السر.هابو

Ghada hanafi`بقلم

  • الأعمال الأصلية

    النوع
  • 2022-09-20ضع على الرف
  • 12.3K

    جارِ التحديث(كلمات)
تم إنتاج هذا الكتاب وتوزيعه إلكترونياً بواسطة أدب كوكب
حقوق النشر محفوظة، يجب التحقيق من عدم التعدي.

الفصل الأول

مع سماع صوت ابتهالات الفجر الصادر من مسجد فى إحدى المدن الريفية التي يملأها الهدوء التام، وسط ظلام دامس بين الأراضى الزارعية، هناك فتاة جميلة فى أواخر العشرينات لكن عينها تشعرك بانها فى أواخر الخمسين.

سلمى، تجري خائفة تنظر ورائها وهى تبكى حافية القدمين، تتساقط دمائها كالمطر من رجليها المصابه ولكنها لاتهتم، تظل تنظر ورائها وهي تجري مرعوبة وكأن هناك ذئب يطاردها دموعها تملئ وجهها البريء تتعسر قدميها، تقع على الأرض وتصرخ من الألم يخترق صوتها هذا الظلام الدامس كالبرق في السماء.

ليقف رجل كان يجري ورائها (شوقي) ينظر في كل اتجاه يبحث عن مصدر صوتها.

شوقي، في أواخر الثلاثين عيناه جحظتان يملئهم الشر والانتقام شعره كثيف يميل إلى اللون الرمادى، يلتقط أنفاسه ويستجمع حواسه لكى يُحدد مكانها ينظر ويستشعر بعين ذئب يبحث عن فريسته الهاربة.

تحاول النهوض وهي تضع يدها على فمها حتى لايسمع صوت أنفاسها المتصارعة من القلق والرعب.
تقف تستكمل طريقها وهي تضع يداها الآخرى على قلبها الذي يكاد ان يخرج من بين أضلعها، تتألم من اصابتها وهي تجري تلتفت ورائها وفجأة تصدم بشاب كان متجه لعمله بعد صلاة الفجر ترتمي بين أحضانه وتدفعه لتقع مرة أخرى على الأرض تقف بسرعة يحاول ان يطمئنها الشاب.
:اهدئ، لا تخافي، من أنتي ؟! ماذا أحل بك؟!
تنظر في كل اتجاه، ترتعش خائفه متوتره، لا تستطيع الكلام.

:انا، انا شوقي يريد قتلي، أنا سلمى.
-لا تخافى فقد ذهب لايوجد أحد هنا، اهدئ.

ينظر إليها مشفق عليها وكأنها كانت تصارع في حلبه مصارعة، يقترب منها في هدوء يربت على كتفيها تطمئن له وتشعر بأنه طوَّق نجاة وسط هذا الظلام.
فجأة يظهر شوقي ممسك في يده سكين أول ما تراه سلمى ترتجف وتقف خلف الشاب، وقبل ان يبدء الشاب حديثه معه، يدفعه شوقي ليقع الشاب على الأرض ويهجم على سلمى ممسكا شعرها بقوه تصرخ يقوم بسحبها تقع على الأرض.

أرجوك اتركني اتوسل إليكِ.   -

يقف الشاب يهجم عليه ويخلصها من بين يده، بصوت غاضب قوي يهز الأرض من تحت قدميه.

انت لاتدري مع من تتعامل يا غبي! :

يضربه الشاب بلكمات قوية في وجه وصدره، فهو شاب قوى البنية، يقع شوقي على الأرض مغشى عليه والدماء تتناثر منه حتى تغطى ملامحه البغيضة، ينظر الشاب إليها نظرة منتصر يقترب منها ممسكآ يديها.

:هيا بِنا لاتخافى سأظل بجوارك أوصلك إلى بر الأمان
لاتتحرك سلمى من مكانها، فجاة تقف مذعورة تتسع عينيها ويتحجر الكلام في فمها تسحب يدها من يد الشاب وتشاور له بأصابعها الي اتجاه أخر ليشاهد شوقي يقف امامه ولا أثر للدماء على وجه وكأنه تحول لشخص اخر في لحظة.
مكشر عن أنيابه ترى سلمى نظرة الغل والانتقام في عينه، ينقض على الشاب ويطعنه بقوه طعنه غائرة في البطن.

-  -بل انت لاتدري مع من تقاتل يا غبي.

تصرخ سلمى وتجري في اتجاه نور صادر من منزل ريفي في وسط الزراعة لتسمع صوت صراخ الشاب يخترق المكان وتهتز له الأشجار، ظل شوقي يطعنه في صدره وقلبه دون رحمه تقف متردده تبكي، ثم تستمر في الجرى ناحية البيت، تطرق باب البيت بعصبيه، ليفتح لها عّم إبراهيم رجل متوسط القامه ممتلء الجسم في أواخر الستين من عمره تدفعه تدخل خائفه.

:ارجوك أنقذنى، شوقي يريد قتلى دعنى ادخل واختبئ منه.
شوقي من يريد أن يقتلك ؟ لا تخافى يا ابنتي ادخلي.

تدخل ويخرج عّم إبراهيم ينظر حول البيت في كل اتجاه ويبدء النهار في السطوع لكن لا يشاهد احد يدخل ويغلق الباب تجلس زوجته معها، وتقترب عليها ابنتهم زهرة شابة في أوائل العشرينات وقد احضرت كوب من ماء وتطمئنها بان الخطر قد زال، وهي الان معهم تحضر لها ملابس نظيفة لكى ترتديها بدل ملابسها، تحاول سلمى ان تلتقط أنفاسها وهي ترتجف عندما تخبرهم بان هناك شاب مقتول في الأرض الزراعية كان يحاول ان ينقذها من ذلك المجرم لكنه قتله.
فجأة يسمعون صوت صهيل الفرس يصرخ بصوت مرتفع على غير العادة تقف سلمى ترتعش من الخوف لتخبرهم.

:انه شوقي بالخارج يريدني، يريد ان يقتلنى.

حاولت ان تهدئها ام زهرة وتربت على كتفيها وتحتضنها.
- لاتخافى يا أبنتى فهذا صوت أدهم فرس أبنى عمر لا تقلقى.

تصر سلمى بان شوقي في الخارج يقتل الفرس الذي يصرخ لانه انسان مجرم عديم الضمير والإحساس يخرج عّم إبراهيم مسرعا، ليرى ما يحدث بالخارج وهو يحاول الاتصال بالشرطة لكن شبكة المحمول لاتعمل تحاول زهرة وكذلك أمها أيضا يحاولون الاتصال وشبكة المحمول لاتعمل حتى الطوارئ معطله، يخرج عّم إبراهيم لايجد الفرس في مكانه يبحث عنه في كل مكان الفرس اختفى عاد عم إبراهيم إلى البيت، تنظر إليه سلمى بقلق وتقف وعيناها تسأله عما حدث بالخارج، ليجيبها.

:أعتقد إبنى عمر أخذ أدهم إلى الأرض.

تقترب منه زهرة وبدأ القلق يتملكها هي الأخرى.
-لا يا أبى عمر أخبرنى بأنه بعد صلاة الفجر سوف يذهب إلى عمى.
ينفعل والدها وهو يتكلم بعصبيه وقلق.
:إذا سرق ادهم؟ أيعقل هذا لايوجد في بلدنا سارق؟!

بثقة ترد عليه سلمى وهي تجلس لانها لاتستيطع ان تقف على قدميها.
:لا بل سرقه شوقي ذلك المختل.

يتجة عّم إبراهيم إلى الباب يأخذ معه مفاتيح ينظر إليهم ويشاور إلى سلمى.

:سأذهب الي قسم الشرطة وانتى انتظرى معهم لا احداً منكن يتحرك من هنا ولاتفتحى الباب لأي كائن من كان يا زهرة.

يتركهم عّم إبراهيم وتأخذها زهرة وأمها إلى الداخل، غرفة زهرة لكي تستريح تجلس سلمى مع زهرة بعد ان غيرت ملابسها وقامت أم زهرة بغسل وجهها لتظهر ملامح سلمى فتاه جميلة جداً، شعرها طويل كسلاسل الحرير الذهبي وعينها عسليتين وشفتيها كالورد، تنظر إليها أم زهرة بإعجاب وهي تسرح لها شعرها.

:جميلة أنتي يا ابنتي، ما اسمك ؟ وما أتي بيكي الي هنا ؟ ومن شوقي هذا الذي يطاردك ؟؟
تتنفس سلمي الصعداء وهي تروى.

:انا سلمى سليم خريجة كلية الآثار بدرجة إمتياز مع مرتبة الشرف تم تعيني معيدة في جامعة القاهرة وكنت أعمل في هرم سقارة مع البعثة الإيطالية التي حضرت الي مصر حديثآ، للتنقيب عن الآثار.
      

وشوقي رشيد دكتور جيولوجيا وباحث يعمل معنا، بعد إن ذهبت الي منزلى تذكرت بأننى تركت حقيبتى في الكرفان الموجود عند الهرم، وبها أوراق وبحث مهم أعمل علية من سنتين خشيت ان يراه أحد فيأخذه او حقيبتى تسرق لأى سبب رجعت مرة اخرى إلي موقع العمل لكننى رأيت مالم أراه في حياتى من قبل شاهدت الدكتور شوقي يقوم بتفريغ.

أمعاء الدكتور البيرتو وهو كان من ضمن دكاترة البعثة وكان صديقه المقرب أو كنت أتخيل هذا، شئ مقزز كان يقوم بوضع أمعائه بعد ان يعقمها في اواني فخار وكأنه يقوم ب تحنيط الجسم كما كان يفعل القدماء المصريين كانت هذه الأوانى متواجدة فى معابد البر الغربي وهذه الأوانى كانت اخر اكتشاف مع الدكتور فارس،
تقاطعها زهرة:

:هل هذا يعقل؟ أكيد شوقي هذا مريض نفسي.

تستكمل سلمى حديثها بعد أن تلتقط أنفاسها.

هو شاهدنى، حاولت الهرب لكنه أمسكني وضربنى على رأسى سقطت على الأرض فاقدة الوعى إلى أن استيقظت، لأجد نفسى فى منزل كبير(ڤيلا) وكان يتحدث في التليفون مشغول فقمت بضربه على راْسه بأله حادة كانت بجانبى، وهربت خارج (الڤيلا) الموجودة على أول الطريق الزراعى، تستنكر زهرة كلامها وتخبرها.

بانها ڤيلا مهجورة لايوجد بها أحد فهي كانت من سنين ملك لأحد البشاوات في عهد الملك فاروق وبعد إن قامت ثورة يوليو أخذها أحد الأشخاص لكنه سافر خارج البلاد بعد ما احترقت الڤيلا بالكامل وكان بداخلها أبنائه وزوجته والعاملين بها ومن وقتها الأهالي تختلق حكايات وقصص كثيرة حول هذه الڤيلا وبإنها مسكونة بالأشباح، والعفاريت ويتم فيها طقوس كل عام من قبل بعض الأشخاص الذين يطلقون عليهم عبادة الشيطان.

تقسم لها سلمى بأنها كانت في هذه الفيلا وهربت منها وتبدء في وصف الڤيلا، بأنها رأت داخلها رسمه كبيرة على الحائط لشخص له عين واحدة والأخرى مفقودة، وفوق راْسه ثعبان كبير وأرضية الڤيلا على هيئة نجمة مرسومة بوضوح وبها مثلث داخله عين.

لأنها أول ما استيقظت شاهدت هذه النجمة، تشعر زهرة بأن سلمى تقول الصدق، تنظر إلى أمها لتأكد كلام سلمى بأنها سمعت أحد الأهالي يتحدث بشان الڤيلا، وأن أحد الأثرياء قام بشرائها لكى يعيش فيها تحضر زهرة كوب من اللبن دافئ ل سلمى، وتحاول أن تكسر حاجز الخوف والقلق الذي بداخلها مبتسمة.
:انتي الآن في أمان لا تخافي، أري في يدك خاتم زواج امّم ؟

تظفر دمعة من عينيها وتبدء حديثها وهي شاردة الذهن وكأنها تشاهد شريط ذكرياتها التي تتمنى إن يعود بها الزمن مرة أخرى إلى هذا الوقت، فتتغير نبرة صوتها وهي تحكى لنسمع صوت فيه شىء من الحنين والحب ممزوج بشجن وهي تتذكر الأحداث.

عندما كنت في الأقصر تحديدآ البر الغربى مع بعثة الأوربية وقتها حدث أهم أكتشاف اننا اكتشفنا مكان هناك ل مقبرة (الاله اوزيريس) كان بالقرب من مقبرة (الملكه حتشبسوت) وفي نفس الوقت حدث لي أهم وأجمل حدث في حياتي مع اننى لم أكن مستعدة له فقد كنت أرتدي بنطال متسخ ملئ بالأتربة وقميص وقبعه على رأسي ونظارة طبية.

أقف أمام حائط به نقوش ومعى فرشاة أقوم بتنظيف الحائط من التراب المتراكم عليه، كان معى في نفس البعثة حب عمرى الذي كنت أبحث عنه وسط تلك الآثار الدكتور فارس شاهين دكتور متخصص في علوم الاثار والحفائر رجل وسيم في منتصف الثلاثينات يعشق الرياضة وركوب الخيل.

أول لقاء بينا كان في (معبد حتشبسوت) نشأت بِنا علاقة صداقة تحولت إلى حب كنت أرقابه في صمت، لأن حيائى كأنثى يمنعنى في إن أبوح له عما بداخلى من مشاعر، لكن نظرات عينى له، كانت في كل لمحة تعترف له بحبى، إلى إن وأنا أقف مستغرقة في تنظيف الجدران ووجهى ملئ بالأتربة أقترب منى، في هذه اللحظة ورفع القبعة التى كانت على رأسى ليستدل شعرى على ظهرى وأزال النظارة الطبية من على وجهى شعرت بالخجل واحمر وجنتي، ينظر إلي مبتسم وهو يخرج من جيبه قلادة على شكل مثلث نحاسى اللون تملئه عين حورس شعرت بفرحة
عارمة تملئ قلبي.

:تعلمين جيدا بمشاعرى تجاهك.

نظرت إليه دون ان أتكلم لأني أريد أن أسمع كلمات الحب منه، نعم أشعر بها فى صوت نبض قلبه الذى اسمعه وهو يقترب منى ويلبسنى القلادة ولكن أريد أن ينطقها لسانه أقترب منى مسك يدي وقبلها ونظر في عينيا.
:سلمى أنا بحبك.

شعرت وقتها ان قلبي خرج من بين ضلوعي واستقر بين يديه وإننى لست أقف على الأرض كالبشر بل أحلق في السماء كالطير تمنيت من الله ان ساعة الزمن تقف عند هذه اللحظة فقط، كم شعرت بسعادة لم اشعر بها من قبل، يهمس لى بصوت مسموع وهو ممسك يداي.

: عين حورس الحامية لك فلا تتركيها أبداً وحافظى عليها تذكرى دائما أننى قريب من قلبك طلما ترتدى هذه القلادة.
-سوف أظل أرتديها لآخر العمر.
تبكى وتضع يدها بين رأسها، تقترب منها زهرة وتحتضنها لتبكي بحرقه أكتر، تقف أم زهرة حزينة عليها متاثرة ببكائها.
:كفى يا ابنتى أستريحى إلى أن يحضر إبراهيم وعمر؟؟؟ اتركيها يا زهرة لكى تستريح.

تخرج زهرة مع أمها ويتركونها لوحدها ويغلقون الباب ورائهم تغمض سلمى عينيها وتنام تشعر بأنها تحلم، حلم مزعج كابوس مخيف تريد ان تستيقظ منه، لم تقدر على تحمله والاستمرار فيه.

يقترب عمر ابن عّم إبراهيم شاب طويل القامه لون بشرته سمراء شعره مجعد ومعه والده، عّم إبراهيم طويل القامه جسمه هزيل يمسك عصا خشبية قديمة يسند عليها، يقتربون من سلمى النائمة على الأرض، داخل بيت مهجور لا يوجد به أحد سوى أشلاء من الماضى تتمثل في أثاث محروق موزع في أرجاء المكان يخرج منه الفئران، وتقف عليه الغربان والحشرات تتجول في المكان يقتربون من سلمى ومعهم كشاف كبير يسلط ضوءه، على وجهها تستيقظ وهي شعرها متسخ ترتدى بنطال أسود اللون علية بقع وقميص ممزق من الأكمام تنظر إليهم مندهشة تحاول إن تتعرف عليهم، بينما يتحدث معها عّم إبراهيم.
:من أنتى ؟ وماذا أحل بك؟ ولما تنامين فى هذا المكان المهجور؟!

تنظر حولها وتشعر بأن المكان قد تغيّر.
:أنا سلمى وكنت أجلس في هذا البيت مع زهرة ووالدتها أين هم؟؟وماذا حدث بالمكان؟
ومن انتم؟
ينظرون إلى بعضهم البعض.
:انا عّم إبراهيم صاحب الدار وهذا أبنى عمر.
-أنت كاذب عّم إبراهيم ذهب لأستدعاء الشُرطة، أين زهرة؟؟
وتجرى تبحث عنها وهي خائفه من المكان وتنظر إلى لبسها لا تصدق ماهي عليه.

: زهرة أختي أنتى تعرفينها؟ مستحيل؟؟

تقف تنظر إليهم وهي تضع يدها على رأسها تحاول أن تستيقظ من الكابوس الذي تعيش فيه إلى إن ينتبه عمر إلى وشم مرسوم على يدها عبارة عن مثلث به عين حورس.

فيتذكر انه رَآه من قبل ينظر إلى أبيه ويخرج من جيبه تليفون محمول يفتحه، ليظهر عليه صورة سلمى مكتوب أسفلها بأنها قاتله ومطلوب القبض عليها وتسليمها إلى الشرطة يمسكها عمر بقوة.

:أنتي قاتله والشرطة تبحث عنك ولن أتركك.
-لا أنني لم أقتل أحد بل شوقي هو الذى قتل، أين زهرة أين والدتها وعم إبراهيم ذهب لإحضار الشرطة؟!

:إنتي تتحدثين عّن من؟ هذا هو أبى صاحب الدار عّم إبراهيم وأمى وأختى زهرة، ماتوا من ثلاث سنوات في هذه الدار بعد ان شب حريق كبير بداخله يوم زفاف أختي زهرة.

تنظر إلى الدار وكأنها تبحث عن أي شىء حي يصدق على كلامها، يمسكها عمر بقوة لكى لا تهرب منه وهما خارجين من الدار يظهر شوقي مرة أخرى أمامهم تصرخ سلمى وتشاور لعمر عليه.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي