب البيت

مر اليوم رجعت عائشة من العمل الذي كان يوما طويل علي غير العادة

كانت تصل إلي الشقة مرهقة ألقت السلام و هي تتحرك إلي المطبخ

لكنها وجدت الأرز مطبوخ و السلطة معدودة و السمك وصل ساخن

نظرت إلي أميرة فقالت

اميرة : بابا اللي عمل الأكل

رفعت عائشة حاجبها بدهشه وهي تقول

عائشه : بابا اللي عمل الاكل

استمع صلاح إلي كلامها و ابتسم و
هو يقول

صلاح : ايه عندك مانع

عائشة : و انا امانع ليه انا هغير هدومي و اجي بسرعة عشان بجد جعانة

صلاح : و انا وأميرة هنوضب السفرة

مر اليوم و كان صلاح يعوض تلك الايام التي مرت عليهم في بعد و هو ينهل مع عائشة من نبع الحب


اما هناك عند إيريني كانت تنام باكرا فاليوم السبت و غدا القداس

و في اليوم التالي ما ان انتهي القداس حتي تحركوا إلي بيت جمال حيث تجمعت العائلة

و ربما في هذه الشهور التي مرت لم تذهب إيريني إلي بيت والدها الا مرات قلائل قد. تعد علي اصابع اليد

كانت رومي تنظر لها و هي تلتفت حولها كأنها تري طفلها جاستن أمامها الذي مات فى هذا البيت.. وصوت ابنتها التى صرخت صرخه واحده. فوقفت ايريني وهى تضع يدها على اذنها وتغلق عينها للحظات.

و لكن ما فاجئ إيريني أن خالتها و عمها ايضا موجودون هم ايضا

و كان عقلها يسأل هل هناك مناسبة ام أن ابيها اعد عزومة فقط

لم تفكر كثيرا و هي تجلس تضم بناتها بين ذراعيها

حتي أن جمال ابتسم إلي ميرنا و قال

جمال : ايه يا مارو مفيش بوسة لجدك جمال

ميرنا ذات الخمس سنوات و بضع أشهر ابتسمت لجدها و اقتربت منه بعد.ان تركتها امها

جمال : ايه يا ماري مش هتيجي لجدك ولا ايه
أسرعت ماريا هي الأخري إليه

اخرج لهم الشيكولاته و هو يقبل جبين كل واحدة منهم و هو يضمهم إلي حضنه

جمال بقيتوا توحشوني امك بقت بخيلة

اير يني بدهشة قالت : انا

جمال : اه انتي يا قلب ابوكي ما تعرفي انك بتوحشيني انتي والبنات

ابتسمت له وهي تقترب لتقبل يده ورأسه

و هي تقول بمحبة


إيريني: انا اقدر يا مقدس بس بس

جمال : بس ايه يا قلب ابوكي و غير الموضوع حتي لا تفكر أو تتذكر مرة اخري

اما ماري كانت تنظر إليهم و هو يدلل ابنته و يحاول أن يطيب خاطرها

اما رومي كانت تنهض إلي المطبخ مع كاثرين و مارثا فنهضت هي الأخري وقالت

ماري : خديني معاكي

كاثرين : خليكي مرتاحة يا خالتي

ماري : ليه هو انا ضيفة و تحركت فعلا إلي المطبخ

كان سامي ينظر إلي والده و امه و هو خائف من ما سوف يحدث أن تكلموا مع إيريني في ما يريدوا

هو ليس احتفال و ايضا ليست عزومة عادية و الدها لم يعد يحتمل تباعدها هو لا يري بناتها الا ان طلب من يوسف أن يحضرهم مع أولاده من حضانة الكنيسة

علي ابنته ان تكسر حاجز الخوف من البيت و من الذكريات السيئة التي عاشتها بين جدران بيته يجب ان تكون قوية و تواجه الدنيا من احل نفسها قبل الجميع

رغم خوف سامي من الانتكاسة الا انه في بعض الأحيان يجب ان تفتح الجرح حتي ينظف يجب أن اضغط عليه حتي ينزف و ما بين أن ينزف و ان ينظف شعرة واحدة.

كانت المائدة حافلة و عليها ما لذ وطاب فلقد انتهي الصيام منذ اسبوعين و لكن نظرات ماري التي تخشي أن تتكلم و نظرات سمير الذي يشعر بالشفقه علي ابنة اخوه و زوجة ابنه التي تشعر كأنها روح تائه في الملكوت و كأنها مطرودة من رحمة الرب بعد أن أنجبت البنتين كلما حملت يموت المولود البنت ماتت و الولد مات

و ما ان انتهي الطعام حتي قال جمال

جمال : ايه يا إريني مش عاوزة ترتاحي في اوضتك شوية

إيريني بهسترية : لا لا

جمال: ليه خايفة تواجهي مخاوفك خايفة تشوفي شبح الطفل فيها و لا شبح البنت انتي لازم تبقي قوية دا اختبار من ربنا و لازم تتجاوزي خوفك

إيريني و هي ترتجف من كلام والدها الذي يواجهه بالواقع و كأنه يضغط علي جرح قلبها حتي ينزف و ينظف

إيريني: ازاي

جمال: تخوضي التجربة مرة تانية

شهقت بصوت مرتفع و هي تتراجع إلي الخلف كأنه صفعها

إيريني : ايه

جمال : خلي نفسك تحملي مرة تانية

نظرة الخوف في عينها و الألم علي وجهها و كان ما يطلبها به فوق طاقتها فاكمل كلامه

جمال : ايه مش هاتردي عليا

إيريني : ارد اقولك ايه افرض جيبت بنت

ماري : انا عاوزاكي تجيبي بنت

جمال : و انا كمان عاوز بنت مالها البنت نعمة انتي عندي اغلي من اخواتك كمان

مارثا تقف بعيدا و تشعر بالشفقة علي اختها التي تشعر بالتمزق

اما ايريني نظرت إليهم وقالت

إيريني : عاوزين بنت

ماري : اه انا عاوزة بنت وراضية لو جات بنت

إيريني : و لو جيبت بنت و ماتت

شهقت ماري و مارثا و رومي

إيريني: هو انت ليه مش حسين بيا

يتبع....
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي