قيود عزازيل

NouraMohamed Ale`بقلم

  • الأعمال الأصلية

    النوع
  • 2022-12-25ضع على الرف
  • 92.3K

    إكتمل التحديث (كلمات)
تم إنتاج هذا الكتاب وتوزيعه إلكترونياً بواسطة أدب كوكب
حقوق النشر محفوظة، يجب التحقيق من عدم التعدي.

الفصل الاول

( ١ )
في ذلك الوقت الذي يعد نهاية النهار، أو قبل سكون الليل البهيم أو حتي يلوح في الأفق، كانت تجلس مكانها منذ مدة وكأنها منذ زمن!.
بشر أتو وأخرين رحلوا، ولكنها كما هي لم تتحرك أو يتغير في جلستها شيء، حتي النفس، ساكنة مثل ذلك المقعد الذي تجلس عليه.

تنظر إلى البحر وكأنها تودعه، او تلقي عليه السلام، تعرف انها سوف تعود إلى قريتها أو بلدتها، ولكنها في الحقيقة تنظر لأقرانها أو لمن "عرشه تحت الماء"، ابناء عزازيل!
تتابع تغير الوقت وإقتراب الموعد، وكأن جسدها الجالس سافرت منه الروح؛ إلي حيث إجتماع أتباع الشيطان!

ولكن من يراها من بعيد لا يظن ذلك؛ يظنها شغوفة بالبحر الذي سوف تتركه إن لم يكن اليوم فهو الغد.

كانت تستنشق الهواء المالح، وتشعر بأنه يعانق قلبها، تستمتع بكل نسمة من نسماته، تتذوق طعمه الملح علي شفتيها، ويداعب الهواء شعرها الأسود يراقصه؛ كأنه أمواج البحر نفسه!

كانت تنظر إلى قرص الشمس وهو يغيب في الأفق و كأنها تنتظر أن تبتلعه المياه، مثل كل يوم؛ رحلة الإحتضار والإنتحار ولحظة ما أن تموت الشمس في قلب البحر، لترجع للولادة مرة أخري في اليوم التالي.

ولكن قبلها بقليل كانت ولا زالت تعبث في الرمال الناعمة تحت قدميها تكتب حروف لا معني لها حروف لا تمت لأي لغة بصلة نقش شيطاني كحالها هي، تنقش بأظافرها قدمها المطلية، بلون قرمزي يشبه لون الدم!

ورغم أن الشمس أشرفت علي المغيب، ولم يعد من ضوئها الوهاج وأشعتها القوية، شيء يأذي عينها إلا أنها كانت تضع علي عينها نظارة سوداء تخفي خلفها نظرة عينها التي تحمل من الحزن والتوتر والتشتت الكثير!

ربما لأن عينها هي الأخرى لغز مثله، مثل كل شيء فيها، جسدها الذي لم يتغير، ممشوق دون ترهل، أو إرتخاء رغم مرور السنين، عينها التي تحمل لون غريب عجيب، يدها التي تعد أقوي من الحديد، قوتها الخارقة وكأنها الحارقة!
وكل شيء فيها حتي هذا التشتت والضياع.

ورغم كل ما تملكه من قوة وقدرة رهيبة عجيبة، لكنها إلي الأن لا تعرف إلي أين سوف تذهب؟!
أو أين هي من الأساس؟!

حتي إقتربت منها تلك العرافة، تحمل منديلا به العديد من الأصداف، تنظر إليها وإلى غيرها تبحث بينهم عن الضعف والوهن، علها تجد ضالتها؛ تجد ضحية ساذجة تستطيع أن تلقي عليها شباكها، علها تصطادها تلقي عليه الوهم، وتدعي أنها تعرف الغيب أو ربما تستطيع؟!

هل حقا تستطيع؟ أن تقرأ بعض الخطوط على وجهها، أو على كفها أو حتى على الأصداف!
نظرة عينها وهي تقترب منها تظنها مناسبة، فهذا الحزن أو العمق علي وجهها سوف يكون ثغرة لتدخل إليها ولتلقي عليها حبال الوهم، وتطالبها بأن تنساق لها!

ذات المنديل غافلة عن أنها في حضرة الشيطان، في حضرة شيطانة تحمل من قوى الشر الكثير؛ إلا أنها لا تقوي علي البوح بما في قلبها وصدرها لأحد !

ذات المنديل عرافة الغجر، رددت كلامها المرسل الذي حفظته عن ظهر قلب، من فرط التكرار والترديد:
"أقرأ الودع كأنه كتاب أعالج الوجع وأنسيك العذاب! وأهمس للصدف ولصدف!
أوشوش الذكر فيثور و يفور ويكشف عن المستور!

نظرت لها نرجس بإبتسامة ساخرة وكأنها لم تبالي، وكأنها لا تصدقها من الأساس، وهل من الممكن أن يصدقها إنسان عاقل؟ هل ممكن أن يصدق بشر يحمل في رأسه عقل أو في قلبه ذرة من الإيمان من الأساس؟!

إلا أن نرجس نفسها خارجة عن نطاق العقل، مزدوجة الشخصية، مشتتة بين الواقع والغيبيات، نظرت لتلك المدعية التي تلح عليها لتقرأ لها الحظ، وكادت أن تضحك بصوت مرتفع على هُرائِها الذي لا أساس له.
وأي حظ تريد ان تعرفه ذات المنديل؟ والأصداف!

لقد قرأتها نرجس من أول ما إقتربت منها وهي تتلفت كأنها لص، إنها حتي لا تعرف من هي نرجس من الأساس، فهل تأتي عرافة ساذجة لتبيع الماء في حارة الساقيين؟ وهنا نطقت نرجس بحدة وقوة وثبات.

إذهبي لحالك لا أريد.
- ولكني اريد ان أقرأ طالعك حتي لو دون مقابل.؟
هزت نرجس رأسها نافية فألحت ذات المنديل مرة وإثنين وثلاثة إلي أن قالت نرجس باستخفاف وإستهزاء :

ومن أنتي لتعرفي لي المستقبل والحظ، رغم أنني أعرف حظي جيداً، ولا أريد قراءته! إن أردتي أن تكسبي بعض المال إقرئي لأحد غيري أو ما رأيك أن تقرأي لهذا ؟.

وأشارت إلي طفل صغير يجلس بجوارها علي أحد المقاعد قريبة نسبيا، يظهر عليه أنه في مرحلة التعليم الإبتدائي.
ذات المنديل: لا أريد أن أقرأ له! أريد أن أقرأ لكي انت!
نرجس: ولكني أعرف حظي جيدا يا عرافة الغجر.
ذات المنديل: ربما يتغير أستطيع أن أخبرك بالجديد، أبشرك بالخير و..
نرجس: قلت لكي لا أريد..

وما أن يأست من إلحاهها وكلامها الكثير، الذي أن دل على شيء؛ يدل على كذب وعدم دراية بمن أمامها، ولكن رغم إصرار نرجس علي الرفض وطلبها أن تذهب إلا أن العرافة لم تيأس وسألت بإستفسار
لما ؟!
نرجس وهي ترفع النظارة الشمسية السوداء عن عينها؛ لتريها لونها الفريد، ونظرات الشيطان تتراقص فيها، وتقول بصوت أخر كأنه صوت رجل أجش، جعل المرأة ترتعب، رغم هدوء نرجس وثباتها الغير مبرر، بعد كل ما تغير علي وجهها وفي عينها.

- أملك خدمة يخبروني ما أريد؟ هل تحبي أن أقرأ لكي الطالع وأخبركِ حظك؟

نهضت العرافة بعد أن كانت تجلس علي أحد المقاعد القريبة منها، ولسان حالها كمن لدغته عقرب، وكأن فرائسها ترتعد، وأخذت ترتعد وهي تهم أن تبتعد، المرأة وهي تشعر بالخوف وتركض علي الرمال بهستيرية، تتبعها ضحكات نرجس الشيطانية بصوت مرتفع؛ زرع الرعب في أوصال العرافة! وهي تنادي عليها
تعالي الى أين أنتي ذاهبة؟ لقد حان الوقت تعالي لتحضري الاجتماع، أيتها المدعية؟

ربما لأن الشاطئ أصبح خالي منذ أن جلست بجواره، ربما لأن الوقت تأخر، أو ربما لما رأته علي وجه تلك المرأة الغريبة، والذي لم يكن شيء عادي، لم يكن شيء من الأساس، بل كان الرعب بعينه، مما جعلها تركض بسرعة وخوف، لا تتوقف الا علي باب بيتها البعيد، وهي تلقي المنديل والأصداف من يدها وكأنها نار تلسعها و تشعر بقلبها يرتجف، وهي تتذكر شكل المرأة وتغير ملامحها وصوتها الذي تحول في لحظة؛ وكأنها شبح أو يسكن جسدها شبح أو أشباح.

بينما كانت ضحكات نرجس تجلجل علي
الشاطئ، كانت جليلة العرافة تتكلم إلى نفسها، تنظر الي المنديل الملقي، علي الأرض، وعينها تجحظ وهي تري العجب، وكأن الأصداف تحولت إلي نار؟ وكأن جسدها أرتفعت حرارته، وضربات قلبها أرتفعت وتيرة دقاته ،وهي إلى الآن تستمع الي صوت تلك المرأة!.
أو ذلك الرجل الذي يسكنها، وهي تناديها لتعود؛ وتطالبها بحضور الإجتماع وأي أجتماع قد تحضره ذات المنديل!؟

ولكن ما كان مرعب بالنسبة لها، أكثر من كل شئ، حدث في هذا اليوم الغريب، وبداية هذه الليلة الأغرب؛ هو تلك الأصداف التي زاد بريقها، حتي وهي داخل المنديل، فلقد توهجت وكأنها جمرات من النار، بالإضافة الي ما تسمعه الان، لقد بدأ الهمس في اذنها؛ وكأنه دبيب نمل أو أزيز حشرات تزن وتطن في داخلها، الأسوء هو ذلك الصوت الذي لازال يتردد في أذنها، ضحكات مجلجلة تملئ الشاطئ وتملئ القلب رعب وخوف !
وها هي ترتعد ومن يلومها.
هل جنت ؟ ام تخيل لها أم ماذا ؟!

انها الأن تري كل شئ وكأنها لازالت علي ذلك الشاطئ الملعون، أو بمعني أصح المسكون، والخوف الذي تشعر به والهذيان الذي يملئ عقلها، كان أكبر من أن تتحمله أو يحتمله عقلها فقد تصل إلي الجنون، أن بقت مستيقظة، ومن منا يستطيع ان يري ما رأته ويظل بعقله ولا يشت لذا غفت اخذها النوم فوق سحابته؛ لترتاح ولكن نومها كان بلا راحة وأي راحة في هذه الأحلام، أنه ليست أحلام بقدر ما هي كوابيس تغرق روحها وكأنها علي فوهة بركان توشك حممه أن تنثر في وجهها.
أما هناك علي ذلك الشاطئ الذي أصبح خالي رحل الجميع، إلا هي ظلت كما هي حتي أن أصحاب المقاعد، لم يروا ذلك المقعد في عتمة الليل، وهي رغم ان المكان صار موحش، مرعب، يجعل أوصالك ترتعد، الا أنها كانت تبتسم؛ تنتظر أن يظهرالمستور؟

وأن تلف اللحظات وتدور وتري ذلك العرش؛ علها تسأل عن سبب لعنتها، لما هي دون عن أقرانها أصابتها اللعنة؟
فما ظلت علي حالها، ولا صارت مثلهم، لما بقت في المنتصف، لا هي من البشر ولا هي من أبناء عزازيل.؟!
رجعت بذاكرتها إلي الماضي، إلي بداية كل شيء، كانت في العاشرة من عمرها أو ربما أقل، سافرت عائلتها لأحد الدول العربية، حيث يعمل والدها الحاج مرجان هناك؛ إستقر في بيت للإيجار، تلك البلدة تعد قرية بسيطة، وحياة أهلها تعد أبسط، كانت علاقتهم بصاحبة البيت جيدة، وهي سيدة كبيرة في السن، لها من الاولاد الكثير ولكن كلهم بخير وسلامه؛ إلا ذاك الكبير الصغير!.
في نفس الوقت أكبر أولادها صلاح كان قد تجاوز الثلاثين من عمره الا أنه يمتلك جسد طفل وليس ذلك فقط ؟
فهو كان عبئ على العائلة!
أحدى أخواته البنات، من تكفلت به باطعامه والتنظيف من أسفله وما الى ذلك!
فهو على هذه الحالة منذ سنين طويلة، وقتها شعرت(علية)وهي والدة نرجس بالإشفاق عليه وعلى حاله؛ فتكلمت مع أهلها في القاهرة عن حالته في شريط تسجيل، كحال الجميع في ذلك الوقت، كانت تسجل صوتها وتطلب من أمها أن تسأل عن أحد الشيوخ أو معالجي القران؛ من كان يستطيع أن يساعد هذا الفتى أو هذا الرجل الذي يجمع بين الاثنين.

لو كانت تعلم ما كان سيترتب من الأساس على تدخلها؟ لا أنها كانت تتعامل بفطرتها مثل الجميع.
شعرت أم صلاح وقتها بالسعادة إن هناك من يفكر في إبنها قالتها صريحة
عائشة : لا باس لا يهم المال ليس شيئا مهما من الأساس كل ما يهمني أن يعود أبنى كما كان، فقد كان طفلا سويا سليما، حتى الإبتدائية .
شردت بأفكارها وهي تفكر كيف تدهور الحال بعدها؛ ضمور الجسد ووهن العظم وإنحناء القامة والأقدام واليدين حتى صار معوقا؛ رغم شكله الذي يشبه الى حد كبيروجه أمه الجميل المحيى إلا أن جسده كان لا يزيد عن طفل في الثامنة أو السابع من عمره؟!
ورغم طول يديه وأقدامه؛ إلا أنها ،كانت منحنية كأنها إعجاز نخل أخذت شكل خاطئ.

وقتها فكرت (علية) أن تساعد عائشة، رغم طلب مرجان منها، أن لا تتدخل في شيء لا يعنيها، من الأساس ولأن البيت يعد جوار البيت ولأن العاطفة والأمومة تجري في قلبها بالفطرة، كانت لا تنفك تذهب الى ذلك البيت عبر السور المشترك؛ تجلس مع عائشة تتكلم معها، وتحكي رغم أنها لم تكن تدرك أن حياتهم مختلفة الى حد ما، أو ربما ما هم فيه ما هو إلا إبتلاء، ولكنها هي أيضا لم تكن تعلم الكثير عن هذه العائلة، الى أن أتى يوم كانت تجلس معهم، وقتها إقتربت سلمى إبنتها لتصنع القهوة وقتها حركت الفنجان لتقرأ ما هو مكتوب فيه؛ سلمى الإبنة الوسطى هي من تهتم بصلاح، تساعده في كل شيء ،هي من لا تراه عبئا وحملا عليهم ،هي تراه أخ يحتاج الى مساعدة، هو ذلك الكبير الصغير في نفس الوقت.

هي من تعلم أن ما بأخيها مجرد إبتلاء؛ مجرد تسديد حساب لذلك الغيب الذي يدعو أنهم يعرفونه، ولكن هل هناك من يلوم على نفسه ؟!
هل هناك من يظهرعيوبه للملئ الا انها لم تكن تهتم براي تلك الغريبة التي اتت لتسكن جوارهم !
ادارت كوب الفنجان في يدها كعادتها وهي تنظر في داخله؛ أخذت تقرأ ما فيه نظرت لها علية بدهشة !
وكأنها تريد أن تسأل هل تستطيع حقا أن تقرا الطالع؟
هل تستطيع أن تقرأ الغيب؟
ولكن وقتها الفطرة وعدم الإيمان كان سبب يجعلها تمد يدها بفنجانها هي الأخرى لتعرف ما هو آتي في الغد!
نظرت اليها وكأنها تقول أشياء كثيرة وهي فعلا قالت الكثير!
سيتغير الحال؛ فتمر بضائقة مالية سيتغيرعمل زوجها الى شيء آخر. لن يجد عمل فسيقوم بتربية طيور وحيوانات في بيته؛ قد يربي دواجن أو خرفان وقتها نظرت لها (علية)؛ وكأنها ما تقوله ليس شيئا، قد يأتي في حسبانها من الأساس ما الذي تقوله ولكنها لم تكذبها ؟
وقتها نظرت سلمى في نهاية الفنجان بتمعن ثم قالت لها:
_ هناك طريق سوف يتغير هناك إبنة تاخذ طريق مختلف !
نظرت علية إليها بإستفسار؛ وكأنها لا تفهم كلامها أو فسرت على ما تتمنى أن تكون إبنتها طبيبة أو مدرسة، ولكنها لم تدرك أن هناك خط مختلف، طريق ودرب قد تسير فيه لا رجعة منه، ولا نهايه له؛ انها مهيأة لتتلقى اغشياء كثيرة أنها مهيأة ليختلف الدرب، وتتشتت بين الطرق ،إبتسمت علية تتمنى صدق البشارة، التى تحمل الفرح والسعادة، الى أن تركت سلمى الفنجان ونظرت لها وهي تتسأل

هل هناك من يعرف في بلدتكم أحد يساعد اخي؟ هل تستطيع أن تسألي وقتها؟
لم تتردد علية بالفعل وأخبرتهم، أنها تواصلت مع أمها تسألها، إن كانت تستطيع أن تفعل شيء، وماذا كان إسم الفتى وإسم أمه هزت سلمى راسها وقالت :
-ولكني اشكرك لآنك حاولتي على أي حال! ولكن ما نحن به قد لا ينتهي بسهوله؛ لا أظن أنك تريدي أن تحاولي، لا أظن انك تفكري أن تدخلي في هذه الدائرة، لم تكن( عليه) تعرف ماذا تعني كلمتها من الأساس؟ كل ما تعرفه أنها تريد المساعدة!

لم تستمع لكلام زوجها ولم تستمع لكلام أحد الا قلبها. الذي قادها لتساعد طفلا، أو رجلا يعيش في ثوب طفل، وفي الحالتين لن تعم عليها فائدة، إلا أنها حاولت كانت نرجس تنظر لأمها التي تتكلم معهم تستمع الى كلام الكبار، ولا تدرك انها هي المعنية بتحذيرات، سلمى لا تدرك أن كلام سلمى يحمل أشياء كثيره قد تغير طريقها ،ودربها من الأساس ومرت الأيام، وأتى السائق الذي يسافر الى بلدتهم يحمل أشياء من الوطن خطابات وشرائط، كاسيت وهدايا وأطعمه. وأشياء كثيرة ومن ضمن ما حمل لهم ،

كان لفة من ضمن كل ما أرسلته الجده ،لهم ظنوا أنها شريط، في بادئ الأمر، حتى قامت نرجس بفك ذلك الورق واللاصق عليه؛ وقتها شعرت علية بالصدمة وتراجعت خطوة وهي تنظر الى ذلك الحجاب، الذي يأخذ شكلا مربع مغلف، بغلاف من جلد سميك، محفوظ بلاصق من شمع قوي؟

وكأنه منذ زمن يبدو عليه القدم، ومع نظرة الدهشة على وجه مرجان! والصدمة على وجه علية اقتربت نرجس دون أن تشعر من اللفة رغم خوف أخواتها الأصغر منها؛ وهي تحاول أن تفك ذلك الخيط المعقوف، أخذت تفك الخيوط،وكأنها لا تدرك أنها تغوص في حقل الغام، قد ينفجر في وجهها في أي لحظه، هي طفلة لا تزيد عن التاسعة أو العاشرة تحسبا بما أمامها، تحت نظرات الدهشة، من الأم التي حتى لم تحاول أن تمنعها، وما أن أدرك الأب ما تفعله؛ حتى صرخ فيها ويقول:
_ ماذا تفعلي إتركي ما في يدك!.
تراجعت البنت خطوة، فحاول هو أن يفك ما في يدها، إلا أنه عجز عن فتحه! اقتربت مرة أخرى تساعده؛ وفي هذه المرة تفكك وظهر ما بداخله، أمام أعين الطفلة وقتها لم يجدوا سوى الموت؛ وجد صورة الطفل مرسومة بوضوح في تلك العريضة الكبيرة، مكتوب فيها أشياء وطلاسم عديدة، ومن ضمنها أفاعي كثيرة مرسومة تحاوط الفتى بالإضافة الى، عدد أربعة مسامير لكنها لم تكن سوية، لم تكن سليمه كانت معوجه ومعقوفة؟ تلك الطلاسم لم يفهم منها شيء، تلك الكلمات لم يعرفوا أن يقرؤها من الأساس، لم يكن في تلك العريضة شيء سوى اسم الفتى، وإسم أمه صلاح إبن عائشة.
رجعت علية بخوف فهى كانت تعرف القراءة و تعرف ما مكتوب حول الصورة خراب، مرض، عجز، موت.
يتبع ..
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي