الفصل الثاني

دبليو حرب مشروط.

أقدار غريبة.

انتبه فليس كل من هم حولك يحبك.

أنت أمام عيني لكن لا أستطيع رؤية ملامحك، أهل سرروت بنزولي إلى هنا، أم أنك تشعر الآن بأني ثقل عليك كالجميع، أيجدر بي قول ذلك لك بشكل مباشر، لا أظن ذلك من الصواب عليّ قوله، فأردفت بشكل سخيف:

- هل يمكنك نزع هذا العقد من رقبتي؟

تلعثم عن الكلام وشعرت بخفقات متتالية بقلبي بسبب ما قلته فقال:

- مم.. ماذا؟

فأشحت نظري عن وجه ونظرت لأسفل وأردفت وأنا أحرك قدمي للرحيل من أمامه:

- هذا لا يهم.

فوجدته أمسك بيده عند مغادرتي وأهتزت رأسه، فابتسمت له وخفق قلبي للمرة الثانية على التوالي بيوم واحد له، فأقترب مني وأبعدت شعري لكي ينزع العقد، فأقتربت يده من يدي وسمعنا صوت صديقه ينادي عليه، فتوترت وتركت يده بشكل مفاجئ فكدت أسقط للأسفل بسبب عدم توازني على الدرج، فلحقني وأمسكني بين يده واستغليت الوضع ونزعت ذلك المسك من على وجهه أغمضت عيني وفتحتها بوجهه وأنا أتطلع بحب وابتسمت له فأبعد يده عن خصري ودلف لتلك الغرفة دون قول شيء، فصعدت للأعلى ومن ثم وجدت بأن العقد بقى معه لم يعطيني أياه وهو ليس لي، فعاودت ونزلت للأسفل لكي أحضر ذلك الحفل على أمل بأن أتقابل معه مرة أخرى ليعطيني هذا العقد.


فأوقفوا صوت الاغاني التي كانت تشتغل بصوت مرتفع وسمعت صوت مدير الدار وهو يتحدث، فعرفت بأن تكريم الطالبات الأوائل على وشك البدء، فعندما وصلت لنهاية الدرج وجدت حنان ويمنى وسارة نازلون من أعلى، فسلموا عليّ وأخذوني وسرنا معًا للمنصة و وقفت بجانب صديقاتي في الصف الأخير أشاهد وأصفق لجميع المتكرمات كغيري، مضت ربع ساعة من بداية التكريم وفجأة وقف أمام عيني، شعرت بأنه جاء وجاءت معه البشرى، لا أعرف كيف حدث لكن سمعت أسمي يتردد على المكبرات بأني الأولى على مدرستي لثلاث سنوات؟ فتحركت خطواتي للأمام وأنا أتذكر عندما حان موعد ظهور النتائج فأعطت لي حنان صديقتي بالغرفة ورقة ممضاة بها درجاتي وقالت:


- هذه شهادتك مبارك لك حبيبتي وكم كنت أتمني لو كنت بلجنتك لكي تزيد درجاتك اكثر من ذلك.

فقلت لها بوقتها وأنا محبطة والدموع أحبسها بعيني: لابأس لا تتضايقي لأجلي أنا سعيدة بما رزقني به الله، أريني شهادتك أنت هيَ.


فصرخت حنان بوجهي وأردفت: هل جننتي أبتعدِ عني لا تلمسيني مرة أخرى؟ وأنا لن أريكي شهادتي لأنك ستغارين مني لأني ببساطة أنا الأولى على المدرسة.

فقهقهت ثم قالت: هل سمعتي أنا التي ستسافر للخارج لتدرس؟


فخرجت من شرودي على صوت الهتافات والتصفيق الحار لي وابتسامة معلمتي التي دوما كانت تشجعني وتدافع عني بالدار، واراجع صور وذكريات الماضي بثانية وبداخلي كان يتكلم ويقول: هل هي فعلًا تكرهني لهذا الحد؟

فهمت أصرارها على عدم ذهابي للحفل الآن، بكل ثقة خطوت خطواتي نحوى المنصة لأستلم جائزتي وشهادتي، فوقفت على المنصة وأمسكت الدرع بين يدي ونظرت لحنان فوجدتها غادرت المكان على الفور، فنظرت لذلك الجندي ورأيته يصفق لي، فسلمت على الجميع وأخدت شهادتي والدرع وكدتُ أرحل فأوقفني صوت من الخلف، ف طلبت مني المعلمة قول شيء بهذه المناسبة، فنظرت في الأتجاه الذي يقف به مرة أخرى ورأيته مازال يصفق لي بحرارة، فابتسمت له وقلت بكل ثقة أمام الجميع هذه الكلمات:


- صدقًا لن أكن أدري بأنني أنا الأولى على مدرستي، غريب لكنني وثقت بمن لا أمان لهم، أنا لم أحظى بوالدين ظننت بأننا هنا نستطيع الشعور ببعضنا البعض، لكن كنت مخطئة بالتفكير هكذا، لا أعتقد بأني أخطئت بحق أي شخص هنا، أعتب عليكم بشيء لما تعاملونني بهذا الشكل ، السبب في الكره الذي يحدث بين الفتيات هو تميز شخص عن شخص، أنا لست منزعجة الآن، رغم معرفتي بخيانة صديقتي المقربة لي؛ على العكس أنا سعيدة لأني معي شهادتي وأن الآن يمكنني أن أسافر لأي مكان أريده، حقًا أنا سعيدة لأني سأختاره بنفسي لكي أتعلم به وأقضي به أوقاتي، رغم المشاعر المتناقضة التي شعرت بها اليوم، وأنا صادف ودق قلبي للمرة الثالثة فلن أستطيع منعه بأن يخبرك بذلك.

وغمزت له بعيني وأردفت: أهل اتفقنا؟ وأخيرًا شكرًا لكم ولسماعي.

عندما غادرت المنصة دلفت إليه ولن أجده في ذلك المكان الذي كان يقف به، حاولت وبحثت عنه كثيرًا ولن أجده فدلفتُ لغرفتي لأني شعرت بالدوار ف بعد يوم طويل وشاق من الأفضل بأن أستريح، عندما رميت جسدي على الفراش شعرت ب كم كنت أحتاج للراحة حقًا! ولا أنسى بأن عليّ المغادرة في الصباح الباكر.

عندما نظرت الي فراش حنان وجدته فارغ على أظن بأنها نامت بغير غرفة، من بداية تكريمي لم تلمحها عيني وهذا أفضل لي، فأغمضت عيني لكي أنام، لأنهه بالنسبة لصديقتي العتاب لن يجدي بخير معها، فقررت عدم الحديث معها عما فعلته وأفسد فرحتي ونسيت أمر العقد نهائيًا، كم كنت ُمتوترة في الليل فاستيقظت بينما الجميع غارق بنومه بسلام، ورتبت أغراضي بالحقائب وعندما انتهيت وجدت الساعة الثالثة فجرًا والطائرة في السابعة صباحًا، فعيرت المنبه ونمت ساعتان فقط..؛ ولكن كانوا أجمل ساعتان بحياتي كان نوم هادي وجميل ومريح أيضًا، فاستيقظت بابتسامة على شفتاي، وقلت لجميع ما بالغرفة:

- صباح الخير يا أميرات.

رد الجميع عليّ بأستغراب، أجل استغربوا حيويتي ونسياني للذي حدث بالأمس، لأن الدار بأكملها لم يكن معها حديث إلا حديث خيانة حنان لي فقالت لي سارة:

- صباح الخير يا نارة، حقًا سنفتقدك عندما تذهبين من هنا ل…

فقاطعتها شهد وهي متحمسة وتمسك يدي فقالت:

- سنتكلم أليس كذلك، حقًا تواصلي معانا عندما تصلين أتفقنا لا تنسي ذلك، فنحن نحبك وننتظرك تنتهين لتعودي وتعيشي معنا.

فجاءت لينا وعانقتني وقالت:

- أنا أسفة يا نارة لأني عرفت حبك الآن بداخل قلبي، صدقيني فرؤيتك وأنتي تغادرين بهذا الشكل المفاجئ يفطر قلبي حزنًا، سامحيني على ما صدر مني من قبل، من الممكن بأن لا تصدقيني لكني أعتبرتك أختي على الدوام، صحيح كنت جبانة وأخاف منهم لكن كان يجدر بي مصاحبتك وقول أحبك منذ وقت، ما كان عليا الاكتراث لأحد منهم أعتذر لكي.

فقلت بداخلي وأنا أنظر اليهم وبالأساس كان يجدر بي قول كفاكم تمثيل قليلًا فكدتُ أصدقكم، لكنها تلك الفتاة التي تدعى بلينا منعتني، لأني شعرت بصدقها وحبها وكأن هناك رابط دم حقيقي بيننا، فقد أثرت في كثيرًا، لكن أمسكت نفسي من قول شيء لها وأكتفيت بقول:


- يا فتيات أنا سأتواصل معكن لا تقلقوا، سأذهب لأخذ حمام دافئ لكي أذهب لأن معاد الطائرة قد أقترب وأنتم أكملوا نومكم ما زال الوقت مبكر.

بعد ساعات قليلة.


ها أنا الآن على متن الطائرة وأنظر من النافذة أرى الطائرة وهي تحلق بالسماء، وأنظر للسحاب وهو بجانبي باستمتاع وأخذ بعض الصور لكي أرسلها لأصدقائي، أنا تركت الدار وأتمنى للأبد أن لا أعود عليها لأني أكرهها.

رغم صغر سني الذي أنا عليه، لكني أخذ دروس كثيرة ومن بينها درس ترك والداي لي، فقبل مغادرتي من هنا تعلمت أن اليأس أذا حل فسيفسد سعادتي، لذا أتركوا الماضي والحزن وأمضوا نحوى السعادة فقط ولو قليلًا شيء فشيء سيتغير كل شيء، لكن أركضوا إليها بفرحًا بابتسامة تملى وجوهكم، أحذفوا كل المشاهد السيئة بحياتكم، تأكدوا بأن الأنسان هو الذي يصنع المستحيل.


فقد جاءتني سعادة لِما أحزن بالمترتبات الذي حدثت بالأمس لم اكن أدرك ذلك وحدي لولاه، أنتظرني بعد رحلتي القادمة سأراك بالتأكيد ولن أتركك، لأني واثقة بأني عندما أراك سيدق قلبي للمرة الثالثة، وداعًا ي َ جيشي.


5/5/2022

اليوم هو عيد ميلادي أنا حقًا أشعر بسعادة تغمرني من بدء اليوم، وها أنا أحتفل بحفل ميلادي على متن الطائرة ما بين السحاب والسماء الخلابة الزرقاء هذا بالتأكيد جنون لكنه ممتع، بينما كنت جالسة قد جاء مضيف الطائرة ووقف أمامي، فهو بالأساس صديقي بالجامعة وآلا يفاجئني بقالب من الحلوى كان يخبئ وراء ظهره فتفاجئت أكثر عندما وجدته يحمل إسمي وصورتي، ما سألته كيف عرف وفعل ذلك بهذا الشكل لكني عشتُ اللحظة دون الاستفسار لأنه يذهب بإتجاهي، شكرته للغاية لأن أحد فكر فيّ و صنع لي حفل صغير وبهذا الشكل الجنوني الجميل، فكم من محظوظ مثلي يصنع له حفل ما بين السماء والأرض ومع جميع الركاب بالطائرة الذين لا يعرفوه، فكم رحبوا بالأمر وعاملوني بشكل رائع وقدموا لي هدايا من ممتلكاتهم، فأنا حقًا كم كنتُ ممتنه له ولهم.


قناعتي بأن الحياة جميلة تزداد يومًا وراء الأخر، فصحيح حياتي بالجامعة عملية للغاية لكن أريد تحقيق أحلام كثيرة وليس حلم وأحد، الحياة ولو بها متاعب كثيرة فستمنحك فرصة واحدة سعيدة لا تضيعها، أخذت أنفاسي بعدما تغيرت ملامح وجهي بعدما تركوني واحتفلوا بي عندما تذكرت بأني ذاهبة وسأرى حنان بعدما فعلت بي الذي فعلته، فيقلقني كثيرًا أنني ذاهبة لذلك المكان اللعين مرة أخرى، ويفرحني بأنه من المحتمل أن أراه ولو لثانية لكني ما زلت أدرس لا وقت للحب الآن وهذه الفرصة الثالثة له ولن أضيعها، وما بين شتاتي حزني وفرحي حان موعد الهبوط لي أنا، لأن الطائرة هبطت على الأرض منذ دقائق، أتمنى بأن تكوني رحلة سعيدة لي.


أنزلت قدمي من الطائرة وأنا ابتسم فتحركت قليلًا للأمام لكي أخذ حقيبتي فأخرجني صوت شخص عجوز يقول لي:

-عدرًا سيدتي جئتُ لكي أنقلكِ إلى الدار.

فعانقته وأنا أقول:

- عم أحمد كم أشتقك إليك.

فلكمني على كتفي بمزاح وأردف:

- نارة لن أعرفكِ عزيزتي تغييرتي كثيرًا عليّ.

فقلت لها وأنا أبتسم:

- أنهم فقط سنتين، أنا الآن عشرون عام فقط، فكيف لن تتعرف عليّ؟

فسعل ثم قال وهو مازال يضحك:


- بالتأكيد أزدتِ جمال لهذا لن ألاحظك، وأيضًا أعذريني فأنا أصبحت عجوز.

ففتح له الباب وركبت السيارة وربطت حزام الأمام وقلت:


- سأصمت فقط لأني أحبك.


فأمسك يدي وعيناه دمعت وقال لي:


- أبنتي المدللة طال عمركِ ونورتي أرضك بعد غيابك عنا.


فقلت له وأنا أنظر على ملامحه جيدًا لأني شعرت بالقلق والخوف من دموع عيناه.


- أخبرني هل الجميع على ما يرام؟


فترك يدي وهو يرتعش وينظر للأمام لأن الطريق أزدحم بالسيارات وقال:

- ليست الأمور جيدة، من الحين للأخر يحدث هذا وهذا.


فأكملت النظر عليه وعلى الطريق وقلت:


- كيف هذا وهذا؟ فأنا أتواصل مع لينا بأستمرار تقول أنكم بأفضل حال.

فنزلت دموع من عينه وأوقف السيارة وهو يقول:


- وماذا تنتظرين أن تخبرك؟ ستعرفين كل شيء عندما نصل.


فمسح دموعه بمنديل وأخرج هاتفه من جيبه وأعطاه لي وعاد تشغيل السيارة وتحرك مرة أخرى بالسيارة وهو يقول:

- ستعرفين كل شيء بالوقت المناسب، أنظري لهذا المبنى، جميل أليس كذلك، فنحن نسكن به الآن.


فأمسكت الهاتف جيدًا ونظرت عليه وعلى الصورة وأردفت بتعجب:

- لكن لماذا غيرتُ المبني القديم أتعرف..!

فقال وهو ينظر لي باستغراب ويأخذ الهاتف من يدي بقوة:

- ف قد نشب حريق بالمبنى القديم منذ سنه، لن تعرفي بذلك.

يتبع.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي