أجارثا( إيرا)

Ahmedabohashem`بقلم

  • الأعمال الأصلية

    النوع
  • 2022-10-25ضع على الرف
  • 62.2K

    إكتمل التحديث (كلمات)
تم إنتاج هذا الكتاب وتوزيعه إلكترونياً بواسطة أدب كوكب
حقوق النشر محفوظة، يجب التحقيق من عدم التعدي.

الساحر ناصور

مِن بعيد، بعد أجارثا، والصحراء المُقفرة المليئة بالوحوش الضارية التي لم يعرف عنها سطح الأرض شيئاً وهي أسفل أقدامنا ولم نشعر بها أو نعلم عنها أي شيء.
يقف الملك ساروخ خارج قصره ومملكته محاطاً بجنوده السود من الغيلان ينظرون بتمعن وأسي إلى السماء ليراقبوا سحب قائدهم غادر وبقية جنوده التي تتصاعد واحدة تلو الأخرى ومع اكتمال خمسة سحب في الأفق دبت الطمأنينة والخوف معاً في قلب الملك.
طمأنة أنه هناك أحد ناجي من جنوده وتمني أن تكون أبنته هي الناجية، شيء صغير في قلبه الوحشي تمني لو كانت هي التي على قيد الحياة، شيء ما زال محتفظ ولو بالقليل من عاطفة الأب تجاه أبنته، فشرد متعجباً من نفسه ومن عاطفته الجديدة.
ثم تملكه الخوف من أن تكون هي فعلاً الناجية، فهو لا يضمن ما ستفعله إينور، إنها دائماً خارج توقعاته كما كانت خارج حساباته، دائماً لا يعلم بماذا تفكر وما هي رده فعلها، دائماً غاضبة وغير معترفة به كأب لها، نشأت علي استنكار وجوده، وتغذت على كرهها له، فاشتد عودها بالكره وامتلاء قلبها بالضغينة تجاهه، ولم يُلم نفسه ولو لمرة على قتل أمُها زويا، ولم يسأم من الكذب عليها بأنه لم يفعلها، وتناسي أنها ماهرة في قرأه العيون وتعرف جيداً لغتها.
شعر باختلاج في صدره، شعر بالهزيمة تقترب منه دون حرب، وتناسي التفاؤل، فمن الممكن أن يكون الناجي أحد جنوده وهو في الطريق إليه الأن بالسيف، تناسي أي حلول أخري ولم يذكر غير أبنته، استفاق من شروده قائلاً محدثاً نفسه:
-  ماذا بك يا ساروخ، أأنت خائف عليها؟ منذ متي هذا الشعور السخيف؟ أليس أنت الذي أرسلتها بنفسك إلى هناك؟ ألم تكن تعرف أنها مجازفة ومن الممكن بل ومن المؤكد أن تخسرها في هذه المهمة؟
يكفي ضعف وعليك أستعاده ثباتك ونزع تلك العاطفة الجديدة التي لا أعلم من أين نبتت، فطينة أرض قلبك بور لا تصلح لتلك الثمار العاطفية.
قطع حديثه مع نفسه بتنهيده غاضبة، والتفت إلى الجنود التي تقف على أهبة الاستعداد منتظرين قائدهم يملي عليهم الأوامر الجديدة، فأشار إلى أحدهم فاقترب مسرعاً وحيا الملك منتظراً أوامره، فقال له الملك:
-  ما أسمك أيها الغول؟
فقال الغول مسرعاً:
-  خادمك قيعان أيها المعظم وكنت المساعد الأول للقائد غادر.
فقال له الملك:
-  أرفع رأسك يا قيعان، من اليوم أنت قائد حرسي الجديد، والأن أنتقي أفضل جنودك وأرسله إلى حدود أجارثا ليأتيني بالخبر اليقين ويعرف ما حدث هناك واجعله حذر فمن المؤكد أنهم كُثر الأن، وعليه أن يذهب ويأتي دون أن يراه أحد، فهمت.
أومأ القائد قيعان برأسه فتابع الملك حديثه قائلاً:
-  وأرسل جندي أخر إلي الساحر ناصور يخبره بالحضور الى هنا في أقرب وقت، هيا الأن.
أنتهي الملك من حديثه ثن نظر مرة أخيرة إلى تلك السحب التي تعالت في السماء وزفر أنفاسه بغضب وأنصرف إلي داخل القصر، بينما القائد الجديد قيعان حيا الملك وأنصرف مسرعاً لتنفيذ أول أوامره كقائد جديد للحرس.
أختار جندي ماهر وسريع وأمره بالذهاب والتقصي وبدون أن يشتبك مع أحد إن وجد هناك أحد من العمالقة وعليه ألا يشعرهم بوجوده، وأن يذهب بسرعة ويعود أسرع، وأختار أخر ليذهب لإحضار الساحر ناصور كما أمره الملك.
داخل القصر، وتحديداً على العرش الملكي كان يجلس الملك ساروخ، ساعات قليلة مرت منذ أن أعطي الملك أوامره وهو ينتظر وصول أيهما، إما الجندي بالخبر اليقين من أجارثا أو الساحر.
أغمض الملك عينيه وهو جالس على عرشه وأرجع رأسه إلى الخلف مسندً إياها على العرش وأخذ يسترجع ما حدث خلال الأيام القليلة الماضية.
شرد في السيف الذي حدث بسببه كل هذا، وتذكر معه يوسف، ذلك الصديق الذي أتى إليهم كهدية من السماء لتنتعش معه أماله في الظفر بالسيف مرة أخرى، تذكر كيف أقنعه بحديثه عن أخذ مالك لهذا السيف من الممر الخاص بالغيلان أو كما خُيل له.
تنهد وهو يتذكر كيف أقنع أبنته هي الأخرى في الذهاب لتلك الرحلة، وكيف وعدها بتنصيبها ملكة على الغيلان لتكون بذلك أول غولة تحكم الغيلان، وتذكر أماله وطموحاته وهي تعلو وتعلو في خيالاته، وتذكر كيف تهدمت تلك الطموحات وسقطت من السماء التي شابها السحب السوداء التي تعالت في بها واحدة تلو الأخرى لتخبره بموت جنوده إلا واحداً.
فتح عينيه الحمراء وهو يفكر من الناجي الوحيد حتى استفاق علي صوت القائد قيعان وهو يقول:
-  لقد أتي الساحر ناصور أيها المعظم.
فقال له الملك وهو يعتدل في جلسته:
-  أدخله على الفور يا قيعان.
أنصرف القائد وبعد لحظات دلف من الباب كائناً أسود الوجه يبزغ من جبهته قرنان كبيران وشعر جسده ليس كثيف مقارنة ببقية الغيلان وكأنه يزيله، عيناه بيضاء كبياض اللبن لا احمرار فيها كبقية قومه، ويرتدي صدرية حديدية وشيء يشبه السروال يداري عورته، وحذاء غريب الشكل مدبب السلاح وخلف ظهره تتدلي عباءة حمراء تزحف خلفه على الأرض ككلب وفي.
أقترب من الملك وحياه قائلاً:
-  عمت صباحاً سيدي المعظم.
فقال له الملك:
-  أدنوا مني أيها الساحر العظيم.
أقترب منه الساحر ناصور وجلس بجانب الملك قائلاً:
-  أتمنى أن يكون خيراً أيها المعظم.
فقال له الملك علي عجل:
-  أرأيت السُحب وأنت قادم إلى هنا؟
فقال له الساحر:
-  نعم خمسه سُحب، ما الذي حدث؟
هنا شرد الملك قليلاً ثم قال:
-  إنه القائد غادر وأربع جنود و.، أبنتي إينور.
فقال الساحر:
-  قائدك وأبنتك، لماذا؟؟ ماذا حدث؟
تنهد الملك وقال:
-  كانوا في رحلة لجلب سيف العمالقة.
هنا قال الساحر ساخراً:
-  قائدك وأبنتك من أجل السيف! لماذا أيها الملك؟
هنا تملك ساروخ الغضب من نبرة الساحر وقال:
-  أنا لم أأتي بك إلي هنا لكي تسخر يا ناصور، ولا تنسي أنني ملكك، أفهمت.
هنا أبتسم الساحر وقال:
-  أعلم جيداً أنك ملكي، والأن ماذا تريد أيها الملك؟
هنا قاطع حديثهم دخول القائد قيعان وقال:
-  معذرة على المقاطعة أيها المعظم ولكن الحارس الذي أرسلناه إلى أجارثا عاد وفي انتظار مقابلتك.
هنا قال الملك مسرعاً:
-  أدخله الأن وبسرعة.
أنصرف القائد مسرعاً وأمر الحارس بالدخول وسار خلفه بينما دخل الجندي مسرعاً وحيا الملك وقال:
-  لقد ذهبت كما أمرتني أيها المعظم، في منتصف الطريق وجدت جثة سمايلدون وبعيداً عنه ببضع خطوات وجدت جمرتين لحارسين تم قتلهم وكأن كان هناك حرب طاحنة، ولكن لم أعرف ما الذي قتلهم، هل هو السمايلدون؟ أم أحداً أخر؟
ثم صمت قليلاً يأخذ أنفاسه وتابع:
-  تابعت طريقي حتى وصلت إلى حدود أجارثا فوجدت جمرة لحارس أخر على الرمال تبعد عن حدود أجارثا بضعة أمتار، كان هناك حراسة مشددة على الحدود لذلك اختبأت حتى لا يراني أحداً منهم وأخذت أبحث عن البقية حتى وجدت أثار دماء زرقاء على صخرة كبيرة تدل على أن أحداً أصيب هناك، تابعت بحثي حتى وجدت الرمال ممتلئة بدماء كثيرة لا تعود لعملاق واحد وإنما لأكثر من واحد ولكن لا وجود لأجساد ميتة فتابعت بحثي لكي أعثر على البقية ولكني لم أجد شيء.
هنا أنفعل الملك قائلاً:
-  كيف هذا أيها الغبي، بناء على حديثك هناك ثلاثة قتلي إذاً فهناك ثلاثة أخرين أين هم؟؟ بالخارج يوجد خمسة سُحب سوداء وأنت أتيت لي بخبر ثلاثة فقط، كيف يعقل هذا؟
أرتبك الجندي وأخذ يتصبب عرقاً وقال متلعثماً:
-  اااقسم لللك أيهااا المعظم أن هذاااا مااا وجدته، وللللم أجد اااكثرر من هذاااا، اااقسم لك.
أنفعل الملك وقام من على عرشة ينوي قتل الحارس ولكن أستوقفه الساحر ناصور قائلاً:
-  أهدأ أيها الملك.
قالها الساحر ناصور وهو يمسك الملك من معصمه حتى أوقفه ثم قام من مقعده وسار الى الجندي ووضع يده على رأسه فتحولت وازداد وجه الجندي سواداً على سواده وابيضت عيناه الحمراء وأخذت رأسه يرتعش بينما تغيرت عين الساحر البيضاء الى حمراء وسط نظرات الملك المراقبة لما يفعله الساحر وخوف القائد قيعان.
بعد دقائق رفع الساحر يده من على رأس الجندي فشعر الجندي بوهن شديد وجلس أرضاً على قدم واحدة وأسند بقية جسده بيده حتى لا يقع، بينما التفت الساحر الى الملك وقال وعيناه تعود بيضاء كسيرتها الأولى:
-  إن الحارس يقول الحقيقة سيدي الملك.
نظر له الملك وعيناه يتطاير منها الشرر وقال:
-  كيف هذا أيها الساحر؟ إن كان يقول الحقيقة فأين الثلاثة الأخرين؟
فقال له الساحر:
-  أجلس وسوف أقص عليك ما حدث أيها الملك.
ثم نظر الساحر إلي الحارس وأمره بالانصراف فأخذ يلملم أرجله التي تحمله رغماً عنها وغادر مسرعاً وتبعه القائد قيعان بينما تابع الساحر حديثه قائلاً:
-  لقد خرج من هنا أربعة حُراس غيلان أقوياء تحت قيادة القائد غادر ونحن جميعاً نعلم مدي قوته وولائه للغيلان، والأميرة إينور ابنه ملك الغيلان وهي أقوي جميعاً، أليس كذلك؟
أومأ الملك برأسه فتابع الساحر حديثه قائلاً وهو شارد العينين:
-  لا تغضب مني سيدي الملك ولكن هناك خيانة تلوح في الأفق.
هنا قال الملك بضيق وغضب:
-  فًسر حديثك أيها الساحر أنا لا أطيق أسلوب السحر هذا.
ضحك الساحر ناصور وسار الي المقعد المقابل للملك والتي كانت تجلس عليه إينور قبل ذهابها مع يوسف وجلس عليه وشرد للحظات ثم قال وهو ينظر في الفراغ:
-  لقد خرجوا من هنا بعد أن تشاجرت مع أبنتك قبل خروجها، ثم ذهبوا وعبروا جزء من الصحراء حتى انتهوا الي الغابة الكاذبة وهناك قرروا الراحة فحاول الأسير الهرب من بين أيديهم ولكن أبنتك إينور أمسكت به.
ثم صمت قليلاً ونظر إلي الملك الذي لا يستطيع صبراً وتابع:
-  يبدوا أن هناك شعاع إعجاب، فأبنتك رفضت معاقبة الأسير وتحدت غادر وجنوده.
نكس الملك رأسه غير مصدق حديثه ثم تابع الساحر قائلاً:
-  بعدها أكملوا رحلتهم وفى الصحراء أعترض السمايلدون طريقهم وكان يريد الظفر بأبنتك، بينما جنودك وقائدك هربوا وتركوها بمفردها ولكن.
ثم صمت الساحر فقال له الملك بقلق:
-  ولكن ماذا يا ناصور.
نظر الساحر إلي الملك وقال:
-  أنقذها الأسير وقتله بسيف أبنتك.
ضحك ناصور وقال بسخرية:
-  ما هذا أيها الملك؟ ما هذه الرحلة العجيبة التي يحمي فيها السجان أسيره، وينقذ فيها الأسير سجانه.
لم يُعقب الملك علي الحديث فتابع الساحر قائلاً:
-  يا ألهي، لقد قتلت إينور حارسين من جنودها عقاباً لهم لأنهم تركوها بمفردها في مواجه الموت وكادت أن تقتل غادر لولا الأسير أثر عليها وطلب منها تركه فاستسلمت لحديثه، أري أن سهم الإعجاب تمكن من أبنتك يا صديقي.
نظر إلي الملك ساروخ ضاحكاً ثم شرد للحظات وتابع قائلاً:
-  أري أيضاً أنها حينما وصلت على حدود أجارثا أعانت الأسير علي الهرب وقتلت جندي من جنودها بعد أن قتلوا ثلاثة عمالقة، ولكن غادر أستطاع أن يطعنها بسيفه بمساعدة جندي أخر أمسك بها من الخلف، وأسر غادر أيضاً شابة عملاقة لا مثيل لها.
أخذ الساحر ينظر يميناً ويساراً ويتابعه الملك حتى سمعه يقول:
-  غريب إنها، إنها أبنة حكيم أجارثا.
هنا أنتفض الملك قائماً وقال:
-  أبنة حكيم أجارثا كانت بحوزتهم، وماذا حدث بعد ذلك؟
فتابع الساحر قائلاً:
-  أسرها غادر وأفقدها الوعي ودخل بها أجارثا بعدما أرسل الجندي الأخر ليأتي بالأسير الذي هرب.
هنا أستوقفه الملك قائلاً:
-  ولكن ماذا حدث لأبنتي إينور؟ هل ماتت أم مازالت على قيد الحياة؟
ضيق الساحر عينيه وشرد قليلاً ثم قال:
-  أري أنها ظلت تعاني من جرحها على الرمال حتى أتي أحد العمالقة علي جواد ولكن من خارج أجارثا، وكأنه كان مارا ً في الصحراء وتحدث معها قليلاً وحملها إلى حدود أجارثا وتركها هناك وهي زحفت إلى الداخل.
هنا غضب الملك وقال:
-  ما معني هذا هل ماتت أم لا؟ أجبني.
هنا قال الساحر بشيء من العنف:
-  أنت تعرف أيها الملك أن أخر حدود أي ساحر هي أجارثا، لا أستطيع أن أعرف أو أري ما يحدث أو ما حدث بداخلها.
ثم صمت قليلاً وقال:
-  وهذا يفسر لماذا الحارس الذي أرسلته لم يستطيع أن يعرف مصير البقية، فغادر قائد حرسك والحارس الذي تبقي معه دخلوا أجارثا وإينور أبنتك زحفت إلى الداخل هي الأخرى، الحارس مُحق أيها الملك.
هنا أنفعل الملك وصرخ قائلاً:
-  إذاً فمن منهم الذي تبقي، هناك خمس سٌحب سوداء تلوح بالأفق بالخارج وهم ستة جنود، إذاً يوجد أحد مازال على قيد الحياة، أجبني من هو؟
هنا أمتص الساحر غضب الملك وقال:
-  لا أحد يستطيع أن يعرف يا صديقي، فهذه الأرض الملعونة محصنة ضد أساليبنا وسحرنا، لن يستطيع أحد أن يجيبك أيها الملك.
هنا شرد الملك غاضباً لثواني ثم قال:
-  العمالقة الملاعين، انتصروا علينا مرة أخري، وهذه المرة أشعر أنهم أسروا معهم شخصاً هاماً جداً، إينور أو غادر لا أستطيع أن أجُزم أنهم أسروا شخصاً بعينه منهم، ولكن المؤكد أنهم انتصروا بأي شخص منهم، والأهم أنني هُزمت مرتين، سيعقدون المجلس لا محالة وبهذا سأكون قد انتهيت.
هنا صمت الملك قليلاً ثم قال:
-  لابد من ضربة موجعة وسريعة لهؤلاء الملاعين، لابد من إحضار من تم أسره هناك حتى لا يستخدموه ضدنا، ولكي يعرفوا أن شوكتنا صلبة ولن تنكسر بسهولة ولكن دون أن نترك ورائنا أحد.
هنا قاطعه الساحر قائلاً:
-  أنا أختلف معك أيها الملك.
نظر له الملك بغضب وقال:
-  تختلف معي في ماذا يا ناصور؟
نظر له الساحر وارتسمت علي وجهه ابتسامة مصطنعة وقال:
-  لقد مر وقت ليس بالقليل منذ أن أسروا من لديهم ولو كانت لديهم النية لعقد المجلس لكان قد عُقد أو أعلن على الأقل بنية انعقاده، يجب أن نهدأ ولا نرد عليهم بأي شيء الأن.
تعجب الملك من حديث ناصور وقال:
-  كيف هذا؟ سيشعرون أننا ضعفاء أيها الأبله، هل تريد أن نظهر أمامهم ضعفاء وجبناء.
هنا وقف الساحر علي قدميه وسار باتجاه اللوحة التي بها حرب العمالقة والغيلان وقال للملك:
-  منذ زمن وأنتم تُحكمون السيف والدماء وتضعوهم كخياركم الأول، ولكن هذه المرة علينا أن نغير من أسلوبنا معهم، يجب أن نُحكم عقولنا هذه المرة ونرسم خطتنا التي ستفنيهم عن جوف الأرض تماماً.
نظر الملك للساحر وقال:
-  وما هي هذه الخطة أيها الساحر.
نظر له الساحر وهو يفرك لحيته وقال:
-  بعد ما حدث منا من إرسال الجنود إليهم فمن المؤكد أنهم أخذوا حذرهم كما قال الجندي الذي أرسلته، لقد وضعوا حراسة مشددة من الجنود بطول حدود أجارثا حتى يكونوا عين مبكرة لهم من أي حركة تصدر منا.
ثم شرد قليلاً وتابع قائلاً:
-  ومن المؤكد أيضاً أن جيشهم على أتم استعداد الأن للحرب التي تدق طبولها منذ قتلهم للغيلان وأسرهم لأحد منا، ولكن الشيء الجيد الى الأن أنهم لم يطلبوا عقد جلسة وإلا لكنت علمت أنا، لذلك علينا تغير أسلوبنا من إرسال الجنود على الأرض، لابد من استخدام جنود لا يروها حتى نحضر من تم أسره دون أسر أحد أخر منا.
تعجب الملك من حديث الساحر وقال ساخراً:
-  إذاً نستخدم جنوداً خفية، أليس كذلك؟
نظر له الساحر ولم يعقب على حديثه وتابع قائلاً:
-  نستخدم جنوداً طيارين، يطيرون في السماء بعيداً عن أعينهم، يستطيعون أن يكتشفوا ما يفعلونه بدون أن يراهم أحد وإذا طلب منهم التدخل لفعل شيء يكونون أسرع من البرق نفسه ولا يراهم أحد، لا تشغل تفكيرك بهم أنا سأحضرهم.
وضع الملك سخريته جانباً بعد أن بدأ يقتنع بكلام الساحر ثم قال:
-  ومتى ستبدأ في خطتك هذه؟
أبتسم الساحر وهو يرى الملك مقتنعاً بحديثه ثم قال:
-  في البداية سوف أرسل أحد هؤلاء الجنود الطيارين لأعرف من هو الناجي من جنودك، وأعرف ما يخططون له وما ينوي فعله هؤلاء العمالقة الملاعين، ثم أضع خُطتي.
هنا قال له الملك:
-  كم تريد من الوقت حتى تطلعني على بقية خطتك هذه أيها الساحر.
شرد الساحر قليلاً ثم قال:
-  لا أعرف، ولكن لن تقل عن شهر كامل.
هنا أنفعل الملك قائلاً:
-  شهر كامل، هل جُننت، أتريد مني أن أصبر شهراً كامل، كيف هذا أيها المجنون، إن لم نرد عليهم بسرعة وبقوة سينعتوننا بالضعفاء.
هنا قال الساحر:
-  وهذا هو المطلوب، نريد منهم أن يعلموا أننا لا ننوي أن نفعل شيء، نريدهم أن يظنون أننا ضعفاء وأنهم أقوياء، نريدهم أن يأمنوا غدرنا حتى نباغتهم أيها الملك.
هدأ الملك قليلاً يفكر ثم قال:
-  حسناً سوف أسير خلف رأيك ولكن إن لم تنجح خطتك سوف أجعل منك طعاماً لوحوش الصحراء أيها الساحر.
التفت إليه ناصور وقال وهو يبتسم بوحشية:
-  دعني أرتب خطتي وأوراقي التي سنلعب بها، وبمجرد أن أنتهي سأخبرك بكل شيء، كل ما أطلبه منك هو أن تطمئن وتضع غضبك هذا جانباً وستري كيف سأجعلهم يتعذبون بل سأجعلهم يأتون إليك هنا أمام قصرك لتفعل بهم ما تشاء.
أنتهي الساحر من حديثه ونظر إلي الملك ضاحكا بينما الملك نظر له مزمجراً وقال:
-  سنري يا صديقي، سنري.
*****
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي