الفصل الرابع

عاد دانييل لطرح ما قاله بشأن عودة ماريان الى المجلس وخاصة القِطاع لتعويض الطاقة التي فقدتها بالبقاء داخل الحاجز الذي صنعه والدها.

توقف امام شقيقه الاصغر نابثا بجدية:

-لن تفعل هذا قائد موريس. هل تعلم لماذا؟ لان هذا يعني نهايتك فالمجلس سيتهمك باختطاف ابنة القائد وربما اسوء يتم قتلكما سويا لخرقكما لنصوص هذه المعاهدة الغبية والبقاء معا كل هذا الوقت.

تهجمت ملامح موريس الى اخرى جامدة يفكر فيما قاله دانييل. ايضا ان تصبح ماريان بهذا الضعف هذا ليس شيء يمكن ان يصل الى ساحر من ابناء المجلس اذا في جميع الحالات هناك خطر على حياتهما.

عصفت راسه بالكثير من المشاكل التي يجب ان يجد لها حلول في اسرع وقت.

استدار للمغادرة لكن اوقفه حديث دانييل:

-اردت اخبارك ان اليكسندر اصبح مستعدا للخروج و الانضمام اليكم. العائق الوحيد الان هو لون عينه، لا اعلم كيف ستخفي هذا عن قومك والمجلس.

توقف عن الحديث يقهقه ساخرا:

-كان يجب ان تظل رجل ذو مبادئ اخي الصغير. انظر الى ما وصلت اليه بسبب توهمك انك تمتلك مشاعر وانت مجرد وحش تنغوسرام خلق على هذه الأرض ليقتل وليس ان يكون اسرة مع ساحرة وخاصة ابنة عدونا اللدود ماركوس فينيس الذي يسعى جاهدا لإخفاء ارضنا بعيدا عن الجميع

تجاهل موريس حديث شقيقه الاكبر فلطالما استطاع جعله في حالة متناهية من الغضب بسبب ردوده الباردة فها هو لا يأبه بشان موت عائلته الوحيدة التي تكون عبارة عن موريس وزوجته تاركين ورائهم هجين يملك قوى اعظم من التي يملكها اعضاء المجلس.

عاد موريس الى غرفته في القِطاع يتخذ قرار مصيري بشأن حياته وحياة ماريان متناسيا مشاركة الاخرى.

قرر بمفرده كما يفعل دائما. اصبح يحسم قراره و زوجته اخر من يعلم.

اجتمع بمساعده سكوت يخبره بما يفعل اذا حدث له شيء. امور القطيع و كل هذا بالإضافة الى ابنه ومساعدته دائما.

قرر التضحية بنفسه ووضع جميع اللوم على عاتقه. سيذهب للمجلس ويخبرهم انه اختطف ماريان كي يساعدوها على التعافي بشكل اسرع.

لن يكتفي بهذا بل فكر ايضا انه سيخبرهم انه سرق جزء من طاقتها لتصبح بهذا الضعف فقط قرر ان يعلن الجحيم على نفسه غير مكترثا بما سيحدث في قطيعه فقائدهم على وشك توليد المزيد من الاحقاد بينهم وبين المجلس.

صباح اليوم التالي قضى موريس جميع اليوم برفقة ماريان ملبيا لها جميع المساعدة التي تحتاجها. رغب بقضاء اخر ساعاته معها وكل هذا دون ان تعرف الاخرى شيء عن هذه الحقيقة المريرة بالرغم انها لاحظت تصرفاته الغريبة.

ترك امور القطاع مع سكوت الذي استمر بالمحاولة في تغيير قرار قائده والا يسمح له بتدمير جميع ما بناها على مدار هذه السنوات.

صعد موريس الى الاعلى بعدما اخبر ماريان انه سيذهب الى مركز القطاع ومراجعة بعض الامور مع الحراس.

تعجبت الاخرى من تصرفاته خاصة انه لا يزورها بالصباح وفعله لهذا الشيء ليس بالطبيعي له.

رات ملامح مساعده الغير الراضية لتهتف باسمه تساله عن سبب تصرف موريس الغريب وان كان هناك ما حدث بالقطاع لا تعرفه فمنذ تدهور حالتها الصحية استمر موريس بإخفاء ما يحدث بالخارج عنها.

نفى سكوت معرفته باي شيء ففي النهاية هو المساعد الامين الذي وهب حياته للقائد الذي انقذه من الموت واعطاه
هذه المكانة العالية بائتمانه على اسراره.

جهز موريس نفسه جيدا للمغادرة برفقة ماريان الى قطاعها. عاد الى غرفتها ليجدها تجلس على مقدمة السرير تسند جسدها بذراعيها.

رفعت راسها عندما اتاها صوت موريس بمجرد دلوفه الى الغرفة راسما على ثغره ابتسامة لم تعهدها الاخرى فهو لا يبتسم بهذا الاتساع. لم يفعل هذا من قبل لطالما اكتفى بابتسامة خافتة لإرضائها فهي استغرقت عامين لتعليمه كيف يبتسم ويتخلص من هذه الملامح الجامدة التي زينت وجهه لعقود طويلة.

انخفض على ركبتيه يقابل وجه زوجته متحدثا بهدوء:

-سنذهب اليوم لرؤية اليكسندر

ابتسامة واسعة احتلت وجه ماريان عندما سمعت اسم طفلها وانها اخيرا ستقابله بعد هذا الوقت.

-كيف سنفعل هذا؟ ماذا سي حد ث اذا استشعر ابي نواة الطاقة الخاصة بي ووجدني

-لا تقلقي دانييل ساعدني بوضع تعويذة على الحاجز الخاص بنا لحبن ذهابنا الى اليكسندر. اذا هل انت مستعدة للذهاب؟

اومأت الاخرى بساعدة تقف على قدميها بمساعدة زوجها الذي احكم الغلق على ذراعيها كي لا تسقط منه

اجواء باردة في اوقات متأخرة خرجت ماريان من الغرفة واخيرا بعد سنوات. استنشقت الهواء بعمق فهي حقا افتقدت ان تشعر بهذا. كونها ضحت بالكثير في سبيل البقاء مع موريس بعيدا عن حقد وتملك والدها.

شابك موريس يده بخاصة زوجته يتمشون اسفل القمر مع هدوء المكان حولهما.

ضحكة صغيرة تمردت من فم ماريان ليعقد موريس حاجبيه بجهل لا يعلم سبب هذه الضحكة.

مرت ثواني لتبدا في التحدث:
-في مثل هذه الاوقات منذ سبع اعوام التقيت بك في هذه الغابة عندما كنت اهرب من رجال المجلس. لن تصدقني اذا اخبرتك انني لم اتوقع منك ان تساعدني فانا اتذكر جيدا تجنبك لأى حديث بيننا اثناء اجتماعات المجلس.

قضمت شفتيها ثم اكملت بحرج:
-كلما حاولت التودد اليك كنت دائما تهرب متسببا لي الشعور بالحرج بسبب تصرفاتك قائد موريس. حقا كنت وغد حقيقي في هذا الوقت

قابلها الاخر بشهقة غير مصدقة لاعتقادها انه وغد بسببه رفضه للحديث معها وتجنبها لا تعلم ان فعل هذا لحمايتها من والدها.

استمرت بذكر لقائهما الاول واحضاره لها داخل القطاع، وضعه لها في هذه الغرفة. مقيدة، وحيدة ففي النهاية هو كان قائد مخلص ونيته الاولى كانت اعادتها وتجنب حرب

تعلق بها لدرجة الانانية. ابقاها معه سنوات طويلة لا يعلم اذا كان هذا بسبب تملكه ام غرائزه التي رغبت بالحصول عليها اكثر من أي شيء.

استمر موريس بإصدار همهمة خافتة على جميع حديثها مثبتا وجهه للأمام.

توقفت ماريان و سحبت يدها من خاصته تتراجع بعض خطوات للوراء. لاحظ موريس تمرد دموعها على وجنتيها مع ابتسامتها الحزينة التي تطغى على ملامح وجهها.

ابتلع ريقه بتوتر متسائلا عن سبب بكائها ايضا ابتعادها للخلف بهذه الطريقة بعيدا عنه.

فرجت بين شفتيها تتحدث بنبرة حزين مليئة بمشاعر الخذلان:
-هذا ليس طريق الذهاب الى أليكسندر. اعلم ان هذا الطريق يؤدي الى قِطاع مجلس السحرة.

اغمض موريس عينه لاعنا بداخله فها هي اكتشفت مخططه بشان اعادتها الى المجلس كي تتعافى.

-اذا في النهاية لم اكن مهمة بشكل كافي كى تتخذ هذا القرار ايضا بمفردك اليس كذلك؟

حاول الاخر مقاطعتها والتقدم ناحيته لكنها اوقفته برفع اصبعها تهتف بنبرة جادة:

-لا تقترب موريس...لا تفعل هذا فانا لن اسامحك هذه المرة لتخليك عني بهذه الطريقة. لا اصدق كيف تريدني ان اعود الى هذا المجلس بعد مرور هذه السنوات؟ كيف تريدني ان ابتعد عنك بهذا الشكل وانت تعلم جيدا ان ابي سيقتلك

قاطعها هاتفا بانفعال:
-اذا هل تريدني ان اشاهدكِ و انتِ تموتين؟ هذه هي الطريقة الوحيدة لإنقاذ حياتك ماريان

بذات النبرة قاطعته:
-ماذا عنك موريس! هل تعتقد انني اريد حياة بدونك، هل تعتقد انني سأتركك تدمر حياتك للمرة المائة لإرضائي؟ لماذا تُريدني ان اشعر بهذا الذنب!

استطاع موريس سماع اضطراب نبضات قلبها ليهتف بنبرة هادئة:

-دعينا نغادر ماريان. سنذهب الى المجلس؛ هم القادرون على مساعدنك و انقاذ حياتك

ضحكت الاخرى بسخرية فبعد كل هذا هو مازال محتفظ بقراره لا يعطي اى اهمية لحديثها منذ لحظات

- لن افعل هذا، لن اتركك تعلن الحرب على المجلس بهذه الطريقة!

اقترب موريس يسحب يدها للذهاب عنوة عنها فالبقاء طويلا في هذا المكان لن يُفيد بشيء سوى تأجيل ما يرغب به.

بدأت الأخر تُعافر وتسحب يدها من بين خاصته بضعف فهو احكم الغلق عليها بالإضافة القى قواها الشبه موجودة لا تستطيع مقاومته.

مرت لحظات وسكنت بين يده تحدق به بحزن، اشتياق، رغبتها في ان يُسامحها كانت اولى أولوياتها.

ابعدت يده توقفه عن سحبها عندما عانقته تتشبث بملابسه مستمرة في الضرب بخفة على ظهره تأنبه على تصرفاته معها:
-اعتني بأليكسندر، لا تكرهه بل عامله جيدا مهما يحدث هو طفلنا الصغير الذي يحب علينا حمايته.

جفل الاخر من حديثها لا يفهم لماذا تتفوه ماريان بهذا.

فكت الأخرى العناق تتراجع خطوتين الى الخلف ليظهر الخنجر الذي اخرجته من جيبها.

قابلها تقدم موريس منها صارخا بحدة عندما اكتفت بالاعتذار تغرز الخنجر في منتصف صدرها خاصة في نواة الطاقة الخاصة به.

اسرع يلتقط جسدها الذي بدأ يهوي بين ذراعه ينخفض للأرض معها مستمرا في هز رأسه نافيا:
-ماريان لماذا؟ اخبرتكِ اننا سنحل كل شيء سويا

تمتم بتقطع مستمرا في هز رأسه بعدما رفع يده يبعد خصلات شعرها للوراء يستشعر تجمد نواة طاقتها.

يشعر بالضعف في هذه اللحظات وهو يرى زوجته ومن خرق من اجلها الكثير ترقد بين يده محاولة التقاط انفاسها بضعف

وضع يده ضاغطا على الجرح كي يمنع النزيف يقلب عينه على يده وعلى وجه ماريان الذي بدأ في التعرق وانسحاب الدماء منه.

بأنفاس مسلوبة اجابته الاخرى:
-اعتذر، كان هذا الحل الوحيد موريس، لا يمكنني خسارتك....لا استطيع إكمال هذه الحياة بعيدا عنك لذلك لا فائدة منها. اعتني بنفسك وبأليكسندر

قابلها الأخر بحدة يخبرها ان تصمت محاولا اعطاؤها جزء من طاقته لمساعدتها على التعافي من هذا الجرح العميق التي سببته .

صرخة انزعاج تمردت من فمه عندما شعر بالعجز فنواتها لم تستقبل أي طاقة منه.

ظل يترجاها ان تبقى معه والا تتركه. المضحك في هذا انها تخبره ان يسامحها لكن كيف يفعل هذا وهي اختارت ان تكون بهذه الانانية امامه.

كيف يمكنه ان يسامحها وهي تخلت عنه غير مكترثة لكيف سيصبح او ان يعود الى هذا القائد المتملك المكروه بسبب تزمته.

-اذا وُلدت مرة اخرى اتمنى ان اقابلك واكون معك موريس، لا اهتم اذا أصبحت بشرية، ساحرة ام وحش تنغوسرام فقط مقابلتك مجددا اكثر ما اريده.

استمر الاخر في محاولة نقل طاقته اليها بلا فائدة، رافضا فكرة موتها بين يديه دون المحاولة لإنقاذها.

رفعت ماريان يدها تُمسح على وجنتي الاخر بخفة مثبتة عينها على خاصته المتشتتة. تُريد اشباع نظرها به لأخر مرة.

اختارت ان تفعل هذا من أجله لان فعل الكثير من اجلها، ارادت ان ترى اليكسندر قبل موتها اولا لكن اذا لم تفعل هذا الآن كانت الامور ستسوء و تخسر من احبته بهذه الطريقة الشنيعة.

تُكافح لإبقاء عينها مفتوحة تستمع الى ترجيات الاخر بالا تتركه، سامحا لصرخات غير راضية بالتمرد من فمه و هو يحيط جسدها بخاصته.

بصوت منخفض عادت ماريان تتحدث فهي علمت ان نهايتها بعد لحظات:
-احبك قائد موريس

سحبت يدها تدريجيا من على وجنتيه الى سقطت بجانب جسدها تغلق عينها للمرة الأخيرة.

ظل موريس يهتف باسمها محاولا جعلها تستيقظ بداخله يتمنى ان هذا ما يحدث عكس ان هذه اصبحت حقيقة دائمة.

علا صوت زمجرته الغاضبة تهز ارجاء الغابة مسببا هيجان لجميع الحيوانات الاسطورية.

غاضبا، حزينا وحائرا كان هذا اقل ما يشعر به في هذه الاثناء وهو يحتضن جثة زوجته الى صدره.

يعانقها بهذه الطريقة للمرة الاخيرة، ربما حدث هذا لأنه لم يكن يستحقها منذ البداية.

اختار ان يعيشوا سويا في الظلام خوفا من ابيها والمجلس فهم أيضا كانوا يمتلكون مسؤوليات امامه قومهم.

وصل اليه دانييل يقف ورائه لا يريد قطع هذه اللحظات بنكاته السخيفة لأنه يعلم اذا فعل هذا لن يتردد موريس في قتله في لحظات فهو خسر من احبه لسنوات.

تجمدت مشاعر موريس وهو يحدق بجسد زوجته غير قادرا على تركها والمتابعة، لا يستطيع فعل هذا.

فكرة ذهابها عن هذا العالم ازعجته لدرجة رغبته بإعلان الحرب على مجلس السحرة هنا والآن.

اقترب دانييل من شقيقه الصغير منخفضا لمستواه:
-اعلم انك غاضب لكنك تعلم ان في النهاية كان يجب ان يموت احدكم

بنظرة جانبية القاها موريس على دانييل يخبره ان يصمت قبل ان يقتله فهذا ليس وقت القاء مثل هذا الكلام الجارح

فصدمته ان زوجته ترقد بين يده كجثة هامدة لن يستطيع تجاوز هذا للأبد.

اقترب الشقيق الاكبر من جسد ماريان كى يحلمها من يد الأخر فلا فائدة من بقاءهما على الأرض بهذه الطريقة.

اراد دفن جثة زوجة شقيقه قبل ان يجدوهم دوريات السحرة واتهامهم انهم قتلوا ابنة القائد.

ابعد موريس يده الاخر مزمجرا بعنف:
-لا تلمسها

-يحب ان تغادر المكان اخي الصغير، صدقني اذا راكم احد رجال المجلس سيذهب موتها هدرا بسبب غباءك وجلسوك بهذه الطريقة

في هذا الوقت استطاع اليكسندر الشعور بأيسره ينبض بطريقة ألأمته

وقف على قدميه عندما استمع لصوت صرخة احد، حاول تتبع مصدرها و ملاحقة الصوت الذي هز ارجاء الغابة. بفضول لكنه قد تلاشى بالفعل.

استمر بالبحث طويلا الى ان فقد الامل يعود الى الجلوس على الوادي مُدلدلا قدميه من الاعلى.

يمتلك هذا الشعور الغير مريح، يشعر ان هناك خطب ما حدث لكن لا يعلم ما هو.

تزايدت رغبته بالخروج من هذا المكان في اسرع وقت ليس كرها انما وجوده بمفرده لا يتملك احد للتحدث معه او البقاء معه دائما ازعجه.

يشعر انه مجرد لعنة لم يكن يجب ان تولد منذ البداية.

زفر الهواء بضيق رافعا رأسه للأعلى يتمنى ان يغادر بأسرع وقت فلطالما علمه دانييل عن ما يحدث بالخارج من صراعات بين جميع القِطاعات.

حقد البشر، تملك المجلس بالإضافة الى عنف وحوش التنغوسرام كان شيء لا يصدقه.

افترش الارض بجسده يمسك القلادة التي تحيط رقبته يتحدث معها لأنها الشى الوحيد الذي يملكه من والديه الحقيقين:
-اتمنى الا يكون حديث دانييل صحيحا بشأن كوني مجرد غلطة لم يكن يجب ان تحدث

اذا راه دانييل يهتم لهذا الموضوع السخيف لانفجر ضاحكا بسبب سذاجته فوحوش التنغوسرام لا تهتم اذا كان يقبلها احد ام لا.

وحوش التنغوسرام خُلقت لتوازن هذه الحياة و هي ان تقتل بدم بارد على عكس واقعهم.

لا احد يراعي مشاعرهم، لا احد يريد وجودهم كونها كائنات ذات دماء وشفاه ارجوانية بالإضافة الى أعينهم التي تُزيد من تميزهم.

مرت ساعات الى ان رأى دانييل يقترب للدخول الى مكانه الخاص بعدما انهى الأمور مع شقيقه الأصغر.

استطاع دفن جسد ماريان بالكاد بسبب تملك موريس و عدم رغبته بتركها بهذه السهولة.

وقف امامه يمنعه من اكمال الطريق متسائلا:
-هل سمعت شيء غريب منذ ساعات؟ ايضا هل كل شيء بالغابة فقط لا اعلم لماذا يراودني هذا الشعور بان هناك خطب ما حدث!

حدق به دانييل بتمعن فحقا عين اليكسندر تشبه خاصة والدته لحد كبير.

افاق من تأمله على صوت الذي تساءل مرة اخرى اذا كان هناك ما يحدث وفضوله بشأن المغادرة.

-اذا متى يمكنني المغادرة؟ اتممت السيطرة بالكامل على بوابة طاقتي

بملامح جامدة اجابه دانييل:
-اعتذر اليكسندر لكن لا اعتقد انه يمكنك المغادرة الآن!

تحولت ملامح الاخر بغير تصديق فكيف لا يستطيع المغادرة وهذا اكثر ما تمناه.

ظل يُعاني ليالي طويلة من اهلاك جسده وعقله فقط للتحكم ببوابة طاقته والمغادرة من هذا المكان للانضمام مع من يشبهوه.

صاح بانفعال:
-أخبرتني انه يمكنني المغادرة اذا استطعت التحكم ببوابة طاقتي ولقد فعلت هذا! لما تحاول منعي الآن؟

-حدث تغيير في الخطط ايها الصغير، هذا كل ما يجب ان تعرفه

رفض دانييل اخباره عن حقيقة وفاة والدته بسببه وكره ابيه الغير متناهي له في هذه اللحظات

بعد وفاة ماريان رفض موريس مقابلة اليكسندر وضمه للقطاع في هذه الأوقات.

يعلم ان هذا خطئه لأنه وافق على طلب زوجته منه لكن فقط اذا لن يولد لما اخذ هذا القدر الكبير من طاقتها.

لم يرد دانييل اعلام اليكسندر برفض ابيه له ليس حبا وخوفا على مشاعره السخيفة انما هو بانتظار فرصة افضل لأخباره.

تخطى دانييل اليكسندر كي يدلف لغرفته لكن رفع الصغير يده يتمسك بذارع دانييل محدقا به باعين قاتمة مستخدما نبرته الخشنة:
-لقد وعدتني

قابله دانييل متحدثا بنفاذ صبر بسبب عِناده
-اخبرتك انني لا اريد هذا! بقاءك هنا اخر ما اريده اليكسندر فانت لا تكف على التسبب في المتاعب

صمت لحظات ثم اكمل مقهقها بسخرية:
-بسببك قتلت نصف حيواناتي الأليفة فقط لانهم حاولوا ايذائك بالرغم من ان هذه طبيعتهم الموعودة فهم لا يطيقون بقاء وحش تنغوسرام ذو دماء ارجوانية على ارضهم

اصبح اليكسندر بمفرده بعدما مغادرة دانييل، بدأ يتجول في الغابة بخطوات غاضبة مستمرا في لكم كل ما يراه خاصة الأشجار.

وصل الى حالة من الغضب فبقاءه محبوسا هنا يشعره كما لو انه واحدٌ من الحيوانات الأليفة التي يمتلكها دانييل،

بدأت الأيام تمر على فقد موريس لزوجته وتجمد مشاعره، عاد الى القائد المتملك الذي يهتم بالقوانين بشكل اعمى.

فكرة موت احد من قطيعه امامه لم تعد تهمه فالقوانين عادت له مبادئ لن يتخلى عليها من اجل احد.

فعل هذا مرة وانظر الى ما حدث في النهاية تأنيب الضمير اصبح اكثر ما يعصف بروحه الباهتة.

لم يتجرأ على زيارة الغرفة التي ابقى بها اجمل لحظات حياته كوحش تنغوسرام برفقة زوجته التي غادرت هذه الحياة.

تابع كونه قائدا متناسيا ابنه الذي كبر وازداد وسامة مع بنيته القوية لكن ما تناساه هو عِند اليكسندر الذي تزايد بشأن رغبته بالمغادرة والانضمام الى اى قطاع ففكرة انه بلا مكان تغضبه.

لا يريد ان يبقى متجولا على هذه الأرض دون قطاع يلجأ اليه.

انزعج دانييل من تصرفات الفتى الذي يتصرف بطيش مستمرا في التقاتل مع الحيوانات الاسطورية والقضاء عليهم.

لم ينتظر دانييل قدوم موريس اليه هذه المرة فعلى ما يبدو انه تناسى ابنه من بعد وفاة زوجته.

ذهب الى قطاع الوحوش في المساء وخاصة غرفة موريس

تمدد على الفراش منتظرا وصول شقيقه الصغير، مرت ساعتين ودلف موريس للغرفة ليقابل وجود دانييل.

بملامح جامدة ايضا غاضبة من وجود مشعوذ في غرفته:
-ماذا تفعل هنا قائد دانييل، انت غير مرحب بوجودك هنا

تعالت ضحكات دانييل فالان هو غير مرحب به لأنه اصبح بلا فائدة.

-لطالما اخبرتك ان تعمل على حسك الفكاهي اخي الصغير

-ماذا تريد قائد دانييل؟

اختفت ملامح الأخر الساخرة الى اخرى جدية:
-لا يمكنني ابقاء اليكسندر اكثر من هذا، هو لا يتوقف عن القتال مع الحيوانات الاسطورية بمعنى اخر هو ينتقم مني لا بقاءه كل هذه السنوات بدون سبب وجيه

لم ينطق موريس فقط لازال على حاله محتفظا بملامح جامدة.

-اتفاقنا ان يبقى لدى الى حين سيطرته بالكامل على بوابة طاقته وهذا ما حدث الأن يمكنه القدوم والعيش كونه وحش تنغوسرام اذا لماذا تريد ابقاءه لدي!

لم يستطع موريس اجابة الاخر فغضبه مما حدث مع زوجته انسته حقيقة الاتفاق الذي ابرمه مع دانييل.

-اعتذر اخي الصغير لكنن سأسمح له بالمغادرة هذه المرة فانا لا اريد ان يتم ابادة جميع حيواناتي على يده اذا اردته يمكنك ضمه مع قطيعك واذا لم تفعل يمكنني ان اسدي لك خدمة

نهض من على السرير واقترب من موريس هامسا في اذنه بنبرة متلاعبة:
-يمكنني اصدار خبر للمجلس بإيجادي لهجين وتركهم يتولون الأمر ففي النهاية انت لا تريده

لم يُجيب بشيء كذلك ليرفع دانييل كتفيه بلامُبالاة:
-لك هذا اخي الصغير. سأرسل خبر للمجلس

قبل ان يخطوا خارج الغرفة للمغادرة اتاه صوت موريس الثابت:
-لا تبلغ المجلس....سأضمه للقِطاع

بعد مرور سنوات طويلة وافق موريس على ضم ابنه ليس حبا به بل لا يريد من الاخر ان يُبلغ المجلس والا يضيع موت زوجته ماريان هباء بعد كل ما عانوه.

لا يريد رؤيته لكنه مضطر، يعلم جيدا انه سيرى عين ماريان به، خائفا من ارتباطه به وهو يعلم ان النهاية ستؤول بهم كما حدث مع زوجته.

عاد دانييل للغابة وابلغ هذا لأليكسندر الذي رسم ملامح جامدة على وجهه، لم يتحمس كما اعتاد ان يفعل.

لا يشعر بشيء كان كل هذا اختفى، رغبته في مقابلة عائلته التي تخلت عنه تلاشت فلقد مرت سنوات و لم يُفكر احدا منهم في زيارته.

استقبل الامر بهدوء وهو لازال على وضعيته، وافقا بالقرب من ضفة النهر يحدق بانعكاس صورته بالماء.

يتساءل بداخله عن سبب جموده بهذا الشكل فطالما اراد ان ينضم للقطاع وان يغادر هذه الغابة للتعرف على ما يحدث اذا لما هذا الهدوء الغريب.

في صباح اليوم التالي ارسل موريس مساعده سكوت لأخذ اليكسندر الى القطيع

وضع اليكسندر ماكسيموس وغادر برفقة سكوت دون ان ينطق بحرف او يتساءل عن اذا كان هو فرد من عائلته ام لاء فقط تتبعه بصمت.

اثناء ذهابه قلب عينه في الأرجاء لأول مرة استطاع الخروج من الحاجز الذي صنعه دانييل.

مرت دقائق الى ان وصل للقطاع. استخدم سكوت الطريق السري الذي يؤدي الى غرفة ماريان.

دلف سكوت اولا ثم ورائه اليكسندر، وقف يحدق بأرجاء الغرفة يشعر كما لو انه كان هنا من قبل.

احب كيف تتميز الغرفة بطابع العصر الفيكتوري من حيث الاثاث والرسومات التي زينت الحائط، يشعر بالذهول فهو أقضى حياته في العراء.

حمحم سكوت بخفة يُقاطع تأمله:
-سيأتي القائد لرؤيتك. لا تغادر الغرفة من دون اذنه

هز اليكسندر رأسه ليبدا يتجول في الغرفة متحمسا لقاؤه بالقائد متناسيا حقيقة انه ربما يكون والده.

مرت سنوات على انتظاره لهذا اللقاء، فرغبته لرؤية والديه كانت اكثر ما يريده.

في النهاية يستحق هذا، دقائق ويقابل والده الذي لا يعلم اسمه، شكله، مكانته الحقيقة في هذا القطاع.



يُتبع
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي