الفصل الثَـالِـث

الفصل الثَالث

يوم الأثنين، بعد قرابة أسبوع في الطريق نحو مركز الشرطة.


كان يوم من أيام الشتاء والجو كان بارد كالعادة، كان أحد تلك الأيام التي كانت الشمس مختفية فيها خلف مجموعة سحب كثيفة، ولكن أشعتها كانت أقوى من تلك السحب، وأستطاع جزء منها التسلل نحو الأرض، منيراً الأرض وناشراً القليل من الدفء.

كالعروس الخجلة، الخافية وجهها ببرقع كذلك كانت الشمس.

كانا كلا من ديڤ وحبيبته ليكسي في السيارة منتظرين أن تفتح الأشارة ليجلبوا قهوتهم قبل كل شيء.

وبعد قليل تم فتح الاشارة، لتقوم السيارات بالتحرك كل منها ناحية هدفها.
قاما بعدها بالتوجه الى مقهاهما المفضل،وطلبا قهوتهما المعتادة ككل يوم.

بعد ذلك أوقف ديڤ سيارته في شارع جانبي كي يستطيع أن يحتسي قهوته دون ان تنسكب علي، ومن ثم أخذا يتسامرا الحديث حول عدة اشياء مختلفة.

كانت تلك هي عادتهم منذ زمن عفا، كل يوم قبل العمل كانا يتحدثان قليلاً في بداية اليوم عن كل شيء يريدان التحدث عنه.

«إذاً، هل قمتِ بمحادثتمها في الأمر؟ أم لم تفعلي؟»
نبس ديڤ بينما كان يرتشف بعض من قهوته قبل أن تبرد، وفي نفس الوقت ينظر لها منتظراً منها الرد.

«اجل، لقد قمت بفعل ذلك كان الأمر أفضل شيء حدث في حياتي يا ديڤ،
أ تعلم شيء؟ لم أتوقع أن الحقيقه بذلك الجملل وتلك الروعة، لقد عشت طوال حياتي أهرب من مواجهتها ولكني أفكر فيها في النهايه، مثل الطفل الذي يريد أن يتعلم السباحة،
وفي كل مرة يقترب ناحية المسبح يقترب منه للغاية، ولكن بعدها لا يفعل شيء. يقف على حافته دون أن ينزل فيه ودون الهرب، كذلك كنتُ أنا.

أنه من المستحيل أن يهرب أحد من الحقيقة خاصةً إذا كانت مهمة، مهمة للغاية مثل معرفة من هما والداك البيولوجيين، من أعطياك الحياة،

أ تعلم ديف أنا حقاً ممتنة لك للغاية بأخص يوم أمس، لطالما شعرت بالأمتنان لك على أشياء كثيرة.

ولكن أمس شعرت بأمتنان على مستوى آخر، شعرت بأنني ولدت في من جديد.»



لم ينطق بعدها بشيء فقط قام بأحتضانها مطولاً حتى شعر أنها أصبحت في حال أفضل ومن ثم أبتعد عنها، ليقود بها نحو مخبر الشرطة مجدداً.


عندما وصلا كلاهما وجد في المدخل سيدة، كانت تبكي بشدة لم يمر العديد من الوقت قبل أن تتعرف عليها ليكسي.

لتخبره بأن يسبقها إلى الداخل وأنها سترى الأمر،لها ومن ثم يأهذ حقيبتها الصغيرة يدخل ويتركها مع تلك السيدة مثلما تريد هي.

أنحنت حتى وصلت إلى مستواها،وربتت على كتفيها.
«سيدتي هل أستطيع مساعدتك في أي موضوع؟ لما تبكين هل حدث شيء سيء؟»

أنتبهت لها لتمسح دموعها بعدها، وتحاول كتم شهقاتها، كي تخبرها.
وبعدما هدأت قليلاً وأرتشفت بعض الماء قررت أن تخبرها بالأمر.

«لا يسمحون لي بالدخول،وأنا أريد أن أدخل كي استكمل الإجراءات الرسمية في قضية لورا ابنتي، ولكنهم طردوني للخارج وأخبروني أنه لا يوجد شيء مثل هذا.
وأنا حقا أريد أن أعرف من فعل ذلك، سأحب أن ترقد روح ابنتي في سلام.
هذا أقل ما يمكنني أن أفعله لها، لطالما عاملتها بإهمال بالغ، لم أعتني بها، جعلتها تدفع ثمن أخطائي التي لا ذنب لها فيها، صغيرتي دفعت ثمن تهوري وغبائي، لقد دفعت ثمن أعجابي بفتى مراهق أحمق طائش، لا يستطيع تحمل مسؤولية أي شيء في حياته حتى الان ولكن تلك هي مشكلتي أنا، انا الملامة، أنا السبب.»

كانت تتحدث بحزن بالغ وحسرة يصاحبها ندم فتاك،يستطيع أن يجلد ضمير أي شخص مهما كان، لم تكن تتحدث وحسب بل كانت منفعلة للغاية، كانت تضرب رأسها بيديها وتشد شعرها بقوة إلي الخلف.

كل ذلك كان يقع تحت أعين ليكسي، التي كانت تريد أن تلقي عليها جميع الكلام القاسي الذي تعرفه ولكنها لم تفعل، فقط وقفت بجوارها وكانت تسمعها دون أي ذرة تعاطف أو شفقة.

هي كانت تراها شخص مهمل، غير ناضج لم يفكر جيداً. والنتيجة؟ النتيجة أنه ورَّط كائن صغير مسلوب الأرادة والقوة في مهازل.

«أسفة، على التدخل. ولكن لما تركتيها في الملجأ منذ البداية طالما تحبيها لتلك الدرجة؟»

«لم يكن في يدي شيء، لقد وعدني بأنه سيحمينا وعدني بأنه لن يحدث لأي منا مكروه ولكنه لم يفعل، لقد أختفى مثل فص ملح في بركة.
في ليلة وضحاها وجدتني أم لطفلة، دون مأوى، دون طعام، دون مال، دون أي شيء لكلانا. كنا سنموت من الجوع.

أ تظنين أنني لم أحاول أقناع أهلي؟ لقد حاولت ولكنهم لم يتقبلوها، لم يساعدوني وقتها.»

كانت ليكسي ترى أمامها، أم غير ناضجة، تجيد دور الضحية، وتحميل الجميع الخطأ عداها.

هو قد اخطئ بالطبع، ولكنه لم يجبرها، وفي حالة كونه فعل كانت تستطيع أن تأخذ حقها منه ولكنها لم تفعل.

بالطبع أهلها ليسوا متعاونين ولكنهم ليسوا مخطئين للغاية، هي عرضت عليهم وضع ومن حقهم الرفض أو القبول على السواء، في حالة لا يعجبك قرار أهلك وفي حالة أن حبيبك المراهق كان غير مسؤول وطائش وتلك هي شخصيته هو لا يستطيع خداعك بها، كنتِ تستطيعين العمل والأستقلال بأبنتك الصغيرة في مكان مستقل لكما بعيد عن القلق والدراما الزائدة.

كانت تريد أن تصرخ ليكسي بكل ذلك في وجهها ولكنها لم تفعل، حاولت أن تستمع للآخر، وأن لا تخبرها برأيها لأن موضوع كذلك لا يوجد بهِ اراء، أنه ليس لون شعر آخر صيحة.

«تعلمين الرجال، كم هم مخادعون وأستغلاليون؟ أي أمرأة بيننا تتعامل مع رجل واحد على الأقل في حياتها مثل هذا النوع.»

هنا لم تستطيع أن تسكت أكثر، كانت قد أستفزتها بما فيه الكفاية.

«لا يوجد شيء مثل هذا، الرجال المخادعون واضحون منذ البداية، الرجال الجيدون واضحون أيضاً منذ البداية.
ولكن تلك هي مشكلة الفتيات، جميعهن يعتقدن في كونهن بطلات خارقاتؤ يستطيعن تغير الفتيان السيئين.
وأن الفتى المدمن على السجائر على سبيل المثال، سيتركها من أجلهن وسيتوقف عن محادثة المليون فتاة خاصته، وسيكون أفضل شخص في المجرة.
ذلك وهم، أفيقي أرجوكي، أنتِ على مشارف عقدك الثالث.
إذا كنتي تريدين مني خدمة أخبريني، لأن لدي الكثير من العمل.»

كانت قد بدأت تفقد صبرها، كم الثرثرة الذي ثرثرته تلك السيدة جعل يومها سيء منذ البداية.

«أريد أن أعيد التحقيق في قضية لورا، أريد معرفة من الفاعل.»

لم تخبرها ليكسي بشكوكها هي ومولي في كون أن أحدهم يتستر على الفاعل فقط طمأنتها ببعض الكلام المعتاد وأخبرتها أنه سيكون من الصعب النظر في الأمر اليوم، لأنه يوجد فوضى في القسم الخاص بها لذا سيكون من المستحيل أن يستقبلوا أحد اليوم.

لم تقم بأعطائها رقمها مع أنها وددت ذلك، ولكنها لم تفعل.

فعندما أخبرت دانييل ومولي بالأخص، كلاهما نصحاها بأن تتخذ الحياد، حتى ترى حقيقة الأمر بشكل واضح.

لذا أن تأخذ رقمها أمام مخبر الشرطة، سيكون خيار سيء لأن أحدهم ربما يراقب أو شيء كهذا.

على كل، دخلت هي المخبر أخيراً، لتجد الجميع متجمع، كأن الأمر ندوة ما، لم تهتم كثيراً ألقت الصباح عليهم وتوجهت لتجلس على مكتبها لكن سوزي نادتها.

«لما العجلة على العمل؟ لدينا يوم طويل للغاية. فقط أقتربي وشاركينا رأيك، لأني حقاً مهتمة بمعرفة أرائكم جميعاً.»

قلبت عينيها ومن ثم ردت ليكسي بأنها لا تريد أن تراكم عملها أو تأخره.

«حسناً سأكون سريعة، ما رأيك في قضية لورا؟»
مددت لها يديها وهي ضامِة يديها وتوجهها نحو فمها كأنه مكبر صوت.

«رأي من أي جهة؟»

«أعني في والدتها، لم يقم أحد بأستلام جثة الفتاة منذ البداية، وحصلنا على أبرد رد في تاريخ عملنا بأكمله، ومن ثم تتذكر الآن أنها أنجبت أبنة، بعد الحادث بأكثر من أسبوع.
وتأتي لمكان عمل، وليس أي نوع من الأعمال ولكنها أعمال مهمة للغاية، وتقتحم المكان غير آبهة بأي شيء وتهددنا ومن ثم تخرج وتبكي بشدة وتتصرف كأننا من قمنا بقتل الفتاة.
أنها مختلة أقسم.»

تحدثت سوزي بأنفعال وسرعة، أنها كانت يجب أن تعمل كمغنية راب، كانت ستنافس كاردي بي ونيكي ميناج، ولكنها لم تمتهن الأمر، بدلاً من ذلك أصبحت مذيعة أخبار قسم التحقيق في مخبر الشرطة في شرق فلوريدا.

«أنا أتفق معكِ في جزئية أنها مختلة ولكن ما في أيدينا حيلة، نحن نعمل فالشرطة، ذلك هو عملنا نحن نخدم الشعب فقط، لذا دعينا ننجز اعمالنا ،لكي نحصل على عطلة جيدة في نهاية الاسبوع دون العمل لساعات اضافيه لإنجاز ما علينا.»

نبست بذلك ومن ثم جلست في مقعدها وفتحت الحاسوب مثل كل يوم وبدات العمل على القضايا التي كانت مكتوبة لها في الورق.

ما فعلته للتو ليكسي، لم يكن غريب عليهم حيث أنها لا تتصرف بشكل ودي للغاية في العمل.

أن الأمر بدأ معها منذ أن كانت في المدرسة ربما، فَبداية الأمر كانت في المدرسة المتوسطة، عندما أتفق عليها جميع أصدقائها أن يبتعدوا فجأة، والسبب أن فتاة ما كانت أخبرتهم أن يبتعدوا عنها لأنها لا تمتلك والدين مثل الباقي.

كان الأمر واضح للغاية، فهي تمتلك بشرة فاتحة بمقارنتها مع داني ومولي، ولون شعرها المميز، الذي كان مزيج بين الأحمر والبرتقاني، لذا هي كانت تبدو مختلفة عنهم بالفعل.

أثر تلك الحادثة كان طويل، فهي لم تذهب للمدرسة لمدة أسبوعين على التوالي بسبب ذلك الموقف الذي يبدو بسيط، ولكنه لم يكن.

ان يتركك جميع اصدقائك، دون أن تفعل لهم شيء، أن يتغامز عليك أحبائك وأن ينبذوك بعيداً عنهم، وتترك وحيداً. لقد شعرت ليكسي أنها تعاقب على شيء لا يد لها فيه. لقد شعرت أنه يوجد خطب ما بها.

مشاعر الرفض تلك لم تكن سهلة ابداً على طفلة صغيرة، جميعنا قد تعرضنا للرفض مرات عديدة طوال حياتنا ولكن أول مرة، لها وقع لا ينسى.

لذلك هي لم تذهب إلى المدرسة لمدة أسبوعين، خلال تلك الاسبوعين قد اخذ المدرسين دروس جديده بالطبع وهي لم تحضر تلك الدروس.

كانت تلك الحادثة قبل فتره الامتحانات ونتيجة لذلك هي لم تبلي حسنا في امتحاناتها.
ومثلها مثل اي طالب متفوق قررت انها ستقوم بفصل العمل كان أو الدراسة عن الصداقة والعلاقات.

ومن يومها وهي تعلم كل يوم أن تلك القاعدة مهمة جداً بسبب مواقف كثيرة حدثت أمامها.

وبعد كل تلك الدراما التي حدثت في الصباح جلست أخيرا على مكتبها لتباشر في العمل على طريقتها الخاصة دون، جذب أي أنتباه غير مرغوب.

__________________________________

في مكان آخر، بعد الظهيرة على مشارف المساء.

كانت فتاة في بدايات فترة الجامعة على الأغلب، كانت تجلس في المقعد الخلفي في سيارة تبدو فاخرة للغاية.

كان لديها شعر مجعد وأعينها واسعة للغاية، لونهم أزرق فاتح، وشعرها البني يحاوط وجهها المستدير.

كانت مرتدية فستان شتوي ثقيل لونه وردي، مزركش يورود صغيرة.

بعد مدة توقفت السيارة أمام أحد المنازل، في الحقيقة لم يكن منزل صغير أو متواضع بل كان كبير للغاية وبه حديقة تحتوي على زهور وردية وبنفسجية.

كانت تلك الفيلا أشبه بمنزل باربي الخيالي، الفتاة نفسها كانت تشبه باربي.

قام السائق فتح باب السيارة لها ومساعدتها في النزول منها فتترجل هي بخفه بينما تضع يدها في يد السائق وبعدها تتجه نحو البوابة، وترن الجرس، بينما يقوم الرجل بوضع حقيبتها بجوارها على الأرض ويتحرك بالسيارة نحو وجهته.

وقفت منتظرة أن يفتح أحدهم الباب، ولم يطل الأمر كثيراً، بعدها بقليل فتحت سيدة تشبهها في الملامح، غالباً هي والدتها.

وبعد عناق وترحيب حار، مسكت السيدة يد الحقيبه وأخذتها معها للداخل هي والفتاة.

«يا إلهي لقد تغيرتِ كثيراً يا روبي، لم أظن أن تلك المدة الصغيرة ستغيرك بهذا الشكل. لقد نحفتي للغاية.»

كان كلاهما جالسان على ذات الأريكة ذات الألوان الصيفية، المنزل كله كانت ألوانه جميلة بشكل خاطف للأنفاس كما أنها ألوان حيوية وليست كئيبة.
كان الديكور يدل على وجود لمسة نسائية، ف السجاد المفروش كانت ألوانه متنوعة ولكنها متناسبة مع بعضها البعض.فهي بنفسجي في أصفر، كانا متناسقين بشكل غريب، النجفة كانت على شكل وردة مقلوبة تنقط بعض قطرات الماء، وذلك الماء كان يبعث النور في تلك الساحة الواسعة التي لم تكن تحتوي على الكثير من الأشياء.

وكان يوجد سلم يوجد بجوار المطبخ على اليسار يوصل لأعلى بشكل لولبي.

كان يوجد شبابيك كبيرة للغاية زجاجية في الحوائط، تسمح لنور الشمس بالدخول، ويوجد فوقهم ستائر رقيقة للغاية.


على كل نرجع لموضوعنا الرئيسي، كانت الفتاة ووالدتها يذرفان دموع الشوق من طول الغياب بالنسبة لهما.
بعد ذلك توجهها إلي المطبخ، وضعت والدتها الطعام في الميكرويف، لتمر دقائق قليلة ويسخن الطعام، لتخرجه والدتها جاهز على الأكل فقط.

طعامها المفضل كان جاهز أمامها، دجاجة مشوية ومعها خضار، ومعكرونة بالجبن.

ذهبت لتغسل يديها ومن ثم عادت وجلست خلف الرخامة وباشرت في تناول الطعام، وتبادل الحديث مع والدتها بين الفنية والآخرى.

وبعد أنتهاء الطعام أستأذنت وصعدت لأعلى، لتبدل ملابسها لشيء مريح أكثر أستعداداً للنوم.

ومن ثم فعلت روتين بشرتها الخاص بقبل النوم كي تحافظ عليها.

وبينما كانت تنظر في المرآة كانت ترى تلك السيدة التي كانت مع لورا في مدينة الأرواح التائهة.

تعابير الصدمة والخوف أحتلت وجهها، حتى أنها كانت على وشك أن تصرخ ولكن الغريب في الأمر أنها أشارت لها بأن تلتزم الهدوء وبالفعل سكتت روبي بينما تناظرها.

«روبي، أن أقرب شيء إلي الملائكة، أريد أن أطلب منكِ معروف مهم للغاية، أيمكنك مساعدتي؟»

أومأت لها، لينهار بعد ذلك جسدها في أرضية الحمام وتصبح هي حبيسة خلف المرآة بينما تخرج السيدة الٱخرى هي وهلام مضيء مثل شكل لورا من خلف المرآة، وتبدأ تقول بعض الكلمات ليبدأ جسد جيني في أن يطوف في الهواء ويدخل الهلام المضيء للورا بداخله.

ليخور جسد روبي بعد ذلك، ولكن تقوم تلك السيدة بأمساكه قبل أن يصطدم بشكل عنيف بالأرض.


_______________________________________
الفصل الثَالث

يوم الأثنين، بعد قرابة أسبوع في الطريق نحو مركز الشرطة.


كان يوم من أيام الشتاء والجو كان بارد كالعادة، كان أحد تلك الأيام التي كانت الشمس مختفية فيها خلف مجموعة سحب كثيفة، ولكن أشعتها كانت أقوى من تلك السحب، وأستطاع جزء منها التسلل نحو الأرض، منيراً الأرض وناشراً القليل من الدفء.

كالعروس الخجلة، الخافية وجهها ببرقع كذلك كانت الشمس.

كانا كلا من ديڤ وحبيبته ليكسي في السيارة منتظرين أن تفتح الأشارة ليجلبوا قهوتهم قبل كل شيء.

وبعد قليل تم فتح الاشارة، لتقوم السيارات بالتحرك كل منها ناحية هدفها.
قاما بعدها بالتوجه الى مقهاهما المفضل،وطلبا قهوتهما المعتادة ككل يوم.

بعد ذلك أوقف ديڤ سيارته في شارع جانبي كي يستطيع أن يحتسي قهوته دون ان تنسكب علي، ومن ثم أخذا يتسامرا الحديث حول عدة اشياء مختلفة.

كانت تلك هي عادتهم منذ زمن عفا، كل يوم قبل العمل كانا يتحدثان قليلاً في بداية اليوم عن كل شيء يريدان التحدث عنه.

«إذاً، هل قمتِ بمحادثتمها في الأمر؟ أم لم تفعلي؟»
نبس ديڤ بينما كان يرتشف بعض من قهوته قبل أن تبرد، وفي نفس الوقت ينظر لها منتظراً منها الرد.

«اجل، لقد قمت بفعل ذلك كان الأمر أفضل شيء حدث في حياتي يا ديڤ،
أ تعلم شيء؟ لم أتوقع أن الحقيقه بذلك الجملل وتلك الروعة، لقد عشت طوال حياتي أهرب من مواجهتها ولكني أفكر فيها في النهايه، مثل الطفل الذي يريد أن يتعلم السباحة،
وفي كل مرة يقترب ناحية المسبح يقترب منه للغاية، ولكن بعدها لا يفعل شيء. يقف على حافته دون أن ينزل فيه ودون الهرب، كذلك كنتُ أنا.

أنه من المستحيل أن يهرب أحد من الحقيقة خاصةً إذا كانت مهمة، مهمة للغاية مثل معرفة من هما والداك البيولوجيين، من أعطياك الحياة،

أ تعلم ديف أنا حقاً ممتنة لك للغاية بأخص يوم أمس، لطالما شعرت بالأمتنان لك على أشياء كثيرة.

ولكن أمس شعرت بأمتنان على مستوى آخر، شعرت بأنني ولدت في من جديد.»



لم ينطق بعدها بشيء فقط قام بأحتضانها مطولاً حتى شعر أنها أصبحت في حال أفضل ومن ثم أبتعد عنها، ليقود بها نحو مخبر الشرطة مجدداً.


عندما وصلا كلاهما وجد في المدخل سيدة، كانت تبكي بشدة لم يمر العديد من الوقت قبل أن تتعرف عليها ليكسي.

لتخبره بأن يسبقها إلى الداخل وأنها سترى الأمر،لها ومن ثم يأهذ حقيبتها الصغيرة يدخل ويتركها مع تلك السيدة مثلما تريد هي.

أنحنت حتى وصلت إلى مستواها،وربتت على كتفيها.
«سيدتي هل أستطيع مساعدتك في أي موضوع؟ لما تبكين هل حدث شيء سيء؟»

أنتبهت لها لتمسح دموعها بعدها، وتحاول كتم شهقاتها، كي تخبرها.
وبعدما هدأت قليلاً وأرتشفت بعض الماء قررت أن تخبرها بالأمر.

«لا يسمحون لي بالدخول،وأنا أريد أن أدخل كي استكمل الإجراءات الرسمية في قضية لورا ابنتي، ولكنهم طردوني للخارج وأخبروني أنه لا يوجد شيء مثل هذا.
وأنا حقا أريد أن أعرف من فعل ذلك، سأحب أن ترقد روح ابنتي في سلام.
هذا أقل ما يمكنني أن أفعله لها، لطالما عاملتها بإهمال بالغ، لم أعتني بها، جعلتها تدفع ثمن أخطائي التي لا ذنب لها فيها، صغيرتي دفعت ثمن تهوري وغبائي، لقد دفعت ثمن أعجابي بفتى مراهق أحمق طائش، لا يستطيع تحمل مسؤولية أي شيء في حياته حتى الان ولكن تلك هي مشكلتي أنا، انا الملامة، أنا السبب.»

كانت تتحدث بحزن بالغ وحسرة يصاحبها ندم فتاك،يستطيع أن يجلد ضمير أي شخص مهما كان، لم تكن تتحدث وحسب بل كانت منفعلة للغاية، كانت تضرب رأسها بيديها وتشد شعرها بقوة إلي الخلف.

كل ذلك كان يقع تحت أعين ليكسي، التي كانت تريد أن تلقي عليها جميع الكلام القاسي الذي تعرفه ولكنها لم تفعل، فقط وقفت بجوارها وكانت تسمعها دون أي ذرة تعاطف أو شفقة.

هي كانت تراها شخص مهمل، غير ناضج لم يفكر جيداً. والنتيجة؟ النتيجة أنه ورَّط كائن صغير مسلوب الأرادة والقوة في مهازل.

«أسفة، على التدخل. ولكن لما تركتيها في الملجأ منذ البداية طالما تحبيها لتلك الدرجة؟»

«لم يكن في يدي شيء، لقد وعدني بأنه سيحمينا وعدني بأنه لن يحدث لأي منا مكروه ولكنه لم يفعل، لقد أختفى مثل فص ملح في بركة.
في ليلة وضحاها وجدتني أم لطفلة، دون مأوى، دون طعام، دون مال، دون أي شيء لكلانا. كنا سنموت من الجوع.

أ تظنين أنني لم أحاول أقناع أهلي؟ لقد حاولت ولكنهم لم يتقبلوها، لم يساعدوني وقتها.»

كانت ليكسي ترى أمامها، أم غير ناضجة، تجيد دور الضحية، وتحميل الجميع الخطأ عداها.

هو قد اخطئ بالطبع، ولكنه لم يجبرها، وفي حالة كونه فعل كانت تستطيع أن تأخذ حقها منه ولكنها لم تفعل.

بالطبع أهلها ليسوا متعاونين ولكنهم ليسوا مخطئين للغاية، هي عرضت عليهم وضع ومن حقهم الرفض أو القبول على السواء، في حالة لا يعجبك قرار أهلك وفي حالة أن حبيبك المراهق كان غير مسؤول وطائش وتلك هي شخصيته هو لا يستطيع خداعك بها، كنتِ تستطيعين العمل والأستقلال بأبنتك الصغيرة في مكان مستقل لكما بعيد عن القلق والدراما الزائدة.

كانت تريد أن تصرخ ليكسي بكل ذلك في وجهها ولكنها لم تفعل، حاولت أن تستمع للآخر، وأن لا تخبرها برأيها لأن موضوع كذلك لا يوجد بهِ اراء، أنه ليس لون شعر آخر صيحة.

«تعلمين الرجال، كم هم مخادعون وأستغلاليون؟ أي أمرأة بيننا تتعامل مع رجل واحد على الأقل في حياتها مثل هذا النوع.»

هنا لم تستطيع أن تسكت أكثر، كانت قد أستفزتها بما فيه الكفاية.

«لا يوجد شيء مثل هذا، الرجال المخادعون واضحون منذ البداية، الرجال الجيدون واضحون أيضاً منذ البداية.
ولكن تلك هي مشكلة الفتيات، جميعهن يعتقدن في كونهن بطلات خارقاتؤ يستطيعن تغير الفتيان السيئين.
وأن الفتى المدمن على السجائر على سبيل المثال، سيتركها من أجلهن وسيتوقف عن محادثة المليون فتاة خاصته، وسيكون أفضل شخص في المجرة.
ذلك وهم، أفيقي أرجوكي، أنتِ على مشارف عقدك الثالث.
إذا كنتي تريدين مني خدمة أخبريني، لأن لدي الكثير من العمل.»

كانت قد بدأت تفقد صبرها، كم الثرثرة الذي ثرثرته تلك السيدة جعل يومها سيء منذ البداية.

«أريد أن أعيد التحقيق في قضية لورا، أريد معرفة من الفاعل.»

لم تخبرها ليكسي بشكوكها هي ومولي في كون أن أحدهم يتستر على الفاعل فقط طمأنتها ببعض الكلام المعتاد وأخبرتها أنه سيكون من الصعب النظر في الأمر اليوم، لأنه يوجد فوضى في القسم الخاص بها لذا سيكون من المستحيل أن يستقبلوا أحد اليوم.

لم تقم بأعطائها رقمها مع أنها وددت ذلك، ولكنها لم تفعل.

فعندما أخبرت دانييل ومولي بالأخص، كلاهما نصحاها بأن تتخذ الحياد، حتى ترى حقيقة الأمر بشكل واضح.

لذا أن تأخذ رقمها أمام مخبر الشرطة، سيكون خيار سيء لأن أحدهم ربما يراقب أو شيء كهذا.

على كل، دخلت هي المخبر أخيراً، لتجد الجميع متجمع، كأن الأمر ندوة ما، لم تهتم كثيراً ألقت الصباح عليهم وتوجهت لتجلس على مكتبها لكن سوزي نادتها.

«لما العجلة على العمل؟ لدينا يوم طويل للغاية. فقط أقتربي وشاركينا رأيك، لأني حقاً مهتمة بمعرفة أرائكم جميعاً.»

قلبت عينيها ومن ثم ردت ليكسي بأنها لا تريد أن تراكم عملها أو تأخره.

«حسناً سأكون سريعة، ما رأيك في قضية لورا؟»
مددت لها يديها وهي ضامِة يديها وتوجهها نحو فمها كأنه مكبر صوت.

«رأي من أي جهة؟»

«أعني في والدتها، لم يقم أحد بأستلام جثة الفتاة منذ البداية، وحصلنا على أبرد رد في تاريخ عملنا بأكمله، ومن ثم تتذكر الآن أنها أنجبت أبنة، بعد الحادث بأكثر من أسبوع.
وتأتي لمكان عمل، وليس أي نوع من الأعمال ولكنها أعمال مهمة للغاية، وتقتحم المكان غير آبهة بأي شيء وتهددنا ومن ثم تخرج وتبكي بشدة وتتصرف كأننا من قمنا بقتل الفتاة.
أنها مختلة أقسم.»

تحدثت سوزي بأنفعال وسرعة، أنها كانت يجب أن تعمل كمغنية راب، كانت ستنافس كاردي بي ونيكي ميناج، ولكنها لم تمتهن الأمر، بدلاً من ذلك أصبحت مذيعة أخبار قسم التحقيق في مخبر الشرطة في شرق فلوريدا.

«أنا أتفق معكِ في جزئية أنها مختلة ولكن ما في أيدينا حيلة، نحن نعمل فالشرطة، ذلك هو عملنا نحن نخدم الشعب فقط، لذا دعينا ننجز اعمالنا ،لكي نحصل على عطلة جيدة في نهاية الاسبوع دون العمل لساعات اضافيه لإنجاز ما علينا.»

نبست بذلك ومن ثم جلست في مقعدها وفتحت الحاسوب مثل كل يوم وبدات العمل على القضايا التي كانت مكتوبة لها في الورق.

ما فعلته للتو ليكسي، لم يكن غريب عليهم حيث أنها لا تتصرف بشكل ودي للغاية في العمل.

أن الأمر بدأ معها منذ أن كانت في المدرسة ربما، فَبداية الأمر كانت في المدرسة المتوسطة، عندما أتفق عليها جميع أصدقائها أن يبتعدوا فجأة، والسبب أن فتاة ما كانت أخبرتهم أن يبتعدوا عنها لأنها لا تمتلك والدين مثل الباقي.

كان الأمر واضح للغاية، فهي تمتلك بشرة فاتحة بمقارنتها مع داني ومولي، ولون شعرها المميز، الذي كان مزيج بين الأحمر والبرتقاني، لذا هي كانت تبدو مختلفة عنهم بالفعل.

أثر تلك الحادثة كان طويل، فهي لم تذهب للمدرسة لمدة أسبوعين على التوالي بسبب ذلك الموقف الذي يبدو بسيط، ولكنه لم يكن.

ان يتركك جميع اصدقائك، دون أن تفعل لهم شيء، أن يتغامز عليك أحبائك وأن ينبذوك بعيداً عنهم، وتترك وحيداً. لقد شعرت ليكسي أنها تعاقب على شيء لا يد لها فيه. لقد شعرت أنه يوجد خطب ما بها.

مشاعر الرفض تلك لم تكن سهلة ابداً على طفلة صغيرة، جميعنا قد تعرضنا للرفض مرات عديدة طوال حياتنا ولكن أول مرة، لها وقع لا ينسى.

لذلك هي لم تذهب إلى المدرسة لمدة أسبوعين، خلال تلك الاسبوعين قد اخذ المدرسين دروس جديده بالطبع وهي لم تحضر تلك الدروس.

كانت تلك الحادثة قبل فتره الامتحانات ونتيجة لذلك هي لم تبلي حسنا في امتحاناتها.
ومثلها مثل اي طالب متفوق قررت انها ستقوم بفصل العمل كان أو الدراسة عن الصداقة والعلاقات.

ومن يومها وهي تعلم كل يوم أن تلك القاعدة مهمة جداً بسبب مواقف كثيرة حدثت أمامها.

وبعد كل تلك الدراما التي حدثت في الصباح جلست أخيرا على مكتبها لتباشر في العمل على طريقتها الخاصة دون، جذب أي أنتباه غير مرغوب.

__________________________________

في مكان آخر، بعد الظهيرة على مشارف المساء.

كانت فتاة في بدايات فترة الجامعة على الأغلب، كانت تجلس في المقعد الخلفي في سيارة تبدو فاخرة للغاية.

كان لديها شعر مجعد وأعينها واسعة للغاية، لونهم أزرق فاتح، وشعرها البني يحاوط وجهها المستدير.

كانت مرتدية فستان شتوي ثقيل لونه وردي، مزركش يورود صغيرة.

بعد مدة توقفت السيارة أمام أحد المنازل، في الحقيقة لم يكن منزل صغير أو متواضع بل كان كبير للغاية وبه حديقة تحتوي على زهور وردية وبنفسجية.

كانت تلك الفيلا أشبه بمنزل باربي الخيالي، الفتاة نفسها كانت تشبه باربي.

قام السائق فتح باب السيارة لها ومساعدتها في النزول منها فتترجل هي بخفه بينما تضع يدها في يد السائق وبعدها تتجه نحو البوابة، وترن الجرس، بينما يقوم الرجل بوضع حقيبتها بجوارها على الأرض ويتحرك بالسيارة نحو وجهته.

وقفت منتظرة أن يفتح أحدهم الباب، ولم يطل الأمر كثيراً، بعدها بقليل فتحت سيدة تشبهها في الملامح، غالباً هي والدتها.

وبعد عناق وترحيب حار، مسكت السيدة يد الحقيبه وأخذتها معها للداخل هي والفتاة.

«يا إلهي لقد تغيرتِ كثيراً يا روبي، لم أظن أن تلك المدة الصغيرة ستغيرك بهذا الشكل. لقد نحفتي للغاية.»

كان كلاهما جالسان على ذات الأريكة ذات الألوان الصيفية، المنزل كله كانت ألوانه جميلة بشكل خاطف للأنفاس كما أنها ألوان حيوية وليست كئيبة.
كان الديكور يدل على وجود لمسة نسائية، ف السجاد المفروش كانت ألوانه متنوعة ولكنها متناسبة مع بعضها البعض.فهي بنفسجي في أصفر، كانا متناسقين بشكل غريب، النجفة كانت على شكل وردة مقلوبة تنقط بعض قطرات الماء، وذلك الماء كان يبعث النور في تلك الساحة الواسعة التي لم تكن تحتوي على الكثير من الأشياء.

وكان يوجد سلم يوجد بجوار المطبخ على اليسار يوصل لأعلى بشكل لولبي.

كان يوجد شبابيك كبيرة للغاية زجاجية في الحوائط، تسمح لنور الشمس بالدخول، ويوجد فوقهم ستائر رقيقة للغاية.


على كل نرجع لموضوعنا الرئيسي، كانت الفتاة ووالدتها يذرفان دموع الشوق من طول الغياب بالنسبة لهما.
بعد ذلك توجهها إلي المطبخ، وضعت والدتها الطعام في الميكرويف، لتمر دقائق قليلة ويسخن الطعام، لتخرجه والدتها جاهز على الأكل فقط.

طعامها المفضل كان جاهز أمامها، دجاجة مشوية ومعها خضار، ومعكرونة بالجبن.

ذهبت لتغسل يديها ومن ثم عادت وجلست خلف الرخامة وباشرت في تناول الطعام، وتبادل الحديث مع والدتها بين الفنية والآخرى.

وبعد أنتهاء الطعام أستأذنت وصعدت لأعلى، لتبدل ملابسها لشيء مريح أكثر أستعداداً للنوم.

ومن ثم فعلت روتين بشرتها الخاص بقبل النوم كي تحافظ عليها.

وبينما كانت تنظر في المرآة كانت ترى تلك السيدة التي كانت مع لورا في مدينة الأرواح التائهة.

تعابير الصدمة والخوف أحتلت وجهها، حتى أنها كانت على وشك أن تصرخ ولكن الغريب في الأمر أنها أشارت لها بأن تلتزم الهدوء وبالفعل سكتت روبي بينما تناظرها.

«روبي، أن أقرب شيء إلي الملائكة، أريد أن أطلب منكِ معروف مهم للغاية، أيمكنك مساعدتي؟»

أومأت لها، لينهار بعد ذلك جسدها في أرضية الحمام وتصبح هي حبيسة خلف المرآة بينما تخرج السيدة الٱخرى هي وهلام مضيء مثل شكل لورا من خلف المرآة، وتبدأ تقول بعض الكلمات ليبدأ جسد جيني في أن يطوف في الهواء ويدخل الهلام المضيء للورا بداخله.

ليخور جسد روبي بعد ذلك، ولكن تقوم تلك السيدة بأمساكه قبل أن يصطدم بشكل عنيف بالأرض.


_______________________________________
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي