هامسي منتصف الليل

ManarAlnahas`بقلم

  • الأعمال الأصلية

    النوع
  • 2023-01-10ضع على الرف
  • 40.7K

    جارِ التحديث(كلمات)
تم إنتاج هذا الكتاب وتوزيعه إلكترونياً بواسطة أدب كوكب
حقوق النشر محفوظة، يجب التحقيق من عدم التعدي.

الفصل الأول روز

بعد أن أتمت (روز) قراءة الفصل الأخير من الجزء الأول لرواية (الهامسين) كانت المراهقة الشابة غير راضية عن خاتمة الفصل، فلقد كانت ترغب وبشدة في أن تتغير تلك الأحداث القادمة.

لطالما حدثت نفسها قائلةً:
"كيف لذلك البطل الجميل أن يموت في منتصف الطريق؟

أو لربما لم يمت بالفعل فالكاتب قد وضع نهايةً مبهمةً بالفعل، لقد تم حبسه داخل بلورة الأسر تلك لعله قد نجا أتمني ذلك حقًا، لكني أعتقد بأنه قد مات للاسف."

تذكرت (روز) بأن والدها يمتلك نسخة قديمة من الرواية ولكنه قد أخفاها عنها، فكلما وجدتها يقوم والدها بنهرها ويقوم بأخذها منها لكي يخفيها مجددًا.

"هذه المرة سوف أجدها وسأقوم بقراءتها علِّها تحتوي أحداثًا أفضل من تلك التي قرأتها فأنا أعلم أنها نسخة محرفة من الأصلية."

قالت (روز) هذه الكلمات وقد همت بالخروج من غرفتها للبحث عن الرواية الأصلية وقد فتشت كثيرًا في البيت لتتذكر بأن والدها يحتفظ بكل أغراضه الخاصة في سقيفة المنزل، لهذا قد توجهت (روز) إلى غرفة والدها الخاصة لكي تبحث فيها عن مفتاح السقيفة بسرعة قبل أن يرجع والدها إلى البيت."

بالفعل قد وجدت (روز) المفتاح ثم توجهت وبسرعة لتفتح باب السقيفة تلك وتدخل فيها، قد بحثت عدة مرات في الأغراض التي تحويها الغرفة، وبعد بحث استمر لفترة من الوقت، وجدتها.

قالت: "ها أنتِ ذا أيتها الغالية."

أخذت (روز) الرواية بسرعة وحملتها لتغلق باب السقيفة من جديد، ثم توجهت لغرفة والدها لتضع المفتاح في مكانه مرة أخرى حتى لا يلاحظ والدها اختفائه من مكانه.

توجهت لغرفتها لكي تقرأ الرواية على عجلٍ من أمرها حينها تشجعت (روز) وفتحت الكتاب بكل حرص لتجد بأول صفحة بعد الغلاف وقد كُتب فيها.

"ليس كل ما تسمعه خيال، ولا كل ما لا تراه مجرد وهم."

"احذر عزيزي، إنهم متواجدون بيننا بالفعل ينصتون يشاهدون، لكن نادرًا ما يظهرون."

لست وحيدًا بهذا الكون الوسيع، فربما أنتَ منهم لكن لم يحن موعد عهدك بهم بعد.

كن مُسْتَعِدًّا فأنت في حضرتهم الآن، لقراءتك كلماتي المتواضعة.

تظن أنك تلاحقهم بفضولك عنهم؟ حقيقةً هم من استدرجوك للقائهم الليلة يا (عزيزي).

قريبًا في منتصف ليلك ستسمعهم يهمسون يتخاطرون.
إعلم حينها أنك من المختارين.

"لكن كن حذرًا فأنت الآن قد عبرت عالمهم، من يدري لعلك على مَقْرُبَةٍ من لقائهم الليلة... أجل الليلة يا عزيزي."

سقطت منها الرواية على الأرض بعد أن قرأت تلك الكلمات لتنفتح صفحات فارغة من الرواية لم يكتب فيها شيء لتقول (روز) بصوت عالٍ: "دائمًا ما كنت أجدك أيتها الرواية الغالية، وكأنما كنتِ تظهرين نفسك لي في كل مكان."

لتتفاجأ (روز) بكلمات بدأت تظهر بالصفحات الفارغة قرأتها وقد أصابها الرعب فقد جاء فيها.

"أجل يا (عزيزتي) أنا من كنت أجدكِ، فلا تعطِ نفسك الفضل في ذلك."

تجمدت (روز) مكانها ثم تحاملت على نفسها
لتلتقط الكتاب الذي قد وقع أرضًا، لكنها قد انتبهت أن هناك من يراقبها من شباك غرفتها.

فكلما أزاحت عيناها عنه اقترب منها أكثر فأكثر، أغمضت (روز) عينها لكي تقنع نفسها بأنها تتخيل ولكنها قد تفاجأت به قد ظهر في غرفتها لتسمع صوته يقول:

"(روز) أهلًا بكِ."

انتفضت الفتاة لتركض خارج منزلها من شدة خوفها لتجري خلال الغابة المظلمة وهي تتلفت يمينًا ويسارًا خائفةً من الشخص الغريب الذي ما زال يتتبعها، لكنها ولسوء حظها قد تعثرت في غصن شجرة على الأرض فوقعت عليه ليصتدم رأسها به لتغيب عن وعيها في الحال.

استيقظت (روز) في غرفتها وقد أحست بألم في رأسها لكنها لا تتذكر شيئًا مما قد حدث معها بالأمس.

قامت الفتاة مسرعة، حيث قامت بتبديل ملابسها لكي تستقل الحافلة الذاهبة إلى المدينة كي تستطيع شراء نسختها للجزء الثاني من رواية (الهامسين).

وصلت (روز) إلى المدينة لتتوجه إلى المكتبة المركزية ، اشترت الفتاة نسختها بالفعل فمن حسن حظها أنها كانت النسخة الأخيرة.

عندما همت (روز) بالإنصراف استوقفها صوت رجل عجوز يناديها ليقول: "(روز) توقفي يا ابنتي العزيزة."

صدمت (روز) وتساءلت: "كيف لذلك العجوز أن يعرف اسمي؟ فأنا لا أعرفه من قبل."

نظرت إليه (روز) لتسأله: "من أنت يا هذه؟ ومن أين لك أن تعرفني أو أن تعرف اسمي؟"

أجابها: "أنا أعرفك جيدًا، لقد احضرت لك نسختك الثانية من لرواية، ليست كتلك النسخة المزيفة التي تحملينها، أعطني تلك المزيفة لأعطيكِ الأصلية التي أملكها."

أجابته (روز): "شكرًا لك سيدي لا أريد تلك النسخة المتهالكة التي تمتلكها، أتريدني أن أشتكي عليك الآن لحرس المدينة أم ماذا؟"

قال لها وقد أمسك ذراعها عندما همت هي بالانصراف: "أيتها المتغطرسة لم تحدثيني بهذه الطريقة، سوف تندمين، أعدك بأنني سأكون أسوأ كوابيسك سوادًا أيتها المتعجرفة."

نظرت إليه (روز) وهي في قمة الخوف لكنها قد تمالكت نفسها أمامه لكي لا تُظهر له بأنها قد تأثرت من تهديده هذا.

قامت بسحب يدها من بين يديه وهي تقول له: "إليك عني أيها العجوز الخرف."

ذهبت مسرعةً إلى الحافلة التي كادت أن ترحل وعندما جلست في مكانها تعلقت عيناها بذلك العجوز الذي لا يزال حتى الآن ينظر إليها ووجهه كله قد امتلأ بالغضب، فلم يزح عيناه عنها أبدًا.

لقد كان شكله غريبًا فهو يلبس ثيابًا رثة وقد كانت له لحية بيضاء طويلة غير مهذبة، قد بدت عليه علامات التشرد وكأنه مخادع فقط قد أتى لكي يستغلها.

رجعت (روز) المسكينة إلى بيتها وهي ترتجف من ذاك الموقف الغريب الذي قد تعرضت له، فلم تغادر عينا ذلك الرجل مخيلتها حتى الآن وكأنما طُبعتا في مخيلتها، كلما أغمضت عينيها رأته أمامها.

دخلت (روز) إلى بيتها والعجيب بالأمر أنها كانت تتلفت يمينًا ويسارًا وكأنها ما زالت خائفةً من الرجل العجوز الذي قد قابلته أمام المكتبة.

توجهت إلى غرفتها وهي تزيل الوشاح الوردي الذي قد لفته على رقبتها قبل خروجها.

وبعد أن جلست على حافة سريرها تنفست بعمق وهي مغمضة العينين، وقد بدأت تلاطف شعرها البني بأطراف أناملها لتشعر نفسها بالاطمئنان قليلًا.

وبكل هدوء أمسكت حقيبتها الصغيرة لتتفحصها وتطمئن على الرواية.

فتحت الحقيبة بكل هدوء لكن قد ارتسمت على وجهها ملامح الرعب الشديد فقد اختفت النسخة الجديدة التي اشترتها توَّاً.

"كيف حدث هذا؟ كيف وصلت تلك الرواية القديمة لحقيبتي؟ لقد وضعت نسختي الجديدة بيدي في حقيبتي قبل أن أخرج من المكتبة."

أمسكت الرواية المتهالكة بيدها لتتفحصها وهي تردد: "لقد وضعها العجوز في حقيبتي... ولكن كيف له أن يضعها وأنا لم أحرك يدي عن الحقيبة أبدًا، كنت أشعر أنه لابد أن يكون في الأمر سرًا أجهله."

فتحت الرواية لتتفحص أول ورقة فيها لكنها أخذت تقلب فيها كالمجنونة لتقول: "ما هذا لقد تعرضت للسرقة؟ لقد أخذ العجوز نسختي ليضع مكانها دفتر بالي وأوراقه فارغة."

أجل لقد كان الكتاب فارغًا من الكلمات صفحاته بيضاء لونها أبيض وكأن أحدًا لم يلمسها من قبل.

رمت (روز) الكتاب الفارغ إلى جوارها على السرير وهي تشعر بالضيق الشديد "أوف... سوف لن أتركك أيها العجوز لقد قمت بخداعي وكل تلك التُرَّاهات التي قمت بالتكلم عنها إنما هي محض خيالاتك المريضة."

"سأبحث عنك وسوف أجدك صدقني."

همت (روز) لكي تقوم من مكانها حتي تقوم بتبديل ملابسها وهي تشعر بخيبة الأمل، فلقد كانت تنتظر وصول الجزء الثاني من رواية (الهامسين) بفارغ الصبر.

هي تشعر الآن بخيبة الأمل.

قالت بصوتٍ عالٍ: " أين أنت أيها العجوز؟ آآه... لو أجدك أيها المحتال."

انتبهت (روز) على صوت ارتطام، الصوت قادم من أسفل قدمها وكأن شيئًا قد وقع على الأرض ليصدر هذا الصوت المزعج.

أخذت تبحث (روز) بعينيها الحائرتين على الأرض حتى تجد مصدر الصوت المزعج.

"حقًا... لقد وقع الكتاب القديم أرضًا، يا إلهي... وكأنك تتحرك لوحدك أيها الملعون."

قالت (روز) كلماتها وهي تنحني لتجلب الكتاب.

أخذته لتضعه على مكتبها الخشبي وقبل أن تبتعد عنه وجدت على غلافة بضع من الكلمات التي كتبت بخط صغير جدًا عليه.

مدت يدها لتفتح درج مكتبها لتخرج منه عدسة مكبرة كانت قد أخذتها من والدها منذ أيام، أمسكتها لتقربها من غلاف الكتاب لكي تحاول قراءة ما قد كتب عليه وهي في غاية الفضول.

استطاعت بعد أن قرَّبت الكتاب للمصباح الصغير الموضوع على المكتب... استطاعت أن تقرأ الكلمات لقد جاء فيها.

"أنا حامل الكتاب المحرم جاهز لكي أكمل روايتي الخاصة بنفسي، فلتأتِ أيها الحارس الأسود لتبدأ رحلتي الآن."

لم تكد تكمل (روز) كلماتها حتى أحست بأن هناك من يقف وراءها ليقول: "لقد اخترت بنفسك توَّاً أن تخوضي قصتك الخاصة فلا مجال للتراجع الآن، ألم أحذرك من الاستهزاء بي."

اعتدلت (روز) في وقفتها لتنظر وراءها غير مصدقة لما تسمع... وجدت الرجل (العجوز) يقف وراءها وهو يبتسم ابتسامة خبيثة.

وقد أمسك في يده اليمني خنجرًا وفي اليد الأخرى عصا كبيرة وقد وضعت في مقدمتها حجرًا أسودًا لامعًا لونه كلون الخاتم الأسود الذي كان بصندوق والدها.

ودون سابق إنذار باغتها (العجوز) وقد ترك عصاه مكانها، لقد ظل العصا واقفًا مكانه وكأن أحدًا يمسك به.

أمسك (العجوز) يدها وهو يردد قائلًا: "بعهد الدم المقدس تبدأ (روز) رحلتها لتكتب نسختها الخاصة."

بعد أن ردد كلماته الغامضة أمسك يدها اليسرى وقام بجرحها بالخنجر لينسال الدم من يدها، بعدها قد قام بفتح الكتاب المتهالك وعلى أول صفحة فيه تساقطت بضع قطرات من دم (روز) عليها.

لقد امتص الكتاب قطرات دمها بالفعل... حينها شعرت (روز) بدوار شديد في رأسها لتفقد وعيها غير مدركة أن الأقدار قد تغيرت، وأنها على موعد محتوم مع المجهول...

غابت عن الوعي لتبدأ رحلتها وتستفيق في عالم الخيال... لتعيش (روز) مغامرتها الخاصة في عالم المجهول...
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي