الفصل الثالث

الفصل الثالث

عندما سقطت أم زهروان على الأرض، هرولت زهروان عليها تناديها، فجذبها أبيها وهدأها وأخذها إلى حجرتها، حيث كانت طفلة صغيرة لا تعي شيئا.

بعدها بيومين رأت أمها هادئة بعدما فاقت تغازل زوجها شان، وكأن شيئًا لم يحدث، وكأنها لم تتشاجر معه بسب شروره الكثيرة، أصبحت طوع أمره، بل وتخطط معه كل أعماله.

عودة للحاضر

لم تعِ زهروان أن والدها قد سحرها، وجعلها طوع أمره، لكنه لا يقدر أن يفعل في زهروان ما فعله في أمها، لأنه يحبها حبًا شديدًا، ولا يتمنى أن يسقيها من شره.

بل استمر يحاول معها بالاقناع حينًا، وبالشجار حينًا آخر، لكنها في كل مرة لا تقتنع بما يقول، بل وتحاربه على شدة شره وأفاعيلة المختلفة.

في بيت ماحق يستعد لمقابلة الملك مارون، حيث سيعرض عليه الخطة السياسية المدمرة، دخل حجرته.

وراح يفتح الزجاجة، ليشرب القدر المخصص من المشروب السحري لإخفاء نواياه من المشروب السحري، فما هي إلا ساعة، وسوف يعرض عليه الأمر.

بعدها استقل سيارته واتجه لمقابلة الملك، حيث أنه قد أخذ موعدً في الثالثة مساءً، دخل الوزير على الملك مارون يخبره بوصوله، نظر الملك له ثم أمره أن يدخله، دخل ماحق متأهبًا لشرح خطته، فقال:
-السلام والتحية على ملك مدينة العقلاء مارون العظيم.

رد الملك مبتسمًا:
-وعليكم السلام أيها السياسي الهمام، جاءني خبر لدى وزير المملكة، أنك تود أن تعرض عليَّ خطة اقتصادية لتطوير البلاد، فليس عندي وقت كبير لجذب أطراف الحديث، اعرض الأمر سريعًا أرجوك.

تنحنح ماحق وبدأ يتكلم في انتباه:
-لن أخذ من وقت جلالتكم كثيرًا، سأعرض الأمر في عجاله، أنا أقترح أن تخصص ضريبة على كل مواطن بلغ الثلاثين من العمر، ويشغل وظيفة ما؛ لأن ذلك سيجلب إلى خزينة المملكة أموال طائلة.

من ناحية أخرى سيعلم من بلغ الثلاثين أنه جزء لا يتجزأ من صنع اقتصاد المملكة؛ وبذلك سيشعر بقيمته، فما رأي جلالتكم؟

نظر الملك بتعجب لماحق، وتعجب من طلبه؛ إن المملكة حقًا تحتاج للمال، لكن المواطن لا يحتمل عبئًا أكثر في حياته، وخصوصًا أن هذا سن الزواج والذي يكون في المواطن متأهبًا لإعداد نفسه للزواج.

شك في طلب ماحق؛ فقرر أن يتأكد من حسن نواياه، بما يميز مدينة العقلاء، وهو طريقة كشف النوايا بالسلام؛ ثم أمره أن يمد يده ليسلم عليه كي يتأكد من حسن نواياه.

اضطرب ماحق قليلًا، ثم تذكر مفعول المشروب السحري؛ فتشجع ومد يده، نظر له الملك بتمعن وقال:
-نواياك حسنة يا ماحق، لكن طلبك يحتاج لدراسة فاحصة، اعطني مهلة إسبوع كي أدرس خطتك مع الوزراء جميعًا، إنك تعلم أني لا أخذ القرار وحدي، فلدي طاقم وزراء ومفكرين ومحللين لابد أن أستشيرهم.

ابتسم ماحق بخبث وفهم أن الملك قد بلع الطعم، فاعتدل وقام من مجلسه متأهبًا للخروج بعد أن حيا الملك ووصفه بالملك الحكيم، خرج يستقل سيارته في بهجة وسرور بنجاح خطته الشريرة، وسار تجاه بيت الساحر شان ليبلغه بالأمر، وهو يدندن بأغنيته المحببة حتى وصل إلى البيت.

نظر في الحديقة لعله يجد زهروان، ليسمعها بعض كلمات الغزل، ويرتوي من فيض جمالها، فلم يجدها جالسة، دق جرس الباب؛ فأتاه الخادم مرحبًا وأدخله لمكان الانتظار المعتاد.

جلس يحملق نظره في كل ما يوجد في المكان، كأنه لص يبحث عن شيء يسرقه، دخل شان عليه مرحبًا:
-مرحبًا ماحق العزيز، أراك سعيدًا، فهل عندك أخبار سارة لي؟

اعتدل ماحق وأردف مبتسمًا:
-أبشر يا شان، لقد نجحت خططتنا وبلع الملك الطعم، أخذ مني الخطة؛ وقرر أن يدرسها مع خبراؤه.

ابتسم شان في زهو، وحاول أن يثبت قدرته قائلًا:
-أرأيت أني ماهر في صنع سحري، أنا أعظم ساحر في العالم، لكن كما وعدتني سأكون نائبك الخاص.

اضطرب ماحق قليلًا، ثم وجد أنه لابد أن يجاري أموره فقال في دهاء:
-بالطبع يا شان إنك نائبي، لكن دعنا ننتظر حتى يصدر الملك القرار؛ وينقلب الشعب على حكمه، ويخلو لنا الحكم لقمة هنيئة لنا.

في بيت مارو زميل فيرو، حيث إنه يحب "ريانا" ابنة الجيران، هو يعيش وحده مع أخته الصغيرة صفا، والتي تملك من العمر أربعة عشر عامًا، فقد مات أبوه وأمه في حادث منذ سنتين، دخل حجرته محاولًا أن يستعد لمقابلة ريانا بعد ساعة، في احدى الكافيهات.

رأى أن الموعد لازال أمامه ساعة، فقرر أن يصنع كوبًا من القهوة ثم بعدها يغادر، لأن الكافية الذي يتردد عليه ليس بعيدًا؛ خرج من حجرته، أراد أن يطمئن على أخته صفا في حجرتها فوجدها نائمة.

اتجه إلى المطبخ ليصنع كوب القهوة، أحضر الإناء وملأه بالماء ثم حاول أن يشعل الموقد، فهبت النار في وجهه فجأة، فصرخ بصوت مرتفع وحاول أن يأتي بطافية الحريق بسرعة.

سمعت صفا صوت صراخه فركضت ناحية المطبخ، لكنه تفاجأت فصرخت بصوت عال، حتى أتت ريانا جارتهم، لكن مارو كان قد أطفأ الحريق وهدأ الأمر.

جلس على الأرض في الصالة متعجبًا من لطف الله به، لقد كان على وشك الموت لكن الله نجاه، حاولت صفا احتضانه وتهدئته، فقالت:
-ماذا حدث يا مارو؟

زفر مارو بعمق وقال:
-لقد كانت النيران ستمسك بي لأني فتحت الغاز ونسيته قليلًا دون أن أغلقه؛ لهذا لم أدر أنها تسرب، لهذا اشتعلت النار وكادت أن تحرقنا جميعًا، لكن الله نجانا، شكرا لك يا الله على نعمك.

نظرت له ريانا مبتسمة وأردفت:
-لا عليك يا مارو المهم أنك بخير، ضاع موعدنا اليوم، حاول أن تغلق الغاز جيدًا، وأنا سأذهب لقد اطمأننت عليكم.

اعترض مارو، قائلًا:
-لا سنخرج جميعًا لتناول الطعام بالخارج، هيا استعدي يا صفا، وأنت يا ريانا.

فيرو في منزله يحاول أن يتصل بشانا حبيبته، لكن هاتفها مغلق، اتجه ناحية المنضدة وأخذ حبوب الذهان وابتلع واحدة، وقرر أن يخرج ليتمشى في حديقة بيتهم، ارتدى سترته السوداء ذات الياقة البيضاء، ونزل للحديقة.

عندما نزل للبهو قابلته أمه، وسألته هل تعد له شيء، أخبرها أنه سيمكث في الحديقة، لأنه متعب قليلًا، خرج وأغلق باب بيتهم خلفه، حتى لا تتسرب القطط من الحديقة للمنزل لأن أمه لا تحب القطط.

دار حول البيت ثم عند شجرة البرتقال جلس أمامها ليستمتع بالنسيم ورائحة الزهور المنبعثة، أسند رأسه على ظهر المقعد خلفه، وأغمض عينيه لدقيقة، ثم بدأ يفتحها فإذا به يرى قط أسود أمامه ينظر له، تعجب من نظرة القط له، حاول أن يقوم ليعود للبيت، فإذا بالقط يأمره ألا يتحرك.

ذهل فيرو؛ وحاول أن ينظر حوله؛ لعل أحد يكلمه وتوهم أنه القط، لكن القط نهره بغضب، وأخبره أنه هو من يأمره ثانيةً بألا يتحرك، سأله كيف يتكلم وهو قط، أخبره أنه ليس من شأنه السؤال عليه فقط أن ينفذ الأمر، لكن فيرو نهض من مقعده معترضًا على الأمر.

ظن أنها هلاوس الذهان قد عاودته، فإذا به يهجم عليه محاولًا خدش يده فَجُرِحت، حاول فيرو أن يلتقط عصا ليضربه بها، وفعلًا وجد عصا غليظة، وراح يرفعها ليضربه بكل قوته، لكن ضربة العصا اصطدمت بالأرض؛ وفجأة اختفى القط.

دار حول نفسه ليبحث عنه لكنه لم يجد شيئًا، نظر للخدش الذي فعله القط بيده فلم يجد شيئًا، تعجب ورمى العصا ودخل بيته بسرعة، قبل أن يحدث شيئًا آخر.

في قصر المملكة، اجتمع مارون على مائدته المستديرة بوزراءه، ليناقش أمر خطة ماحق الاقتصادية، جلس مارون على قمة المائدة.

حاول أن يفحص حاسوبه ليرى آخر تطورات المملكة، ثم بعد فحصه نظر لوزراءه قائلًا:
-لقد اجتمعت بكم اليوم لأعرض عليكم خطة السياسي ماحق، وقد اختبرت نيته؛ وظهر أنها نية حسنة، لقد عرض علي أن أفرض ضريبة على كل مواطن وصل عمره للثلاثين.

بحيث يكون قد بدأ عمله، وبما أن المملكة في حاجة إلى المال، فإني معكم اليوم لمناقشة الأمر، فما رأيكم؟

نظر وزير الشباب له باهتمام بالغ مردفًا بحماس:
-أعتقد أن الشاب في مثل هذا العمر، يكون في أوج حاجته إلى المال، وفرض أي ضريبة عليه في هذه المرحلة سيجعل الأمر عبئًا عليه.

لذلك أرجو منك الحكمة في اتخاذ موقفك من هذه الخطة، وإني أجد أنها خطة خبيثة، ستقلب عليك الشعب معترضًا على الأمر، ويضيع منك الحكم.

نظر مارون بحكمة وحنكة لوزير الشباب ثم أردف:
-أنا أعتقد أن نية ماحق حسنة وقد اختبرتها بنفسي، لكن ما تقوله هام جدًا أيها الوزير؛ وسوف أضعه في الحسبان، لا تقلق لقد اجتمعت بكم اليوم للبت في الأمر واتخاذ القرار المناسب.

حاول وزير الاقتصاد أن يقول رأيه، فرفع يده للإذن بطرح رأيه؛ فسمح له الملك أن يتكلم فقال:
-إننا جميعًا طوع أمرك يا مولاي، لكني أرى كلام وزير الشباب هامًا.

وأجده محقًا في رأيه، لهذا أقول أننا إذا كنا في حاجة إلى المال، فلنبحث عن طريق آخر لجلبه، لأن تحميل ضريبة أيًا كان قيمتها أمر يحتاج إلى روية وحكمة.

حاول وزير الصادرات والواردات أن يدلي برأيه فرفع يده مستأذنًا، فأمره الملك بالكلام:
-أرى أن كل الوزراء على صواب، وأعتقد إذا كنا في حاجة إلى المال؛ فلنقرر أن نزود صادرتنا بتحسين الإنتاج، لنحصل على العملة.

بهذا تجلب لنا أموالًا كثيرة، فلنوفر وسائل انتاج جيدة تساعد الصناعة على جودة الصنع لنصدر بالسعر المناسب لنا، وبهذا أرفض هذه الخطة الخبيثة، التي ستجلب لنا اعتراض الشعب وانقلابه علينا.

نظر الملك لهم جميعًا نظرة مستطلعة؛ وأمر برفض هذه الخطة، وأبلغ وزيره أن يعلم ماحق أن خطته الاقتصادية قد قوبلت بالرفض لفسادها، وأنه لولا أنه اختبر نية ماحق بنفسه؛ لكان أمر بحبسه بتهمة إثارة الشعب، ثم أمر بإنهاء الجلسه.

قام من مجلسه، وذهب لغرفته الخاصة ليكمل باقي أمور الحكم، دخل الملك حجرته وجلس على كرسيه وسند رأسه للوراء وراح يحدث نفسه قائلًا:
-إلى متى سأظل هكذا أدور في ساقية الحكم دون التفكير في الزواج؟ لقد بلغ بي العمر، وقد تعبت من الوحدة، والعيش دون أنيس أبثه شكواي، أعلم أنني مشغول بالحكم.

أنا لست كباقي الناس، لكني أريد الاستقرار، ولقد عرض علي وزيري أحد الفتيات ولم تعجبني، أنا أحلم بقتاة تؤسرني تجعل قلبي يتحرك من سباته، لقد مللت الانغماس في السياسة لألهي نفسي.

أعلم أن الأمر يبدو سهلًا في ظاهرة، لكنه جد عويص، أتمنى أن أجد فتاة تحرك مشاعري، وتؤسر عقلي، لقد بحثت حولي فلم أجدها، لكن كيف ستظهر وأنا لا أخرج ولا أتجول داخل مدينتي الجميلة.

إنها مليئة بالحسناوات، ماذا أصنع لأجدها هل أدعو فتيات المدينة لحفل لأنتقي منهن فتاة تجذب فؤادي وتجعله يرقص كالعصفور، أم أخرج في رحلة تجول لأجدها صدفة.

إن الأمر جد صعب، وأجد أنها مسألة خطيرة، لمَ لا أرفه عن نفسي، لماذا أنا حبيس رغم أن المدينة كلها ملكي؟ أحتاج أن أستشير وزيري في هذا الأمر، حتى لو استشرته.

يجب أن أخرج من عزلتي هذه، وأجوب المدينة، لأتفحص أمر رعيتي، وأرى أخر ما وصل إليه نتاج صُنَّاعي، أتمنى أن أجد وقتًا لكي أخرج فيه، إني مشغول يوميًا بأمور المملكة.

لا وقت لدي لأجوب الشوارع، لكن سأنهي هذا العبث الذي شغلني عن التفكير في زواجي، لابد أن أحدد يومًا أبحث فيه عن ضالتي، لكن البحث المقصود دومًا لا يجدي.

لابد أن يأتي الأمر صدفة، فالحب المدبر لا يكون حقيقيًا، بل مفتعلًا ماسخًا، لابد أن أخصص يوم في الإسبوع للتنزه في شوارع المدينة، لأرى ما وصل إليه حكمي من تحضر وتمدن.

إنني أقبع هنا وأراقب حكمي من خلف حاسوب يعرض لي حالة شعبي، حقًا إن الحاسوب يوفر الوقت والبحث ويعرض لي أحوال البلاد دون تعب وفي لمح البصر، لكن لا غنى عن الخروج للشوارع والنظر في وجوه الناس لأعرف عن قرب أحوالهم.

لا مناص من الإعتراض على هذه العزلة التي فرضتها علي التكنولوجيا، حقًا إن التقدم التكنولوجي وفر على الوقت والجهد، وجعلنا متقدمين.

نحصل على الأشياء بسهولة وبسرعة البرق؛ لكنه حرمنا من متعة التلاقي وجهًا لوجه، وحميمية الحوار المباشر، والنظر إلى أعين من نحاورهم والإستمتاع بصحبتهم.

لابد أن أثور على عزلتي، سأخصص يوم الجمعة من كل إسبوع إلى الخروج والإتناس بالبشر، لعلي أجدها صدفة ويتحرك قلبي ناحيتها وينتهي هذا البؤس الذي حاوطني وجعلني كعنكبوت نسج بيته وانتظر فريسته لتقع فيه.

أنا لست عنكبوت، ولسيت من سيختارها قلبي فريسة، بل إنها أنيسي وونسي وروحي البهية، وداعًا أيتها الحياة البائسة، سأتمرد عليك، سأقرر حياة جديدة، شعارها رفض العزلة والثورة على التكنولوجيا اللعينة.

سأخرج يوم الجمعة القادم حرًا دون قيد، لأرى بنفسي نبض شعبي وحبه لي، لألمس بنفسي موطن الأمور، لن أستسلم بعد اليوم، إني أتذكر يوم كنت صغير، وداهمني تفضيل العزلة، فحدث لي ما جعلني أمقتها، ولا أفضلها مطلقًا.

رجوع للماضي

كان مارون طفلًا في العاشرة من عمره، حينما كان أبوه الملك أخذه معه في رحلة للصيد، حيث قرر مارون أن يجلس وحده في مقرهم في الغابة، لأن أبوه تركه وذهب ليصطاد.

طلب منه أن يأتي معه، لكن مارون فضل أن يعزل داخل المخيم وفي لحظة الظهيرة؛ تركه الحراس سهوًا وذهبوا ليجلبوا الماء من البئر القريب.

لحظتها استيقظ مارون من نومه، وبدأ ينادي والده بصوت مرتفع، فلم يرد عليه أحد، نادى الحراس؛ فلا مجيب لصوته، إنزوى جانبًا، لأنه سمع زئير أسد صوته قريب منه.

حاول أن يختبيء وراء شيء فلم يجد شيئًا يحميه، لحظتها ندم أنه فضل العزلة وراح يقول:
-ليتني ذهبت مع أبي للصيد، ليته لم يتركني، أيها الحراس أين أنتم انقذوني أرجوكم.

فجأة دخل الأسد الخيمة وراح يشم رائحته، متجهًا إليه، نظر له مارون مرتعبًا، صرخ بصوت مرتفع، فاقترب الأسد أكثر وفتح فمه وعلا صوت زئيره، ثم سقط مغشيًا عليه، فجأة ظهر الحراس حول الأسد وضربوه بالسيف فوقع ميتًا.

حاول الحراس إفاقة مارون برش بعض الماء على وجهه، فاق ونظر حوله وراح يبحث عن الأسد، ويخبرهم أنه أتى ليأكله وهجم عليه، هدأوه وأخبروه أنهم قتلوه وأشاروا له عليه، فرآه ملقى على الأرض ميتًا.

عودة للحاضر

فيرو مساء اليوم التالي عائد من العمل بدراجته البخارية مرتديًا قبعته الواقية، وقف فجأة ليشتري دفتر تحضير من مكتبة في الطريق، وجد فتاة تشبه شانا واقفة داخلها، رحبت به وقالت:
-أهلًا بك أيها السيد الطيب، ما هو طلبك بالتحديد؟ أستطيع أن أجد لك ما تريده.

رد عليها مبتسمًا:
-إنك تشبيهين أحدًا أعرفه، أنت جديدة هنا؟

ابتسمت له الفتاة وقالت:
-أعمل هنا منذ سنتين، قل لي ماذا تريد يا سيدي، أنا تحت أمرك.

نظر له باهتمام وقال:
-أريد أن أشتري دفتر تحضير، لأني أعمل مدرس في مدرسة قريبة من هنا، لحظة سأجلب النقود.

فتح فيرو محفظته، ليخرج ثمن الدفتر، لكنه لم يجد فيها نقود، تعجب جدًا، لقد كان لديه مبلغ من المال دسه في حقيبته صباحًا قبل أن يخرج إلى عمله.

رجع للدراجة ليبحث في الحقيبة لعله نسي ووضعها داخلها، بحث في كل مكان فلم يجدها، ركب دراجته وعاد ليبحث في الطريق الذي أتى منه، لعله يجدها.

بالفعل وجد المال ملقى على الأرض، حمد الله أنه وجده، فدسه في المحفظة وعاد للمكتبة لكي يشتري الدفتر، أثناء سيره سمع صوت يستغيث به؛ لكي ينقذه يشبه صوت الفتاة التي كانت في المكتبة، لكنه لعن الذهان واستمر في طريقه إلى المكتبة، فلم يجد المكتبة مكانها، لقد اختفت تمامًا.

يتبع.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي