نافذة لا حائط

Nermeen mahmoud`بقلم

  • الأعمال الأصلية

    النوع
  • 2022-12-01ضع على الرف
  • 91.6K

    إكتمل التحديث (كلمات)
تم إنتاج هذا الكتاب وتوزيعه إلكترونياً بواسطة أدب كوكب
حقوق النشر محفوظة، يجب التحقيق من عدم التعدي.

الفصل الاول

"انت طالق"
عادت لها حريتها من جديد، هذه المرة أيضًا كُتب لها عمرًا جديدًا، رب العالمين كان رحيمًا بها، عندما تكون على حافة الموت يُرسل لها طوق النجاة متمثلًا فيه هو.

تريح جسدها المنهك على فراش صغير بمنزل عائلتها العريقة، تحوم حولها جدتها السيدة "زينب" تحاول الاطمئنان عليها، تريدها أن تتحدث و لو بكلمةٍ واحدة تريح بها قلبها، لكنها لم تفعل، منذ أن اصطحبها عمها إلى المنزل و هى تلتزم الصمت، فقط عيناها ممتلئتان بالدموع العصية التي تأبى مغادرة حدود عينيها، و كأن ما حدث لها لا يمكن وصف بشاعته بعبرات حزينة تقطع نياط القلب.

ذراعها مُجبرًا، فقد ألحق بها طليقها الضرر و تسبب بكسره، فضلا عن كدمات متفرقة بأنحاء جسدها النحيل، و تلك الكدمة أسفل عينيها تحديدا و التي تحولت إلي اللون الازرق القاتم، مُخلفة بقعة حمراء ظهرت بعيناها لتوضح مدى الضرر الواقع عليها.

مسدت السيدة "زينب" خصلاتها حالكة السواد و المجعدة قليلًا بحنان قائلة بنبرة هادئة واضحا بها الحزن على ما أصابها:

_هل انت بخير الآن ابنتي؟، أريد الإطمئنان عليك فحسب.

لم ترد عليها هذه المرة أيضًا، هى ليست بخير، و لن تكون أبدًا، ذلك الخنزير البري المسمى طليقها قضى على إنسانيتها و المتبقي منها بأفعاله المشينة بحقها مرة بعد مرة، تفاصيل ذكرياتها معه طوال عامان من الزواج تتدافع إلى ذاكرتها الصغيرة، كل إهانة، و كل ضربة، و كل تعنيف لم تكن تستحقه تأبى النسيان، كرامتها المهدورة على يديه، غرورها الذي أُريقت دماؤه ينازعان بداخلها كشخص تغادره روحه إلى بارئها.

تنهدت السيدة "زينب" بألم على حال حفيدتها و هتفت بحزن:

_لا حول ولا قوة إلا بالله، لله الامر من قبل ومن بعد.

أمسكت بكفها الناعم تحثها على أن تنهض و تنتصب جالسة و هي تهتف:

_فقط تناولي طعامك، عليك أن تهتمي بصحتك هذه الفترة.

سحبت كفها من يدي جدتها و هتفت بصوت لا روح فيه:

_لا أريد.

لم تستسلم السيدة "زينب" و إنما جذبت كفها مرة أخرى بين يديها هاتفة بإصرار أكبر:

_الأمور لن تُحل بهذه الطريقة، إضرابك عن الطعام لن يوذِ أحد سواك، هيا صغيرتي تناولي طعامك.

جذبت كفها بعنف هذه المرة و لم تتحدث بحرف واحد و كان ذلك كافيًا ليجعل السيدة "زينب" تكف عن محاولاتها معها.
تركت ما بيدها و خرجت من الغرفة، مقررة أن تتركها على راحتها و كما تشاء، فهي لا تريد أن تضغط عليها أكثر يكفيها ما تعانيه.

لم تنتبه "رهف" إلى خروج جدتها من الغرفة، و إنما كانت شاردة الذهن بتفاصيل ذلك اليوم، بذلك الشئ الذي جعل طليقها يغضب بهذه الطريقة و يلحق بها هذا الكم من الأذى الجسدي والنفسي معًا.

………….

عاد "محمد" من زيارته إلى والدته غاضبًا للغاية، كان وجهه منتفخًا و مُحمرًا دلالة على غضبه الشديد، إقتربت منه "رهف" ما أن شاهدت ملامحه المكهفرة و هتفت تسأله بإهتمام:

_ماذا حدث؟، لما انت عابس الوجه هكذا؟، كيف سارت زيارتك لوالدتك؟.

لم يُمهلها "محمد" الفرصة، حتى أنه لم يخبرها فيم أخطأت، رفع يده وهوى على وجنتها بصفعة قوية جعلتها ترتد للخلف، فلم تتوقع ضربته أبدًا، كما أنها لم تفعل شئ يغضبه هذه المرة فلم يرفع يده عليها الآن!.

صرخ بها "محمد" بصوت مرتفع كاد يُفجر أذنيها من شدته:

_و تجرؤين على السؤال أيضًا!، ياللوقاحة، كيف تجرؤين على الخروج من المنزل بغيابي و دون أن تخبري والدتي حتى تسمح لك بالذهاب!.

إتسعت عيني "رهف" بشدة حتى كادا أن يخرجا من محجريهما، تلك المرأة لن تكف عن إيذاءها أبدًا، فها هي كلما سنحت لها الفرصة تتسبب بإندلاع مُشكلة ليس لها داعٍ بين ابنها و زوجته فقط لأنها لا تحبها.

ذلك اليوم خرجت من المنزل ذاهبة إلى السوق لتبتاع بعض الملابس المناسبة للخروج من المنزل، و قد أخبرت والدة زوجها بالأمر و سمحت لها بالخروج بالفعل فلم تكذب الآن و تنفي اعطائها الاذن لها!.
أساء "محمد" فهم صمتها، فقد ظن أنها تبحث عن كذبة مناسبة لتقنعه بها أن والدته كاذبة لعينة تريد إشعال النيران بينهما، عاجلها بصفعة أقوى من سابقتها هاتفًا بغضب جحيمي جعلها ترتعد:

_ذهبت إليه أيضًا، رغم تحذيري لك دائمًا أن تبتعدي عن أي مكان من الممكن أن يتواجد به، لكنك تجاهلتي أوامري، أوامر زوجك!.

هتفت "رهف" محاولة الدفاع عن نفسها، تنتقي كلماتها بعناية فائقة وحذر شديد للغاية:

_لقد أخبرت والدتك بالفعل و سمحت لي بالخروج لقضاء حاجتي، لم أخالف ايًا من أوامرك يا مُحمد، كما أن عمي "ناجي" هو من طلب مقابلتي لأمر هام يخصك و طلب مني أن أفاتحك بالأمر، تواجد "آدم" بنفس المكان كان صدفة ليس أكثر.

هذه الحقيرة ابنة الحرام تخبره بكل عين وقحة أن والدته التقية التي حجت بيت الله الحرام أكثر من مرة ليست إلا كاذبة تُريد الايقاع بينهما، مُحال أن يصدقها حتى أنه سيجعلها تدفع ثمن كل كلمة تفوهت بها و قصدت الإساءة بها لوالدته.

لم يتركها عند هذا الحد، فلم يكفيه الصفعتان اللتان سددهما لها وقرر ايذاءها بأكثر الطُرق إيلامًا _كما أخبرته ذات مرة_ هاتفًا بنبرة حادة نفذت إلى صدرها:

_إياك و الإساءة لوالدتي، هي لن تكذب أبدًا، أنت إبنة حرام و كاذبة لعينة، اعتدتِ الكذب عليَّ، كوالدك تمامًا.

"ابنة حرام" عار ظل يلاحقها طوال عمرها، و كأنها هي من أغوت والدها ليفعل فعلته الشنيعة، دفعت ثمن شئ لم تفعله آلاف المرات، حاسبها عليه جدها، و أعمامها و عماتها، جدتها لوالدتها، حتى والدها، غافلين عن أنها ليست سوى ضحية تصرف خسيس بدر من ابن فاسق لعائلة عريقة لم تُحسن تأديبه.

تجاوزت صدمتها بزوجها و هتفت بصوت جاف خالٍ من المشاعر:

_هذا الأمر يؤلمني، لا تكن بمثل هذه القسوة معي.

ضحكة هازئة بغيضة خرجت من فمه ليهتف بوقاحة أكثر غير مكترثًا بمشاعرها:

_قسوة!، انت لم تري القسوة بعد، كما أنني أتقصد إيلامك عقابًا لك على مُخالفة أوامري و تطاولك الوقح على والدتي.

هذه المرة كان عليها أن ترد أذاه عنها، لن تتركه يؤلمها بهذه الطريقة، مُنذ أن علم بالأمر قبل الزواج و هي تتوسله ألا ينعتها بتلك الكلمة أبدًا، ظنته يُحبها ولن يتحمل أن يكون سببًا بتعاستها..لكنها أخطأت كما أخطأت بحكمها على خطيبها السابق.

أغمضت عينيها تعتصرهما بقوة و هتفت بنبرة مُحذرة لم يبالي هو بها:

_والدتك تكذب، أنا لم اخطو خُطوة خارج المنزل بغير علمها أو موافقتها، رجاءًا يا مُحمد لا تنعتني بهذه الكلمة مجددًا.

عدم احترامها لوالدته يجعله يجن و يفقد السيطرة على نفسه، يعلم أن العلاقة بينهما ليست جيدة بما يكفي، كما أن زوجته تتجنب التواجد مع والدته قدر الإمكان ولا تلتقي بها إلا بأضيق الحدود، هذه المرة أمسك بذراعها بوضعية خاطئة مهددًا بكسره هاتفًا بغضب:

_هذا تحذيرك الأخير، إياك و التفوه بحرف آخر عن والدتي، يجب أن تكوني ممتنة لها لأنها قبلت بك كزوجة لإبنها، فمن هي بنفس ظروفك تجلس على جانبي الطريق منتظرة زبائن الهوى.

هذه الإهانة كانت أقوى من سابقتها بشكل جعلها تنتفض لكرامتها، فرفعت يدها الحُرة لتصفعه بها، صفعة تردد صداها بالفراغ من حولهما، أخلفها صمت مشحون يتخلله نظرات مُحمد التي أقل ما يقال عنها أنها غاضبة..و بشدة، و نظرات رهف التي تخبره بكل وضوح أنها ليست نادمة، و إذا عاد بها الزمن بضعة ثوانٍ ستفعلها مجددًا!.

ما حدث بعدها كان الظلم بعينه، فقد تَجبر عليها مُحمد بقوته الجسدية أمام جسدها النحيل، حاولت بقدر الإمكان أن ترد أذاه عنها لكنها لم تستطع، سمعت صوت قرقعة عظامها لتصرخ بقوة أفزعته فخرج من المنزل مهرولًا لا يعلم أين يذهب، ولا شئ يسيطر على تفكيره سوى ردة فعل "آدم" عندما يعلم بما ألحقه بها من ضرر.

………….

انشغلت السيدة "زينب" بعملها بالقصر و عقلها منشغلًا بما حدث لحفيدتها، ذلك السر الذي تُخفيه عن الجميع من شأنه أن يغير مجرى الأمور تمامًا ولا تعلم متى ستقرر "رهف" إخبار عمها بالأمر؟، و الأهم من عمها ردة فعل "آدم" ما أن يعلم، بالتأكيد ستكون العواقب وخيمة.

لم تنتبه إلى دخول "آدم" إلى المطبخ، يقف يتابعها محاولًا معرفة ما تُخفيه عنه "رهف"، إصرارها على التهرب منه يثير قلقه..و بشدة، منذ أن إصطحبها إلى المنزل قبل يومان فقط و هي تتهرب منه و من رؤيته، تلتزم الجلوس بغرفتها، حتى أنها لم تمارس هوايتها في إثارة غضب جميع من بالمنزل.

أصدر صوتًا قويًا ليُنبه "زينب" لوجوده، فقد ملّ من مُراقبتها هكذا دون جدوى، حصل على ما أراده عندما التفتت له السيدة "زينب" و قد ظهر على وجهها القلق و الخوف، لا تظنها تستطيع إخفاء الأمر عنه إذا سألها عما يخفونه عنه، إبتلعت لعابها بصعوبة بالغة لم يخطئ هو في تفسيرها، هتفت "زينب" بنبرة هادئة قدر استطاعتها:

_هل تُريد شيئًا يا بني؟.

لم يرد عليها "آدم" و إنما ظل ينظر لها بقوة جعلتها تتعرق خوفًا، لطالما كان يُمارس عليها أساليب الضغط النفسي، فهي إمرأة مُسنة و تهابه بشدة لذلك تكشف نفسها بسهولة أمامه.

جلس "آدم" على المقعد أمامها و هتف أخيرًا يسألها بنبرة حادة مبطنة بتحذير لم تخطئ "زينب" فهمه:

_ما الذي تُخفيه عني حفيدتك؟.

ضمت "زينب" أصابعها بقبضة يدها و التفتت لتتابع عملها في محاولة منها لتشتيته، كما أنها تعطي لنفسها الفرصة لتتمالك أعصابها.

هتفت السيدة "زينب" بصوت حاولت أن تجعله طبيعيًا:

_ما الذي من الممكن أن تخفيه رهف عنك يا بني!، و إذا أرادت أن تُخفي شيئًا ما عنك فلن تستطع فعل نفس الشئ مع والدك.

"أنا أكذب" إستطاع بسهولة قراءة هاتان الكلمتان من بين سطور حديثها، لا تُجيد الكذب أبدًا، علم هذا الأمر منذ أن استدارت لتعطيه ظهرها، لطالما كانت تلك حركتها المعهودة، فهي لا تستطيع مقابلة نظراته و الكذب بوجهه و هو ينظر لها بهذه الطريقة التي تجعلها على شفا حفرة من الانهيار التام و إخباره بكل شئ يتعلق بحفيدتها.

أصدر صوتًا معترضًا بشفتيه و هتف بنبرة أكثر حدة و أفل هدوءًا:

_هناك شيئًا ما تخفيه عني أنا تحديدًا، أنا أعلم تصرفاتها جيدًا؛ إصرارها على التهرب مني و عدم الالتقاء بي، جلوسها بالغرفة طوال الوقت، عدم تناولها للطعام و كأنها تُريد إزهاق روحها، هناك شيئًا يحدث معها و لا احد سواك يعلم بالأمر.

صمت لثوان يلتقط أنفاسه ثم أردف بنبرة أكثر وحشية مهددًا "زينب" :

_هذه فرصتك الأخيرة، إما أن تُخبريني بالأمر..و إما تغادري هذا القصر على الفور، بدونها طبعًا.

يعلم جيدًا نقطة ضعفها، رغم كُرهها "لرهف" مُنذ أن حملت بها ابنتها و أنجبتها إلا أنها تظل آخر شئ تركته إبنتها قبل أن تغادر الحياة بأكملها قبل خمسة أعوام، لا تستطيع الابتعاد عنها أبدًا و لن تخاطر بالأمر، ستخبره بالحقيقة ليتصرف كيفما شاء.

أخذت "زينب" نفسًا عميقًا ثم هتفت بنبرة منهزمة مستسلمة:

_رهف تحمل طفل مُحمد بأحشاءها.

كانت الطامة الكبرى لآدم، لم يكد يسعد بطلاقها من ذلك المُخنث الذي لا ينتمي للرجال بصلة و إنما شُبه بهم فقط ليُعكر صفو فرحته هذا الخبر الآن، لم يتفوه بحرف فقط انتفاخ وجهه مع احمراره الشديد الدال على غضبه الجحيمي ليخرج بعدها و يعود من حيث أتي، حاملًا خيبة أمل أخري و عثرة جديدة وُضعت بطريقه تمنعه من الظفر بها.

……………

يسير بأروقة القصر دون هوادة، عقله منشغلًا بإيجاد حلًا لتلك الكارثة التي حلّت على رأسه، بدأ يُجزم أن وجودهما مع بعضهما أمر مستحيل الحدوث، الجميع يتحالف ضده بما فيهم والده و والدته.

كاد أن يخرج إلى حديقة القصر لكنه توقف بمكانه مُتجمدًا عندما تهادى إلى مسامعه هذا الحوار الدائر بين والده و عمه و جده الاثنين بشأن "رهف"، ما جعله يخرج عن هدوءه الغريب منذ أن علم بأمر حملها هو حديثهم، الجميع يلقي باللوم عليه فهو من ضغط على زوجها ليطلقها، لا يعلم ما يريدونه منها بالتحديد، الجميع يتفق على أمر واحد فقط و هو إيلامها و تدميرها بقسوة، حتى والدها، دائما يفرق بينها و بين إخوتها من زوجته الثانية، لم يشعرها قط أنه يحبها، لم يحنو عليها قط ما كانت سوى خادمة بقصر العائلة، لم يشعر أحد نحوها بالشفقة مثلًا بل يُحملها الجميع نتيجة فعلة والدها الخسيسة.

" آدم أفسد الأمر تمامًا بتصرفاته الطائشة، رغم تحذيري له ألا يفعل أي شئ لا يُحمد عُقباه، لكنه كالعادة يطرق بكلمتي عرض الحائط مُظهرًا قِلة تأديبه".

قالها والده "ناجي محفوظ" بغضب شديد يتخلله عتاب مخفي لابنه الذي يُصر دومًا أن يُقلل من شأنه أمام أفراد العائلة بتصرفاته الغير مهذبة، منذ أن أخبرته السيدة "زينب" بما حدث مع "رهف" و لسوء الحظ كان "آدم" معه و علم بالأمر، أخبره أكثر من مرة ألا يتصرف وحده، حتى أنه ترجاه و توسل إليه، لطالما كان آدم شرسًا قاسيًا فيما يخص "رهف" تحديدًا، لكن "آدم" لم يسمع حرفًا مما قاله والده و إنما فعل ما أراده دومًا..طلاقها، و علي والده الآن أن يواجه غضب العائلة مُتحملًا إهاناتهم له دون أن ينطق بحرف.

لم يُبرد حديث "ناجي" غضب أخيه "سمير" من "آدم" ليهتف بنبرة غاضبة حادة:

_هذه ليست المرة الأولى التي يُقحم فيها آدم نفسه بأمر لا يعنيه متسببًا بافساده تمامًا، سابقًا أفسد خُطبتها و الان أجبر زوجها على تطليقها رُغم تحذيرك له ألا يفعل شئ.

صمت لثوان و نظر لأخيه يشمله بنظرة ساخرة مقللًا من شأنه هاتفًا:

_و الآن يتركك بهذا الوضع المخزي تتحمل وحدك عواقب قلة تهذيبه.

لم يتحمل "آدم" أن يصمت أكثر، دفع باب الغرفة فجأة مقتحمًا المكان بملامح لا تبشر بالخير أبدًا، جعلت "سمير" يبتلع ريقه بصعوبة بالغة؛ هو وحده يعلم جيدًا ما الذي من الممكن أن يفعله "آدم" لاجل عيون "رهف"، و ما زاد من قلقه أكثر هو أنه إشترى عداءه منذ أن زوجها لسواه رغمًا عن أنفه.

نظر "آدم" إلى الجميع بنظرات قوية ثاقبة، وقد بدى مُصرًا هذه المرة على الزواج منها و عدم إضاعتها من يده كالسابق.

_رهف لن تعود لذلك المخنث أبدًا، كما أنني لست نادمًا أبدًا على ما فعلته، و بالنسبة لطلاقها فهذه كانت غايتي من البداية.

استدار ليغادر الغرفة مثلما جاء لكنه تذكر شيئًا ما فأدار جسده نصف إستدارة هاتفًا بنبرة حادة قوية غير قابلة للنقاش:

_و للعلم فقط..بعد انقضاء شهور العدة سيتم عقد قراني على رهف، رغمًا عن أنف الجميع هذه المرة.

ما أخبرهم برغبته في الزواج منها إلا ليثير غضبهم فقط، فهو لا يعلم كيف سيتم الأمر إذا أراد رب العالمين إكتمال الحمل و أنجبت "رهف" طفل والده طليقها، وقتها سيحارب في جميع الجهات حتى لا يجعلها تعود مرة أخرى إلى طليقها البغيض.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي