الفصل الثاني

..

تجلس فتاه ترتدي بذلة رسمية تعطيها مظهرًا رجوليًا بعض الشيئ وكأنها تسترجل الواقع الذي تعيشه، يلفح الهواء وجهها، تتطاير خصلاتها الغجرية من أمامها، مغلقة العينين ترحب خديها بقطرات الندى، تعلن الثبات أمام الجميع ومن الداخل بركان يفيض.
لم يظهر على ملامحها سوى السخرية، بيديها الرابطة على صدرها وكأنها تربط جأشها بها، غير قادرة على أن تصرخ بفمها الذي يظهر عليه الإرتعاش.
تنتفض من الغيظ والضيق، تنظر للحاسوب أمامها عاقدة حاجبيها متأفأفة من تلك الإيميلات المزعجة ومن صاحبها السمچ " متفرغة! "

نفخت مرتين فاركة أصابعها وهي تتذمر بصوت عالٍ لصديقتها بالعمل:
_ أنا لا أفهم متى يكف عن مراسلتي ويتوقف عن إزعاجى.

جحظت الأخرى عينيها لعدم فهم:
-  من هو يا نور؟

_ شخصًا لزجً يستمر في إرسال الإيميلات وهو يعلم مدى بغضي له، لا أطيقه البته.

-  حسنا أذا اتركية يضرب رأسه بالحائط ولا تعيريه أدنى إهتمام.

نظرت "نور للحاسوب أمامها وهي ترفع حاجبها :
_ لو أن الأمر بيد، لتركته يحدث نفسه كالأبله، ولكن هذا الدكتور المتخصص لحالة ريان ويجب عليٌ الأطمئنان على عمليته وكل ما يخصها من تحاليل وغيرها.

رفعت صديقتها راسها من تلك الأوراق ونظرت لها نظرة ذات مغزى تعلم تماما ما معناها:
_ أذا قلتِ لي ريان... حسنًا أقصفي جبهته مثلما تفعلين دائمًا مع أولئك المزعجون أمثاله.

_ وهذا ما أفعلة تمامً.

أنهت جملتها ومن ثم نظرت للحاسوب مرة أخرى، فوجدت إيميلا أخر منه محتواه " من الضرورى الرد على رسائلى " حركت عينيها بلامبالاه وقررت أن تغلق ذلك الحاسوب ولكن أرسل رسالة أخرى " يجب أن تعلمي شيء " وأخرى:
" سأعتبر عدم ردك هذا أنكِ غاضبة من كلامي معكِ المرة الماضية هذا فيما معناه أنكِ لا تفضلين الصراحة" .

أستفزها كلامه وضغطت على يدها بقوة، تحاول أن تتحكم بعصبيتها وتابعت رسائله فهو مازال مستمر بالأرسال:
_ أتعلمين! أقوم بتحليل شخصيتك في الفترة الماضية، فأنا أشعر بالأستمتاع كثيرًا.
فـ ايامي الماضية كنت أشعر بالضجر من ضغط العمل ورائحة المستشفى وأصيبت بالإكتأب، ولكن تغير الحال تمام، فقد سُعدت جدًا عندما ظهرتِ فجأة من العدم أمامي، تحليل شخصيتك شيء مثير للتشويق.

نظرت لتلك الرسالة بعينان واسعاتان، عقدت حاجبيها بسرعة البرق عندما جاءتها رسالة أخرى من نفس الأيميل، فبدأ الدم يغلي في عروقها من كثرة غضبها:

" أعلم تماما أنكِ لا تطيقين الحديث معي أو تواجدى بمحيطك كما أعلم أنك ستتحملين وجودي من أجل ريان" أنهى رسالته تلك بذلك "الإيموشن الضاحك ليستفزها أكثر، لتتأفأف وهي تغلق الحاسوب فترة، ولكن سرعان ما أعادت فتحه لأكمال عملها، فنا لبثت ثوان الت أن وجدت عديد الرسائل من ذاك الاحمق، شعور الضجر والحزن بظى واضح عليها، حتى لاحظت ذلك زميلتها في العمل، منا جعلها تتسائل قائلة بعدم فهم وضحك:
_ لهذة الدرجة منزعجه منه؟

تنهدت وهي تراه مقبل عليها بوابل من الرسائل، فأبعدت عينيها من على الشاشه وتوجهه نظراتها لزميلاتها متأفافه:
_ يزعجنى بشدة، يزعجني أكثر من أى شيء بالكون، فهو يراسلنى دائما ويتحدث هكذا بدون أى حدود، يستفزني.

رفعت الأخرى حاجبها لتبتسم بمكر وهي تراقص كتفيها:
_ ولما تطلقين عليه مسمى المزعج، ربما يكون ذلك إهتمام.

عقدت "نور" حاجبيها وهي تنظر للشاشه مرة ثانيه:
_ إهتمام!! أصمتٍ، لدى عمل يجب أن أنتهي منه.

أنهت جملتها وهي تستمع لضحكات زميلتها متذمرة من ذلك المزعج ورسالته الأخيرة التى كانت كسهم ملقى به داخل قلبها "أعلم أنكِ واقعة بحب مريضي العزيز، وبأي وقت أحتمال أصابتك بصدمة الهوى كبيرة جدا، ولكن لا تقلقي فهو سيصدمك وأنا الوحيد الذى سأشرف على حالتك".
بعد تلك الرسالة المستفزة، قررت أن تجيبه برد مستفز مثله والعين بالعين والسن بالسن والبادي أظلم.

_ أتمنى أن تقع بالعشق مثلما أنا واقعه به، حتى تتوقف عن إزعاجى والتشمت بي، فأنا نادمه عن تلك اللحظة التي ذُل لساني وعلمت بها عن ما بداخلي.

أغلقت الحاسوب بأكمله، ناظرة للملفات والأوراق أمامها متذكرة لحظة معرفتها بمرض "ريان"وبكأها أمام المشفى، ليراها الطبيب المختص بحالته، فما استطاعت الصمت أكثر وهذت بمشاعرها المكنونه داخلها، ليعرف بها وها هو الأن يتشمت بها.

امسكت بهاتفها وأبتسمت لتصغط بعض الأرقام متصلة بريان وهي تفكر بكل لحظاتها القليلة معه ...

بالواجهه الأخرى ينظر الطبيب لهاتفه المحمول وعلى ثغره أبتسامه تجعل ملامحه أكثر جاذبيه، متمتم بهمس "وقعت وإنتهى الأمر".

….

"الأن أصبحت أنا وأولادى عبء عليكى يا حور، اصبحت المريض العاجز؟
معقول ان يكون تفكيرك سطحي لهذة الدرجة، علاقتنا وحبنا رخيص عندك لتبيعيه بكل سهوله وبدون سبب!

هتف بها بينه وبين نفسه، يشعر بنارً تأجئج داخله كلامها يحرق صدره بدون رحمة ولا شفقة، كنار لبثت في كومة قش والتهمتهم بوقت وجيز، هذا وضعه تمامًا.


أصدر هاتفه رنين عالي للمرة الخامسه، أمسكه وأجاب بصوت حاد: نعم !

_ ريان، أين أنت؟ أتصل بك منذُ مده ولا مجيب.

_ الأن أجبت

سالته " نور " بتعجب: ماذا بك ريان، هل أنت بخير؟

أجابها بطريقه ونبرة تراجيدية كأنه يقوم بعرض دور بمسرحيه :
_ بخير! نعم أنا بخير لا بل بأفضل حال وماذا بعد؟!

_ ريان ما به صوتك؟ أنا أعرفك هل تداوم على الدواء؟ لا تهمل نفسك ريان أرجوك، فوضعك لا يحتمل إهمال و...

قاطعها بتسليك وضيق : نور أنا بخير وأداوم على الدواء، والأن مشغول نتحدث بوقت لاحق.

للحظة شعرت أن هناك خطب ما به، فقررت الاستسلام لرغبته متحدثه:
_ حسناً، أهاتفك بوقت أخر سلام.

أغلق هو الهاتف بسرعة بدون أن يجيب بشيء آخر، فوضعه النفسي لا يحتمل محادثة أحد.
ظل حوالى عشر دقائق واقف أمام المرءاة، لا يعلم ما عليه فعله، وبين طرفة عين والآخرى امسك بزجاجة عطرة وقذفها نحو المرأه لتتهشم لعشرات القطع، يتنفس بغضب ويمسك مفاتيح سيارته ويخرج من منزله، يسير بالسيارة بتية وضيق ...

ليجد نفسه يقف أمام البناية التي تسكن بها حور، لا يسطتيع، قلبه لا يطاوعه، يريد أن يسمع منها سبب مقنع بعيدًا عن كلامها الجارح فهو يعرفها أكثر من نفسها، بالتأكيد يوجد شيء تخبئه عنه ولكن ما هو؟
تنهد وترجل من السيارة صاعد البناية، ليقف أمام الشقة، يضرب الجرس عدة مرات منتظر منها الأجابه.

تجلس على الصوفية ممسكة بمنديل ورقي تمسح بها دموعها، فهي لم تتوقف عن البكاء بعدما عادت من الملجئ، تشعر أنها ستفقد عقلها مما يحدث معها، ولكن سرعان ما سمعت صوت الجرس، فنهضت من موضعها متجه نحو الباب تجيب بصوت باكٍ: من الطارق؟

أجابها بهدوء: أفتحي يا حور.

أهتزت حور مكانها، توترت من الصوت الذي وصل إلى مسامعها منذ لحظات، كانت تعتقد أن الموضوع أنتهى ولن تسمع صوته مرة أخرى، ولكن هو الأن يقف أمام المنزل، يفصل بينهما باب واحد فقط: ر.. ريان!!

_ نعم حور، هذا أنا أفتحى الباب من فضلك.

قضمت على شفتها وهي تحاول ألا تبكي لتجيب بحزن:

_ عذرًا ريان فأنا مريضة وأريد أن أخذ قسطًا من الراحة وأنام.

_ لن أتاخر فقط دقائق، أفتحي الأن حور هيا.

هتفت برجاء: أرجوك ريان أرحل.

_ حور أفتحى لن أرحل، هناك أمور كثيرة يجب أن أفهمها، لا يمكن أن ننهي الأمر هكذا.

لم تعد تسطيع الصمود أكثر، أصبحت كورقة شجر ضعيفه سقطت من الأعلى بعدما هبت رياح قوية.
جلست بجانب الباب مستندة عليه، تبكي بحرقه تتوسله حتى يبتعد يرحل بعيدًا، لم تعد قادرة على أعادة نفس المشهد وتراها بعدما قذفته بكلمات حارقة، سمع صوت نحيبها وأستند براسه راجيًا منها أن تتركه يدخل:

_حوري أفتحى و لا تبكي، أعلم أن هناك أمرًا تخفيه عني ويبدو أنه وخيم أيضًا، لذا أنا أسامحك عن ما تفوهتى به ولكن دعينى أدخل وأرى ما الموضوع هيا.

صمت قليلًا ليصغي لجوابها، ولكن ما تلقاه هو الصمت فقط، فما استطاع أن يكتم غضبه اكثر من ذلك، فصرخ وهو يضرب باب الشقة بقوة وعصبية: أفتحي حور.

أنتفضت فزع، ووقفت على قدميها المرتعشة، تمسح بكفيها وجهها، أبتعدت عن الباب بخطوات حذرة رافضة الخضوع لما يريد.
ظلت واقفة وهي تستمع لخبطاته القوية وصوت الجيران المنزعجه الخارجة من شققهم تسأله عن أزعاجه وصوته العالي، ليتحرك هو بعصبيه غير مبالي لحديثهم خارج من البنايه بعدما أوقع قلبها بجملته لها:

-  سأتركك وشأنك حور، تذكري أنتِ من قررتى الأبتعاد".

أقتربت من الأريكه وهوت عليها، تنظر للسقف الأبيض بشتات، ودموعها تهطل دون توقف كالشلال، فهمت من جملته أن هذه هي النهاية لا محاله.

_ تركتك تفعلين ما تريدين، ولكن حور تذكري أنني لا أوافقك على هذا أنتِ تؤذين قلبك وقلبه حبيبتى.

نظرت لعمتها الواقفه أمام باب الغرفة لتذهب وترتمي بحضنها وتضمها بقوة تريد أن تستمد منها بعض الدفء والحنان، تريد أن تشعر ببعض الأمان الذى أفتقدته منذُ ذلك اليوم، فعمتها رغم كبر سنها إلا أنها لم تتأخر عنها أبدًا في شيء، كانت الأم والأب والأخت الصديقة، تنصحها دائما وتقف لجوارها:
_ أنا أستقلت من العمل، وسأذهب لبيت صديقة لي في الأسكندرية عدة أيام.

_ ولكن ..

قاطعتها نافية برأسها:
_ عمتي، حقًا الوضع لا يحتمل، سأذهب لأرتاح قليلا وأفكر بالأمر.

هتفت العمة بعتاب: أرى أنكِ تعلمينني الأمر ليس الأ.

_ أسفه بشأن هذا.

_ الهروب ليس حل، " لو كانت المشاكل تُحل بالهروب، لكانت الكرة الأرضية كوكب مهجور " أستمعي إلي ّ حور، لن تستطيعي مهما فعلتِ الهروب من قلبك، لذا أستمعي له بدون مماطلة أو هرب.

أنهت جملتها مربتة على رأسها، تاركة لها المجال للتفكير بكلامها.



فى صباح اليوم التالي ومع بزوغ الشمس، يمسك بفنجان قهوته المنتهي منه، ينظر له بفراغ وملامح مجهدى، كمتسابق أنتهى من سباقه الأول وخرج منه مكسور الخاطر.
فقد خاب أمله ولأول مرة بحياته، ينكسر قلبه من شخص كان متوقع منه المزيد أهتز هاتفه يعلن عن اتصال يعلم صاحبته جيدًا فرنتها كانت بنغمه خاصه، لكنه ليس بمزاج جيد لسماع ما ستلقيه على مسمعه وقلبه من توبیخ مصحوب ببعض شهقات البكاء، قرر عدم الرد حاليا، ولربما هاتفها في المساء، لكنها لم تسمح له بذلك، عاودت الإتصال من جديد، فاضطر للرد، صاحت فيه:
_ أين أنت ريان، كلما هاتفتك لا مجيب، حدثني طبيبك الخاص ونبهني عن موعد ذهابك له لضرورة فحصك قبل العملية.

عقد حاجبه وضغط على الهاتف مزمجرًا بصوت أشبه بالصراخ:
_ ولما يهاتفك طبيبي الخاص؟ كيف له أخبارك بأشياء تخصني؟!

أهتزت نبرها وتوترت من صوته:
_ مابك ريان، أنا نور أبنت خالتك لا يوجد شيء، تواصلت مع طبيبك للأطمئنان عليك وعلى حالتك، فأنا قلقة جدًا عليك، ريان أنت لا تعلم كم يحترق قلبي على حالك.

نفث دخان سجارته من فمه وهو لا ينطق ببنت شفه، فقط يستمع لها، لحظات وبدأ بالسعال لتنطق هي بعفوية وسرعة:
_سلامتك حبيبي....

لكن سرعان ما أبتلعت باقي جملتها بعدما أنتبهت على ما تفوهت به، ليغصن هو حاجبيه من كلمتها "حبيبي" لتسترسل هي: متى ستذهب لأجراء فحوصاتك حتى أتي إليك ونذهب سويًا؟

_ليس هناك داعي.

_مابك ريان، أشعر أن هناك خطب ما بك؟

_لم؟!

_ أشعر وكأن هناك ما يعكر صفو مزاجك، دائما عصبي وصوتك غير طبيعي، به لمسة حزن ويأس عكس أول قدومك من المأمورية، كانت أبتسامتك لا تفارق وجهك وصوتك كنغمة من جيتار أحد الموسيقين المحترفين، يجعل من يستمع إليه يشعر بالحياة، الأن أصبح صوتك باهت منطفئ.
عودتك للدخان مرة أخرى تسير شكي، ألم تقلع عنه من قبل لما عُدت إليه الأن؟
هل نسيت أن لديك عملية والطبيب نبهك عن ذلك؟!

حل الصمت بينهم فترة متذكر كلمات "حور" عندما قالت عنه أنه مريض وضعيف " ألقى بسجارتة بالأرض وقطع ذلك الصمت مُتحدث بصوت متحشرج:
_لا داعٍ للعميلة، فقد أصبحت حياتي كالسيجارة تمامًا، تحترق وتحترق حتى ينتهي لهيبها، وبمجرد أن تنطفئ تصبح رمادً لا فائدة منه.

. . .

ظلت واقفة أمام مرائتها، تحدث صورته التي نقشت داخل جدران قلبها، وتمتمت بكلمات هامسه..
"صدقني، حاربت من اجلگ كل الظروف ة بكل ما أُتيت من قوة؛ لكني لم أعرف أن عدوي كان أقوي من تحملي.. فقد خارت كل قوتي وهزمتني أقداري.. فلا تحزن يا ملاك زماني، ستظل بداخل فؤادي لأخر يوم في حياتي.
وستبقى أنت الحقيقة الوحيدة التي بداخلي، ربما لم يكتب القدر لنا أن نكمل طريقنا معًا، ولكني سأكمل طريقي وأنت داخل قلبي وحبيبي الأول والأخير".

تنهدت وخرجت لتقف أمام حقيبتها، تنظر لها بشرود، فقد قررت الهروب رغم رفض قلبها إلا أنها لم تسمع له ولدقاته المؤلمه تلك، فالقلب دائمًا الجزء الأضعف، وهي يجب أن تقوى.
يُقال أنَّ الصراخ أو البُكاء قادرين على إظهار ما يحملهُ قلب المرء مِن حُزن وألم؛ لماذا إذا نُبح صوتها ولم تعد قادرة على المواصله.

تنهيدة ثالثة أخرجتها من أعمق نقطة في روحها، وأمسكت بحقيبتها معلنة المغادرة بعد وصلة وداع طويلة مع عمتها، لتمسك بمقبض الباب بهدوء تفتحه ببط كأن الأشياء ترفض ما تنوي فعله.
شهقت بقوة بعدما فتحت الباب، حتى وجدت أمامها، يعقد ذراعيه أمام صدره ويرفع حاجبه عندما رائ حقيبتها،ليضرب بقدمه اليمنى عدة ضربات ي الأرض دليل على غضب، يرفع رأسه للأعلى.
محاولة فاشلة منه أن يتحكم بعصبيته، ها هو يمسك بمعصمها ويضرب الحقيبة مزيح أياها بعيدًا عن الباب، ليدخل ويغلقه ورائه ومازال ممسك يد تلك المسكينه المرتجف قلبها من لمسته لها : لما أنتِ ضعيفة وجبانه لهه الدرجة يا حور؟

لم تفتح فمها ببنت شفه، ليكمل هو بنفس النبرة:
_ هل تريدين الهرب؟ أهذا هو الحل! تحملين حقائبك وتهربين لمكان بعيد لا أعرف أين هو!! أين ذهب عقلك؟
حور لما لم تخبريني عن تلك الرسائل؟ لهذة الدرجة لا تثقين بي؟

هزت راسها بسرعة، نافيه وهي تفتح عينيها على مصراعيهما، كيف عرف بشأن تلك الرسائل؟!

_ظننت أنكِ تعرفين مدى حبي وشغفي أنتجاهك! طننت أن حبنا أقوى من تلك الأمور التافهه!؟

_كيف عرفت؟

ضحكة ساخرة خرجت من فمهه: أهذا كل ما يهمها كيف عرف!!

أخيرًا ها هي تلقي بجسدها داخل صدره، تبكي وتشكي مرارة ما مرت به:
_كنت خائفه مشتته لا أعرف كيف أفكر وما هو التصرف الصحيح، ظننت أن هذا هو الحل كي أحميك أنت وأولادك حتى لا تتلطخ سمعة عائلتك.

_أخبرتني عمتك قبل دقائق أنك ستذهبين هاربة من ملتقاي، لم تقص لي التفاصيل، كل ما قالته أن هناك رسائل تبعث لكِ تهددك حتى تبتعدي عني، ولكن الأن حور أريد معرفت كل شيء

أنتفضت فزعة لتبتعد عن صدره، لماذا كلما أرادت أن تمضي حياتها بدون ذكر ماضيها يأتي شيء ويذكرها، لماذا شبح الماضي يلاحقها دائمًا.

هاربة هي كمن تلدغها أفعى سامة تسير في طرقاتها بلا دليل ولا مساعدة
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي