قلب رجل و 99 أنثى البارت الخامس
*"قلب رجل و99 أنثى" "البارت الخامس"*
البكاء أحيانا يأتي في صورة شهقات متتالية مع نغزات القلب التي نظن أحيانا أنها مرض خطير بالقلب سيودي بحياتنا، ولكن أعظم شيء للتفريج عن ما يكمن بداخلنا ولا يمكننا مشاركته مع أحد هو البكاء إنه أفضل شيء على الإطلاق،
يكون الإنسان ضعيفا للغاية وقد أثقله همه بشدة وحينما يبكي ويصرخ ويحطم الأشياء من حوله يشعر أن طاقته رُدت إليه ردا حميلا، الألم ليس في البكاء وإنما يكمن الألم في كتمان ذلك البكاء،
يجب علينا حينما نجد شخصا يذرف الدمع لفقدانه شخصا أو شيء ما لا نقول له كف عن البكاء وإنما يجب علينا أن نحاول مساعدته في ذلك حتى يُخرج كل الألم الذي بقلبه، فإن كتمان الحزن يجلب السقم لصاحبه.
هدأ نحيب جويرية رويدا رويدا حتى غفيت دون أن تشعر،
وبعد مرور ساعتين على الأكثر استيقظت على أصوات الأهالي في الخارج، نهضت بتثاؤب واتجهت نحو النافذة التي تطل على ساخة القرية وسمعت حديثهم الذي يدور حول اختفاء حليمة،
لم تُلقِ بالا لهم وقالت بصوت خافت:
_فليذهب الجميع إلى الجحيم، وأولاهم الحاكم.
مر اليوم كاملا دون أي شيء فقط كانوا الجلادين يبحثون عن حليمة في جميع البيوت في القرية، كانت جويرية مغتبطة لأنها ساعدت صديقتها على الفرار والنجاة بحياتها،
كانت تشعر بالفخر لذلك وكانت تأمل أن تكون حليمة ابتعدت بالقدر الكافي عن القرية.
في فجر اليوم التالي استيقظت جويرية على إثر صوت الجلادين في الساحة، فنظرت إليهم من خلف نافذتها وجدتهم ينصبون جزع نخلة،
لوهلة شعرت بالهلع لأنها خشيت أن يكون رآهم أحد ما حينما كانوا يهربون حليمة خارج القرية، ولكن جويرية تحلت بالهدوء والقوة وقالت بصوت خافت وهي تحدّث نفسها:
_لا شيء من هذا حدث، لم يرانا أحد لا لم يحدث ذلك أنا فقط أتوهم فكل شيء على ما يرام.
تنهدت جويرية وأردفت بقولها:
_أتمنى ذلك.
قامت جويرية بشئون البيت وأعدت الإفطار وقبل أن تضع أول لقمة في فمها اقتلع أذنيها صوت صياح فتاة تطلب النجدة،
نهضت جويرية سريعا ونظر عبر النافذة نحو الساحة فوجدت الكثير من الأهالي قد تجمعت في الساحة ولم تستطع أن ترى وجه الفتاة، فارتدت سريعا ثوبها الفضفاض والبيشة وخرجت تهرول نحو ذلك الصوت الذي يطلب النجدة،
قبل أن تصل إلى الأهالي الذين تجمعوا حول جزع النخلة التقت ببشار الذي هلع هو الأخر على إثر ذلك النحيب، إقتربا رويدا رويدا من الساحة وانغمسا وسط الناس حتى رأوا الفتاة التي نصبت على جزع النخلة، حينما رأوها صُعقا بكل ما أوتيت الكلمة من معنى،
حتى أن جويرية سقطت أرضا وهس تحدق في الفتاة بعدما خارت قواها فجأة، لقد كانت حليمة، نظرت إليهم وحركت رأسها بالنفي أي لا مفر من قدرها،
كانت تردد بصوت خافت يكاد يصل إلى مسامع جويرية قائلة:
_لقد خدعني، ومن ثَم جلبني إلى هنا.
نظرت حليمة نحو بشار الذي اغرورقت عيناه وحركت شفاهها بقولها:
_لطالما أحببتك حبا جما ولكن قدري يأبى جمعنا سويا، لقد أحببتك دوما
استطاع بشار أن يفهم ما قالته وذلك ما زاد من انكساره، كان يتلفت حوله يبحث عن أي وسيلة يخلصها بها ولكن قضي الأمر بلا شك.
أتى الحاكم وجلس على كرسيه كعادته
وقال بصوت يكاد أن يقتلع آذانهم من شدة قوته وغصبه وثورانه:
_كنت أود أن أوفر لكِ فرصة للنجاة وأخيرك بين الموت او الزواج، ولكنكِ خالفتِ العهد، لقد وهمتي شيخنا بأنكِ مقبلة على الزواج عن طيب خاطر ومن ثَم ولّيتِ بالفرار، هذه تعتبر خيانة عظمى ولا أظن أنه هناك رجل سيود الزواج من فتاة خائنة مثلكِ تماما.
أمسك الحاكم بقوسه وسهمه وصوّب نحوها، كاد بشار أن يتحدث ويخبر الحاكم أنه يود الزواج منها ولكنه تأخر فقد اخترق سهم الحاكم صدر حليمة وتناثرت دمائها، كانت جويرية تحدق في حليمة التي تنازع روحها للخلاص،
راودها شعور بالخوف لم تشهده من قبل حتى عندما قُتلا والديها لم تشعر بذلك الشعور، كانت كالذي فقد الوعي ولكنه ما زال يبصر بعينيه، فجأة انتفضت كأنها الأن حتى أدركت الأمر،
نهضت من جلستها في الأرض وأخرجت سلاحها الأبيض ونظرت نحو الحاكم، كادت أن تصوّب لولا أن أمسك بها بشار وأخذها إلى بيتها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في بيت الحكيمة التي تعمل كطبيبة وتقوم بتوليد الحوامل، كانت ملتحفة في فراشها، تتسارع أنفاسها من شدة الألم، لم يجف عرق جبينها بل كان يتزايد، أتت ابنتها المتزوجة التي تبلغ سن التاسعة عشر عاما،
جلست بجانب والدتها وقالت بحزن شديد:
_ما الذي دهاكِ فجأة يا أمي؟! ما الذي يمكنني فعله أخبريني بالله عليكِ، ألا يوجد شيئا في عقاقيرك يمكنه مساعدتك على الشفاء.
حركت الحكيمة شفاهها بصعوبة شديدة، لم تستطع التحدث فقد نطقت بإسم جويرية.
فقالت ابنتها بتعجب:
_جويرية!! من هذه جويرية؟! أتقصدين ابنة العم صادق رحمه الله!؟.
حركت الحكيمة رأسها بضعف شديد وقالت بوهن:
_أحضريها لي على الفور أرجوكِ.
لم يكن الموقف يحتمل تساؤلات فنهضت الفتاة سريعا وذهبت إلى بيت جويرية، طرقت باب البيت بشدة لدرجة أن جويرية ارتجفت، نهضت من فراشها بإعياء من تأثير ما حدث قبل قليل،
وقامت بفتح الباب فوجدتها شمس فقالت بتعجب:
_شمس!! ما الذي تفعلينه هنا؟!.
كانت شمس تلتقط أنفاسها بصعوبة لأنها سارت طوال الطريق ركضا على أقدامها، فجلبت إليها جويرية سريعا إناء به ماء كي تشرب،
وما إن انتهت حتى قالت لها شمس:
_أمي، أمي على فراش الموت وتريدك في الحال.
ضمت جويرية حاجبيها بتعجب وقالت:
_ولمَ ستريدني الحكيمة!.
ارتدت جويرية ثوبها وبيشتها وذهبت برفقة شمس إلى بيتها،
وما إن دلفت إلى الغرفة التي تمكث فيها الحكيمة حتى صارت تئن بصوت عالٍ وكأن أنينها من شدة الندم وليس الألم، نظرت الحكيمة لإبنتها ففهمت أنها تود التحدث مع جويرية ليس في وجودها فخرجت من الغرفة وانتظرت في الخارج،
وبعد ما يقارب لأكثر من ساعة وبعد صياح جويرية خرجت من الغرفة تجر أذيال خيبة أمل لم تعهدها من قبل وكأن يومها هذا أُعِد لصدمات حياتها.
فور خروج جويرية من غرفة الحكيمة دلفت شمس سريعا لتطمئن على والدتها، لم تمر سوى بضعة ثوانٍ حتى صاحت شمس بأعلى طبقات صوتها فقد توفيت والدتها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عادت جويرية إلى بيتها وهي تحدق في الفراغ، تذكرت ما حدث قبل قليل وهي لم تستوعب بعد
*فلاش باك*
أشارت الحكيمة بيدها نحو جويرية بوهن فاقتربت منها وجلست بجانبها قائلة:
_ماذا بكِ أيتها الحكيمة!؟ ما الذي أصابكِ؟!.
اغرورقت عيني الحكيمة وقالت بندم شديد يصحبه صوت متهدج:
_إنه عقاب الله على فعلتي المشينة، سامحيني يا بُنيتي أرجوكِ سامحيني.
إضطرب فؤاد جويرية وقالت بينما تمكن الإرتعاش من لسانها وشفيتها:
_ماذا تقصدين أيتها الحكيمة؟! على ماذا تريدين أن أسامحكِ؟! ما الذي فعلتيه يتطلب أن تطلبي السماح مني؟!.
شعرت الحكيمة بمرارة الندم وقالت بدموع منهمرة:
_أنتِ لم تفقدي عائلتكِ بالكامل يا عزيزتي، هناك فرداً ما زال على قيد الحياة.
نهضت جويرية سريعا وقد اضطرب قلبها وتجمد الدم في عروقها بينما شعرت أن رأسها ثقلت فقالت بصوت يكاد مسموع:
_مـ ماذا تقصدين؟! من هو هذا الفرد الذي تتحدثين عنه؟!.
إلتقطت الحكيمة بعض أنفاسها وأشارت لجويرية كي تقترب منها حتى تتمكن من سماعها وقالت:
_ شقيقك، عندما وُلدتِ أنتِ كان معكِ أخٍ لكِ في رحم واحد، في الحقيقة كنت أعلم قبل ذلك أن والدتكِ تحمل بين أحشائا طفلين،
كان الحاكم يعلم أنه اقترب موعد وضع الجنينين، أرسل ورائي وذهبت إلى بيته الكبير الذي يقبع في جهة الشمال الشرقي من القرية أخبرني، وحينما التقيت به أعكاني سُرة نقود مقابل أن أعطيه أحد الطفلين،
لم أوافقه في بداية الأمر ولكنه قام بتهديدي إن لم أفعل فسيقتل طفلتي شمس كانت تبلغ من العمر حينها ثلاث سنوات ونصف، هي ابنتي الوحيدة ولا أستطيع العيش بدونها لذلك أُجبرت على فعل ذلك أقسم لكِ يا عزيزتي،
قمت حينها بصنع عقار له مكونات نادرة التواجد في القرية ولكن الحاكم جلبهم لي خصيصا وقمت بصنع ذلك العقار والمضاد له، حينما وضعت والدتكِ أخيكِ قمت بإعطائه ذلك العقار حتى يصير ساكن بلا حُراك كي يبدو أنه ميت ومن ثَم وضعتكِ أنتِ،
بعدما ذهب والدكِ كي يقوم بدفنه أرسل الحاكم بعض أعوانه كي يراقبون صادق ليعلمون بأي بقعة قام بدفنه، وما إن رحل صادق حتى قاموا الجلادين بإخراجه وجلبوه إلى بيتي هنا وقمت بإعطائه العقار المضاد،
لم تمر سوى عدة دقائق حتى بدأ في الصياح مثل أي طفل رضيع، أخذته إلى بيت الحاكم وصرت كل فترة وجيزة أذهب لزيارته حتى أنه أصبح يحبني كثيرا، عادة ما كان يناديني بأمي كم كنت أحبه.
اقتضبت جويرية حديثها وقالت وهي تصرخ من شدة المفاجأة وقد امتزجت بدموع بملؤها الأمل:
_أين هو الآن؟! ما إسمه.
التقطت الحكية أنفاسها بصعوبة قائلة:
_يوسف لقد أطلق عليه الحاكم إسم يوسف.
قال جويرية في عجلة من أمرها:
_أخبريني أين هو الآن؟! أريد أن ألتقِ به، كيف صار شكله؟!.
ازداد نحيب الحكيمة وقالت:
_لقد رحل، عندما قُتلت عائشة كان حاضرا، وقد تأثر بموتها على غير عادته تجاه كل من يُقتل،
فأمسكت بيده حينها وأخبرته أن تلك المرأة كانت والدته الحقيقية، كانت تلك المرة الأخيرة التي رأيت فيها يوسف، لا أعلم إلى أين رحل، ولا أعلم إن كان على قيد الحياة، إبحثي عن أخيكِ يا جويرية ستعرفينه حينما ترينه، لديه ذات الوحمة التي على مشط قدمك ابحثي عنه.
احتنقت الحكيمة ولم تستطع نطق كلمتها الأخيرة، حدقت في الفراغ كثيرا ومن ثَم ذفرت آخر أنفاسها.
*باك*
جففت جويرية دموعها وعزمت الأمر على أن تبحث عن أخيها وتأخذ بالثأر من الحاكم لأجل عائلتها وصديقتها، فأرسلت وراء بشار وعمار والتقت بهم عند البحيرة، اجتموا ثلاثتهم ولم يتحدث أي منهم، كانت جويرية صامتة وكأنها تخطط لفعل شيء ما،
بينما أثارت فضول بشار وعمار، وقبل أن يتكلم أي منهما قالت وهي تنظر إليهم بجدية:
_أريد أن تتيح لي الفرصة كي أستطيع الدخول إلى بيت الحاكم، كيف السبيل إليه؟!.
حدق بها عمار قائلا:
_هل تودين الأخذ بالثأر من أجل حليمة؟! لا يسعدني أن أخبرك بأنه بفعلتكِ هذه ستلحقين بها قريبا، قريبا جدا، جويرية هل جننتِ؟!.
قال بشار وهو يطيل النظر إليها وقد أحس أنه هناك أمر ما تنوي جويرية فعله،
إنه أمر خطير بالتأكيد فقال:
_بماذا تفكرين يا جويرية؟! هل حديث عمار صحيح؟!.
قالت جويرية بملامح جامدة:
_ليس تماما، سآخذ بالثأر من أجل عائلتي بأكملها وأيضا سأثأر لحليمة ولكل الفتيات التي تُركت أحلامهن ورائهن عند جزع النخلة في ساحة القرية اللعينة،
إن كنتما خائفين حسناً سأعتمد على نفسي وسأصل لما أريد لا محال، ماذا قلتما؟!،
نظر عمار وبشار نحو بعضهما البعض وقالا في آنٍ واحد:
_ما خطتك إذاً؟!.
تبسمت جويرية وقضوا النهار كاملا يخططون ويتحدثون فيما بينهم حول الخطة، كانوا يدرسونها من جميع الجوانب حتى لا يتركوا ثغرة واحدة تهدد بفشل الخطة، وبعدما انتوا قالت جويرية بحماس الإنتقام:
_سننفذ خطتنا الليلة، ستغدو القرية تتنفس بحرية من الآن فصاعدا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عند منتصف الليل
في الشمل الشرقي أمام منزل الحاكم، وقفت جويرية تنظر إليه بتمعن، رأته أكبر بيته رأته في حياتها على الإطلاق، لقد صُمّم بإتقان وبراعة لم تراها من قبل، لاحظ وجودها أحد الحراس فاتجه نحوها قائلا:
_من أنتِ يا فتاة؟! وماذا تفعلين هنا في هذا الوقت المتأخر؟!.
كادت جويرية أن تجاوبه لولا أن سقطت بيشتها، فسارعت لتمسكها وقبل أن ترتديها ثانية نظرت إلى الحارس الذي ظل يحدق بها ويبدو أنه لا يستطيع أن يتمالك نفسه من شدة جمالها.
فقال وهو ما زال يحدق بها:
_سبحان الذي أبدع صورتك هكذا، ما إسمكِ يا جميلتي؟!.
إقتربت منه جويرية رويداً رويداً وهمست في أذنه قائلة:
_أنا كل ما تخشاه يا عزيزي؟!
ضم الحارس حاجبيه بينما ابتعدت عنه جويرية بابتسامة خبيثة، وقبل أن يتفوه الحارس بكلمة واحدة إذ فجأة سدد له عمار ضربة قوية على رأسه فسقط مغشياً عليه.
نظر عمار إلى جويرية وقال بحدة:
_ارتدي البيشة كي لا يفتنن بكِ شخصا آخر،
ضحكت جويرية فَفُتن بها عمار ود لو أن يحتضنها ويذهبا سويا إلى أبعد ما يمكن بعيدا عن القرية وما ومن فيها.
إنتبه عمار على صوت بشار وهو يقول:
_هيا لنحمله،
تعاونا عمار وبشار في حمل الحارس وأخذاه بجانب البيت حيث لا يوجد أحد ومن ثَم جرداه من ثوب الحارس وأحطوه لجويرية كي ترتديه، احتمت جويرية بحائطبعيدا عن الأنظار وارتدت ثوب الحارس وأخفت وجهها بطرف طاقية الحارس.
دلفت إلى البيت وسارت بحثاً عن غرفة الحاكم، لحسن حظها أن الجلادون في البيت كان أغلبهم نيام والبقية منهمكون في تبادل أطراف الحديث، كان من السهل جدا على جويرية أن تجد غرفة الحاكم فقد كانت الغرفة الأكبر على الإطلاق،
دلفت إليها وجدته غارق في نوم هنيء غير ملقِ بالاً لِمَ آتيه، أمسكت جويرية بالإناء الخاص بمياه الشرب وألقته في وجه الحاكم، سرعان ما استيقظ وبدا وكأن قلبه آلمه من شدة المفاجأة،
فصاح بثوته الرخيم قائلا:
_هل جننت يا فتى؟! كيف تجرؤ على فعل ذلك؟!،
وأردف وهو ينهض من فراشه قائلا:
_سوف أعدمك في ساحة القرية غدا، فلتقضي ساعاتك المتبقية تعض على أناملك من شدة الندم،
تبسمت جويرية من خلف الوشاح وسددت له ضربة قوية على رأسه بإناء الماء فسقط مغشيا عليه.
عندما استيقظ الحاكم اتضح له أنه قُيّد بحبل متين وأيضا صُمّ فمه كي لا يصيح مناديا أعوانه،
كان الحاكم ما زال يشعر بدوار من أثر الضربة التي سددتها له جويرية، صار يتلفت يمينا ويسارا فلم يجد أحد، وفجأة ربتت جويرية على كتفه من خلفه وقالت بصوتها الأنثوي الذي لم يتوقعه الحاكم فقد ظن أن هذا شاب وليست :
_هل تبحث عني؟!.
#صغيرة_الكُتَّاب
البكاء أحيانا يأتي في صورة شهقات متتالية مع نغزات القلب التي نظن أحيانا أنها مرض خطير بالقلب سيودي بحياتنا، ولكن أعظم شيء للتفريج عن ما يكمن بداخلنا ولا يمكننا مشاركته مع أحد هو البكاء إنه أفضل شيء على الإطلاق،
يكون الإنسان ضعيفا للغاية وقد أثقله همه بشدة وحينما يبكي ويصرخ ويحطم الأشياء من حوله يشعر أن طاقته رُدت إليه ردا حميلا، الألم ليس في البكاء وإنما يكمن الألم في كتمان ذلك البكاء،
يجب علينا حينما نجد شخصا يذرف الدمع لفقدانه شخصا أو شيء ما لا نقول له كف عن البكاء وإنما يجب علينا أن نحاول مساعدته في ذلك حتى يُخرج كل الألم الذي بقلبه، فإن كتمان الحزن يجلب السقم لصاحبه.
هدأ نحيب جويرية رويدا رويدا حتى غفيت دون أن تشعر،
وبعد مرور ساعتين على الأكثر استيقظت على أصوات الأهالي في الخارج، نهضت بتثاؤب واتجهت نحو النافذة التي تطل على ساخة القرية وسمعت حديثهم الذي يدور حول اختفاء حليمة،
لم تُلقِ بالا لهم وقالت بصوت خافت:
_فليذهب الجميع إلى الجحيم، وأولاهم الحاكم.
مر اليوم كاملا دون أي شيء فقط كانوا الجلادين يبحثون عن حليمة في جميع البيوت في القرية، كانت جويرية مغتبطة لأنها ساعدت صديقتها على الفرار والنجاة بحياتها،
كانت تشعر بالفخر لذلك وكانت تأمل أن تكون حليمة ابتعدت بالقدر الكافي عن القرية.
في فجر اليوم التالي استيقظت جويرية على إثر صوت الجلادين في الساحة، فنظرت إليهم من خلف نافذتها وجدتهم ينصبون جزع نخلة،
لوهلة شعرت بالهلع لأنها خشيت أن يكون رآهم أحد ما حينما كانوا يهربون حليمة خارج القرية، ولكن جويرية تحلت بالهدوء والقوة وقالت بصوت خافت وهي تحدّث نفسها:
_لا شيء من هذا حدث، لم يرانا أحد لا لم يحدث ذلك أنا فقط أتوهم فكل شيء على ما يرام.
تنهدت جويرية وأردفت بقولها:
_أتمنى ذلك.
قامت جويرية بشئون البيت وأعدت الإفطار وقبل أن تضع أول لقمة في فمها اقتلع أذنيها صوت صياح فتاة تطلب النجدة،
نهضت جويرية سريعا ونظر عبر النافذة نحو الساحة فوجدت الكثير من الأهالي قد تجمعت في الساحة ولم تستطع أن ترى وجه الفتاة، فارتدت سريعا ثوبها الفضفاض والبيشة وخرجت تهرول نحو ذلك الصوت الذي يطلب النجدة،
قبل أن تصل إلى الأهالي الذين تجمعوا حول جزع النخلة التقت ببشار الذي هلع هو الأخر على إثر ذلك النحيب، إقتربا رويدا رويدا من الساحة وانغمسا وسط الناس حتى رأوا الفتاة التي نصبت على جزع النخلة، حينما رأوها صُعقا بكل ما أوتيت الكلمة من معنى،
حتى أن جويرية سقطت أرضا وهس تحدق في الفتاة بعدما خارت قواها فجأة، لقد كانت حليمة، نظرت إليهم وحركت رأسها بالنفي أي لا مفر من قدرها،
كانت تردد بصوت خافت يكاد يصل إلى مسامع جويرية قائلة:
_لقد خدعني، ومن ثَم جلبني إلى هنا.
نظرت حليمة نحو بشار الذي اغرورقت عيناه وحركت شفاهها بقولها:
_لطالما أحببتك حبا جما ولكن قدري يأبى جمعنا سويا، لقد أحببتك دوما
استطاع بشار أن يفهم ما قالته وذلك ما زاد من انكساره، كان يتلفت حوله يبحث عن أي وسيلة يخلصها بها ولكن قضي الأمر بلا شك.
أتى الحاكم وجلس على كرسيه كعادته
وقال بصوت يكاد أن يقتلع آذانهم من شدة قوته وغصبه وثورانه:
_كنت أود أن أوفر لكِ فرصة للنجاة وأخيرك بين الموت او الزواج، ولكنكِ خالفتِ العهد، لقد وهمتي شيخنا بأنكِ مقبلة على الزواج عن طيب خاطر ومن ثَم ولّيتِ بالفرار، هذه تعتبر خيانة عظمى ولا أظن أنه هناك رجل سيود الزواج من فتاة خائنة مثلكِ تماما.
أمسك الحاكم بقوسه وسهمه وصوّب نحوها، كاد بشار أن يتحدث ويخبر الحاكم أنه يود الزواج منها ولكنه تأخر فقد اخترق سهم الحاكم صدر حليمة وتناثرت دمائها، كانت جويرية تحدق في حليمة التي تنازع روحها للخلاص،
راودها شعور بالخوف لم تشهده من قبل حتى عندما قُتلا والديها لم تشعر بذلك الشعور، كانت كالذي فقد الوعي ولكنه ما زال يبصر بعينيه، فجأة انتفضت كأنها الأن حتى أدركت الأمر،
نهضت من جلستها في الأرض وأخرجت سلاحها الأبيض ونظرت نحو الحاكم، كادت أن تصوّب لولا أن أمسك بها بشار وأخذها إلى بيتها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في بيت الحكيمة التي تعمل كطبيبة وتقوم بتوليد الحوامل، كانت ملتحفة في فراشها، تتسارع أنفاسها من شدة الألم، لم يجف عرق جبينها بل كان يتزايد، أتت ابنتها المتزوجة التي تبلغ سن التاسعة عشر عاما،
جلست بجانب والدتها وقالت بحزن شديد:
_ما الذي دهاكِ فجأة يا أمي؟! ما الذي يمكنني فعله أخبريني بالله عليكِ، ألا يوجد شيئا في عقاقيرك يمكنه مساعدتك على الشفاء.
حركت الحكيمة شفاهها بصعوبة شديدة، لم تستطع التحدث فقد نطقت بإسم جويرية.
فقالت ابنتها بتعجب:
_جويرية!! من هذه جويرية؟! أتقصدين ابنة العم صادق رحمه الله!؟.
حركت الحكيمة رأسها بضعف شديد وقالت بوهن:
_أحضريها لي على الفور أرجوكِ.
لم يكن الموقف يحتمل تساؤلات فنهضت الفتاة سريعا وذهبت إلى بيت جويرية، طرقت باب البيت بشدة لدرجة أن جويرية ارتجفت، نهضت من فراشها بإعياء من تأثير ما حدث قبل قليل،
وقامت بفتح الباب فوجدتها شمس فقالت بتعجب:
_شمس!! ما الذي تفعلينه هنا؟!.
كانت شمس تلتقط أنفاسها بصعوبة لأنها سارت طوال الطريق ركضا على أقدامها، فجلبت إليها جويرية سريعا إناء به ماء كي تشرب،
وما إن انتهت حتى قالت لها شمس:
_أمي، أمي على فراش الموت وتريدك في الحال.
ضمت جويرية حاجبيها بتعجب وقالت:
_ولمَ ستريدني الحكيمة!.
ارتدت جويرية ثوبها وبيشتها وذهبت برفقة شمس إلى بيتها،
وما إن دلفت إلى الغرفة التي تمكث فيها الحكيمة حتى صارت تئن بصوت عالٍ وكأن أنينها من شدة الندم وليس الألم، نظرت الحكيمة لإبنتها ففهمت أنها تود التحدث مع جويرية ليس في وجودها فخرجت من الغرفة وانتظرت في الخارج،
وبعد ما يقارب لأكثر من ساعة وبعد صياح جويرية خرجت من الغرفة تجر أذيال خيبة أمل لم تعهدها من قبل وكأن يومها هذا أُعِد لصدمات حياتها.
فور خروج جويرية من غرفة الحكيمة دلفت شمس سريعا لتطمئن على والدتها، لم تمر سوى بضعة ثوانٍ حتى صاحت شمس بأعلى طبقات صوتها فقد توفيت والدتها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عادت جويرية إلى بيتها وهي تحدق في الفراغ، تذكرت ما حدث قبل قليل وهي لم تستوعب بعد
*فلاش باك*
أشارت الحكيمة بيدها نحو جويرية بوهن فاقتربت منها وجلست بجانبها قائلة:
_ماذا بكِ أيتها الحكيمة!؟ ما الذي أصابكِ؟!.
اغرورقت عيني الحكيمة وقالت بندم شديد يصحبه صوت متهدج:
_إنه عقاب الله على فعلتي المشينة، سامحيني يا بُنيتي أرجوكِ سامحيني.
إضطرب فؤاد جويرية وقالت بينما تمكن الإرتعاش من لسانها وشفيتها:
_ماذا تقصدين أيتها الحكيمة؟! على ماذا تريدين أن أسامحكِ؟! ما الذي فعلتيه يتطلب أن تطلبي السماح مني؟!.
شعرت الحكيمة بمرارة الندم وقالت بدموع منهمرة:
_أنتِ لم تفقدي عائلتكِ بالكامل يا عزيزتي، هناك فرداً ما زال على قيد الحياة.
نهضت جويرية سريعا وقد اضطرب قلبها وتجمد الدم في عروقها بينما شعرت أن رأسها ثقلت فقالت بصوت يكاد مسموع:
_مـ ماذا تقصدين؟! من هو هذا الفرد الذي تتحدثين عنه؟!.
إلتقطت الحكيمة بعض أنفاسها وأشارت لجويرية كي تقترب منها حتى تتمكن من سماعها وقالت:
_ شقيقك، عندما وُلدتِ أنتِ كان معكِ أخٍ لكِ في رحم واحد، في الحقيقة كنت أعلم قبل ذلك أن والدتكِ تحمل بين أحشائا طفلين،
كان الحاكم يعلم أنه اقترب موعد وضع الجنينين، أرسل ورائي وذهبت إلى بيته الكبير الذي يقبع في جهة الشمال الشرقي من القرية أخبرني، وحينما التقيت به أعكاني سُرة نقود مقابل أن أعطيه أحد الطفلين،
لم أوافقه في بداية الأمر ولكنه قام بتهديدي إن لم أفعل فسيقتل طفلتي شمس كانت تبلغ من العمر حينها ثلاث سنوات ونصف، هي ابنتي الوحيدة ولا أستطيع العيش بدونها لذلك أُجبرت على فعل ذلك أقسم لكِ يا عزيزتي،
قمت حينها بصنع عقار له مكونات نادرة التواجد في القرية ولكن الحاكم جلبهم لي خصيصا وقمت بصنع ذلك العقار والمضاد له، حينما وضعت والدتكِ أخيكِ قمت بإعطائه ذلك العقار حتى يصير ساكن بلا حُراك كي يبدو أنه ميت ومن ثَم وضعتكِ أنتِ،
بعدما ذهب والدكِ كي يقوم بدفنه أرسل الحاكم بعض أعوانه كي يراقبون صادق ليعلمون بأي بقعة قام بدفنه، وما إن رحل صادق حتى قاموا الجلادين بإخراجه وجلبوه إلى بيتي هنا وقمت بإعطائه العقار المضاد،
لم تمر سوى عدة دقائق حتى بدأ في الصياح مثل أي طفل رضيع، أخذته إلى بيت الحاكم وصرت كل فترة وجيزة أذهب لزيارته حتى أنه أصبح يحبني كثيرا، عادة ما كان يناديني بأمي كم كنت أحبه.
اقتضبت جويرية حديثها وقالت وهي تصرخ من شدة المفاجأة وقد امتزجت بدموع بملؤها الأمل:
_أين هو الآن؟! ما إسمه.
التقطت الحكية أنفاسها بصعوبة قائلة:
_يوسف لقد أطلق عليه الحاكم إسم يوسف.
قال جويرية في عجلة من أمرها:
_أخبريني أين هو الآن؟! أريد أن ألتقِ به، كيف صار شكله؟!.
ازداد نحيب الحكيمة وقالت:
_لقد رحل، عندما قُتلت عائشة كان حاضرا، وقد تأثر بموتها على غير عادته تجاه كل من يُقتل،
فأمسكت بيده حينها وأخبرته أن تلك المرأة كانت والدته الحقيقية، كانت تلك المرة الأخيرة التي رأيت فيها يوسف، لا أعلم إلى أين رحل، ولا أعلم إن كان على قيد الحياة، إبحثي عن أخيكِ يا جويرية ستعرفينه حينما ترينه، لديه ذات الوحمة التي على مشط قدمك ابحثي عنه.
احتنقت الحكيمة ولم تستطع نطق كلمتها الأخيرة، حدقت في الفراغ كثيرا ومن ثَم ذفرت آخر أنفاسها.
*باك*
جففت جويرية دموعها وعزمت الأمر على أن تبحث عن أخيها وتأخذ بالثأر من الحاكم لأجل عائلتها وصديقتها، فأرسلت وراء بشار وعمار والتقت بهم عند البحيرة، اجتموا ثلاثتهم ولم يتحدث أي منهم، كانت جويرية صامتة وكأنها تخطط لفعل شيء ما،
بينما أثارت فضول بشار وعمار، وقبل أن يتكلم أي منهما قالت وهي تنظر إليهم بجدية:
_أريد أن تتيح لي الفرصة كي أستطيع الدخول إلى بيت الحاكم، كيف السبيل إليه؟!.
حدق بها عمار قائلا:
_هل تودين الأخذ بالثأر من أجل حليمة؟! لا يسعدني أن أخبرك بأنه بفعلتكِ هذه ستلحقين بها قريبا، قريبا جدا، جويرية هل جننتِ؟!.
قال بشار وهو يطيل النظر إليها وقد أحس أنه هناك أمر ما تنوي جويرية فعله،
إنه أمر خطير بالتأكيد فقال:
_بماذا تفكرين يا جويرية؟! هل حديث عمار صحيح؟!.
قالت جويرية بملامح جامدة:
_ليس تماما، سآخذ بالثأر من أجل عائلتي بأكملها وأيضا سأثأر لحليمة ولكل الفتيات التي تُركت أحلامهن ورائهن عند جزع النخلة في ساحة القرية اللعينة،
إن كنتما خائفين حسناً سأعتمد على نفسي وسأصل لما أريد لا محال، ماذا قلتما؟!،
نظر عمار وبشار نحو بعضهما البعض وقالا في آنٍ واحد:
_ما خطتك إذاً؟!.
تبسمت جويرية وقضوا النهار كاملا يخططون ويتحدثون فيما بينهم حول الخطة، كانوا يدرسونها من جميع الجوانب حتى لا يتركوا ثغرة واحدة تهدد بفشل الخطة، وبعدما انتوا قالت جويرية بحماس الإنتقام:
_سننفذ خطتنا الليلة، ستغدو القرية تتنفس بحرية من الآن فصاعدا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عند منتصف الليل
في الشمل الشرقي أمام منزل الحاكم، وقفت جويرية تنظر إليه بتمعن، رأته أكبر بيته رأته في حياتها على الإطلاق، لقد صُمّم بإتقان وبراعة لم تراها من قبل، لاحظ وجودها أحد الحراس فاتجه نحوها قائلا:
_من أنتِ يا فتاة؟! وماذا تفعلين هنا في هذا الوقت المتأخر؟!.
كادت جويرية أن تجاوبه لولا أن سقطت بيشتها، فسارعت لتمسكها وقبل أن ترتديها ثانية نظرت إلى الحارس الذي ظل يحدق بها ويبدو أنه لا يستطيع أن يتمالك نفسه من شدة جمالها.
فقال وهو ما زال يحدق بها:
_سبحان الذي أبدع صورتك هكذا، ما إسمكِ يا جميلتي؟!.
إقتربت منه جويرية رويداً رويداً وهمست في أذنه قائلة:
_أنا كل ما تخشاه يا عزيزي؟!
ضم الحارس حاجبيه بينما ابتعدت عنه جويرية بابتسامة خبيثة، وقبل أن يتفوه الحارس بكلمة واحدة إذ فجأة سدد له عمار ضربة قوية على رأسه فسقط مغشياً عليه.
نظر عمار إلى جويرية وقال بحدة:
_ارتدي البيشة كي لا يفتنن بكِ شخصا آخر،
ضحكت جويرية فَفُتن بها عمار ود لو أن يحتضنها ويذهبا سويا إلى أبعد ما يمكن بعيدا عن القرية وما ومن فيها.
إنتبه عمار على صوت بشار وهو يقول:
_هيا لنحمله،
تعاونا عمار وبشار في حمل الحارس وأخذاه بجانب البيت حيث لا يوجد أحد ومن ثَم جرداه من ثوب الحارس وأحطوه لجويرية كي ترتديه، احتمت جويرية بحائطبعيدا عن الأنظار وارتدت ثوب الحارس وأخفت وجهها بطرف طاقية الحارس.
دلفت إلى البيت وسارت بحثاً عن غرفة الحاكم، لحسن حظها أن الجلادون في البيت كان أغلبهم نيام والبقية منهمكون في تبادل أطراف الحديث، كان من السهل جدا على جويرية أن تجد غرفة الحاكم فقد كانت الغرفة الأكبر على الإطلاق،
دلفت إليها وجدته غارق في نوم هنيء غير ملقِ بالاً لِمَ آتيه، أمسكت جويرية بالإناء الخاص بمياه الشرب وألقته في وجه الحاكم، سرعان ما استيقظ وبدا وكأن قلبه آلمه من شدة المفاجأة،
فصاح بثوته الرخيم قائلا:
_هل جننت يا فتى؟! كيف تجرؤ على فعل ذلك؟!،
وأردف وهو ينهض من فراشه قائلا:
_سوف أعدمك في ساحة القرية غدا، فلتقضي ساعاتك المتبقية تعض على أناملك من شدة الندم،
تبسمت جويرية من خلف الوشاح وسددت له ضربة قوية على رأسه بإناء الماء فسقط مغشيا عليه.
عندما استيقظ الحاكم اتضح له أنه قُيّد بحبل متين وأيضا صُمّ فمه كي لا يصيح مناديا أعوانه،
كان الحاكم ما زال يشعر بدوار من أثر الضربة التي سددتها له جويرية، صار يتلفت يمينا ويسارا فلم يجد أحد، وفجأة ربتت جويرية على كتفه من خلفه وقالت بصوتها الأنثوي الذي لم يتوقعه الحاكم فقد ظن أن هذا شاب وليست :
_هل تبحث عني؟!.
#صغيرة_الكُتَّاب